• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور عبدالعزيز بن سعد الدغيثرد. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر شعار موقع الدكتور عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر / مقالات


علامة باركود

حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة

حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر


تاريخ الإضافة: 10/5/2025 ميلادي - 12/11/1446 هجري

الزيارات: 76

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حكم إمامة الذي يلحَن في الفاتحة

 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ أما بعد:

فمما يُلحظ في الفترة الأخيرة وجودُ من يحرص على إمامة المساجد ومصليات المحطات ممن يُحسن الظن بنفسه، مع عدم إتقانه لقراءة الفاتحة، وقد حصل حوار مع بعض الإخوة عن هذا الموضوع، وكأنه لا يرى لهذا الموضوع أهمية، وأن التحدث في هذه المسألة من التشديد، فكتبت تفصيلًا لمسألة اللحن في الفاتحة، ومن الله أستمد العون.

 

المبحث الأول: تفصيل مسائل اللحن في الفاتحة:

أولًا: مذهب الحنفية:

قرر الحنفية ما يأتي: تفسُد الصلاة باللحن الذي يُغيِّر المعنى تغييرًا يكون اعتقاده كفرًا، سواء وُجد مثله في القرآن أم لا، إلا ما كان في تبديل الجمل مفصولًا بوقف تام، وإن لم يكن مثله في القرآن، والمعنى بعيد، ويتغير به المعنى تغييرًا فاحشًا تفسد الصلاة به أيضًا، كـ "هذا الغبار" بدل "هذا الغراب"، وكذا إن لم يوجد مثله في القرآن، ولا معنى له مطلقًا، كالسرائل، بدل "السرائر".

 

وإن كان في القرآن مثله وكان المعنى بعيدًا، ولكن لا يغير المعنى تغييرًا فاحشًا، تفسُد الصلاة به عند أبي حنيفة ومحمد، وقال بعض الحنفية: لا تفسد لعموم البلوى؛ وهو قول أبي يوسف، وإن لم يكن في القرآن ولكن لم يتغير به المعنى نحو: "قيامين" بدل: "قوامين"، فالخلاف بينهم بالعكس: فالمعتبر في عدم الفساد عند عدم تغير المعنى كثيرًا وجودُ المثل في القرآن عند أبي يوسف، والموافقة في المعنى عند أبي حنيفة ومحمد، فهذه قواعد المتقدمين من أئمة الحنفية، وأما المتأخرون؛ كابن مقاتل، وابن سلام، وإسماعيل الزاهد، وأبي بكر البلخي، والهندواني، وابن الفضل، فاتفقوا على:

1- أن الخطأ في الإعراب لا يفسد الصلاة مطلقًا، وإن كان اعتقاده كفرًا، ككسر "ورسوله"؛ في قوله تعالى: ﴿ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ﴾ [التوبة: 3]؛ لأن أكثر الناس لا يميزون بين وجوه الإعراب.

 

2- وإن كان الخطأ بإبدال حرف بحرف: فإن أمكن الفصل بينهما بلا كلفة كالصاد مع الطاء بأن قرأ الطالحات، بدل "الصالحات" فهو مُفسد باتفاق أئمتهم.

 

3- وإن لم يمكن التمييز بينهما إلا بمشقة كالظاء مع الضاد، والصاد مع السين، فأكثرهم على عدم الفساد؛ لعموم البلوى.

 

ولم يفرق الحنفية بين أن يقع اللحن في القراءة في الصلاة في الفاتحة أو في غيرها؛ [حاشية ابن عابدين 1/ 423، وفتح القدير 1/ 281].

 

ثانيًا: مذهب المالكية:

قال المالكية في أصح الأقوال عندهم: لا تبطل الصلاة بلحن في القراءة ولو بالفاتحة، وإن غيَّر المعنى، وأثِم المقتدي به إن وُجد غيره ممن يُحسن القراءة؛ [الشرح الصغير 1/ 437].

 

وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير في الفقه المالكي: "وحاصل المسألة أن اللاحن:

1- إن كان عامدًا، بطلت صلاته وصلاة من خلفه باتفاق.

 

2- وإن كان ساهيًا، صحت باتفاق.

 

3- وإن كان عاجزًا طبعًا لا يقبل التعليم، فكذلك؛ لأنه ألكن.

 

4- وإن كان جاهلًا يقبل التعليم، فهو محل الخلاف سواء أمكنه التعليم أم لا، وسواء أمكنه الاقتداء بمن لا يلحَن أم لا، وإن أرجح الأقوال فيه صحة صلاة من خلفه، وأحرى صلاته هو لاتفاق اللخمي وابن رشد عليها"؛ [انتهى].

 

ثالثًا: مذهب الشافعية والحنابلة:

قال الشافعية والحنابلة:

1- إن كان اللحن لا يُغيِّر المعنى كرفع هاء الحمد لله، كانت إمامته مكروهةً كراهةً تنزيهيةً، وصحت صلاته وصلاة من اقتدى به.

 

2- وإن غيَّر المعنى كضم تاء "أنعمت"، وكسرها، وكقوله: اهدنا الصراط المستقين بدل "المستقيم".

 

أ‌- فإن كان يمكن له التعلم فهو مرتكب للحرام، ويلزمه المبادرة بالتعلم، فإن قصر، وضاق الوقت لزمه أن يصلي، ويقضي، ولا يصح الاقتداء به.

 

ب‌- وإن لم يمكنه التعلم لعجز في لسانه، أو لم تمضِ مدة يمكن له التعلم فيها، فصلاته صحيحة، وكذا صلاة من خلفه، هذا إذا وقع اللحن في الفاتحة.

 

قال النووي رحمه الله: "وتُكره إمامة من يلحَن في القراءة، ثم يُنظَر: إن كان لحنًا لا يغير المعنى، كرفع الهاء من الحمد لله، صحت صلاته وصلاة من اقتدى به، وإن كان يُغير، كضم تاء أنعمت عليهم أو كسرها، تبطله، كقوله الصراط المستقين، فإن كان يطاوعه لسانه، ويمكنه التعلم لزمه ذلك، فإن قصر وضاق الوقت، صلى وقضى، ولا يجوز الاقتداء به، وإن لم يطاوعه لسانه، أو لم يمضِ ما يمكن التعلم فيه، فإن كان في الفاتحة، فصلاة مثله خلفه صحيحة، وصلاة صحيح اللسان خلفه صلاةُ قارئ خلف أميٍّ [يعني أنها لا تصح]، وإن كان في غير الفاتحة صحت صلاته وصلاة من خلفه"؛ [انتهى من روضة الطالبين 1 /350].

 

قال في "كشاف القناع" (1 /337): "(وفيها)؛ أي: الفاتحة (إحدى عشرة تشديدة)، وذلك في: لله، ورب، والرحمن، والرحيم، والدين، وإياك، وإياك، والصراط، والذين، وفي الضالين ثنتان.

 

وأما البسملة ففيها ثلاث تشديدات...

1- (أو) ترك (حرفًا منها)؛ أي الفاتحة، لم يُعتد بها؛ لأنه لم يقرأها، وإنما قرأ بعضها.

 

2- (أو) ترك (تشديدة) منها (لم يعتد بها)؛ لأن التشديدة بمنزلة حرف، فإن الحرف المشدد قائم مقام حرفين، فإذا أخلَّ بها فقد أخل بحرف"؛ [انتهى].

 

وقال البهوتي في "كشاف القناع" (1 /482):

1- (وحكم من أبدل منها)؛ أي الفاتحة، (حرفًا بحرف لا يبدل؛ كالألثغ الذي يجعل الراء غينًا ونحوه، حكم من لحن فيها لحنًا يحيل المعنى)، فلا يصح أن يؤم من لا يبدله.

 

2- (إلا ضاد المغضوب والضالين) إذا أبدلها (بظاء فتصح) إمامته بمن لا يبدلها ظاء؛ لأنه لا يصير أميًّا بهذا الإبدال، وظاهره: ولو علم الفرق بينهما لفظًا ومعنى (ك) ما تصح إمامته (بمثله؛ لأن كلًّا منهما)؛ أي: الضاد والظاء (من أطراف اللسان، وبين الأسنان وكذلك مخرج الصوت واحد، قاله الشيخ في شرح العمدة.

 

3- وإن قدر على إصلاح ذلك)؛ أي: ما تقدم من إدغام حرف في آخر لا يدغم فيه، أو إبدال حرف بحرف غير ضاد المغضوب والضالين بظاء، أو إصلاح اللحن المُحيل للمعنى، (لم تصح) صلاته ما لم يصلحه؛ لأنه أخرجه عن كونه قرآنًا"؛ [انتهى].

 

وينظر: [المجموع 4/ 268، 269، المغني 3 /29 – 32، ط هجر].

 

رابعًا: بيان الفتوى في المملكة العربية السعودية في إمامة من يلحَن في الفاتحة:

أفتت علماء اللجنة الدائمة بما يأتي: أما إذا كان يخطئ: فإن كان خطؤه لحنًا لا يُغير المعنى، فالصلاة وراء من لا يلحَن أولى إذا تيسر، وإن كان لحنه في الفاتحة يُغيِّر المعنى، فالصلاة وراءه باطلة، وذلك من أجل لحنه لا لعماه؛ كقراءة: (إياك نعبد) بكسر الكاف، أو (أنعمت عليهم) بضم التاء أو كسرها، وإن كان يخطئ لضعف حفظه، كان غيره ممن هو أحفظ أولى بالإمامة منه"؛ [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 2/ 527].

 

وسُئل الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله:

إمام يلحَن في القرآن، وأحيانًا يزيد وينقص في أحرف الآيات القرآنية، ما حكم الصلاة خلفه؟

فأجاب: إذا كان لحنه لا يُحيل المعنى، فلا حرج في الصلاة خلفه؛ مثل: نصب (رب) أو رفعها في: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]، وهكذا نصب (الرحمن) أو رفعه، ونحو ذلك، أما إذا كان يحيل المعنى، فلا يُصلَّى خلفه إذا لم ينتفع بالتعليم والفتح عليه؛ مثل أن يقرأ: (إياك نعبد) بكسر الكاف، ومثل أن يقرأ: (أنعمت) بكسر التاء أو ضمها، فإن قبِل التعليم وأصلح قراءته بالفتح عليه، صحَّت صلاته وقراءته، والمشروع في جميع الأحوال للمسلم أن يعلم أخاه في الصلاة وخارجها؛ لأن المسلم أخو المسلم يرشده إذا غلط، ويعلمه إذا جهل، ويفتح عليه إذا ارتجَّ عليه القرآن"؛ [مجموع فتاوى ابن باز 12/ 98، 99].

 

المبحث الثاني: تفصيل مسائل اللحن في الفاتحة:

المطلب الأول: إمامة من يلحَن في الفاتحة لحنًا يُحيل المعنى:

يلزم كل مسلم أن يتعلم قراءة الفاتحة قراءة صحيحة؛ قال ابن الجزري رحمه الله: "فمن قدر على تصحيح كلام الله تعالى باللفظ الصحيح العربي الفصيح، وعدل إلى اللفظ الفاسد العجمي أو النبطي القبيح، استغناءً بنفسه، واستبدادًا برأيه وحدسه، واتكالًا على ما ألِف من حفظه، واستكبارًا عن الرجوع إلى عالِم يوقفه على صحيح لفظه، فإنه مقصر بلا شك، وآثم بلا ريب، وغاشٌّ بلا مرية؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم)).

 

أما من كان لا يطاوعه لسانه، أو لا يجد من يهديه إلى الصواب بيانه، فإن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها"؛ [انتهى من النشر في القراءات العشر 1 /299].

 

وقد فرَّق الفقهاء بين مسألتين:

المسألة الأولى: إمامته بمن هو مثله، فتصح.

 

المسألة الثانية: إمامته بمن هو أفضل منه، وفيها تفصيل بين حالين:

الحال الأولى: إذا كان اللحن يُحيل المعنى، أو فيه زيادة أو نقص حرف أو تشديد، فلا تصح إمامته.

 

الحال الثانية: إذا كان اللحن لا يحيل المعنى، فإمامته مكروهة، ويلزم ولي الأمر تغييره بمن هو أفضل منه، ويُلزمه أن يتعلم الفاتحة على وجهها.

 

قال ابن قدامة رحمه الله: "(وإن) (أمَّ أميٌّ أميًّا وقارئًا) (أعاد القارئ وحده)، الأمي من لا يحسن الفاتحة أو بعضها، أو يخل بحرف منها، وإن كان يحسن غيرها، فلا يجوز لمن يحسنها أن يأتمَّ به، ويصح لمثله أن يأتم به".

 

وقال ابن قدامة رحمه الله: "ومن ترك حرفًا من حروف الفاتحة لعجزه عنه، أو أبدله بغيره، كالألثغ الذي يجعل الراء غينًا، والأرتِّ الذي يُدغم حرفًا في حرف، أو يلحَن لحنًا يحيل المعنى، كالذي يكسر الكاف من إياك، أو يضم التاء من أنعمت، ولا يقدر على إصلاحه، فهو كالأمي، لا يصح أن يأتمَّ به قارئ، ويجوز لكل واحد منهم أن يؤم مثله لأنهما أميَّان، فجاز لأحدهما الائتمام بالآخر، كاللذَين لا يحسنان شيئًا، وإن كان يقدر على إصلاح شيء من ذلك فلم يفعل، لم تصح صلاته، ولا صلاة من يأتم به"؛ [ينظر: المغني 3/29 – 32، ط هجر].

 

المطلب الثاني: إمامة من يلحَن في الفاتحة لحنًا لا يحيل المعنى:

قال ابن قدامة: "تُكره إمامة اللحَّان، الذي لا يحيل المعنى؛ نصَّ عليه أحمد، وتصح صلاته بمن لا يلحَن؛ لأنه أتى بفرض القراءة، فإن أحال المعنى في غير الفاتحة، لم يمنع صحة الصلاة، ولا الائتمام به، إلا أن يتعمده، فتبطل صلاتهما... وأما إن كان لا يغير بخطئه معنى الآيات، فيجوز الصلاة وراءه مع وجوب تعلمه للقراءة، وأما إن كان خطؤه في غير الفاتحة، فهو منقص من الصلاة وليس مبطلًا لها، والصلاة خلف المتقن للقراءة أولى منه ولا شك، ولا يجوز لولاة الأمر تولية مثل هؤلاء الجهلة الصلاةَ بالناس، وإلا كانوا شركاء معهم بالإثم"؛ [ينظر: المغني 3/29 – 32، ط هجر].

 

المطلب الثالث: حكم إمامة من ينطق القاف حرفًا بين القاف والكاف (القاف النجدية) في قوله تعالى: مستقيم، أو الأعجمي الذي ينطق الحاء هاء، والقاف كافًا، مما ثبت صحته في لغة من لغات العرب:

‎من المقرر فقهًا أن الحروف إذا كان نطقها ثابتًا عن بعض العرب، فلا يمنع ذلك من صحة القراءة؛ قال السيوطي: "قال الإسنوي في الكوكب: إبدال الهاء من الحاء لغة قليلة، وكذلك إبدال الكاف من القاف، فمن فروع الأول: إذا قرأ في الفاتحة (الهمد لله) بالهاء عوضًا عن الحاء، فإن الصلاة تصح، كما قاله القاضي حسين في باب صفة الصلاة من تعليقه، ونقله عنه ابن الرفعة في الكفاية.

 

‎وأما الثاني فمن فروعه: إذا قرأ (المستقيم) بالقاف المعقودة المشبهة للكاف، فإنها تصح أيضًا، كما ذكره الشيخ نصر المقدسي في كتابه المقصود، والروياني في الحلية، ونقله عنه النووي في شرح المهذب، وجزم به ابن الرفعة في الكفاية، قال الإسنوي: والصحة في أمثال هذه الأمور لأجل وروده في اللغة، وبقاء الكلمة على مدلولها أظهر"؛ [انتهى].

 

وقد كتب الشوكاني رحمه الله رسالة في وجوب شق القاف، منشورة في مجلة معهد الشاطبي من تحقيق الدكتور جمال نعمان، وهذا رابطها مع دراسة للمسألة:

https://goo.su/mpcWqcf

 

وبذلك يتبين حكم إمامة الأعجمي الذي لا يُخرج مخارج الحروف على وجهها، مما صحَّ في لغة من لغات العرب، إذ يتقدم بعض العجم أحيانًا للإمامة مع نطقهم الحاء هاء، والعين همزة، ووفقًا لما نُقل سابقًا فتصح صلاته بمثله، ولا يحسُن أن يصلي بمن هو أفضل منه، ويُطلب منه أن يتعلم النطق الصحيح.

 

المطلب الرابع: إمامة العربي ممن يقلب الحروف مثل الصاد إلى الزاي، والذال إلى الزاي:

يُبدل بعض أهل الشام ومصر الذال زايًا في قوله تعالى: (الذين)، وفي حكم مثلهم قال النووي في (المجموع): "ولو أخرج بعض الحروف من غير مخرجه بأن يقول: نستعين تشبه التاء الدال، والصاد لا بصاد محضة ولا بسين محضة بل بينهما، فإن كان لا يمكنه التعلم، صحت صلاته، وإن أمكنه، وجب التعلم، ويلزمه قضاء كل صلاة في زمن التفريط في التعلم، هذا حكم الفاتحة"؛ [انتهى].

 

وتقدم قول ابن قدامة: "أو أبدله بغيره، كالألثغ الذي يجعل الراء غينًا، والأرت الذي يُدغم حرفًا في حرف، أو يلحَن لحنًا يحيل المعنى، كالذي يكسر الكاف من إياك، أو يضم التاء من أنعمت، ولا يقدر على إصلاحه، فهو كالأميِّ".

 

وعليه؛ فتصح إمامته بمن هو مثله ولا تصح بمن يتقن القراءة.

 

المطلب الخامس: حكم الألثغ ممن ينطق الراء غينًا:

في (الإنصاف) للمرداوي: "وقال الآمدي: يسير ذلك - أي اللثغة - لا يمنع الصحة، ويمنع كثيره"؛ ا.هـ.

 

وتقدم قول ابن قدامة: "أو أبدله بغيره، كالألثغ الذي يجعل الراء غينًا... ولا يقدر على إصلاحه، فهو كالأمي".

 

وعليه؛ فتصح إمامته بمن هو مثله لا بمن هو متقن للقراءة.

 

المطلب السادس: حكم صلاة: من قرأ: ولا الظالين بدلًا عن: ولا الضالين:

من قرأ "ولا الظالين" بدل "ولا الضالين" تصح صلاته لنفسه، كما تصح الصلاة خلفه على القول الأقرب للصواب؛ لتشابه المخرجين بين الظاء والضاد.

 

ففي (الفتاوى الهندية) للحنفية: "وإن كان لا يمكن الفصل بين الحرفين إلا بمشقة، كالظاء مع الضاد، والصاد مع السين، والطاء مع التاء، اختلف المشايخ، قال أكثرهم: لا تفسد صلاته، هكذا في فتاوى قاضي خان، وكثير من المشايخ أفتَوا به، قال القاضي الإمام أبو الحسن والقاضي الإمام أبو عاصم: إن تعمَّد فسدت، وإن جرى على لسانه أو كان لا يعرف التمييز لا تفسد، وهو أعدل الأقاويل، والمختار، هكذا في الوجيز للكردري، وسُئل الإمام الرملي: هل تصح صلاة من يبدل الضاد بالظاء في غير الفاتحة أو لا كما جزم به شيخ الإسلام زكريا في شرحه للجزرية؟ فأجاب: بأن إبدال الضاد بالظاء يبطل الصلاة إذا كان في الفاتحة، أو بدلها وفعله قادرًا عالمًا عامدًا، وعلى هذا يُحمل قول شيخنا في شرحه للجزرية لئلا يختلط أحدهما بالآخر فتبطل به صلاته".

 

وقال ابن كثير رحمه الله: "والصحيح من مذاهب العلماء أنه يُغتفر الإخلال بتحرير ما بين الضاد والظاء؛ لقرب مخرجيهما، وذلك أن الضاد نخرجها من أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس، ومخرج الظاء من طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا، ولأن كلًّا من الحرفين من الحروف المجهورة، ومن الحروف الرخوة، ومن الحروف المطبقة، فلهذا كله اغتُفر استعمال أحدهما مكان الآخر لمن لا يميز ذلك، والله أعلم، وأما حديث: ((أنا أفصح من نطق بالضاد))، فلا أصل له".

 

وفي (مجموع الفتاوى) لشيخ الإسلام: "وأما من لا يقيم قراءة الفاتحة، فلا يصلي خلفه إلا من هو مثله، فلا يصلي خلف الألثغ الذي يبدل حرفًا بحرف، إلا حرف الضاد إذا أخرجه من طرف الفم كما هو عادة كثير من الناس، فهذا فيه وجهان: منهم من قال: لا يُصلى خلفه ولا تصح صلاته في نفسه؛ لأنه أبدل حرفًا بحرف؛ لأن مخرج الضاد الشِّدق، ومخرج الظاء طرف الأسنان، فإذا قال: (ولا الظالين)، كان معناه: ظل يفعل كذا، والوجه الثاني: تصح وهذا أقرب؛ لأن الحرفين في السمع شيء واحد، وحِسَّ أحدهما من جنس حس الآخر لتشابه المخرجين، والقارئ إنما يقصد الضلال المخالف للهدى وهو الذي يفهمه المستمع، فأما المعنى المأخوذ من (ظل)، فلا يخطر ببال أحد، وهذا بخلاف الحرفين المختلفين صوتًا ومخرجًا وسمعًا كإبدال الراء بالغين، فإن هذا لا يحصل به مقصود القراءة"؛ [انتهى].

 

المطلب السابع: موقف المأموم من الصلاة خلف من يلحَن في الفاتحة:

سُئل علماء اللجنة الدائمة عن الصلاة خلف إمام لا يُحسن القراءة، وهل الأفضل الانفراد، أم الصلاة خلفه؟

 

فأجابوا: "إذا أردت أن تصلي، فإنك تتحرى الصلاة خلف إمام يحسن القراءة، وإذا علمت عن إمام أنه لا يُحسن القراءة بمعنى أنه يلحَن في الفاتحة لحنًا يُغيِّر المعنى مثل قوله: (إياك نعبد) بكسر الكاف و(أنعمت) بالضم أو الكسر، فلا يجوز أن تصلي خلفه، والواجب تنبيهه، فإن أجاب فالحمد لله، وإلا وجب عليك أن تبلغ عنه الجهة المختصة لإبداله بإمام أصلح منه"؛ [انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة (7/348)].

 

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "إذا كان لحنه يحيل المعنى في الفاتحة أو غيرها، فلا تجوز الصلاة خلفه، ولكن يجب على أهل المسجد أن يرفعوا الأمر إلى المسؤولين عن المساجد بأن يتعدل هذا الإمام أو يُبدل، أما كونه إمامًا للمسلمين في أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهو لا يحسن ما يجب من القراءة، فلا يجوز أن يكون إمامًا، ومن نصبه إمامًا فهو آثِم؛ آثم في حق الله؛ لأنه ولَّى من ليس أهلًا، وآثم في حق المصلين؛ لأنه إما أن يوقعهم في حرج في الصلاة خلفه، أو يحرجهم إلى أن يطلبوا مسجدًا آخر أبعد منه، ويكون ذلك شاقًّا عليهم"؛ [انتهى من فتاوى نور على الدرب 182/15].

 

المطلب الثامن: لزوم تبليغ الجهات المختصة عن الأئمة الذين لا يتقنون الفاتحة:

تقدم في فتوى اللجنة ما نصه: "والواجب تنبيهه فإن أجاب فالحمد لله، وإلا وجب عليك أن تبلغ عنه الجهة المختصة لإبداله بإمام أصلح منه"؛ [انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة 7/348]، وتقدم في فتوى الشيخ العثيمين رحمه الله ما نصه: "ولكن يجب على أهل المسجد أن يرفعوا الأمر إلى المسؤولين عن المساجد، بأن يتعدل هذا الإمام أو يُبدل، أما كونه إمامًا للمسلمين في أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهو لا يحسن ما يجب من القراءة، فلا يجوز أن يكون إمامًا، ومن نصبه إمامًا فهو آثم: آثم في حق الله؛ لأنه ولَّى من ليس أهلًا، وآثم في حق المصلين؛ لأنه إما أن يوقعهم في حرج في الصلاة خلفه، أو يحرجهم إلى أن يطلبوا مسجدًا آخر أبعد منه، ويكون ذلك شاقًّا عليهم"؛ [انتهى من فتاوى نور على الدرب 182/15].

 

المطلب التاسع: روابط بحوث ومقاطع لتصحيح تلاوة الفاتحة:

لما تقرر اتفاق العلماء على وجوب تعلم تلاوة الفاتحة، واجتناب الأخطاء فيها، فيحسُن بيان بعض الجهود العلمية لتصحيح الفاتحة؛ وفيما يأتي بعضها:

1- مقال عن أهم الأخطاء في الفاتحة على الرابط:

أخطاء شائعة في قراءة سورة الفاتحة

 

2- مقطع للشيخ المقرئ أيمن سويد في أخطاء الفاتحة على الرابط:

https://goo.su/C5x4nw

 

3- كتاب: الأخطاء الواقعة في قراءة سورة الفاتحة من المصلين والأئمة والقارئين (فيه تنبيه على نحوٍ من مائتي خطأ يقع فيها) - د. محمد بن موسى آل نصر، ط 1، 1426 هـ/ 2005 م، 123 صفحة على الرابط:

https://goo.su/93zZk

 

4- كتاب: الكلمات الناصحة في التحذير من مائة خطأ في قراءة الفاتحة - كتبها أبو حمزة عماد الدين أحمد أبو النجا على الرابط:

https://goo.su/3VQTrdI

 

الخلاصة، وتتضمن أهم النتائج:

تبيَّن مما سبق من كلام جمهور الفقهاء ما يأتي:

1- أن الإمامة منصب عظيم، ولا يجوز التهاون بالإمامة والمجاملة فيها؛ بتقديم من لا يُحسنها ويلحَن في القراءة، وخصوصًا مع كثرة المتقنين في بلادنا، ولله الحمد.

 

2- لزوم تعلم الأئمة التلاوة الصحيحة، ولا عيب في التعلم، بل الجهل هو العيب.

 

3- أن الاحتياط فيمن يتقن التلاوة أن يتقدم في مساجد المحطات أو في الجماعات الثانية، ولا يُجامِل؛ حتى لا يصلي به من لا يتقن التلاوة، ولا تفاصيل أحكام الصلاة.

 

4- أن من يتعمد الخطأ في التلاوة، فصلاته باطلة، وعمله عبث في الصلاة، وهو نادر الوقوع.

 

5- أن من يخطئ في غير الفاتحة، فصلاته وإمامته صحيحة، وتقديم من يتقن التلاوة أولى من تقديم من يلحَن.

 

6- أن من يخطئ في الفاتحة، تبطل إمامته بمن هو أفضل منه في حال:

أ‌- كون الخطأ يحيل المعنى مثل قوله: (إياك نعبد) بكسر الكاف، و(أنعمت) بالضم أو الكسر.

 

ب‌- زيادة حرف في الفاتحة.

 

ت‌- نقص حرف.

 

ث‌- ترك تشديدة من تشديدات الفاتحة، وعددها إحدى عشرة تشديدة.

 

ج‌- إبدال حرف بحرف من الحروف التي لا يبدلها العرب ببعضها، مثل الألثغ الذي ينطق الراء غينًا، ومن ينطق الذال زايًا، والغين قافًا، والضاد دالًا.

 

7- أن من يخطئ في الفاتحة لا تبطل صلاته ولا إمامته، إذا كان الخطأ لا يحيل المعنى، أو كان بإبدال حرف مكان حرف مما يسوغ إبداله في لغة من لغات العرب؛ مثل: العين همزةً، والحاء هاء، والصاد سينًا، والقاف كافًا، أو لتقارب المخارج مثل الضاد والظاء، مع لزوم تنحيته من الإمامة إذا وُجد من هو أفضل منه تلاوة.

 

8- لزوم عدم المجاملة في ترك من يلحَن في التلاوة، وتبليغ الجهات المختصة لإبداله بمن يحسن التلاوة.

 

9- على المأموم أن يترك الائتمام خلف من يلحَن في الفاتحة.

 

والحمد لله أولًا وآخرًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • الدراسات والأبحاث
  • مسائل علمية
  • مقالات
  • مقولات في تربية ...
  • قضايا المصرفية ...
  • نوزل الألبسة
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة