• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / الرسائل العلمية / رسائل دكتوراة
علامة باركود

الأسس اللغوية للدراسات الكلامية بين المعتزلة والأشاعرة: الزمخشري والرازي نموذجا

د. محمد شلبي محمد

نوع الدراسة: PHD
البلد: مصر
الجامعة: جامعة القاهرة
الكلية: كلية دار العلوم
التخصص: قسم الفلسفة الإسلامية
المشرف: أ. د. محمد السيد الجليند
تحميل الملفتحميل ملف الرسالة

تاريخ الإضافة: 24/2/2018 ميلادي - 8/6/1439 هجري

الزيارات: 26534

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص الرسالة

الأسس اللغوية للدراسات الكلامية بين المعتزلة والأشاعرة

الزمخشري والرازي نموذجًا

مقدمة البحث

الحمد لله الذي حنى جلاله جباه الملائكة المقربين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، المبعوث بالحق المبين.

وبعد، فهذا بحث بعنوان:

"الأسس اللغوية للدراسات الكلامية بين المعتزلة والأشاعرة، الزمخشري والرازي نموذجًا"

عنوان هذا البحث يتناول نقاطًا محددة: أن للغة العربية أسسًا، وأنها وُظِّفت في علم الكلام، وأن أظهر من وظفها المعتزلة والأشاعرة، وأن الزمخشريَّ أظهرُ من وظفها من المعتزلة، والرازيَ أظهرُ من وظفها من الأشاعرة، وذلك عن طريق تفسير كل منهما للقرآن الكريم.

أما الأسس اللغوية:

فتتمثل في دلالة محاور أربعة: الدلالة المعجمية والنحوية والصرفية والمجازية، والمراد دراسته في هذا البحث ما كان منها خاصًّا بباب العقيدة، فتناول الدلالة المعجمية والصرفية على مستوى المفردات، والنحوية والمجازية على مستوى التراكيب، ثم عقب بعد كل جانب بالقيمة العقدية له، وقد راعى البحث وضع ضوابط للاستعمال المجازي؛ تفصل في مسائل الخلاف، وتبين الصواب من الخطأ في قضية التأويل.

ثانيًا: وقع الاختيار على فرقتي المعتزلة والأشاعرة للأسباب التالية:

1- تعتبر المعتزلة والأشاعرة أعظم فرقتين تناولت كل منهما قضايا العقيدة.

2- تعتبران أعظم فرقتين اهتمتا بالدلالة اللغوية للنصوص الشرعية.

3- نجد أن المعتزلة والأشاعرة أكثر فرقتين مرتبطتين كل بالأخرى، بحكم ظروف النشوء، حيث مثل رأس الأشعرية أبو الحسن الأشعري تلميذًا لدى المعتزلة في وقت من الأوقات، هذه التلمذة لم تندرس أثارها فجأة بانفصال أبي الحسن عن شيخه الجبائي، فقد بقيت لها آثار ظهرت في متأخري الأشعرية، ممن انتحى منحى المعتزلة في التأويل، ويمثل الرازي أظهر مثال على هذا التأثر.

4- لم أجد فرقة تعرضت لآراء فرقة أخرى كما تعرض الأشاعرة للمعتزلة، سائرين على نسق الأشعري في هدم آراء المعتزلة، رغم اتفاق متأخريهم مع المعتزلة في بعض القضايا، إلا أن الظاهر العام هو انتقاد الفكر المعتزلي.

ثالثًا: وقع الاختيار على الزمخشري ممثلًا للمعتزلة، والرازي ممثلًا للأشاعرة للأسباب التالية:

1- أن الزمخشري والرازي أكثر علماء الكلام اهتمامًا باللغة، فالزمخشري لغوي متكلم، والرازي متكلم لغوي، حيث كان في جل معالجاته لقضايا العقيدة – خاصة في تفسيره – يحاول أن يجعل الدلالة اللغوية شافعة للمذهب العقلي، وينطلق من أصول دلالة الألفاظ، ويوظف النظريات الدلالية في غالب مناقشاته وردوده.

2- أن الرازي كان معنيًا بتعقب آراء أشخاص محددين من المعتزلة، يمثل الزمخشري أكثرهم تعرضًا لتعقبات الرازي.

رابعًا: وقع الاختيار على تفسيري الزمخشري والرازي كأساس للدراسة، مع الاستعانة بسائر كتب الرجلين، للأسباب التالية:

1- أن النصوص الشرعية التي يستنبط منها عناصر العقيدة غالبها من الآيات القرآنية.

2- أن فهم النص القرآني ينبني أساسًا على فهم الدلالة اللغوية، فكان التفسير المبين عن المراد من خلال دلالات الألفاظ هو أنسب موضوع لتطبيق الدراسة.

3- أن القرآن الكريم مادة متكافئة بين الزمخشري والرازي للمقارنة، حيث فسر كل منهما كامل القرآن وتعرض لنفس الآيات، بخلاف كتب الرجلين الأخرى؛ فهي غير متكافئة حيث كثر في هذا الجانب تصنيف الرازي وقل تصنيف الزمخشري، فلم يوجد له إلا كتاب واحد في أصول الدين، ويكاد يكون كله عرض عقلي لقضايا العقيدة، بخلاف تفسيره.

الدافع إلى البحث:

إن العقيدة الإسلامية أعظم أبواب الإسلام خطرًا إذا خالف فيه المسلمون، وأكثرها خلافًا إذا اختلفوا فيه؛ ويتمثل خطره في أنه الفاصل بين الولاء والعداء في حكم الدنيا، والفاصل بين الجنة والنار في حكم الآخرة، وقد رأيت الأمة ابتليت في هذا الباب بلاء شديدًا، حتى صارت الحروب الناتجة عن الخلاف العقدي أكثر وأشرس من تلك الناتجة عن الخلاف السياسي، والمستقرئ لتاريخ الأزمات في هذه الأمة يجده متزامنًا مع الخلاف العقدي.

إن الأفكار تحرك السلوك، وإن القلوب تقدس الأفكار، فالفكرة العقدية المقدسة تحرك اليد واللسان كما لا يحركهما شيء آخر في نشاطات البشرية، فإذا استقامت الفكرة استقام السلوك وإذا اعوجت الفكرة اعوج السلوك.

ولقد رأيت اللغة العربية هي السبب الواصل بين المتكلم والمخاطَب، وأنها بالضرورة الفاصل بين موارد النزاع، إذا فُهِمت حق الفهم وروعي فيها حد الاستعمال الذي تنبني عليه مسألة البيان، ولكن الذي حدث أنها صارت وسيلة عظمى لتأسيس الخلاف، وانتصار كل فريق لمذهبه - إذا أفلح في توظيف دلالاتها بصورة مقنعة – ثم صار يتعصب كل فريق لمذهبه حتى عادى عليه سائر المذاهب، وتجاوز هذا العداء إلى تكفير المخالف، وهي أعظم طامة أصيب بها البحث الكلامي في تاريخ الأمة الإسلامية، وذلك حين تجاوز البحث حدود ضوابط العربية.

لذلك أردت أن أفرد لهذه الظاهرة بحثًا يوطئ لمقصد الوحدة، ويلم شعث الخلاف، ويفصل في مسائله التي تشعبت، ثم رأيت أن أوسع دائرة البحث - رغبة في قيمة الثمرة – ليشمل أظهر مسائل علم الكلام التي اختلف فيها المسلمون، من الإلهيات والنبوات والقدر والسمعيات.

ولذلك جعلت هذا البحث لبيان أربعة أمور رئيسة:

الأول: كيف اعتمد كل من المعتزلة والأشاعرة على اللغة لتأييد ما ذهب إليه كل منهما.

الثاني: أن اللغة العربية بها من الضوابط ما يصلح لبيان الراجح من المرجوح.

الثالث: أن المقصد الأصلي لكل مذهب هو التنزيه أو إثبات الكمال الإلهي من الوجهة التي يرى.

الرابع: أن الخلاف العقدي إذا كانت اللغة وسيلة له، فهو مقبول.

وسوف أبين الأمر الأول والثاني من خلال تناول مفصل، فالأمر الأول أتناوله من خلال عرض الأسس اللغوية التي اعتمد عليها كل فريق في تقرير مذهبه، والثاني أتناوله من خلال مناقشة هذه الأسس في ضوء ضوابط الدلالة اللغوية، وكذلك الثالث أبينه من خلال بيان وجهة نظر المذهب في القضية العقدية، والرابع أتناوله من خلال التعليق على الرأيين المختلفين مبينًا مقصد كل فريق من التنزيه وإثبات الكمال الإلهي لله تعالى؛ وذلك "ليتبين لنا في النهاية أن معظم هذه الخلافات يدور حول اختلاف مفهوم المصطلح، أو اختلاف النظرة إلى القضية الواحدة من زاوية إلى أخرى" [1].

فالنظام الدلالي للغة العربية وإن كان يبرر – بمقدار – هذا الخلاف الذي نشب بين الفرق الإسلامية عقودًا متتالية، فهو يفصل فيه كذلك بناء على مدى الالتزام بالضوابط اللغوية التي أقرها الاستعمال، وأيا كان الأمر فالخلاف إذا انبنى على اللغة العربية خفف ذلك من غلواء الانشقاق والعداء والتكفير الذي أظل مساحة واسعة من الأمة تاريخيًّا وجغرافيًّا.

ولذلك أردت أن أجعل هذا البحث كالحكم بين المختلفين من طوائف المسلمين في مسائل العقيدة، ولم يكن الحكم لمجرد تمييز المخطئ من المصيب، وإنما كذلك لبيان ما يمكن رده إلى دائرة واحدة وما لا يمكن رده، وما يمكن قبوله من مسائل الخلاف وما لا يمكن قبوله، ولقد استبنت خلال سنوات الدرس والبحث أن هذا الرد كما يكون بتحديد دائرة الرفض، فقد يكون كذلك بتوسيع دائرة القبول، فتبيين الصواب العقدي ودعوة الناس إليه أول مسؤولية للباحثين في العقيدة، وكذلك التفريق بين المذهب الذي رغم مخالفته يمكن أن يظل داخل دائرة العقيدة والمذهب الذي بالضرورة يخرج عن هذه الدائرة هو مسؤولية هذا الباحث كذلك؛ فلقد شهد تاريخ العقيدة الإسلامية من اختلاف التنوع ما شهد من اختلاف التضاد، وسوي بين الاختلافين في الرفض والإنكار حتى شملهما معًا حكم التكفير!!.

منهج البحث:

أما منهج التناول فقد سلكت في هذا البحث منهج الاستقراء؛ حيث كان لزامًا جمع كل المادة التي تتعلق بالمعالجة اللغوية لقضايا العقيدة لدى الرازي والزمخشري، فاقتضى ذلك استقراء غالب قضايا الكلام لديهما، أولًا واستقراء النصوص القرآنية التي تعرضا لها ثانيًا.

ثم رتبت هذه القضايا بحسب المدروس في علم الكلام: الإلهيات ثم النبوات ثم السمعيات والقدر، وقد ألحقت القدر بباب السمعيات؛ لأني أرى طريقه طريق السمعيات في الثبوت، فلولا أن الله تعالى أخبرنا أنه قدر مقادير الخلائق لما استطاع الإنسان التوصل لهذه القضية بالعقل وحده.

وقد رأيت أن أرصد الأسس اللغوية التي وظفها كل من الزمخشري والرازي مترتبة على مسائل علم الكلام؛ وذلك لأن عكس خريطة البحث بحيث يرتب بحسب الأسس اللغوية ثم يدرج تحت كل أساس منها مجموعة المسائل الكلامية الخاصة به سينتحي بالبحث إلى مجال اللغة أكثر من مجال علم الكلام، وكذلك لن يعطي فرصة لعرض المسألة الكلامية بصورة مفصلة.

وأما منهج الإعداد، فقد سلكت فيه التالي:

1- عرض عام للقضية الكلامية عند المعتزلة ثم الأشاعرة.

2- عرض تفصيلي الفكرة لدى الزمخشري ثم الرازي.

3- مناقشة آراء كل منهما بعد عرضها مباشرة، وقد جعلت المناقشة من خلال مذهب أهل السنة والجماعة وهو المذهب الذي يعبر عن فكري العقدي، وقد جعلته كالميزان بين الفرقتين.

وأما فنيات التأليف، فقد سلكت التالي:

بالنسبة لعزو النصوص، جعلت بيانات المصدر تفصيلية لأول مرة يذكر فيها، ثم أكتفي في المرات الأخرى بمجرد اسم المؤلف والكتاب والصفحة؛ نظرًا لوجود البيانات التفصيلية في فهرس المصادر والمراجع.

بالنسبة للتراجم، تركت الترجمة للمشاهير، واقتصرت على ما تفيد الترجمة لهم لكونهم:

1- غير مشاهير في الترجمات، نحو السِّلَفي، وابن المنير، وابن الوزير، والسرخسي، وغيرهم.

2- ملتبسة أسماؤهم بغيرهم، كأبي سعيد الدارمي، صاحب النقد على المريسي، حيث يشتبه بالدارمي المحدث، والألوسي صاحب المحاكمة، حيث يلتبس بالألوسي المفسر، وابن الأنباري أبي بكر حيث يلتبس بابن الأنباري أبي البركات.

3- من المتخصصين في العقيدة أو المتعلقين بها من اللغويين: كابن العربي، والنحاس.

هيكل البحث:

قد جعلت البحث في مقدمة وثلاثة أبواب، كل باب في فصول وكل فصل في مباحث، كالتالي:

المقدمة: وقسمتها ثلاث مقدمات، مقدمة أتناول فيها تعريفًا بعمل الباحث، ومقدمة أتناول فيها تعريفًا بفكرة البحث، وكيف أن التنزيه أكبر مقصد للتوحيد وأعظم دافع وراء الخلاف العقدي كذلك، والمقدمة الثالثة ترجمت فيها لشخصيتي البحث: الزمخشري والرازي.

الباب الأول: الدلالة اللغوية وأسسها وقيمتها العقدية:

ورأيت أن أُخْلِصَه لبيان طبيعة اللغة العربية التي هي أساس في فهم النصوص وأساس في قضية البحث، فعرضت فيه أربعة فصول:

الأول: الدلالة المعجمية، وتناولتها من خلال الدال، أي الجهة التي تحدد الدلالة، شرعية كانت أو عرفية إلى سائر ذلك، ومن خلال المدلول، أي نوع الدلالة التي يتحدد بها المعنى، ثم عقبت بقيمة الجهتين في قضايا العقيدة، وكيف توظف في فهمها.

الثاني: الدلالة الصرفية، وتناولت فيه الجوانب الدلالية للقوالب الصرفية، الأصلية والمضافة، وعقبت كذلك بقيمة الدلالة الصرفية في قضايا العقيدة.

الثالث: الدلالة النحوية، وتناولت فيه طبيعة الدلالة النحوية، وأثر التركيب النحوي في توجيه معاني الكلام، وعقبت بالقيمة العقدية للعناصر النحوية كذلك.

الرابع: الدلالة المجازية، وفيه تناولت مفهوم المجاز، وموقف النافين والمثبتين له، ووضعت له عدة ضوابط لتحديده والتفريق بينه وبين الحقيقة.

الباب الثاني: الأسس اللغوية لمبحث الإلهيات:

وخصصته في بحث قضايا الإلهيات بين المعتزلة والأشاعرة، وجاء في ثلاثة فصول:

الأول: صفات الذات الخبرية، فتناولت في مبحث موقف الزمخشري والرازي من هذه الصفات، وفي مبحث ثان تناولت أمثلة لتوظيف الزمخشري والرازي الأسس اللغوية في تأويل صفات الذات الخبرية.

الثاني: صفات الذات العقلية، في مبحثين كالسابق سواء بسواء.

الثالث: صفات الأفعال، في مبحثين كسابقيه.

هذا وقد تركت في هذا الباب عرضَ القضايا الخاصة بالأسماء الإلهية لكوني لم أجد لدى الزمخشري والرازي ما يقيم فصلًا تامًّا صالحًا للمقارنة بينهما، ولكون قضايا الصفات أكثر أهمية في البحث الكلامي من قضايا الأسماء الإلهية.

الباب الثالث: الأسس اللغوية للنبوات والسمعيات والقدر:

وقد جاء هذا الباب شاملًا أكثر من موضوع حتى يتوازن مع الباب الثاني، حيث إن مقدار البحث في الإلهيات استهلك غالب نقاشات المتكلمين، وتبعته النبوات قليلًا ثم السمعيات بصورة أقل؛ ولأن السمعيات متصلة بالنبوات من حيث تتعلق السمعيات بالرسالة والنبوات بالرسل، وجعلت القدر ملحقًا بالسمعيات لكوني أراه مشابهًا لها في طريق الثبوت، وجاء الباب في فصول ثلاثة:

الأول: النبوات، وتناولت فيه ثلاثة مباحث: أحدها عن قضايا النبوات بين الرجلين، وثانيها قضايا القرآن الكريم بينهما، وثالثها قضايا الإيمان والكفر، وقد رأيت أن المباحث الثلاثة متصل بعضها ببعض، فالرسالة تتحقق بالكتاب المرسل، وكلاهما يتعلق به كفر وإيمان.

الثاني: مسائل القدر بينهما، وجاء في أربعة مباحث أيضًا، قدمت لها بإجمال القضية لدى المعتزلة والأشاعرة ثم تفصيلها لدى الزمخشري والرازي في المباحث التي أحدها: مفهوم القدر وثبوته، وثانيها: قضية خلق الشر، وثالثها: خلق الهدى والإيمان وخلق الضلال والكفر، وجعلت المبحث الثاني ممهدًا للمبحث الثالث، وجعلتهما معًا ممهدين للمبحث الرابع: خلق أعمال العباد، وهو قضية القضايا في هذه الباب.

الثالث: مسائل الجزاء بين الزمخشري والرازي، وجاء في خمسة مباحث، كل عنصر في مبحث خاص، الأول: عذاب القبر، والثاني: الثواب بين الوجوب والتفضل، والثالث: جزاء أهل الكبائر، والرابع: قضية الشفاعة، والخامس: قضية خلق الجنة والنار.

ثم ختمت البحث بخاتمة فيها أهم ما توصل إليه البحث من نقاط.

بعض نتائج البحث

قد أردت أن يكون هذا البحث خطوة في سبيل وحدة الأمة من جهة، وخطوة لبيان قيمة العربية في فهم العقيدة من جهة أخرى، فأما الأولى فقد بينت أن الخلاف العقدي منه المقبول الذي حد قبوله توسل المخالف باللغة التي هي مفتاح الفهم، وأن يكون خلافه في فروع الدين، وألا يورث خلافه سلوكًا عمليًّا ينقض يناقض أعمال الإسلام، وأما الثانية فقد بينت أن العربية فيها من الضوابط ما يمكن معه الفصل في الخلاف العقدي ورأب الصدع بين الفرق الإسلامية.

وتضمن البحث كذلك إنكار التأويل كأساس لفهم النصوص؛ لأنه لا يعقل أن يكون أصل خطاب الله تعالى للمكلفين هو بباطن المعاني وبعيد المعاني وأن يكون الفرع هو ظاهر المعاني، وإنما الأصل حمل الكلام على ظاهره ما لم تقترن به قرينة صارفة للمعنى عن الظاهر، والذين يرون التأويل هو الاجتهاد وأن رفض التأويل في مواطن حبس للاجتهاد وحجر للعقل دعواهم داحضة، فمن غير المؤولين أناس فتحوا للعقل أبوابًا لم يستطع غلقها أحد من بعدهم، كابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهم كثير، وإنما الاجتهاد ينبغي أن ينبني على اللسان العربي وأن ينطلق من استعمال المتكلمين به، فإذا انفصل اجتهاد العقل عن لسان العرب فأنى له التوصل إلى مراد الخطاب؟!.

ونريد في هذا السياق أن نلخص أهم النقاط التي توصل إليها الباحث:

1- أن الفرق الإسلامية يجمعها من أصول العقيدة ما يربط بينها جميعًا على العموم، بغض النظر عن استقلال بعض الأفراد المنتمين إليه فرقة من الفرق، المستقلين بآراء وأفكار قد تخرج عن الأصول.

2- أن الخلاف العقدي بين الفرق جاء في جانب الفروع التي لا ينبني عليها سلوك عملي يضر صاحبه في الآخرة.

3- أن الخلاف العقدي في هذه الفروع فيه من المقبول أكثر مما فيه من المرفوض، وأن النظر ينبغي أن يلتفت إلى الجزء المقبول الكثير، حتى ينهدم جدار العداء بين المسلمين.

4- أن تنزيه الله تعالى عن النقائص وإثبات الكمال له تعالى كان هو المقصد الأعظم الذي يفسر مواقف الفرق من نصوص العقيدة، فمن نفى نفى للتنزيه ومن أثبت أثبت للكمال، وهذا المقصد ينبغي أن يلاحظ ولا يهمل عند نظرة كل فريق للآخر.

5- أن حديث الفرق لا يعني أن كل من خالف في الفروع في النار، ولا أن الذي في النار منهم خالد فيها.

6- أن اللغة العربية هي مفتاح الفهم لنصوص هذا الدين، وبغير فهمها لا يمكن لإنسان أن يتدين.

7- أن الفرق الإسلامية حين اختلفت دلل كل منهم على مذهبه من منطلقين: المنطلق العقلي، والمنطلق اللغوي، واعتبروا أن العقل قطعي في حكمه وأن اللغة ظنية في دلالتها، فكان ذلك بعدًا عن الصواب.

8- أن اللغة العربية ليست ظنية في دلالتها على العموم، وإنما تكون قطعية في مواطن وظنية في مواطن، وكل نصوص العقيدة قطعية الدلالة.

9- الحاكم في قطعية الدلالة اتباع ضوابط الاستعمال الذي ينبني عليه الفهم والإفهام، وبإهمال الاستعمال يضيع ثبوت الدلالة.

10- أن الأسس اللغوية التي وظفها الزمخشري والمعتزلة والرازي والأشاعرة للتدليل على مذاهبهم العقدية شملت جوانب الدلالة في اللغة العربية كلها: الجانب المعجمي، والنحوي، والصرفي، والتركيبي.

11- أن هذه الإمكانات اللغوية الكبيرة للدلالة العربية على المستوى المعجمي والنحوي والصرفي، وعلى مستوى النظريات الدلالية والبلاغية، كانت سببًا لتأسيس الخلاف، وفي ذات الوقت جاءت عذرًا لقبول المخالف.

12- أن قضية المجاز ثابتة في اللغة العربية اتفاقًا بين المسلمين جميعًا، وأنها واقعة في القرآن كذلك – على خلاف بينهم - ولكن بضوابط تفرق بين الاستعمال المجازي والاستعمال الحقيقي.

13- من ضوابط التفريق بين المجاز والحقيقة: أنه لا مجاز في الكلمة المفردة، وأن المجاز يثبت الحقيقة، وأنه لا يمتنع نفيه ولا يقبل القياس ولا يؤكد ولا يثنى، ويضبط بالاستعمال، وأنه يجب أن يراعى فيه كثرة الاستعمال ودلالة الالتزام وقرينة السياق المكتوب ومناسبة الحال الذي قيل فيه الكلام ومعرفة حال المتكلم به والمخاطب، ومراعاة مقصد المتكلم، وأنه يحمل على الحقيقة ما تساوت فيها الدلالتان.

14- أن المجاز المرسل والكناية التي أُوِّلَت بها النصوص العقدية يحكمها ضابط الاستعمال، وهي تابعة للمجاز في أن الجميع يدل على أصل حقيقي للمعنى.

15- أن ملاحظة الدلالة المعجمية ضروري لفهم الألفاظ العقدية.

16- أن الألفاظ العقدية التي يشترك فيها الخالق والمخلوق تحمل على ظاهرها بغير مانع ولا خوف نقص طالما ناسب معناها من تعلقت به، فالنقص يتصور فقط عند فهم أن الصفة بكيفيتها لدينا تنسب لله تعالى، وهذا غير واقع، ولا هو منطوق النصوص ولا هو مفهومها.

17- أن الصفات الإلهية الخبرية والعقلية وصفات الأفعال تحمل على قاعدة: القول في الصفات كالقول في الذات، فالفارق بين ذاته تعالى وذواتنا كالفارق بين صفاته تعالى وصفاتنا.

18- أن الأنبياء معصومون في باب النبوة من كل صغير وكبير، ومعصومون في باب البشرية من الذنوب التي تستحق التوبة، ولهم صغائر تخرج على باب: مخالفة الأولى، ولا يفعلون الذنوب تعمدًا مهما صغرت.

19- أن الإيمان قول وعمل، يثبت بهما، ويزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.

20- أن جميع المسلمين يتفقون على إثبات القدر في الإسلام، إلا ما كان من إنكار المعتزلة لتقدير الله الهدى والضلال، وأنهم جميعًا يتفقون على أنه لا جبر في الإسلام، وإنما هو كتابة العلم عند المعتزلة، والكسب عند الأشاعرة، وخلق الفعل عند أهل السنة.

21- أن الله تعالى يخلق الشر لحكمة تقتضيه ولا يخلق شرًّا محضًا، فكل شر في وجوده خير من وجه ما.

22- أن خلق الله تعالى أفعال العباد لا يعني جبرهم عليها؛ لأن قولنا: "أفعال العباد" ينسب فعلها إليهم، وإنما لما كان القادر على الإيجاد واحدًا فقط وهو الله تعالى، كان هو الذي خلق لهم ما يفعلون، فما كان من خير فكما خلق الخير، وما كان من شر فكما خلق الشر.

23- أن كل ما ثبت في الأحاديث الصحيحة مما يكون بعد الموت ينبغي أن يثبته المسلمون، وكل الحقائق غيبية وشهودية سواء في الثبوت، وكل غيب ثبت في عقيدة المسلمين هو شهادة بعد حين.

24- أن الشفاعة ثابتة لعصاة المسلمين؛ لأن إثباتها لمن لا يحتاج إليها عبث، والقول بأنها للمطيعين لزيادة الثواب خطأ حيث لا يريد العرب ذلك المعنى في استعمالهم لفظ الشفاعة.

 



[1] أ. د. محمد السيد الجليند: عقيدة بلا مذاهب، ص: 34، المكتبة الأزهرية، 1437 هـ، 2015م.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • الأسس العلمية اللغوية لتعليم اللغة البشرية من منظور اللسانيات(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من الظواهر اللغوية: الحذف (1)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الأغلاط اللغوية بين الصحيح والفصيح "مباحث لغوية من وحي مجالسة علماء كبار" (PDF)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • المادة اللغوية في القواميس العربية، وأبرز قضاياها(مقالة - حضارة الكلمة)
  • البنيوية اللغوية الأمريكية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الدلالة اللغوية: اعتباطيتها وقيمتها عند دي سوسير(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الدراسة المعجمية: الأسس والتقاطعات(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من الظواهر اللغوية: التقديم والتأخير (1)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الرقابة اللغوية (الأمن اللغوي)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الإفهام والإقناع في بلاغة الجاحظ: الأسس والتجليات(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب