• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب   موقع الأستاذ الدكتور محمد جبر الألفيأ. د. محمد جبر الألفي شعار موقع  الدكتور حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / موقع أ. د. محمد جبر الألفي / مقالات


علامة باركود

تفسير كثرة مؤلفات السيوطي

أ. د. محمد جبر الألفي


تاريخ الإضافة: 9/3/2016 ميلادي - 29/5/1437 هجري

الزيارات: 18563

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير كثرة مؤلفات السيوطي

 

جاء في "حسن المحاضرة" للسيوطي: "وشرَعْت في التصنيف في سنة ست وستين، وبلغَت مؤلَّفاتي إلى الآن ثلاثمائة كتابٍ سوى ما غسلتُه ورجعتُ عنه"[1]، وقد ذكر أسماءَها مرتبة على: فنِّ التفسيرِ وتعلُّقاته والقراءات، وفنِّ الحديث وتعلقاته، وفنِّ الفقه وتعلقاته، وفنِّ العربية وتعلقاته، وفنِّ الأصول والبيان والتصوف، وأخيرًا فن التاريخ والأدب[2]، ومن المرجَّح أن "حسن المحاضرة" تمَّ تأليفُه في أوائل القرن العاشر الهجري؛ أي: قبل وفاة السيوطي بنحو عشر سنين[3].

 

وبعد وفاة السيوطي اختلف المؤرِّخون والباحثون في عددِ مؤلَّفاته، فبينما يرى البعضُ أنها تزيد على أربعِمائة[4]، ينسب له "فلوجل" 561 مؤلفًا[5]، ويذكر البعضُ أنها بلغَت ستمائة[6]، وقد أحصى له أحمد الشرقاوي 725 مؤلفًا[7]، بينما أحصى له الخازندار والشيباني 981[8].

 

وهذا العددُ الضخم من المؤلَّفات التي نُسبت للسيوطي، طوَّع للبعض أن يدَّعي أن تلامذة السيوطي كانوا ينقِّبون عن النصوصِ المختلفة ويجمعونها، ثمَّ يقدِّمونها لشيخِهم فيرتِّبها حسب قدرتِه الاستيعابية لعلوم عصره[9].

 

والواقع أن الدَّارس لسيرة السيوطي يستبعد هذا الادِّعاء؛ لأنه باحثٌ مدقِّقٌ لا يقبل قولَ غيره - ولو كان من شيوخه - إلاَّ بعد بحثٍ وتمحيص شديدين، ونذكُر على سبيل المثال هذه الحادثة التي جَرَت مع شيخِه الإمام العلاَّمة تقي الدين الشمني الحنفي: "فإنه أورد في حاشيتِه على الشِّفاء حديث أبي الجمرا في الإسرا، وعزاه إلى تخريجِ ابن ماجه، فاحتجتُ إلى إيراده بسندِه، فكشفتُ ابنَ ماجه في مظنَّته فلم أجِدْه، فمررت على الكتاب كله، فلم أجده، فاتهمت نظري، فعدتُ ثالثة فلم أجده، ورأيتُه في "معجم الصحابة" لابن قانع، فجئتُ إلى الشيخ وأخبرتُه، فبمجرد ما سمع مني ذلك أخذ نسختَه وأخذ القلمَ فضرب على لفظ ابنِ ماجه، وألحَقَ ابنَ قانع في الحاشية، فأعظمتُ ذلك وهبته لعِظَم منزلة الشيخ على قلبي، واحتقاري في نفسي، فقلتُ ألا تصبرون؟ لعلكم تراجعون، فقال: لا، إنما قلدتُ في قولي - ابن ماجه - البرهان الحلبي"[10].

 

والتفسير الصحيح لكثرة مؤلفات السيوطي يرجع لاعتبارات عدة:

1 - فقد بدأ السيوطيُّ الاشتغالَ بالعلم في سنٍّ مبكِّرة، وساعده على ذلك نبوغٌ فطري، وبيئة علميَّة فاضلة، ويُسْر تام في الاستفادة من نفائسِ الكتب، حتى إنه شرع في التأليف وعمرُه سبع عشرة سنة[11].

 

2 - أفتى السيوطيُّ من مستهلِّ سنة 871[12]، وعمره اثنان وعشرون سنة، ومعلومٌ أن الإفتاء في هذا الوقت - مع وجود الجمِّ الغفير من كبار العلماء - يستدعي سعةَ الاطلاع والقدرة الفائقة على تخيُّر أنسب الحلول بأدلَّتها، وقد سجَّل السيوطي هذه الفتاوى، واعتبر كلاًّ منها واحدًا من مصنفاته ولو كانت في ورقةٍ واحدة!

 

3 - كانت ذاكرةُ السيوطي الحافظة الواعية من أسباب الإكثارِ في التصنيف لدرجةٍ يصعب متابعتها، وفي ذلك يقول: "ولو شئتُ أن أكتب في كلِّ مسألة مصنَّفًا بأقوالها وأدلَّتها النقلية والقياسية ومداركِها ونقوضها وأجوبتِها، والموازنةِ بين اختلاف المذاهب فيها - لقدرتُ على ذلك من فضل الله"[13].

 

وقد ذكر في تفسير الجلالين، بعد أن صنَّف من أول البقرة إلى آخر الإسراء، أنه ألف الجزءَ في قدر ميعاد "الكَلِيم"؛ وهو أربعون يومًا![14]، وذكر تلميذه الداودي أن السيوطيَّ كان في سرعة الكتابة آيةٌ كبرى من آيات الله، فقد عاينه وقد كتب في يومٍ واحد ثلاث كراريس تأليفًا وتحريرًا، وكان مع ذلك يُملي الحديثَ ويجيب عن المتعارض منه بأجوبةٍ حسنة[15].

 

4 - روى المؤرِّخون عن السيوطي أنه بدأ في سنِّ الأربعين يعتزل الحياةَ العامة ويتفرَّغ للتأليف[16]، وألَّف في ذلك: "التنفيس في الاعتذار عن تَرك الفتيا والتدريس"[17]، وهذه الفترة التي تزيدُ عن عشرين عامًا يمكن للسيوطي أن يؤلِّف فيها الشيء الكثير، وخاصَّة بعد أن بلغ مرحلةَ النضج الفكري وأعرض عن الدنيا وأهلِها.

 

5 - على أننا نلاحظ أن بعض ما نسبه إليه المؤرِّخون من تآليف يرجِع إلى الوهمِ أو الخطأ: فكِتاب "سُبل السلام شرح بلوغ المرام" الذي نسبه إليه الخازندار والشيباني[18]، هو من تأليف الشيخ محمد بن إسماعيل الكحلاني ثم الصنعاني المعروف بالأمير المتوفى سنة 1182 هـ، وكتاب "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" الذي نسبه إليه المؤلِّفان[19]، هو من تأليف الشيخ مصطفى السيوطي الرحيباني الحنبلي المتوفى سنة 1243 هـ، وكتابُ "المغرب في لغة الفقه" الذي نسباه إليه أيضًا[20]، هو من تأليف الشيخ المطرزي الحنفي المتوفَّى سنة 610هـ.

 

6 - سبق أن ذكرنا أن من مؤلَّفات السيوطي ما لا يتجاوز ورقةً أو ورقات، وأن منها ما هو تلخيصٌ أو نَظْمٌ لمؤلَّفٍ آخر له، ومن مؤلفاته ملاحظات يعلِّق بها أو يُكمل أحدَ كتبه ويُعتبر تأليفًا جديدًا، وقد ضمَّ كتابُ "الحاوي للفتاوى" حوالي 78 عنوانًا وردَت في كتب الفهارس على أنها مصنفات مستقلَّة، ويُعتبر كتابه "الإتقان في علوم القرآن" موسوعةً تحوي كثيرًا مما كتبه في علوم القرآن الكريم، وتتكرَّر "الطبقات" في كتب التاريخ، ثُمَّ تُفرد لها مصنَّفات مستقلَّة.

 

وهكذا يمكن القول - بوجهٍ عام -: إنه لا يجوز التشكيك في مقدرةِ السيوطي على تأليف هذا العددِ الكبير من الكتب والرسائل والمقامات والفتاوى.



[1] السيوطي: "حسن المحاضرة"، جـ 1 ص 338.

[2] السيوطي: "حسن المحاضرة"، جـ 1 ص 339 - 344.

[3] سيدة إسماعيل كاشف: "دراسة نقدية لكتاب حسن المحاضرة للسيوطي"، ضمن ندوة جلال الدين السيوطي، مرجع سابق، ص 135.

[4] بروكلمان: "تاريخ الأدب العربي"، ترجمة: عبدالحليم النجار، القاهرة 1961؛ جـ 2 ص 145.

[5] دائرة المعارف الإسلامية، جـ 13 ص 27.

[6] ابن إياس: "بدائع الزهور في وقائع الدهور"، تحقيق: مصطفى محمد، القاهرة 1963، جـ3 ص 63.

[7] أحمد الشرقاوي إقبال: "مكتبة الجلال السيوطي"، دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر، الرباط 1977.

[8] أحمد الخازندار ومحمد الشيباني: "دليل مخطوطات السيوطي"، الكويت 1983.

[9] أورد هذه الدعوى، وردَّ عليها: عبدالعال سالم مكرم: "جلال الدين السيوطي وأثره في الدراسات اللغوية"، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1989، ص 287.

[10] السيوطي: "حسن المحاضرة"، جـ 1 ص 337/ 338.

[11] السيوطي: "حسن المحاضرة"، جـ 1 ص 338.

[12] نفس المرجع السابق، نفس الموضع.

[13] نفس المرجع، جـ 1 ص 339.

[14] تفسير الجلالين: آخر سورة الإسراء.

[15] نقل ذلك الشيخ عبدالوهاب عبداللطيف في مقدمة تدريب الراوي (ح) عن ذيل الطبقات الكبرى للشعراني.

[16] ابن العماد: "شذرات الذهب"، جـ 8 ص 53، الغزي، الكواكب السائرة، بيروت 1945، جـ 1 ص 228.

[17] الخازندار والشيباني: "دليل مخطوطات السيوطي"، ص 265.

[18] دليل مخطوطات السيوطي ص 116، رقم 343.

[19] نفس المرجع، ص 131، رقم 405، نقلاً عن إيضاح المكنون 2/ 495.

[20] نفس المرجع، ص 131، رقم 409، نقلاً عن كشف الظنون 1748.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب علمية
  • بحوث ودراسات
  • مقالات
  • المعجم الزاهر
  • لقاءات وحوارات
  • كتب وأبحاث
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة