• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / مقالات
علامة باركود

مفطرات الصيام المعاصرة

د. أحمد بن محمد الخليل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/9/2008 ميلادي - 29/8/1429 هجري

الزيارات: 154947

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
المقـدمة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد؛ فإن الله تعالى فرض على عباده صيامَ رمضان، وشرع لهم أن يصوموا أيامًا أُخر متفرقة، ندبًا لا إيجابًا، ورتَّب على الصيام من الثواب ما تتوق له نفس المؤمن، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن صام يومًا في سبيل الله بعَّد الله وجهَه عن النار سبعين خريفًا))؛ متَّفق عليه ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن في الجنَّة بابًا يُقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم))؛ متَّفق عليه.

وقد شرع الله الصيام مَحدودًا بِحدودٍ شرعية، مَن تَجاوزها أفسد صيامه أو نقَصه، فيجب على المسلم أن يعرف حدود ما أنزل الله على رسوله مما يتعلَّق بالعبادات التي فُرضت فرضَ عينٍ على كل مسلم، ومنها الصيام.

وقد كتبتُ هذا البحث؛ ليعالج جانبًا مهمًّا من جوانب الصيام، وهو "المفطِّرات المعاصرة"، فقد ظهر في عصرنا هذا من المفطرات المتعلِّقة بالجوانب الطبية ما ينبغي النظر فيه، ودراسته؛ للتوصل إلى القول الذي تدل عليه النصوص والقواعد الشرعية.

وقد كُتب في هذا الموضوع في مناسبات عدَّة، لا سيَّما ما يتعلق بالفتاوى، فهي كثيرة ومنتشرة، وكذلك تناوله المجمع الفقهي بالبحث في دورته العاشرة، وكُتب عن بعض مباحثه في كتب تناولت أحكام الصيام، لكنّي لا أعلم كتابًا أو بحثًا مستقلاًّ حول هذه الموضوعات، عدا ما أشرتُ إليه من بُحوث المجمع الفقهي، أو كتب الفتاوى المعاصرة، وقد أردتُ أن أشارك في هذا الموضوع بتناوُل مسائله، ودراستها على ضوء نصوص الكتاب والسنة، محاولاً تأصيلَ هذه المسائل، وإرجاعَها إلى قواعدِها الشَّرعيَّة المتعلّقة بالصيام قدر المستطاع، مع تَخريج ما يمكن تخريجه من هذه المسائل على ما ذكره فقهاؤنا المتقدِّمون - رحمهم الله.

سائلاً المولى - عزَّ وجلَّ - أن يَهديني سواء السبيل.



الباب الأول
في التعريفات والمقدمات

وفيه فصلان:
الفصل الأول: في التعريفات وفيه مباحث:
المبحث الأول تعريف الصيام:

أولاً: تعريف الصيام لغة:
قال ابن فارس: "الصاد والواو والميم أصل يدل على إمساك وركود في مكان". اهـ.

وفي "لسان العرب"[1]: الصوم الإمساك عن الشيء، والترك له، ولذلك قيل للصائم صائمًا؛ لإمساكه عن الشراب والطعام والنكاح، وقيل للصامت صائمًا؛ لإمساكه عن الكلام، ومنه: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا}[2]

وقال أبو عبيدة: كلّ مُمسكٍ عن طعامٍ، أو كلامٍ، أو سير، فهو صائم". اهـ.

وقال البيضاوي: الصوم في اللغة الإمساك عما تنزع إليه النفس. اهـ[3].

ثانيًا: تعريف الصيام شرعًا:
عند الأحناف: الإمساك عن أشياء مخصوصة، وهي الأكل، والشرب، والجماع، بشرائط مخصوصة[4]. اهـ.

وعند المالكية:
الإمساك عن شهوتَي الفم والفرج، وما يقوم مقامهما، مخالفةً للهوى في طاعة المولى، في جميع أجزاء النهار، وبنية قبل الفجر، أو معه إن أمكن[5].

وعند الشافعية:
إمساك مخصوص، في زمن مخصوص، من شخص مخصوص[6].

وعند الحنابلة:
إمساك عن المفطِّرات، من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس[7].

المبحث الثاني: تعريف المفطِّرات:
هي مفسدات الصيام، وقد بحثها الفقهاء وذكروا الخلاف في بعضها، ولا يتعلق ذلك بهذا البحث، إذ المراد بحث المسائل المعاصرة، وقد يذكر شيء منها؛ لتخريج مسألة معاصرة عليها، بحيث يستفاد منه الحكم الشرعي.

وقد جمعها الغزالي بقوله:
والمفطرات ثلاثة: دخول داخل، وخروج خارج، وجِماع[8].

المبحث الثالث: تعريف المعاصرة:
مأخوذة من العصر، وله في اللغة ثلاثة معانٍ ذكرها ابن فارس[9]، يعنينا منها معنى واحد، هو: الدهر والحين.

والمعنيان الآخران هما:
- ضغط الشيء حتى يتحلَّب.
- العَصَر: الملجأ، يقال اعتصر بالمكان، إذا التجأ إليه.

ومن معانيه الزَّمن الذي يُنْسَب إلى ملك، أو دولة، أو تطورات طبيعية، أو اجتماعية، يقال: عصر الدَّولة العبَّاسيَّة، عصر الكهرباء، عصر الذرَّة، العصر القديم، العصر المتوسط، والعصر الحديث[10]، وهكذا.

إذًا فالمراد به في هذا البحث:
المفطرات التي ظهرتْ في عصرِنا الحديث.

الفصل الثاني: المقدمات

وفيه مباحث:
المبحث الأول: المفطرات المتَّفق عليها في الشرع:
هناك مفطرات دلَّ النَّص والإجْماع على أنها مفسدة للصيام، وهي كما يلي:
1- الأكل. 2- الشرب. 3- الجماع.
ودليل هذه الثلاثة قوله تعالى: {فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}[11]

4- دم الحيض والنفاس.

ودليله حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أليس إذا حاضت لم تُصلِّ ولم تَصم))[12].

المبحث الثاني: تحديد الجوف المراد في كلام الفقهاء:
اختلفتِ المذاهب الأربعة في ذلك:
أولاً: الأحناف: بيَّن الأحناف مرادهم بالجوف عند حديثهم عن الجائفة:
فالجائفة عندهم: هي التي تصل إلى الجوف، والمواضعُ التي تنفذ الجراحة منها إلى الجوف هي: الصَّدر، والظهر، والبطن، والجنبان، وما بين الأنثيين والدبر، ولا تكون في اليديْنِ والرِّجليْن ولا في الرقبة والحلق جائفة; لأنه لا يصل إلى الجوف[13].

وهناك فرق - عند الأحناف - بين المعدة والجوف؛ فإنَّ الجوف يشمل المعدة وغيرها مما يوجد في التجويف البطني:
قال الكاساني في سياق كلامه عن الرضاعة: "وأما الإقطار في الأُذن فلا يحرم؛ لأنه لا يعلم وصوله إلى الدماغ؛ لضيق الخرق في الأذن، وكذلك الإقطار في الإحليل; لأنه لا يصل إلى الجوف، فضلاً عن الوصول إلى المعدة، وكذلك الإقطار في العين والقُبل؛ لما قُلنا، وكذلك الإقطار في الجائفة وفي الآمَّة؛ لأن الجائفة تصل إلى الجوف لا إلى المعدة، والآمَّة إن كان يصل إلى المعدة، لكن ما يصل إليها من الجراحة لا يحصل به الغذاءُ، فلا تَثبُت به الحرمةُ، والحقنة لا تُحرِّم، بأن حُقن الصبي باللبن في الرواية المشهورة، وروي عن محمد أنها تحرم، وجه هذه الرواية أنها وصلتْ إلى الجوف حتى أوجبت فساد الصوم، فصار كما لو وصل من الفم، وجه ظاهر الرواية أن المعتبر في هذه الحرمة هو معنى التغذِّي، والحقنة لا تصل إلى موضع الغذاء; لأن موضع الغذاء هو المعدة، والحقنة لا تصل إليها، فلا يحصل بها نبات اللحم، ونشوز العظم، واندفاع الجوع؛ فلا توجب الحرمة"[14].

فهذا النص واضح في التفريق بين المعدة والجوف.
أما الحلق فقد جعلوا الداخل إليه مفطِّرًا؛ لكونه منفذًا إلى الجوف:
قال الكاساني: يكره للمرأة أن تذوق المرقة لتعرف طعمها؛ لأنه يخاف وصول شيء منه إلى الحلق، فتفطر.

وقال: "ولو اكتحل الصائم لم يفسد وإن وجد طعمه في حلقه عند عامة العلماء. وقال ابن أبي ليلى: يفسد، وجه قوله: أنه لما وجد طعمه في حلقه، فقد وصل إلى جوفه"[15].

وقال: "وكره أبو حنيفة أن يمضغ الصائم العلك؛ لأنه لا يؤمن أن ينفصل شيء منه فيدخل حلقه، فكان المضغ تعريضًا لصومه للفساد؛ فيُكره، ولو فعل لا يفسد صومه؛ لأنه لا يعلم وصول شيء منه إلى الجوف".

فيفهم من هذه النصوص أن مجرد دخول الشيء إلى الحلق لا يفطر حتى يصل إلى الجوف.

كذلك الدماغ جعلوا الداخل إليه مفطرًا؛ لكونه منفذًا إلى الجوف:
قال الكاساني: "وما وصل إلى الجوف أو إلى الدماغ من المخارق الأصلية؛ كالأنف، والأذن، والدبر، بأن استَعَطَ، أو احتقن، أو أقطر في أُذنه، فوصل إلى الجوف أو إلى الدماغ؛ فسد صومه، أمَّا إذا وصل إلى الجوف فلا شكَّ فيه؛ لوجود الأكل من حيث الصورة، وكذا إذا وصل إلى الدّماغ؛ لأنَّ له منفذًا إلى الجوف، فكان بمنزلة زاوية من زوايا الجوف، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال للَقِيط بن صَبِرة: ((بالغْ في المضمضة والاستِنْشاق، إلا أن تكون صائمًا))[16]، ومعلوم أنَّ استثناءَهُ حالة الصوم؛ للاحتِراز عن فساد الصوم، وإلا لم يكن للاستثناء معنى، ولو وصل إلى الرأس ثم خرج لا يفسد، بأن استعط بالليل ثم خرج بالنهار؛ لأنه لما خرج علم أنه لم يصل إلى الجوف، أو لم يستقر فيه".

وكذلك المنافذ الأخرى؛ كالإحليل، وقبل المرأة، وغيرها، جعلوا الداخل إليه مفطرًا؛ لكونه منفذًا إلى الجوف.

فتلخص من مذهب الأحناف أنهم لا يقصرون الجوف على المعدة؛ بل يشمل كل التجويف البطني، أما باقي المنافذ فقد جعلوا الداخل إليه مفطرًا؛ لكونه منفذًا إلى الجوف.

ثانيًا: المالكية:
لبيان الجوف أنقل كلامهم حول الجائفة:
قال في "المدونة"[17]: "قلت: فما حَدُّ الجائفة؟ قال: ما أفضى إلى الجوف وإن مدخل إبرة".

وفي "حاشية الخرشي"[18]: "الجائفة في اصطلاح الفقهاء: ما أفضى من الجراحات إلى الجوف، ولا يكون إلا في الظهر أو البطن".

ويفرقون بين المعدة والجوف:
قال بعض المالكية: "تجب الكفارة في إفساد صوم رمضان انتهاكًا له بما يصل إلى الجوف أو المعدة من الفم"[19].

أمَّا الحلق فيحصل الفطر بوصول المائع إليه وإن لم يجاوزه على الصحيح من مذهب المالكية[20].

أما الدماغ فهناك اختلاف في اشتراط وصول الداخل إليه إلى الجوف:

قال الخرشي: "واستنشاق قدر الطعام بمثابة البخور؛ لأن ريح الطعام له جسم يتقوَّى به الدّماغ، فيحصل به ما يحصل بالأكل".

فهذا يدلّ على أنَّ الدماغ نفسه يتقوى.

وجاء في "الشرح الكبير مع حاشيته": وأمَّا مَن دهن رأسَهُ نهارًا ووجد طعمه في حلقه، أو وضع حناء في رأسه نهارًا فاستطعمها في حلقه، فالمعروف من المذهب وجوب القضاء"[21].
فهذا يدلّ على أنَّه لا بدَّ أن يصِلَ إلى الحلْق.

أمَّا المنافذ الأخرى - كالإحليل، وفرْج المرأة - فيعلِّلونَها بالوصول إلى الجوف[22].

والخلاصة أنَّ المالكية يرون أنَّ الجوف هو كلّ البطن، وليس فقط المعدة.

ويفطرون بمجرَّد الوصول إلى الحلق ولو لم ينزل.

واختلفوا في الدماغ، أمَّا باقي المنافذ فلا بدَّ من وصول الداخل منها إلى الجوف

ثالثًا: الشافعية:
وهم أوسع المذاهب في مدلول الجوف:

فقد ذكر في "الغرر البهية" أنَّه يشترط لصِحَّة الصَّوم "عدم دخول عين من الظاهر، وإن لم تؤكل عادة كحصاة، جوفًا له؛ لخبر البيهقي بإسناد حسن أو صحيح، عن ابن عباس قال: "إنَّما الفطر مما دخل وليس مما خرج"؛ أي الأصل ذلك. ولو كان الجوف سِوى مُحِيل للغذاء أو الدواء، كباطن الأذن، وإن كان لا منفذ منه إلى الدماغ; لأنه نافذ إلى داخل قِحْفِ الرأس، وهو جوف أو باطن الإحليل، وإن لم يجاوز الداخل فيه الحشفة، كما يبطل بالواصل إلى حلقه وإن لم يصل إلى معدته، والمحيل كباطن الدماغ، والبطن، والأمعاء، والمثانة"[23].

وإذ تأملت في هذا النص تبيَّن لك ما يلي:
1- أن الجوف يقصد به عندهم كل مجوف؛ كباطن الإذن، وداخل قِحف الرأس، وباطن الإحليل، وإن لم يصل الداخل إليها إلى المعدة.
2- وصول الداخل إلى الحلق يبطل الصوم، وإن لم يصل إلى المعدة.

بل ذهب الشافعية إلى أكثر من ذلك، فإن الصائم يفطر عندهم إذا وصل الداخل إلى باطن الفم - وحَدُّه مخرج الحاء، أو الخاء، فما بعده باطن:
قال في "تحفة المحتاج": "وإن غلبه القيء فلا بأس؛ للخبر، وكذا لا يفطر لو اقتلع نخامة من الدماغ أو الباطن ولَفَظَها أي: رماها في الأصح; لأن الحاجة لذلك تتكرر، فرُخِّص فيه، لكن يُسَنُّ قضاء يوم، ككل ما في الفطر به خلاف يُراعى كما هو ظاهر، أما إذا لم يقتلعها بأن نزلت من محلها من الباطن إليه، أو قلعها بسعال، أو غيره، فلَفَظَها؛ فإنه لا يفطر قطعًا، وأما لو ابتلعها مع قدرته على لفظها بعد وصولها لحد الظاهر؛ فإنه يفطر قطعًا، فلو نزلت من دماغه، وحصلت في حد الظاهر من الفم، وهو مخرج الحاء المهملة فما بعده باطن،[24] فليقطعها من مجراها، وليمجها إن أمكنه؛ حتى لا يصل منها شيء للباطن، فإن تركها مع القدرة على لفظها، فوصلت الجوف يعني: جاوزت الحد المذكور - أفطر في الأصح؛ لتقصيره"[25].

تنبيه:
تبين مما نقلته عن "الغرر البهية" أن الشافعية لا يشترطون أن يكون الجوف محيلاً للغذاء، وهذا هو المشهور عند الشافعية، وهناك وجه عندهم، أن يشترط في الجوف أن يكون فيه قوة تحيل الواصل إليه من غذاء أو دواء، وهذا هو الذي أخذ به الغزالي في "الوجيز"[26].

رابعًا: الحنابلة:
يرى الحنابلة أنَّ ما وصل إلى أحد الجوفين - جوف البدن أو الدماغ - فهو مفطر:
قال في "الكافي"[27]: "وإن أوصل إلى جوفه شيئًا من أي موضع كان، أو إلى دماغه؛ مثل أنِ احتقن، أو داوى جائفة بما يصل جوفه، أو طعن نفسه، أو طعنه غيره بإذنه بما يصل جوفه، أو قطر في أذنه فوصل إلى دماغه، أو داوى مأمومة بما يصل إليه - أفطر، لأنه إذا بطل بالسعوط دل على أنه يبطل بكل واصل من أي موضع كان؛ ولأن الدماغ أحد الجوفين".

وقال في "المغني"[28]: "الفصل الثالث أنه يفطر بكل ما أدخله إلى جوفه، أو مجوف في جسده؛ كدماغه وحلقه ونحو ذلك، مما ينفذ إلى معدته، إذا وصل باختياره، وكان مما يمكن التحرز منه".

وقال في "مطالب أولي النهى"[29]: "وكذا يفسد صوم بكل ما يصل لمسمى جوف؛ كالدماغ والحلق والدبر وباطن الفرج".

قال شيخ الإسلام[30]: "ولا بد عند أصحابنا أن يصل إلى البطن، أو ما بينه وبين البطن مجرى نافذ".

وكذلك الجائفة[31]، والقطرة في الذكر، وحقنة الدبر، صرحوا أنها لا تؤثر إلا إذا وصلت إلى الجوف[32].

والذي يظهر أن الحنابلة يقصدون بالجوف المعدة، فقد صرح ابن قدامة - كما سبق - بذلك؛ أي إنَّ المفطر ما يصل إلى المعدة.

كذلك صرَّح في "دقائق أولي النُّهى"[33] بذلك، فقال: "أو أدخل إلى جوفه شيئًا من كل محل ينفذ إلى معدته" وكذلك غيرهما من الحنابلة يذكرون المعدة[34]، بل جاء ما هو أصرح من ذلك في "كشاف القناع"[35]، فقد قال في سياق التعليل للفطر بدخول الشيء إلى الدماغ: "لأنَّ الدّماغ أحد الجوفين، فالواصل إليه يغذيه، فأفسد الصوم كالآخر" اهـ. ويقصد بالآخر الجوف البطني؛ لأنَّ الدّماغ أحد الجوفين عند الحنابلة كما سبق، فقوله يغذيه يدل على أنَّ مرادهم المعدة؛ لأن التغذية تحصل بما يكون في المعدة.

وقال ابن مفلح: "وإن داوى جرحه أو جائفته، فوصل الدواء إلى جوفه، أو داوى مأمومته فوصل إلى دماغه، أو أدخل إلى مجوف فيه قوة تحيل الغذاء أو الدواء... أفطر"[36].
والجوف الذي فيه قوة يحيل الغذاء ليس إلا المعدة.

فهذا كله يدل على أن الحنابلة يريدون بالجوف المعدة، فالجوفان المعدة، والدماغ.

وأما الدماغ فقد اختلف الحنابلة هل هو جوف مستقل؛ فما يدخل فيه يفطر ولو لم يصل إلى التجويف البطني، أو هو مفطر بشرط وجود منفذ بين الدماغ والتجويف البطني؟ وقد حرر شيخ الإسلام ابن تيمية المراد به فقال - بعد أن ذكر أنَّ ما يصل إلى الدماغ يفطر -: "بناءً على أن بين الدماغ والجوف مجرى، فما يصل إلى الدماغ لا بد أن يصل إلى الحلق ويصل إلى الجوف - ثم قال - وذكر القاضي في بعض المواضع وغيره: أن نفس الوصول إلى الدماغ مفطر؛ لأنه جوف يقع الاغتذاء بالواصل إليه، فأشبه الجوف، والصَّواب الأوَّل لو لم يَكُن بين الدّماغ والجوف منفذ لم يفطر بالواصل... لأن الغذاء الذي به البنية لا بد أن يحصل في المعدة"[37].

القول المختار:
إذا نظرنا في أقوال الفقهاء السابقة وجدنا أنهم على قسمين:

القسم الأول:
الفقهاء الذين يفطرون بغير الواصل إلى الجوف؛ كالواصل إلى الدماغ والدبر ونحوهما،بناءً على وصوله إلى الجوف البطني، فهؤلاء لا إشكال معهم؛ لأن الطب الحديث (علم التشريح) أثبت أنه لا علاقة لهذه المنافذ بالجوف.

القسم الثاني:
الذين يرون أنها جوف بحد ذاتها، ولو لم يصل ما يدخل من طريقها إلى التجويف البطني، وكذلك الذين يرون أن التجويف البطني ليس هو المعدة فقط.
وهؤلاء في الحقيقة ليس معهم دليل يؤيد مذهبهم، بل دل النص على أن المفطر هو الطعام والشراب، وهذه إنما تدخل إلى المعدة، ولا ينتفع الجسم بها إلا إذا دخلت المعدة، وهذا وصف مناسب يصلح لتعليق الحكم به، ونفي الحكم عند عدمه.

فالقول الأقوى أن الجوف هو المعدة فقط، أي إن المفطر هو ما يصل إلى المعدة دون غيرها من تجاويف البدن.

بقي أن ينبه هنا إلى أن الأمعاء هي المكان الذي يمتص فيه الغذاء، فإذا وضع فيها ما يصلح للامتصاص - سواء كان غذاء أو ماء - فهو مفطر؛ لأن هذا في معنى الأكل والشرب كما لا يخفى.
وقد ذهب بعضُ الأطبَّاء المعاصرين[38] إلى أنَّ المراد بالجوف هو الجهاز الهضمي البلعوم، المريء، المعدة، الأمعاء. والذي يظهر لي أنَّ هذا ليس بصحيح لأمرين:

1- لو فرضنا أنَّ الطَّعام وصل إلى البلعوم ثم خرج ولم يَبقَ له أي أثر، ولم ينزل منه شيء إلى المعدة، ولم ينتفع منه الجسم مطلقًا، فبأي دليل نبطل صيام هذا الشخص؟!

2- يعتبر الفم جزءًا من الجهاز الهضمي، وهو ليس من الجوف بالنص، فقد جاءت السنة بجواز المضمضة للصائم، فهذا مما ينقض القول بأن الجوف هو الجهاز الهضمي.

الباب الثاني: المفطرات المعاصرة
وفيه فصلان:
الفصل الأول: المفطرات المعاصرة الداخلة إلى بدن الصائم:

وفيه مباحث:
المبحث الأول: ما يدخل إلى بدن الصائم عبر الفم:

وفيه مسائل:
المسألة الأولى: بخَّاخ الربو:
- التعريف به: بخَّاخ الربو علبة فيها دواء سائل يحتوي على ثلاثة عناصر:
1- مواد كيميائية، مستحضرات طبية.
2- ماء. 3- أوكسجين.

ويتم استعماله بأخذ شهيق عميق مع الضغط على البخَّاخ في نفس الوقت.

وعندئذ يتطاير الرذاذ ويدخل عن طريق الفم إلى البلعوم الفمي، ومنه إلى الرغامي، فالقصباتِ الهوائية، ولكن يبقى جزء منه في البلعوم الفمي، وقد تدخل كمية قليلة جدًّا إلى المريء[39].

- حكم بخَّاخ الربو:
اختلف المعاصرون فيه على قولين:
القول الأول: أن بخَّاخ الربو لا يفطر، ولا يفسد صوم الصائم، وهو قول شيخنا عبدالعزيز بن باز[40] - رحمه الله، وشيخنا محمد بن صالح العثيمين[41]- رحمه الله، والشيخ عبدالله بن جبرين[42]، والشيخ الدكتور الصديق الضرير، ود. محمد الخياط[43]، واللجنة الدائمة[44].

الأدلَّة:
1- أنَّ الداخل من بخَّاخ الربو إلى المريء، ومن ثَمَّ إلى المعدة، قليل جدًّا، فلا يفطِّر قياسًا على المتبقّي من المضمضة والاستنشاق.

بيان ذلك كما يلي:
تحتوي عبوة بخَّاخ الربو على 10 ملليلتر من السائل بما فيه المادة الدوائية، وهذه الكمية مُعدَّة على أساس أن يبخ منه 200 بخة؛ أي إن الـ10 ملليلتر تنتج 200 بخة؛ أي إنه في كل بخة يخرج جزء من الملليلتر الواحد، فكل بخة تشكل أقل من قطرة واحدة[45]، وهذه القطرة الواحدة ستقسم إلى أجزاء يدخل الجزء الأكبر منه إلى جهاز التنفس، وجزء آخر يترسب على جدار البلعوم الفمي، والباقي قد ينزل إلى المعدة، وهذا المقدار النازل إلى المعدة يعفى عنه قياسًا على المتبقي من المضمضة والاستنشاق، فإن المتبقي منها أكثر من القدر الذي يبقى من بخة الربو "ولو مضمض المرء بماء موسوم بمادة مشعة[46]، لاكتشفْنا المادَّة المشعَّة في المعدة بعد قليل، مِمَّا يؤكّد وجود قدْرٍ يسير معفوّ عنه، وهو يسير يزيد – يقينًا - عما يمكن أن يتسرب إلى المريء من بخاخ الربو - إن تسرب"[47].

2- أنَّ دخول شيءٍ إلى المعدة من بخاخ الربو أمر ليس قطعيًّا؛ بل مشكوك فيه، أي قد يدخل وقد لا يدخل، والأصل صحة الصيام وعدم فساده، واليقين لا يزول بالشك.

3- أنه لا يشبه الأكل والشرب؛ بل يشبه سحب الدم للتحليل، والإبر غير المغذية[48].
المناقشة: يشكل على هذا الدليل وجود قدر من الماء في تركيب الدواء كما سبق بيانه.

4- أن البخاخ يتبخَّر ولا يصِلُ إلى المعدة، وإنَّما يصل إلى القصبات الهوائية[49].
المناقشة: سبق أنه قد يصل شيء يسير من مادة البخاخ إلى المعدة.

5- ذكر الأطبَّاء أنَّ السِّواك يحتوي على ثمانية مواد كيميائية، تقي الأسنان، واللثة من الأمراض، وهي تنحلّ باللّعاب وتدخل البلعوم، وقد جاء في "صحيح البخاري" عن عامر بن ربيعة: "رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستاك وهو صائم ما لا أحصي[50]"[51].

فإذا كان عُفي عن هذه المواد التي تدخل إلى المعدة؛ لكونها قليلة وغير مقصودة، فكذلك ما يدخل من بخاخ الربو يعفى عنه للسبب ذاته.

القول الثاني:
أنَّ بخاخ الربو يفطِّر، ولا يجوز تناوله في رمضان إلا عند الحاجة للمريض، ويقضي ذلك اليوم، وهو قول الدكتور فضل حسن عباس[52]، والشيخ محمد المختار السلامي، والدكتور محمد الألفي، والشيخ محمد تقي الدين العثماني، والدكتور وهبة الزحيلي[53].

دليل القول الثاني:
أنَّ محتوى البخاخ يصل إلى المعدة عن طريق الفم؛ فهو مفطر.

المناقشة:
يجاب عنه بالدليل الأوَّل لأصحاب القول الأول.
ولم أقِفْ لهم على دليل آخر سوى ما ذكرته.

الترجيح:
الذي يظهر - والله أعلم - أنَّ بخاخ الربو لا يفطر، فإن ما ذكره القائلون بعدم التفطير وجيه، وقياسهم على المضمضة والسواك قياس صحيح، والله سبحانه وتعالى أعلم.

المسألة الثانية: الأقراص التي توضع تحت اللسان:
التعريف بها:
هي أقراص توضع تحت اللّسان؛ لعلاج بعض الأزمات القلبية، وهي تمتصّ مباشرة بعد وضعها بوقت قصير، ويحملها الدم إلى القلب، فتوقف أزماتِه المفاجئة، ولا يدخل إلى الجوف شيء من هذه الأقراص[54].

حكمها:
هذه الأقراص لا تفطر الصائم؛ لأنه لا يدخل منها شيء إلى الجوف، بل تمتصّ في الفم كما سبق.
وأيضًا ليست هذه الأقراص أكلاً ولا شربًا، ولا في معناهما.

المسألة الثالثة: منظار المعدة:
التعريف به: هو جهاز طبي يدخل عبر الفم إلى البلعوم، ثم إلى المريء، ثم المعدة، ويستفاد منه إمَّا في تصوير ما في المعدة؛ ليعلم ما فيها من قرحة ونحوها، أو لاستخراج عينة صغيرة لفَحْصِها، أو لغير ذلك من الأغراض الطبية.

توطئة:
قبل الشّروع في حكم دخول المنظار إلى المعدة لا بد من ذِكر مسألة فقهية، لتخرج مسألتنا هذه عليها، وهي: هل دخول أي شيء إلى المعدة يفطر به الصائم، أو لا بد من دخول المغذي؟
وهي مسألة اختلف فيها أهل العلم:

قال ابن رشد - مبيِّنًا سبب الخلاف في هذه المسألة -: "وسبب اختلافهم في هذه هو قياس المغذي على غير المغذي، وذلك أن المنطوق به إنما هو المغذي، فمن رأى أن المقصود بالصوم معنى معقول لم يلحق المغذي بغير المغذي، ومن رأى أنها عبادة غير معقولة، وأن المقصود منها إنما هو الإمساك فقط عما يرد الجوف، سوَّى بين المغذي وغير المغذي "[55] اهـ.

خلاف أهل العلم في هذه المسألة:
القول الأول: ذهب عامة أهل العلم والجماهير من السلف والخلف إلى أن مَن أدخل أي شيء إلى جوفه أفطر، ولو كان غير مغذٍّ، ولا معتاد، ولو لم يتحلل وينماع، فلو بلع قطعة حديد أو حصاة، أو نحوهما قاصدًا؛ أفطر، وهو مذهب الأحناف، والمالكية، والشافعية، والحنابلة[56].
إلا أنَّ الأحناف اشترطوا استقراره؛ أي أن لا يبقى طرف منه في الخارج، فإن بقي منه طرف في الخارج، أو كان متصلاً بشيء خارج فليس بمستقر.

الأدلة:
1- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر باتِّقاء الكحل[57] الذي يدخل من العين إلى الحلق، وليس في الكحل تغذية، فعلم أنه لا يشترط في الداخل أن يكون مما يغذي في العادة[58].
المناقشة: أنه حديث ضعيف كما بينته في التخريج.

2- عموم أدلَّة الكتاب والسنة على تحريم الأكل والشرب، فيدخل فيه محل النزاع[59].
المناقشة: أنَّ هذا استدلال بمحلّ الخلاف؛ لأن الخلاف هل يسمى ذلك أكلاً أو لا يسمى.

3- أنَّ الصيام هو الإمساك عن كل ما يصل إلى الجوف، وهذا ما أمسك؛ ولهذا يقال: فلان يأكل الطين، ويأكل الحجر[60].

المناقشة:
أن الإمساك المطلوب لا بد له من متعلق، وهو محل البحث، أي ما الشيء الذي يطلب من الصائم أن يُمسك عنه؟

والأكل علَّقه كثير من أهل اللغة بالمطعوم، ففي "لسان العرب"[61]: أكلت الطعام أكلاً ومأكلاً. اهـ.

ونحوه في كتب اللغة الأخرى[62].

وفي "المصباح المنير"[63]: " قال الرّمَّاني: الأكل حقيقةً بلعُ الطعام بعد مضغه، فبلع الحصاة ليس بأكل حقيقةً".

وفي "معجم لغة الفقهاء"[64]: "الأكْل - بسكون الكاف: وصول ما يحتاج إلى المضغ إلى المعدة".

وفي "تاج العروس": "قال ابن الكمال: الأكل إيصال ما يمضغ إلى الجوف ممضوغًا أولاً".

وفي "المفردات للأصفهاني"[65]: "الأكل: تناول المطعم".

وفي كلام هؤلاء ما يدل على أنه لا يطلق الأكل إلا على المطعوم، ويؤيد هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((يدع طعامه وشرابه))، فالمطلوب ترك الطعام والشراب ليس إلا.

4- ما جاء عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: "إنَّما الفطر مما دخل، وليس مما خرج"[66].

المناقشة:
يناقش بما سبق في مناقشة الدليل الثاني والثالث؛ أي هل الفطر من كل داخل، أو من المطعوم فقط؟ هذا هو محلّ النزاع.

القول الثاني:
أنه لا يفطر مما دخل إلى المعدة إلا ما كان طعامًا أو شرابًا، وهو مذهب الحسن بن صالح، وبعض المالكية[67] واختاره شيخ الإسلام[68].

الأدلة:
1- أنَّ المقصود بالأكل والشرب في النصوص هو الأكل المعروف الذي اعتاد عليه الناس، دون أكل الحصاة والدرهم ونحوهما، فإن هذا لا ينصرف إليه النَّصّ؛ ولهذا لما أراد الخليل أن يعرف الأكل قال: الأكل معروف"[69].

2- أن الله ورسوله إنَّما جعلا الطعام والشراب مفطرًا؛ لعلة التقوِّي والتغذِّي، لا لمجرد كونه واصلاً إلى الجوف، قال شيخ الإسلام: "الصائم نُهي عن الأكل والشرب؛ لأن ذلك سبب التقوي، فترك الأكل والشرب الذي يولد الدم الكثير الذي يجري فيه الشيطان إنما يتولد من الغذاء، لا عن حقنة ولا كحل".

وإذا ثبت أن هذه هي العلة، فهي منتفية فيما يدخل إلى المعدة مما لا يغذي.

الترجيح:
الأقرب دليلاً - حسب ما ظهر لي - القول الثاني، والأحوط هو القول الأول، والله تعالى أعلم.

نرجع الآن إلى المسألة المقصودة، وهي دخول المنظار إلى المعدة:
فعلى القول بأن كل داخل إلى المعدة مهما كان مغذيًا أو غير مغذٍّ يفطر؛ فالمنظار على هذا يفطر، تخريجًا على قول الأئمة الثلاثة، عدا الأحناف؛ فإنهم يشترطون الاستقرار - كما سبق - وهو أنه ألا يبقى منه شيء في الخارج، ومعلوم أن المنظار يتصل بالخارج، فهو لا يفطر تخريجًا على قول الأحناف، ويفطر تخريجًا على قول الثلاثة، ومقتضى كلام كثير من المعاصرين: أن المنظار يفطر؛ لأنهم قالوا: إن كل عين دخلت الجوف تفطر أُكلَت أو لم تؤكل، تطعم أو لا تطعم، صغيرة أو كبيرة[70].

أمَّا على القول بأنَّه لا يفطر إلا المغذِّي فقط؛ فالمنظار لا يفطر؛ لكونه جامدًا لا يغذي، وهذا ما اختاره الشيخ محمد بخيت[71] مفتي مصر، وشيخنا محمد العثيمين[72].

والقول بعدم التفطير هو الأقرب؛ لأنه لا يمكن اعتبار عملية إدخال المنظار أكلاً، لا لغةً، ولا عرفًا، فهي عملية علاج ليس أكثر.

تنبيه:
إذا وضع الطبيب على المنظار مادَّة دهنيَّة مغذّية؛ لتسهيل دخول المنظار، فهنا يفطر الصائم بهذه المادة، لا بدخول المنظار؛ وذلك لأنَّها مفطرة بذاتها، فهي مادة مغذية دخلت المعدة، وهذا يفطر بلا إشكال[73].

المبحث الثاني
ما يدخل إلى الجسم عبر الأنف

وفيه مسائل:
المسألة الأولى: القطرة:
الأنف منفذ إلى الحلق كما هو معلوم؛ بدلالة السُّنة، والواقع، والطب الحديث.

فمن السنة قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا))[74]، فدل هذا الحديث على أن الأنف منفذ إلى الحلق، ثم المعدة، والطب الحديث أثبت ذلك، فإن التشريح لم يَدَع مجالاً للشك في اتصال الأنف بالحلق.

- واختلف الفقهاء المعاصرون في التفطير بالقطرة على قولين:
القول الأول: أنه لا يفطر، وقال به الشيخ هيثم الخياط، والشيخ عجيل النشمي[75].

الأدلة:
1- أنَّ ما يصل إلى المعدة من هذه القطرة قليل جدًّا، فإن الملعقة الواحدة الصغيرة تتَّسع إلى 5سم3 من السوائل، وكل سم3 يمثل خمس عشرة قطرة، فالقطرة الواحدة تمثّل جزءًا من خمسة وسبعين جزءًا مما يوجد في الملعقة الصغيرة[76].
وبعبارةٍ أُخْرَى حجم القطرة الواحدة 0.06 من السم3[77].
ويمتصّ بعضه من باطن غشاء الأنف، وهذا القليل الواصل أقلّ مِمَّا يصل من المتبقّي من المضمضة[78] كما سبق تحريره، فيعفى عنه قياسًا على المتبقّي من المضمضة.

2- أنَّ الدَّواء الذي في هذه القطرة مع كونه قليلاً فهو لا يغذّي، وعلَّة التَّفطير هي التَّقوية والتَّغذية - كما سبق تقريره - وقطرة الأنف ليستْ أكلاً ولا شربًا، لا في اللغة، ولا في العرف، والله تعالى إنَّما علق الفطر بالأكل والشرب.

القول الثاني:
أنَّ القطرة في الأنف تفطر، وقال به شيخنا عبدالعزيز بن باز[79]، وشيخنا محمد بن عثيمين[80]، والشيخ مُحمَّد المختار السلامي، ود. محمد الألفي[81].
دليلهم: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث لقيط بن صبرة: ((بالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائمًا)). فالحديث يدل على أنه لا يجوز للصائم أن يقطر في أنفه ما يصل إلى معدته[82].

الراجح:
الذي يظهر لي عدم التفطير بقطرة الأنف، ولو وصل شيء منها إلى المعدة؛ لما سبق من أنَّها ليست أكلاً ولا شربًا، ولا في معناهما، وأيضًا لأن الواصل منها أقل بكثير من المتبقي من المضمضة؛ فهي أولي بعدم التفطير، والله تعالى أعلم بالصواب.

المسألة الثانية: غاز الأكسجين
:
التعريف به: غاز الأكسجين هو هواء يعطى لبعض المرضى، ولا يحتوي على مواد عالقة، أو مغذية، ويذهب معظمه إلى الجهاز التنفسي.

حكمه:
لا يعتبر غاز الأكسجين مفطرًا كما هو واضح، فهو كما لو تنفس الهواء الطبيعي.

المسألة الثالثة: بخاخ الأنف:
والبحث فيه هو البحث نفسه في بخاخ الربو عن طريق الفم، وقد سبق بيانه، فحكمه كحكمه تمامًا، ولا داعي لتكرار الكلام.

المسألة الرابعة: التخدير بالبنج
:
التعريف به: هناك نوعان من التخدير:
1- تخدير كلي.
2- تخدير موضعي.

ويتم تخدير الجسم بعدة وسائل:
أ- التخدير عن طريق الأنف، بحيث يشم المريض مادةً غازية تؤثر على أعصابه، فيحدث التخدير.

ب- التخدير الجاف:
وهو نوع من العلاج الصيني، ويتم بإدخال إبر مصمتةٍ جافةٍ إلى مراكز الإحساس، تحت الجلد، فتستحث نوعًا معينًا من الغدد على إفراز المورفين الطبيعي، الذي يحتوي عليه الجسم، وبذلك يفقد المريض القدرة على الإحساس.
وهو في الغالب تخدير موضعي، ولا يدخل معه شيء إلى البدن.

جـ- التخدير بالحقن:
- وقد يكون تخديرًا موضعيًّا؛ كالحقن في اللِّثة والعضلة ونحوهما.

وقد يكون كليًّا، وذلك بحقن الوريد بعقار سريع المفعول، بحيث ينام الإنسان في ثوانٍ معدودة، ثم يدخل أنبوب مباشر إلى القصبة الهوائية عبر الأنف، ثم عن طريق الآلة يتم التنفس، ويتم أيضًا إدخال الغازات المؤدية إلى فقدان الوعي فقدانًا تامًّا[83].

وقد يكون مع المخدر إبرة للتغذية، فهذه لها حكمها الخاص، وسيأتي الكلام عليها.

حكم التخدير:
- التخدير بالطريقة الأولى لا يعدُّ مفطرًا؛ لأن المادة الغازية التي تدخل في الأنف ليست جرمًا، ولا تحمل مواد مغذية، فلا تؤثر على الصيام.
- كذلك التخدير الصيني لا يؤثر على الصيام؛ لعدم دخول أي مادة إلى الجوف، كذلك التخدير الموضعي بالحقن له الحكم نفسه.
أما التخدير بالحقن، فإن كان تخديرًا موضعيًّا فلا يفطر؛ لعدم دخول شيء إلى الجوف.

- أما التخدير الكلي بحقن الوريد، فهذا فيه أمران:
الأول: دخول مائع إلى البدن عن طريق الوريد، وسيأتي بحث الحقن الوريدية في مبحثٍ مستقل.
الثاني: فقدان الوعي.

وقد اختلف أهل العلم في فقدان الصائم الوعي، هل يفطر أو لا؟ وفقدان الوعي على قسمين:

القسم الأول:
أن يفقده في جميع النهار:
فذهب الأئمة الثلاثة - مالك والشافعي وأحمد - إلى أن مَن أغمي عليه في جميع النهار فصومه ليس بصحيح؛ لقوله - صلى الله عليه وسلَّم -: ((قال الله: كلّ عملِ ابن آدم له، إلا الصيام؛ فإنَّه لي، وأنا أجزي به))[84]، وفي بعض طُرُقِه في مسلم: ((يدع طعامه وشرابه وشهوته))، فأضاف الإمساك إلى الصائم، والمغمى عليه لا يَصدُق عليه ذلك.

وذهب الأحناف، والمزني من الشافعية إلى صحة صومه؛ لأنه نوى الصوم، أما فقدان الوعي فهو كالنوم لا يضر[85].

والأقرب قول الجمهور؛ لوجود الفرق الواضح بين الإغماء والنوم، فإن النائم متى نبه انتبه، بخلاف المغمى عليه.

بناءً على القول بأن المغمى عليه كل النهار لا يصح صومه، فمن خُدر جميع النهار، بحيث لم يفق أي جزء منه؛ فصيامه ليس بصحيح، وعليه القضاء.

القسم الثاني:
ألا يستغرق فقدان الوعي كل النهار:
فذهب أبو حنيفة إلى أنه إذا أفاق قبل الزوال فلا بد من تجديد النية[86].
وذهب مالك إلى عدم صحة صومه[87].
وذهب الشافعي وأحمد إلى أنه إذا أفاق في أي جزء من النهار صح صومه[88].

ولعل الأقرب ما ذهب إليه الشافعي وأحمد من أنه إذا أفاق في أي جزء من النهار يصح صومه؛ لأنَّه لا دليل على بطلانه، فقد حصلت نية الإمساك في جزء النهار.

وكما قال شيخ الإسلام: لا يُشترط وجود الإمساك في جَميع النهار؛ بل اكتفينا بوجوده في بعضه؛ لأنه داخل في عموم قوله: ((يدَعُ طعامَه وشهوته من أجلي))[89].
بناءً على ما سبق فالتَّخدير الذي لا يستغرق كلَّ النَّهار ليس من المفطرات التي تفسد الصوم؛ لعدم وجود ما يقتضي التفطير. أمَّا التخدير الذي يستغرق كلَّ النهار فهو مفطر، والله أعلم.

المبحث الثالث
ما يدخل إلى الجسم عن طريق الأذن

وفيه مسائل:
المسألة الأولى: القطرة:
حكم القطرة في الأذن عند الفُقهاء: اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: إذا صب دهن في الأذن، أو أدخل الماء؛ أفطر، وهو مذهب الأحناف[90]، والمالكية[91]، والأصح عند الشافعية[92]، ومذهب الحنابلة[93] إذا وصل إلى دماغه.
وقد ذهب هؤلاء إلى القول بالتَّفطير، بناءً على أن ما يوضع في الأذن يصل إلى الحلق، أو إلى الدماغ، فهذا صريح تعليلهم.
ولذلك جاء في "منح الجليل"[94]: "فإن تَحقَّق عدم وصولِه للحَلْقِ من هذه المنافذ - يقصد الأنف والأذن والعين - فلا شيءَ عليْه".

القول الثاني:
أنَّه لا يفطر، وهو وجهٌ عند الشَّافعيَّة، ومذهب ابن حزم[95].
وبنى هؤلاء قولَهم على أنَّ ما يقطر في الأذن لا يصل إلى الدماغ، وإنما يصل بالمسامّ[96].

وفي الحقيقة لا خلاف بين هذين القولين؛ لأن المسألة ترجع إلى التحقق من وصول القطرة التي في الأذن إلى الجوف، وقد بيَّن الطب الحديث أنه ليس بين الأذن وبين الجوف ولا الدماغ قناةٌ ينفذ منها المائع، إلا في حالة وجود خرق في طبلة الأذن[97].

فإذا تبين أنه لا منفذ بين الأذن والجوف، فيمكن القول - بناءً على تعليلات القائلين بالتفطير - أن المذاهب متفقة على عدم إفساد الصيام بالتقطير في الأذن.

أما إذا أزيلت طبلة الأذن، فهنا تتصل الأذن بالبلعوم عن طريق قناة إستاكيوس، وتكون كالأنف[98].

وقد سبق الكلام على قطرة الأنف، فما قيل هناك يقال هنا، ولا داعي للتكرار، وقد رجحت هناك عدم الفطر بها، فكذلك هنا، وارجع إذا أردت المزيد إلى قطرة الأنف.

مسألة تابعة: غسول الأذن
:
حكم الغسول هو حكم القطرة، إلا أنه إذا أزيلت طبلة الأذن ثم غسلت الأذن، فهنا ستكون كمية السائل الداخلة إلى الأذن أكبر من القطرة فيما يظهر، فإن كان هذا السائل يحتوي على قدر كبير من الماء، ونزل من خلال القناة الموصلة إلى البلعوم، فهذا مفطر؛ لوصول الماء إلى المعدة عن طريق الأذن، بسبب إزالة الطبلة كما سبق.

وإن كان الغسول بمواد طبية، وليس فيها ماء، فهنا ترجع المسألة إلى دخول غير المغذي إلى المعدة، وسبق ذكر الخلاف فيه، وترجيح أنه لا يفطر شيء دخل إلى المعدة إلا إن كان مغذيًا.
وبهذا التفصيل كمل الحكم إن شاء الله تعالى.

المبحث الرابع
ما يدخل الجسم عن طريق العين
اختلف الفقهاء فيما يوضع في العين - كالكحل ونحوه - هل يفطر أو لا؟ وخلافهم هذا مبني على أمر آخر، وهو هل تعتبر العين منفذًا كالفم، أو ليس بينها وبين الجوف قناة، ولا تعد منفذًا، وإنما يصل ما يوضع فيها إلى الجوف عن طريق المسام؟

فذهب الأحناف والشافعية إلى أنه لا منفذ بين العين والجوف أو الدماغ، وبناءً على ذلك فهم لا يرون ما يوضع في العين مفطرًا[99].

وذهب المالكية[100] والحنابلة[101] إلى أن العين منفذ إلى الحلق؛ كالفم والأنف، فإن اكتحل الصائم ووجد طعمه في حلقه، فقد أفطر.

وقد بحث شيخ الإسلام[102] خلاف الفقهاء في الكحل، وانتصر لعدم التفطير به، وذكر في ذلك بحثًا لا مزيد عليه.

والطب الحديث أثبت أن هناك قناة تصل بين العين والأنف، ثم البلعوم، فالصواب - في مسألة وجود منفذ أو عدمه - مع المالكية والحنابلة، إلا أنه يبقى اعتبارات أخرى في مسألة القطرة، لا بد من مراعاتها كما سيأتي، ولا يتوقف الأمر عند كون العين منفذًا أو ليست منفذًا.

ولم أجد للمتقدمين كلامًا حول قطرة العين نصًّا، لكن يظهر جليًّا من خلال كلامهم حول قطرة الأذن والكحل في العين - أن الضابط عندهم هو كونها منفذًا أو لا، فإذا أردنا معرفة حكم قطرة العين عند الفقهاء المتقدمين فهو على الخلاف السابق في الكحل.

أما المعاصرون فقد اختلفوا في قطرة العين كما يلي:
القول الأول: ذهب أكثر أهل العلم إلى أن قطرة العين لا تفطر، وهو قول شيخنا عبدالعزيز بن باز[103]، وشيخنا محمد العثيمين[104]، ود. فضل عباس[105]، ود. محمد حسن هيتو[106]، ود. وهبة الزحيلي، ود. الصديق الضرير، والشيخ عجيل النشمي، وعلي السالوس[107]، ومحيي الدين مستو[108]، ومحمد بشير الشقفة[109].

الأدلَّة:
1- أنَّ جوف العين لا يتَّسع لأكثر من قطرة واحدة، والقطرة الواحدة حجمها قليل جدًّا، فإن الملعقة الواحدة الصغيرة تتسع إلى 5 سم3 من السوائل، وكل سم3 يمثل خمس عشرة قطرة، فالقطرة الواحدة تمثل جزءًا من خمسة وسبعين جزءًا مما يوجد في الملعقة الصغيرة[110].
وبعبارة أخرى حجم القطرة الواحدة 0.06 من السم3[111].
وإذا ثبت أنَّ حجم القطرة قليل فإنَّه يُعفى عنه، فهو أقلّ من القدر المعفوّ عنه مِمَّا يبقى من المضمضة[112].

2- أنَّ هذه القطرة أثناءَ مُرورِها في القناة الدَّمعيَّة تُمْتَصُّ جميعها ولا تصل إلى البلعوم، أمَّا الطعم الذي يشعر به في الفم، فليس لأنَّها تصل إلى البلعوم؛ بل لأنَّ آلة التَّذوّق الوحيدة هي اللسان، فعندما تمتصّ هذه القطرة تذهب إلى مناطق التذوق في اللسان، فتصبح طعمًا يشعر به المريض[113]، هكذا قرّر بعض الأطباء، وإذا ثبت هذا فهو حاسم في المسألة.

3- أنَّ القطرة في العين لا تفطر؛ لأنَّها ليستْ منصوصًا عليها، ولا بمعنى المنصوص عليه، والعين ليست منفذًا للأكل والشرب، ولو لطخ الإنسان قدميه ووجد طعمه في حلقه لم يفطر؛ لأنَّ ذلك ليس منفذًا، فكذلك إذا قطر في عينه[114].
القول الثاني: أنَّ قطرة العين تفطر، قال به من المعاصرين الشيخ محمد المختار السلامي، د. محمد الألفي[115].

الأدلة:
1- قياسًا على الكحل إذا وصل إلى الحلق.
المناقشة: يجاب عنه بأنَّ الكحل محلّ خلاف كما تقدَّم، والأقرب أنه لا يفطر به الصائم، فلا يصحّ القياس عليه.

2- أنَّ علماء التشريح يثبتون أنَّ الله خلق العين مشتملة على قناة تصلها بالأنف، ثم البلعوم.

المناقشة:
يُجاب عن هذا الدليل بما ذُكِرَ في الدليل الأول للقول الأول.

الراجح:
الذي يظهر - والله تعالى أعلم - أن أرجح القولين القول الأول، وأنه ليس هناك ما يعتمد عليه في جعل قطرة العين مفسدةً للصيام.

المبحث الخامس: ما يدخل
إلى الجسم عن طريق الجلد امتصاصًا أو نفوذًا

وفيه مسائل:
المسألة الأولى: الحقنة العلاجية:

ولها نوعان:
أ- الحقنة العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية:
لم أرَ خلافًا بين المعاصرين أن الحقنة الجلدية أو العضلية لا تفطر[116]، فذهب إلى ذلك شيخنا عبدالعزيز بن باز[117]، وشيخنا محمد العثيمين[118]، والشيخ محمد بخيت[119]، والشيخ محمود شلتوت[120]، ود. فضل عباس[121]، ود. محمد هيتو[122]، ومحمد بشير الشقفة[123]، وهو من قرارات المجمع الفقهي[124].
الدليل: أنَّ الأصل صحة الصوم، حتى يقوم دليل على فساده، وهذه الإبرة ليست أكلاً ولا شربًا، ولا بمعنى الأكل والشرب، وعلى هذا فينتفي عنها أن تكون في حكم الأكل والشرب[125].

ب- الحُقنة الوريدية المغذية:
وقدِ اختلف فيها الفقهاء المعاصرون على قولين:
القول الأوَّل: أنها تفطر الصائم، وهو قول الشيخ عبدالرحمن السعدي[126]، وشيخنا عبدالعزيز بن باز[127]، وشيخنا محمد العثيمين[128]، ومحمد بشير الشقفه[129]، وهو من قرارات المجمع الفقهي[130].

الدليل:
أنَّ الإبر المغذّية في معنى الأكل والشرب، فإن المتناول لها يستغني بها عن الأكل والشرب[131].

القول الثاني:
أنها لا تفطر، وهو قول الشيخ محمد بخيت[132]، والشيخ محمود شلتوت[133]، والشيخ سيد سابق[134].

الدليل:
أن مثل هذه الحقنة لا يصل منها شيء إلى الجوف من المنافذ المعتادة أصلاً، وعلى فرضالوصول فإنما تصل من المسام فقط، وما تصل إليه ليس جوفًا، ولا في حكم الجوف[135].
الجواب: سبق أنَّ علَّة التفطير ليست وصول الشيء إلى الجوف من المنفذ المعتاد؛ بل حصولما يتقوى به الجسم ويتغذى، ونقلتْ عن شيخ الإسلام ما يوضّح هذا أتمَّ توضيح.

الرَّاجح:
الأقرب ما عليه جمهور الفقهاء المعاصرين أنَّ الإبرة المغذية تفطر الصائم؛ لقوَّة أدلَّتهم، وتوافقها مع مقاصد الشارع.

المسألة الثانية: الدهانات والمراهم واللاصقات العلاجية
:
في داخل الجلد أوعية دموية، فما يوضع على سطح الجلد يمتصّ عن طريق الشعيرات الدموية إلى الدم، وهو امتصاص بطيء جدًّا.

وقد سبق أنَّ حقن العلاج حقنًا مباشرًا في الدَّم لا يفطر، فمن باب أولى هذه الدهانات والمراهم ونحوها.

بل حكى بعض المعاصرين الإجماع على أنَّها لا تفطر[136]، وهو من قرارات المجمع الفقهي.

المسألة الثالثة: إدخال القسطرة - أنبوب دقيق في الشرايين للتصوير أو العلاج أو غير ذلك:
إدخال القسطرة في الشرايين ليس أكلاً ولا شربًا، ولا في معناهما، ولا يدخل المعدة، فهو أولى بعدم التفطير من الإبر الوريدية، وهذا ما أخذ به المجمع الفقهي.

المسألة الرابعة: منظار البطن أو تنظير البطن
:
التعريف به: هو عبارةٌ عن إدخال منظارٍ من خلال فتحة صغيرة في جدار البطن إلى التجويف البطني، والهدف من ذلك إجراء العمليَّات الجراحية، كاستِئْصال المرارة، أو الزائدة، أو إجراء التَّشخيص لبعض الأمراض، أو لسحب البييضات في عملية التلقيح الصناعي (طفل الأنابيب)، أو لأخْذِ عيّنات، ونحو ذلك[137].

وعلم من هذا التَّعريف أنَّه لا علاقة له بالمعِدة، بِمَعنى أنَّه لا يصِلُ إلى داخل المعدة.

ومن المسائل التي تُشْبِه منظار البطن، وتحدَّث عنها المتقدمون من الفقهاء - مسألة الجائفة:
تعريف الجائفة: هي الجرح الذي في البطن، يصل إلى الجوف، إذا وضع فيه دواء.

وقدِ اختلف فيها الفقهاء[138].

القول الأوَّل:
أنَّها لا تفطر، وهو مذهب مالك، وأبي يوسف، ومحمد، وأبي ثور، وداود، واختاره شيخ الإسلام:
1- لأنَّ ما يوضع في الجرح لا يصل لمحل الطعام.
2- أنَّ المسلمين كانوا يجرحون في الجهاد وغيره مأمومة وجائفة، فلو كان هذا يفطر لبُيِّن لهم، فلما لم ينهَ الصائم عن ذلك عُلم أنه لم يجعله مفطرًا[139].

القول الثاني:
ذهب الجمهور إلى أنها تفطر:
1- لأنَّ الدَّواء وصل إلى جوفه باختياره، فأشبه الأكل.
2- استدلّوا بالحديث ((وبالغْ في الاستنشاق...))[140]، قالوا: فكل ما وصل إلى الجوف بفعله يفطر، سواء كان في موضع الطعام والغذاء، أو غيره من حشو جوفه.
مناقشة الدليلين: يجاب عن الدليلين بأن الجوف هو المعدة، وقد سبق الكلام في تحديد الجوف بذكر كلام الفقهاء وبيان الراجح.

القول المختار:
الأقرب - والله تعالى أعلم - هو القول الأول.
بعد هذا الخلاف، إذا نظرْنا إلى مِنْظار البطن وجدنا أنَّه لا يَصِل إلى المعدة، كما صرَّح بذلك الأطبَّاء، فهُو أوْلى بعدَمِ التَّفطير من الجائفة، وكلّ دليل للذين لا يروْنَ التَّفطير بالجائفة فهو يصلح لعدم التفطير بالمنظار البطني، وعدم التَّفطير هو ما قرره المجمع الفقهي في دورته العاشرة.

المسألة الخامسة: الغسيل الكلوي:
التعريف به: هناك طريقتان لغسيل الكلى:
الطريقة الأولى: يتمُّ غسيل الكلى بواسطة آلةٍ تُسمَّى الكلية الصناعية، حيث يتمّ سَحْبُ الدَّم إلى هذا الجهاز، ويقوم الجهاز بتصفِية الدَّم من الموادّ الضارَّة، ثم يعيد الدم إلى الجسم عن طريق الوريد، وقد يحتاج إلى سوائل مغذّية تعطى عن طريق الوريد.

الطريقة الثانية:
تتم عن طريق الغشاء البريتواني في البطن، حيث يدخل أنبوب عبر فتحة صغيرة في جدار البطن فوق السرَّة، ثم يدخل عادة ليتران من السوائل التي تحتوي على نسبة عالية من سكر الجلوكوز إلى داخل جوف البطن، وتبقى في جوف البطن لفترة، ثم تسحب مرة أخرى، وتكرر هذه العملية عدة مراتٍ في اليوم الواحد، ويتم أثناء ذلك تبادل الشوارد والسكر والأملاح الموجودة في الدم عن طريق البريتوان، ومن الثابت علميًّا أن كمية سكر الجلوكوز الموجود في هذه السوائل تدخل إلى دم الصائم عن طريق الغشاء البريتواني.

حكمه:
اختلف المعاصرون في غسيل الكلى على قولين:
القول الأول: أنه مفطر، قال به شيخنا عبدالعزيز بن باز[141]، ود. وهبة الزحيلي[142].
الدليل: أن غسيل الكلى يزود الجسم بالدم النقي، وقد يزود مع ذلك بمادة أخرى مغذية، وهو مفطر آخر، فاجتمع له مفطران[143].

القول الثاني:
أنَّه لا يفطر، وهو قول د. محمد الخياط[144].

الدليل:
أنَّ غسيل الكلى يلحق بالحقن، فليس أكلاً ولا شربًا، إنَّما هو حقن لسوائل في صفاق البطن، ثم استخراجه بعد مدة، أو سحب للدم ثم إعادته بعد تنقيته عن طريق جهاز الغسيل الكلوي[145].

المناقشة:
أن غسيل الكلى قد يكون معه مواد مغذية، ولا يتوقف الأمر على تنقية الدم.

القول المختار:
الذي يظهر أن غسيل الكلى فيه تفصيل، فإذا صاحبه تزويد للجسم بمواد مغذية سكرية أو غيرها، فلا إشكال أنَّه يفطر؛ لأن هذه المواد بمعنى الأكل والشرب، فالجسم يتغذى بها ويتقوى.

أما إذا لم يكن معه مواد مغذية، فإنه لم يظهر لي ما يوجب التفطير به.
أما مُجرَّد تنقيته للدم من المواد الضارة، فليس في هذا ما يوجب الفطر به؛ إذ تنقية الدم ليس في معنى شيء من المفطرات المنصوص عليها، والله أعلم.

المبحث الخامس
ما يدخل إلى الجسم عن طريق المهبل

وفيه مسائل:
المسألة الأولى: الغسول المهبلي (دش مهبلي):
يعرف حكم هذه المسألة بمعرفة حكم دخول شيء للمهبل عند الفقهاء المتقدمين، وقد اختلفوا على قولين:
القول الأول: ذهب المالكية، والحنابلة، إلى أنَّ المرأة إذا قطرت في قبلها مائعًا لا تفطر بذلك[146].

الأدلة:
1- أنَّ فرج المرأة ليس متَّصلاً بالجوف.
2- أنَّ مسلك الذكر من فرج المرأة في حكم الظاهر.

القول الثاني:
ذهب الأحناف، والشافعية، إلى أن دخول المائع إلى قبل المرأة يفطر[147].

الدليل:
أن لمثانتها منفذًا يصل إلى الجوف؛ كالإقطار في الأذن.

القول المختار:
بنى الأحناف والشافعية قولهم بالتفطير على وصول المائع إلى الجوف عن طريق قبل المرأة، كما علَّل به في "بدائع الصنائع"، وهو أمرٌ مُخالفٌ لِما ثبت في الطّبّ الحديث، حيثُ دلَّ على أنَّه لا منفذ بين الجهاز التناسلي للمرأة وبين جوفها، ولذلك فليس هناك في الحقيقة ما يوجب التَّفطير، حتى على مذهب الأحناف والشافعية، انطلاقًا من تعليلهم.

فالقولُ الأقربُ هو عدم التَّفطير بالغسول المهبلي مطلقًا، وليس في النصوص ما يدلّ على التَّفطير، كل ما جاء في النّصوص فيما يتعلَّق بالمهبل من المفطرات هو الجِماع، ولا علاقة له لا شرعًا، ولا لغةً، ولا عرفًا بالغسول المهبلي.

المسألة الثانية
: وتشمل ما يلي:
التحاميل (اللبوس)، المنظار المهبلي، إصبع الفحص الطبي.
والكلام فيها كالكلام في المسألة السابقة تمامًا، حكمًا وتعليلاً.

المبحث السادس
ما يدخل إلى الجسم عن طريق فتحة الشرج

وفيه مسائل:
المسألة الأولى: الحقنة الشرجية:

وقد بَحَث الفُقهاء المتقدّمون الحقنة الشرجيَّة، واختلفوا فيها على قولين:
القول الأوَّل: ذهب الأئمَّة الأربعة إلى أنَّ الحقنة الشرجيَّة تفطّر الصائم.

الأدلة:
1- لأنَّه يصل إلى الجوف.
2- ولأنَّ غير المعتاد كالمعتاد في الواصل.
3- القياس على الاستعاط، فإذا أبطل الصيام بما يصل إلى الدماغ، فما يصل إلى الجوف بالحقنة أولى[148].

القول الثاني:
أنَّ الحقنة الشرجية لا تفطر، وهو قول لبعض المالكية، ومذهب الظاهرية، واختاره شيخ الإسلام[149].

الدليل:
1- أنَّ الحقنة لا تغذّي بوجه من الوجوه؛ بل تستفرغ ما في البدن، كما لو شمَّ شيئًا من المسهّلات، أو فزع فزعًا أوجب استِطْلاقَه.
2- أنَّ هذا المائع لا يصل إلى المعدة، ولا إلى موضع يتصرَّف منه ما يغذي الجسم.

واختلف المعاصرون في هذه المسألة اختِلافًا مبنيًّا على الخلاف السابق، فمنهم مَن رأى أنَّها تفطر، ومنهم مَن رأى عدم التَّفطير فيها[150].

القول المختار:
إذا نظرنا إلى فتحة الشرج (الدبر)، فسنجِدُ أنَّها متَّصلة بالمستقيم، والمستقيم متَّصل بالقولون (الأمعاء الغليظة)، وامتِصاص الغذاء يتمّ معظمه في الأمعاء الدقيقة، وقد يمتصّ في الأمعاء الغليظة الماء وقليلٌ من الأملاح والجلوكوز[151].

فإذا ثبت طبيًّا أنَّ الغليظة تمتصّ الماء وغيره، فإنَّه إذا حقنت الأمعاء بموادَّ غذائية، أو ماء، يمكن أن يمتص، فإن الحقنة هنا تكون مفطرة؛ لأنَّ هذا في الحقيقة بِمعنى الأكل والشرب، إذ خلاصة الأكل والشرب هو ما يمتصّ في الأمعاء.

أمَّا إذا حقنت الأمعاء بدواءٍ ليس فيه غذاء، ولا ماء، فليس هناك ما يدلّ على التَّفطير. والأصل صحَّة الصّيام حتَّى يقومَ دليلٌ على إفساد الصوم، وليس هنا ما يدلّ على الإفساد.

واختار هذا التفصيل من المعاصرين شيخُنا محمد العثيمين[152]، ود. فضل حسن عباس[153].

ومن هنا نعلم أن أصحاب القول الثاني لو علموا أن الحقنة الشرجية يمكن أن تغذي، بأن يمتص الأمعاء منها الماء، أو الغذاء، وينتفع به الجسم انتفاعه بالطعام والشراب، لَذهبوا - فيما أظن - إلى القول بالتفطير.

المسألة الثانية: التحاميل (اللبوس)
:
تستعمل التحاميل لعدة أغراض طبية؛ كتخفيف آلام البواسير، أو خفض درجة الحرارة، أو غيرها، وحكمها عند الفقهاء كحكم المسألة السابقة، إلا أن المالكية لا يرَوْن أنها تفطر، فقد قال الزرقاني: "والفتائل لا تفطر، ولو كان عليها دهن"[154].

وقد اختلف المعاصرون فيها كما يلي:
القول الأول: أنها لا تفطر، قال به شيخنا محمد بن عثيمين[155]، والشيخ محمود شلتوت[156]، ود.محمد الألفي[157].

الأدلة:
1- أنَّ التَّحاميل تحتوي على مادَّة دوائيَّة، وليس فيها سوائل[158].
2- أنَّها ليست أكلاً ولا شربًا، ولا بِمعنى الأكل والشرب، والشَّارع إنما حرَّم علينا الأكل والشرب[159].
3- أن التحاميل ليست بأكل في صورته ولا معناه، ولا يصل إلى المعدة محل الطعام والشراب[160].

القول الثاني:
أنها مفطرة، وقال به الشيخ حسن أيوب[161]، وعبدالحميد طهماز[162]، ومحي الدّين مستو[163].
الأدلة:
1- استدلّوا بِما ذكره الفقهاء، من أنَّ كلَّ ما يدخل الجوفَ فهو مفطر، واعتبروا الأمعاء من الجوف.
المناقشة: يجاب عن هذا الدليل بما سبق أن الجوف هو المعدة فقط، أما الأمعاء فلا يفطر ما دخل فيه، إلا إذا كان مما يمكن امتصاصه من الغذاء والماء، والتحاميل ليست كذلك.
2- أن فيها صلاح بدنه[164].

المناقشة:
أن الله لم يجعل ما فيه صلاح البدن مفسدًا للصوم، إنما ذكر الطعام والشراب فقط، وإصلاح البدن يحصل بأشياء كثيرة، وهي مع ذلك غير مفطرة.

القول المختار:
الذي يظهر أنها لا تفطر؛ لعدم وجود دليل شرعي يُعتمد عليه في إفساد صيام مستعمل التحاميل، وأدلة أصحاب القول الأول وجيهة فيما ظهر لي، والله أعلم.

المسألة الثالثة: المنظار الشرجي وإصبع الفحص الطبي
:
قد يدخل الطبيب المنظارَ من فتحة الشرج؛ ليكشف على الأمعاء أو غيرها.

وقد سبق الكلام على منظار المعدة، وما ذكره الفقهاء فيه، وهو ينطبق على المنظار الشرجي، وإصبع الفحص الطبي.

إلا أنَّ القول بعدم التفطير في المنظار الشرجي، وإصبع الفحص الطبي، أولى وأقوى؛ لما سبق تقريره من أن الجوف هو المعدة، أو ما يوصل إليها، وليس كل تجويف في البدن يعتبر جوفًا، فعلى هذا يكون المنظار الشرجي والإصبع أبعد أن يفطر من منظار المعدة.

المبحث السابع
ما يدخل إلى الجسم عن طريق مجرى البول

وفيه مسائل:
المسألة الأولى: إدخال القسطرة، أو المنظار، أو إدخال دواء، أو محلول لغسل المثانة، أو مادة تساعد على وضوح الأشعة:
بحث الفقهاء المتقدّمون مسألةَ: إذا أدخل في إحليله مائعًا أو دهنًا، واختلفوا فيها على قولين:

القول الأول:
أنَّ التَّقطير في الإحليل لا يفطر، وهو مذهب الأحناف، والمالكية، والحنابلة[165].

الدليل:
لأنه ليس بين باطن الذكر والجوف منفذ[166].

القول الثاني:
أنه يفطر، قال به أبو يوسف وقيَّده بوصوله إلى المثانة، وهو الصحيح عند الشافعية[167].
الدليل[168]:
1- أنَّ بين المثانة والجوف منفذًا.

المناقشة:
علم التشريح الحديث وضَّح أنه ليس بين المثانة والمعدة منفذ.

2- لأنه منفذ يتعلق الفطر بالخارج منه، فتعلق بالواصل إليه؛ كالفم.

المناقشة:
قياسه على الفم قياس مع الفارق؛ فإن ما يوضع في الفم يصل إلى المعدة ويغذي، بخلاف ما يوضع في مسالك البول.

القول المختار:
ظهر جليًّا من خلال علم التشريح الحديث أنه لا علاقة مطلقًا بين مسالك البول والجهاز الهضمي، وأن الجسم لا يمكن أن يتغذى مطلقًا بما يدخل إلى مسالك البول.

بناءً على ذلك فإنَّ قول جمهور الفقهاء في هذه المسألة هو الصواب إن شاء الله.

وعليه فإنَّ إدخال هذه الوسائل المعاصرة في الإحليل لا يفسد الصيام؛ لعدم وجود المقتضي لذلك، والأصل صحَّة الصيام[169].

الفصل الثاني
المفطرات المعاصرة الخارجة من بدن الصائم

وفيه مبحثان:
المبحث الأول: التَّبرّع بالدم:
بحث الفقهاء المتقدّمون مسألة الحجامة من حيث التفطير بها وعدمه، وهي تشبه تمامًا التَّبرّع بالدم، ففي كل منهما إخراج للدم، وإن كان الهدف من التبرع إعانة الآخرين، والهدف من الحجامة التداوي، ولكن لا أثر للمقصود منهما على مسألة التفطير في الصيام.

وقد اختلف الفقهاء في الحجامة على قولين:
القول الأول: أنَّ الحجامة تفطر وتفسد الصوم، وهو مذهب الحنابلة، وإسحاق، وابن المنذر، وأكثر فقهاء الحديث[170]، واختاره شيخ الإسلام[171].

دليلهم:
1- قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أفطر الحاجم والمحجوم))[172].
القول الثاني: أن الحجامة لا تفطر، وهو مذهب الجمهور من السلف والخلف[173].

الأدلة:
1- حديث ابن عباس: "احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو صائم"[174]، وفي لفظ عند الترمذي: "احتجم وهو صائم مُحرِم"، قالوا: وهو ناسخ لحديث ((أفطر الحاجم والمحجوم)).

وجه كوْنِه ناسخًا:
أنَّه جاء في حديث شدَّاد بن أوس[175] أنَّه - صلى الله عليه وسلم - مرَّ عام الفتح على رجُلٍ يَحتجم لثماني عشرة ليلة خلت من رمضان، فقال: ((أفطر الحاجم والمحجوم))، وابن عباس شهِد معه حجة الوداع، وشهد حجامته يومئذ وهو محرم صائم، فإذا كانت حجامته - عليه السلام - عام حجة الوداع، فهي ناسخة لا محالة؛ لأنه لم يدرك بعد ذلك رمضان، حيث توفي - صلى الله عليه وسلم - في ربيع الأول[176].

الجواب:
أن حديث ((أفطر الحاجم...)) هو الناسخ لحديث ابن عباس؛ لأنَّ احتجامه وهو مُحرمٌ صائم ليس فيه أنَّه كان بعد شهر رمضان الذي قال فيه: ((أفطر الحاجم والمحجوم))، فقد أحرم - صلى الله عليه وسلم - عدَّة إحرامات، فاحتِجامه وهو صائم لم يُبيَّن في أيّ الإحرامات كان، ثم لم يذكر في الحديث أنه لما احتجم لم يفطر، فليس في الحديث ما يدل على هذا، وذلك الصوم لم يكن في شهر رمضان، فإنه لم يحرم في رمضان، وإنما كان في سفر، والصوم في سفر لم يكن واجبًا؛ بل كان آخر الأمرين منه الفطر في السفر، فقد أفطر عام الفتح لما بلغ كَدِيدًا، ولم يعلم بعد هذا أنه صام في السفر، فهذا مما يقوي أن إحرامه الذي احتجم فيه كان قبل فتح مكة، وحديث ((أفطر الحاجم...)) كان في فتح مكة، كما سبق.

وأيضًا إذا تعارض خبران، أحدهما ناقل عن الأصل، والآخر مبقٍ على الأصل، كان الناقل هو الذي ينبغي أن يجعل ناسخًا؛ لئلا يلزم تغيير الحكم مرتين[177].

مناقشة الجواب:
ما قرره شيخ الإسلام متين كما ترى، ولكن يشكل عليه ما يلي:
اعتمد في كلامه على كونه احتجم صائمًا محرمًا، واللفظ الصحيح للحديث "احتجم وهو صائم"، و"احتجم وهو محرم"، وهو لفظ البخاري، وأمَّا لفظ "احتَجَم وهو صائم محرم" فهو لفظ الترمذي، وقدِ استظهر الحافظ أنَّها خطأ من بعض الرّواة، وأنَّ الصواب وقوع كل منهما في حالة مستقلَّة[178].

2- حديث أبي سعيد الخدري: "رخَّص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للصائم في الحجامة"[179].

3- حديث أنس بن مالك: "أوَّل ما كرِهْنا الحجامة للصائم أنَّ جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمرَّ به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((أفطر هذان))، ثم رخص النبي - صلى الله عليه وسلم – بعدُ في الحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم"[180].
المناقشة: أنه حديث غير محفوظ[181].

4- حديث ثابت البناني أنه قال لأنس بن مالك: "أكنتم تكرهون الحجامة للصائم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، إلا من أَجْلِ الضعف"[182].

القول المختار:
في هذه المسألة إشكال، لكن الذي يظهر رجحان مذهب أكثر السلف، وهو عدم التفطير؛ للأحاديث المتكاثرة المصرِّحة بلفظ الترخيص، وهو يكون بعد المنع، قال ابن حزم: ولفظة "رخص" لا تكون إلا بعد النهي، فصح بهذا الخبر نسخ الخبر الأول"[183] اهـ.

وإن كان الاحتياط في مسألة الحجامة متوجّهًا جدًّا؛ لقوَّة ما قاله شيخ الإسلام: مِن أن النَّاقل هو الذي ينبغي أن يجعل ناسخًا دون المبقي على الأصل؛ لئلا يلزم تغير الحكم مرتين.

والخلاصة:
أنَّ التبرّع بالدم يقاس على مسألة الحجامة، والذي تدل عليه الأدلة أن الحجامة لا تفطر، فكذلك التبرع بالدم.

المبحث الثاني: أخذ الدم للتحليل ونحوه:
ليس هناك دليل على إفساد الصوم بأخذ القليل من الدم، فهو ليس بمعنى الحجامة، فإن الأحاديث السابقة في الحجامة صرَّحت أنَّ علَّة التفطير بالحجامة الضعفُ الذي ينتج عنها، وهذا المعنى ليس موجودًا في أخذ الدم القليل.

والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم.

أهم نتائج البحث

1- موضوع البحث المفطرات التي ظهرت في عصرنا الحديث.
2- الأقرب من حيث الدليل أن الجوف الذي يفطر الصائم بدخول الطعام إليه هو المعدة فقط، دون التجاويف الأخرى في البدن.
3- اختلف المعاصرون في بخاخ الربو، والأقرب أنه لا يفطر.
4- الأقراص التي توضع تحت اللسان لعلاج الأزمات القلبية تمتص مباشرة، ولا تدخل إلى الجوف، فهي لا تفطر.
5- اختلف أهل العلم هل يفطر الصائم بدخول غير المغذي إلى الجوف، أو لا يحصل الفطر إلا بالمغذي، والأقرب أنه لا يفطر إلا بالمغذي فقط.
6- اختلف المعاصرون في منظار المعدة، والأقرب أنه لا يفطر؛ لأسباب ذُكرت في البحث.
7- اختلف المعاصرون في قطرة الأنف، فذهب الأكثر إلى أنها تفطر، وذهب بعض الفقهاء إلى أنها لا تفطر، والذي يظهر لي أنها لا تفطر.
8- غاز الأكسجين لا يفطر، فهو هواء لا يحتوي على أي مادة تسبب الفطر.
9- بخاخ الأنف له حكم بخاخ الفم نفسه.
10- إذا كان التخدير موضعيًّا فلا يفطر، أما إذا كان كليًّا؛ أي إن المريض يفقد وعيه تمامًا، فهذا إذا كان طوال اليوم فهو مفطر، أما إذا استيقظ المريض في أي جزءٍ من النهار فلا يفطر.
11- قطرة الأذن لا تفطر؛ لعدم وجود منفذ بين الأذن والجوف.
12- ذهب أكثر أهل العلم إلى أن قطرة العين لا تفطر، وذهب بعض الفقهاء إلى أنها تفطر، والأقرب - والله أعلم - ما ذهب إليه الأكثر أنها لا تفطر.
13- الحقنة العلاجية الجلدية، أو العضلية، أو الوريدية لا تفطر عند الجماهير من الفقهاء المعاصرين، وهو الصواب إن شاء الله.
14- الحقنة الوريدية المغذية تفطر عند أكثر أهل العلم، وهو الصواب إن شاء الله.
15- الدهانات، والمراهم، واللاصقات العلاجية، لا تفطر.
16- قسطرة الشرايين لا تفطر، وهي أولى بعدم التفطير من الإبر العلاجية والوريدية.
17- منظار البطن لا يصل إلى المعدة، فهو لا يفطر.
18- الغسيل الكلوي يصاحبه غالبًا مواد مغذية، أوسكرية، فهو على هذا مفطر.
19- الغسول المهبلي لا يفطر، فهو لا يصل مطلقًا إلى المعدة، وليس فيه ما يسبب الفطر.
20- والكلام السابق ينطبق على تحاميل المهبل (اللبوس)، والمنظار المهبلي، وإصبع الفحص الطبي.
21- حقنة الشرج إذا كان فيها ماء، أو مواد مغذية، تمتصها الأمعاء، فهي مفطرة، لتقوي الجسم بهذه المواد التي تمتصها الأمعاء.
22- تحاميل الشرج لا تفطر، لأنَّها ليست أكلاً ولا شربًا، ولا بمعناهما، ولا تصل إلى الجوف.
23- المنظار الشرجي لا يفطر، فهو لا يصل إلى المعدة، ولا يحصل للجسم به تقوٍّ، ولا تغذٍّ.
24- إدخال القسطرة، أو المنظار، أو إدخال دواء، أو محلول لغسل المثانة، أو مادة تساعد على وضوح الأشعة - لا يفطر؛ إذ لا يوجد منفذ بين مسالك البول والمعدة.
25- التبرع بالدم يقاس على الحجامة، وفيها خلاف قوي بين أهل العلم، والأقرب من حيث الدليل عدم التفطير بالحجامة، وعليه فالتبرع بالدم لا يفطر.
26- سحب الدم القليل للتحليل لا يفطر؛ لعدم وجود ما يقتضي الفطر.

والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــ
[1] 12/ 351.
[2] سورة مريم، الآية 26.
[3] ذكره في "مواهب الجليل" 2/ 378.
[4] "بدائع الصنائع" 2/ 75، ونحوه في "الدر المختار".
[5] "مواهب الجليل" 2/ 378.
[6] "المجموع" 6/ 245، ونحوه في "كفاية الأخيار" 1/ 197.
[7] "المغني" 4/ 325، وانظر: "مطالب أولي النهى" 2/ 168.
[8] "الوسيط" للإمام الغزالي 2/ 419.
[9] "معجم مقاييس اللغة" 4/ 340.
[10] "الوسيط" من إعداد مجمع اللغة العربية بالقاهرة 2/ 604.
[11] سورة البقرة، الآية 187.
[12] أخرجه البخاري 304، ومسلم 79.
[13] "بدائع الصنائع" 7/ 297.
[14] المصدر السابق 4/ 9.
[15] "بدائع الصنائع" 2/ 92.
[16] أخرجه أبو داود 142 - 143 ، والنسائي 1/ 66، والترمذي 38 ، وابن ماجه 484، وابن خزيمة 150.
[17] 4/ 565.
[18] 3/ 50.
[19] "التاج والإكليل" 3/ 361.
[20] "شرح الزرقاني" 2/ 204، "حاشية الخرشي" 2/ 249.
[21] "حاشية الصاوي على الشرح الصغير" 1/ 696.
[22] "الخرشي على خليل" 2/ 258.
[23] "الغرر البهية" 2/ 213.
[24] ذكر المؤلف بعد كلمة "باطن" تنبيهًا لا علاقة له بالبحث.
[25] 3/ 400، 399.
[26] انظر: "العزيز شرح الوجيز" المعروف بـ"الشرح الكبير" للرافعي 3/ 192، 193.
[27] لابن قدامة 1/ 352.
[28] "المغني" 4/ 352.
[29] "مطالب أولي النهى" 2/ 191.
[30] "شرح العمدة" لشيخ الإسلام 1/ 385.
[31] وفي تعريف الجائفة قالوا: هي ما تصل باطن جوف، كبطن ولو لم يخرق الأمعاء، وظهر وصدر وحلق ومثانة وبين خصيتين ودبر. "الفروع" 6/ 35.
[32] "كشاف القناع" 2/ 318.
[33] "دقائق أولي النهى" 1/ 481.
[34] كما في "كشاف القناع" 2/ 318 وغيره.
[35] 2/ 318.
[36] "الفروع" 3/ 35.
[37] "شرح العمدة" 1/ 386، 385.
[38] مجلة مجمع الفقه ع 10 ج 2 ص 216، 254.
[39] مجلة المجمع ع 10 ج2 ص76، 259.
[40] مجموعة فتاوى شيخنا عبدالعزيز بن باز 15/ 265.
[41] مجموعة فتاوى شيخنا محمد العثيمين 19/ 209، 210.
[42] "فتاوى الصيام" ص 49.
[43] مجلة المجمع ع 10 ج2 ص 287، 381.
[44] "فتاوى إسلامية" 2/ 131.
[45] والقطرة تمثل جزءًا واحدًا من خمسة وسبعين جزءًا مما في ملعقة الشاي الصغيرة، كما سيأتي.
[46] أي تظهر في الأشعة.
[47] مجلة المجمع ع 10 ج2 ص 287.
[48] فتاوى شيخنا عبدالعزيز بن باز 15/ 265.
[49] فتاوى شيخنا محمد العثيمين 19/ 211.
[50] أخرجه البخاري معلَّقًا في باب سواك الرطب والسواك للصائم، "فتح الباري" 4/ 158.
[51] انظر مجلة مجمع الفقه ع 10 ج 2 ص 259.
[52] "التبيان والإتحاف في أحكام الصيام والاعتكاف" ص 115 ط. دار الفرقان.
[53] مجلة مجمع ع 10 ج 2 ص65، 76، 364، 378.
[54] مجلة مجمع الفقه ع 10 ج 2 ص 96 بحث د. محمد الألفي.
[55] "بداية المجتهد" 2/ 153.
[56] انظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي 1/ 326، "المجموع" 6/ 317، "الشرح الكبير" 7/ 410، "شرح الزرقاني على خليل" 1/ 207، "بداية المجتهد" 2/ 153، "شرح منتهى الإرادات" 1/ 448.
[57] أخرجه أبو داود 1/ 724، وأحمد 3/ 499، والطبراني في "الكبير" 20/ 341، وهو حديث منكر، استنكره ابن معين، وأحمد، انظر: "مسائل أبي داود" ص298، و"شرح العمدة" لشيخ الإسلام - الصيام - 1/ 389.
[58] "شرح العمدة" لشيخ الإسلام - الصيام- 1/ 385.
[59] "الشرح الكبير" 7/ 411.
[60] "فقه الصيام" د. محمد حسن هيتو ص 77.
[61] "لسان العرب" 11/ 19.
[62] "الصحاح" 1/ 8.
[63] ص 7.
[64] ص 64.
[65] ص80.
[66] أخرجه البيهقي 4/ 261، وانظر: "مجمع الزوائد" 1/252، و"نصب الراية" 2/ 253، وحسنه النووي في "المجموع" 6/327، وقال ابن حجر الهيثمي: إسناده حسن أو صحيح "إتحاف أهل الإسلام" ص 121.
[67] انظر: "الفروع" 3/ 46.
[68] "مجموع الفتاوى" 20/ 528.
[69] "معجم مقاييس اللغة" 1/ 122.
[70] "فقه الصيام" د. محمد حسن هيتو ص 76، وانظر: "التبيان والإتحاف في أحكام الصيام والاعتكاف" د. فضل حسن عباس ص 93.
[71] فهو يقول: "وبالجملة فالشرط في المفطر أن يصل إلى الجوف وأن يستقر فيه، والمراد بذلك أن يدخل إلى الجوف، ولا يكون طرفه خارج الجوف، ولا متصلاً بشيء خارج الجوف..." نقله السبكي في "الدين الخالص" 8/ 457.
[72] "الشرح الممتع" 6/ 383.
[73] وقد نبه إلى ذلك شيخنا في المصدر السابق.
[74] سبق تخريجه في هذا الكتاب.
[75] مجلة المجمع ع10 ج2 ص399 ص 385.
[76] مجلة المجمع ع10 ج2 ص329 ص 369.
[77] المصدر السابق.
[78] انظر ما سبق حول هذا في هذا الكتاب.
[79] مجموع فتاوى شيخنا عبدالعزيز بن باز 15/ 261 وقيد ذلك بقوله: "إن وجد طعمها في حلقه".
[80] مجموع فتاوى محمد العثيمين 19/ 206 وقيد ذلك بقوله: "إذا وصلت إلى المعدة".
[81] مجلة المجمع الفقهي ع10 ج 2 ص 81.
[82] مجموع فتاوى شيخنا محمد العثيمين 19/ 206.
[83] مجلة المجمع ع10 ج2 ص98، 240.
[84] أخرجه البخاري 1904، ومسلم 1151.
[85] انظر في هذه المسألة: "المجموع" 6/345، و"المغني" 3/ 343، "شرح الزرقاني على خليل" 1/ 203.
[86] "الفتاوى الهندية" 1/197.
[87] "شرح الزرقاني على خليل" 1/ 203.
[88] "المغني" 3/ 343.
[89] "شرح العمدة"، الصيام. 1/ 47.
[90] "رد المحتار" 2/ 98.
[91] "شرح الزرقاني على خليل" 1/ 204.
[92] "المجموع" 6/ 314.
[93] "شرح العمدة" لشيخ الإسلام 1/ 387.
[94] 2/ 132.
[95] "المحلى" 6/ 203، 204.
[96] "المجموع" 6/ 315.
[97] "تشريح ووظائف أعضاء جسم الإنسان" د. محمود وهاني البرعي ص365، ونقله د. محمد الألفي: مجلة المجمع ع10ج2ص 84.
[98] "تشريح ووظائف أعضاء جسم الإنسان" د. محمود وهاني البرعي ص365، ونقله د. محمد الألفي: مجلة المجمع ع10ج2ص 84.
[99] "فتح القدير" 2/257، "المجموع" 6/ 315.
[100] "التاج والإكليل" 3/347.
[101] "الفروع" 3/46، "دقائق أولي النهى" 1/481.
[102] مجموع الفتاوى 25/242.
[103] مجموع فتاوى شيخنا عبدالعزيز بن باز 15/ 260.
[104] مجموع فتاوى شيخنا محمد العثيمين 19/206.
[105] "التبيان والإتحاف في أحكام الصيام والاعتكاف" ص 110.
[106] "فقه الصيام" ص 84 ط. دار البشائر الإسلامية.
[107] مجلة المجمع ع10 ج2: 378، 381، 385، 392.
[108] "الصيام فقهه وأسراره" ص 101 ط. دار القلم.
[109] "أحكام الصيام" ص 75 ط. بدون.
[110] مجلة المجمع ع10 ج2 ص 329، 369.
[111] مجلة المجمع ع10 ج2 ص 329، 369.
[112] انظر: ص 35 وفيه إيضاح لهذا القياس.
[113] مجلة المجمع ع10 ج2 ص 369.
[114] مجموع فتاوى شيخنا محمد العثيمين 19/206. وانظر: مجموع فتاوى شيخنا عبدالعزيز بن باز 15/ 261.
[115] مجلة المجمع ع10 ج2 ص 39، 82.
[116] إلا أن د. فضل عباس أشار إلى وجود فتاوى تقول إن الإبرة مفطرة للصائم بدون تفصيل، لكن لم أقف على هؤلاء المفتين، ولا على أدلتهم، ويظهر أن الأمر استقر على عدم التفطير، ولهذا يقول بعضهم: "أطبق فقهاء العصر على أنها لا تفطر" انظر مجلة المجمع ع10 ج 2/ 289.
[117] مجموع فتاوى شيخنا عبدالعزيز بن باز 15/ 257. وقال: "ولكن لو قضى من باب الاحتياط كان أحسن ".
[118] مجموع فتاوى شيخنا محمد العثيمين 19/221، 220.
[119] "الدين الخالص" للسبكي 8/ 457.
[120] الفتاوى ص 136.
[121] "التبيان والإتحاف" ص 109.
[122] "فقه الصيام" ص 87.
[123] "أحكام الصيام" ص 76.
[124] مجلة المجمع ع10 ج2: 464.
[125] مجموع فتاوى شيخنا محمد العثيمين 19/220، 221.
[126] نقله شيخنا محمد العثيمين 19/ 219.
[127] مجموع فتاوى شيخنا عبدالعزيز بن باز 15/ 258.
[128] مجموع فتاوى شيخنا محمد العثيمين 19/ 219، 220.
[129] "أحكام الصيام" ص 76.
[130] مجلة المجمع ع10 ج2: 464.
[131] مجموع فتاوى شيخنا محمد العثيمين 19/220، 221.
[132] "الدين الخالص" للسبكي 8/ 457.
[133] الفتاوى ص 136.
[134] "فقه السنة" 3/ 244.
[135] "الدين الخالص" للسبكي 8/ 457.
[136] مجلة المجمع ع10 ج2 ص 289.
[137] مجلة المجمع ع10 ج2/ 243، 255.
[138] انظر الخلاف في: "المجموع" 6/320، "المغني" 4/ 353، "الشرح الكبير" للدردير 1/ 533، "القوانين الفقهية" 80، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 25/ 242.
[139] مجموع فتاوى شيخ الإسلام 25/ 242.
[140] سبق تخريجه في هذا الكتاب.
[141] مجموع فتاوى شيخنا عبدالعزيز بن باز 15/ 275.
[142] مجلة المجمع الفقهي ع10 ج 2/378.
[143] مجموع فتاوى شيخنا عبدالعزيز بن باز 15/ 275. بتصرف يسير.
[144] مجلة المجمع الفقهي ع10 ج 2/390.
[145] المصدر السابق.
[146] "المدونة" 1/ 177، "مواهب الجليل" 2/ 422، "شرح منتهى الإرادات" 1/ 489.
[147] "رد المحتار" 2/ 101، "بدائع الصنائع" 2/ 93، "حاشيتا قليوبي وعميرة" 2/ 73.
[148] انظر الكتب التالية: "الهداية" 1/ 125، "شرح الدردير" 1/258، "المجموع" 6/ 361، "كشاف القناع" 2/318.
[149] "مواهب الجليل" 2/424، "المحلى" 6/203، "حقيقة الصيام" ص 37، 55.
[150] انظر: "فقه الصيام" لمحمد حسن هيتو ص 81.
[151] "تشريح ووظائف جسم الإنسان" ص 105 مجلة المجمع ع10 ج2، 87.
[152] ذكر شيخنا هذا التفصيل في "فتاوى الحرم"، وإن كان ظاهر كلامه في "الشرح الممتع" 6/381 عدم التفطير مطلقًا.
[153] "التبيان والإتحاف" ص 112.
[154] "شرح الزرقاني" 2/204.
[155] كتاب "مسائل في الصيام" نقله يوسف مغربي في "أحكام الصيام الفقهية" ص 54.
[156] الفتاوى 136، 137 دار الشروق.
[157] مجلة المجمع ع10 ج 2 ص88.
[158] مجلة المجمع ع10 ج 2 ص330.
[159] كتاب "مسائل في الصيام" نقله يوسف مغربي في "أحكام الصيام الفقهية" ص 54.
[160] الفتاوى للشيخ شلتوت 136، 137 دار الشروق.
[161] "فقه العبادات" 189 دار التوزيع والنشر.
[162] "أحكام الصيام" ص 57.
[163] "الصيام فقهه وأسراره" ص 101، 102 ط. دار القلم، فقد ذكر أن إدخال دواء أو عود في الدبر يفطر.
[164] "أحكام الصيام" ص 57.
[165] "البحر الرائق" 2/301، "المدونة" 1/ 177، "كشاف القناع" 2/321 "المغني" 4/ 360.
[166] "المغني" 4/ 360.
[167] "البحر الرائق" 2/301، "تبيين الحقائق" 1/ 330، "المجموع" 6/314.
[168] المرجعين السابقين.
[169] وهذا أيضًا ما انتهى إليه المجمع الفقهي ع10 ج2 ص 454.
[170] "المغني"، "المجموع" 6/ 349.
[171] "حقيقة الصيام" ص 67.
[172] أخرجه الترمذي 774، وأحمد 3/ 465، وابن خزيمة 1964، وابن حبان 3535، من حديث رافع بن خديج، وجاء أيضًا من حديث ثوبان، وشداد بن أوس، وقد صحح الحديث الإمام أحمد، والبخاري، وعلي بن المديني، وهؤلاء أئمة هذا الشأن، انظر: "الاستذكار" 10/122، "العلل الكبير" للترمذي.
[173] "الفتاوى الهندية" 1/199، "تبيين الحقائق" 1/329، "بداية المجتهد" 1/281، "المجموع" 6/ 349، "المغني".
[174] أخرجه خ 1939، د 2372، ت 775، البيهقي 4/263.
[175] حديث شداد صححه البخاري وعلي بن المديني، انظر تخريج حديث ((أفطر الحاجم والمحجوم)) السابق.
[176] "الاستذكار" 10/125.
[177] "حقيقة الصيام" 71، 75.
[178] انظر: "التلخيص الحبير" 2/ 191.
[179] أخرجه النسائي في الكبرى 3/432، وابن خزيمة 1967، والدارقطني 2/182، والبيهقي 4/264، قال الدارقطني: كلهم ثقات.
[180] أخرجه الدارقطني 2/182، والبيهقي 4/268، قال الدارقطني: كلهم ثقات، ولا أعلم له علة. اهـ.
[181] تكلم شيخ الإسلام على هذا الحديث بكلام كثير، بيَّن فيه أنه غير محفوظ، انظر: "حقيقة الصيام" ص76 فما بعدها، ولكن تقدم معنا أن الدارقطني قال: "لا أعلم له علة ".
[182] أخرجه البخاري 4/174. "فتح".
[183] "المحلى" 6/204 في سياق كلامه على حديث أبي سعيد الخدري السابق.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مفسدات الصيام المعاصرة التي تعم بها البلوى
  • تأديب المفطرين
  • مفطرات معاصرة
  • من أحكام الصيام (WORD)
  • تنبيه الأنام بمفسدات الصيام
  • أمور يفطر بها الصائم
  • العجز الطارئ في الصيام وأحكامه
  • الفطر بالحجامة وإخراج الدم
  • مفطرات الصوم
  • أخذ الدم للتحاليل في نهار رمضان
  • من مكروهات الصيام
  • مفسدات الصيام ومفطرات الصائم
  • الصيام كفارة من الكبائر والصغائر كالقتل والظهار والأيمان ونحوها
  • الصيام المتقطع، أو كيف نخسر الوزن الزائد؟: خاطرة نقدية، ونصيحة صادقة
  • خطبة: مفطرات الصيام

مختارات من الشبكة

  • صيام التطوع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من آداب الصيام: صيام ستة أيام من شوال بعد صيام شهر رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أجوبة مختصرة حول أحكام صيام التطوع(مقالة - ملفات خاصة)
  • أحكام متفرقة في الصيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • شرح متن الدرر البهية: كتاب الصيام(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • أحكام صيام التطوع(مقالة - ملفات خاصة)
  • من صيام التطوع: صيام الأحد والاثنين والخميس والجمعة(مقالة - ملفات خاصة)
  • من صيام التطوع: صيام السبت(مقالة - ملفات خاصة)
  • من صيام التطوع: صيام أيام البيض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل صيام الست من شوال: صيام الدهر كله(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب