• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / الإسراء والمعراج
علامة باركود

نفحات من آي الإسراء

أ. د. فهمي أحمد عبدالرحمن القزاز

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/6/2012 ميلادي - 4/8/1433 هجري

الزيارات: 63500

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نفحاتٌ من آيِ الإسراءِ

المقدّمة


في أول تسعينيات القرن الماضي عندما كنت أعمل محاضرا بصفة معيد في كلية الشريعة ببغداد؛ قدح في ذهني أن أشترك مع أخوتي الطلبة في هذه الكلية العتيدة بمسابقة قرآنية حول موضوع الإسراء والمعراج فلملمت أوراقي لأجمع اللفتات البلاغية والذوقية والروحانية المتعلقة بهذه المعجزة الربانية، وما زلت أذكر أنّ عدد الأسئلة المتعلقة بهذه المسابقة بلغ سبعة وعشرين سؤالا تنوعت وتعددت في الميادين كافة وبلغ عدد المشتركين بها أكثر من خمسين طالباً وطالبةً، وجلست مع إخوتي الطلبة في قاعة المناقشات لمدارسة هذه الأسئلة ومكافأة الفائزين بها بعد إتمامها؛ وكانت جلسة ربانيّة، نسأل الله تعالى أن ينفعنا بها غدا يوم القيامة.

 

وكنت كلما مرت علينا هذه المعجزة الباهرة وانا أقف خطيبا أو محاضرا في مساجد بغداد حماها الله من كل سوء وعبث أذكر بعضا من هذه النفحات وأضيف عليها شيئا فشيئًا.

 

وقبلَ عام وقفت خطيبا في أحد مساجد الموصل الحدباء وإنا أتذوق هذا الرحيق المختوم من هذه الآية، وكان جالسا في هذه الخطبة احد طلبتي النجباء وفي طريق عودتنا إلى المنزل اقترحت عليه أن يأخذ هذه النفحات ويسجلها بمشروع بحثه للتخرج في المرحلة الرابعة في كليتنا كلية الإمام الأعظم وفعلاً تمَّ الأمر وزوته بالمسودات القديمة وكنت مشرفا عليه في بحثه وسميناه "ومضات من آي الإسراء"؛ وبعد تقديمه للمناقشة طلب مني احد الأساتذة المناقشين للبحث أن انشر هذا الموضوع كبحث أصيل بفكرته الأولى التي دونتها سابقا على صيغة السؤال والجواب ليحصل بها المقصود وأن تنشر في مواقع التواصل الاجتماعي، ومجلة كليتنا.

 

فاستعنت بالله على كتابته مجددا وتأصيله وعزو الأقوال إلى أصحابها مع إضافة ما أفهمه من أنوار هذه الآية الكريمة وقصرته على آية الإسراء دون التطرق إلى المعراج الذي تكلمت عنه سورة النجم، أو ما حدثتنا به كتب السنة المشرفة مدخرا ذلك لأعوام قادمة إن شاء الله تعالى.

 

وسميته "نفحات من آي الإسراء" سائلا المولى القبول وتمام العفو والعافية في الدنيا والآخرة، انه سميع مجيب.

 

وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ على سيّدنا مُحمّدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.

 

تمهيد

قال الله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ الإسراء: 1.

 

الإسراء لغة: مأخوذ من (سرى): تقول سريتُ سُرى ومسرى وأسريتُ بمعنى، إذا سرت ليلا، وبالألف لغة أهل الحجاز، وجاء القرآن بهما جميعا.

 

وقال حسان بن ثابت:

حيِّ النضيرة ربَّةَ الخِدْر
أسرتْ إليك ولم تَكُنْ تَسْرِي

 

 

ويقــال: سَرَيْنا سَرْيَةً واحـــدةً، والاسـم السُرْيَة بالضـم، والسُّرَى، وأسراه وأسرى به، والسرآية: سرى الليل وهو: اسم مصدر[1].

 

وفي الاصطلاح: (هي المعجزة التي كانت مظهرا من مظاهر التكريم الإلهيّ لخاتم الأنبياء والمرسلين، وآية باهرة تدل على قدرة الله عز وجل في صنع العجائب والغرائب)[2].

 

واختلف في وقت الإسراء؛ والأصحُّ: أنه كان قبل الهجرة بنحو سنه وخمسة أشهر[3]، ومكمن الإعجاز فيها بكونها رحلةً أرضيةً شرّف الله فيها كُلَّ البشر على صورةِ واحدٍ منهم حاز له كمال العبودية وشرفه الله تعالى بوسام العبودية... والعنصر البارز في هذه السورة الكريمة هو (شخصية الرسول) وما أدّى الله به من المعجـزات الباهرة، والحجــج القاطعة، الدالة على صدقه - صلى الله عليه وسلم -[4].

 

وسميت السورة الكريمة بـ(الإسراء) لتلك المعجزة الباهرة التي خصَّ الله تعالى بها نبيَّه الكريم - صلى الله عليه وسلم -، احتفاءً به، وتكريماً له على صبره، وتحمّله ضروب البلاء والأذى، في سبيل دعوة الله، وأنها لحفاوة عظيمة أن يسرى به إلى بيت المقدس، ثم يصعد به إلى السماء، لم ينلها قبله أحد من الأنبياء[5]، وسميت أيضا ًبسورة: (بني إسرائيل)، وعدد آياتها مائة وإحدى عشرة آيةً، وعدد كلماتها ألف وخمسمائة وثلاث وثلاثون كلمةً، وعدد حروفها ستة آلاف وأربعمائة وستون حرفاً، والآية الأولى منها مكية، ولا خلاف بين العلماء في ذلك، وهي من أوائل ما أنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [6].

 

قال البقاعي: (المقصودُ بها-أي سورة الإسراء- الإقبال على الإله وحده، وخلع كل ما سواه، لأنه وحده المالك لتفاصيل الأمور، وتفضيل بعض الخلق على بعض، وذلك هو العملُ بالتقوى التي أدناها التوحيدُ الذي افتتحت به النحل، وأعلاها الإحسانُ الذي اختتمت به، وهو الفناء عمّا سوى الله) [7].

 

وسبب نزولها ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقريش الإسراء به وتكذبيهم له، فأنزل اللهُ ذلك تصديقاً له[8]، فإذا كانت قد نزلت عقبَ وقوع الإسراء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - تكون قد نزلت في حدود سنة اثنتي عشرة بعد البعثة، وهي سنة اثنتين قبل الهجرة في منتصف السنة[9].

 

ولو تأملّنا خواتيم سورة النحل لوجدناها مقدّمة طبيعية لأحداث سورة الإسراءُ، ولوجدنا أن هناك توافقاً وتناسباً بين هاتين السورتين، فقد ختمت النحل ببيان حكم رد العقوبة بمثلها، ثم أمرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -بالصبر. وبينت جزاء الصابرين، ونهت الرسول- صلى الله عليه وسلم - عن الضيق من مكر الكفار. نستشفّ من هذا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيستقبل أحداثا شديدة تحتاج إلى صبر، تحتاج إلى سعة صدر، وكأن هذه التوجيهات جاءت بمثابة مناعات إيمانية، تحصن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتُعِدُّه لما هو مقبل عليه من أحداث في سورة الإسراء [10].

 

قال أبو حيان الأندلسي: (مناسبة أول هذه السورة لآخر ما قبلها أنه تعالى لماّ أمره بالصبر ونهاه عن الحزن عليهم وأن يضيق صدره من مكرهم، وكان من مكرهم نسبتُه إلى الكذب والسحر والشِّعْر وغير ذلك مما رموه به، أعقب تعالى ذلك بذكر شرفه وفضله واحتفائه به وعلو منزلته عنده)[11].

 

وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ على سيّدنا مُحمّد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.

 

1- نفحة: التسبيح ومعناه؟ ولماذا ابتدأت السورة به دون غيرها؟

ابتدأت السورة بكلمة: ﴿سُبْحَانَ﴾ وهو علم على التسبيح أو اسم مصدر بمعنى: التسبيح وله تأويلان:

أحدهما: تنزيه الله تعالى من السوء، وقيل بل نزه نفسه أن يكون لغيره في إسراء عبده تأثير.

الثاني: معناه برأه الله تعالى من السوء...وهو ذكر تعظيم لله لا يصلح لغيره، وإنما ذكره الشاعر على طريق النادر، وهو من السبح في التعظيم وهو الجري فيه إلى ابعد الغايات[12].

 

وبما أنّ الإسراء أمر خارق خارج عن العادة فلا بد من التسبيح فيهِ، وهو تنزيه الله عن النقص في الأفعال، فناسب التسبيح دون غيره.

 

قال أبو السعود: ﴿سُبْحَانَ﴾ علم للتسبيح كعثمان للرجل وحيث كان المسمى معنى لا عينا وجنسا لا شخصا لم تكن إضافته من قبيل ما في "زيد المعارك" أو "حاتم طئ" وانتصابه بفعل متروك الإظهارِ، تقديرهِ: أسبِّحُ اللهَ سبحانَ الخ، وفيه ما لا يخفي من الدلالة على التنزيه البليغ من حيث الاشتقاق من السبح الذي هو الذهاب والإبعاد في الأرضِ، ومنه فرس سبوح أي واسعُ الجريِ، ومن جهة النقل إلى التفعيل، ومن جهة العدول من المصدر إلى الاسم الموضوع له خاصةً لاسيما وهو علم يشير إلى الحقيقة الحاضرة في الذهن ومن جهة قيامه مقامَ المصدر مع الفعل، وقيل هو مصدر كغفران بمعنى التنزه ففيه مبالغة من حيث إضافة التنزه إلى ذاته المقدسةِ، ومناسبة تامة بين المحذوف وبين ما عطف عليه في قوله تعالى سبحانه وتعالى كأنه قيل تنزه بذاته وتعالى) [13].

 

قال سلطان العلماء العز بن عبد السلام: (وهو تعظيمٌ لا يصلح لغير الله، أخذ من السبح في التعظيم وهو الجري فيه، وقيل: هو هنا تعجّب، أي: اعجبوا للذي أسرى، لمّا كان مشاهدة العجب سبباً للتسبيح صار التسبيح تعجباً) [14].

 

قال الشنقيطيّ: (والتَّسبيح إنما يكون عند الأمور العظام، فلو كان مناماً لم يكن له كبير شأن حتى يتعجَّبَ منه) [15].

 

ومما تجدر الإشارةُ إليه أنّ افتتاح السورة بالتسبيح طبعها بجو التسبيح إلى حدٍّ كبير وشاع فيها ذلك، من ذلك قال تعالى: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً﴾[16]، وقال تعالى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾ [17]، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾[18]، وهو أعظم إطلاق في التسبيح، فناسب هذا الإطلاق في أول السورة، وقال تعالى: ﴿سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً﴾ [19]، وقال تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً﴾[20]، ولا أعلم سورةً تماثلها في شيوع التسبيح وكثرته، ولعلّ في ذلك إشارةً إلى نقله إلى عالم ملئ بالتسبيح[21].


2- نفحة: لماذا جاء التسبيح بصيغة اسم المصدر لا الفعل؟

تنوّع التسبيح في كتاب الله مع أنواع الفعل الثلاثة: الماضي، والمضارع، والأمر، قال تعالى: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[22]، وقال تعالى: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾[23]، وقال تعالى:﴿سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى﴾[24]، وذلك ليشمل كل أحوال التسبيح وأزمنته، ومعلومٌ لدى قارئ اللغة العربية أنّ الأفعال تقترن بالأزمان، فالفعل الماضي كما قال أهل الشأن يدلُّ على التحقق والوقوع، والمضارع يدل على التجدد والحدوث، وفعل الأمر يطلب منه الامتثال، فمن هنا نعلم أن عبادة الذكر قد استغرقت أزمنة الفعل كلها، ولكن من انعم النظر في آية الإسراء نجد أنّ بالتَّسبيح فيها جاء بصيغة اسم المصدر: ﴿سُبْحَانَ﴾، وهو يدلُّ على أحد مدلولي الفعل وهو الحدث، لأنّ الفعل يتضمن الحدث مع الزمن، أما المصدر فيدل على الحدث الخالي من الزمن[25]، مما يعني أن رحلة الإسراء خلت من الزمان، وأيضا فإن الله تعالى جاء بالتسبيح بمعنى المصدر من غير ذكر لفاعل التسبيح لغرض الإطلاق، أي: أنه أهل للتسبيح ومستحقه سواء كان هناك من يسبحه أم لا. وهذا مما يفيده المصدر، فان المصدر لا يدل على زمن معين بخلاف الفعل ولا يقتضي فاعلا معينا، فانه يدل على الحدث المجرد من الزمن فدلّ ذلك على الإطلاق[26].

 

قال ابن عجيبة: (وهذا الفعل قد عُدّي باللام تارة، وبنفسه أخرى في قوله: ﴿وَسَبِّحُوهُ﴾ [الأحزاب: 42]، وأصله: التعدي بنفسه؛ لأنّ معنى سبَّحته: بعّدته من السوء، من: سَبَح: إذا ذهب وبَعُد، فاللام إما أن تكون مثل اللام في: نصحتُه ونصحتُ له، وإما أن يراد بـ ﴿سبَّح لله﴾: اكتسب التسبيح لأجل الله ولوجهه خالصاً) [27].

 

3- نفحة: التعبير باسم الموصول ﴿الَّذِي﴾ دون لفظ الجلالة (الله)؟

مقتضى التعجب أن نقول: (سبحان الله) ولاسيما في هذه المعجزة الباهرة ولكن الآية ذكرت بعد التسبيح الاسمَ الموصولَ ﴿الَّذِي﴾، والحكمة من ذلك: أنّ التعبير عن الذات العلية بطريق اسم الموصول دون اسم العلم للتنبيه على رفعة مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ربه ولبيان العلاقة بين الصلة واسم الموصول وهذا من لوازم اسم الموصول.

 

قال ابن عاشور بقوله ﴿الَّذِي﴾: للتنبيه على ما تفيده صلةُ الموصول من الإيماء إلى وجهِ هذا التعجّب والتنويه سببه، وهو ذلك الحادث العظيم والعناية الكبرى. ويفيد أنّ حديث الإسراء أمر فشا بين القوم، فقد آمنَ به المسلمون وأكبره المشركون، وفي ذلك إدماج لرفعة قدر محمّدٍ - صلى الله عليه وسلم -وإثبات أنه رسول من الله، وأنه أوتي من دلائل صدق دعوته ما لا قبل لهم بإنكاره، فقد كان إسراؤه إطلاعاً له على غائبٍ من الأرض، وهو أفضلُ مكان بعد المسجد الحرام، والمسجد النبوي[28]

 

4- نفحة: الفعل ﴿أَسْرَى﴾ وقانون الفاعل:

أسرى، وسرى بمعنى: سار في الليل، وهما لازمان، ومصدر الأول الإسراء، ومصدر الثاني السُرى بضم السين[29].

 

قال القاسمي: وفرق بعضهم بين أسرى وسرى بالمبالغة في ﴿أَسْرَى﴾ لإفادة السرعة في السير، ولذا أوثر على (سرى)[30].

 

قال الشعراوي: الإسراء هو السير في الليل، أي: قطع مسافات بأرض في ليل فهي رحلة أرضية تمت في الليل، فالحق سبحانه وتعالى أسرى بعبده، فالفعل لله تعالى وليس لمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، ولو تأملنا قليلا سنجدُ أنّ الله سبحانه وتعالى أسرى بعبده إلى مكان أقصى في رحلة يضرب إليها أكباد الإبل شهرا وعاد بعد أن رأى وتكلم وقال وقيل له وفراشه دافئ، فما هذه القوةُ العجيبة التي قامت بهذا الفعل في هذا الوقت؟ ومعلوم أن قطع المسافات يأخذ من الزمن على قدر عكس القوة المتمثلة في السرعة. أي: أن الزمن يتناسب تناسبا عكسيا مع القوة، فلو أردنا مثلا الذهاب إلى المدينة المنورة سيختلف الزمن لو سرنا على الإقدام عنه إذا ركبنا سيارة أو طائرة فكلّما زادت القوة قلّ الزمن، فما بالك لو نسب الفعل والسرعة إلى الله تعالى، فإذا كان الفعل من الله فلا زمنَ، أي فهي رحلة خلت من الزمن لأنك حين تنسب الفعل إلى فاعله يجب أن تعطيه من الزمن على قدر قوة الفاعل[31].

 

5- نفحة: فائدة حرف الباء في قوله ﴿بِعَبْدِهِ﴾:

الفعل: ﴿أَسْرَى﴾ يتعدى بنفسه من غير حاجه إلى ذكر الباء؛ فلو قلنا: (أسرى عبدَه) لجاز في لغة، والحكمة من مجيء الباء هنا والله اعلم؛ أن الباء حرف جر له معان عدة في اللغة؛ ومن معانيه البارزة: المصاحبة[32]؛ مما يعني مصاحبة الله عز وجل لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في هذه الرحلة المباركة، ولا عجب من ذلك إذ خَصَّ - صلى الله عليه وسلم - الصحبَة في سفره بربه عز وجل بقوله: (اللهم أنت الصاحبُ في السفر) [33].وإذ علمنا أن للباء معنى آخر وهو: الإلصاق[34] كقوله تعالى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾ [35] أي: وامسحوا باليد رؤوسَكم. فيحمل معنى للإلصاق هنا: على شدة تعلق النبي - صلى الله عليه وسلم - بربه دون غيره. فإذا علمنا المعنيين للباء في هذه الآية، نخلص إلى نتيجة: أنه لا يوجد صاحب أقرب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من ربه في إسراءه، ولا يوجد مخلوق أشدّ التصاقا بربه من رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في أسرائه.

 

6- نفحة: العبودية ومنزلتها في الآية، وهاء الضمير المتصل:

من علو قدر النبي- صلى الله عليه وسلم - عند ربه أنّ الله تعالى لا يخاطبه باسمه وإنما يخاطبه بوصف النبوة والرسالة بقوله: ﴿يا أيها النبيُّ﴾، و ﴿يا أيها الرسولُ﴾ وإنما ذكر أسمه الشريف في خمسة مواضع من القرآن الكريم جاءت بصيغة الإخبار لا الإنشاء، قال تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ﴾[36]، وقال: ﴿وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾[37] ولكن في آية الإسراء وصفه بوصف آخر، ألا وهو: وصف العبودية.

 

وحكمة ذلك والله اعلم أنَّ الإنسان الذي أسري به هو بشرٌ مثلُكم وهو محمد بن عبد الله- صلى الله عليه وسلم - وليخبرنا الله تعالى لو أن نبيكم رفع إلى السماء أو مشى على الماء أو طار في الهواء فهو عبد يتشرف بنسبته إليّ، ولا ينبغي لأحد أن يتعالى ويدّعي مقاما فوق الخلق [38] فلا تضل به أمته فتجعله إلها يُعْبد حاشاه عن ذلك، كما ضلت أمة المسيح حيث ادّعته إلهاً [39].

 

وليثبت لنا أن العبوديةَ له هي أسمى المراتب التي يصلُ إليها الإنسان.. فالعبوديةُ لله عزّةٌ ما بعدها عزّة.. وعطاء ما بعده عطاء [40].

 

إذن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يلفتَ أنظارَنا إلى (أنّ العبودية له هي أعلى وسام ينعم الله به على الفرد، قال تعالى: ﴿ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً﴾ [41]، وقال عن أيوب عليه الصلاة والسلام: ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾، ألا ترى أنه لما ذكر موسى عليه السلام عند المناجاة باسمه فقال : ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾[42][43].

 

قال أبو حيان: (لو كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - اسمٌ أشرف منه لسماه به في تلك الحالة) [44].

 

قال ابن عجيبة: (العبودية أشرف الحالات وأرفع المقامات، بها شَرَفُ من شَرُفَ، وارتفعَ من ارتفعَ، عند الله، وما خاطب الله أحبَّاءه إلا بالعبودية، فقال تعالى:﴿سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً﴾ [الإسراء:1]، وقال: ﴿وَاذْكُرْ عَبدَنَآ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ﴾ [صَ: 45]، ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ﴾ [صَ: 17]، ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيْوُّبَ﴾ [صَ: 41]، ﴿نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [صَ: 30]... إلى غير ذلك) [45].

 

وقوله: ﴿بِعَبْدِهِ﴾ فيه إشارة إلى كمال مقام العبودية الفردية التي فيها تفريد الله حبيبه ومصطفاه، بهذا القدر دون غيره، وهنا إشارة خفية يذوقها العارفون بالله، وهي انه تعالى قال: ﴿بِعَبْدِهِ﴾ ولم يقل (برسوله) حتى يكون لكل عبد قسطٌ من الإسراء الروحانيّ سياحة ملكوتية، ولو قال: برسوله لحظر على كل عبد غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسرى بروحه في عالم الملكوت[46]، ولأن الله تعالى أراد أن يفتح باب السريان (الإسراء) للتابعين، فأعلمنا بأن الإسراء من بساط العبودية، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان له كمال العبودية، فكان له كمال الإسراء، أسري بروحه وجسمه وظاهره وباطنه، والأولياء لهم قسط من العبودية فلهم قسط من الإسراء يسري بأرواحهم لا بأجسادهم[47].

 

وكلمة: ﴿بِعَبْدِهِ﴾ فيها دلالة على أن الإسراء وقع بالروح والجسد لأنه قد زعم بعضهم: أن الإسراء بالجسد، والمعراج بالروح دون الجسد. ولكن ظاهر القران يدل على أنه بروحه وجسده - صلى الله عليه وسلم - يقظة لا مناما؛ لأنه قال: ﴿بِعَبْدِهِ﴾، والعبد عبارة عن الروح والجسد، ولأنه قال: ﴿سُبْحَانَ﴾، والتسبيح إنما يكون عند الأمور العظام، فلو كان مناما لم يكن له كبير شأن حتى يتعجّب منه؛ ويؤيده قوله تعالى: ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى﴾ لأن البصر من آلآت الذات لا الروح، وقوله: هنا ﴿لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا﴾[48]، وهذا ما ذهب جمهور الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم (عبده) لا يطلق إلا على الروح والجسد معا والله اعلم بالصواب.

 

قال الثعالبي: (ولو كانت منامة ما أمكن قريشاً التشنيع، ولا فضل أبو بكر بالتصديق، ولا قالت له أم هانئ: لا تحدث الناس بهذا فيكذبوك، إلى غير هذا من الدلائل)[49]

 

وحكمة إضافة العبودية إلى الذات العلية بهاء الضمير المتصل دون المنفصل في هذه الرحلة الربانية، هو: القرب والمعيّة التي لا تخفى على ذي لبٍّ فهي إضافة تشريف ورفع مكانة لا إضافة تعريف؛ لان وصفه بالعبودية المضاف إلى الله تعالى أشرف المقامات والأوصاف[50]، فلو تأملنا سورة الجن لوجدنا أن العبودية مضافة إلى لفظ الجلالة فقال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً﴾ [51]، وبينهما فرق لا يتذوقه إلا من رزقه الله فهما في كتابه، ففي آية الإسراء أضاف محمدا - صلى الله عليه وسلم - إلى نفسه فقال: ﴿بِعَبْدِهِ﴾ وهو تكريم آخر وهو نظير قوله: ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾[52] وفيه تشريف وحفظ له من كل سوء، فان السيد يحمي عبده ويحفظه[53].

 

7- نفحة: إذا كان الإسراءُ هو المشيَ ليلا لماذا أكد بـ ﴿لَيْلاً﴾؟ ولماذا جاء بصيغة التنكير؟

مما قرره علماء اللغة أنّ الإسراء هو: السير ليلا فالقارئ يفهم أن الرحلة كانت في الليل، ولكنَّ الله تعالى جاء بكلمة ﴿لَيْلاً﴾ للدلالة على أن الأمر كلَّه إنما تمَّ واكتمل ليلا فقط، فأكّدَ ذلك لأن الإنسان لا يصدق بأنّ كلَّ ما حدث يمكن أن يحدث ليلا فأكده للدلالة على أنّه حدث في جزء من الليل وهذا ما يسمى بالظرف المؤكِّد[54].

 

قال ابن عاشور: (والمقصود منه تأكيد معنى الإسراء بأنه حقيقة وليس مستعملاً مجازاً في التبكير بناءً على أن المتعارف في الرحيل أن يكون فجْراً) [55].

 

وقال: ﴿لَيْلاً﴾ بلفظ التنكير لبيان (تقليل مدة الإسراء وأنه أسري به في بعض الليل من مكة إلى الشام) [56]، وأنّ الليل والنهار إذا عُرِفا كانا معيارا للتعميم وظرفا محدودا فلا تقول: (صحبته الليلة) وأنت تريد ساعة منها إلا أن تقصد المبالغة كما تقول: (أتاني أهل الدنيا) لناسٍ منهم، بخلاف المنكّر فانه لا يفيد ذلك، فلمّا عدل عن تعريفه هنا علم أنه لم يقصد استغراق السرى له[57]

 

فدلّ لفظ التنكير على أن الإسراء إنما تمَّ في جزء من الليل ولو عرّف الليل لكان المعنى أن الإسراء إنما استغرق الليلَ كلَّه قال تعالى: ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ﴾ [58][59].

 

ولعلَّ من حكمة هذه الكلمة ان الله تعالى نقل حبيبه بفضاء كله ليل، فمن يتأمل الكون الذي بدأ النبي - صلى الله عليه وسلم -رحلته وانتهى إليه فهو نفسه ليل عظيم، لان الفضاءَ الكونيَّ مظلم – وكأنه ليل كبير، فإذا خرج الإنسان عن الكرة الأرضية مبتعدا مسافة 2000 كم كان الفضاء كله ليلا [60].

 

8- نفحة: لماذا تمّ الإسراء ليلا ولم يتمّ نهارا؟

كان الأقرب إلى عقولنا القاصرة أن نقول: إن الإسراء مادام معجزة كان المفروض أن يتم نهارا ويرى الناس رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -وهو يركب الدابة التي أتى له بها جبريل عليه السلام وهي البراق ويشق بها عنان السماء.. ألم يكن هذا أقوى بالنسبة للمعجزة؟.. بحيث يراها الناس في وضح النهار؟.. كما رأى أقوام الأنبياء معجزات أنبيائهم؟ ألم يكن الإسراءُ نهاراً تأكيداً للمعجزة فلا يكذبها احد.. ولا يثور حولها ذلك الجدل الذي ثار من ضعاف الإيمان؟.

 

فلو استقرأنا معجزات الأنبياء التي حدثنا عنها القرآن سنجدها حدثت كلها أمام أقوامهم، فنبي الله إبراهيم ألقيَ في النار وقومه يشاهدونه، وموسى عليه السلام شق له البحر أمام قومه، وعيسى عليه السلام حدثت معجزاته وشاهدها الناس جميعا، ولكن عندما نصلُ إلى معجزة الإسراء سنجدُ أنَّ الله تعالى يخبرنا أنها تمت في ليل لأنه يريد منا أن نفهم الحكمة الإلهية من هذه المعجزة التي لم يشاهدها أحد. كيف لا والله تعالى عندما كان يوحي لنبيه وحبيبه القران بواسطة جبريل كان يوحيه خفيةً، أي لا يشاهد أحد جبريل وهو ينزل القران على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

 

إذن المسألة هي مسألة إيمانية أي إخبار لنا بغيب، وليست مسألةَ مشاهدة علما أنّ رسول الله له معجزات حسية كثيرة كانت أمام أعين الناس، كنبع الماء من يده الشريفة، ووضع يده في طعام قليل فكفى جيشا بأكمله، والى غيرها من المعجزات الحسية، فهل آمنَ الكفارُ عندما رأوا هذه المعجزات؟. لم يؤمنوا وقالوا: ساحر سحر أعين الناس، وقد اخبرنا الله تعالى عن ذلك في كتابه العزيز، قال تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ﴾[61]، فهكذا نرى أنّ الآيات الكونية لم تجعل الناس يؤمنون، بل أخذوا يفسرونها حسب أهوائهم، فنرى ثمود قوم صالح مثلا طلبوا من نبيهم أن يخرج لهم من الصخرة ناقة فلمّا استجاب لهم الله لم يؤمنوا وعقروها. وهكذا مع سيدنا موسى عليه السلام.

 

لكن الله تعالى أراد من معجزة الإسراء حدثا يكون دليلا إيمانيا يبقى إلى يوم القيامة، لأنّ الرسالة المحمدية باقية إلى يوم القيامة، فجعلها غيبا عليه دليل ماديّ حتى تناقش بالعقل وتكون مدخلا للإيمان، ونحن كمسلمين نعلم أنّ الإيمان ليس دليله العين ! ولكنه يتم بالدليل العقلي.

 

فلو أن المعجزة تمت نهارا، ورأى الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصعد إلى السماء على البراق لقالوا إنما سَحَرَ أبصارَنا وعن ذلك اخبرنا الحق سبحانه قال تعالى: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ﴾[62]، فلا نعجب فهذا هو السلوك البشريّ والله أعلم بخلقه، ولذلك أخي القارئ لم تكن المعجزة حسية لتفيد بأن يصدقوا بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد اسري به. ولكن هذه الرحلة الغيبية تحتاج إلى دليل عقليّ كما قلنا لتؤكد صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فيما يوحى إليه.

 

فالمعجزة تمت غيبا ولها أكثر من دليلٍ عقليّ، ومنها إخباره - صلى الله عليه وسلم -أنه أسري به إلى بيت المقدس وتكذيب قريش له، فقالوا: نحن نضرب إليها أكباد الخيل شهرا وأنت تدّعي أنك أتيتها في ليلة. فكان الرد العقلي على ذلك: هو أن الله تعالى هو الذي أسرى برسوله ومحمد - صلى الله عليه وسلم - لم يدّعِ انه هو الذي أسرى بنفسه.. إذن فالقدرة منسوبة إلى الله تعالى[63].

 

وكلمة ﴿لَيْلاً﴾ لا تدل على تقليل مدة الإسراء فقط لأننا كما قلنا: إن الإسراء خلى من الزمن ولكن ذكر الليل هنا فيه احتفاء بالمدعو به ولأنّ وقت الليل هو وقت تجلى الرحمن على عباده، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أَوْ ثُلُثَاهُ يَنْزِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ؟ لَهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ"[64].

 

وهذا هو وقت مسير الأنبياء ونجاتهم وان شئت فاقرأ قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخَافُ دَرَكاً وَلا تَخْشَى﴾[65]، وقال تعالى: ﴿فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ﴾[66]

 

9- نفحة: لماذا سمي بالمسجد الحرام وكان يعرف بالبيت الحرام؟

لقب بالمسجد لأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام جعله لإقامة الصلاة في الكعبة كما حكى الله عنه ﴿رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ﴾.

 

ولما انقرضت الحنيفية وترك أهل الجاهلية الصلاة تناسوا وصفه بالمسجد الحرام فصاروا يقولون: البيت الحرام، لأنّ الكعبة كانت انطمرت كبيت من بيوت الله، ولم يعد لها هذا المظهر، وسميت بيت العرب، وشحنت بالأصنام [67]، وأما قول عمر: إني نذرت في الجاهلية أن اعتكف ليلة في المسجد الحرام، فانه عبر باسمه في الإسلام[68]، والمسجد الحرام اشرف بيت يعبد فيه الله وهو أول بيت وضع للناس قال تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً﴾[69]. فإذا علمنا أنه أول بيت وضع للناس.... فيكون واضعُه غيرَ الناس... ومادام وجد ناس... وآدم عليه السلام أول الناس... فلابد أن يكون هذا بيتا لله سبحانه وتعالى.. ولابدَّ ان يكون هذا موضوعا قبل سيدنا ادم عليه السلام بنته الملائكة[70]. وسماه الله تعالى مسجداً حراما، وسمي حراما؛ لأنه حرم فيه ما لم يحرم في غيره من المساجد. وكل مكان يخصَّص لعبادة الله نسميه مسجدا قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾[71]، هذا من جهة ومن جهة أخرى أنَّ المسجد الحرام عن غيره من المساجد، أنّه بيت الله باختيار الله تعالى، وغيُره من المساجد بيوتُ الله باختيارِ خلق الله؛ لذلك كان بيتَ الله باختيار الله قبلةً لبيوت الله باختيار خلق الله. وقد يراد بالمسجد المكان الذي نسجدُ فيه، أو المكان الذي يصلح للصلاة، كما جاء في الحديث الشريف: (... وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا) [72]، أي: صالحةً للصلاة فيها، ولابدَّ أن نفرق بين المسجد الذي حيز وخصص كمسجد مستقل وبين أرض تصلح للصلاة فيها ومباشرة حركة الحياة، فالعامل يمكن أن يصلي في مصنعه، والفلاّح يمكن أن يصلي في مزرعته، فهذه أرض تصلح للصلاة ولمباشرة حركة الحياة.

 

أما المسجد فللصلاة، أو ما يتعلق بها من أمور الدين كتفسير آية، أو بيان حكم، أو تلاوة قران.. الخ ولا يجوز في المسجد مباشرة عمل من أعمال الدنيا[73].

 

10- نفحة: الإسراء كان من خارج المسجد فلماذا قال تعالى: ﴿مِنْ الْمَسْجِدِ﴾؟

في ذلك أيضا دلالة شرعية كما يبدو فإنَّ كثيراً من العلماء أجمعوا على أنّ الإسراء إنما كان من بيت أمِّ هانئ، فأختة بنت أبي طالب، وهذا البيت إنما هو خارج المسجد الحرام، وإنما سماه الله ﴿الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ ليدل على أنّ مكة كلها حرم[74]، ولها حكمه من مضاعفة أجر الصلاة وغيرها والله اعلم بالصواب.

 

قال ابن عبَّاس: "الحرم كلُّه مَسْجِدٌ", وهذا قول الأكثرين[75].

 

11- نفحة: معنى: ﴿الأَقْصَى﴾، وذكر مسجد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في الآية قبل الهجرة؟

إذا أردنا أن نستشف النفحات والأنوار في هذه الآية نرى أنها جمعت المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، المسجد الأقصى، وذكرت مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الهجرة، فقد قال العلماء: عندما نقول (أقصى) معناه: ابعد، فلابدَّ أن يوجد قبله (قَصيّ) أي: بعيد، تقول ذهبتُ إلى أقصى مكان، أي: إلى أبعد مكان والمكان الذي بين انطلاقتك والنهاية يسمى (قَصيّ) فهذه الآية عندما ذكر الله تعالى فيها لنا انه أسرى بنبيه وحبيبه وعبده محمد - صلى الله عليه وسلم - من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى فيوجد مكان بينهما يسمى قصي وهو مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فكَأَنَّ الله تعالى يريد أن يلفت أنظارنا بأنه سيكون هناك مسجد لحبيبه- صلى الله عليه وسلم - في طيبة الطيبة[76].

 

فالرحلة تمت من المسجد الحرام مرورا بالمسجد النبوي الشريف وانتهت الى المسجد الأقصى.

 

من هنا نعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما أسري به إلى بيت المقدس آمره جبريل في وسط الطريق أن ينزل فيصلي ركعتين في المكان الذي اقيم فيه مسجده المنور فعن أَنَس بْن مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (أُتِيتُ بِدَابَّةٍ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ خَطْوُهَا عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهَا فَرَكِبْتُ وَمَعِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فَسِرْتُ فَقَالَ: انْزِلْ فَصَلِّ فَفَعَلْتُ، فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ صَلَّيْتَ بِطَيْبَةَ وَإِلَيْهَا الْمُهَاجَرُ...، ثُمَّ دَخَلْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَجُمِعَ لِي الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمْ السَّلَام فَقَدَّمَنِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَمَمْتُهُمْ ثُمَّ صُعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا...) [77]، من هنا قال - صلى الله عليه وسلم - جامعا للمساجد الثلاثة في الآية قال: (لا تُشَدُّ الرحالُ إلا لثلاثةِ مساجد)[78]، المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد المصطفى - صلى الله عليه وسلم -.

 

12- نفحة: لماذا سمّى المسجد الاقصى الله تعالى: ﴿مَسْجِداً﴾ ولم يكن مسجداً حينها؟

﴿الْمَسْجِدِ الأَقْصَى﴾: هو المسجد المعروف ببيت المقدس الكائن بايلياء، والذي بُنى بعد المسجد الحرام بأربعين سنة، فعَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلُ قَالَ «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ». قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ «الْمَسْجِدُ الأَقْصَى». قُلْتُ كَمْ بَيْنَهُمَا قَالَ «أَرْبَعُونَ سَنَةً وَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ فَصَلِّ فَهُوَ مَسْجِدٌ»[79]. ولكن عندما أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد الأقصى لم يكن مسجداً ! بل كان كنيسةً لكن الله تعالى سماه مسجدا، وفي هذا إشارةُ إلى أمة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تحوّلَ مسرى رسول الله إلى مسجد، ويكون الانطلاق إليه وهكذا فهم الأصحاب هذه الآية فكان فتحه الأول في زمن عمر رضي الله عنه، ثم صلاح الدين وهكذا لابد أن يبقى شعارا إسلاميا ناطقا حيا.

 

13- نفحة: حكمة ابتداء الرحلة بمسجد وانتهائها بمسجد؟

﴿مِنْ﴾ الجارة: لها معاني كثيرة، ذكرها أهل النحو على خلاف بينهم على عدد وجوهها ومن هذه الوجوه ! أنها تأتي لابتداء الغاية وهو الغالب عليها حتى ادعى جماعة أن سائر معانيها راجعة اليه، وتقع لهذا المعنى في غير الزمان، أي: في المكان والغاية إذا ذكرت، فتعني جميع المسافة، وبما أنَّ لكل رحلة بداية، فكانت بداية الإسراء هي من المسجد الحرام[80]، وإلى: حرف يقتضى معناه أنه انتهى الإسراء به إلى حد ذلك المسجد، ولا يدل من حيث الوضع على دخوله[81].

 

والرحلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى رحلة مختارة من اللطيف الخبير، تربط بين عقائد التوحيد الكبرى من لدن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وكأنما أريد بهذه الرحلة العجيبة إعلان وراثة الرسول الأَخير لمقدَّسات الرسل قبله، واشتمال رسالته على هذه المقدَّسات، وارتباط رسالته بها جميعا. فهي رحلة ترمز إلى أبعد من حدود الزمان والمكان، فهي رحلة لتسلِمَ مركز القيادة لجميع الأديان وبالأقصى بالذات لأنه موطن الأنبياء، وليحييَ الله الأنبياء فيؤمّهم النبي- صلى الله عليه وسلم - في صلاة شهدوا له وامنوا به وأقروا بها وشهد الله عليهم فقال تعالى: ﴿فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ﴾[82]

 

وفي الرحلة بين المسجدين إشارة إلى أن رحلة المسلم لابد أن تكون بين مسجدين فحتى لو سافر من مكان إلى مكان لابد أن يكون قلبُه معلقاً بالمساجد لكي يكون من السبعة الذين ظلهم الله في ظله كما اخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (..وقلبه معلق بالمساجد...)[83].

 

14- نفحة: لماذا كان الإسراء إلى الأقصى، وذكر الإسراء في الآية دون المعراج؟

ذكر الله سبحانه الإسراء إلى المسجد الأقصى، وهي رحلة أرضية لان المقصود محجة الكافرين وإعجازهم، ولا يقع التحدي إلا بما يعرفونه ويألفونه وهم قوم ألفوا السفر، فهم أهل تجارةٍ ينتقلون معها في الشتاء والصيف، وهم يضربون في سفرهم أكباد الإبل شهرا، وهم يعرفون المسجد الأقصى وآياته، ويوقنون أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - لم يذهب إلى المسجد الأقصى، فلا يعرف علاماته، بله أن يعرف ما قد يكون في الطريق حين ذلك، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرهم بالمسجد وآياته، بل أخبرهم بما وجد في الطريق، وبذلك وقعت عليهم الحجة، وانقطعت معارضتهم. لذلك نرى أن الله تعالى تحدى الكافرين وأعجزهم بما يعرفونه، وهو السير بطريق مسافة شهرين إلى مكان معروف بوقت يكاد أن يكون صفرا. ولم يَتحدَّاهُم بما لا يعرفونه كالمعراج فلا يمكن تحديهم به، لأنهم لا يعرفون شيئا عما في ملكوت السماوات، فلو قال لهم محمد - صلى الله عليه وسلم -: قد ارتفعتُ إلى السماء ورأيتُ ورأيتُ، لم تتحقق الحجة عليهم، لأنّهم لا يعرفون شيئا عن ذلك أصلا. وكأنَّ لسان القدر ينطق أن إذا كلمكم عن المعراج فلا تعارضوه، أو تطلبوا منه الرقى إلى السماء، ولكن تحدَّوه – إن كان في مقدوركم في ذلك الإسراء وهو السفر الذي ألفتموه وإلى المكان الذي تعرفونه، فكان إسراؤه مرحلة تعجيزية للمعارضين لكي لا يعارضوه في المعراج. لذلك نرى النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما وقف في قريش حدَّثهم عن الإسراء ولم يحدِّثهم عن المعراج[84].

 

15- نفحة: اقتصار البركة على المسجد الأقصى دون غيره؟

وهي صفة للمسجد الأقصى، والبركة: نماء الخير والفضل في الدنيا والآخرة بوفرة الثواب للمصلين فيه وبإجابة دعاء الداعين فيه، وقد تقدم ذكر البركة عند قوله تعالى: ﴿وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ﴾ [85]، وقد وصف المسجد الحرام بمثل هذا في قوله تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ﴾ [86].

 

ووجه الاقتصار على وصف المسجد الأقصى في هذه الآية بذكر هذا التبريك أن شهرة المسجد الحرام بالبركة وبكونه مقامَ إبراهيم معلومة للعرب؛ وأما المسجد الأقصى فقد تناسى الناس ذلك كله، فالعرب لا علم لهم به، والنصارى عفوا أثره من كراهيتهم لليهود، واليهود قد ابتعدوا عنه وأيسوا من عوده إليهم، فاحتيج إلى الإعلام ببركته[87].

 

16- نفحة: لماذا قال الله تعالى: ﴿بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ ولم يقل: (بُورك حوله) أو (باركنا فيه)، أو: (باركناه)؟

قال تعلى: ﴿بَارَكْنَا﴾ ولم يقل: بُورك كما قوله تعالى: ﴿أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا﴾[88]، للدلالة على عظيم هذه المباركة وان الذي بارك حوله إنما هو الله وليست جهة أخرى، وللدلالة على تعظيم هذا المكان والله تعالى يسند الأفعال إلى نفسه في مقام التعظيم.

 

وعدل عن قوله: (باركنا فيه) إلى قوله: ﴿بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ لتشمل المباركة كل ما حول المسجد ولا تنحصر في المسجد فهذا يفيد تعميم البركة والله أعلم لكل بلاد الشام كلما ورد عنه قوله- صلى الله عليه وسلم -: (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا...) [89].

 

ولئلا تكون المباركة في أشياء مادية وذوات معينة، فان ذهبتْ أو زالت ذهبت البركة معها. فكانت المباركة حول المسجد وهي مباركة ثابتة لا تزول لأن المسجد لابدَّ أن يكون حوله شيء على الدوام، فالظرفية ملازمة للمسجد والمباركة ملازمة للظرفية [90].

 

ولم يقل: (باركناه بكذا) لتشمل المباركة المعنوية والروحانية المادية، فالمباركة المعنوية والروحانية بإرسال الرسل فيه، والمباركة المادية بما أودع الله فيه من خير ورزق، والله اعلم بالصواب.

 

17- نفحة: الالتفات من التكلم إلى الغيبة في ﴿لِنُرِيَهُ﴾، ولماذا: أسند سبحانه الرؤية لنفسه ولم ينسبها لنبيه فلم يقل: ليَرى أو ليُرى؟.

قال: ﴿بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ و﴿لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا﴾ ملتفتا من التكلم إلى الغيبة. فإنه كان المضنون أن يقول: ﴿الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ فعبر بأسلوب الالتفات ليدل على أن المتكلم هو الله وليس إخبارا عن الله. وقال: ﴿لِنُرِيَهُ﴾ ليدل بذلك على أن أفعاله معللة لا تكون إلا لغاية يبينها أو يخفيها. وان هناك منهجاً لهذه الرحلة.

 

وأسند الله الإرادة لنفسه ولم يقل (ليَرى) أو (ليُرى) بالبناء للمجهول للدلالة على شدة الاحتفاء به - صلى الله عليه وسلم - وأنه تعالى هو الذي يريه ما أراد من الآيات بعلم، ولم يقل: ليُرى فلم يحدد من يريه[91].

 

18- نفحة: قال تعالى: ﴿لِنُرِيَهُ﴾ في الإسراء وفي المعراج ﴿لَقَدْ رَأَى﴾؟

لكل رحلة هدف وغاية فكان الهدف من إسرائه أن يرى آيات ربه التي ذكرت في النصوص كما حدثتنا السنة النبوية بذلك، فهل تحققت هذه الآية وذلك الهدف؟ جاء الجواب القاطع في سورة النجم بقوله تعالى: ﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾[92]، والملاحظ أنها جاءت بصيغة الماضي الذي يدل على الثبوت والاستقرار كما هو معلوم في اللغة فالرحلة أدت غرضها الذي أقيمت من اجله، والله اعلم بالصواب.

 

قال ابن عاشور: وإنما اقتُصر في التعليل على اراءة الآيات لأنّ تلك العلّة أعلق بتكريم المُسرى به والعناية بشأنه، لأن إراءة الآيات تزيد يقين الرائي بوجودها الحاصل من قبل الرؤية قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ﴾[93]، فإن فطرة الله جعلت إدراك المحسوسات أثبت من إدراك المدلولات الربانية قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾[94]، ولذلك لم يقل الله بعد هذا التعليل: أو لم يطمئن قلبك. لأن اطمئنان القلب متسَّع المدى لا حدَّ له فقد أنطق اللّه إبراهيم عن حكمة نبوءة، وقد بادر محمداً - صلى الله عليه وسلم - براءة الآيات قبل أن يسأله إياها توفيرا في الفضل[95].

 

قال الشعراوي: (كان سبب الإسراء من مكة إلى بيت المقدس أن يُري رسول الله الآيات، فسبب الرحلة هو الاراءة، وكلمة الآيات لا تطلق على مطلق موجود، إنما تطلق على الموجود العجيب، كما نقول هذا آية في الحُسن، آية في الشجاعة، فالآية هي الشيء العجيب) [96].

 

فإن قالوا: قوله: ﴿لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا﴾ (يدلُّ على أنه تعالى ما أراه إلا بعض الآيات، لأن كلمة (من) تفيد التبعيض، وقال في حق إبراهيم ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ﴾[97]، فيلزم أن يكون معراج إبراهيم عليه السلام أفضل من معراج محمد - صلى الله عليه وسلم -؟

 

قلنا: الذي رآه إبراهيم ملكوت السماوات والأرض، والذي رآه محمد - صلى الله عليه وسلم - بعض آيات اللّه تعالى، ولا شك أن آيات اللّه أفضل) [98].

 

ولعل الفرق بينهما: لأن سيدنا محمدا - صلى الله عليه وسلم - على الأرض، ويسري عليه قانون البشرية، وقانون الإبصار فيه خاضع لقانون الضوء وقانون الضوء لا يختلف فيه أحد. فالنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في قانون ارضي وكانت هناك آيات من غيب الله في الأرض فلابدَّ أن يحدث له إراءة لأنه بطبيعته لا يرى هذه الأشياء إلا بأمر خارق عن العادة، فكانت الاراءة في الأرض، لكن حينما ينتقل الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الملإِ الأعلى، ويلتقي بالأنبياء الذين ماتوا قبله، ويلتقي بالملائكة، فقد حدث السمو له فأصبح يرى بذاته فقال: ﴿لَقَدْ رَأَى﴾، ولم يقل: أريناه، فانّ الرسول- صلى الله عليه وسلم - في بشريته في الأرض كان محتاجا إلى أن يعدّل القانون في ذاته بالنسبة للرائيّ والمرئيِّ. وأما في السماء فقد اخذ وضعا آخر، فقانون البشرية طرح في الأرض وأصبح متلبسا بقانون القرب فأصبح يرى.

 

قال الرازي: (﴿لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا﴾ وهذا كلام مجمل وفي تفصيله وشرحه وجوه: الأول: أن خيرات الجنة عظيمة، وأهوال النار شديدة، فلو أنه عليه الصلاة والسلام ما شاهدهما في الدنيا، ثم شاهدهما في ابتداء يوم القيامة فربما رغب في خيرات الجنة أو خاف من أهوال النار، أما لما شاهدهما في الدنيا في ليلة المعراج فحينئذ لا يعظم وقعهما في قلبه يوم القيامة فلا يبقى مشغول القلب بهما، وحينئذ يتفرغ للشفاعة. الثاني: لا يمتنع أن تكون مشاهدته ليلة المعراج للأنبياء والملائكة، صارت سبباً لتكامل مصلحته أو مصلحتهم. الثالث: أنه لا يبعد أنه إذا صعد الفلك وشاهد أحوال السموات والكرسي والعرش، صارت مشاهدة أحوال هذا العالم وأهواله حقيرة في عينه، فتحصل له زيادة قوة في القلب باعتبارها يكون في شروعه في الدعوة إلى الله تعالى أكمل وقلة التفاته إلى أعداء الله تعالى أقوى، يبين ذلك أن من عاين قدرة الله تعالى في هذا الباب، لا يكون حاله في قوة النفس وثبات القلب على احتمال المكاره في الجهاد وغيره إلا أضعاف ما يكون عليه حال من لم يعاين)[99].

 

19- نفحة: لماذا ختمت الآية بالسمع والبصر دون غيرهما؟ ولماذا قدم السمع على البصر؟

كان من المضنون في تصوراتنا أن يأتي بما يدل على القدرة لانّ الإسراء أمر خارق للعادة فيقول مثلا: ﴿إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أو ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

 

فنقول: إنّ ما ذكره أولى، وذلك انه ذكر ما يدل على القدرة فيما بعد فلو قال ذلك لم يزد على ما ذكر أما هاهنا فزاد السمع والبصر.

 

قال الزمخشري: ﴿إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ﴾ لأقوال محمد ﴿الْبَصِيرُ﴾ بأفعاله العالم بتهذيبها وخلوصها فيكرمه ويقربه على حسب ذلك[100].

 

وقال ابن عطية: فيه وعيد من الله للكفار على تكذيبهم محمداً - صلى الله عليه وسلم - في أمر الإسراء، فهي إشارة لطيفة بليغة إلى ذلك أي هو السميع لما تقولون البصير بأفعالكم [101].

 

قال ابن كثير: أي السميع لأقوال عباده مؤمنهم وكافرهم, مصدقهم ومكذبهم, البصير بهم فيعطي كلاً منهم ما يستحقه في الدنيا والآخرة[102].

 

وهناك ملحظ آخر لذكر هاتين الصفتين: وذلك إنما أسري، وعرج به إلى السماوات العلى ليرى ويسمع, فكان ذكر هذين الوصفين نسب ليدل على أن ما يراه يراه ربه وان ما يسمعه ربه وهو اختيار لطيف بديع.

 

وقدم السمع على البصر لأن من يسمعك أقرب إليك ممن يراك؛ فهو مشعر بالقرب والطمأنينة؛ كما أن السمع أهم من البصر في مجال الدعوة.

 

وهناك أمر آخر حسّن تقديم السمع على البصر وهو أن الإسراء إنما هو في الليل والليل آلته السمع وليس البصر قال تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ﴾ [103]، وختمُ آية الليل بقوله: ﴿أَفَلا تَسْمَعُونَ﴾ لأن الليل يصلح فيه السمع؛ وختم أية النهار بقوله ﴿أَفَلا تُبْصِرُونَ﴾ لأنه صالح للأبصار فكان تقديم السمع على البصر أولى من كل ناحية[104].

 

20-نفحة: الحكمة من مجيء البراق؟

من المعلوم بداهة أن كل رحلة لا تخلو من واسطة لنقل المدعو، فكان مجئُ البراق في رحلة متمم الأخلاق - صلى الله عليه وسلم - لحكمة ربانية، فلا مجال للمقارنة بينه وبين المخترعات الحديثة من طائرات وسفن فضاء وصواريخ فكيف يقارن عمل المخلوق بقدرة الخالق!

 

البراق كما وصفه - صلى الله عليه وسلم - فقال: (أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ - وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ...) [105]، أي يضع حافره عند منتهى بصره، فإنه يأخذ كل مسافة في الدنيا في خطوة واحدة، أي لا توجد عنده خطوات لأنه مجرد ما يصل إلى المكان الذي يضع حافره عنده يمتد البصر امتدادا آخر فلا يوجد زمن -أي الزمن معدوم- ولعل اسم البراق مشتق منه. أي انه بسرعة البرق ولونه وسرعة البرق هي سرعة الضوء. وعلى ذلك يكون حساب أمر السرعة في هذه الرحلة اقربَ إلى العدم، وهو مما يشير إلى الانسجام التامّ بين البراق والكون، أي: مع حركة الزمان والمكان، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - (...فجلى الله لي بيت المقدس...)[106] دليل على عدم تأثير الزمان والمكان في هذه المعجزة[107].

 

إذن النبي - صلى الله عليه وسلم - سافر ورأى وتكلم، وقال وقيل له ووصف وحكى وصلى، ورجع في غير زمن، أي: في لحظة خارج الزمن وهذا ما نفهمه من قول لأنها إذا كانت في زمن ستستغرق وقتا أما هذه الرحلة فكانت خارج حدود الزمن والإنسان إذا خرج خارج حدود الزمن اجتمع عنده الزمان كله فيرى الماضي والحاضر والمستقبل، لماذا؟ لأنك إذا خرجت عن إطار الصورة رأيت الصورة بكامل تفصيلاتها. أو كأنك تنظر من شرفةٍ فإنك ترى العالم الذي أمامك بكل تفصيلاته أما إذا كنت داخل هذا العالم فأنت ترى ما أمامك ويغيب عنك ما خلفك.. فكذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - كان خارج هذه الدنيا فيرى الدنيا بتفصيلاتها ولما كان خارج حدود الزمان، فالدنيا زمان والآخرة زمان، فرأى الدنيا والآخرة في وقت واحد، لماذا؟ لأن هذه لها زمانها وهذه لها زمانها والذي يدل على ذلك (فأتى على قوم يزرعون في يومٍ ويحصدون في يوم، كلما حصدوا عاد كما كان، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا جبريل، ما هذا؟ قال: هؤلاء المجاهدون في سبيل الله)[108]، والمجاهد في سبيل الله نحن نرى عمله ولا نرى جزاءَه فالذي رأى العمل والجزاء أي: رأى الدنيا والآخرة، أي: معنى ذلك انه خرج عن إطار الدنيا والآخرة وصار في معية الله، فقد استخدمت له وسيلة لم يسمع العرب بمثلها فهم يعرفون ركوب الجمال والخيول، أما السبح في الفضاء فلا يعرفونه.

 

وهناك حكمة أخرى أن المعجزات لا تنفكُّ عموما عن عالم الأسباب وهذا درس لأمة محمد- صلى الله عليه وسلم - أن يأخذوا بالأسباب ثم يوكلوا الأمر إلى رب الأسباب؛ فالله قادر على أن ينقل نبيه- صلى الله عليه وسلم - بلمح البصر من دون واسطة؛ وكذلك عندما شق البحر لسيدنا موسى كان بالعصا، وهي-أي العصا- معجزة بحد ذاتها فهذا درس عميق ينبغي أن تعيه الأمة. هذا من جهة ومن جهة أخرى البراق دابة ركبها كل الأنبياء وفي مجيئها لسيدنا النبي امتداد لهذا المنهج المبارك الربانيّ، فرب موسى وعيسى ورب محمد واحد، وهذا ما نفهمه من قول جبريل لهذه الدابة عندما تحركت عندما أراد النبيُّ أن يركبها: فعن أنس: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بالبراق ليلة أسري به ملجما مسرجا فاستصعب عليه، فقال له جبريل أبمحمد تفعل هذا؟ فما ركبك أحد أكرم على الله منه قال فارفض عرقا)[109].

 

21- نفحة الحكمة من شق صدره وغسل قلبه قبل الإسراء والمعراج:

ثبت في الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شق صدره الشريف وغسل بماء زَمْزَمَ ثُمَّ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ - صلى الله عليه وسلم - فَفَرَجَ صَدْرِي ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا...)[110].

 

وعنْ مَالِك بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (بَيْنَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ وَذَكَرَ يَعْنِي رَجُلًا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَشُقَّ مِنْ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ الْبَطْنِ ثُمَّ غُسِلَ الْبَطْنُ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا وَأُتِيتُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ الْبُرَاقُ فَانْطَلَقْتُ مَعَ جِبْرِيلَ حَتَّى أَتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا...) [111].

 

وفي هذا درس بليغ أن "التخلية مقدمة على التحلية" فرسول الله وهو طاهر القلب وقد نزع عنه حظ الشيطان منه من صغره، فعل به هذا استعداداً لما سيحظى به من التكريم وعلو المنزلة ورفعة المكانة وتلقي العلوم والمعارف والأنوار والأسرار فهذا درس للأمة أن تقدم على تخلية قلوبهم من الآثم والشوائب والكدر قبل أن تلمها حكمة وطاعة وتباشر بمهام التعليم، فهذا المقام أي: التعليم والنصح والإرشاد مقام النبوة كالذي يأخذ أناءً قد ملئ فعليه أولا أن ينظفه ويجليه ثم يملئه ماء يسقي به غيره وقد صدق الصادق المصدوق: (... وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ) [112].

 

وتأكيدا لهذا المعنى فإنّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كما أخبرنا عن نفسه أنه دعوة أبيه إبراهيم... فقال: (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ وَسَأُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ دَعْوَةِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَبِشَارَةِ عِيسَى قَوْمَهُ وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ وَكَذَلِكَ تَرَى أُمَّهَاتُ النَّبِيِّينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)[113].

 

والدعوة سيّدنا إبراهيم سجلها القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[114].

 

والملاحظ فيها أنها قدمت التعليم على التزكية، ولكن هذه الدعوة عندما استجاب الله لها قدم فيها التزكية على التعليم في موضعين من كتاب الله الأول قال تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾[115].

 

والثاني في سورة الجمعة قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾[116].

 

وذلك: لأهمية التزكية وأنها مقدمة على العلم.

 

22-نفحة الحكمة من وجود الصاحب –سيدنا جبريل- ومرافقته للنبي في هذه الرحلة؟

من المعلوم قطعا أن مقام النبي- صلى الله عليه وسلم -عند ربه أعلى المقامات فهو خير الأنس والجن والملائكة فإذا كان هذا حاله ومقامَه عند ربه فلماذا كان سيدنا جبريل مصاحباً له في هذه المهمة ويقوم بدور التعليم بدليل سؤال النبي له عما يمر به من المواقف (مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ هَذَا آدَمُ...) [117]. ويقول له: إنزل فصلِّ، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (أُتِيتُ بِدَابَّةٍ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ خَطْوُهَا عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهَا فَرَكِبْتُ وَمَعِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فَسِرْتُ فَقَالَ انْزِلْ فَصَلِّ فَفَعَلْتُ فَقَالَ أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ صَلَّيْتَ بِطَيْبَةَ وَإِلَيْهَا الْمُهَاجَرُ...) [118].

 

ويستدل من ذلك على شرف الصحبة من جهة ولا بأس أن يتبع الأفضل المفضول إن كان المفضول أعلم منه بالطريق وهذا لا يعني أن يكون هو أعلى مقاما عند الله منه بدليل أن النبي- صلى الله عليه وسلم - وصلَ مكاناً لم يصله أي مخلوق قبله في معراجه ومنهم سيدنا جبريل فقال - صلى الله عليه وسلم -: (...ثُمَّ عُرِجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ) [119]، وفي قصة سيدنا موسى كليم الله مع الرجل الصالح دليل قاطع على صحة ما ذهبنا إليه، ولعل هذا مستند الفقهاء في جواز إمامة المفضول للأفضل في الصلاة. وفي صلاة المهدي إماما لسيدنا عيسى عبرة لمن أراد المزيد[120]

 

وهناك ملحظ آخر فمن التكريم له - صلى الله عليه وسلم - أن يصحبه خير الملائكة في رحلة التكريم فإذا أراد السيد أن يكرم ضيفه بدعوته للقائه يرسل له خواص مقربيه لاصطحابه إليه فهذا من علو قدره ورفعة مكانته - صلى الله عليه وسلم - عند ربه والله اعلم بالصواب.

 

23-كيف صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأنبياء إماما ولم تفرض الصلاة عليه بعد؟.

الثابت بالنص ان رسول الله صلى إماما بالأنبياء وهو ما يدل على علو مكانته وقدره الشريف عند ربه، بل لم يتقدم عليه أحد لأنهم يعرفون قدره - صلى الله عليه وسلم - وهذا التفضيل قديم، وقد اخذ العهد عليه من الأنبياء قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ﴾ [آل عمران:81].


قال القاضي عياض (544هـ): فيما أخبر الله تعالى به في كتابه العزيز من عظيم قدره وشريف منزلته على الأنبياء وحظوة رتبته عليهم قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ﴾ إلى قوله: ﴿مِنْ الشَّاهِدِينَ﴾.

 

قال أبو الحسن القابسي: استخص الله تعالى محمدا - صلى الله عليه وسلم - بفضل لم يؤته غيره أبانه به وهو ما ذكره في هذه الآية، قال المفسرون: أخذ الله الميثاق بالوحى فلم يبعث نبيا إلا ذكر له محمدا ونعته وأخذ عليه ميثاقه: إن أدركه.. ليؤمننَّ به، وقيل: أن يبينه لقومه ويأخذ ميثاقهم أن يبينوه لمن بعدهم، وقوله: ﴿ ثُمَّ جَاءَكُمْ ﴾ الخطاب لأهل الكتاب المعاصرين لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، قال علي بن أبى طالب رضى الله عنه لم يبعث الله نبيا من آدم فمن بعده إلا أخذ عليه العهد في محمد - صلى الله عليه وسلم - لئن بعث وهو حى ليؤمنن به ولينصرنه ويأخذن العهد بذلك على قومه، ونحوه عن السدى وقتادة في آي تضمنت فضله من غير وجه وحد.

 

قال السمرقندي: في هذا تفضيل نبينا - صلى الله عليه وسلم -؛ لتخصيصه بالذكر قبلهم وهو آخرهم بعثا، المعنى أخذ الله تعالى عليهم الميثاق إذ أخرجهم من ظهر آدم كالذر [121].

 

من أجل هذا قال - صلى الله عليه وسلم -: (... وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى - صلى الله عليه وسلم - كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِيِ) [122].

 

قال القشيري (465هـ): أخذ الله ميثاق محمد - صلى الله عليه وسلم - على جميع الأنبياء عليهم السلام، كما أخذ ميثاقهم في الإقرار بربوبيته - سبحانه، وهذا غاية التشريف للرسول عليه السلام، فقد قَرَنَ اسمه باسم نفسه، وأثبت قَدْرَه كما أثبت قدر نفسه، فهو أوحد الكافة في الرتبة، ثم سَهَّلَ سبيلَ الكافة في معرفة جلاله بما أظهر عليه من المعجزات.

 

قوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ﴾ الإشارة فيه: فَمَنْ حاد عن سُنَّتِه، أو زاغ عن اتباع طريقته بعد ظهور دليله، ووضوح معجزته.. فأولئك هم الذين خَبُثَتْ درجتهم، ووجب المقت عليهم؛ لجحدهم وسقوطهم عن تعلُّق العناية بهم [123].

 

وهذا مما لا خلاف فيه، ولكن كيف كان شكل الصلاة التي صلى بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إماما ولم تفرض الصلاة عليه بعد؟ ولاسيما ان مما هو معلوم قطعا أن الصلاة فرضت عليه بالسماء أي بالمعراج حتى قال العلماء عبادة وحيدة فرضت على الأمة بالسماء لعلو مكانتها ألا وهي الصلاة فكيف صلى بهم؟

 

الجواب على وجهين:

الأول: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي قبل ان تفرض عليه هذه الصلاة بشكلها الحالي بخمس صلوات بعد التخفيف كان يصلي بمكة ركعتين في الغداة وركعتين في العشي، فعَنْ أُسَامَةَ بن زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي أَوَّلِ مَا أُوحِيَ إِلَيْهِ، فَعَلَّمَهُ الْوُضُوءَ وَالصَّلاةَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَخَذَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ مَاءً فَنَضَحَ بِهِ فَرْجَهُ[124]، وقال قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ بَدْءُ الصَّلاَةِ رَكْعَتَيْنِ بِالْغَدَاةِ وَرَكْعَتَيْنِ بِالْعَشِىِّ[125].

 

قال ابن حجر: (فَإِنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ قَبْل الإسراء يُصَلِّي قَطْعًا، وَكَذَلِكَ أَصْحَابه لَكِنْ اُخْتُلِفَ هَلْ اُفْتُرِضَ قَبْل الْخَمْس شَيْء مِنْ الصَّلَاة أَمْ لَا؟ فَيَصِحّ عَلَى هَذَا قَوْل مَنْ قَالَ: إِنَّ الْفَرْض أَوَّلًا كَانَ صَلَاة قَبْل طُلُوع الشَّمْس وَصَلَاة قَبْل غُرُوبهَا، وَالْحُجَّة فِيهِ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّك قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ وَنَحْوهَا مِنْ الْآيَات)[126].

 

فهذه هي الصلاة التي أمَّ بها رسول الله- صلى الله عليه وسلم - الأنبياء التي وردت بحادثة الإسراء فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (... فَحَانَتِ الصَّلاَةُ فَأَمَمْتُهُمْ فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلاَةِ قَالَ قَائِلٌ يَا مُحَمَّدُ هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَبَدَأَنِى بِالسَّلاَمِ) [127].وفي حديث ابن عباس قال: (... فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي فَالْتَفَتَ ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ جِيءَ بِقَدَحَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ الْيَمِينِ وَالْآخَرُ)[128].

 

والثاني: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم إماما بعد عودته من المعراج بعد فرض الصلاة عليه وهذا ما ذكره القاضي عياض، وصححه ابن كثير رحمها الله:

قَالَ عِيَاض: (يَحْتَمِل أَنْ يَكُون صَلَّى بِالْأَنْبِيَاءِ جَمِيعًا فِي بَيْت الْمَقْدِسِ، ثُمَّ صَعِدَ مِنْهُمْ إِلَى السَّمَاوَات مَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - رَآهُ، وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون صَلَاته بِهِمْ بَعْد أَنْ هَبَطَ مِنْ السَّمَاء فَهَبَطُوا أَيْضًا. وَقَالَ غَيْره: رُؤْيَته إِيَّاهُمْ فِي السَّمَاء مَحْمُولَة عَلَى رُؤْيَة أَرْوَاحهمْ إِلَّا عِيسَى لِمَا ثَبَتَ أَنَّهُ رُفِعَ بِجَسَدِهِ، وَقَدْ قِيلَ فِي إِدْرِيس أَيْضًا ذَلِكَ، وَأَمَّا الَّذِينَ صَلَّوْا مَعَهُ فِي بَيْت الْمَقْدِسِ فَيَحْتَمِل الْأَرْوَاح خَاصَّة، وَيَحْتَمِل الْأَجْسَاد بِأَرْوَاحِهَا، وَالْأَظْهَر أَنَّ صَلَاته بِهِمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ كَانَ قَبْل الْعُرُوج) [129].

 

قال ابن كثير: (والمشهور في الصحاح أن جبريل كان يعلمه بهم أولاً ليسلم عليهم سلام معرفة, وفيه أنه اجتمع بالأنبياء عليهم السلام قبل دخوله المسجد الأقصى, والصحيح أنه إنما اجتمع بهم في السموات, ثم نزل إلى بيت المقدس ثانياً وهم معه.وصلى بهم فيه, ثم أنه ركب البراق وكر راجعاً إلى مكة)[130].

24: نفحة: من المعلوم بداهة أن الفقيه يبتعد عن العواطف في كتبه لأن ميدان تخصصه: (افعل، أو لا تفعل) ومع ذلك لا يستطيع أن ينفك عن العاطفة في موضعين: الأول: في الحج ولاسيّما في طواف الوداع... والثاني في الصلاة ولاسيما في التشهد.

يقول السادة الحنفية: حظ العبد من المعراج هو الصلاة، لان الصلاة فرضت فيه، فلذلك قالوا: عبادة وحيدة فرضت في السماء لعلو شأنها عند ربه هي الصلاة: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة من تركها كفر)، ومن الصلاة التشهد وهو كالآتي:

يقولون: عندما أمرنا الله أن نسجد على سبعة أعظم في السجود الأخير فكأنما اخترقنا سبع سموات لقوله صلى الله عليه وسلم: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)، وعندما تجلس في التشهد فكأنما تجلس جنبا لجنب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا بد من قراءة التشهد بصيغة الإنشاء لا الأخبار وهذا مهم جدا: (لابد من بيان الفرق بين الإنشاء، والأخبار) وبعدها تقرأ التشهد، وهو: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النبي وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَسُمِّيَ تَشَهُّدًا تَسْمِيَةً لِلْكُلِّ بِاسْمِ جُزْئِهِ الْأَشْرَفِ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ أَشْرَفُ أَذْكَارِهِ، ثُمَّ في تَفْسِيرِ أَلْفَاظِهَا أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ أَحْسَنُهَا: أَنَّ التَّحِيَّاتِ الْعِبَادَاتُ الْقَوْلِيَّةُ وَالصَّلَوَاتِ الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ وَالطَّيِّبَاتِ الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ فَجَمِيعُ الْعِبَادَاتِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُهُ وَلَا يَتَقَرَّبُ بِشَيْءٍ منه إلَى ما سِوَاهُ. ثُمَّ هو على مِثَالِ من يَدْخُلُ على الْمُلُوكِ فَيُقَدِّمُ الثَّنَاءَ أَوَّلًا ثُمَّ الْخِدْمَةَ ثَانِيًا ثُمَّ بَذْلَ الْمَالِ ثَالِثًا، وَأَمَّا قَوْلُهُ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النبي وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ حِكَايَةُ سَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى على نَبِيِّهِ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَهِيَ ثَلَاثَةٌ بِمُقَابَلَةِ الثَّلَاثِ التي أَثْنَى بها النبي على رَبِّهِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ.

 

وَالسَّلَامُ من سَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عليه أو من تَسْلِيمِهِ من الْآفَاتِ والأظهر أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّحْمَةِ هُنَا نَفْسُ الْإِحْسَانِ منه تَعَالَى لَا إرَادَتُهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ الدُّعَاءُ بها وَالدُّعَاءُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُمْكِنِ وَالْإِرَادَةُ قَدِيمَةٌ بِخِلَافِ نَفْسِ الْإِحْسَانِ وَالْبَرَكَةُ النَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ من الْخَيْرِ وَيُقَالُ الْبَرَكَةُ جِمَاعُ كل خَيْرٍ.

 

ثُمَّ إنَّهُ أَعْطَى سَهْمًا من هذه الْكَرَامَةِ لِإِخْوَانِهِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَصَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ من الْإِنْسِ وَالْجِنِّ لِأَنَّهُ يَعُمُّهُمْ كما شَهِدَتْ بِهِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ حَيْثُ قال هذه الْكَلِمَاتِ فَإِنَّكُمْ إذَا قُلْتُمُوهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ في السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ.

 

وَالْعِبَادُ جَمْعُ عَبْدٍ قال بَعْضُهُمْ ليس شَيْءٌ أَشْرَفَ من الْعُبُودِيَّةِ (فلذلك وصف بها النبي بالإسراء دون غيرها)، وَالصَّالِحُ هو الْقَائِمُ بِحُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ عِبَادِهِ وَلِذَا وَصَفَ الْأَنْبِيَاءُ نَبِيَّنَا عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِهِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ فَقَالُوا مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.

 

وَأَشْهَدُ مَعْنَاهُ أَعْلَمُ وَأَتَيَقَّنُ أُلُوهِيَّةَ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له وَعُبُودِيَّةَ مُحَمَّدٍ وَرِسَالَتَهُ، وَقُدِّمَتْ الْعُبُودِيَّةُ على الرِّسَالَةِ لِمَا قدمنا أنها أَشْرَفُ صِفَاتِهِ وَلِهَذَا وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى بها في قَوْله تَعَالَى ﴿سُبْحَانَ الذي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء: 1].

 

وَاخْتِيرَ لَفْظُ الشَّهَادَةِ دُونَهُمَا لِأَنَّهَا أَبْلَغُ في مَعْنَاهَا وَأَظْهَرُ مِنْهُمَا لِكَوْنِهَا مُسْتَعْمَلَةً في ظَوَاهِرِ الْأَشْيَاءِ وَبَوَاطِنِهَا بِخِلَافِ الْعِلْمِ وَالْيَقِينِ فَإِنَّهُمَا يُسْتَعْمَلَانِ غَالِبًا في الْبَوَاطِنِ فَقَطْ وَلِذَا لو أتى الشَّاهِدُ بِلَفْظِ أَعْلَمُ أو أَتَيَقَّنُ مَكَانَ أَشْهَدُ لم تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا بَعْضَ مَعَانِي التَّشَهُّدِ لِمَا أَنَّ الْمُصَلِّيَ يَقْصِدُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَعَانِيَهَا مُرَادَةً له على وَجْهِ الْإِنْشَاءِ منه... وَلَا بُدَّ من أَنْ يَقْصِدَ بِأَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ مَعْنَاهَا التي وُضِعَتْ لها من عِنْدِهِ كَأَنَّهُ يحيي ((يحي)) اللَّهَ وَيُسَلِّمُ على النبي وَعَلَى نَفْسِهِ وَأَوْلِيَائِهِ، وَعَلَى هذا فَالضَّمِيرُ في قَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْنَا عَائِدٌ إلَى الْحَاضِرِينَ من الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمَلَائِكَةِ كما نَقَلَهُ في الْغَايَةِ عن النَّوَوِيِّ وَاسْتَحْسَنَهُ وَبِهَذَا يَضْعُفُ ما ذَكَرَهُ في السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّ قَوْلَهُ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النبي حِكَايَةُ سَلَامِ اللَّهِ عليه لَا ابْتِدَاءُ سَلَامٍ من الْمُصَلِّي عليه.

 

هذا الذي يذكره الحنفية في التشهد في كتاب البحر الرائق، وحلبي كبير وصغير، وحاشية ابن عابدين وعليه الفتوى عند السادة الحنفية.

ينظر رد المحتار (4/ 82)

 

وتأكيدًا لهذا المعنى قال ابن عابدين: (وَيَقْصِدُ بِأَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ مَعَانِيَهَا مُرَادَةً لَهُ عَلَى وَجْهٍ الْإِنْشَاءَ كَأَنَّهُ يُحَيِّي اللَّهَ تَعَالَى وَيُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّهِ وَعَلَى نَفْسِهِ وَأَوْلِيَائِهِ لَا الْإِخْبَارَ عَنْ ذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ ضَمِيرَ عَلَيْنَا لِلْحَاضِرِينَ لَا حِكَايَةَ سَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى).

 

25: نفحة: سؤال مهم كيف نطلب من الله في التشهد ان يصلي على نبينا كما صلى على سيدنا إبراهيم، أيهما أعلى مقاما عند الله، ومن المعلوم قطعا أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلى مقاما بلا خلاف، إذن لماذا نطلب من الله ان يرفع مقام النبي (كما) رفع مقام سيدنا إبراهيم؟ ولِمَ خُصَّ التَّشْبِيهُ بِإِبْرَاهِيمَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الرُّسُلِ الْكِرَامِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؟

 

الجواب:

أَجَابَ العلامة ابن عابدين في حاشيته القيمة بِثَلَاثَةِ أَجْوِبَةٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَيْنَا لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ حَيْثُ قَالَ: (أَبْلِغْ أُمَّتَك مِنِّي السَّلَامَ).

وَالثَّانِي: أَنَّهُ سَمَّانَا الْمُسْلِمِينَ كَمَا أَخْبَرَنَا عَنْهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: ﴿هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ﴾ [الحج: ٧٨] أَيْ: بِقَوْلِهِ:﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ [البقرة: ١٢٨] وَالْعَرَبُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَذُرِّيَّةِ إسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، فَقَصَدْنَا إظْهَارَ فَضْلِهِ مُجَازَاةً عَلَى هَذَيْنِ الْفِعْلَيْنِ مِنْهُ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْمَطْلُوبَ صَلَاةٌ يَتَّخِذُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا نَبِيَّنَا - صلى الله عليه وسلم - خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَلِيلًا، وَقَدْ اسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَ عِبَادِهِ، فَاِتَّخَذَهُ اللَّهُ تَعَالَى خَلِيلًا أَيْضًا؛ فَفِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ: (وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ).

 

وَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ أُخَرَ:

مِنْهَا: أَنَّ ذَلِكَ لِأُبُوَّتِهِ، وَالتَّشْبِيهُ فِي الْفَضَائِلِ بِالْآبَاءِ مَرْغُوبٌ فِيهِ وَلِرِفْعَةِ شَأْنِهِ فِي الرُّسُلِ، وَكَوْنِهِ أَفْضَلَ بَقِيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَلِمُوَافَقَتِنَا إيَّاهُ فِي مَعَالِمِ الْمِلَّةِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ﴾ [الحج: ٧٨] وَلِدَوَامِ ذِكْرِهِ الْجَمِيلِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ﴾ [الشعراء: ٨٤] وَلِلْأَمْرِ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً﴾ [النحل: ١٢٣] (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَخِيرِ إلَخْ) أَيْ الْوَجْهِ الثَّالِثِ، وَهَذَا أَيْضًا جَوَابٌ عَنْ السُّؤَالِ الْمَشْهُورِ الَّذِي يُورِدُهُ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَهُوَ: أَنَّ الْقَاعِدَةَ: أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ أَعْلَى مِنْ الْمُشَبَّهِ فِي وَجْهِ الشَّبَهِ مَعَ أَنَّ الْقَدْرَ الْحَاصِلَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالْبَرَكَةِ لِنَبِيِّنَا - صلى الله عليه وسلم - وَلِآلِهِ أَعْلَى مِنْ الْحَاصِلِ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَآلِهِ، بِدَلَالَةِ رِوَايَةِ النَّسَائِيّ: ((مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحُطَّ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ))، وَلَمْ يَرِدْ فِي حَقِّ إبْرَاهِيمَ أَوْ غَيْرِهِ مِثْلُ ذَلِكَ.

 

وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْمُرَادَ صَلَاةٌ خَاصَّةٌ يَكُونُ بِهَا نَبِيُّنَا - صلى الله عليه وسلم - خَلِيلًا كَمَا اُتُّخِذَ إبْرَاهِيمُ خَلِيلًا، أَوْ التَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِنَا (وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ) أَوْ أَنَّ هَذَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ، فَإِنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ قَدْ يَكُونُ مُسَاوِيًا لِلْمُشَبَّهِ أَوْ أَدْنَى مِنْهُ لَكِنَّهُ يَكُونُ أَوْضَحَ؛ لِكَوْنِهِ حِسِّيًّا مُشَاهَدًا، أَوْ لِكَوْنِهِ مَشْهُورًا فِي وَجْهِ الشَّبَهِ.

فَالْأَوَّلُ: نَحْوُ: ﴿مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ﴾ [النور: ٣٥]، وَأَيْنَ يَقَعُ نُورُ الْمِشْكَاةِ مِنْ نُورِهِ تَعَالَى؟ وَالثَّانِي: كَمَا هُنَا، فَإِنَّ تَعْظِيمَ إبْرَاهِيمَ وَآلِهِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ وَاضِحٌ بَيْنَ أَهْلِ الْمِلَلِ، فَحَسُنَ التَّشْبِيهُ لِذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ خَتْمُ هَذَا الطَّلَبِ بِقَوْلِهِ: ﴿فِي الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات: ٧٩]، وَتَمَامُهُ فِي الْحِلْيَةِ.

 

وَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ أُخَرَ: مِنْ أَحْسَنِهَا أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ لَا فِي الْقَدْرِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ﴾ [النساء: ١٦٣] ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣]، ﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ [القصص: ٧٧ ]، وَفَائِدَةُ التَّشْبِيهِ تَأْكِيدُ الطَّلَبِ :أَيْ؛ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَقِيلَ: الْكَافُ لِلتَّعْلِيلِ[131].

 

نفحة: 26 مهمة: يقولون من المواضع النادرة التي يصلي النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه هي في التشهد.

نفحة 27: لماذا بعد التشهد نسلم بصيغة الجمع لا المفرد (السلام عليكم ورحمة الله)؟ وعلى من نسلم؟

قال العلماء: الحكمة من لفظ الجمع لأننا نقصد بالسلام الملائكة الحفظة، والناس عن يميننا وشمالنا؛ وبما أن الصلاة لابد أن تكون انقطاع العبد عن الخلق إلى الخالق حتى لو كانا واقفين سوية في صف واحد بالصلاة؛ فالسلام لإعادة هذه الرابطة الأخوية، لان النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بإعادة السلام إن فصل بيني وبين أخي شجرة فمن باب أولى إذا اتصل العبد بالخالق وانقطع عن الخلق لابد من إعادة هذه الرابطة في نهاية الصلاة فكانت حكمة السلام وحكمة الجمع منه والله اعلم بالصواب.

 

وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ على سيّدنا محمُّد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.

 

المصادر والمراجع

• بعد القرآن الكريم.

1. أبجد العلوم الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم، صديق بن حسن القنوجي، دار الكتب العلمية (بيروت / 1978م)، تحقيق: عبد الجبار زكار.

2. الإتقان في علوم القران، جلال الدين عبد الرحمن بن أبو بكر السيوطي (ت911هـ) ضبطه وصححه وخرج آياته:محمد سالم هاشم، دار الكتب العلمية (بيروت/لبنان /2010م).

3. إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم المشهور بـ(تفسير أبي السعود)، محمد بن محمد العمادي أبو السعود، دار إحياء التراث العربي – بيروت.

4. الإسراء والمعراج القصة الكاملة، أبو محمد الأزهري، دار زاهد القدسي للطباعة والنشر (القاهرة / 1997).

5. الإسراء والمعراج، زينب عبد الرحيم، المكتب المصري لتوزيع المطبوعات (القاهرة / 2000 م).

6. الإسراء والمعراج، محمد متولى الشعراوي، دار الكتب العلمية.

7. إسراء ومعراج خير البرية - صلى الله عليه وسلم - مع نفحات من وحي الإسراء والمعراج، للشيخ متولي الشعراوي.

8. أضواء البيان في إيضاح القران بالقران، محمد الأمين بن محمد بن المختار الجكني الشنقيطي (ت1393هـ)، دار الفكر للطباعة والنشر(بيروت/ 1415هـ/ 1990 م)، تحقيق: مكتب البحوث والدراسات.

9. الإعجاز اللغوي والبياني في القران الكريم، علي بن نايف الشحود.

10. إعراب القرآن الكريم وبيانه، الأستاذ محي الدين الدرويش (ت 1402هـ) ط7، دار ابن كثير (دمشق/ 1420هـ / 1999م).

11. البحر المحيط في التفسير، محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي الغرناطي، عناية: الشيخ زهير جعيد، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع (لبنان/ بيروت / 1412 هـ/ 1992م).

12. البحر المديد، أحمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة الحسني الإدريسي الشاذلي الفاسي أبو العباس، دار الكتب العلمية ـ بيروت، الطبعة الثانية / 2002 م ـ 1423 هـ.

13. البرهان في علوم القرآن، محمد بن بهادر بن عبد الله، أبو عبد الله الزركشي، تحقيق:محمد أبي الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية (1376 هـ/ 1957م).

14. التحرير والتنوير، الشيخ محمد الطاهر بن عاشور, دار سحنون للنشر والتوزيع (تونس / 1997 م).

15. التعبير القرآني، الدكتور فاضل صالح السامرائي، مطبعة دار الكتب للطباعة والنشر جامعة الموصل (نينوى /1989م).

16. تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي, مطابع أخبار دار اليوم 6 أكتوبر.

17. تفسير العز بن عبد السلام تفسير القرآن، الإمام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي الشافعي 578 هـ / 660 هـ، دار ابن حزم ـ بيروت، الطبعة الأولى: 1416 هـ / 1996م، تحقيق الدكتور عبد الله بن إبراهيم الوهبي.

18. تفسير القرآن العظيم، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، أبو الفداء(700 -774هـ)، دار طيبة للنشر والتوزيع، الطبعة: الثانية، 1420هـ - 1999 م، تحقيق:سامي محمد سلامة.

19. التفسير القيم، لابن القيم، جمع محمد أويس الندوي، مطبعة السنة المحمدية (1386 هـ / 973 م).

20. التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن ابن على التميمي البكري الرازي الشافعي (ت604 هـ) تحقيق: عماد زكي البارودي، المكتب التوفيقية (القاهرة).

21. تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن، محمد الأمين بن عبد الله الارمي العلوي الهروي الشافعي، دار طوق النجاة (بيروت / لبنان /1421 هـ / 2001 م).

22. تهذيب الآثار وتفصيل الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأخبار، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير أبو جعفر الطبري (ت 310هـ) تحقيق: محمود محمد شاكر، مكتبة الخانكي (القاهرة).

23. الجامع الصحيح المختصر، المشهور بصحيح البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي،، ط3، دار ابن كثير (اليمامة / بيروت / 1407 هـ/ 1987م)، ترقيم: د. مصطفى ديب البغا.

24. الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم، محمد بن فتوح الحميدي، تحقيق: د. علي حسين البواب، ط2، دار ابن حزم (لبنان/ بيروت / 1423هـ / 2002م).

25. الجواهر الحسان في تفسير القرآن المشهور بـ(تفسير الثعالبي)، عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت

26. الدر المنثور، عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي، دار الفكر - بيروت، 1993

27. روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، محمود الألوسي أبو الفضل (ت1270هـ),دار إحياء التراث العربي (بيروت).

28. السراج الوهاج في الإسراء والمعراج، محمد ماضي ابو العزائم، ط6، دار المدينة المنورة (القاهرة/ 1408هـ / 1988 م).

29. سنن ابن ماجه: محمد بن يزيد، أبو عبد الله القزويني، (275هـ)، دار الفكر، بيروت، تحـ محمد فؤاد عبد الباقي.

30. سنن أبي داود: سليمان بن الأشعث، أبو داود السجستاني الأزدي، (202-275هـ)، تحـ:محمد محيي الدين عبد الحميد دار الفكر.

31. سنن البيهقي الكبرى، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر البيهقي، مكتبة دار الباز - مكة المكرمة، 1414 – 1994، تحقيق: محمد عبد القادر عطا.

32. سنن الترمذي: محمد بن عيسى، أبو عيسى الترمذي السلمي، (279هـ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، تحـقيق: أحمد محمد شاكر وآخرين.

33. سنن النسائي الكبرى، احمد بن شعيب بن علي النسائي(ت303هـ) تحقيق: د.عبد الغفار سليمان البنداري, سيد كسروي حسن، دار الكتب العلمية (بيروت/ هـ1411/ 1991م).

32. سنن النسائي المجتبى، احمد بن شعيب بن علي النسائي(303هـ) مؤسسة المؤتمن للتوزيع (الرياض).

33. شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، لقاضي القضاة بهاء الدين عبد الله ابن عقيل العقيلي الحراني المري، دار الطلائع للنشر والتوزيع (القاهرة / 2009م).

36. الشفا بتعريف حقوق المصطفى- مذيلا بالحاشية المسماة مزيل الخفاء عن ألفاظ الشفاء، لعياض اليحصبي، العلامة القاضي أبي الفضل (544 هـ)، والحاشية، لأحمد بن محمد بن محمد الشمنى (873هـ)، دار الفكر الطباعة والنشر والتوزيع.

37. صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج ابن مسلم، ابو الحسين القشيري النيسابوري، دار الفكر (لبنان /بيروت).

38. الضوء المنير على التفسير، جمعة علي الصالحي، مؤسسة النور للطباعة والتجليد (الرياض).

39. فتح الباري شرح صحيح البخاري: أحمد بن علي بن حجر، أبو الفضل العسقلاني (ت852هـ)، دار المعرفة، بيروت، 1379، ط:3، تحـ: محب الدين الخطيب، بترقيم محمد فؤاد عبد الباقي.

40. في ظلال القرآن، بقلم سيد قطب، ط34، دار الشروق(القاهرة /1425هـ/ 2004م).

41. الفيوض الربانية في الرحلة النورانية، محمد محمود صلاح، ابو الدرداء، مكتبة مدبولي(القاهرة/ 1410هـ / 1990 م).

42. الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، محمود بن عمر، أبو القاسم الزمخشري الخوارزمي, مطبعة مطفى البابي الحلبي واولاده (مصر/1367هـ/1948م).

43. اللباب في علوم الكتاب، عمر بن علي ابن عادل، أبو حفص الدمشقي الحنبلي, دار الكتب العلمية (بيروت / لبنان / 1419 هـ /1998 م).

  1. لسان العرب: محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري(ت711هـ)، دار صادر - بيروت، ط:الأولى.

45. لطائف الإشارات، عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري (465هـ)، الطبعة الثانية، تحقيق مركز التراث، قدم له وعلق عليه: الدكتور ابراهيم بسيوني.

  1. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، نور الدين أبي بكر الهيثمي، دار الفكر (بيروت/1412هـ).

47. مسند الشاميين، سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، مؤسسة الرسالة (بيروت/ 1405 / 1984).

48. المصنف، عبد الرزاق بن همام، أبو بكر الصنعاني (211هـ) تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، ط2، المكتب الإسلامي (بيروت / 1403هـ/1983 م).

49. المعجزة الكبرى الإسراء والمعراج، الشيخ محمد متولي الشعراوي، ط4، دار أخبار اليوم، قطاع الشفافة (مصر / القاهرة).

50. مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري، تحقيق وشرح: الدكتور عبد اللطيف محمد الخطيب(الكويت /1421 هـ / 2000م).

51. ملاك التأويل، احمد بن الزبير، أبو جعفر، دار النهضة العربية للطباعة والنشر (بيروت /1405هـ / 1985 م)، تحقيق: الدكتور محمود كامل أحمد.

52. من أسرار البيان القرآني، الدكتور فاضل صالح السامرائي، دار الفكر (المملكة الاردنية الهاشمية /عمّان/ 1430هـ / 2009م).

53. نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، برهان الدين أبو الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي، دار الكتب العلمية - بيروت – 1415هـ - 1995 م، تحقيق: عبد الرزاق غالب المهدي

54. النكت والعيون (تفسير الماوردى)، علي بن محمد بن حبيب، أبو الحسن الماوردي البصري (ت450هـ)، ط2، دار الكتب العلمية (بيروت /1428هـ/ 2007 م)، تحقيق: السيد بن عبد المقصود بن عبد الرحيم.

55. نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار، محمد بن علي بن محمد الشوكاني، دار الجيل (بيروت / 1973م).



[1] ينظر: لسان العرب: (14: 377).

[2] صفوة التفاسير: (2: 150).

[3] ينظر: التحرير والتنوير: (15: 5).

[4] ينظر: صفوة التفاسير: (2: 150).

[5] ينظر: التحرير والتنوير: (15: 6).

[6] ينظر: اللباب في علوم الكتاب (12: 193)، ونظم الدرر: (4: 327).

[7] نظم الدرر: (4: 327).

[8] ينظر: تفسير البحر المحيط: (6: 1).

[9] ينظر: التحرير والتنوير: (15: 5).

[10] ينظر: تفسير الشعراوي: (ص8307).

[11] تفسير البحر المحيط: (6: 1).

[12] ينظر: النكت والعيون (تفسير الماوردي): (3: 223-224).

[13] تفسير أبي السعود (5: 154).

[14] تفسير العز بن عبد السلام: (ص: 584).

[15] أضواء البيان (3: 3).

[16] الإسراء: ٤٣

[17].الإسراء: ٤٤.

[18] الإسراء٤٤.

[19] الإسراء: ٩٣.

[20] الإسراء: ١٠٨.

[21] ينظر: من أسرار البيان القرآني،: (ص203).

[22] الحديد: ١ .

[23] الجمعة: ١.

[24] الأعلى: ١.

[25] ينظر: شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك: (2: 143).

[26] ينظر: من أسرار البيان القرآني،: (ص203).

[27] البحر المديد: (7: 462).

[28] ينظر: التحرير والتنوير: (15: 11).

[29] ينظر: إعراب القرآن الكريم وبيانه: (4: 19).

[30] ينظر: محاسن التأويل (تفسير القاسمي) (ص: 0).

[31] ينظر: تفسير الشعراوي: (ص: 2 831-8313).

[32] ينظر: شرح ابن عقيل، معاني الحروف: (4: 16)، واللباب في علوم الكتاب: (12: 195).

[33] سنن أبي داود (2: 39) (2598)، وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح، وسنن الترمذي (5: 497) (3438)، وقال الشيخ الألباني: صحيح.

[34] ينظر: شرح ابن عقيل، معاني الباء (4: 16).

[35] المائدة: 6.

[36] الفتح من الآية: 29.

[37] الصف من الآية: 6.

[38] ينظر: من إسرار البيان القرآني: (ص: 204).

[39] تفسير البحر المحيط: (6: 2).

[40] ينظر: المعجزة الكبرى الإسراء والمعراج: (ص: 39).

[41] الإسراء: 3

[42] الأعراف: ١٤٣

[43] من إسرار البيان القرآني: (ص 205).

[44] ينظر: تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن: (16: 12) ؛ والفيوض الربانية في الرحلة النورانية، (ص53).

[45] البحر المديد: (2: 193).

[46] ينظر: السراج الوهاج في الإسراء والمعراج: (ص: 47)

[47] ينظر: الإعجاز اللغوي والبياني في القران الكريم: (1: 62).

[48] ينظر: أضواء البيان في إيضاح القران بالقران: (3: 467).

[49] تفسير الثعالبي (2: 328).

[50] تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن: (16: 12)، والفيوض الربانية في الرحلة النورانية: (ص: 53)

[51] الجن: ١٩

[52] النجم: 10

[53] ينظر: من أسرار البيان القرآني: (ص: 205).

[54] ينظر: المصدر نفسه.

[55] التحرير والتنوير: (13: 356).

[56] الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: (2: 436).

[57] روح المعاني: (15: 7- 8).

[58] الأنبياء: 20.

[59] السراج الوهاج: (ص: 30)، ومن أسرار البيان القرآني: (ص: 206)؛

[60] ينظر: الإسراء والمعراج: (ص: 34).

[61] الإسراء: ٥٩

[62] الأنعام: ٧.

[63] ينظر: المعجزة الكبرى الإسراء والمعراج: (44-60).

[64] صحيح مسلم: (1: 521) (170).

[65] طه: ٧٧.

[66] الدخان: ٢٣

[67] ينظر: إسراء ومعراج خير البرية - صلى الله عليه وسلم - مع نفحات من وحي الإسراء والمعراج: (ص: 66).

[68] ينظر: التحرير والتنوير: (15: 12-14).

[69] آل عمران: ٩٦ .

[70] ينظر: الإسراء والمعراج للشعراوي: (ص: 35).

[71] التوبة: ١٨

[72] صحيح البخاري: (1: 128) (328).

[73] تفسير الشعراوي: (13: 8320).

[74] ينظر: من أسرار البيان القرآني: (ص: 206).

[75] تفسير اللباب لابن عادل: (ص: 3274).

[76] ينظر: التحرير والتنوير: (7: 15)، وتفسير الشعراوي: (13: 8322).

[77] سنن النسائي: (1: 221) (450) ؛ ومسند الشاميين: (1: 194) (341). واصله في الصحيح البخاري ومسلم.

[78] صحيح البخاري: (1: 398) (1132)، وصحيح مسلم: (3: 1014) (1397).

[79] صحيح البخاري: (3: 1231) (3186). صحيح مسلم: (1: 370) (520)

[80] ينظر: مغني اللبيب: (4: 136).

[81] ينظر: البحر المحيط في التفسير: (7: 10).

[82] في ضلال القرآن: (15: 2212).

[83] صحيح البخاري: (1: 234) (629)، وصحيح مسلم: (2: 715) (1031).

[84] ينظر: : الإسراء والمعراج القصة الكاملة: (ص11- 14).

[85] آل عمران: ٩٦ .

[86] آل عمران: ٩٦ .

[87] ينظر: التحرير والتنوير: (15: 19).

[88] النمل: ٨

[89] صحيح البخاري: (1: 351) (990).

[90] ينظر: من أسرار البيان القرآني، (ص 206-207).

[91] ينظر: : المصدر نفسه.

[92] النجم: ١٨

[93] الأنعام: ٧٥

[94] البقرة: ٢٦٠

[95] ينظر: التحرير والتنوير: (13: 20-21).

[96] تفسير الشعراوي: (13: 8322)

[97] الأنعام: 75

[98] التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب: (20: 119)، واللباب في علوم الكتاب: (12: 197).

[99] تفسير الرازي: (20: 119).

[100] تفسير الكشاف: (2: 604).

[101] المحرر الوجيز: (4: 49).

[102] ينظر: تفسير ابن كثير: (3: 7).

[103] القصص: ٧١ – ٧٢

[104] ينظر: من أسرار البيان القراني، (ص 208-209).

[105] صحيح مسلم: (1: 99) (429).

[106] الصحيح البخاري: (4: 1743).

[107] ينظر: الفيوض الربانية في الرحلة النورانية: (ص: 45).

[108] تهذيب الاثار: للطبري: (6: 270)، وقال الهيثمي رواه البزار ورجاله موثقون إلا أن الربيع بن أنس قال عن أبي العالية أو غيره فتابعيه مجهول. قال السيوطي: وأخرج البزار وابو يعلى وابن جرير ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة وابن أبي حاتم وابن عدي وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد. ينظر: الدر المنثور: (5: 198).

[109] سنن الترمذي (5: 301) (3131)، قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب ولا نعرفه إلا من حديث عبد الرزاق، قال الشيخ الألباني: صحيح الإسناد

[110] صحيح البخاري: كِتَاب الصَّلَاةِ، بَاب كَيْفَ فُرِضَتْ الصَّلَاةُ فِي الإسراء: (1: 135) (342).

[111] صحيح البخاري: (3: 1173) (3035).

[112] من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه صحيح البخاري: (1: 28) (52)، وصحيح مسلم: (3: 1219) (1599).

[113] حديث الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ، ينظر مسند أحمد بن حنبل: (4/ 127) (17190)، وقال الأرنؤوط: حديث صحيح لغيره دون قوله: "وكذلك أمهات النبيين ترين"، صحيح ابن حبان: (14/ 312)، (6404).

[114] البقرة: ١٢٩.

[115] آل عمران : 164.

[116] الجمعة: ٢.

[117] من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه صحيح البخاري: (1: 28) (52)، وصحيح مسلم: (3: 1219) (1599).

[118] سبق تخريجه.

[119] صحيح البخاري: (3/ 1217) (3164).

[120] ينظر سنن ابن ماجه: (2/ 1359) (4077). (... فَقَالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ بِنْتُ أَبِي الْعَكَرِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ قَالَ هُمْ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ وَجُلُّهُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَإِمَامُهُمْ رَجُلٌ صَالِحٌ فَبَيْنَمَا إِمَامُهُمْ قَدْ تَقَدَّمَ يُصَلِّي بِهِمْ الصُّبْحَ إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِمْ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ الصُّبْحَ فَرَجَعَ ذَلِكَ الْإِمَامُ يَنْكُصُ يَمْشِي الْقَهْقَرَى لِيَتَقَدَّمَ عِيسَى يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَيَضَعُ عِيسَى يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ تَقَدَّمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَكَ أُقِيمَتْ فَيُصَلِّي بِهِمْ إِمَامُهُمْ)، وحديث أَبِي سَعِيدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: (مِنَّا الَّذِي يُصَلِّي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ).رواه أبو نعيم في كتاب المهدي قال الالباني: صحيح . ينظر: صَحِيح الْجَامِع: 5920 , الصَّحِيحَة: 2293

[121] ينظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى: (1: 43 ـ 46).

[122] ينظر: مسند أحمد بن حنبل: (3/ 387) (15195).

[123] ينظر: لطائف الإشارات: (1: 255).

[124] مسند أحمد بن حنبل: (4/ 161) (17515)، والمعجم الكبير: (5/ 85) (4657)، قال الالباني: صحيح. ينظر: مصابيح التنوير على صحيح الجامع الصغير للألباني (1/ 83).

[125] السنن الكبرى ت : (1: 359) (1569).

[126] فتح الباري: (14: 56).

[127] صحيح مسلم: (1: 156)، (172).

[128] حديث ابن عباس مسند أحمد بن حنبل: (1: 257) (2324)، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف وصحح ابن كثير إسناده في التفسير ! . قلنا (الأرنؤوط): ولجله شواهد.

[129] فتح الباري: (11: 216).

[130] تفسير ابن كثير: (5: 31).

[131] ينظر: رد المحتار: (4: 98-100).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رحلة الإسراء في آية الإسراء
  • الإسراء والمعراج
  • الآلاء في تفسير بعض آي سورة الإسراء
  • نفحات من آي الصلاة
  • الإسراء ومضات ومعجزات

مختارات من الشبكة

  • نفحات قرآنية .. في سورة الإسراء(مقالة - موقع الشيخ محمد بن صالح الشاوي)
  • نفحات رمضانية تدبرية: ثلاثون نفحة تدبرية (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • وأطل علينا شعبان بنفحة من نفحات الخير(مقالة - ملفات خاصة)
  • نفحات قرآنية (17)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من خصائص رمضان: لله نفحات من رحمته يصيب بها من شاء من عباده وشهر رمضان أرجى الأزمنة لذلك(مقالة - ملفات خاصة)
  • نفحات رمضانية (قصيدة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • نفحات رمضانية (الجزء الخامس)(مقالة - ملفات خاصة)
  • نفحات رمضانية (الجزء الرابع)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نفحات رمضانية (الجزء الثالث)(مقالة - ملفات خاصة)
  • العشر الأواخر نفحات ورحمات(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب