• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب   موقع  الدكتور حسني حمدان الدسوقي حمامةد. محمد منير الجنباز شعار موقع  الدكتور حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / موقع د. محمد منير الجنباز / مقالات


علامة باركود

نماذج من الوفاء بالعهد

نماذج من الوفاء بالعهد
د. محمد منير الجنباز


تاريخ الإضافة: 12/3/2015 ميلادي - 21/5/1436 هجري

الزيارات: 27862

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نماذج من الوفاء بالعهد

 

ذكر الواقديُّ تفصيلاً في حصار مدينة بعلبك، وأن قِسمًا من جيشها بقيادة حاكمها هربيس قد حوصروا في قرية محصَّنة ليس فيها زاد، وأبو عبيدة محاصر لبعلبك، ومن قبله سعيد بن زيد محاصر لهربيس، فأراد هربيس أن يحتال ليوقع صلحًا مع المسلمين، فقال للترجمان: انزِلْ إلى هؤلاء العرب وخُذْ لنا منهم أمانًا، واستوثِقْ لنا منهم حتى أنزل إليهم، فلعلنا نُجري بيننا صلحًا، ولعلي أمكر بهم حتى أرجع إلى المدينة، فنزل الترجمان وقال لسعيد بن زيد: جئت لآخذَ منك أمانًا لبطريقنا ألا تنقضَ لنا عهدًا، فقال سعيد: ليس من أخلاقِ الأمراء ومَن يقود الجيوش أن يغدِرَ بعد الأمان، ولسنا - بحمدِ الله - ممن ينقض عهدًا، وقد أعطيت صاحبَك أمانًا ولمن معه ممن ألقى السلاح وخرَج يطلب الأمان مستسلمًا، فرجع الترجمان إلى سيِّده، وأعلَمه بجواب سعيد، وقال له: اخرج، وإياكم والغدرَ؛ فإنه يُهلك صاحبه، وإن هؤلاء العرب لا يخُونون أمانهم وعهدهم، ثم نقله إلى أبي عبيدة، وطلب أبو عبيدة مبلغًا معينًا لقاء الصلح، فرضي هربيس به، وكتب أبو عبيدة نص الأمان وفيه: "ولنا عليكم خراجُ أرضكم في العام الآتي، وأداء الجزية في كل عام، وأنتم بعد ذلك لا تحملون علينا سلاحًا، ولا تكاتبون ملِكًا، ولا تحدِثون حَدَثًا ولا كنيسة، وترون النصحَ للمسلمين"، وقال هربيس: ولنا شرط، فقال أبو عبيدة: وما شرطك؟ قال: لا يدخل إلينا من أصحابك أحدٌ، وتنزل صاحبَك الذي تستخلفه علينا خارج المدينة بأصحابه، ويكون له الخراجُ والجِزية، وتدعني أنا من داخل المدينة للإصلاح بين الناس، والنظر في أحوالهم، ونحن نُخرِج إلى من تخلِّفه علينا من أصحابك سوقًا يكون فيه من جميع ما في مدينتنا، ولا يدخلون إلينا مخافة أن يُغلظوا بكلامهم على كبرائنا، ويفسُد الأمر بيننا وبينكم، ويكون سببًا للغدر ونقض الغدر.

 

قال أبو عبيدة: فإذا صالحناكم نجاهد عدوكم؛ لأنكم تصيرون في ذمَّتنا، ويكون الرجل الذي نخلفه عليكم مثل الواسطة والسَّفير بيننا وبينكم، قال هربيس: يكون خارج المدينة، ويفعل ما يشاء أن يفعلَه من المحاماة، فقال أبو عبيدة: لكم ذلك، ثم عرَض هربيس الاتفاقَ على أهل بعلبك فأبَوا وقالوا: إنا لا نُطيق هذا المال، فقال هربيس: أتحمَّل أنا الربع، فوافقوا وتم الصلح، واستعمل أبو عبيدة رافعًا السهميَّ على المدينة مع حامية من الجنود، ورجَع أبو عبيدة إلى حِمص بعد أن أوصى رافعًا بالإحسان إليهم، وعدمِ دخول مدينتهم، ثم إن هذه الحاميةَ مع رافع كانوا يشنون الغارات على الروم والساحل ويعودون بالغنائم، ثم يبيعونها من أهل بعلبك بمبالغ زهيدة، ففرح أهل بعلبك، وجنَوا من ورائهم أرباحًا كثيرًا، قال: وعرفوا أننا قومٌ ليس فينا كذبٌ ولا خيانة، ولا نريد ظلمَ أحد، فطابت نفوسهم، ثم إن هربيس حسَد أهل البلد على الأرباح، فجمَع التجار وأهل السوق، وطلَب منهم أن يعوِّضوه المال الذي دفعه للصلح، وعدَّ نفسه منقذًا للبلد، وطلب منهم أن يعطوه عشر الأرباح، فرَضُوا، وعيَّن عليهم عشَّارًا ليضبط الأرباح، فاجتمع له في أربعين يومًا مال عظيم، فطمِع وجمعهم، وطلب الرُّبع فضجُّوا، ووقعت بينه وبينهم حرب، فقتَلوه وقتلوا أتباعه، وضجَّت البلدة، فسمع جند المسلمين وهم خارج الأسوار الضجيج، فقالوا لرافعٍ: أما تسمع أصوات هؤلاء القوم؟ قال: سمعتُ، وما عسى أن أصنع بهم، لا يحل لنا الدخولُ إليهم، وبهذا جرى الشرط بيننا وبينهم، ونحن أحقُّ مَن أوفى بعهد الله، فإن خرَجوا إلينا وأعلَمونا نظَرْنا في أمورِهم، ثم خرج أهلُ بعلبك يُهرَعون إليه، واستنجدوا به، وأعلَموه بقصتهم، فقال: إنا لا نمكِّنُه من ذلك، فقالوا: إنا قتلناه، فقال رافع: فما الذي تريدونه؟ فقالوا: نريد أن تدخلوا إلى المدينة؛ فإنا قد أطلقنا لكم الدخولَ إليها.

 

فقال رافع: لا أقدرُ حتى أستأذن أبا عبيدة، فإن أذِن لي دخلتُ، ثم كتب رافع إلى أبي عبيدة بذلك، فأجابه: إن أذِنوا لكم فادخُلوا، فدخلوها وأصلحوا شأن الناس.

 

فهذا مثالٌ للوفاء بالعهد، حدَث في صدر الإسلام، والمثل الثاني حصل في العصر الأوسط في زمن صلاح الدين الأيوبي؛ فإنه لما حصر القدس، وضيَّق عليها، وعلم من فيها أنهم لن يستطيعوا المقاومة، طلبوا الصلح والأمان، فأمَّنهم صلاحُ الدين، وفرض عليهم لقاء ذلك مبلغًا قدره: عشرة دنانير عن الرجل، وخمسة عن المرأة، وديناران عن كل صغير، وأمهلهم أربعين يومًا، ثم خرَج الأغنياء بأموالهم، ولم يؤدُّوا عن الفقراء، بل ترَكوهم لعفو صلاح الدين، وخرج البطرك بالعربات المحمَّلة بالذهب والنفائس، ولم يدفع إلا عن نفسه وحاشيته، ولم يحفل بفقراء الصليبيين، وقد رأى المسلمون هذه العرباتِ وقلةَ ما جمعوه بأيديهم من الفتح، فمنَعهم منها العهد والالتزام به، ولو كان غيرهم لهاجموها وأخذوها، لكنه عهد المسلمين وأمانهم الذي اشتهروا به، ولو غدروا لما كانت لهم الفتوحات، ولما أمنهم الناسُ، فكان الوفاء بالعهد ميزةً كبرى، وخَصيصة مُثلى من الخصائص التي اشتهر بها المسلمون.

 

وهكذا حرسهم المسلمون حتى بلغوا مأمنَهم في مدينة صور التي اختاروها، وبالمقابل فإنهم في هجمتهم الصليبية الأولى دخلوا مدنًا كثيرة بالأمان، ثم ذبحوا أهلها، وكانوا مثلهم كمثل إخوانهم نصارى الأندلس، ومثل المغول أيضًا في نقض العهود وعدم الالتزام بها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • قصائد
  • صوتيات ومرئيات
  • قصص الأطفال
  • إعراب القرآن
  • معارك إسلامية خالدة
  • كتب
  • بحوث ودراسات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة