• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / مقالات في الحج
علامة باركود

تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)

تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
جمال علي يوسف فياض

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/5/2025 ميلادي - 20/11/1446 هجري

الزيارات: 599

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام

 

الحمد لله الذي فرض الحجَّ على عباده، وجعله من أعظم القُرُبات، ورفع به الدرجات، وجعله مكفِّرًا للسيئات، نحمده سبحانه وتعالى حمدًا طيبًا مباركًا فيه، ونشكره على ما أفاء به علينا من النعم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شرع لنا من الدين ما به قوامُ أمرِنا، وصلاح دنيانا وأُخرانا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، خير من صلى لله وصام، واعتمر وقام، وحج بيت الله الحرام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الكرام، ومن سار على هديه واقتفى أثره إلى يوم الزحام؛ أما بعد:

فأوصيكم ونفسي المقصرة أولًا بتقوى الله عز وجل، فإنها وصية الله للأولين والآخرين؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131].

 

أيها المؤمنون:

نعيش في هذه الأيام نفحاتٍ عظيمةً كريمة، مع موسم جليل مبارك، موسم الحج؛ الركن الخامس من أركان الإسلام، رحلة إيمانية تتجرد فيها النفوس من زخارف الدنيا، وتسمو الأرواح إلى بارئها، يتساوى فيها الغني والفقير، الحاكم والمحكوم، يرفعون أصواتهم بالتلبية: لبيك اللهم لببيك، مُعلنين العبوديةَ الصادقة لله وحده، مستشعرين معنى الانقياد والطاعة، وتجديد العهد مع الله تعالى.

 

إخوة الإسلام، تعالَوا بنا في رحلة إيمانية ربانية نتعرف من خلالها على هذه الفريضة العظيمة؛ فريضة الحج، وسوف يكون حديثنا معكم بعنوان: "تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام".

 

فأعيروني القلوبَ والأسماع؛ عسى الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

 

1- فرضية الحج في الإسلام:

الحج هو: قصد بيت الله الحرام؛ لإقامة النُّسُك، وهو فرض عين مرةً في العمر، دلَّ على ذلك كتاب الله تعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمعت الأمة على ذلك، والحج واجب على كل مسلم حرٍّ مُكلَّف، سليم من الأمراض، قادر على النفقة، ولديه ما يكفي أسرته ومن تلزمه نفقتهم مدة الحج، وأن يكون الطريق مأمونًا، وألَّا تخرج المرأة إلا مع ذي مَحْرَمٍ، أو نسوة ثقاتٍ في رفقة آمنة.


قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 96، 97].

 

ففي الآيات لمَّا ذكَرَ تعالى البيت الحرام وما فيه من بركات وهدايات وآيات، ألزم عباده المؤمنين به وبرسوله صلى الله عليه وسلم بحجِّه؛ ليحصل لهم الخير والبركة والهداية، ففرضه بصيغة: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 97]، وهي أبلغ صيغ الإيجاب، واستثنى العاجزين عن حجه واعتماره بسبب مرض أو خوفِ قلةِ نفقة للركوب، والإنفاق على النفس والأهل أيام السفر.

 

وقوله تعالى في آخر الآية: ﴿ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97]، فإنه خبر منه تعالى بأن من كفر بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وحَجِّ بيته، بعدما ذكر من الآيات والدلائل الواضحات، فإنه لا يضر إلا نفسه، أما الله تعالى فلا يضره شيء، كيف وهو القاهر فوق عباده والغني عنهم أجمعين[1].

 

وقد وردت الأحاديث المتعددة بأنه أحد أركان الإسلام ودعائمه وقواعده؛ ومن ذلك:

عن أبي هريرة قال: ((خطبَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس، قد فرض عليكم الحج فحُجُّوا، فقال رجل: أكلَّ عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت: نعم، لَوجبت، ولَما استطعتم، ثم قال: ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، وإذا أمرتكم بشيء فأتُوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدَعوه))[2].

 

وأجمعت الأمة على وجوب الحج؛ قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: "وأجمعوا أن على المرء في عمره حجَّة واحدة: حجة الإسلام، إلا أن ينذر نذرًا، فيجب عليه الوفاء به"[3].

 

فمن رحمة الله تعالى أن الحج واجب في العمر مرة واحدة، فعلى العبد القادر عليه ألَّا يتخلف عن الحج وأن يبادر إليه، وأن يوقن أنه أحوج ما يكون إلى ربه، وأن الله غنيٌّ عنه، وأنه ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46].

 

وأما العمرة فقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوبها على القادر، فمن عجز عن الحج وقدر على العمرة، فلا يتأخر عنها؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المشهور والذي في بعض ألفاظه: ((الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وأن تُتم الوضوء، وتصوم رمضان، قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مسلم؟ قال: نعم))[4]، وقال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: "باب وجوب العمرة وفضلها، وقال ابن عمر رضي الله عنهما: ليس أحد إلا وعليه حجة، وعمرة، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنها لقرينتها في كتاب الله: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 196]".

 

عباد الله، وللحج والعمرة فضائلُ كثيرة، فتعالَوا بنا نتعرف على بعضها.

 

2- فضائل الحج والعمرة:

الحج يهدم ما كان قبله من الذنوب:

قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: فلما جعل الله الإسلام في قلبي، أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: ابسُط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، قال: فقبضت يدي، قال: ((ما لك يا عمرو؟ قال: قلت: أردت أن أشترط، قال: تشترط بماذا؟ قلت: أن يُغفَر لي، قال: أمَا علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله؟))[5].

 

الحاج يعود من حجِّه كيوم ولدته أمه:

فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من حج لله فلم يرفُث، ولم يفسُق، رجع كيوم ولدته أمه))[6].

 

الحج أفضل الأعمال بعد الإيمان والجهاد:

فعن أبي هريرة: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل: أي العمل أفضل؟ فقال: إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور))[7].

 

الحج أفضل الجهاد:

فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أنها قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: ((لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور))[8].

 

أجور عظيمة:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك، يكتب الله لك بها حسنة، ويمحو عنك بها سيئة، وأما وقوفك بعرفة فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا، فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي جاؤوني شعثًا غُبرًا من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي، ولم يرَوني، فكيف لو رأوني؟، فلو كان عليك مثل رمل عالج، أو مثل أيام الدنيا أو مثل قطر السماء ذنوبًا، غسلها الله عنك، وأما رميك الجمار فإنه مذخور لك، وأما حلقك رأسك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة، فإذا طُفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك))[9].

 

الحج المبرور جزاؤه الجنة:

فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((العمرة إلى العمرة كفَّارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))[10].

 

الحج والعمرة سبب للغِنى:

• فعن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تابِعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد، والذهب، والفضة، وليس للحجَّة المبرورة ثواب إلا الجنة))[11].

 

خطوات مباركة:

فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما ترفع إبل الحاج رِجلًا، ولا تضع يدًا، إلا كتب الله له بها حسنةً، أو محا عنه سيئةً، أو رفعه بها درجةً))[12].

 

دعوات مجابة:

• فعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الحُجَّاج والعُمَّار وفد الله؛ دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم))[13].

 

أجور لا تنقطع: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من خرج حاجًّا فمات، كُتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمرًا فمات، كُتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة، ومن خرج غازيًا فمات، كُتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة))[14].

 

أخي الكريم، تلك عشرة كاملة من فضائل الحج والعمرة، أسأل الله أن تكون لك خيرًا محفِّزًا، وأعظم باعث لهمتك نحو زيارة بيت الله الحرام.

 

3- التحذير من التخلف عن الحج:

إخوة الإسلام والإيمان:

كما سمعنا ما للحج والعمرة من فضائلَ وأجور كبيرة، فمن يصبر بعد ذلك عن تحصيل تلك الخيرات والبركات؟ من منا يستغني عن بركات ربنا ورحمته؟ والله إن القلوب لَتشتاق إلى بيت الله، وتهفو النفوس إلى رحمات الله، فاللهم يسر لنا الحج والعمرة، وارزقنا المتابعة بينهما.

 

عباد الله:

من مَلَكَ الزاد والراحلة وكان صحيح البنية، آمنَ الطريق، فليتعجل الحج والعمرة، وليسارع إلى تلبية نداء ربه وشعاره: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84]، ولا يتأخر ولا يسوِّف؛ فإن للتسويف آفاتٍ؛ قال رسول رب البريات صلى الله عليه وسلم: ((من أراد الحج فليتعجل؛ فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرِض الحاجة))[15].

 

أي قلب هذا الذي يصبر عن مناجاة الله، والقدوم على الله في بيته؟ من يشبع من الطواف حول الكعبة؟ من منا لا تَتُوقُ نفسه إلى السعي بين الصفا والمروة، وهو يردد بلسانه مع قلبه هذه الكلمات: ربِّ اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم، وأنت الأعز الأكرم.

 

عبدَالله، يا من وسَّع الله عليك في رزقك، وعافاك في بدنك، وآمنك في وطنك، أَلَمْ يَئِنِ الأوان أن تفِد إلى ربك؟ فلتُجِبْ دعاء خليله إبراهيم صلى الله عليه وسلم، لمَّا أذَّن في الناس وهو قائم على الصفا قائلًا: يا أيها الناس، إن ربكم قد اتخذ بيتًا فحُجُّوه، فيُقال: إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وأسمَع من في الأرحام والأصلاب، وأجابه كلُّ شيء سمِعه من حجر ومدَرٍ وشجر، ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة: لبيك اللهم لبيك.

 

والله وبالله وتالله إن المحروم من وسَّع الله عليه في الرزق، وعافاه في البدن، ولم يفِد إلى ربه؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله: إن عبدًا أصححت له جسمه، ووسعت عليه في المعيشة، تمضي عليه خمسة أعوام لا يفِد إليَّ لَمحروم))[16].

 

أيها الإخوة، عادة الأنجاب زيارة معاهد الأحباب وأطلالهم وأماكنهم.

 

وإني لأتعجب غاية العجب ممن ملَّكه الله المال، وأعطاه الصحة والعافية، ومع ذلك لم يفكر يومًا في الحج والعمرة، وتهاون في أدائهما، فهو على خطر عظيم، ورب العالمين غنيٌّ عنه؛ قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97]، فالله لا يحتاج إلى أحد وكل الناس يحتاجون إليه، فمن استغنى عن الله، فالله عنه أغنى؛ قال عبدالرحمن بن غنم: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "من أطاق الحج فلم يحج، فسواءٌ عليه يهوديًّا مات أو نصرانيًّا".

 

وورد عنه أيضًا أنه قال: "لقد هممت أن أبعث رجالًا إلى هذه الأمصار، فينظر كل من كان له جَدةٌ، ولم يحج، فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين".

 

فاللهَ اللهَ في الحج يا عباد الله؛ فإنه ركن ركين من أركان الإسلام لا يكتمل إسلام المرء إلا به، ولا يكمل دينه إلا بأدائه، فنسأل الله أن يوفقنا وإياكم للحج والعمرة.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، وليِّ المتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين المعتدين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله؛ أما بعد:

فيا أيها الإخوة المباركون:

4- وصايا لمن نوى الحج:

الإخلاص لله تعالى في الحج:

• فعليك - أخي المسلم - إذا نويت الحج أو العمرة أن تخلص نيتك لله، وألَّا تقصد بحجك وعمرتك ثناءَ الناس ولا كسب منزلة في قلوبهم، فرُبَّ عملٍ كبير صغرته النية، ورب عمل صغير عظَّمته النية، وإذا لم تخلص فلا تُتعب نفسك؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه))[17] ، ولما نظر أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه إلى حجاج بيت الله قال: "الركب كثير والحاج قليل".

 

تعلُّم المناسك قبل السفر:

فيجب على العبد الذي أراد الحج والعمرة أن يتعلم مناسكهما؛ فيتعرف على أركان الحج وواجباته، وسُننه ومحظوراته، وأن يسأل أهل العلم عما أشكل عليه، ويتعرف على صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم حتى تكون حجته مبرورة؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، خذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد عامي هذا))[18].

 

الحج من مال حلال:

ومن أعظم ما يجب على الحاج اتقاؤه من الحرام، وأن يطيب نفقته في الحج، وألَّا يجعلها من كسب حرام.

 

فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعثَ أغبرَ، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِّيَ بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك؟)).

 

مات رجل في طريق مكة فحفروا له، فدفنوه، ونسوا الفأس في لحده، فكشفوا عنه التراب ليأخذوا الفأس، فإذا رأسه وعنقه قد جُمعا في حلقة الفأس، فردُّوا عليه التراب ورجعوا إلى أهله فسألوهم عنه، فقالوا: صحب رجلًا، فأخذ ماله فكان منه يحج ويغزو.

إذا حججت بمال أصله سحت
فما حَجَجْتَ ولكن حجَّتِ العيرُ
لا يقبل الله إلا كل طيبة
ما كل من حج بيت الله مبرور[19]


رد المظالم إلى أهلها:

فعلى الإنسان قبل أن يسافر للحج والعمرة أن يرد المظالم إلى أهلها؛ فمن كان أخذ شيئًا من أحد فليرده إليه، ومن ظلم أحدًا فليذهب إليه، وليطلب منه العفو والمسامحة، وليطهر قلبه من البغضاء والشحناء والحسد للمسلمين، وليعلم أن الحج لا يكفِّر ذنوب العباد ولا يُسقطها؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كانت له مظلمة لأخيه من عِرضه أو شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل ألَّا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات، أُخذ من سيئات صاحبه فحُمل عليه))[20].

 

هذا، وأسأل الله أن يغفر لنا ذنوبنا، وأن يستر لنا عيوبنا، وأن يوفِّقنا لطاعته، وحسن عبادته، وأن يُيَسِّر لنا الحج والعمرة، وأن يصلح أحوال العباد والبلاد؛ إنه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل.



[1] أيسر التفاسير (1/ 350).

[2] صحيح مسلم برقم (1337).

[3] الإجماع ص 51.

[4] صحيح ابن خزيمة برقم (1).

[5] صحيح مسلم برقم (121).

[6] صحيح البخاري برقم (1521).

[7] متفق عليه البخاري برقم (26)، ومسلم برقم (83).

[8] صحيح البخاري برقم (1520).

[9] صحيح الجامع برقم (5930).

[10] صحيح البخاري برقم (1773).

[11] سنن الترمذي برقم (810).

[12] صحيح الترغيب والترهيب برقم (1106).

[13] صحيح الترغيب والترهيب برقم (1107).

[14] صحيح الترغيب والترهيب برقم (1114).

[15] سنن ابن ماجه برقم (2883).

[16] موارد الظمآن برقم (960)، صحيح الجامع برقم (1909).

[17] صحيح مسلم برقم (2985).

[18] مسلم برقم (1297)، والنسائي واللفظ له برقم (3062).

[19] لطائف المعارف ص 235، 236.

[20] صحيح البخاري برقم (2449 ).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مكانة الحج في الإسلام
  • من معاني الحج في الإسلام
  • حكمة تشريع الحج في الإسلام
  • الحج في الإسلام

مختارات من الشبكة

  • تذكير الأنام بحقوق الزوجين في الإسلام (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • موجة الحر: تذكير وعبر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاحتفال باقتحام الإسلام ميدان القتال تذكير بأيام الله الكبير المتعال(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تذكير شباب الإسلام ببر الوالدين وصلة الأرحام(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • تذكير الأنام بفضائل سيد الأيام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تذكير الأنام بحفظ الأعراض (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تذكير الأنام بأن الصدقة برهان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تذكير الأنام بأحكام الصيام (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • تذكير الأنام بحرمة الأشهر الحرم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تذكير الأنام بمنافع الصيام(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب