• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / العيد سنن وآداب
علامة باركود

خطبة عن عيد الفطر

د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/5/2021 ميلادي - 30/9/1442 هجري

الزيارات: 19957

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن عيد الفطر

 

الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار الكريم الغفار، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، ومصطفاه وخليله صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه ما تعاقب الليل والنهار.

 

اتقوا الله عباد الله، اتقوه حق تقاته؛ فإن من اتصف بالتقوى جعل الله له من أمره يسرًا، ومن كل ضائقة مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب؛ يقول تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2]، ويقول: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4].

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.


الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.


إنه العيدُ جاء ضيفًا عزيزًا
فاكتبوا بالْمداد فيض التهاني
كبّرُوا الله علَّ تكبيرة العيد
تضخ الضمير في الشريان
زلزلت فِي القديم إيوان كسرى
هل تَهز الغداة كسرى الزمان؟


عباد الله، لما كانت قلوبنا تُردد التكبير مع الألسن نُصرنا بالرعب مسيرة شهر وأحكمنا الأمر.

 

عباد الله، إن تكبيرنا في العيد إعلان لانتصار الدين على الدنيا، والآخرة على الأولى، فالله أكبر من الدنيا ولذائذها، والله أكبر من كيد الأعداء: ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].

 

لقد دخلنا الأندلس لما كان نشيد طارق بن زياد في العبور «الله أكبر»، وبقينا فيها زمانًا كانت الهمة تغلب الشهوة، فلا تعظيم إلا لله، ولا توكل إلا على الله، ولا لجوء إلا إلى الله، فهو المستعان وعليه التكلان.

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.


أيها المسلمون، منذ أيام استقبلنا شهر رمضان، وبالأمس ودَّعناه مرتحلًا عنا، شاهدًا لنا أو علينا، وفي صبيحة هذا اليوم الأغر، يوم عيد الفطر المبارك، غدوتم إلى رب كريم، يَمُنُّ بالخير ثم يُثيب عليه الجزيل، لقد أُمرتم بقيام الليل فقُمتم، وأُمرتم بصيام النهار فصمتم، وأطعتم ربكم، فاقبضوا جوائزكم، وارجعوا راشدين إلى رحالكم، فإن ربكم قد غفر لكم، ويوم القيامة يُنادَى على الصائمين: أن ادخلوا الجنة من باب الريان، ثم تلقون ربكم في جنات النعيم، فتفرحون بصومكم.

 

إننا إخوة الإيمان أمة الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.

إذا اشتكى مسلم في الهند أرقني *** وإن بكى مسلم في الصين أبكاني

 

إننا لا نريد أن ننسى في غمرة فرحتنا بالعيد إخوةً لنا يُقاسون الكرب والشدة، والجوع والعذاب، والضر والبلاء؛ لا لشيء إلا لأنهم مسلمون مؤمنون موحدون. حربٌ على الإسلام شعواء يؤجج نارها ويذكي سعارها عُبَّاد الصليب وعباد العجل وعباد الطبيعة.

 

ولئن كان بعضنا ينام ملء عينيه، فإن من إخوانه المسلمين من قد حُرم لذَّة النوم؛ إما خائفًا يترقب أو باكيًا يتعذَّب، ولئن كان بعضنا يضحك ملء فيه، فإن من إخوانه في العقيدة من جفَّت مآقيه من البكاء، وإن كان منا من يأكل حتى لا يجد مكانًا للطعام إلا صناديق النفايات، فإن من إخوانه في الدين من لا يجد ما يسد به رَمقه ولو من كسرة خبز أو شربة ماء، بل ربما مات بعضهم جوعًا ومات بعضنا تُخمة وشِبَعًا، ولئن كان بعضنا يلبس الجديد بأشكاله وألوانه لكل موسم لباسه، من صيف وشتاء وأعياد ومناسبات، فإن من إخواننا المسلمين من لا يجد ما يستر به جسده إلا قليلًا، ولربما مات بعضهم في شتاءٍ قارس؛ لأنه لا يجد ما يتدفأ به من اللباس والغطاء.

 

أمة الجسد الواحد، إنهم ليسوا بحاجة للمال بقدر ما هم محتاجون للدعاء، الدعاء الدعاء - أيها المسلمون - لإخوانكم المستضعفين في كل مكان، خصُّوهم بالدعاء في سجودكم وقنوتكم وبين الأذان والإقامة، وعند إفطاركم من الصيام؛ أي صيام كان، وفي الثلث الأخير من الليل، وما أدراك ما ثلث الليل الآخر؟! وقت لا ترد فيه دعوة؛. يقول فيه من بيده ملكوت السماوات والأرض: «من يدعوني فأستجيب له؟»، الدعاء إخوة الإيمان فكم من بلاء رفع بالدعاء!

 

أمة الإسلام، وفي غمرة الألم والحزن لمصاب الأمة، يجب علينا البحث عن الأسباب التي أدت إلى تسلط الكفار علينا، فما الأسباب يا ترى؟

 

معاشر المسلمين، يقول جل وعلا: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41]، ويقول: «إن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه»؛ [رواه الإمام أحمد وابن ماجه في سننه].

 

عباد الله، قبل أن نبحث عن أسباب خارجية لهذا البلاء الذي نزل وحلَّ بالأمة، فلنبحث عن الأسباب الداخلية، والحقيقة إخوة الإيمان أننا اليوم قد ابتعدنا عن المنهج الرباني السديد والمسلك النبوي الرشيد، لذلك فقد أصابنا ما أصابنا.

 

نعم عباد الله، نحن السبب فيما حدث ويحدث لنا، ولا ينبغي لنا أن نتلفت يمينًا وشمالًا لنلقي باللائمة على الأعداء أو الأقدار، أو طائفة من الناس؛ يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رُفع إلا بتوبة».

 

لقد وقع الكثير منا - سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات - في مخالفات شرعية كثيرة أوصلتنا إلى هذا الحال، فقد قدَّمنا شهواتنا ورغباتنا على أوامر الله وأوامر رسوله، أُمرنا فلم نأتمر، ونُهينا فلم ننتهِ، نقرأ القرآن ولا نعمل بما فيه إلا من رحِم الله، وقليل ما هم؛ يقول تعالى: ﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الحج: 41]، فكم من الأمة اليوم من لا يُقيم الصلاة؛ إما تركًا لها أو أداءً لها على غير ما شرع الله، وكم من الأمة اليوم من يمنع الزكاة أو يتحايل عليها بشتى الحيل، وكم من الأمة اليوم من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل أصبح البعض يرى المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، ويقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 278]، والكثير من المسلمين اليوم يتعاملون بالربا صراحةً حينًا وتحايُلًا أحيانًا، ويقول تعالى: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾ [محمد: 22]، وكم من الأمة اليوم من عاق لوالديه قاطع لرحمه، فتوبوا إلى الله لعلكم تفلحون.

 

إخواني، شرع لكم نبيُ الهدى بعد رمضان صيام الست من شوال، كما حث على صيام الاثنين والخميس، وعرفة وعاشوراء فصوموها.

 

معاشر المسلمين، استوصوا بالنساء خيرًا، فهنَّ وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لنا نحن الرجال، فقال: « استوصوا بالنساء خيرًا، فإنهنَّ خلقن من ضلع أعوج، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، إذا ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا»، وقال صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله»؛ [رواه ابن حبان في صحيحه]، فأدوا إليهن حقهنَّ، وخاصة من كان متزوجًا من اثنتين فأكثر، اعدلوا بين زوجاتكم، وإلا فإن الله قد توعد من لا يعدل بين الزوجات بأن يُحشر يوم القيامة وأَحد جنبيه مائل، واصبروا عليهن، قال جل وعلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19].

 

عباد الله، العيد فرصة لتحسين العلاقات وتسوية النزاعات وجمع الشمل، ورأب الصدع وقطع العداوات المستشرية، ورحم الله من أعان على إعادة مياه المودة إلى مجاريها.

 

عبد الله، اجعل هدية العيد لهذا العام عفوًا وصفحًا وغفرانًا؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التغابن: 14]، ما أجمل أن يكون العيد فرصة لصِلة المتهاجرين والتقاء المتقاطعين.

 

إن الرجل الكريم هو مَن يعفو عن الزلَّة، ولا يحاسب على الهفوة، حاله كما قال الأول:

وإن الذي بيني وبيْن بنِي أخي
وبين بني عمي لمختلف جدًّا
إذا نهشوا لَحمي وفرت لحومهم
وليس زعيم القوم من يحمل الحقدا

 

نعم، ليس زعيم القوم من يحمل الحقدَ، ليس كريمًا ولا عظيمًا ولا سيدًا من يجمع الأحقاد ويحمل الضغائن، ويداوم على الجفاء والقطيعة.

 

إنه لا بُد لتحسين العلاقات من نفوس كبيرة تتَّسع لهضْم البغضاء، وقضم العداوات؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ﴾ [الشورى: 37].

 

لقد دعا الإسلام إلى احتواء النزاعات بفعل المعروف خاصة مع الأقارب، واعتبر ذلك من أفضل البر، فعن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أفضل الصدقة: الصدقة على ذي الرحم الكاشح»؛ [رواه أحمد وغيره]، فأصلحوا ذات بينكم، ولا يصدنكم الشيطان، فإنه قد يزيِّن للمسلم أن هذا التنازل عن الحقوق والصفح عن الهفوات ضعف وعجز ومهانة، وذلك خيرٌ له من أن يقع في بحور القطيعة وخطيئة التدابر، وروي في الحديث: «يأتي عليكم زمان يخيَّر في الرجل بين العجز والفجور، فمن أدرك ذلك الزمان فليختر العجز على الفجور»؛ [رواه أحمد «2/278»]، وفي الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: «وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا»، وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: «إذا التقى المسلمان فخيرهما الذي يبدأ بالسلام».

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

الخُطبة الثانية:

الحمد لله وفَّق من شاء للرضا والقناعة، وهداهم لسلوك سبيل أهل البر والطاعة، وحماهم عن طريق أهل التفريق والإضاعة، أحمَده سبحانه وأشكُره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، أفضل الرسل وخير الأنام، نصح الأمة وأدى الأمانة وقام بالرسالة خير قيام، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

عباد الله، اتقوا الله واشكروه سبحانه على نعمه الوافرة وآلائه المتكاثرة، واعلموا أن يومكم هذا يوم شريف، فضَّله الله وشرفه وجعله عيدًا سعيدًا لأهل طاعته، يفيض عليهم فيه من جوده وكرمه وفضله وإحسانه، فاشكروه على إكمال شهر الصيام، واذكروه وكبروه على ما حباكم من نعمة الإسلام.

 

وتدبروا عباد الله، كتاب ربكم تُفلحوا، واتبعوا هدي نبيكم تهتدوا، أقيموا أركان دينكم بصدق وإخلاص لله ربِّكم، وحُسن متابعة لهدي نبيكم، حافظوا على الصلاة فإنها عماد الدين وهي صلة بين العبد وبين ربه، من حفظها حفظ دينه، ومن ضيَّعها فهو لما سواها أضيع، أدوا زكاة أموالكم طيبة بها نفوسكم، منشرحة بها صدوركم، وصوموا شهركم شهر الصيام والقيام، وحجوا بيت الله الحرام تدخلوا الجنة بسلام.

 

وعليكم ببر الوالدين وصلة الأقارب والأرحام، والإحسان إلى الفقراء والأيتام، وتضرعوا بالصبر على الأقدار، واجتنبوا الربا والإثم وقول الزور، واحذروا من بخس المكاييل والموازين والمقاييس، والغش والخداع في المعاملات، ووقروا الأيمان بالله في خصوماتكم ومنازعاتكم، وعليكم بالتواضع وخفض الجناح والتواصل والتراحم فيما بينكم.

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

إن المسلم الحقيقي هو من يحقق ويتصف بقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه»؛ [صحيح سنن الترمذي «2118»].

 

أمَّا من يتسمى بالإسلام وعمله يخالف قوله، فتجده يهمل الواجبات، ويرتكب المنكرات ويأكل أموال الناس بالباطل، ويحلف الأيمان الكاذبة، لا يراعي حق والديه، ولا حق القرابة والأرحام، يخلف الوعد ولا يفي بالعهد، لا يرحم صغيرًا ولا يوقر كبيرًا، فإن من فعل ذلك لم يحقق الإيمان ولم تنعكس عبادته على حياته وسلوكه.

 

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

عباد الله، لا يغركم انتفاش ريش اليهود والنصارى على الدنيا بأسْرها في هذه الفترة، فإن الله جل وعلا يقول: ﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [آل عمران: 196، 197]، فإن الكفر والباطل وإن تسلَّط، فإن تسلُّطَه محدود بقَدَرٍ من الله، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يستمر؛ لأن الله جعل لكل شيء نهاية، ولنفترض أن الكفار استطاعوا أن تكون لهم الغلبة مدة الحياة الدنيا كلِّها، مع أن هذا الافتراض ليس بصحيح، ولكن لنفترض ذلك افتراضًا، ألسنا نحن المسلمين نعتقد ونؤمن بأن الله قد وعدنا بالآخرة؟ وبالحياة الأبدية الباقية في الجنة؟ فما قيمة الحياة الدنيا من أولها إلى آخرها مقارنة بالآخرة؟ ألا ترضون أن يأخذوا هم الدنيا وتكون لنا الآخرة؟

 

عباد الله، ربما يُقتل أناس من هذه الأمة، وربما تباد جماعات ومجتمعات، وربما تسقط دول وتذهب أسماء وشعارات، وهذا كله صحيح، لكن الإسلام باق، والذي يريد أن يواجه الإسلام، أو يحارب الإسلام مسكين، مثله كمثل الفراشة التي تحاول إطفاء نور الكهرباء، والله متم نوره ولو كره الكافرون؛ قال: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [الصف: 9].

 

ولن يترك الله بيت مدَر ولا وبر إلا وسيدخله الله هذا الدين، بعزِّ عزيز أو بذل ذليل، عزًّا يعز الله به الإسلام وأهله، وذلًّا يُذل الله به الكفر وأهله، كما قال عليه الصلاة والسلام، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 

عباد الله، إن هذا الدين هو كلمة الله تعالى، ولا إله إلا الله هي كلمة الإسلام، ومن ذا الذي يستطيع أن يُطفئ نور هذه الكلمة؟

أتُطفِئ نورَ الله نفخةُ كافر
تعالى الذي في الكبرياء تفردَّا
إذا جلجلت الله أكبر في الوغى
تخاذلت الأصوات عن ذلك الندا
ومن خاصم الرحمن خابت جهوده
وضاعت مساعيه وأتعابه سُدى



اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين وأعلى راية الحق والدين.

 

اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بعز، فاجعل عز الإسلام على يديه، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بكيد، فردَّ كيده إلى نحره، واجعل تدبيره في تدميره، واجعل الدائرة تدور عليه.

 

اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر.

 

وصلِّ اللهم وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عن عيد الفطر المبارك

مختارات من الشبكة

  • خطبة عيد الفطر: عيد فطر بعد عام صبر(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر 1444 (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر 1437 هجرية (خطبة دينية اجتماعية)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر المبارك 1446 هـ الأعياد بين الأفراح والأحزان(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة عيد الفطر: العيد وتجديد المفاهيم والقيم(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر: العيد ومظاهر وحدة الأمة(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر السعيد (1445 هـ) معنى الفرح بالعيد، وإسداء النصح للعبيد(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر: العيد والمسؤولية في الحياة...!!(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر: العيد سعادة وأمان(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر 1444هـ - لا جديد في أحكام العيد(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب