• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / الرسائل العلمية / رسائل ماجستير
علامة باركود

الأخطاء الطبية في الفقه والنظام

عبدالله بن صالح بن سليمان الجربوع

نوع الدراسة: Masters
البلد: المملكة العربية السعودية
الجامعة: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
الكلية: المعهد العالي للقضاء - قسم السياسة الشرعية
التخصص: شعبة الأنظمة
المشرف: د. محمد نبيل سعد الشاذلي
العام: 1418هـ، 1997م

تاريخ الإضافة: 26/2/2015 ميلادي - 7/5/1436 هجري

الزيارات: 58053

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص الرسالة

الأخطاء الطبية في الفقه والنظام

 

مقدمة:

الحمد لله ربِّ العالمين، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله العظيم من شرور أنفسنا، ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فهو المهتدي، ومِن يُضللْ فلن تجدَ له وليًّا مرشدًا.

 

ونشهد أن لا إلهَ إلاَّ الله، وأنَّ محمَّدًا عبدُه ورسوله، صلَّى الله عليه وسلَّم تسليمًا كثيرًا، وعلى آله وصحبه، ومَن اهتدى بهديه إلى يوم الدِّين، وبعدُ:

إنَّ ممَّا هو غنيٌّ عن البيان والإيضاح اهتمامَ الشريعة الإسلاميَّة بالنفس الإنسانيَّة، وعنايتها بحفظها، فحفظ النفس من الضَّرورات التي نادتِ الشريعة بوجوب حِفظها عمَّا يُسيء إليها، من ضربٍ، أو جرح، أو قتل، أو أيِّ اعتداء - بكلِّ صُورِه وأشكاله – عليها؛ إلاَّ بسبب شرعيٍّ؛ كجهاد وتطبيب، ممَّا هو مُطنَب في بابه.

 

ومِن مظاهر اهتمام الشريعة بالنفس: الأمرُ بالتداوي، حيثُ أوصى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بالتداوي، وأوصى بالاجتهاد في معرفةِ أدوية الأمراض؛ فقال - عليه الصلاة والسلام - كما روى أسامةُ بن شريك قال: أتيتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابُه كأنَّما على رؤوسهم الطَّير، فسلمتُ ثم قعدت، فجاء الأعرابُ من هنا وهناك، فقالوا: يا رسول الله، أنتداوى؟ فقال: ((تَداوَوْا؛ فإنَّ الله - عزَّ وجلَّ - لم يضعْ داءً إلاَّ وضع له دواءً))؛ رواه أبو داود[1].

 

وروى البخاريُّ عن أبي هُريرةَ - رضي الله عنه - عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما أَنزلَ اللهُ داءً إلاَّ أَنزلَ الله له شِفاءً))[2].

 

كما نصح النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بتجنُّب المجذوم، ومَن به مرضٌ مُعدٍ، وبيَّن الإرشاداتِ الواجبَ اتِّباعُها عندَ حُلول الأوبئة كالطَّاعون.

 

وقد أفرد بعضُ العلماء إرشاداتِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- الصِّحيَّة في كتب اصطلحوا على تسميتها بالطبِّ النبويِّ.

 

ومِن اهتمام الشريعة الإسلاميَّة بالنفس جُعِل تعلُّم الطبِّ فرضًا من فروض الكفايات، إلاَّ أنَّ اهتمام الشريعة بالنَّفس والطب لم يُترك سُدًى بأيدي الأطباء؛ بل وَضعتِ الشريعةُ الغرَّاءُ الأحكامَ التي تحفظ للمريض حقَّه من أيِّ اعتداء على نفسه؛ ليتنبَّه الطبيب في أداء مَهمَّتِه الجليلة، ولا يفسد حيث يبتغي الإصلاح.

 

مِن هنا تتجلَّى أهميَّةُ بحث موضوع الأخطاء الطِّبيَّة في الفقه الإسلامي، مقارنًا بما عليه في نظام مزاولة مِهنة الطِّبِّ البَشَريِّ في بلادنا.

 

وكان سببُ اختياري لهذا الموضوع هو أهميتَه البالغةَ لكلٍّ من الطبيب والمريض على حدٍّ سواء؛ لِيعلمَ الطرفان ما لهما وما عليهما في هذا المجال.

 

ولأنَّ موضوع مساءَلة الأطباء عن أخطائهم يهمُّ المجتمعَ الإنسانيَّ عمومًا، فلم يكن من المتصوَّر في بداية الأمر مساءلةُ الأطباء عن أخطائهم؛ ولكن بعد زيادةِ الوعي والثقافة والتعليم لدَى أفراد المجتمع، أصبح من الممكن رفْعُ الدَّعاوَى ضدَّ الأطباء عندَما تصدر منهم أخطاءٌ في مزاولتهم مهنتَهم؛ وهذا كلُّه لحفظِ النفس الإنسانيَّة، والتي رعتْها الشريعة الإسلاميَّة.

 

من هذا المنطق رأيتُ أن أتناول هذا البحث بشيءٍ من الإفراد والتفصيل.

 

وأمَّا منهجي في هذا البحث:

1- الرُّجوع إلى كتب الفِقه الإسلاميِّ في مناقشة موضوعات البحث، من الناحية الفِقهيَّة.

 

2- الاطلاع على نِظام مزاولة مهنة الطبِّ البشريِّ وطبِّ الإنسان، ولائحته التنفيذيَّة، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/3) في (21/2/1409هـ)، والذي يُحدِّد مسؤولياتِ مزاولي مِهنة الطب، ويُنظِّم العَلاقة بينهم وبين المرضى، والاطلاع على هذا النِّظام في مناقشة موضوعاتِ البحث من الناحية النظاميَّة.

 

3- المقارنة بين الفِقه والنِّظام في موضوعات البحث.

 

4- عدم الإطالة وتجنُّب الإطناب في مناقشة موضوعات البحث؛ إلاَّ ما دعت إليه الحاجة والضرورة، والاكتفاء بما يُرى كافيًا للغرض.

 

5- التمهيد لكلِّ مبحثٍ بما يُعين على تصوُّره؛ لأنَّه لا يمكن الحكم على شيء بدون تصوُّره.

 

6- عدم الالتفات إلى الأقوال الواهنةِ والمتَّفقِ على شذوذها، والاكتفاء بالآراء الوجيهة في مناقشة موضوعات البحث.

 

خطة البحث:

وأمَّا خطة البحث فهي كالتالي:

اعتمدت خطَّة البحث من مقدِّمة، وأربعة فصول، وخاتمة:

 

الفصل الأول: العمل الطِّبي.

ويشتمل على ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: تعريف العمل الطِّبي وإباحته.

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: تعريف العمل الطِّبي في الفقه.

المطلب الثاني: تعريف العمل الطِّبي في النِّظام.

 

المبحث الثاني: طبيعة العمل الطِّبي ومشروعيته.

وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: طبيعة العمل الطِّبي.

المطلب الثاني: مشروعية العمل الطِّبي.

المطب الثالث: المقارنة بين الفِقه والنِّظام في طبيعة العمل الطِّبي.

 

المبحث الثالث: الإذن في العمل الطِّبي.

وفيه خمسة مطالب:

المطلب الأول: صاحب الحقِّ في الإذن، وفيه فرعان:

الفرع الأول: في الفِقه.

الفرع الثاني: في النِّظام.

المطلب الثاني: شروط الإذن في العمل الطِّبي.

المطلب الثالث: الحالات التي لا يُشترط فيها الإذن.

المطلب الرابع: الآثار المترتبة على الإذن بالعمل الطِّبي.

المطلب الخامس: المقارنة بين الفِقه والنِّظام في بيان الإذن في العمل الطِّبي.

 

الفصل الثاني: الخطأ الطِّبي.

ويشتمل على أربعة مباحث:

المبحث الأول: تعريف الخطأ الطِّبي وأنواعه:

وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: تعريف الخطأ الطِّبي في الفِقه والنِّظام.

المطلب الثاني: أنواع الخطأ الطِّبي.

المطلب الثالث: المقارنة بين الفِقه والنِّظام في تعريف الخطأ الطِّبي وأنواعه.

 

المبحث الثاني: شروط الخطأ الطِّبي.

وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: شروط الخطأ الطِّبي في الفِقه.

المطلب الثاني: شروط الخطأ الطِّبي في النِّظام.

المطلب الثالث: المقارنة بين الفِقه والنِّظام في شرط الخطأ الطِّبي.

 

المبحث الثالث: خصائص الخطأ الطِّبي.

وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: خصائص الخطأ الطِّبي في الفقه.

المطلب الثاني: خصائص الخطأ الطِّبي في النِّظام.

المطلب الثالث: المقارنة بين الفِقه والنِّظام في خصائص الخطأ الطِّبي.

 

المبحث الرابع: إثبات الخطأ الطِّبي.

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: إثبات الخطأ الطِّبي.

المطلب الثاني: إثبات الخطأ الطِّبي في النِّظام.

 

الفصل الثالث:

صور الخطأ الطِّبي وآثاره.

ويشتمل على ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: الخطأ في تشخيص المرض وأثره.

المبحث الثاني: الخطأ في إعطاء الدَّواء وأثره.

المبحث الثالث: الخطأ في إجراء العملية الجِراحيَّة وأثره.

 

الفصل الرابع: مسؤولية الطبيب عن الأخطاء الطبية:

وفيه مبحثان:

المبحث الأول: مسؤولية الطبيب عن خَطئِه الشخصي.

المبحث الثاني: مسؤولية الطبيب عن خطأ الغَير.

 

الخاتمة:

وتشتمل على أهمِّ النتائج.

ثم أخيرًا الفهارس.

 

في الختام أسأل الله - جلَّ وعلا - أن يُوفقني فيما توخيتُه من بحث، وأن يجعل بحثي خالصًا لوجهه الكريم، ثم لا يفوتني أن أتقدَّم بالشُّكر الجزيل لله - عزَّ وجلَّ - على ما متَّعني به من صِحة وعافية، وما بلَّغني مِن فضل، فلله الحمد، وله الفضل كلُّه، وإليه يُرجع الأمرُ كلُّه.

 

ولا يفوتني أن أشكر لوالديَّ ما بذلاه من جَهدٍ جهيد في سبيل تنشِئتي وتربيتي، فيا ربِّ ارحمهما كما رَبَّياني صغيرًا، ومتعْهما بالصِّحة والعافية.

 

ثم أتقدَّم بالشكر والعِرفان لجميع أساتذتي الكِرام، ومشايخي الفضلاء، وأخص منهم فضيلة الدكتور/محمد نبيل سعد الشاذلي - وفَّقه الله - على ما بذله من جَهد، وعلى إشرافه على هذا البحث - لا أراه اللهُ مكروهًا - والذي كان لسَعةِ صدره، وجميل نُصحه وتوجيهه أثرٌ كبير في هذا البحث.

 

أسأل الله أن يَجزيَ الجميعَ خيرَ الجزاء، وأن يجمعنا بهم في مستقر رحمته؛ إنَّه سميع قريب.

الباحث.

 

الخاتمة:

الحمدُ لله ربِّ العالمين الذي أنعم عليَّ بكتابة هذا البحث، أسأل الله العلي العظيم أن ينفعني وإخواني المسلمين بما جاء فيه، وأن يكون هذا العمل صوابًا وخالصًا لوجهه الكريم.

 

وقد خلصتُ من هذا البحث إلى نتائجَ؛ من أهمِّها:

أوَّلاً: مشروعية المسؤولية الطِّبية؛ لِمَا جاء في حديث عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جَدِّه: أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مَن تطبَّب ولم يُعلم منه طِبٌّ قبل ذلك فهو ضامن))[3]؛ رواه أبو داود.

 

والمسؤولية الطِّبيَّة هي المسؤولية التي تَلحق بالطبيب من جرَّاء مزاولته صناعتَه، ولا بدَّ لِكي تقعَ هذه المسؤولية من تحقُّق شرطين؛ أحدهما: وجود الأذى والضرر، والثاني: وجود صلة بين الضَّرر الحاصل والخطأ الطِّبي الواقع[4]..

 

فالطبيب مسؤولٌ مسؤوليةً كاملةً عن الأخطاء التي يرتكبها أثناءَ تأدية العمل الطِّبي، ولا يكون الطَّبيب بمَعْزِل عن المساءَلة نتيجةَ الأخطاء التي يقترفها؛ بل يُحاسب عليها؛ ممَّا يكفل حقَّ الطبيب والمريض على حدٍّ سواء.

 

ثانيًا: مشروعية الأعمال الطِّبيَّة، فالأصل في تعلُّم الطبِّ أنَّه فرضٌ من فروض الكفايات؛ لكنَّه ينقلب إلى فرْض عَين إذا لم يوجد إلاَّ شخصٌ واحد ليقوم به، فالعمل الطِّبي أو التطبيب واجبٌ حتْمٌ على كلِّ شخص لا يسقط عنه، إلاَّ إذا قام به غيره، فالعمل الطِّبي واجبٌ على الطبيب في الفِقه الإسلامي، بينما تعدُّ ممارسة الأعمال الطبيَّة استعمالاً لحقٍّ في نطاق التشريعات الوضعيَّة.

 

ثالثًا: بدا لي من خلال البحث عنايةُ الشريعة الإسلاميَّة بصحة وسلامة الأفراد، مِن خلال التوجيهات الصِّحيَّة الواجب اتباعُها، ومن خلال بيان أدب العِلاج وعيادة المرضى، ومِن خلال النُّصوص التي تحفظ حقوقَ المريض من أخطاء الأطباء، وتُوضِّح ما يجب على الطبيب المخطئ للمريض المَجْنيِّ عليه.

 

رابعًا: اتَّضح مِن خلال البحث أنَّ جناية الطبيب لا تختلف عن أنواع الجِنايات الأخرى:

فإن كانت جنايةُ الطبيب عَمدًا فحُكمها حُكم العَمد.

وإن كانت جناية الطبيب شِبهَ عَمدٍ، فحُكمها حُكم شِبه العَمد.

وإن كانت جنايةُ الطبيب خطأً - وهذا هو الغالب الأعمُّ في الأخطاء الطبيَّة - فحُكمها حُكم الخطأ.

 

خامسًا: إجماع أهلِ العِلم على تضمين الطَّبيب الجاهل الذي تعاطَى عِلمَ الطب، ولم يتقدَّم له به معرفة، فهجم بجهله على إتلاف الأنفُس، وأقدَم بالتهوُّر على ما لا يعلمه، فيكون قد غرَّر بالعليل، فيلزمه الضمان.

 

سادسًا: أنَّ الطبيب الذي يُعالج المريض وَفق الأصول العِلميَّة، مع استيفائه شروطَ ممارسة مهنةِ الطبِّ - لا يضمن ما نتج عن فِعْله؛ لأنَّ الجواز يُنافي الضمان، شريطةَ أن يكون طبيبًا مشهودًا له بالدِّراية والعِلم بالطب، وكان قصدُه معالجةَ المريض، وعمل طبقًا للأصول والقواعد العِلميَّة، وكان مأذونًا له بالعمل من جهة المريض أو وَليِّه، ومن جهة الحاكم.

 

سابعًا: أنَّ الفِقه الإسلامي يَعُدُّ كلَّ مَن قام بعلاج الجسم أو النفس، وأعطى الصنعة حقَّها، وأُذن له من جهة الشارع، ومن جهة المريض - مزاولاً للعمل الطِّبي، سواء كان ختَّانًا، أو حجَّامًا، أو عطَّارًا، أو مُجبِّرًا عربيًّا، أو كواءً، أو طبيبًا حديثًا.

 

بينما قيَّد النِّظام السُّعوديُّ العملَ الطِّبي بالنشاط الذي يُزاوله الحاصل على ترخيص بمزاولةِ مهنة طبيَّة، في نفْس أو جسم الإنسان؛ لأجْل مصلحته، بشرطِ رضاه أو رِضا وليِّه.

 

واشتراط النِّظام ذلك لا يتعارض مع أحكام الفِقه الإسلامي؛ بل هو من قَبيل تحقيق مصلحة الجماعة.

 

ثامنًا: أنَّ العمل الطِّبي مهنةٌ فنية ذات طبيعة خاصَّة، حيث لا يطلب من الطبيب سوى بذل عناية يقظة تتفق مع الأُصول والقواعد العلميَّة، وأمَّا الشِّفاء فبِيَد الله - جلَّ وعلا.

 

تاسعًا: أن أسباب مشروعية وإباحة العمل الطبي هي ما يلي:

1- إذن المريض.

2- إذن الحاكم.

3- اتباع الأصول العلميَّة في الطِّب.

4- توافر قصْد العِلاج أو الشفاء.

 

فإذا تخلَّف سببٌ من هذه الأسباب كان العملُ الطِّبي اعتداءً، وغير مشروع، وإذا توافرتْ هذه الأسباب، كان العمل الطِّبي مباحًا ومشروعًا.

 

عاشرًا: صاحب الحقِّ في الإذن بإجراء العمل الطبي:

1- المريض؛ لأنَّه صاحبُ الحقِّ الأصيل.

2- وليُّ المريض الأقرب فالأقرب.

3- وليُّ الأمر في الحالات التي يُحدِّدها، وفي حالة عدم وجود وليٍّ للمريض، فالسُّلطان وليُّ مَن لا وليَّ له.

 

كما يُشترط في الإذن ما يلي:

1- أن يكون صادرًا مِن ذي أهلية معتبرة شرعًا.

2- أن يَصدُرَ من صاحب الحقِّ الأصيل؛ وهو المريض.

3- عدم تجاوز الإذن الصادر من صاحب الصلاحية.

4- أن يصدرَ الإذن مِن منطلق إرادةٍ حُرَّة، وعِلم صحيح غير مشوب بإكراه.

5- أن يصدر الإذنُ قَبلَ إجراء العمل الطِّبي.

6- إثبات الإذن بكافَّة وسائل الإثبات.

 

ولا يُشترط إذنُ المريض في الحالات الآتية:

1- حالة الضَّرورة.

2- التحصين والتَّطعيم ومداواة الأمراض المعدية.

3- علاج مدمن المخدِّرات؛ لحفظ نفسه وعقله.

 

حادي عشر: يُقصد بالخطأ الطبي: ما لم يقصده الطبيب أثناءَ ممارسته للعمل الطِّبي، أو عدم قيام الطبيب بالالتزامات التي فرضتها عليه مهنتُه.

 

ويمكن أن يكون الخطأ الطِّبي يسيرًا أو فاحشًا.

 

ثاني عشر: تَوافَق النِّظامُ مع أحكام الفِقه الإسلامي في كافَّة موادِّه، والتي تمت المقارنة بينها وبين أحكام الفِقه في مباحث هذا البحث، ولا يوجد ثَمَّة مخالفةٌ تُذكر، والحمد لله ربِّ العالمين.

 

ثالث عشر: يُشترط في الخطأ الطِّبي - إجمالاً - في الفِقه والنِّظام ما يلي:

1- أن يكون صادرًا من طبيب قصَّر فيما تُوجِبُه عليه مهنةُ الطِّب.

2- أن يترتَّب ضررٌ على المريض من جرَّاء هذا الخطأ.

3- أن يكون الطبيب مأذونًا له بإجراء العمل الطِّبي.

4- أن يكون الخطأ الطِّبي ثابتًا وأكيدًا.

 

رابع عشر: الأخطاء الطِّبيَّة ليس فيها قصاص؛ لأنَّها من قبيل جناية الخطأ، فلا تقبل دعوى القِصاص ضدَّ الطبيب في الأخطاء الطبيَّة؛ بل يضمن الطبيب ما أخطأتْ يدُه بالتعويض، ما لم يكن الطبيب متعمِّدًا، فتخرج الصورة من كونها خطأ طبيًّا، إلى جريمة مقصودة.

 

خامس عشر: طُرق إثبات الخطأ الطِّبي التي يمكن اعتمادها هي - بوجه عامٍّ - كلُّ وسائل الإثبات الممكنة، فيقع على المتضرر واجبُ إثبات خطأ الطبيب بكلِّ وسائل الإثبات.

 

ومن وسائل الإثبات ما يلي:

1- الإقرار؛ وهو أقواها.

2- الشَّهادة من رجلين أو رجل وامرأتين، وتُقبل شهادة الطبيبات والممرضات لقَبول شهادة النِّساء فيها.

3- المستندات الخطيَّة سواء كانت في ملَّف المريض أم غيره.

 

سادس عشر: الخطأ في تشخيص المرض، والخطأ في إعطاء الدَّواء، والخطأ في إجراء العمليَّة الجراحيَّة، والخطأ في العمل الطِّبي عمومًا، كلُّ هذه داخلةٌ ضِمنَ جناية الخطأ، فعليه تنطبق أحكامُ الفِقه الإسلامي في جناية الخطأ على الخطأ الطِّبي.

 

فإذا أدَّى خطأُ الطبيب إلى موت المريض، فإنَّ الطبيب يكون مُلزمًا بعتق رقبةٍ مؤمنة، فإن لم يجدْ فصيام شهرين متتابعين، كما أنَّ عليه ديةً مُسلَّمة إلى أهله؛ إلاَّ أن يصدقوا.

 

وإذا أدَّى خطأُ الطبيب إلى جناية على المريض دون النَّفْس، فلا يكون على الطبيب سوى الدِّية دون النفس، حسبَ تفصيل مقادير الدِّيات في أحكام الفِقه الإسلامي.

 

وهناك عقوباتٌ تأديبيَّة يُوقِعها النِّظام السُّعوديُّ على الطبيب المخطئ؛ تشمل عقوبةَ الإنذار وغرامةً ماليَّة، لا تتجاوز عشرةَ آلاف ريال، وشطب الاسم مِن سجل المرخَّصِ لهم بمزاولة مهنة الطب.

 

سابع عشر: الطبيب مسؤولٌ مسؤوليةً كاملة عن الخطأ الذي يقع منه، وعليه ضمانُ ما أتلفه.

 

وهو غير مسؤول عن خطأِ غيره من المساعدين، إلاَّ إذا كان المساعد يعمل تحتَ إشرافه وتوجيهه وبناءً على أوامرِه وتعليماته، فيكون الطبيبُ مسؤولاً عن خطأِ هذا المساعد إذا قصَّر في الإشراف عليه وفي توجيهه.

 

لعلَّ هذه أهمُّ نتائج هذا البحث، والذي أسأل الله أن ينفع به، ويكتبَ لي به الأجرَ، وأن يتقبَّله خالصًا لوجه الكريم.

 

وفي الخِتام: أشكر الله العظيم وأحمده - جلَّ وعلا - والذي ما زال هو العونَ والسَّند لي، وأطلب منه المزيد، فما كان في هذا البحث مِن صواب فمِن الله - جلَّ وعلا - وما كان فيه مِن خطأ وتقصير، فأسأل الله - جلَّ وعلا - أن يغفرَه ويتجاوز عنه.

 

ثم لا يفوتني أن أتقدَّمَ بالشُّكر الجزيل لفضيلة الدكتور/ محمد نبيل الشاذلي، المشرف على هذا البحث، على عنايته ورعايته لهذا البحث، والذي كان لسَعةِ صدره، وجميل نُصْحه وتوجيهه أثرٌ كبير في إخراج هذا البحث.

 

كما أشكر جميعَ أسأتذتي ومشايخي أعضاء هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء، على ما بذلوه لي مِن نُصْح وتوجيه، شكر الله سعيَهم، وأمدَّ في أعمارهم، ووفَّقهم لكلِّ خير.

 

اسأل الله أن يجمعنا ووالدينا وذُريَّاتِنا معهم في مستقرِّ رحمته، إنَّه سميع قريب.

 

والحمد لله ربِّ العالمين، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومَن تبعه إلى يوم الدِّين.

 

فهرس الموضوعات:

المــوضـــــــــــوع

رقم الصفحة

مقدمة

1

الفصل الأول: العمل الطِّبي.

9

المبحث الأول: تعريف العمل الطِّبي وإباحته.

10

المطلب الأول: تعريف العمل الطِّبي في الفقه.

11

المطلب الثاني: تعريف العمل الطِّبي في النظام.

15

المبحث الثاني: طبيعة العمل الطِّبي ومشروعيته.

18

المطلب الأول: طبيعة العمل الطِّبي.

19

المطلب الثاني: مشروعية العمل الطِّبي.

20

المطلب الثالث: المقارنة بين الفقه والنِّظام في طبيعة العمل الطِّبي.

23

المبحث الثالث: الإذن في العمل الطِّبي.

25

المطلب الأول: صاحب الحقِّ في الإذن في الفقه.

26

صاحب الحق في الإذن في النِّظام.

28

المطلب الثاني: شروط الإذن في العمل الطِّبي.

30

المطلب الثالث: الحالات التي لا يُشترط فيها الإذن.

33

المطلب الرابع: الآثار المترتبة على الإذن في العمل الطِّبي.

37

المطلب الخامس: المقارنة بين الفقه والنِّظام في بيان الإذن بالعمل الطِّبي.

39

الفصل الثاني: الخطأ الطِّبي.

40

المبحث الأول: تعريف الخطأ الطِّبي وأنواعه.

41

المطلب الأول: تعريف الخطأ الطِّبي في الفقه والنِّظام.

42

المطلب الثاني: أنواع الخطأ الطِّبي.

45

المطلب الثالث: المقارنة بين الفقه والنِّظام في تعريف الخطأ الطِّبي وأنواعه.

48

المبحث الثاني: شروط الخطأ الطِّبي.

49

المطلب الأول: شروط الخطأ الطِّبي في الفقه.

50

المطلب الثاني: شروط الخطأ الطِّبي في النظام.

52

المطلب الثالث: المقارنة بين الفقه والنظام في شروط الخطأ الطِّبي.

54

المبحث الثالث: خصائص الخطأ الطِّبي.

56

المطلب الأول: خصائص الخطأ الطِّبي في الفقه.

57

المطلب الثاني: خصائص الخطأ الطِّبي في النظام.

60

المطلب الثالث: المقارنة بين الفقه والنظام في خصائص الخطأ الطِّبي.

62

المبحث الرابع: إثبات الخطأ الطِّبي.

64

المطلب الأول: إثبات الخطأ الطِّبي في الفقه.

65

المطلب الثاني: إثبات الخطأ الطِّبي في النظام.

68

الفصل الثالث: صور الخطأ الطِّبي وآثاره.

71

المبحث الأول: الخطأ في تشخيص المرض وأثره.

72

المبحث الثاني: الخطأ في إعطاء الدواء وأثره.

80

المبحث الثالث: الخطأ في إجراء العملية الجراحيَّة وأثره.

90

الفصل الرابع: مسؤولية الطِّبيب عن الأخطاء الطِّبيَّة.

101

المبحث الأول: مسؤولية الطِّبيب عن خطئه الشخصي.

102

المبحث الثاني: مسؤولية الطِّبيب عن خطأ الغير.

117

الخاتمة.

124

المصادر والمراجع.

132

فهرس الموضوعات.

145

 



[1] "سنن أبي داود" (4/6).

[2] "فتح الباري" كتاب: الطب (10/113).

[3] رواه أبو داود في كتاب الديات، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي كما في المستدرك.

[4] الطبيب المسلم وأخلاقيات المهنة (ص: 55)، د/ هشام الخطيب، وآخرون.




 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • أخطاؤنا في رمضان... الأخطاء الخاصة بالنساء (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من أحكام الأخطاء الطبية في ظل الأوبئة(مقالة - ملفات خاصة)
  • عدالة الشريعة وحزمها في باب الأخطاء الطبية والتعويض عنها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نصائح لتجنب الأخطاء الطبية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أخطاء لغوية في الصحف والإذاعة والتلفزيون(مقالة - حضارة الكلمة)
  • القدوة وتصحيح الأخطاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الردود القاطعة على شبهة وجود أخطاء لغوية في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأخطاء التي يقع فيها الباحثون في الدراسات القرآنية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخطأ الطبي إشكالية قانون أم ضمير؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تغافل المعلم عن أخطاء المتعلمين(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 


تعليقات الزوار
9- شكر
د محمود ابو اصليح - فلسطين 17-07-2023 11:18 AM

كتاب ممتاز..

8- شكر وتقدير
علي عبد الحسن ناصر - العراق 25-06-2020 10:07 PM

شكرا لكم على ما تبذلونه من جهود وما تقدمونه من مناهل علمية ومعرفية.

7- طلب نسخة من البحث
Abdessamad - المغرب 20-03-2020 12:17 AM

لدي اهتمام بالموضوع بحكم أني اكتب بحثي ولقلة المراجع العلمية في هذا الموضوع أتمنى الحصول على النسخة الإلكترونية من هذه الرسالة.

6- توفير نسخه من البحث
علي البان - اليمن 11-11-2019 06:32 PM

حقيقة" أنا مهتم جدا" باالموضوع ولكن لقلة المراجع لم أجد مراجع حتى أطلع أكثر على الأحكام الطبية في الشريعة الإسلامية الغراء لذلك نرجو منكم توفير نسخة من البحث وفقكم الله.

5- طلب نسخة من البحث
بيان 23-11-2018 12:22 PM

البحث متقن وشامل جميع العناصر المهمة، أقوم ببحث حاليا عن الأخطاء الطبية وهذا البحث سيساعدني جدا

4- طلب نسخة من البحث
لمى - السعودية 20-10-2018 09:21 PM

لقلة المراجع في الموضوع وأهميته هل من الممكن الحصول على النسخة الكاملة من الرسالة ؟

3- طلب نسخة من الرسالة
roaa - السعودية 11-03-2018 01:05 AM

لدي اهتمام بالموضوع بحكم أني اكتب بحثي ولقلة المراجع العلمية في هذا الموضوع أتمنى الحصول على النسخة الإلكترونية من هذه الرسالة.

2- جيد
د. عصام - السعودية 04-03-2017 04:56 AM

في الواقع أنني جد مهتم بالموضوع و لم أجد مراجع فيه و بعد أن تطلعت للخطة وجدت فيها الكثير مما أبحث عنه و عليه ألتمس منكم تزويدي بنسخة من البحث

1- طلب نسخة من البحث
بمهيري لخير - الجزائر 14-02-2017 01:09 AM

في الواقع أنني جد مهتم بالموضوع و لم أجد مراجع فيه و بعد أن تطلعت للخطة وجدت فيها الكثير مما أبحث عنه و عليه ألتمس منكم تزويدي بنسخة من البحث

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 15:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب