• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / محمد صلى الله عليه وسلم / مقالات
علامة باركود

مقدمة في الصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي

مقدمة في الصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي
أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/10/2012 ميلادي - 5/12/1433 هجري

الزيارات: 25298

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مقدمة في

الصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي

- صلى الله عليه وسلم -


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالِنا، من يَهدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسولُه.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70-71].

 

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهديِ هديُ محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتُها، وكل محدَثةٍ بدعةٌ، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.

 

وبعد:

فقد منَّ اللهُ علينا بأن جعل لنبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - رجالاً صدقوا ما عاهدوا اللهَ عليه، فأيَّدوه ونصروه وفدَوْه بأموالهم وأرواحِهم، ونقلوا عنه كلَّ شيء من حركاتٍ وسكنات، كيف يمشي؟ كيف يتكلَّم؟ كيف يأكل؟ كيف يشرب؟ كيف يتعامل في غضبِه وفرحه؟ نقلوا عنه كل شيء حتى السَّعلة (الكحة)؛ ففي حديث عبدالله بن السائب قال: "صلَّى لنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الصبح بمكة فاستفتح سورة المؤمنين، حتى جاء ذكرُ موسى وهارون، أخذتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سعلةٌ فركع"[1].

 

بل نقلوا عنه حركة الشفتين؛ فعن ابن عباسٍ في قوله - تعالى -: ﴿ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ﴾ [القيامة: 16]، قال: "كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يعالِج من التنزيل شدةً، وكان مما يحرِّك شفتيه، فقال ابن عباسٍ: فأنا أحرِّكُهما لكم كما كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يحرِّكهما"[2].

 

وكانوا معه - صلى الله عليه وسلم - يعلِّم جاهلَهم، ويُطعم جائعهم، ويطمئن خائفَهم، وكانوا - رضوان الله عليهم - يسألونه عن كل شيء يحدُث في أمور دينِهم ودنياهم؛ ففازوا بنصيحةِ من لا ينطق عن الهوى؛ فهُدوا إلى سواءِ الصِّراط، فلا تجد بابًا من أبواب الدِّين إلا والصحابةُ لهم فيه سؤال؛ ليتعلَّم ويعلِّم، فسألوا عما لا يعلمون، وعملوا بما تعلَّموا، ودعَوْا بما علموا، وعملوا ونشروا الخير في كل البلاد.

 

ولَمَّا كان العلم سؤالاً وجوابًا، وكان حسنُ السؤال نصفَ العلم[3] - جاءت أهميةُ هذا الموضوع، وهو "سؤالات الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم" سيما لعِظم السائل، وهم الصحابة، أفضل البشر بعد الأنبياء، ولعِظم المسؤول، وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل البشر على الإطلاق.

 

فحسن السؤال سببٌ في تعلُّم العلم النافع؛ لذا أمر الله به الجاهل؛ فقال: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، وفي حديث ابن عباس قال: أصاب رجلاً جرحٌ في عهد رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ثم احتلم فأُمِرَ بالاغتسالِ، فاغتسل فمات، فبلغ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((قتلوه قتلهم اللهُ، ألَم يكنْ شفاءُ العِيِّ السؤالَ؟!))[4].

 

وقال أميَّة بن أبي الصلت:

وقد يقتل الجهلَ السؤالُ ويشتفي
إذا عاين الأمرَ المهمَّ المعاينُ
وفي البحث قِدْمًا والسؤالِ لذي العمى
شفاءٌ، وأشفى منهما ما تُعايِنُ[5]

 

وقال ابن شهابٍ الزهريُّ: العلم خزانةٌ ومفاتيحُها السؤالُ[6].

 

وقيل للأصمعي: بِمَ نلتَ ما نلت؟ قال: بكثرة سؤالي، وَتَلَقُّفِي الحكمة الشرود[7].

 

ودعا معاوية بن أبي سفيان دغفلاً النسابة فسأله عن العربية، وسأله عن النجوم، فإذا رجلٌ عالم فقال: يا دغفلُ، من أين حفظتَ هذا؟ قال: حفظتُ هذا بقلب عقولٍ، ولسان سؤولٍ[8].

 

ولما نشأ أناسٌ لا يسألون عما يجهلون، ولا يبالون بما يفعلون، وقع من البدع والشرور ما الله به عليمٌ، قال ابنُ رجبٍ: واعلم أن كثرةَ وقوع الحوادث التي لا أصل لها في الكتاب والسنة إنما هو من ترك الاشتغالِ بامتثال أوامر الله ورسوله، واجتناب نواهي اللهِ ورسوله، فلو أنَّ من أراد أن يعمل عملاً سأل عما شرع اللهُ في ذلك العمل فامتثله، وعما نهى عنه فاجتنبَه - وقعت الحوادث مقيَّدةً بالكتاب والسنة، وإنما يعمل العاملُ بمقتضى رأيه وهواه، فتقع الحوادث عامَّتُها مخالفةً لما شرعه الله، وربما عسُر ردُّها إلى الأحكام المذكورة في الكتاب والسنَّة؛ لبُعدها عنها[9].

 

واعلم أن الذي يمتنع عن السؤالِ لا يخلو من أمرين، ذكرهما مجاهد حين قال: لا يتعلم العلمَ مستحيٍ ولا مستكبرٌ[10].

 

وقالت عائشة: "نِعم النساءُ نساءُ الأنصار لم يمنَعْهن الحياءُ أن يتفقَّهن في الدين"[11].

 

وقد دخل رجلٌ على ابن المبارك وعنده أهل الحديث يسألونه، فاستحيا أن يسألَ، وجعل أهلُ الحديث يسألونه، فنظر ابن المبارَك إليه، فكتب بطاقة وألقاها إليه، فإذا فيها:

إن تلبَّستَ عن سؤالِك عبدَالله
ترجعْ غدًا بخفَّيْ حُنَيْنِ
فأعْنِتِ الشيخَ بالسؤالِ تجِدْه
سلِسًا يلتقيك بالرَّاحتينِ
وإذا لَم تَصِحْ صياحَ الثَّكالى
قمتَ عنه وأنت صفرُ اليدينِ[12]

 

واعلم أن للسؤال آدابًا ينبغي مراعاتها عند السؤال، منها:

• أن يتحيَّن الوقتَ المناسب للسؤال، قال ابن عباس: إن كنتُ لآتي الرجل من أصحاب رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا رأيتُه نائمًا لم أُوقِظْه، وإذا رأيتُه مغمومًا لم أسأله، وإذا رأيته مشغولاً لم أسألْه[13].

 

وقال الخطيب البغدادي: ومن الأدب إذا روى المحدِّث حديثًا، فعرض للطالب في خلاله شيءٌ يريد السؤال عنه، أن لا يسأل عنه وهو في تلك الحال، بل يصبر حتى ينهيَ الراوي حديثَه، ثم يسأل عما عرض له[14].

 

وملخصه:

• لا تقاطع شيخَك أثناء حديثه أو شرحه.

 

• تجنَّب السؤال إذا كان الشيخُ يمشي؛ توقيرًا للعلم.

 

• لا تسأل شيخَك إذا كان مشغولَ القلب أو مزدحمًا بالأعمال، فإن كنت فارغًا فغيرُك مشغولٌ.

 

• لا بد من مراعاة الأوقاتِ، فتحرَّ وقتَ نشاطه.

 

كيف تلقي سؤالك؟

لطرح السؤال أدبٌ يراعيه من كان له عقلٌ راجحٌ، فإذا أحسنت السؤالَ، فلا شك أنك ستجد جوابًا، وإن أسأتَ، فلا تأمن الحرمان، وكما تقدَّم: حسنُ السؤال نصفُ العلم.

 

قال أبو سلمة: لو رافقتُ ابنَ عباس، لاستخرجتُ منه علمًا كثيرًا[15].

 

• ابدأ سؤالك بتوقير الشيخ.

 

• ادعُ لشيخك بين يدَي السؤال.

 

• إن أجابك، فلا تعارضْ قولَه بقول عالمٍ مثلِه، ولا تُمارِه.

 

قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "إن من حقِّ العالِم ألا تكثرَ عليه بالسؤال، ولا تعنته في الجواب، وأن لا تلحَّ عليه إذا كسل، ولا تأخذ بثوبه إذا نهض، ولا تُفشينَّ له سرًّا، ولا تغتابنَّ عنده أحدًا، ولا تطلبنَّ عثرتَه، وإن زلَّ قبلت معذرته، وعليك أن توقِّره، وتعظِّمه لله، ما دام يحفظ أمر الله، ولا تجلس أمامه، وإن كانت له حاجة سبقت القومَ إلى خدمته"[16].

 

فإذا راعيت هذه الآداب في السؤال، جنيتَ الثمارَ، ألا وهي:

• تحصيل العلم؛ إذ السؤال مفتاحُ بابه.

 

• رفع الجهل عن نفسك.

 

• استخراج علم الشيخ؛ لأن هناك من المشايخ مَن لا يحدِّث حتى يُسأل، قال شعبة:

رآني الأعمش وأنا أحدِّث قومًا، فقال: ويحك أو ويلك يا شعبة، تعلِّق اللؤلؤَ في أعناقِ الخنازير؟![17].

 

• نشاط الشيخ في درسه على قدر نشاط طلابه وفطنتِهم، فالشيخ يحافظ على العلم الذي عنده إذا سُئل.

 

قال أمية بن أبي الصلت:

لا يذهبَنَّ بك التفريطُ منتظِرًا
طولَ الأناة ولا يطمحْ بك العَجَلُ
فقد يزيدُ السؤالُ المرءَ تجربةً
ويستريح إلى الأخبارِ من يسَلُ
وليس ذو العلم بالتقوى كجاهلِها
ولا البصير كأعمى ما له بصَرُ
فاستخبرِ الناسَ عما أنت جاهلُه
إذا عَمِيتَ فقد يجلو العمى الخبرُرُ[18]

 

• قد يقول قائلٌ: كيف تجمع بين ما ورد في فضل السؤال وأهميته، وما جاء في النهي عن السؤال؟ كما في قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 101-102].

 

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ الله كرِه لكم ثلاثًا: قيل وقال، وإضاعةَ المال، وكثرةَ السؤال))[19].

 

وقول ابن عباس:

ما رأيت قومًا خيرًا من أصحابِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما سألوه إلا عن ثلاثَ عشْرة مسألةً حتى قُبض - صلى الله عليه وسلم - كلهن في القرآنِ: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ﴾ [البقرة: 222]، ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ ﴾ [البقرة: 217]، ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى ﴾ [البقرة: 220]، ما كانوا يسألونه إلا عما ينفعهم.

 

قال ابن القيم:

ومراد ابنِ عباس بقوله: ما سألوه إلا عن ثلاث عشْرة مسألةَ - المسائل التي حكاها اللهُ في القرآن عنهم، وإلا فالمسائل التي سألوه عنها وبيَّن لهم أحكامها بالسنَّة لا تكاد تحصى، ولكن إنما كانوا يسألونه عما ينفعهم من الواقعات، ولم يكونوا يسألونه عن المقدرات والأُغلوطات وعُضال المسائل، ولم يكونوا يشتغلون بتفريع المسائل وتوليدها، بل كانت هممهم مقصورةً على تنفيذِ ما أمرهم به، فإذا وقع بهم أمرٌ، سألوا عنه فأجابهم [20].

 

نقول - بفضل الله وعونه - لفكِّ هذا التعارضِ: علينا أن نعلمَ أن السؤالَ على أنواع:

1- السؤال الواجب وجوبًا عينيًّا [21]:

وهو السؤال عما يجهلُه من الأحكام الشرعية مما يجبُ على المكلَّف فعلُه، مثل: أحكام الصلاة والطهارة والصيام والزكاة، وغيرها من فروض الأعيانِ، ومثل: الاعتقاد في الله وملائكته ورسله وكتبِه...، وعليه يُحمل قوله - تعالى -: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43].


2- السؤال الواجب وجوبًا كفائيًّا[22]:

وهو السؤال للتوسُّع في معرفة الفقه، وما يتعلق بها لا للعمل فقط، ولكن لحفظِها على الأمة وبذْلها ونشرها، وعليه يُحمل قوله: ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ [التوبة: 122].


وكان عمر بن الخطاب وغيرُه يقول عن ابن عباس: إنه فتَى الكُهول، له لسانٌ سَؤولٌ، وقلبٌ عَقولٌ.

 

3 - السؤال المندوب[23]:

وهو السؤال عن المندوبات والمستحبات من الأعمال؛ لمعرفتها والتعبُّدِ بها، والسؤالات التي فيها تأكيد للمكلَّفِ من صحة عباداته ومعاملاته.

 

4 - السؤال المحرَّم[24]:

وهو السؤال المنهيُّ عنه نهيَ تحريم، وهو المراد بالنصوص التي فيها النهي عن السؤال، مثل:

أ- ما كان للسؤال عن الآيات والمعجزات على وجه التعنُّت والاستهزاء والعبث، كما قيل لعيسى - عليه السلام -: ﴿ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾} [المائدة: 112]، وكما قيل لموسى - عليه السلام -: ﴿ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً ﴾ [النساء: 153].


ب- السؤال عما أخفاه الله عن خَلْقِه لحكمة يعلمها، مثل السؤال عن سرِّ القضاء والقدر، وأمور الغيب، والسؤال عن كيفية صفاتِ الله - عز وجل - ونحوه، ومنه القصة الشهيرةُ عندما جاء رجلٌ للإمام مالك وقال له: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: 5]، كيف استوى؟ فقال مالك: "الكيف غير معقولٍ، والاستواءُ غير مجهولٍ، والإيمانُ به واجبٌ، والسؤال عنه بدعة، فإني أخاف أن تكونَ ضالاًّ"، وأمر به فأُخرج[25].


ج- السؤال عن الأُغلوطات، وقد فسَّرها الأوزاعيُّ بأنها شِدادُ المسائل وصعابها، وقال عيسى بن يونس: هي ما لا يُحتاج إليه من كيف وكيف[26].


وقال صاحب عون المعبود: إنها المسائل التي يُغالَط بها العلماءُ ليزِلُّوا فيها، فيهيج بذلك شرٌّ وفتنة، وهي لا تكون نافعةً في الدين، ولا تكاد تكون إلا فيما لا يقع[27].


5 - السؤال المكروه[28]:

مثل:

أ- سؤال الرجل: أين أبي؟ وعليه يحمل قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 101- 102].

 

ب- السؤال عما سكت عنه الشرعُ من الحلال والحرام زمنَ الوحي، وعليه يُحمل حديثُ: ((إن أعظمَ المسلمين جُرمًا مَن سأل عن شيءٍ لم يحرَّم، فحُرِّم من أجل مسألتِه))[29].


ج- السؤال عما لم يقع ولا حاجة له فيه: قال ابن رجبٍ: ولهذا المعنى كان كثيرٌ من الصحابة والتابعين يكرهون السؤال عن الحوادثِ قبل وقوعها، ولا يجيبون عن ذلك، قال عمرو بن مرة: خرج عمرُ على الناس فقال: أحرِّج عليكم أن تسألونا عما لم يكن؛ فإنَّ لنا فيما كان شغُلاً[30] [31].


أما عملي في هذا الموضوع، فكان على النحو التالي:

• جمع السؤالات المتعلقة بلفظ السؤال، نحو: (سألتُ، سأل، سُئل، سَلْ، سألنا، سألوه، سَلْه)، وغيرها من ألفاظ السؤالات.


• قيَّدت البحث بالكتب التسعة التي يسميها العلماء كتب الأصول، وهي: (البخاري، مسلم، أبو داود، الترمذي، النسائي، ابن ماجه، مسند أحمد، موطأ مالك، مسند أو سنن الدَّارمي) [32].


• رتبت السؤالات على الأبواب، فإذا كان السؤالُ في أحدٍ من الكتب المبوَّبة على الأبواب اخترت أحدَ التبويبات المناسبة، وإذا انفرد به أحمد بوَّبته تبويبًا مناسبًا للموضوع.


• أتناول الحديث على طريقة المسائل، فإن لم يكن الصحابيُّ من مشاهير الصحابة، صنعتُ له ترجمة موجزة، ثم أتناول أبرز المسائل التي في الحديث.


وقد سميتُه: "الصراط السوي في سؤالات الصحابةِ للنبي - صلى الله عليه وسلم"، وإليك أوله، وهي سؤالات الصحابة في العقيدة، وقد قدَّمت له بمقدمة في علم العقيدة، حوت في طياتِها معنى العقيدة، وأهميتَها، ومصادرَ تلقِّي العقيدة، وأهم خصائص عقيدةِ أهل السنة والجماعة، أسباب انحراف الناس عن العقيدة الصحيحة، وسبل التوقِّي من الانحرافِ، وأهمية التوحيد.


فاللهَ أسأل السدادَ والتوفيق والإخلاص، فليس له بديلٌ للانتفاع بالأعمال يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، إلا من أتى اللهَ بقلب سليم، وآخر دعونا أن الحمدُ لله رب العالمين الذي بنعمته تتم الصالحاتُ.



[1] مسلم (455) أبو داود (649).

[2] متفق عليه: البخاري (5) ومسلم (448).

[3] فتح الباري (1/172) كتاب العلم - باب من سُئل علمًا وهو مشتغل في حديثه.

[4] أبو داود (337) وحسنه الألباني في الجامع الصغير (7812).

[5]جامع بيان العلم وفضله (1/ 378).

[6]جامع بيان العلم وفضله (1/ 374).

[7] المصدر السابق (1/ 381)].

[8] المصدر السابق [(1/ 378)].

[9]جامع العلوم والحكم (94).

[10] البخاري تعليقًا كتاب العلم باب (50) الحياء في العلم، ووصله أبو نعيم في الحلية (3/287) ومن طريقه الحافظ في تغليق التعليق (93) وإسناده صحيح.

[11] البخاري تعليقًا كتاب العلم، ومسلم موصولاً (332) كتاب الحيض.

[12] المحدث الفاصل (ص: 361).

[13]الجامع لأخلاق الراوي (1/212).

[14] نفس المصدر (1/211).

[15] الجامع لأخلاق الراوي (1/209).

[16] جامع بيان العلم (1/155).

[17] الجامع لخلاق الراوي (1/205).

[18] جامع بيان العلم (1/106).

[19] البخاري (6473) ومسلم (593) من حديث المغيرة بن شعبة.

[20] إعلام الموقعين (1/64).

[21] واجب عيني: هو ما طلب الشارع فعلَه من كل المكلفين، ولا يسقط عنه بفعل البعض.

[22] واجب كفاية: هو ما طلب فعله من مجموع المكلَّفين، مثل: الجنائز، تغسيل وتكفين الميت والصلاة عليه ودفنه؛ أي: إذا فعله البعض سقط عن الكل.

[23] المندوب: لغة المدعو، واصطلاحًا: هو ما أمر به الشارع لا على وجه الإلزام كالرواتب.

حكم المندوب: يثاب فاعله امتثالاً، ولا يعاقب تاركُه، ويسمى سنة ومسنونًا ومستحبًّا ونفلاً.

[24] الحرام: لغة الممنوع، واصطلاحًا: هو ما نهى عنه الشارع على وجه الإلزام بالترك كعقوق الوالدين.

حكمه: يثاب تاركه امتثالاً، ويستحق العقاب فاعله، ويسمَّى محظورًا أو ممنوعًا أو معصيًة أو ذنبًا.

[25]أصول اعتقاد أهل السنة؛ للالكائي (3/389).

[26] جامع العلوم والحكم (1/247).

[27] عون المعبود (10/64).

[28] المكروه: لغة المبغض، واصطلاحًا: ما نهى عنه الشارع لا على وجه الإلزام بالترك كأكل البصل وغيره.

حكم المكروه: يثاب تاركه امتثالاً، ولا يُعاقب فاعلُه.

[29] البخاري (7289)، ومسلم (2358)، من حديث سعد بن أبي وقاص.

[30]جامع العلوم والحكم (1/245).

[31] انظر الجامع لشرح الأربعين النووية؛ للشيخ محمد يسري - حفظه الله - (1/410 - 418).

[32] قال الشيخ عاطف الفاروقي معلقًا: "مع العلم بأن هذا اللفظَ لم يكن معروفًا لدى العلماء المتقدمين والمتأخرين، وإنما هو اصطلاح انتشر في عصرنا فحسب؛ فتنبه!".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الفتوى
  • الصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي عن أركان الإسلام
  • كيف كان أول شأن النبي صلى الله عليه وسلم
  • بيان كون الإيمان بالله أفضل الأعمال
  • بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة
  • إثبات حقيقة الصراط ورد شبهات من أنكرها
  • آداب السؤال والتعلم
  • العبور على الصراط وكيفيته
  • كتب السؤالات والمسائل في عصرنا!
  • الصراط

مختارات من الشبكة

  • الصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي ( الطهارة ) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول السوي في التوسل بالأولياء والنبي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفنان المسلم.. الإنسان الموهوب السوي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الدعوة والإنسان السوي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مقدمة لا تشبه المقدمات(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • المختصر المفيد لنظم مقدمة التجويد: (مختصر من نظم "المقدمة" للإمام الجزري) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مقدمة في أصول التحقيق (مقدمة كتاب الانتصار)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • دراسة في مقدمات العلم: المقدمات العشر للتحرير والتنوير أنموذجا(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
2- آمين يا رب العالمين
أبو البراء محمد بن عبد المنعم آل علاوة - مصر 18-01-2020 01:44 AM

جزاكم الله خيرا

1- الصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي
شريف أبو راضي - مصر 22-10-2012 11:44 AM

أسال الله تعالى أن يبارك لأخي أبوالبراء محمد بن عبدالمنعم فى كتابه وفى رسالته وأن يزداد بها صلاحًا، وإصلاحًا .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب