• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / مكافحة التدخين والمخدرات
علامة باركود

ألا لعنة الله على المخدرات (خطبة)

ألا لعنة الله على المخدرات (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/1/2023 ميلادي - 18/6/1444 هجري

الزيارات: 11818

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ألا لعنة الله على المخدرات

 

الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ تفرَّدَ عزًّا ومجدًا وجلالًا، وتقدَّسَ بهاءً وسَناءً وجمالًا، وتوحَّدَ عظمةً وكبرياءً وكمالًا، تباركَ ربُّنَا سبحانهُ وتعالى، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك لهُ ﴿ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ [الرعد: 16]، ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم: 34]، وأشهدُ أن محمدًا عبدُهُ ورسولهُ، النبي المصطفى المختار، صلِّ اللهُمَّ وسلِّمْ وبارِكْ وأنْعِمْ عليهِ، وعلى آله الأطهار، وصحابتهِ الأخيار الأبرار، والتابعين، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ، ما تعاقب الليل والنهار، وسلِّم تسليمًا كثيرًا، أمَّا بعد:

فإنَّ خيرَ الوصايا هي الوصيةُ بالتقوى، فاتقوا الله يا عباد الله ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197] ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18] ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102] ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

معاشر المؤمنين الكِرام، بين يدي حديثنا اليوم، قصةٌ حقيقية؛ إلا أنها قصةٌ مؤلمةٌ مأساوية، وهي عينةٌ من آلاف القصص التي تفوقها ألمًا ومأساوية؛ فقد وقفتِ امْرأةٌ عجوز أمام القاضي، وبجوارها ابنتها وحفيدتها، فسألها القاضي: كيف لأُمٍّ أن تقتلَ ولدها، وفِلْذة كبدها؟! فقالت الأم بعد تردُّد طويل: دخلتُ عليه ذات يوم غرفتَه، فوجدتُه يحقنُ نفسه بالهيروين، فثرت عليه أنصحه وأصرخُ في وجهه؛ ولكنه قام وصفعني على وجهي، ثم غلبني على كل ما كان عندي من المال والذهب، فأخذه مني، ثم خرج، ليعود في الساعة الثالثة ليلًا، وكان منظرُه بشعًا، يثير الغثيان، ثقيل اللسان، أصفر الوجه، يهذي بكلامٍ لا يُفهَم، فدخل عليَّ غرفتي، ثم اقترب مني بلا وعيٍ، وأخذ يُمزِّقُ ثيابي، وحاول الاعتداء عليَّ وأنا أُمُّه! ولكني تمكَّنْتُ من الإفلات منه، ولله الحمد، وخرجتُ من البيت مذعورةً، وأسرعت وأنا بتلك الحال حتى وصلتُ إلى بيت ابنتي، ولم يشاهدْني أحدٌ، ولله الحمد، وبعد قرابة الشهر عدتُ أنا وابنتي وحفيدتي إلى البيت، ونحن نقول: لعلَّه مات أو هاجر؛ ولكني وجدتُه قد باع أغلبَ الأثاث، وفي الساعة الثالثة ليلًا عاد إلى البيت، فلما عرَف بوجودنا انقضَّ على حفيدتي هذه بوحشية، فحاولنا تخليصها منه فلم نتمكَّنْ، فذهبتُ مُسْرعةً إلى المطبخ، وجئتُ بالسكِّين فغرستُها في ظهره مرارًا حتى مات! إنها المُخَدِّرات يا عباد الله، ألا لعنةُ الله على المُخَدِّرات!

 

فلقد كرَّمَ اللهُ الإنسانَ وفضَّلهُ على كثيرٍ ممَّن خلقَ تفضيلًا، وميَّزهُ بالعقل، فبه يرقى ويتعلَّم، وبه يتبينُ ويفهَم، وبه يُميِّز بين الخير والشرِّ، والنافع والضَّارِّ، والصالح والطالح، فإذا أزال الإنسانُ عقله ضلَّ وغوى، وانحطَّ إلى أسفل الدركاتِ وهوى، يقول الحقُّ جلَّ وعلا عن أمثال هؤلاء: ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 44]، فما الإنسانُ بعد زوال عقلِهِ إلا مجنونٌ صائل، أو أحمق جاهل، قريبٌ شرُّه، بعيدٌ خيرُه، وبعض التائهين المخذولين يأبى إلَّا أن ينحطَّ إلى درَكات الذلِّ والهوان، وأن ينحدرَ إلى درجةٍ أقل من الحيوان، فمن أجل حُقنةِ مُخَدِّرٍ تعمى بصيرتُه، وينسلخُ من إنسانيته، ويظلمُ نفسه، وينسى ربَّه، ويفقدُ عقله، ويتحوَّلُ إلى شيطانٍ في صورة إنسان، لا يردعه دينٌ ولا عقلٌ ولا ضمير، يُمَزِّقُ عرضهُ ورجولته، ويخسرُ مالهُ وصحته، ويشرِّدُ أطفالهُ وأسرته، ويُدمِّرُ مُستقبلَهُ وآخرتَه، يجني على نفسه، فيخسرُ الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين، ففي صحيح الإمام مسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وكلُّ خَمْرٍ حَرامٌ))، وفي الصحيحينِ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((كلُّ شرابٍ أسْكَرَ فهو حَرامٌ))، وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أسْكَرَ كثيرُهُ، فقليلُهُ حَرامٌ))، وعن أمِّ سلمة رضي الله عنها قالت: نَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن كلِّ مُسْكِرٍ ومُفْتِرٍ، وعن جابر رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كُلُّ مُسْكِرٍ حرامٌ، إنَّ على الله عزَّ وجلَّ عهدًا لمن يشرب المُسْكِرَ أن يَسْقيَه من طينةِ الخَبال))، قالوا: يا رسول الله، وما طينةُ الخَبال؟ قال: ((عَرَقُ أهل النار أو عُصارةُ أهْلِ النار))، والحديث في مسلم، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وكُلُّ مُسْكِرٍ حَرامٌ، ومَنْ شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يُدمِنُها لم يتُبْ، لم يشربها في الآخرة))؛ رواه مسلمٌ، وفي الحديث الصحيح أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((مُدْمِن الخمر إن مات لقِيَ اللهَ كعابدِ وَثَنٍ))، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: ((أتاني جِبريلُ، فقال: يا محمدُ، إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لعَنَ الخَمْرَ، وعاصِرَها، ومُعتَصِرَها، وشارِبَها، وحامِلَها، والمَحمولَةَ إليه، وبائِعَها، ومُبتاعَها، وساقيَها، ومُستَقيَها))، وفي رواية صحيحة: ((لعَنَ اللهُ الخَمْرَ، ولَعَنَ شارِبَها، وساقيَها، وعاصِرَها، ومُعتَصِرَها، وبائِعَها، ومُبتاعَها، وحامِلَها، والمَحمولةَ إليه، وآكِلَ ثَمَنِها)).

 

ولا شَكَّ يا عبادَ الله، أنَّ المُخَدِّرات بأنواعها أشرُّ من الخمر وأضرُّ؛ لأنها تشارك الخمرَ في الإسكار، وتزيد عليها في كثرة الأضرار، فهي تُفسِدُ العقلَ، وتُدمِّرُ الجسدَ، وتُذهِبُ المالَ، وتقتُلُ الغَيْرةَ، وقد أجمعَ الناس كلُّهم مسلمين وكفَّارًا على فداحة ضررها، وشدَّةِ خطرها، وقال العالمون بواقع الحال: إنَّها أشدُّ فَتْكًا، وأعظمُ تدميرًا من الحروب والأمراض، وتُنادي القاصي والداني لحربها والقضاء عليها، وليس هذا خاصًّا بهذا الزمان، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هذه الحشيشة الملعونة هي وآكلوها ومستحِلُّوها، الموجبة لسخط الله تعالى، وسخطِ رسوله، وسخطِ عبادهِ المؤمنين، المعرِّضةِ صاحبَها لعقوبة الله، تشتملُ على ضررٍ في دين الإنسانِ وعقله، وخُلُقهِ وطَبْعهِ، حتى جعلت خلقًا كثيرًا مجانين، وتورثُ مهانة آكلِها ودناءة نفسه، ما لا تورثه الخمر، ومفاسدها أكثرُ من الخمر، فهي بالتحريم أولى.

 

ومما تجدُرُ الإشارةُ إليه أنَّ انتشارَ الحبوبِ المنبِّهة بين شبابنا أمرٌ مُخطَّطٌ له من قِبَل أعداءِ المِلَّةِ والدِّيْن، فقد صرَّحَ مديرُ عام مكافحةِ الجريمةِ بالمملكةِ بأنَّ هناك أطرافًا دوليةً تعملُ بشكلٍ مُكثَّفٍ على غَزْوِ المملكةِ بالمُخَدِّراتِ والحبوب الممنوعة، وأنَّ المملكةَ كغيرِها من البلادِ العربيةِ والإسلاميةِ مستهدفةٌ بتلك المواد الممنوعةِ لتدميرِ أفراد المجتمع وإتلافِ مقوماتِه، وإنَّ مما يزيدُ الأمرَ خطورةً، أنَّ هذه الحبوب والمخدِّرات غالبًا ما تحتوي على شوائبَ وإضافاتٍ خطيرةِ السُّميةِ، تُضافُ إمَّا بقصدِ الغِشِّ، أو لتقويةِ مفعولِها، أو لزيادة الإدمان، أو للفتكِ بشبابِ المسلمينَ وتدمير صحَّتِهم، والضحيةُ في النهاية هو هذا المتعاطي المسكينُ الذي يُفرِّطُ بعقلِه وصحته، ويفرِّطُ بدينِه وعرضه وأعزِّ ما يملكه.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 90-91].

 

أقول ما تسمعون.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عباده الذين اصطفى، أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا ممَّن يستمع القول فيتَّبِع أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب.

 

معاشر المؤمنين الكرام، لقد بلغ من مكر الأعداء بأمَّةِ الإسلام، وحرصهم على تدميرها والقضاء عليها، أن وجَّهُوا أشدَّ سِهامِهم إلى أغلى مقدرات الأمَّةِ وهم شبابها، فغزوهم بالمُخَدِّرات التي تفنَّنُوا في تصنيعها، واستماتوا في إيصالها إلى كافة المجتمعات الإسلامية بشتَّى الصور والأساليب، حتى أضحت حرب المُخَدِّرات هي الحرب الأخطرُ والأفتكُ والأشرس، وكل مَنْ وقفَ على شيءٍ من وقائع هذه الحرب، يُدرك مدى خطرِها وخِسَّتِها، وشدة فتكها وقساوتها، وكثرة ضحاياها وشراستها، وبالرغم من وجود القوانين القوية الصارمة، والتشريعات الحازمة، فلا يزالُ طوفان المُخَدِّرات ينخرُ ويفتك في صفوف شبابنا وفتياتنا، وبصورة عميقة مؤلمة، يصل صداها إلى مكاتب الأمن، ومخافر الشرطة، وأروقة المحاكم، وأسِرَّة المستشفيات، وجدران السجون؛ مما يشعرك بضخامة المشكلة، وفداحة الضرر، وعمق المأساة، فكم مزَّقت المُخَدِّرات من صِلات وعلاقات، وكم أفسدت من صداقات، وكم شتَّتَتْ من أُسَرٍ وجماعات، وكم أشعلت من أحقاد وعداوات، وكم أرهقت كاهل الأمة بما تجلبه عليها من مآسٍ ونكبات، وبما يُهدرُ في سبيل مكافحتها من أموالٍ ومُقدَّرات.

 

ولا يخفى على أحدٍ، أنَّ كلَّ مَن يقعُ أسيرًا في أوحالِ المُخَدِّرات فلن يكونَ في حسِّه شيءٌ أهمُّ من الحصول عليها؛ ولذا يسهلُ عليه أن يبذلَ من أجلها كل غالٍ ونفيس، وأن يُضحِّي بكل عزيزٍ ومُقدَّسٍ من أجل ألَّا تفوتَهُ الجرعةُ التي أدمنها، ولو أن يسلك من أجلها طريقَ الإجرام، أو أن يرتكبَ في سبيلها كُلَّ حرام، أو يتخلَّى عن عرضه وقيمه وأخلاقهِ ومبادئه، ويظل ينحدرُ في هذا المسلك الوَعْر، والمنحدرِ الخطر، إلى أن تضعُفَ قواه الجسدية والعقلية، وإلى أن يفقدَ كل مقوماته الاجتماعية، ويخسر كل مكتسباته الشخصية؛ بل ويفقدُ علاقته بأهله وعشيرته وأصدقائه، وينتهي دورُه الفعَّالُ في المجتمع، ويصبحُ بلا عملٍ ولا أمل، ويمسي عالةً على أسرته ومجتمعه، يسيرُ نحو الهاوية والنهاية البئيسة.

 

ومن ناحية أخرى، فإن تَهريب المُخَدِّرات وترويجها وتعاطيها يؤدي إلى سلسلة من الجرائم المتتابعة، ففي سبيل تحقيق أهدافهم الخبيثة، وتحصيل المكاسب القذرة، فإنَّ المُهَرِّبَ والمروِّجَ لن يتورَّعا عن ارتكاب أبشعِ الجرائم، وسلوك أسوأ الطرق للإيقاع بفرائسهما، وتجنيد أكبر عددٍ من المروجين لبضاعتهما، وكلاهما لن يتردد لحظةً في أن يتعاون حتى مع الشيطان، فضلًا عن الأعداء وكلِّ من يحرصُ على فساد شبابِ الأمةِ والإضرارِ بهم، وفي المقابل فإنَّ المتعاطي لن يرتدع عن توفير الثمن، ولو كان ذلك على حساب دينه أو عرضه أو قوت أهله وعياله، إلى غير ذلك من الجرائم المتتابعة، حمانا الله وإيَّاكم ومجتمعاتنا من كل شرٍّ وبلاء.

 

ألا وإنَّ غرسَ الإيمانِ ومراقبة الله جلَّ وعلا في نفوس النشءِ هو أساسُ الصلاح، وبَلْسَمُ الوقاية من كل فسادٍ وشرٍّ، إذا عُلِمَ هذا فيجب على كل فردٍ مسلم، أيًّا كان مكانه ومكانته، أنَّ يُساهم بما يستطيع في تعميق روح الإيمان والمراقبة، وتقوية الاستجابة لأوامر الله تعالى واجتناب نواهيه، والبعدِ عن مواطن الريبةِ ومسالك السوء، فالسلامةُ لا يعدلها شيء، وأن يأخذَ المسلمُ نفسَهُ بالآداب الإسلاميةِ الفاضلة، ويُزكِّي نفسهُ ويُحلِّيها بالأخلاق الحسنة، وأن يختار الصحبة الصالحة، فالصاحبُ ساحب، والمرءُ على دين خليله، وأن يُكثرَ من الصدقة والدعاء، فصنائعُ المعروفِ تَقِي مصارعَ السوءِ والآفاتِ والهلكاتِ، وأن يجتهدَ عمومًا في السير على منهج السلف الصالح، والاتصافِ بصفات أهلِ الإيمان والتقوى؛ فذلك بإذن الله هو الذي يحفظُه ويحميه، ويُجنِّبهُ الوقوعَ في أوحال المسكراتِ والمُخَدِّرات، ويصرفهُ بحول اللهِ عن الاستجابة لدعوات أصحابها، ويكفلُ له بكرم اللهِ سعادة الدنيا والآخرة، فالحقُّ جلَّ وعلا هو الذي يقول: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، وهو سبحانه الذي وعد عباده المؤمنين المستقيمين بقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾ [فصلت: 30، 31].

 

فيا بن آدم، عِشْ ما شئتَ فإنك ميِّت، وأحبِبْ من شئتَ فإنك مُفارِقُه، واعمل ما شئتَ فإنك مجزيٌّ به، البِرُّ لا يبلى والذنب لا يُنْسى، والدَّيَّانُ لا يموت، وكما تدين تُدانُ.

 

اللهُمَّ صَلِّ على محمدٍ.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مشكلة الإدمان والمخدرات
  • المخدرات في مجال الفقه الاسلامي
  • بلاء المخدرات والمسكرات
  • المخدرات
  • المخدرات: أسبابها وآثارها وعلاجها

مختارات من الشبكة

  • خطبة ألا لعنة الله على المخدرات(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • القافلة.. العزم والجزم والحزم(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • ملخص بحث: دور الأسرة مع مدمن المخدرات(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث الاتفاقيات والتشريعات في مجال مكافحة المخدرات(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • المخدرات طريق الهلاك في الحياة وبعد الممات (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة: المخدرات اسبابها وعلاجها(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الحرب على المخدرات (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطر المخدرات بأنواعها وبيان آثارها (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عن المخدرات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطر المخدرات وأضرارها المتعدية (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب