• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / مقالات في الحج
علامة باركود

محظورات الإحرام

محظورات الإحرام
يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/5/2024 ميلادي - 5/11/1445 هجري

الزيارات: 2280

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مَحْظوراتِ الْإِحْرامِ

 

قالَ الْمُصَنِّفُ -رحمه الله-: "وَهِيَ تِسْعَةٌ: حَلْقُ الشَّعْرِ وَتَقْليمُ الْأَظْفارِ؛ فَمَنْ حَلَقَ أَوْ قَلَّمَ ثَلاثَ شَعَراتٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَمَنْ غَطَّى رَأْسَهُ بِمُلاصِقٍ فَدَى، وَإِنْ لَبِسَ ذَكَرٌ مَخيطًا فَدَى، وَإِنْ طَيَّبَ بَدَنَهُ أَوْ ثَوْبَهُ أَوْ ادَّهَنَ بَمُطَيِّبٍ أَوْ شَمَّ طِيبًا أَوْ تَبَخَّرَ بِعودٍ وَنَحْوِهِ فَدَى. وَإِنْ قَتَلَ صَيْدًا مَأْكولًا بَرِّيًّا أَصْلًا وَلَوْ تَوَلَّدَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ أَوْ تَلِفَ في يَدِهِ فَعَلَيْهِ جَزاؤُهُ وَلَا يَحْرُمُ حَيَوانٌ إِنْسِيٌّ وَلَا صَيْدُ الْبَحْرِ وَلَا قَتْلُ مُحَرَّمِ الْأَكْلِ وَلَا الصَّائِلِ. وَيَحْرُمُ عَقْدُ النِّكاحِ وَلَا يَصِحُّ وَلَا فِدْيَةَ وَتَصِحُّ الرِّجْعَةُ، وَإِنْ جامَعَ الْمُحْرِمُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فَسُدَ نُسُكُهُمَا وَيَمْضِيانِ فيهِ وَيَقْضِيانِهِ ثانِي عامٍ وَتَحْرُمُ الْمُباشَرَةُ؛ فَإِنْ فَعَلَ فَأَنْزَلَ لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ؛ لَكِنْ يُحْرِمُ مِنَ الْحِلِّ لِطَوافِ الْفَرْضِ].


الْكَلامُ هُنَا سَيَكونُ كَالتَّالِي:

أَوَّلًا: تَعْريفُ مَحْظوراتِ الْإِحْرامِ.

الْمَحْظوراتُ: جَمْعُ "مَحْظورٌ"، وَالْمَحْظورُ في اللُّغَةِ: الْمَمْنُوعُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ﴾[الإسراء: 20]؛ أي: مَمْنوعًا.

 

الْمَحْظورُ اصْطِلاحًا: هُوَ الْمَمْنُوعُ شَرْعًا[1]، أَوْ هُوَ الْمُحَرَّمُ الْمُعاقَبُ عَلَى فِعْلِهِ[2].

 

وَعَلَى هَذَا: فَيَكونُ قَوْلُهُ: (مَحْظوراتُ الْإِحْرامِ)؛ أي: مَمْنوعاتُ الْإِحْرامِ؛ فَيَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يَجْتَنِبَ هَذِهِ الْمَحْظوراتِ، وَإِذَا تَرَكَهَا امْتِثالًا فَهُوَ مَأْجورٌ. أَمَّا إِذَا تَرَكَ الْمَحْظورَ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ الِامْتِثالِ: فَمُقْتَضَى قَوْلِ جُمْهورِ الْعُلَماءِ: أَنَّهُ لَا يُثابُ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ[3] إِلَّا مَعَ النِّيَّةِ؛ فَيَحْسُنُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَسْتَحْضِرَ النِّيَّةَ عِنْدَ اجْتِنابِهِ هَذِهِ الْمَحْظوراتِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَماءُ عَلَى أَكْثَرِهَا؛ فَلَا يَجوزُ لِلْمُسْلِمِ إِذَا أَحْرَمَ بِالنُّسُكِ أَنْ يَتَلَبَّسَ بِهَا.

 

ثانِيًا: بَيانُ مَحْظوراتِ الْإِحْرامِ.

وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ -رحمه الله-، وَهِيَ:

الْأَوَّلُ: حَلْقُ الشَّعْرِ.

وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (حَلْقُ الشَّعْرِ).


هَذَا هُوَالْمَحْظورُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ: حَلْقُ الشَّعْرِ مِنْ جَميعِ بَدَنِهِ، وَالْمُؤَلِّفُ -رحمه الله- نَصَّ عَلَى أَنَّ حَلْقَ الشَّعْرِ مِنَ الْمَحْظوراتِ؛ فَيَشْمَلُ شَعْرَ الرَّأْسِ، وَشَعْرَ الْبَدَنِ؛ كَشَعْرِ اللِّحْيَيْنِ وَالشَّارِبِ، وَكَذَلِكَ شَعْرِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، كُلُّ ذَلِكَ مَمْنوعٌ عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يُزيلَهُ.

وَالْإِزالَةُ إِمَّا أَنْ تَكونَ بِالْحَلْقِ، أَوْ بِالتَّقْصيرِ، أَوْ بِالنَّتْفِ وَالْحُكْمُ واحِدٌ، وَالدَّليلُ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْمَحْظوراتِ: قَوْلُهُ سبحانه وتعالى:﴿ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ ﴾[البقرة: 196].

 

وَظاهِرُ الْآيَةِ بَلْ صَريحُهَا: أَنَّ الْمَحْظورَ هُوَ حَلْقُ الرَّأْسِ فَقَطْ، لَكِنْ أَلْحَقَ الْعُلَماءُ شَعْرَ الْبَدَنِ كُلَّهُ بِشَعْرِ الرَّأْسِ قِياسًا؛ فَكَمَا يَحْرُمُ حَلْقُ الرَّأْسِ عَلَى الْمُحْرِمِ، فَكَذَلِكَ شَعْرُ سائِرِ بَدَنِهِ، فَالْعِلَّةُ واحِدَةٌ، وَهِيَ أَنَّ فِي حَلْقِ كُلِّ مِنْهُمَا تَرْفيهًا مُنافِيًا لِلْمَقْصودِ مِنَ الْإِحْرامِ[4]، وَهَذَا قالَ بِهِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ، وَجَماهيرُ الْعُلَماءِ سَلَفًا وَخَلَفًا، بَلْ حَكاهُ بَعْضُهُمْ إِجْماعًا[5]، عَلَى خِلافٍ بَيْنَهُمْ في تَحْديدِ الْكَفَّارَةِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

الْمَحْظورُ الثَّانِي: تَقْليمُ الْأَظْفارِ.

وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: "وَتَقْليمُ الْأَظْفارِ".

وَهَذَا هُوَ الْمَحْظورُ الثَّانِي، وَهُوَ: تَقْليمُ الْأَظافَرِ، أَوْ قَصُّهَا مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهورِ الْعُلَماءِ، بَلْ حَكاهُ بَعْضُهُمْ إِجْماعًا[6]، عَلَى خِلافٍ بَيْنَهُمْ في الْقَدْرِ الَّذِي تَثْبُتُ بِهِ الْكَفَّارَةُ. وَالدَّليلُ: قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: ﴿ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ﴾[الحج: 29]؛ إِذْ فَسَّرَ بَعْضُ الصَّحابَةِ كَابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- وَغَيْرِهِ قَضاءَ التَّفَثِ: بِأَنَّهُ حَلْقُ الرَّأْسِ، وَتَقْليمُ الْأَظافِرِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ[7].

 

وَعَلَى هَذَا التَّفْسيرِ: فَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَظْفارَ كَالشَّعْرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْرِمِ؛ لَا سِيَّمَا أَنَّهَا مَعْطوفَةٌ بِـ: (ثُمَّ) عَلَى نَحْرِ الْهَدْيِ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ، وَقَصَّ الْأَظْفارِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكونَ بَعْدَ النَّحْرِ[8].وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

تَنْبيهٌ: قَوْلُهُ: "فَمَنْ حَلَقَ، أَوْ قَلَّمَ ثَلاثَةَ شَعْراتٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ). لَوْ قالَ: "فِدْيَةٌ" لَكانَ أَوْلَى، وَإِنْ كانَ الْفُقَهاءُ يُطْلِقونَ الدَّمَ عَلَى الْفِدْيَةِ.

 

وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ -رحمه الله-: (فَمَنْ حَلَقَ، أَوْ قَلَّمَ ثَلاثَةَ شَعْراتٍ: فَعَلَيْهِ دَمٌ). هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحابِ، وَهُوَ: مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَإِنْ حَلَقَ شَعْرَةً واحِدَةً، أَوْ بَعْضَهَا: فَعَلَيْهِ إِطْعامُ مِسْكينٍ، وَشَعْرَتَيْنِ، أَوْ بَعْضَ شَعْرَتَيْنِ: فَطَعامُ مِسْكينَيْنِ، وَثَلاثَ شَعْراتٍ: فَعَلَيْهِ دَمُ؛ فَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ إِلَّا إِذَا حَلَقَ ثَلاثَ شَعَراتٍ فَأَكْثَرَ، وَهِيَ: أَقَلُّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْجَمْعُ[9].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْفِدْيَةَ لَا تَجِبُ إِلَّا إِذَا حَلَقَ ما بِهِ إِماطَةُ الْأَذَى؛ وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْإِمامِ مالِكٍ[10]؛ لِظاهِرِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾[البقرة: 196]، وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

الْمَحْظورُ الثَّالِثُ: تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ بِمُلاصِقٍ.

وَهَذَا قَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: "وَمَنْ غَطَّى رَأْسَهُ بِمُلاصِقٍ: فَدَى".

 

هَذَا هُوَ الْمَحْظورُ الثَّالِثُ، وَهُوَ: تَغْطِيَةُ رَأْسِ الذَّكَرِ بِمُلاصِقٍ كَالْعِمامَةِ، وَالْغُتْرَةِ وَالطَّاقِيَةِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- في الرَّجُلِ الَّذِي ماتَ بِعَرَفَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَلا تُمِسُّوهُ طِيبًا وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا»[11]. وَمَعْنَى: «لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ»؛أي: لَا تُغَطُّوهُ.

 

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَديثِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قال: مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَلْبَسُوا الْقُمُصَ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْبَرَانِسَ"[12].

 

وَالْعِمامَةُ: تَعُمُّ الرَّأْسَ بِالتَّغْطِيَةِ؛ فَالرَّسولُ -عليه الصلاة والسلام- مَنَعَهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصودَ أَنْ لَا يُغَطِّيَ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَمِنْ هُنَا قالُوا: مِنَ الْمَحْظوراتِ تَغْطِيَةُ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ، وَكَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ في قَوْلِهِ: «وَلاَ الْبَرَانِسَ»، وَالْبُرْنُسُ هُوَ: كُلُّ ثَوْبٍ رَأْسُهُ فيهِ[13]، وَهَذَا اللَّفْظُ الصَّحيحُ الصَّريحُ يَدُلُّ دَلالَةً واضِحَةً عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَجوزُ لَهُ أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَهَذَا الْمَحْظورُ مَحَلُّ إِجْماعٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ[14].

 

وَسَتْرُ الرَّأْسِ أَقْسامٌ:

الْأَوَّلُ: جائِزٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْماعِ، وَهَذَا مِثْلُ أَنْ يَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ حِنَّاءً، أَوْ عَسَلًا؛ لِكَيْ يَهْبِطَ الشَّعْرُ.

 

الثَّانِي: أَنْ يُغَطِّيَهُ بِمَا لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّغْطِيَةُ وَالسِّتْرُ، كَحَمْلِ الْعَفَشِ وَنَحْوِهِ؛ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنُّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ السِّتْرُ.

 

الثَّالِثُ: أَنْ يَسْتُرَهُ بِمَا يُلْبَسُ عادَةً عَلَى الرَّأْسِ كَالطَّاقِيَةِ؛ فَهَذَا حَرامٌ بِالنَّصِّ.

 

الرَّابِعُ: أَنْ يُغَطِّيَهُ بِمَا لَا يُعَدُّ لُبْسًا لَكِنَّهُ مُلاصِقٌ يُقْصَدُ بِهِ التَّغْطِيَّةُ؛ فَلَا يَجوزُ.

 

الْخامِسُ:أَنْ يُظَلِّلَ رَأْسَهُ بِتابِعٍ لَهُ؛ كَالشَّمْسِيَّةِ وَالسَّيَّارَةِ؛ فَهَذَا مَحَلُّ خِلافٍ، وَالصَّحيحُ جَوازُهُ.

 

السَّادِسُ:أَنْ يَسْتَظِلَّ بِمُنْفَصِلٍ عَنْهُ غَيْرُ تابِعٍ كَالْخَيْمَةِ؛ فَهَذَا جائِزٌ لِلنَّصِّ[15].

 

الْمَحْظورُ الرَّابِعُ: لُبْسُ الذَّكَرِ لِلْمَخيطِ.

وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: "وَإِنْ لَبِسَ ذَكَرٌ مَخيطًا: فَدَى".

 

هَذَا هُوَ الْمَحْظورُ الرَّابِعُ، وَهُوَ: لُبْسُ الذَّكَرِ الْمَخيطَ، فَلَا يَجوزُ لِلْمُحْرِمِ، وَالْمَخيطُ: مَا خِيطَ عَلَى قَدْرِ الْبَدَنِ، أَوْ عَلَى قَدْرِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضائِهِ؛ وَقَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْمَحْظوراتِ: حَديثُ ابْنُ عُمَرَ في الصَّحِيحَيْنِ، وَنَصُّهُ: «قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ فِي الإِحْرَامِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لاَ تَلْبَسُوا القَمِيصَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ، وَلاَ العَمَائِمَ، وَلاَ البَرَانِسَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلاَنِ، فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَلاَ تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، وَلاَ الْوَرْسُ، وَلاَ تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلاَ تَلْبَسُ القُفَّازَيْنِ»[16].

 

وَهَذَا الْمَحْظورُ مَحَلُّ إِجْماعٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ[17].

 

الْمَحْظورُ الْخامِسُ: الطِّيبُ.

وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: "وَإِنْ طَيَّبَ بَدَنَهُ أَوْ ثَوْبَهُ، أَوْ ادَّهَنَ بِمُطَيّبٍ، أَوْ شَمَّ طِيبًا، أَوْ تَبَخَّرَ بِعودٍ وَنَحْوِهِ: فَدَى".

هَذَا الْمَحْظورُ الْخامِسُ، وَهُوَ: الطَّيبُ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْمَحْظوراتِ: حَديثُ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-، قال: «نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِوَرْسٍ أَوْ بِزَعْفَرَانٍ»[18]. وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ في الرَّجُلِ الَّذِي وَقَصَتْهُ ناقَتُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُمِسُّوهُ طِيبًا، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا»[19].

 

وَأَيْضًا حَكَى الْإِجْماعَ غَيْرُ واحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ الطِّيبَ مِنَ الْمَحْظوراتِ[20].

 

وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ -رحمه الله-: "أَوْ شَمَّ طِيبًا"، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَذَلِكَ إِذَا شَمَّ الطِّيبَ عَلَى وَجْهِ التَّقَصُّدِ.

 

وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلافٌ بَيْنَ الْعُلَماءِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: مَا تَقَدَّمَ وَذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، أَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنوعٌ مِنْ شَمِّ الطِّيبِ[21]، وَكَأَنَّ ابْنَ الْقَيِّمِ -رحمه الله- يَميلُ إِلَى هَذَا الرَّأْيِ في الزَّادِ[22]، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ.

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهورِ[23]؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: تَطَيَّبَ عِنْدَ إِحْرامِهِ، كَمَا في حَديثِ عائِشَةَ؛ وَلَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى أَثَرُ رائِحَةِ الطِّيبِ.

 

وَمِثْلُهُ: إِذَا اسْتَعْمَلَ الْمُحْرِمُ الطِّيبَ في الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ، وَبَقِيَ أَثَرُ الطِّيبِ أَوْ الطَّعْمِ في الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ؛ فَالْمَذْهَبُ فيهِ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ طِيبًا[24].

 

وَمِثْلُهُ: الصَّابونُ الَّذِي فيهِ طِيبٌ: فَيُمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ طِيبٌ.

 

وَالْحاصِلُ: عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يَحْتاطَ لِعِبادَتِهِ وَحَجِّهِ، وَاللهُ أعلمُ.

 

الْمَحْظورُ السَّادِسُ: قَتْلُ الصَّيْدِ.

وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: "وَإِنْ قَتَلَ صَيْدًا مَأْكولًا بَرِّيًّا أَصْلًا، وَلَوْ تَوَلَّدَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ، أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ جَزاؤُهُ".

 

هَذَا هُوَ الْمَحْظورُ السَّادِسُ، وَهُوَ: قَتْلُ الصَّيْدِ، وَاصْطِيادُهُ.

 

وَالصَّيْدُ لِلْمُحْرِمِ عَلَى قِسْمَيْنِ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ:الصَّيْدُ الَّذِي يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ قَتْلُهُ، وَهَذَا نَوْعانِ:

النَّوْعُ الْأَوَّلُ: كُلُّ صَيْدٍ مَأْكولٍ بَرِّيٍّ أَصْلًا، وَهَذَا مِثْلُ الْغِزْلانِ، وَالْوُعولِ وَالطُّيورِ.

 

وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: (مَأْكولًا) غَيْرُ الْمَأْكولِ؛ فَلَيْسَ فيهِ فِدْيَةٌ. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: (بَرِّيًّا): صَيْدُ الْبَحْرِ، وَلَوْ كانَ أَكْثَرَ عَيْشِهِ فِي الْبَرِّ؛ فَإِنَّهُ لا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ بَرِّيًّا أَصْلاً. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: (أَصْلاً): الْبَرِّيُّ وَصْفًا؛ أي: لَوْ تَوَحَّشَ أَهْلِيٌّ كَإِبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ؛ فَلَا يَحْرُمُ قَتْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكونَ أَصْلُهُ مُتَوحِّشًا؛ سَواءٌ اسْتَأْنَسَ أَوْ لَمْ يَسْتَأْنِسْ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِوَحْشِيٍّ؛ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ ذَبْحُهُ وَلَا أَكْلُهُ؛ كَبَهيمَةِ الْأَنْعامِ، وَالاِعْتِبارُ في ذَلِكَ بِالْأَصْلِ لَا بِالْحالِ.

 

النَّوْعُ الثَّانِي: مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ؛ أي: لَوْ تَوَلَّدَ الصَّيْدُ مِنْ صَيْدٍ بَرِّيٍّ وَمِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْحَيَواناتِ الْأَهْلِيَّةِ؛ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ قَتْلُهُ؛ لِأَنَّهُمْ يَقولونَ: إِذَا اجْتَمَعَ مُبيحٌ وَحاظِرٌ: غُلِّبَ جانِبُ الْحَظْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اجْتِنابِ الْمَحْظورِ إِلَّا بِتَرْكِ الْحَلالِ؛ فَتَعَيَّنَ حينَئِذٍ الِاجْتِنابُ، وَهَذاَ أَصْلٌ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ[25].

 

وَدَليلُ هَذَا مِنَ الْكِتابِ: قَوْلُهُ تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ﴾[المائدة: 95] الآية، وَأَيْضًا الْآيَةُ الْأولَى مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ.

 

وَأَمَّا دَليلُهُ مِنَ السُّنَّةِ: فَحَديثُ أَبِي قَتادَةَ فِي قِصَّةِ قَتْلِهِ الْحِمارَ الْوَحْشِيَّ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لِأَصْحابِهِ وَكَانُوا مُحْرِمينَ: "هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: قَالُوا: لَا، قَالَ: فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا"[26]. وَأَيْضًا: حَديثُ الصَّعْبِ بْنِ جُثامَةَ -رضي الله عنه-[27].

 

وَهَذَا الْمَحْظورُ: مَحَلُّ إِجْماعٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ[28].

 

وَالْحاصِلُ: أَنَّ الصَّيْدَ الَّذِي يَضْمَنُ فيهِ الْجزاءُ لَهُ ثَلاثَةُ شُروطٍ:

الْأَوَّلُ: أَنْ يَكونَ مُباحًا.

 

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بَرِّيًّا.

 

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ مُتَوَحِّشًا؛ سَواءٌ اسْتَأْنَسَ، أَوْ لَمْ يَسْتَأْنِسْ.

 

قَوْلُهُ: (أَوْ تَلِفَ في يَدِهِ فَعَلَيْهِ جَزاؤُهُ)؛ أي: إِذَا تَلِفَ الصَّيْدُ في يَدِ الْمُحْرِمِ فَعَلَيْهِ جَزاؤُهُ، حَتَّى وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ كَمَا لَوْ مَرِضَ ثُمَّ ماتَ؛ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ[29]، وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

الْقِسْمُ الثَّانِي: الْحَيَوانُ الَّذِي لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ قَتْلُهُ، وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَحْرُمُ حَيَوانٌ إِنْسِيٌّ، وَلَا صَيْدُ الْبَحْرِ، وَلَا قَـتْـلُ مُحَرَّمِ الْأَكْلِ، وَلَا الصَّائِلِ).

 

أي: أَنَّ الْحَيَوانَ الَّذِي لَا يَحْرُمُ قَتْلُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ عَلَى أَنْواعٍ:

النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْحَيَوانُ الْإِنْسِيُّ، وَهَذَا خَرَجَ بِهِ الْمُتَوَحِّشُ، وَالْمُسْتَأْنِسُ مِثْلُ: الْإِبِلِ، وَالْغَنَمِ، وَالْبَقَرِ، وَهَذَا لَا يَحْرُمُ ذَبْحُهُ بِإِحْرامٍ، أَوْ في الْحَرَمِ، وَلَوْ تَوَحَّشَ؛ وَهَذَا بِالْإِجْماعِ فيمَا أَعْلَمُ[30]؛ لِأَنَّ الِاعْتِبارَ بِماَ كانَ عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ لَا فِي الْحالِ؛ لِأَنَّ الرَّسولَ -عليه الصلاة والسلام- كانَ يَذْبَحُ البُدْنَ في إِحْرامِهِ بِالْحَرَمِ.

 

النَّوْعُ الثَّانِي: صَيْدُ الْبَحْرِ، وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا صَيْدَ الْبَحْرِ).

وَالدَّليلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ سبحانه وتعالى:﴿ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ ﴾[المائدة: 96]، وَهَذَا بِالْإِجْماعِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْحَرَمِ[31]، وَأَمَّا إِنْ كانَ بِالْحَرَمِ فَفِيهِ خِلافٌ وَقَدْ جَزَمَ غَيْرُ واحِدٍ بِتَحْريمِهِ؛ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحيحِ وَغَيْرِهِ وَالشَّارِحُ، وَشَيْخُ الْإِسْلامِ وَغَيْرُهُمْ[32]؛ لِعُمومِ قَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْحَرَمِ: «وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ»[33]، وَلِأَنَّهُ حينَئِذٍ يَكونُ التَّحْريمُ فيهِ لِلْمَكانِ، لَا لِلْإِحْرامِ.

 

النَّوْعُ الثَّالِثُ: الْحَيَوانُ الَّذِي يَحْرُمُ أَكْلُهُ، وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا قَـْتُـل مُحَرَّمِ الْأَكْلِ).

قَتْلُ مُحَرَّمِ الْأَكْلِ مِنَ الدَّواب وَالْحَشَراتِ عَلَى أَقْسامٍ:

الْأَوَّلُ: مَا يُؤْذِي وَلَا يَنْفَعُ؛ فَهَذَا مَشْروعٌ قَتْلُهُ؛ بَلْ جاءَ الْأَمْرُ بِقَتْلِهِ؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ عائِشَةَ -رضي الله عنها-: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهَا فَوَاسِقُ تُقْتَلُ فِي الْحَرَمِ: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ»[34]. وَفِي رِوايَةٍ: "الْحَيَّةُ" بَدَلَ: "الْعَقْرَبِ"[35]. وَقاسَ الْعُلَماءُ عَلَيْهِنَّ مَا فِي مَعْناهُنَّ؛ بِجامِعِ الْأَذَى، فَهَذَا قَتْلُهُ مُسْتَحَبُّ بِالْإِجْماعِ[36].

 

الثَّانِي: مَا يَضُرُّ وَيَنْفَعُ؛ كَالْبازِي، وَسائِرِ الْجَوارِحِ مِنَ الطُّيورِ، وَهَذَا قَتْلُهُ جائِزٌ، فَلَا يُكْرَهُ قَتْلُهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ.

 

الثَّالِثُ: مَا لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ؛ كَالْخَنافِسِ، فَقَدْ يَتَوَجَّهُ الْقَوْلُ بِكَراهَةِ قَتْلِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا فائِدَةَ فِي قَتْلِهَا، وَأَيْضًا:﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾[الإسراء: 44].


الرَّابِعُ: مَا جاءَ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِهِ؛ كَالنَّحْلَةِ، وَالنَّمْلَةِ، وَالْهُدْهُدِ، وَالصَّرْدِ، كَمَا في حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ بِإِسْنادٍ صَحيحٍ[37].

 

تَكْميلٌ:

قَدْ يُعَبَّرُ عَنِ الْقِسْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، بِـ: "مَا سَكَتَ الشَّارِعُ عَنْهُ؛ فَهُوَ مِمَّا عُفِيَ عَنْهُ"، وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ: الْأَحْسَنُ.

 

النَّوْعُ الرَّابِعُ: الْحَيَوانُ الصَّائِلُ، وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا صَائِلٌ).

أي: وَلَا يَحْرُمُ قَتْلُ الصَّيْدِ الصَّائِلِ؛ دَفْعًا عَنِ النَّفْسِ أَوْ الْمالِ؛ سَواءٌ خُشِيَ التَّلَفُ أَوْ الضَّرَرُ بِجَرْحِهِ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ الْتَحَقَ بِالْمُؤْذِياتِ؛ فَصارَ كَالْكَلْبِ الْعَقورِ[38].

 

مَسْأَلَةٌ: الْـمُحْرِمُ إِذَا احْتاجَ لِفِعْلِ مَحْظورٍ فَعَلَهُ وَفَدَى؛ لِقَوْلِ اللهِ تعالى:﴿ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾[البقرة: 196]، وَلِحَديثِ كَعْبٍ -رضي الله عنه- الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ[39].


 

الْمَحْظورُ السَّابِعُ: عَقْدُ النِّكاحِ.

وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَيَحْرُمُ عَقْدُ النِّكاحِ، وَلَا يَصِحُّ، وَلَا فِدْيَةَ، وَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ).

 

هَذَا هُوَ الْمَحْظورُ السَّابِعُ، وَهُوَ: عَقْدُ النِّكاحِ، فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ: عَقْدُ النِّكاحِ.

 

وَالْكَلامُ عَنْ هَذَا الْمَحْظورِ في وُجوهٍ:

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: حُكْمُ عَقْدِ النِّكاحِ لِلْمُحْرِمِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ في هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَحْرُمُ عَقْدُ النِّكاحِ لِلْمُحْرِمِ، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهورِ[40]؛ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُثْمانَ -رضي الله عنه- مَرْفوعًا: «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكِحُ، وَلَا يَخْطُبُ»[41]، وَلَهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ: حَدَّثَتْنِي مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ. قَالَ: وَكَانَتْ خَالَتِي وَخَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ»[42]. وَبِمَا رَواهُ أَحْمَدُ بِإِسْنادٍ صَحيحٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ حَلَالًا وَبَنَى بِهَا حَلَالًا وَكُنْتُ الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا»[43].


قالَ شَيْخُ الْإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -رحمه الله-: "الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَكْثَرِ النَّاسِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا حَلَالًا"[44].


الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَقْدُ النِّكاحِ عَلَى الْمُحْرِمِ، وَلَكِنْ لَا يَطَأُ، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ[45]، وَاحْتَجُّوا بِمَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخانِ، وَأَصْحابُ السُّنَنِ، وَأَحْمَدُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ»[46]، وَلِلْبُخارِيِّ: «تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَبَنَى بِهَا وَهُوَ حَلاَلٌ، وَمَاتَتْ بِسَرِفَ»[47].

 

وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ -وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ سبحانه وتعالى-: ما ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهورُ الْعُلَماءِ.

 

وَأَمَّا الْجَوابُ عَنْ حَديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَمِنْ وُجوهٍ:

أَحَدُهَا: الْقاعِدَةُ: (أَنَّهُ إِذَا تَعارَضَتْ رِوايَةُ أَكابِرِ الصَّحابَةِ بِرِوايَةِ أَصاغِرِهِمْ: قُدِّمَتْ رِوايَةُ الْأَكابِرِ)[48]؛ وَالسَّبَبُ في هَذَا واضِحٌ، وَهُوَ: أَنَّ أَصاغِرَ الصَّحابَةِ فِي الْغالِبِ يَرْوُونَ بِواسِطَةٍ، وَأَكابِرُ الصَّحابَةِ في الْغالِبِ يَرْوُونَ مُباشَرَةً.

 

الثَّانِي: أَنَّ حَديثَ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عارَضَهُ حَديثُ مَيْمونَة، وَمَيْمونَة أَعْلَمُ بِنَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا هِيَ صاحِبَةُ الْقِصِّةِ، وَهِيَ أَعْرَفُ بِحالِ نَفْسِهَا.

 

الثَّالِثُ: أَنَّهُ مُعارَضٌ أَيْضًا بِحَديثِ رافِعٍ -رضي الله عنه-؛ فَهُوَ مُباشِرٌ لِلْواقِعَةِ، وَكانَ السَّفيرُ بَيْنَهُمَا -رضي الله عن الجميع-.

 

الرَّابِعُ:أَنَّهُ مُعارَضٌ أَيْضًا بِمَا ذَكَرَهُ يَزيدُ بْنُ الْأَصَمِّ -رضي الله عنه-، وَهُوَ أَنَّهُ شَهِدَ «أَنَّ رسولَ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تزوَّجَهَا حَلَالاً، قال: وَكَانَتْ خَالَتِي وَخَالَةَ ابْنِ عَبَّاْسٍ»[49]؛ وَلِهَذَا قالَ الْإِمامُ أَحْمَدُ -رحمه الله-: إِنَّ حَديثَ ابْنِ عَبَّاسٍ خَطَأٌ.

 

الْوَجْهُ الثَّانِي: هَلْ يَصِحُّ عَقْدُ الْمُحْرِمِ؟وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَصِحُّ)؛ أي: وَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ؛ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ»[50]، وَهَذَا نَهْيٌ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسادَ، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ أَكابِرِ الصَّحابَةِ -رضي الله عنهم-[51].

 

وَالْمَسْأَلَةُ لَهَا ثَلاثُ صُوَرٍ[52]:

الْأُولَى: عَقْدُ مُحِلٍّ عَلَى مُحْرِمَةٍ.

 

الثَّانِيَةُ: عَقْدُ مُحْرِمٍ عَلَى مُحِلَّةٍ.

 

الثَّالِثَةُ: عَقْدُ مُحْرِمٍ لْمُحِلٍّ وَمُحِلَّةٍ.

 

فَيَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ النِّكاحُ في هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلاثِ.

 

مَسْأَلَةٌ:

لَوْ عَقَدَ مُحْرِمٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ وَرُزِقَ بِأَوْلادٍ: فَهَذَا نِكاحُ شُبْهَةٍ، وَنِكاحُ الشُّبْهَةِ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكامُ النِّكاحِ الصَّحيحِ، وَلَكِنْ يُفْسَخُ ثُمَّ يُطالَبُ بِتَجْديدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.

 

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: هَلْ تَلْزَمُ مَنْ نَكَحَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِدْيَةٌ؟

 

وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (ولا فدية)؛ أي: لَا يَلْزَمُهُ في عَقْدِ النِّكاحِ فِدْيَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَراءَةُ الذِّمَّةِ.

 

مَسْأَلَةٌ:

الْجُمْهورُ يُفَرِّقونَ بَيْنَ عَقْدِ النِّكاحِ، وَالْخِطْبَةِ:

- فَعَقْدُ النِّكاحِ مُحَرَّمٌ وَلَا يَصِحُّ.

 

- وَأَمَّا الْخِطْبَةُ فَتُكْرَهُ، وَحَمَلُوا النَّهْيَ الْوارِدَ في حَديثِ عُثْمانَ عَلَى التَّنْزيهِ.

 

وَالْحَقيقَةُ: أَنَّ هَذَا التَّفْريقَ: ضعيفٌ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِحُرْمَةِ أَحَدِهِمَا دونَ الْآخَرِ يَحْتاجُ إِلَى دَليلٍ، وَلَا دَليلَ فيما أَعْلَمُ؛ وَلِذَا اخْتارَ شَيْخُ الْإِسْلامِ، وَغَيْرُهُ: التَّحْريمَ، والله أَعْلَمُ.

 

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: هَلْ تَصِحُّ الرَّجْعَةُ لِلْمُحْرِمِ؟

وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ).


الرَّجْعَةُ: إِعادَةُ الْمُطَلَّقَةِ غَيْرِ الْبائِنِ إِلَى الْعِصْمَةِ[53].

 

وَصورَةُ الْمَسْأَلَةِ: رَجُلٌ قالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طالِقٌ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ، وَكانَتِ الطَّلْقَةَ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَّةَ، وَهِيَ مَدْخولٌ بِهَا؛ فَأَرادَ أَنْ يُرْجِعَهَا إِلَيْهِ؛ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَصِحُّ بِلَا كَراهَةٍ.

 

وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلافٌ بَيْنَ الْعُلَماءِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: صِحَّةُ الرَّجْعَةِ بِلَا كَراهَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَبِهِ قالَ الْجُمْهورُ[54]؛ لِأَنَّهُ إِمْساكٌ، وَالْإِمْساكُ أَقْوَى مِنَ الِابْتِداءِ؛ فَفَرْقٌ بَيْنَ ابْتِداءِ النِّكاحِ وَبَيْنَ اسْتِدامَةِ النِّكاحِ؛ فَالْحالُ الْأُولَى تُسَمَّى: عَقْدًا، وَالْحالُ الثَّانِيَّةُ لَا تُسَمَّى: عَقْدًا، وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: مَنْعُ الرَّجْعَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ بَعْضُ الْحَنابِلَةِ وَقَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[55]؛ لِأَنَّهَا وَسيلَةٌ إِلَى الْوَطْءِ، كَالطِّيبِ.

 

وَالْأَقْرَبُ -وَاللهُ تعالى أَعْلَمُ-: قَوْلُ الْجُمْهورِ؛ لِعَدَمِ الدَّليلِ الصَّريحِ عَلَى الْمَنْعِ.

 

الْمَحْظورُ الثَّامِنُ: الْوَطْءُ.

وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ جامَعَ الْمُحْرِمُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ: فَسُدَ نُسُكُهُمَا، وَيَمْضِيانِ فيهِ، وَيَقْضِيانِهِ ثانِيَ عامٍ).

 

هَذَا هُوَ الْمَحْظورُ الثَّامِنُ، وَهُوَ: الْوَطْءُ، وَهُوَ أَعْظَمُ الْمَحْظوراتِ، وَالْجِماعُ مُحَرَّمٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَإِجْماعِ الْعُلَماءِ، أَمَّا الْقُرْآنُ فَقالَ تعالى:﴿ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ ﴾[البقرة: 197]، قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْجِماعُ[56].

 

وَأَمَّا الْإِجْماعُ فَقَدْ نَقَلَهُ جَمْعٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ[57].

 

وَالْجِماعُ لَهُ ثَلاثُ حَالاتٍ:

الْحالُ الْأولَى: أَنْ يُجامِعَ الْمُحْرِمُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الْوُقوفِ بِعَرَفَةَ؛ فَيَفْسُدُ حَجُّهُ بِالْإِجْماعِ[58]، وَيَلْزَمُهُ أُمورٌ:

1) وُجوبُ الْمُضِيِّ فيهِ.


2) وَعَلَيْهِ الْقَضاءُ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَماءُ في هَذَا الْقَضاءِ هَلْ هُوَ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّراخِي عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ فِي الْعامِ الْقابِلِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنابِلَةِ والْمالِكِيَّةِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحيحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ[59]، وَرَجَّحَهُ الشَّنْقيطِيُّ[60].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى التَّراخِي، وَهَذَا رِوايَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[61].

 

3) عَلَيْهِ الْهَدْيُ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ في صِفَةِ الْهَدْيِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهورِ[62].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ عَلَيْهِ شاةً، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنيفَةَ[63].

 

4) وَعَلَيْهِ التَّوْبَةُ، وَالْإِكْثارُ مِنَ الِاسْتِغْفارِ؛ لِوُقوعِهِ في الْإِثْمِ.

الْحالُ الثَّانِيَّةُ: أَنْ يُجامِعَ بَعْدَ الْوُقوفِ وَقَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ.

 

وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ في هَذِهِ الْحالِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ حَجَّهُ فاسِدٌ، وَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ مَنْ جامَعَ قَبْلَ الْوُقوفِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهورِ[64].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ حَجَّهُ صَحيحٌ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُهْدِيَ بَدَنَةً، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَوْلٌ لِلْمالِكِيَّةِ[65]، وَتَمَسَّكُوا بِظاهِرِ حَديثِ: «الْحَجُّ عَرَفَةُ؛ فَمَنْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ عَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ»[66]. وَهُوَ قَوْلٌ قَوِيٌّ في الْمَسْأَلَةِ، وَيَعْضُدُ هَذَا الْقَوْلَ: حَدِيثُ عُرْوَةَ بْنِ الْمُضَرِّسِ -وفيه-: «مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنَا هَذِهِ -أي: صلاة الصبح-، وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ وَقَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ أَتَمَّ حَجَّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ»[67].

 

لَكِنْ قَدْ يُقالُ: إِنَّ هَذَا الْحَديثَ لَيْسَ عَلَى إِطْلاقِهِ؛ فَطَوافُ الْإِفاضَةِ رُكْنٌ بِالْإِجْماعِ، وَلَا يَصِحُّ الْحَجُّ بِدونِهِ[68]، وَالْمَسْأَلَةُ تَحْتَاجُ إِلَى تَأَمُّلٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

الْحالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُجامِعَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا حَجُّهُ صَحيحٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ[69]، وَقَدْ نُقِلَ الْإِجْماعُ عَلَى هَذَا[70]؛ وَلَكِنْ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ فِي نَوْعِ الْهَدْيِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ عَلَيْهِ شاةٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنابِلَةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[71].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوايَةٌ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ[72].

 

الْمَحْظورُ التَّاسِعُ: الْمُباشَرَةُ فيما دونَ الْفَرْجِ.

وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَتَحْرُمُ الْمُباشَرَةُ؛ فَإِنْ فَعَلَ فَأَنْزَلَ: لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ، وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ؛ لَكِنْ يُحْرِمُ مِنَ الْحِلِّ لِطَوافِ الْفَرْضِ).

 

هَذَا هُوَ الْمَحْظورُ التَّاسِعُ، وَهُوَ: الْمُباشَرَةُ دونَ الْفَرْجِ؛ لِقَوْلِهِ تعالى:﴿ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ ﴾ [البقرة: 197]، قالَ الْعَلَّامَةُ الشَّنْقِيطِيُّ -رحمه الله- مَا نَصُّهُ: "وَالْأَظْهَرُ في مَعْنَى الرَّفَثِ في الْآيَةِ أَنَّهُ شامِلٌ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مُباشَرَةُ النِّساءِ بِالْجِماعِ وَمُقَدِّماتِهِ.

 

وَالثَّانِي: الْكَلامُ بِذَلِكَ، كَأَنْ يَقولَ الْمُحْرِمُ لِامْرَأَتِهِ: إِنْ أَحْلَلْنَا مِنْ إِحْرامِنَا فَعَلْنَا كَذَا وَكَذَا"[73].

 

الْحاصِلُ: أَنَّ الرَّفَثَ يَشْمَلُ الْجِماعَ وَمُقَدِّماتِهِ، وَاخْتارَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ جَريرٍ الطَّبَرِيُّ؛ وَلِأَنَّهُ إِذَا نُهِيَ عَنِ النِّكاحِ وَعَنِ الْخِطْبَةِ؛ فَالْمُباشَرَةُ مِنْ بابٍ أَوْلَى.

 

وَقالَ الشَّنْقيطِيُّ-رحمه الله-: "اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَماءَ مُتَّفِقونَ عَلَى أَنَّ مُقَدِّماتِ الْجِماعِ كَالْقُبْلَةِ وَالْمُفاخَذَةِ وَاللَّمْسِ بِقَصْدِ اللَّذَّةِ: حَرامٌ عَلَى الْمُحْرِمِ، وَلَكِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فيمَا يَلْزَمُهُ لَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ"[74].

 

وَالْكَلامُ في مُباشَرَةِ الْمُحْرِمِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: الْفِدْيَةُ في الْمُباشَرَةِ فيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: إِنْ وَطِئَ فيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَلَمْ يُنْزِلْ: فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ أَنْزَلَ: فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ؛ قِياسًا عَلَى بَدَنَةِ الْوَطْءِ في الْفَرْجِ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ[75].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: إِنْ وَطِئَ فيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ: فَعَلَيْهِ دَمٌ وَهُوَ شاةٌ، وَلَا تَجِبُ الْبَدَنَةُ، وَهَذَا رِوايَةٌ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ[76].

 

الْوَجْهُ الثَّانِي: فَسادُ الْحَجِّ إِنْ باشَرَ فَأَنْزَلَ.

 

اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ في هَذَا عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ إِنْ باشَرَ فَأَنْزَلَ فَلَا يَفْسُدُ حَجُّهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهورِ[77]؛ لِعَدَمِ الدَّليلِ عَلَى فَسادِهِ.

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ إِنْ باشَرَ فَأَنْزَلَ فَسُدَ حَجُّهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ تَلَذُّذٍ بِمُباشَرَةٍ إِذَا حَصَلَ مَعَهَا إِنْزالٌ أَفْسَدَ الْحَجَّ، وَهَذَا مَذْهَبٌ مالِكٍ، وَرِوايَةٌ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ[78].

 

تَنْبيــــــــهٌ:

قالَ الْمُصَنِّفُ -رحمه الله-: (لَكِنْ يُحْرِمُ مِنَ الْحِلِّ لِطَوافِ الْفَرْضِ).

 

ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ -رحمه الله- أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا باشَرَ دونُ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ: لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ، لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْحِلِّ وَيُحْرِمُ مِنْ جَديدٍ؛ لِيَطوفَ طَوافَ الْإِفاضَةِ مُحْرِمًا.

 

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنَ الْمَسائِلِ الَّتِي خالَفَ فيهَا الْمُصَنِّفُ -رحمه الله- الْمَذْهَبَ[79]، وَقَدْ نَبَّهَ الشَّارِحُ عَلَيْهَا، فَقالَ ما نَصُّهُ: "وَهُوَ غَيْرُ مُتَّجِهٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْسُدْ إِحْرامُهُ حَتَّى يَحْتاجَ لِتَجْديدِهِ، فَالْمُباشَرَةُ كَسائِرِ الْمُحَرَّماتِ غَيْرِ الْوَطْءِ، -ثُمَّ قالَ-: وَإِنَّمَا ذَكَرُوا هَذَا الْحُكْمَ في مَنْ وَطِئَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، إِلَّا أَنْ يَكونَ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِياطِ مُراعاةً لِلْقَوْلِ بِالْإِفْسادِ".[80]


وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ -رحمه الله-، هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهورِ؛ فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُجَدِّدَ إِحْرامَهُ؛ لِأَنَّهُ إِحْرامٌ لَا يَفْسُدُ جَميعُهُ: فَلَمْ يَفْسُدْ بَعْضُهُ؛ كَمَا لَوْ وَطِئَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الثَّانِي.


[1] انظر: الكليات (ص: 400).

[2] انظر: أنيس الفقهاء (ص: 104).

[3] فائدة: الترك يُسمى فعلا، وعملا؛ وقد كان الصحابة في أثناء بناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يقولون حين شاركهم النبي صلى الله عليه وسلم في عمل البناء:

لئن قعدنا والنبي يعمل
فذاك منا العمل المضلل

[4] انظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (1/ 487).

[5] انظر: الإجماع، لابن المنذر (ص: 52)، والمغني، لابن قدامة (3/ 296).

[6] انظر: المغني، لابن قدامة (3/ 296).

[7] انظر: تفسير الطبري (18/ 612).

[8] انظر: منسك الشنقيطي، جمع الطيار (2 / 288).

[9] انظر: الحاوي الكبير (4/ 115)، والإنصاف، للمرداوي (8/ 231).

[10] انظر: المنتقى شرح الموطأ (2/ 240).

[11] أخرجه البخاري (1265)، ومسلم (1206).

[12] أخرجه البخاري (1543)، ومسلم (1177).

[13] انظر: تهذيب اللغة (13/ 107).

[14] انظر: الإجماع، لابن المنذر (ص: 53).

[15] انظر: الشرح الممتع (7/ 123-124).

[16] أخرجه البخاري (1838).

[17] انظر: الإجماع، لابن المنذر (ص: 53)، وشرح البخاري، لابن بطال (4/ 214)، والاستذكار، لابن عبد البر (4/ 14)، والمفهم، للقرطبي (3/ 256).

[18] أخرجه البخاري (5847)، ومسلم (1177).

[19] تقدم تخريجه.

[20] انظر: الإجماع، لابن المنذر (ص: 52)، ومعالم السنن، للخطابي (2/ 227)، وشرح البخاري، لابن بطال (4/ 209)، والمغني، لابن قدامة (3/ 293).

[21] انظر: المغني، لابن قدامة (3/ 299).

[22] انظر: زاد المعاد (2/ 223).

[23] انظر: البناية شرح الهداية (4/ 329)، والذخيرة، للقرافي (3/ 311)، والبيان في مذهب الإمام الشافعي (4/ 166).

[24] انظر: المغني، لابن قدامة (3/ 297).

[25] انظر: العدة في أصول الفقه (4/ 1227)، وروضة الناظر وجنة المناظر (2/ 396).

[26] أخرجه مسلم (1196).

[27] أخرجه البخاري (2573)، ومسلم (1193).

[28] انظر: الإجماع، لابن المنذر (ص: 52)، وبداية المجتهد (2/ 95)، والمغني، لابن قدامة (3/ 288)، والمجموع، للنووي (7/ 296).

[29] انظر: المغني، لابن قدامة (3/ 290).

[30] انظر: مراتب الإجماع (ص: 44)، والمغني، لابن قدامة (3/ 440)، والمبدع في شرح المقنع (3/ 143)، والإنصاف، للمرداوي (8/ 304).

[31] انظر: الإجماع، لابن المنذر (ص: 54)، والمغني، لابن قدامة (3/ ٣١٦)، والمجموع، للنووي (7/ 296).

[32] انظر: الفروع، لابن مفلح (5/ 519), ومجموع الفتاوى (26/ 116، 117)، وحاشية الروض المربع، لابن قاسم (3 / 94).

[33] أخرجه البخاري (1833)، ومسلم (1353).

[34] أخرجه البخاري (1829)، ومسلم (1198) واللفظ له.

[35] أخرجه مسلم (1198).

[36] انظر: الإجماع، لابن المنذر (ص54)، ومراتب الإجماع، لابن حزم (ص43).

[37] أخرجه أحمد (3066)، وأبو داود (5267)، وابن ماجه (3224)، وصححه ابن حبان (5645).

[38] انظر: الروض المربع (897).

[39] أخرجه البخاري (1815)، ومسلم (1201).

[40] انظر: الاستذكار (4/ 118)، والإيضاح في مناسك الحج والعمرة (ص: 167)، والكافي في فقه الإمام أحمد (1/ 485).

[41] أخرجه مسلم (1409).

[42] أخرجه مسلم (1411).

[43] أخرجه أحمد (27197)، وصححه ابن حبان (4130).

[44] مجموع الفتاوى (18/ 73).

[45] انظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص (4/ 369).

[46] أخرجه أحمد (2587)، وأبو داود (1844)، والترمذي (842) وقال: حديث حسن صحيح. وأخرجه النسائي (2840)، وصححه ابن حبان (4129).

[47] أخرجه البخاري (4258).

[48] انظر: شرح مختصر الروضة (3/ 697)، والتقرير والتحبير على تحرير الكمال بن الهمام (3/ 28)، وإجابة السائل شرح بغية الآمل (ص: 421).

[49] تقدم تخريجه.

[50] تقدم تخريجه.

[51] انظر: المجموع، للنووي (7/ 287).

[52] انظر: الشرح الممتع (7/ 151).

[53] انظر: الإقناع (2/ 175).

[54] انظر: المغني، لابن قدامة (3/ 313)، والتجريد، للقدوري (4/ 1833)، وشرح الزرقاني على الموطأ (2/ 411)، والمجموع، للنووي (7/ 285).

[55] انظر: المغني، لابن قدامة (3/ 313)، والمجموع، للنووي (7/ 285).

[56] انظر: تفسير الطبري (4/ 130).

[57] انظر: الإجماع، لابن المنذر (ص: 52)، والاستذكار (4/ 257)، وبداية المجتهد (2/ 94)، ومراتب الإجماع (ص42)، والمجموع، للنووي (7/ 290، 414).

[58] انظر: الإجماع، لابن المنذر (ص: 52)، ومراتب الإجماع (ص: 42)، والاستذكار (4/ 258).

[59] انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (2/ 420)، وإرشاد السالك إلى أفعال المناسك (2/ 659)، والمجموع، للنووي (7/ ٤١٤)، والمغني، لابن قدامة (3/ 333).

[60] انظر: منسك الشنقيطي، جمع الطيار (2/249).

[61] انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (2/ 420)، والمجموع، للنووي (7/414).

[62] انظر: المنتقى شرح الموطأ (3/ 3)، إرشاد السالك إلى أفعال المناسك (2/ 659)، والمجموع، للنووي (7/ ٤١٤)، وشرح عمدة الفقه، لابن تيمية (2/ 227).

[63] انظر: المبسوط، للسرخسي (4/ 57).

[64] انظر: المغني، لابن قدامة (3/ 423)، والتاج والإكليل، للمواق (4/ 242)، والمجموع، للنووي (7/ 384).

[65] انظر: المبسوط، للسرخسي (4/ 57)، والتاج والإكليل، للمواق (4/ 242).

[66] أخرجه أحمد (18774)، والترمذي (889)، والنسائي (3016)، وابن ماجه (3015)، وصححه ابن حبان (2822)، والحاكم (1703).

[67] أخرجه أحمد (16208)، وأبو داود (1950)، والترمذي (891)، واللفظ له، وقال: حسن صحيح، والنسائي (3039)، وابن ماجه (3016)، وصححه ابن حبان (4364).

[68] انظر: الجامع لمسائل المدونة (4/ 503)، وشرح مسلم، للنووي (9/ 58).

[69] انظر: تبيين الحقائق (2/ 58)، والتاج والإكليل، للمواق (3/ 167)، والمجموع، للنووي (7/ 393)، والمغني، لابن قدامة (3/ 425).

[70] انظر: المجموع للنووي (7/ 393).

[71] انظر: المهذب، للشيرازي (1/ 394).

[72] انظر: المهذب، للشيرازي (1/ 394)، والهداية على مذهب الإمام أحمد (ص: 182).

[73] انظر: منسك الشنقيطي (2 / 205).

[74] انظر: منسك الشنقيطي (2/ 246).

[75] انظر: المغني، لابن قدامة (3/ 311).

[76] انظر: البناية شرح الهداية (4/ 347، 348)، والمجموع، للنووي (7/ 291)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 523).

[77] انظر: بدائع الصنائع (2/195)، والمجموع، للنووي (7/292)، والكافي في فقه الإمام أحمد (1/533).

[78] انظر: المدونة (1/ 439)، والكافي في فقه الإمام أحمد (1/ 533).

[79] وصاحب الزاد خالف المذهب في اثنتين وثلاثين مسألة، وهذه منها.

[80] انظر: الروض المربع (ص261).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • محظورات الإحرام
  • محظورات الإحرام
  • محظورات الإحرام
  • محظورات الإحرام
  • الصيد من محظورات الإحرام التي نص عليها القرآن
  • محظورات الإحرام
  • الفرق بين الرجل والمرأة في محظورات الإحرام
  • الفرق بين إحرام المرأة والرجل
  • من كرر محظورا ولم يفد فدى مرة واحدة
  • مختصر الإحرام بالحج وبعض ما يتعلق به من أحكام

مختارات من الشبكة

  • محظورات الإحرام بالحج والعمرة(مقالة - ملفات خاصة)
  • محظورات الإحرام(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • محظورات الإحرام تسعة(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • فقه الحج - محظورات الإحرام(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • محظورات الإحرام (فقه الحج)(مادة مرئية - موقع الشيخ د. عبد الله بن محمد الجرفالي)
  • برنامج مرئي: محظورات الإحرام(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • محظورات الإحرام وما يترتب عليها(مقالة - ملفات خاصة)
  • الخطبة الثالثة في نماذج من محظورات الإحرام(مقالة - ملفات خاصة)
  • نماذج من محظورات الإحرام(مقالة - ملفات خاصة)
  • محظورات الحج من مهذبة ألفية الزبد(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب