• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

خطبة الأحكام الفقهية للصيام

خطبة الأحكام الفقهية للصيام
الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/3/2025 ميلادي - 5/9/1446 هجري

الزيارات: 8747

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

(الأحكام الفقهية للصيام)

 

الخطبة الأولى

الحَمْدُ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، عبده المصطفى، ونبيه المُجتبى، فالعبد لا يُعبد، كما الرسول لا يُكذَّب، فاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم عَلَيْهِ وعَلَىٰ آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، ومن سلف من إخوانه من المرسلين، وسَارَ عَلَىٰ نَهْجِهِم، وَاقْتَفَى أَثَرَهُم إِلَىٰ يَومِ الدِّيْنِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمًا كَثِيْرًا؛ أَمَّا بَعْدُ:

عباد الله! فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فـ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

أَيُّهَا المؤمنون! هٰذِه آخر جمعة في شعبان، هٰذَا الشهر الَّذِي يغفل النَّاس عنه، بين رجب وبين رمضان، وبعده في يومٍ أو يومين، سيقدم عليكم ضيف عظيم، ضيف كريم عَلَىٰ قلوب أهل الإيمان، يتشوقون حرًّا للقائه والمرور به، في شهرٍ بشَّر النَّبِيّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه بقدومه، فقد روى الإمام أحمد وأهل السنن بإسنادٍ جيدٍ من حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جاءكم شهر رمضان، شهرٌ مبارك، تُفتح فيه أبواب الجنان، وتُغلَّق فيه أبواب النيران، وتُغلُّ فيه المردة، فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهرٍ، من حُرمها؛ فقد حُرم الخير كله»[1].

 

نعم يا عباد الله! لأنَّ لله عَزَّ وَجَلَّ في رمضان في كل ليلةٍ من لياليه عتقاء يعتقهم من النَّار، والمحروم والله من مرَّ عليه رمضان ثُمَّ لم يُغفر له.

 

جاء جبريل نبينا صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يا مُحَمَّد! قُل: آمين، فَقَالَ: آمين، قَالَ: قُل: آمين، فَقَالَ: آمين، ثُمَّ قَالَ: رغم أنف امرئٍ ثُمَّ رغم أنفه من أدركه رمضان ثُمَّ خرج منه فلم يُغفر له، فَقَالَ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آمين»[2].

 

وفي تقدمة رمضان يا عباد الله! نهانا صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصِّيَام قبله عَلَىٰ جهة الاحتياط وَالتَّهَيُّؤ له؛ ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَقدَّموا رمضان بصوم يومٍ أو يومين، إِلَّا من كان له صومٌ فليتم صومه»[3]، ودعا عمَّار رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عمَّار بن ياسر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَنْهُمَا دعا أصحابه إِلَىٰ الغداء في يوم الثلاثين من شعبان، فانصرف بعضهم عن الغداء، فَقَالَ: "مال هؤلاء؟ قالوا: صائم"، فَقَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "من صام اليوم الَّذِي يُشكُّ فيه؛ فقد عصى أبا القاسم صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

 

إذًا يا عباد الله! لا يجوز أن يحتاط الإنسان في صيام يوم الأحد إذا لم يُرَ في ليلته هلال رمضان عَلَىٰ جهة الاحتياط من رمضان، فيقول: لو كان من رمضان فهو فرضي؛ فإنَّ هٰذَا مِمَّا نهى عنه نبيكم عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، «إِلَّا من كان له صومٌ فليتمَّ صومه» [4] وَهٰذَا يشمل صنفين من النَّاس:

أولهما: من عليه قضاءٌ من رمضان الفائت، فليبادر إِلَىٰ صيامه قبل قدوم رمضان الجديد، فإنْ أخَّر صيامه حَتَّىٰ جاء رمضان الجديد؛ وجب عليه أمور ثلاثة:

أولها: التَّوبَة إِلَىٰ الله، حيث أخَّر ما عليه من القضاء حَتَّىٰ فات وقته.

 

ثانيها: عليه قضاء ما عليه من الصِّيَام بعد انقضاء رمضان.

 

وثالثها: عليه إطعام عن كل يوم مسكينًا عن هٰذَا اليوم الَّذِي أخره حَتَّىٰ جاء رمضان الجديد، كما جاء ذلك في حديثي ابن عباس وأبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَنْهُمْ، ويُروى عنهم موقوفًا ومرفوعًا.

 

الصنف الْثَّانِي يا عباد الله: من كان له صوم فليتم صومه، كمن يصوم يومًا ويفطر يومًا، أو يصوم الاثنين والخميس؛ فإنَّ هٰذَا لا يتناوله هٰذَا النَّهْي؛ لأنه لم يقصد في صيامه التَّهَيُّؤ لرمضان أو الاحتياط له، وَإِنَّمَا هو صومٌ يصومه قبل رمضان وفي غير رمضان، وَهٰذِه من صيام الأيام النَّافِلَة.

 

ثُمَّ اعلموا -رحمني الله وَإِيَّاكُمْ- أنَّ الصِّيَام هو فرض الله جَلَّ وَعَلَا عَلَىٰ عباده، في قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183] إِلَىٰ قوله جَلَّ وَعَلَا: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185].

 

واعلموا أنَّ شهود الشهر يتم بأحد طريقين لا ثالث لهما:

أولهما: أن يشهد العدل برؤية هلال رمضان، وتُقبل شهادته؛ فعندئذٍ يُصام بهذه الرؤية، ففي قوله صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم؛ فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» أخرجاه في الصحيحين [5] من حديث ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَنْهُمَا، وَهٰذَا لفظ البخاري.

 

الأمر الْثَّانِي: أن يُتمَّ شعبان ثلاثين يومًا، فإذا أتمَّ النَّاس شعبان ثلاثين يومًا؛ فإنهم يكونون فيما بعده في رمضان، فلا طريق في دخول الشهر إِلَّا بأحد هذين الطريقين، أما الحساب الفلكي؛ فإنه يُستأنس به، ولا يُعتمد عليه؛ إذْ الاعتماد عَلَىٰ ما أوصانا به نَبِيُّنا صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هٰذِه سنته، وَهٰذَا دينه وَهٰذِه شريعته، فلا التفات إِلَىٰ من خالف ذلك باجتهادٍ عقلي، يجتهده من بُنيَّات أفكاره، أو يتبعه فيه من يتبعهم ممن يقول بذلك.

 

ودخول رمضان يا عباد الله! يكفي برؤية عدلٍ واحد؛ لأنَّ ابن عمر راوي الحديث أخبر النَّبِيّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه رأى الهلال؛ فأمر صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاس بِالصِّيَامِ، وفي حديث ابن عباسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَنْهُمَا عند أهل السنن: "أنَّ أعرابيًّا جاء إِلَىٰ النَّبِيّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخبره أنه رأى الهلال، قَالَ: «تشهد أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟» قَالَ: نعم يَا رَسُولَ اللَّهِ، فأمر النَّاس بِالصِّيَامِ"[6]، أما دخول بقيَّة الأشهر فَلَا بُدَّ من شاهدي عدل، وكذلك في انصرام رمضان ودخول شوَّال، لَا بُدَّ من شاهدي عدلٍ اثنين، يشهدان بأنهم رأوا الهلال، هٰذَا الَّذِي تضمنت عليه سنته عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

 

وكان صيام رمضان فُرض عَلَىٰ المسلمين في العام الْثَّانِي من الهجرة، فصام نبيكم صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسع رمضانات؛ لأنه فريضة الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَىٰ عباده، وفي الصِّيَام من الفوائد والأحكام:

أنه عبوديةٌ لله جَلَّ وَعَلَا، فمن صام عبادةً وإيمانًا لله؛ فصومه أداء للواجب، أما من صام عادةً لأن قومه صاموا فصام معهم، أو صام حِميةً، أو صام لأجل النَّاس؛ فَهٰذَا لم يستشعر معنى العبودية في هٰذِه الفريضة، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا؛ غُفر له ما تقدم من ذنبه»[7]، وفي رواية عند الحافظ النسائي[8] رَحِمَهُ اللَّهُ: «غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» حسنها الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"[9].

 

إذًا هٰذَا الفضل العظيم في صيام رمضان وقيامه إيمانًا واحتسابًا، لا يحققه إِلَّا من أدرك هذين الشرطين:

أولهما: أن يكون صيامه لله جَلَّ وَعَلَا توحيدًا وعبوديةً وإيمانًا، لا يبتغي بذلك إِلَّا هٰذِه اَلنِّيَّة، وَهٰذَا المقصد الَّذِي يعلمه الله جَلَّ وَعَلَا منه.

 

ثانيهما: أن يكون صيامه وقيامه في احتساب أجره ومثوبته من ربه جَلَّ وَعَلَا، لا من النَّاس ثناءً ولا شكورًا، ولا مدحةً ولا رياءً، وَإِنَّمَا مراده بِالصِّيَامِ والقيام: ثواب الله عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي أعدَّه لأوليائه؛ ففي الصحيحين عن النَّبِيّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: «قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: كلُّ عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أضعافها، إِلَّا الصَّوم، فإنَّه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان: فرحةٌ عند فطره، وفرحةٌ إذا لقي ربه فرح بصومه»[10] أي: عند لقاء ربه، وَهٰذِه فرحة عظمى لأهل الإيمان، حَتَّىٰ يُنادون يوم القيامة من بابٍ لا يُنادى منه إِلَّا الصائمون، يُسمى بـ"باب الرَّيَّان" فإذا دخلوا منه أُغلق دونهم، فلا يدخل منه أحدٌ غيرهم.

 

فابتغوا هٰذَا الثواب العظيم عباد الله، وحققوا نيتكم لله جَلَّ وَعَلَا في الصِّيَام، فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيدٍ الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من صام يومًا في سبيل الله؛ بعَّد الله وجهه عن النَّار سبعين خريفًا» [11] هٰذَا إذا كان صومه في سبيل الله، وابتغاء مرضاة الله، لا عادةً ولا مشاكلةً لغيره، ولا رياءً ولا سمعة.

 

نفعني الله وَإِيَّاكُمْ بالقرآن العظيم، وما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هٰذَا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحَمْدُ للهِ عَلَىٰ إحسانه، والشكر له عَلَىٰ توفيقه وامتنانه، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، إعظامًا لشانه، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الدَّاعي إِلَىٰ رضوانه، صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وعَلَىٰ آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وإخوانه، وَمَنْ سَارَ عَلَىٰ نَهْجِهِم، وَاقْتَفَى أَثَرَهُم وأحبَّهم وذبَّ عنهم إِلَىٰ يوم رضوانه، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمًا كَثِيْرًا؛ أَمَّا بَعْدُ:

عباد الله! فاتقوا الله جَلَّ وَعَلَا، واشكروه عَلَىٰ نعمه وآلائه، ومنها: أنه بلَّغكم رمضان، فإنَّ والله عبد الله السعيد الَّذِي أدركه هٰذَا الزمان الفاضل، فكان سببًا في مغفرة ذنبه، وفي عتقه من النَّار، وفي رضا ربه جَلَّ وَعَلَا عليه، والمحروم يا عباد الله! من أدركه رمضان، ثُمَّ خرج منه ولم يتعرَّض إِلَىٰ أسباب رحمة الله، ولا إِلَىٰ نفحات عفوه؛ فإنَّ هٰذَا هو الخاسر خسرانًا مبينًا.

 

واعلموا -رحمني الله وَإِيَّاكُمْ- أنَّ الصِّيَام له مفسدات أربعٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بين العلماء، قد انعقد الإجماع عليها، وهي:

الأكل والشرب متعمدًا.

أو وطء أهله في نهار رمضان.

وكذلك خروج دم الحيض والنفاس عَلَىٰ المرأة.

فَهٰذِه مفسدات مُجمعٌ عَلَىٰ إفسادها.

 

ومن مفسدات الصوم يا عباد الله: الحجامة، فقد قَالَ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما جاء في الصحيحين عنه: «أفطر الحاجم والمحجوم» [12]، والحجامة لمَّا كان فيها إخراج الدم الكثير الَّذِي معه يضعف البدن ويوهَن، لم يجمع الله جَلَّ وَعَلَا عَلَىٰ عبده ضعفين: ضعفٍ بترك الطعام والشراب، وضعفٍ بخروج الدم الكثير بإرادته، فكان بهذا الدم وبهذه الصفة مفطرًا من المفطرات، أما خروج دمٍ يسير برعاف، أو خروج دم يسير لأجل التَّحْلِيْل، ببرواز أو بروازين؛ فإنَّ هٰذَا لا يفطِّر، أما التبرع بالدم في نهار رمضان؛ فإنه مفَطِّر في قول جماهير العلماء رَحِمَهُمُ اللَّهُ.

 

ذَكَرَ نبيكم صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما ثبت عنه في الصحيحين [13] حديث المرأة البغي من بني إسرائيل، الَّتِي كانت تقاره هٰذَا الفعل الشنيع، وَهٰذَا الفعل الخاطئ في إتيانه الزِّنا وفعل البغي، أنه اشتد حرُّها، واشتد عطشها، فنزلت إِلَىٰ بئرٍ فشربت، فأذهب الله بهذا الماء عطشها، فلمَّا ارتفعت، وإذا كلبٌ، والكلب يا عباد الله نجس، وإذا كلبٌ يلعق الثرى بلسانه من شدة العطش، فقالت في نفسها: إنه قد بلغ العطش بهذا الكلب، كالذي بلغ مني، فنزلت مرة أخرى إِلَىٰ البئر وملأت موقها، وهو زربول رجلها، الَّذِي من جلد، ملأته ماءً، ثُمَّ صعدت فأسقت هٰذَا الكلب حَتَّى ذهب عنه العطش الَّذِي كان فيه قبل أن يروى، وذهب عنه العطش الَّذِي أصاب المرأة قبل أن تروى بالماء، فشكر الله عَزَّ وَجَلَّ لها، وغفر لها، وتجاوز عمَّا كان من فعلها البغي فأدخلها الجَنَّة، لِمَ؟ لأنها أحسنت إِلَىٰ خَلْقٍ من خلق الله، «وفي كل نفسٍ رطبةٍ أجرٌ» [14] قاله النَّبِيّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

واعلموا أنَّ من المفطرات أَيْضًا: أن يباشر الإنسان أهله، بتقبيلٍ أو بضم، أو بتفكيرٍ يكون بتكرار نظر، أو يكون بلعبه بعضوه، ثُمَّ ينزل المني، فإنَّ هٰذَا مفطِّر في قول الأئمة الأربعة رَحِمَهُمُ اللَّهُ.

 

ومن المفطرات أَيْضًا يا عباد الله! من المفطرات المُتَعَلِّقَة بهذا: الاستفراغ عمدًا وقصدًا؛ لقول النَّبِيّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما رواه عنه بعض أهل السنن: «من ذرعه القيء؛ فلا قضاء عليه، ومن استقاء؛ فعليه القضاء»[15].

 

ومن المفطرات أَيْضًا يا عباد الله: المبالغة في المضمضة والاستنشاق، يبالغ فيهما حَتَّىٰ يكون ذلك مظنة لوصول الماء إِلَىٰ حلقه، وهو المنفذ إِلَىٰ جوفه، وَهٰذِه المبالغة في المضمضة والاستنشاق نهى صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصائم عنها، ففي السنن من حديث لقيط بن صبرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وبالغ في المضمضة والاستنشاق، إِلَّا أن تكون صائمًا»[16].

 

واعلموا عباد الله! أنَّ الإبر الوريدية الَّتِي فيها مادة الجلوكوز أن هٰذِه الإبر المغذية الَّتِي تُحقن من جهة الوريد أنها في حكم المفطِّر؛ لأنها في معنى الطعام والشراب، أما قطرة العين وقطرة الأنف، والإبر المخدرة لأجل عمليات صغرى، أو لأجل عمليات الأسنان، ونحو ذلك؛ فإنها لا تفطِّر؛ لأنَّها جميعًا ليست في معنى الأكل، وليست في معنى الشرب.

 

فاتقوا الله جَلَّ وَعَلَا وصوموا لربكم، واحفظوا صيامكم عمَّا يكدره وينغصه، واعلموا أنَّ مردة الجن مُسَلْسَلِين في رمضان، لكن إخوانهم من شياطين الإنس يُعِدُّون العُدَّة من وقت طويل في إضلال وإغواء عباد الله في رمضان، فيما يهيئونه من برامج ومسلسلات، ومن مسابقاتٍ ربوية وميسرٍ وقمار، حَتَّىٰ يصرفوا عباد الله عَزَّ وَجَلَّ عن هٰذَا الموسم المبارك في صيامه وقيامه، وَهٰذَا من الحرمان العظيم.

 

واعلموا -رحمني الله وَإِيَّاكُمْ- أنَّ من قام مع إمامه في صلاة التراويح قيامًا حَتَّىٰ ينصرف إمامه؛ كُتب له قيام ليلة، كما قاله النَّبِيّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

وصلاة التراويح شعيرةٌ في رمضان، تُصلى جماعة في مساجد المسلمين، كما شرعها النَّبِيّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شرعها بقوله: «ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه» [17]، وشرعها صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في فعله؛ ففي الصحيحين من حديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: "قام النَّبِيّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رمضان ليلة، فقام ناسٌ بقيامه، ثُمَّ جاءت الليلة الثانية فقام، فقام بعض النَّاس بقيامه، ثُمَّ جاءت الليلة الثالثة وتسامع النَّاس، فقاموا بقيامه، فلمَّا جاءت الليلة الرابعة غصَّ المسجد عن أهله ينتظرون أن يصلوا بصلاته عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فلم يخرج عليهم في تلك الليلة الرابعة، فملمَّا طلع الصبح، خرج فصلى بهم صلاة الفجر، ثُمَّ انصرف إليهم، فحمد الله وأثنى عليه، وَقَالَ: «إنه لم يخفَ عليَّ مكانكم البارحة، ولكنِّي خشيت أن تُفرض عليكم ولا تقدروا عليها»"[18]، فترك ذلك عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مخافة أن يُفرض ذلك عَلَىٰ المؤمنين.

 

ثُمَّ إنه أقام النَّاس جماعةً في عهد عمر، وما زال عمل المسلمين في صلاة التراويح، يترنمون بكتاب الله عَزَّ وَجَلَّ، ويرتلونه ويسمعونه في صلاتهم، وما زال عَلَىٰ ذلك عمل المسلمين، وَالنَّاس في هٰذَا في سعة من أمرهم، يصلون ما شاء الله أن يصلوا في عدد الركعات، وليس فيها عددٌ معيَّن، لكنه جاء في الصحيحين من حديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: "ما زاد النَّبِيّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن" أي: من طول قنوته وقيامه وركوعه، "ثُمَّ يصلي أربعًا فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثُمَّ يصلي ثلاثًا يوترن له ما قد صلَّى"، فَالنَّاسُ في سعةٍ من هٰذَا الأمر، فمن أراد السُّنَّة؛ فليوافقها عددًا ويوافقها هيئة، أما إذا وافقها عددًا وعجَّل في صلاته؛ فَهٰذَا لم يوافق سنة قيامه صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

وجاء في الصحيحين أَيْضًا من حديث ابن عباس "أنه صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في قيام ليله ثلاث عشرة ركعة"، فَالحَمْدُ للهِ الأمر في هٰذَا واسع؛ لقوله صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صلاة اَللَّيْل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح؛ أوتر ولو بواحدة»[19].

 

ثُمَّ اعلموا -رحمني الله وَإِيَّاكُمْ- أنَّ أصدق الحديث كلام الله، وَخِيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثة بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وعليكم عباد الله بالجماعة؛ فإنَّ يد الله عَلَىٰ الجماعة، ومن شذَّ؛ شذَّ في النَّار، ولا يأكل الذئب إِلَّا من الغنم القاصية.

 

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فِي العَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ وارضَ عن الأربعة الخلفاء، وعن العشرة وأصحاب الشجرة، وعن المهاجرين والأنصار، وعن التابع لهم بإحسانٍ إِلَىٰ يَومِ الدِّيْنِ، وعنَّا معهم بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين، اللَّهُمَّ بلِّغنا رمضان، وأعنَّا فيه عَلَىٰ الصِّيَام والقيام، واجعلنا فيه ووالدينا ومشايخنا من عتقائك من النَّار أَجْمَعِيْنَ يا ذا الجلال والإكرام، اللَّهُمَّ أبرِم لهٰذِه الأُمَّة أمرًا رشدًا، يُعزُّ فيه أهل طاعتك، ويُهدى فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر يا ذا الجلال والإكرام، اللَّهُمَّ آمنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللَّهُمَّ احقِن دماء المسلمين في كل مكان، اللَّهُمَّ احقِن دماء إخواننا المسلمين في ليبيا، وفي سوريا، وفي اليمن، وفي كل مكانٍ، اللَّهُمَّ احفظ عليهم دينهم، واحفظ عليهم أمنهم وأعراضهم وأموالهم، اللَّهُمَّ كُن لإخواننا المستضعفين المساكين الفقراء المحوجين في الصومال، اللَّهُمَّ مدهم بعونٍ من عندك يا ذا الجلال والإكرام، اللَّهُمَّ إنَّا نعوذ بك أن نضِلَّ أو نُضَلّ، أو نذلّ أو نُذلّ، أو نظلم أو نُظلَم، أو نجعل أو يُجهل علينا، اللَّهُمَّ احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا، وعن شمائلنا، واحفظنا من فوقنا ومن تحت أقدامنا، ونعوذ بعظمتك أن نُغتال وأنت ولينا، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، عباد الله! إنَّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكَّرون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه عَلَىٰ نعمه يزدكم، ولذكر اللَّه أَكْبَر، والله يعلم ما تصنعون.



[1] أخرجه أحمد (9497)، (8991)، والنسائي (2106) بنحوه.

[2] أخرجه أحمد (7451)، والترمذي (3545) بنحوه.

[3] أخرجه البخاري (1914)، ومسلم (1082) بنحوه.

[4] أخرجه البخاري (1914)، ومسلم (1082) بنحوه.

[5] أخرجه البخاري (1900)، ومسلم (1080) بنحوه.

[6] أخرجه أبو داود (2341) والنسائي (2113) بنحوه.

[7] هذا الحديث عبارة عن حديثين: الأول: (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا؛ غُفر له ما تقدم من ذنبه) أخرجه البخاري (2014)، ومسلم (760)، والثاني: (من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه) أخرجه البخاري (2009)، ومسلم (759).

[8] في السنن الكبرى (2523)، وهو عند أحمد (9001).

[9] (4/115).

[10] أخرجه البخاري (1904)، ومسلم (1151) بنحوه.

[11] أخرجه البخاري (2840)، ومسلم (1153) إلا أن مسلما قال: (باعد الله).

[12] أخرجه البخاري (1937).

[13] أخرجه البخاري (3467)، ومسلم (2245).

[14] أخرجه البخاري (2363)، ومسلم (2244) بنحوه.

[15] أخرجه ابن ماجه (1676) بهذا اللفظ، وأخرجه الترمذي (720) بنحوه.

[16] أخرجه أبو داود (407)، والترمذي (788)، وابن ماجه (407)، والنسائي (87) كلهم رووه بدون لفظ (المضمضة).

[17] أخرجه البخاري (37)، ومسلم (759).

[18] أخرجه البخاري (924)، ومسلم (761) بنحوه.

[19] أخرجه البخاري (990)، ومسلم (749).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة آيات الصيام
  • قضاء رمضان (خطبة)
  • خطبة: ماذا بعد رمضان؟
  • خطبة: أصناف الناس بعد رمضان
  • خطبة: استقبال رمضان
  • خطبة: (أخطاء تقع في شهر رمضان)

مختارات من الشبكة

  • زبدة الأحكام من آيات الأحكام: تفسير آيات الأحكام (2) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حكم وزواجر من خطب البلغاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم الخطبة على خطبة آخر(استشارة - الاستشارات)
  • خطب الاستسقاء (10): من حكم حبس القطر (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الكسوف: أحكام وعبر وآيات مع ذكر الرواية الكاملة لصلاة وخطبة الكسوف (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الأحكام الفقهية لصيام شعبان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من الأحكام الفقهية المتعلقة بخطبة الحاجة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زبدة الأحكام من آيات الأحكام (1) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (النسخة 7)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • إفادة الأنام بصفوة أحاديث الأحكام: المنتقى من عمدة الأحكام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب