• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / الرسائل العلمية / رسائل ماجستير
علامة باركود

أفعال الحواس في القرآن الكريم

أنسام خضير خليل

نوع الدراسة: Masters resume
البلد: العراق
الجامعة: جامعة بغداد
الكلية: كلية التربية للبنات
التخصص: اللغة العربية وآدابها
المشرف: أ.د. كَاصد ياسر الزيدي
العام: 1423 هـ - 2002 م

تاريخ الإضافة: 18/10/2020 ميلادي - 1/3/1442 هجري

الزيارات: 16068

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص الرسالة

أفعال الحواس في القرآن الكريم


المقدمة:

الحمد لله الذي افتتح كتابه بالحمد فقال - سبحانه -: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 2 - 4]. والحمد لله على نعمائه، والشكر له على آلائه، أحمده سبحانه حمدًا يكون سببًا مدنيًّا من رضاه، وأشكره شكرًا يكون مقربًّا من الفوز بمغفرته.

 

والصلاة والسلام على سيدنا محمد واسطة عقد أنبيائه، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم إلى يوم الدين.

 

وبعد، فقد كان القرآن الكريم الكتاب المعجز، والنور الذي أضاء قلبي، ونورّ طريقي، منذ صغري، إلى أن كبرت وتقدمت في دراستي، ولذلك حين عزمت على اختيار موضوع قرآني لرسالتي، وجدت موضوعات كثيرة جديرة بالبحث دالة على إعجازه الذي يتجلى - في ما يتجلى - في نظمه، وقد وجدت مبتغاي، بمساعدة أستاذي المشرف الدكتور كاصد ياسر الزيدي وأستاذي الدكتور كريم حسين ناصح الخالدي، إذ وقع الإختيار بتوجيههما على موضوع هو (أفعال الحواس في القرآن الكريم/ دراسة نحوية، صرفية، دلالية).

 

ومما زاد من حماسي على البحث في هذا الموضوع، أن أستاذي المشرف الدكتور كاصد الزيدي كان قد ألقى محاضرة تتعلق بالحواس في القرآن الكريم في إحدى ندوات قسم اللغة العربية قبل شهور من تفكيري في بحث الرسالة، فهذا مما دفعني إلى إختيار هذا الموضوع، لأدرس الحواس في كتاب الله المجيد من الناحية النحوية، والصرفية، والدلالية.

 

وقد اقتضت طبيعة الموضوع جعله في تمهيد وثلاثة أبواب.

 

تضمن (التمهيد) مبحثين: الأول في بيان مفهوم الحواس في اللغة، ودلالة الفعل (حسَّ) في القرآن الكريم. والثاني في بيان بالغ قدرة الله سبحانه وتعالى.. في خلق آلات الحواس، والإبداع في تكوينها.

 

وتضمن الباب الأول: (وجوه النحو في أفعال الحواس) وهو في فصلين: تناول الأول (تعدي أفعال الحواس) إلى مفاعيلها بذاتها وبالواسطة، واختلاف صوره، وما يتعلق بذلك من حذف المفعول مع أفعال الحواس ودواعيه، وكذلك تعليق أفعال الحواس عن العمل وإلغائها.

 

وتناول الفصل الثاني: (صور أفعال الحواس) وسياقاتها التي وردت عليها، وأثر ذلك في المعنى فكان الحديث عن بناء أفعال الحواس للمجهول، وأسلوب التوكيد مع أفعال الحواس، والقسم بأفعال الحواس، وأسلوب التعجب معها.

 

أما الباب الثاني فتناول: (وجوه الصرف في أفعال الحواس)، وهو في فصلين أيضًا: الأول في بيان (معاني الفعل الثلاثي المزيد) بحرف أو حرفين من أفعال الحواس، وأثر هذه الزيادة في المعنى.

 

وتناول الفصل الثاني (الظواهر الصرفية في أفعال الحواس)، فكان الكلام فيه على بنية تلك الأفعال، وصيغها، وهيئاتها التي وردت عليها: من إدغام، وإبدال، وإعلال.

 

وتناول الباب الثالث: (الدلالات التي وردت عليها أفعال الحواس) حسّية كانت، أو معنوية. وبيان تغيّر تلك الدلالات تبعًا لتغير القرائن ولاسيما السياقية. وهو مقسوم على فصلين: الأول في (دلالة أفعال السمع والبصر)، والثاني في: (دلالة أفعال الذوق واللمس، والمس، والشم).

 

وانتهى البحث بخاتمة أوجزت فيها أهم النتائج التي تضمنها، وتلاها ثبت بالمصادر والمراجع.

 

وقد اعتمدت في رسالتي هذه على كثير من المصادر والمراجع، منها مصادر قرآنية، شملت التفاسير، وكتب الأشباه والنظائر، وكتب معاني القرآن، وكتب إعجاز القرآن. فمن التفاسير (جامع البيان) للطبري، و(التبيان) للطوسي، و(الكشاف) للزمخشري، و(مجمع البيان) للطبرسي، و(التفسير الكبير) للرازي، و(البحر المحيط) لأبي حيان الأندلسي، ومنها مصادر نحوية في مقدمتها (الكتاب) لسيبويه، و(المقتضب) للمبرد، و(الجمل) للزجاجي، ومصادر صرفية، مثل (المنصف) لابن جني، و(الممتع في التصريف) لابن عصفور. واعتمدت على مصادر بلاغية مثل مفتاح العلوم للسكاكي، ودلائل الإعجاز عبد القاهر الجرجاني وغيرها.

 

وقد لقيت في أثناء البحث صعوبات منها عدم توفر عدد من المصادر الهامة بسهولة، ومنها أيضًا دقة الموضوع، وتعدد آفاقه. غير أني بحمد الله تجاوزت ذلك كله بتوجيه شيخي الجليل الأستاذ الدكتور كاصد ياسر الزيدي، وتثبيته إياي على الوصول إلى المبتغى بدأب وجدّ.

 

ولا أزعم أن ما كتبته في هذه الرسالة مكتمل تمامًا. إلا أني أستطيع القول أني بذلت الوسع في إعدادها، فما أصبت فيه فبتوفيق من الله، وما قصَّرت فمن نفسي، والله - سبحانه وتعالى - أسأله أن يجعل في هذا الجهد أجرًا هو أهله. والحمد له أولًا وآخرًا.

الباحثة / أنسام خضير خليل

 

الخاتمة:

وإذ كان لكل بحث من خاتمة تلخّص أهم النتائج التي انتهى إليها، فإن أهم تلك النتائج التي تتعلق بهذا البحث هي:

1. إن الحواس من النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، وميزه بها عن الحيوان، فجعلها - سبحانه وتعالى - وسائل يتمكن بها الإنسان من معرفة خالقه، فيستدل بها على وجوده، وقدرته، وعظمته، ويستمتع بها في حياته، وما يتعلق بآخرته. لذا فإن القرآن كثيرًا ما يستعمل تلك الحواس لتحقيق هذه الغاية. فهي بهذا وسائل للمعرفة.

 

2. ذكر القرآن الكريم الحواس الخمسة جميعها، وهي (السمع، والبصر، والذوق، واللمس، والشم) على تفاوت في القدر الذي استعمله من كل واحدة منها، فقد دار أكثر ما فيه على الحواس الأربع الأولى، إذ عليها مدار التكليف، فليس الشم نظيرًا لها في الأهمية؛ وإن كان نافعًا، بدليل قلة وروده في القرآن الكريم، وذلك في سياق دنيوي، وفي سياق أخروي احتمالًا لا قطعًا.

 

3. وردت أفعال الحواس في القرآن الكريم بصيغ مختلفة، وهي صيغ الفعل الماضي، والمضارع، والأمر، ولكل من هذه الصيغ استعماله الخاص، ودلالته الخاصة، فقد استعمل القرآن - مثلًا - الفعل المضارع المسبوق بـ(لا) الناهية في المواضع التي ينفي فيها السمع والإبصار عن الكفار، إما بعبارة (لا يسمعون) أو (لا يبصرون). فيفيد استمرار وتجدد نفي السماع والإبصار عنهم.

 

4. اختلفت أفعال الحواس في القرآن الكريم من حيث تعديتها إلى مفاعيلها، إلا أن الغالب عليها التعدي إلى مفعول واحد، وذلك متعلق باقتضاء الحاسة مفعولًا فقط، بحسب السياق والمعنى.

 

5. للمعنى أثر في تعدي أفعال الحواس، فمن أفعال الحواس ما يتعدّى إلى مفعولٍ واحدٍ، إذا دلّ على معنى معين، وإن كان الأصل فيه التعدي إلى مفعولين، كالفعل (رأى) إذ الأصل فيه التعدي إلى مفعولين؛ لأنه من أفعال القلوب، إلا أنه يتعدى إلى مفعول واحد، إذا ورد بمعنى (أبصر) المتعدي إلى مفعول واحد. وكذا الحال إذا أفاد معنى الاعتقاد.

 

وقد يتعدّى فعل الرؤية إلى مفعولين أيضًا، إذا أفاد معنى الظن، إلا أنه قليل، وكذلك إذا أفاد معنى (الرؤية الحلمية)، أو معنى (أخْبِر) الذي تتصل به كاف الخطاب كثيرًا، إذ تبين أن القرآن لم يستعمله إلا في المواضع التي فيها مخاطبة، أو طلب الإخبار عن حالة عجيبة، أو التنبيه. وتبّين أن أمر الكاف كان موضع خلاف بين النحاة من حيث الموقع الإعرابي لها، وقد ذهب الأكثرون إلى أنها حرف خطاب لا محل له من الإعراب.

 

6. اختلف النحاة في بعض أفعال الحواس في القرآن الكريم من حيث التعديه، كتعدي الفعل (سَمِع) إلى غير مسموع، كالذي في قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ ﴾ [آل عمران: 193]، فذهب فريق منهم إلى أنه يتعدى إلى مفعولين ويكون الثاني مما يسمع، إلا أن الجمهور - ومنهم نحاة ومفسرون - ذهبوا إلى أن هذا الفعل يتعدى إلى مفعول واحد، وجعلوا الجملة التي بعد المفعول في موضع الحال على تقدير مضاف محذوف، أو صفة.

 

أما تعدي هذا الفعل إلى مسموع، فقد اتفقوا على أنه يتعدى إلى مفعول واحد، كالذي في قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ ﴾ [ق: 42].

 

7. للزيادة أثرها في التعدية أيضًا، ولاسيما الهمزة، المسماة (همزة النقل)، أو بالتضعيف. فمن أفعال الحواس ما ورد في القرآن الكريم متعديًا إلى مفعولين بهما مثل (ذاق)، في قوله تعالى: ﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ﴾ [هود: 9]، و(أذِّن) في قوله تعالى ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ﴾ [الحج: 27].

 

وقد ورد الفعل (رأى) المتعدي إلى مفعولين، متعديًا إلى ثلاثة مفاعيل بهمزة النقل كالذي في قوله تعالى: ﴿ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ﴾ [البقرة: 167]، فيكون عندئذ من باب (أعْلَمَ) و(أَرَى) المتعديين بالهمزة إلى مفعول ثالث.

 

8. وللتضمين دور في تعدي أفعال الحواس في القرآن الكريم، وذلك بأن يؤدي فعل أو ما هو في معناه، مؤدى فعل آخر أو ما هو في معناه، فيعطى حكمه في التعدية واللزوم، كما في الفعل (سمع)؛ إذ الأصل فيه أن يتعدى بنفسه، إلا أنه تعدى بحرفي الجر (اللام) و (إلى)؛ لتضمنه معنى الإصغاء، والاستجابة اللذين يتعديان بحرف الجر.

 

9. ورد في القرآن الكريم أفعال للحواس تعدت إلى مفعولها بوساطة حرف الجر؛ لكونها لا تتعدى إلا به، فمن ذلك الفعل (نظر) إذا أفاد نظر العين، ويتعدى إلى مفعوله بنفسه في حالتين:

‌أ. إذا عُلِّق عن العمل، إذ تكون الجملة بعده منصوبة بنزع الخافض.

 

‌ب. إذا تضمن معنى الانتظار، كما في قوله تعالى: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ ﴾ [البقرة: 210].

 

وهناك أفعال وردت بهذه الصفة.

 

10. لما كان المفعول به فضلة، جاز حذفه إذا كان ثمة داع لذاك، وقد لوحظ ذلك في القرآن الكريم، إذ استعمل أفعال الحواس في مواضع حذفت منها مفعولاتها، وذلك لغرض من الأغراض كإعمام الفعل، الدال على قدرة الخالق، في مثل قوله تعالى: ﴿ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ ﴾ [مريم: 38]، وإما لتحقيق اتساق الفواصل، وبيان حسن نظم القرآن للكلم، بحيث تأتي تلك الكلمات متسقة اتساقًا تامًا، أو لنفي العلم، وخاصة عن الكافرين. فلا يكون هناك متعلق أو مرتبة من العلم. وقد يكون لغرض الإيجاز في نظم القرآن بحيث تخرج كلماته على هذا النسق المنظم.

 

11. وقد يحذف المفعول به مع أفعال الحواس من غير أن يكون هناك دليل يدل عليه ولا يكون القصد منه إلا إثبات الفعل للفاعل دون ذكر المفعول به.

 

12. ورد في القرآن الكريم أفعال حواس، معلّقة عن عملها؛ لورود ماله صدر الكلام بعدها يمنعها من أداء عملها، إلا أنها تبقى عاملة في المحل، ومنها الفعل (رأى) العلمية، والحق بها (النظر) و (البصر) العلميين.

 

وعلى الرغم من اقتصار التعليق على أفعال القلوب، إلا أنه وردت في القرآن الكريم أفعال معلّقة عن العمل لم تدل على العلم، فمنها ما يتعلق بالرؤية والنظر البصريين، كالذي في قوله - جل جلاله -: ﴿ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى ﴾ [البقرة: 260]، فالرؤية بصرية علّق فيها الفعل عن العمل في المفعول الثاني؛ لأنها متعدية إلى مفعولين بهمزة النقل.

 

أما الفعل (رأى) الذي يفيد الإخبار، فقد ورد في القرآن الكريم معلّقًا بأداة من أدوات التعليق، وذلك في مواضع عدة، منها قوله تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ ﴾ [الأنعام: 40]، وإن كان التعليق فيه موضع خلاف لدى النحاة.

 

13. لوحظ في تعليق أفعال الحواس في القرآن الكريم، أن ما بعد الجملة المعلقة متصل بما قبلها غير منقطع عنها، فلو فصل ذلك بينهما لتفكك الكلام وما استقام. والقرآن موصوف بحسن النظم إلى حد الإعجاز، فكلماته وجمله آخذ بعضها برقاب بعض في اتّساق تام.

 

14. لم يرد في القرآن الكريم من أفعال الحواس ما هو ملغى عن العمل؛ لأن الفعل الملغى لا فائدة فيه، وأفعال الحواس تتحقق منها فائدة، إذ لا يستقيم المعنى إلا بإعمالها، ولذا جاء بها القرآن عاملة.

 

15. تبّين أن القرآن الكريم استعمل أفعال الحواس بصور وسياقات مختلفة، وذلك لتحقيق مقاصده الكبرى في تأكيد قدرته - سبحانه وتعالى - وربوبيته، فأقسم - سبحانه وتعالى - بما يدركه الإنسان بحاسة بصره، وما لا يدركه. فقال: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الحاقة: 38، 39]. فهذا أعم قسم ورد في القرآن الكريم؛ إذ شمل ما يُرى، وما لا يُرى.

 

16. استعمل القرآن الكريم أسلوب القسم المنفي، غير مراد به النفي، بل مراد به تأكيد الخبر، وتعظيم المقسم به بقوله - عز وجل - (لا أقسم). فالله - سبحانه وتعالى - لا يحتاج إلى قسم؛ لأن كلامه حق.

 

وقد جعل القرآن الكريم القسم بأفعال الحواس بصورة مختلفة وأساليب متعددة، منها ما ورد القسم فيه صريحًا - كما مرّ - ومنها ما لم يرد فيه صريحًا، مع وجود ما يدل عليه. وقد تنوعت الدلالات فيه، وذلك للتأكيد؛ لأن الغرض من القسم تأكيد المقسم عليه.

 

17. استعمل القرآن الكريم أسلوب التعجب، وهو مختص بسمع الله - سبحانه وتعالى - وبصره للدلالة على سعة إدراكه - سبحانه وتعالى - للمسموعات والمبصرات، وإن إدراكه خارج عن إدراك السامعين والمبصرين، كما استعمله في التعجب من أسماع الكفار وأبصارهم يوم القيامة بما يشاهدونه من البعث وأمر الله - سبحانه وتعالى - دون إعمال فكرهم.

 

واستعمل القرآن أسلوب التعجب السماعي المتعلق بالمعنى في حوادث تثير التعجب، كاستعماله فعل الرؤية المسبوق بهمزة الاستفهام (أرأيت)، للاستخبار عن حالة عجيبة، أو استعمال فعل الرؤية المضارع المنفي بلم (ألم تر)؟ أو استعمال فعل النظر المصاحب للاستفهام التعجبي (كيف)؟ فكل هذه الاستعمالات التي في القرآن وردت لاستحضار حالة عجيبة يراد التنبيه عليها، أو بيان الهول فيها.

 

18. استعمل القرآن الكريم أسلوب التوكيد بصوره المختلفة مع أفعال الحواس؛ وذلك لأغراض متعددة، لفظية يراد بها تأكيد حالة معينة أو معنوية، وهي رفع المجاز عن فعل الحواس الوارد في التعبير.

 

ويتبين من الباب الثاني المتعلق بالصرف:

19. إن لصيغة الفعل، والزيادة التي تحدث فيه أثرًا في المبالغة والزيادة في دلالة الفعل على دلالته في صيغته المجردة. فمن ذلك صيغة (فعَّل) الواردة في قوله تعالى: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ﴾ [الحج: 27]. فالفعل فيها مزيد بالتضعيف، وقد أفادت الزيادة معنى الكثرة والمبالغة في الأذان، وهو الإعلام بالحج. فهي زيادة في تأكيد وجوب إعلام الناس بالحج، فضلًا عن إفادتها مع أفعال الحواس معانٍ أخر. لذا كان ورودها وتنوعها مع أفعال الحواس لغرض معنوي.

 

20. إن أفعال الحواس كغيرها من الأفعال خضعت لظواهر صرفية مختلفة منها الإدغام، والإبدال. وذلك بقصد تيسير النطق بتلك الأفعال عند وجود أصوات يصعب النطق بها مجتمعة.

 

21. استعمل القرآن الكريم في مواضع عدة الفعل (رأى) محذوفة منه الهمزة، لكثرة استعمال هذا الفعل، ولكون الهمزة من الأصوات الشديدة (Plosive)، التي يلجأ المتكلمون إلى التخلص منها، ولاسيما في صيغة المضارع والأمر. أما الماضي، فلم يرد حذفها فيه إلا في الشعر. وذلك إذا كانت تلك الصيغ مشتقة من الفعل المجرد، أما إذا كان الفعل مزيدًا بالهمزة، فقد حذفت منه في الماضي، والمضارع، والأمر، كحذفها في (ألم تر)؟. وفي (أَرِني)، وغيرهما.

 

ويتبين من الباب الثالث المتعلق بالدلالة:

22. إن القرآن الكريم استعمل أفعال الحواس بدلالات مختلفة منها دلالات حسّية (حقيقية)، وأخرى معنوية (مجازية). فقد استعمل مثلًا الفعل (سمع) بدلالته الحسّية، وهي إدراك الصوت بالأذن، واستعمله بدلالته المعنوية المجازية، كالدلالته على القبول والطاعة، أو على معنى العلم، أو على التدبر والإنصاف، أو على الإصغاء.

 

23. استعملت أفعال الحواس بدقة في القرآن الكريم، ووضعت في الموضع والسياق المناسب ويتبين ذلك - مثلًا - في استعمال فعل الذوق في سياق الرحمة، وسياق العذاب في الدنيا ليدل على أمرين:

الأول: إن مقدار الرحمة أو العذاب اللذين ينالهما الإنسان في الدنيا قليل إذا قيس بما يناله في الآخرة منهما.

 

والآخر: إن لذوق الشيء تأثيرًا كبيرًا في النفس أكثر من غيره. فلما كان للذوق ذلك التأثير، استعمله القرآن في سياق العذاب ليدل على شدته.

 

24. تبين من استقراء سياقات أفعال الحواس، أن القرآن كثيرًا ما يقرن السمع بالبصر، ويقدم في أكثر المواضع السمع عليه. ويرجع ذلك لدى جمهور أهل العلم إلى أفضلية السمع على البصر، وإن كان هناك من فضل للبصر على السمع.

 

25. كان القرآن الكريم دقيقًا في استعماله لأفعال الحواس، إذ هو يستعمل الفعل في الموضع الذي يلائم السياق الذي ورد فيه، كاستعماله الفعل (آنس) للدلالة على رؤية النار في برية ليس فيها سوى الظلمة والوحوش، لما لرؤيتها في مثل هذا الموقع من إيناس الناظر إليها، ورفع الوحشة عن نفسه.

 

26. استعمل القرآن الكريم أفعال الحواس في تصوير مظاهر الحياة الدنيا، وفي تصوير مظاهر يوم القيامة؛ لأن هذه المظاهر تدرك بتلك الحواس.

 

وبعد: فهذه أهم النتائج التي في هذا البحث أختمها بحمد الله، والصلاة على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين، والحمد لله ربّ العالمين.

 

الفهرست

الموضوع

الصفحة

- المقدمة

أ

- تمهيد

1

المبحث الأول: مفهوم الحواس

1

المبحث الثاني: الإعجاز في خلق آلات الحواس

7

الباب الأول

وجوه النحو في أفعال الحواس

14

الفصل الأول: تعدي أفعال الحواس

14

المبحث الأول: تعدي أفعال الحواس بذاتها

14

(1) تعدي الفعل بذاته إلى مفعول واحد

15

(2) تعدي الفعل إلى مفعولين

20

(3) تعدي الفعل إلى ثلاثة مفاعيل

29

المبحث الثاني: تعدي أفعال الحواس بالواسطة

31

المبحث الثالث: حذف المفعول مع أفعال الحواس ودواعيه

37

المبحث الرابع: التعليق والإلغاء في أعمال أفعال الحواس

42

(1) التعليق في أفعال الحواس

42

(2) الإلغاء في أفعال الحواس

49

الفصل الثاني: صور أفعال الحواس وسياقاتها

51

المبحث الأول: صور أفعال الحواس

51

(1) القسم مع أفعال الحواس

51

(2) التعجب

57

المبحث الثاني: سياقات أفعال الحواس

63

(1) البناء للمجهول

63

(2) التوكيد

66

الباب الثاني

وجوه الصرف في أفعال الحواس

70

الفصل الأول: معاني صيغ الفعل الثلاثي المزيد من أفعال الحواس

70

المبحث الأول: معاني صيغ الفعل الثلاثي المزيد بحرف واحد

70

(1) صيغة (أفْعَلَ)

71

(2) صيغة (فَعَّلَ)

73

المبحث الثاني: معاني صيغ الفعل الثلاثي المزيد بحرفين

74

(1) صيغة (تَفَعَّلَ)

74

(2) صيغة (تَفاعَلَ)

75

(3) صيغة (افْتَعَلَ)

76

الفصل الثاني: الظواهر الصرفية في أفعال الحواس

78

المبحث الأول: الإدغام

78

(1) الإدغام الكبير

79

(أ) إدغام الدال في السين

79

(ب) إدغام التاء في السين

80

(ج) إدغام اللام في التاء

82

(د) إدغام العين في الغين

82

(هـ) إدغام الباء في الباء

83

(2) الإدغام الصغير

83

المبحث الثاني: الإبدال

86

(1) إبدال التاء طاء

86

(2) إبدال التاء سينًا

87

(3) إبدال النون ميمًا

88

(4) إبدال الياء همزة

89

المبحث الثالث: الإعلال

90

(1) الإعلال بالحذف والتسكين

91

(2) الإعلال بالقلب

94

الباب الثالث

دلالة أفعال الحواس

97

الفصل الأول: دلالة أفعال السمع والبصر

97

المبحث الأول: دلالة أفعال الحواس

97

(1) دلالة الفعل (سَمِعَ)

97

(2) دلالة الفعل (أذِنَ)

109

(3) دلالة الفعل (صغى)

112

(4) دلالة الفعل (نَصَتَ)

114

المبحث الثاني: دلالة أفعال البصر

116

(1) دلالة الفعل (بَصُرَ)

116

(2) دلالة الفعل (نَظَرَ)

121

(3) دلالة الفعل (رَأى)

130

(4) دلالة الفعل (آنَسَ)

139

الفصل الثاني: دلالة أفعال الذوق - واللمس - والشم

143

المبحث الأول: دلالة أفعال اللمس

143

(1) دلالة الفعل (ذَوق)

143

(2) دلالة الفعل (طَعُمَ)

149

المبحث الثاني: دلالة أفعال اللمس

153

(1) دلالة الفعل (لَمَسَ)

153

(2) دلالة الفعل (مَسَّ)

157

(3) دلالة الفعل (الشّم)

161

- الخاتمة

163

- المصادر والمراجع

169

- ملخص باللغة الإنكليزية

213





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • الحواس الخمس: الحاسة الخامسة (الأنف)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الحواس الخمس: الحاسة الرابعة (الجلد)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الحواس الخمس: الحاسة الثالثة (اللسان)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الحواس الخمس: الحاسة الثانية (السمع)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الحواس الخمس: الحاسة الأولى (العين)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • علامات الفعل والحرف(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الحواس في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تكامل الحواس وتظافرها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل تعمل الحواس الخمس عند الجنين؟(مقالة - موقع د. محمد السقا عيد)
  • مخطوطة رسالة في الحواس الخمسة(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب