حلاوة الإيمان موجباتها وآثارها والرد على الانحرافات المتعلقة بها

ملخص الرسالة

حلاوة الإيمان

موجباتها، وآثارها، والرد على الانحرافات المتعلقة بها

المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشرّ الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة[1].

وبعد:

فإن الإيمان بالله - عز وجل - هو أعظم نعم الله - عز وجل - على عباده وأكبر مننه على خلقه من إنسه وجنه، فهو أعلى ما ناله الإنسان، وأعظم ما اكتسبه من ربه وخالقه الكريم المنان، فبه عرف ربه واهتدى إلى سبيله، وارتقى إلى درجات فضله ومقامات كرمه، وبه فاز بنيل عظيم رضوانه وواسع رحماته وفسيح جنانه، التي هي غاية كل إنسان عابد للرحمن.

وهو الذي إذا اقترن بالعمل الصالح حصلت به الحياة الطيبة والراحة النفسية وطمأنينة العيش من خلال ما يثمره من صلاح القلوب والأبدان.

وأهله هم الفائزون المنعمون المكرمون الناجون من جميع الشرور والحاصلون على الثواب المطلق في الدارين.

وهو أفضل ما شمر إليه المشمرون وسعى إليه الساعون من أهل الدين والعرفان. فقد نهل بعضهم من كماله وغايته وحقيقته حتى صاروا من أهل الزيادة في الإيمان، وآخرون حققوا أصله واكتفوا، وتوسطوا فكانوا من أهل الاقتصاد في الإيمان. وهناك طرف ثالث نزلوا عن هذه المنازل حتى تردوا إلى أهل الظلم والنقصان. وربنا قد جعل الإيمان قابلا للزيادة والتفاوت والتفاضل والنقصان.

وأما من وفق إلى الزيادة فيه وترقى إلى علو درجاته واجتنى أعلى ثمراته، فقد أذاقه الله حلاوة ولذة يجدها في قلبه كما يجد حلاوة طعام لذيذ في لسانه، وهي حلاوة الإيمان.

تلك مرتبة من أعلى مراتب الإيمان، من وصل إليها كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وكان ما يناله من طيب الحياة ولذة الروح وبهجة النفس وسعادة العيش أعظم مما يناله صاحب مجرد الإيمان.

وجودها دليل على صحة العمل والقربان، وفوز العبد بأوفر نصيب من وَلاية الرحمن، كما أن لها آثارا طيبة في حياة العبد وإيمانه، نحو الزيادة في أسباب الإيمان وتحقيق موجبات حلاوته، وحب الطاعات والدوام عليها، وتحمل أعظم مشقات البدن فيها، بل إنها تسلية له عن المحبوبات الدنيوية والأغراض النفسية، ومحصنة لقلبه ضد أعمال الفسق والعصيان.

وعليه، فإن البحث في حقيقة هذه الحلاوة وأسباب حصولها، والوقوف على دلالاتها وآثارها الطيبة يعد من أهم ما يشتغل فيه طالب العلم والإيمان، وذلك لمسيس الحاجة لدى الناس إلى معرفة طريق سعادتهم في دار الحياة والحيوان، بعد أن تعب الكثير في البحث عنها مما سبب العديد من حالات القلق والحيرة والاضطراب في بعض الناس.

لكنها كغيرها من ثمرات الإيمان وفيضان فضل الرحمن لا تنال إلا بسلوك طريق الكتاب والسنة وطريق أهل السلف أهل الإيمان، لا ما يسلكه غيرهم من أهل البدع والضلال والحرمان، فهم عن باب ولاية الرحمن مطرودون ومن ذوق حلاوة الإيمان محرومون. وعليه فإن العمل على كشف طرقهم وتنبيه المغترّ بهم عليها من أعظم ما يُسْهِم في بيان الحق وإحقاقه، وإبطال الباطل وزهقه، حتى يتميز الطريق الصحيح عن الباطل في ذوق حلاوة الإيمان والفوز برضا الرحمن.

ولما كان لزامًا علي بعد الماجستير أن أختار موضوعا لنيل درجة العالمية العالية الدكتوراه في قسم العقيدة، رأيت أن أسجل هذا الموضوع بعنوان: حلاوة الإيمان موجباتها وآثارها والرد على الانحرافات المتعلقة بها، والله نسأل أن يرزقنا جميعا حلاوة الإيمان وسعادة الدارين آمين يا رب العالمين.

أسباب اختيار الموضوع:

كان من أهم الأسباب التي دفعتني إلى اختيار هذا الموضوع ما يلي:

أولا- كون هذا الموضوع يتعلق بأهم مسائل الدين وغاية مطالبه وهو الإيمان بالله - عز وجل -.

ثانيا- حاجة المسلمين إلى مثل هذا الموضوع في تحقيق الحياة السعيدة في الدارين حيث إن وجود حلاوة الإيمان من أعظم الأسباب الموجبة للسعادة.

ثالثا- بيان الطرق الصحيحة الموجبة لحلاوة الإيمان والتنبيه على الطرق المبتدعة فيها

رابعا- كون هذا الباب من المباحث المتعلقة بالإيمان التي لم تنل حقها من البحث -حسب ظني - مع جلالة قدره وعظم شأنه في الدين.

خامسا- أن هذا الموضوع فيه إضافة علمية تسهم ـ بإذن الله ـ في ترسيخ العقيدة الصحيحة وتفنيد العقائد المنحرفة فيها.

سادسا- الفائدة العظيمة العائدة إلى الباحث بمشيئة الله تعالى من خلال دراسة موجبات حلاوة الإيمان وآثارها لعل الله أن يجعل لنا من ذلك نصيبا.

الدراسات السابقة:

بتوفيق من الله - عز وجل - قمت بتتبع كل ما كتب من الرسائل الجامعية حول مباحث الإيمان في مختلف الجامعات بالمملكة العربية السعودية ولم أجد عنوانا مشابها لهذا الموضوع في مباحثه وخطته. وهناك رسائل قليلة تطرقت في بعض مباحثها إلى هذا الموضوع غير أنها لم تبحث موضوع حلاوة الإيمان بالتفصيل، فأكثر هذه الرسائل سعت في بيان أثر الإيمان في بناء الأخلاق أو في تحصين الأمة ضد الأفكار الهدامة أو في بيان أثرها في تزكية النفس وتهذيب السلوك ونحو ذلك.

ومن هذه الرسائل:

1- أثر الإيمان في تحصين الأمة الإسلامية ضد الأفكار الهدامة رسالة ماجستير لفضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجربوع

2- أعمال القلوب وأثرها في الإيمان رسالة دكتوراه للشيخ محمد دوكوري

3- الإيمان حقيقته وآثاره رسالة ماجستير للباحث محمد بن إبراهيم العجلان

4- زيادة الإيمان ونقصانه وحكم الاستثناء فيه رسالة دكتوراه لفضيلة الأستاذ الدكتور عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر

5- الإيمان وأثره في بناء الأخلاق رسالة ماجستير للشيخ صباح أبكر الأهدل

6- الحاجة إلى الإيمان وأثرها على التوافق النفسي رسالة ماجستير للباحثة: سميرة حسن عبد الله أبكر

7- الإيمان بالقضاء والقدر وأثره على القلق النفسي رسالة ماجستير للباحثة طريفة سعود الشويعر

وسوف تتبين من خلال هذا الموضوع - إن شاء الله- الحلاوة واللذة التي تحصل لمن حقق الإيمان وقام بما هو مطلوب منه من أنواع الطاعات، والطرق الموجبة لهذه الحلاوة وكيفية الحصول عليها، وهي عبارة عن استلذاذ الطاعات وأثر ذلك في تحقيق الكمال للدين والحياة كلها.

خطة البحث:

قسمت هذا الموضوع إلى مقدمة وتمهيد وأربعة أبواب وخاتمة

المقدمة: تشتمل على الافتتاحية وبيان أهمية الموضوع وأسباب اختياره والدراسات السابقة، وخطة البحث ومنهجه والشكر والتقدير.

تمهيد: بيان معنى حلاوة الإيمان وتعريف المفردات المتعلقة بها وتحته مباحث:

المبحث الأول: تعريف حلاوة الإيمان وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: تعريف كلمة "الحلاوة"

المطلب الثاني: تعريف كلمة "الإيمان"

المطلب الثالث: المراد بحلاوة الإيمان

المبحث الثاني: تعريف الألفاظ المرادفة لكلمة الحلاوة وبيان مناسبة إضافتها إلى الإيمان وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: تعريف كلمة "طعم" وبيان مناسبة إضافتها إلى الإيمان

المطلب الثاني: تعريف كلمة "لذة" وبيان مناسبة إضافتها إلى الإيمان

المطلب الثالث: تعريف كلمة "وجد" و"ذاق"

المطلب الرابع: بيان الفرق بين وجود حلاوة الإيمان وذوقه

الباب الأول: أدلة حلاوة الإيمان وبيان معانيها وحقيقتها، ودرجات الناس وأحوالهم فيها وتحته فصلان:

الفصل الأول: أدلة ثبوت حلاوة الإيمان وبيان معانيها في الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم وتحته ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: أدلة ثبوت حلاوة الإيمان في القرآن الكريم وفيه خمسة مطالب:

المطلب الأول: ما ورد في أن حلاوة الإيمان لها علاقة بحقيقة الإيمان في القلب

المطلب الثاني: ورودها بمعنى إنابة القلب إلى الله تعالى

المطلب الثالث: ورودها بمعنى زينة الإيمان في القلب

المطلب الرابع: ورودها بمعنى الحياة الطيبة

المطلب الخامس: ورودها بمعنى فرح القلب وسروره

المبحث الثاني: أدلة ثبوت حلاوة الإيمان من السنة النبويةوفيه ثمانية مطالب:

المطلب الأول: ورودها بلفظ حلاوة الإيمان

المطلب الثاني: ورودها بلفظ طعم الإيمان

المطلب الثالث: حديث يجمع بين اللفظين الطعم والحلاوة

المطلب الرابع: ورودها بلفظ حلاوة الإسلام

المطلب الخامس: ورودها بلفظ حقيقة الإيمان

المطلب السادس: ما ورد في بيان العلاقة بين حلاوة الإيمان وصريح الإيمان

المطلب السابع: ما ورد في بيان العلاقة بين حلاوة الإيمان واستكمال الإيمان

المطلب الثامن: ما ورد في بيان العلاقة بين حلاوة الإيمان ودرجة اليقين

المبحث الثالث: أقوال أهل العلم في إثبات حلاوة الإيمان

الفصل الثاني: بيان حقيقة حلاوة الإيمان ودرجات الناس وأحوالهم فيها وتحته مبحثان:

المبحث الأول: وصف حقيقة الحلاوة في قلب الإنسان

المبحث الثاني: درجات الناس وأحوالهم في حلاوة الإيمان وفيه مطلبان:

المطلب الأول: تفاوت درجات أهل الإيمان فيما يجدونه من حلاوة الإيمان

1- درجة السابقين بالخيرات في حلاوة الإيمان

2- درجة المقتصدين في حلاوة الإيمان

3- درجة الظالمين لأنفسهم في حلاوة الإيمان

المطلب الثاني: أحوال الناس في حلاوة الإيمان

الأولى: حالة من علم بذلك

الثانية: حالة من شاهد دلالات ذلك

الثالثة: حالة من حصل له الذوق والوجد واستشعر ذلك في نفسه

الباب الثاني: موجبات حلاوة الإيمان

وتحته تمهيد وثلاثة فصول:

التمهيد: بيان تعدد موجبات حلاوة الإيمان وعدم حصرها على العدد المذكور في الحديث

الفصل الأول: بيان أن تحقيق التوحيد من أهم موجبات حلاوة الإيمان، وتحته تمهيد وثلاثة مباحث:

تمهيد في تعريف التوحيد وبيان أقسامه

المبحث الأول: حلاوة توحيد الربوبية

المبحث الثاني: حلاوة توحيد أسماء الله وصفاته

المبحث الثالث: حلاوة توحيد العبادة وفيه خمسة مطالب:

المطلب الأول: حلاوة تحقيق العبودية لله وحده لا شريك له

المطلب الثاني: حلاوة العبادات القلبية المحضة

1- حلاوة الإخلاص

2- حلاوة المحبة

3- حلاوة الخوف والخشية والرجاء

المطلب الثالث: حلاوة العبادات المشتركة بين القلب والجوارح

1- حلاوة الرضا

2- حلاوة الصبر

3- حلاوة التوكل على الله - عز وجل -

4- حلاوة الولاء والبراء

5- حلاوة الشح بالدين

6- حلاوة الزهد

المطلب الرابع: حلاوة عبادات اللسان

1- حلاوة الدعاء

2- حلاوة الذكر

3- حلاوة قراءة القرآن وتدبره

4- حلاوة مذاكرة العلم ومدارسته

5- حلاوة الاستغفار والتوبة

المطلب الخامس: حلاوة عبادات الجوارح

1- حلاوة الصلاة

2- حلاوة الزكاة

3- حلاوة الصوم

4- حلاوة الحج

5- حلاوة الجهاد

6- حلاوة غض البصر عن المحارم

الفصل الثاني: حلاوة الإيمان بالملائكة والكتب والنبيين

وتحته ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: حلاوة الإيمان بالملائكة

المبحث الثاني: حلاوة الإيمان بالكتب

المبحث الثالث: حلاوة الإيمان بالأنبياء والرسل عليهم السلام وفيه مطلبان:

المطلب الأول: حلاوة الإيمان بجميع الأنبياء والرسل عليهم السلام

المطلب الثاني: حلاوة الإيمان بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -

1- حلاوة محبته - صلى الله عليه وسلم - وإيثار ذلك على محبة النفس والأولاد والناس أجمعين

2- حلاوة متابعته - صلى الله عليه وسلم - واتباع سنته

الفصل الثالث: حلاوة الإيمان باليوم الآخر والقضاء والقدر

وتحته مبحثان:

المبحث الأول: حلاوة الإيمان باليوم الآخر وفيه خمسة مطالب:

المطلب الأول: بيان أن حلاوة الآخرة هي الحلاوة الباقية وحلاوة الدنيا حلاوة منقطعة

المطلب الثاني: حلاوة الإيمان بالموت وأهوال القبر

المطلب الثالث: حلاوة الإيمان بالبعث والنشور

المطلب الرابع: حلاوة الإيمان بالجنة والنار

المطلب الخامس: حلاوة الإيمان برؤية الله في الجنة وأنها أعظم لذة يذوقها العباد

المبحث الثاني: حلاوة الإيمان بالقضاء والقدر

الباب الثالث: دلالات حلاوة الإيمان وآثارها وتحته فصلان:

الفصل الأول: دلالات حلاوة الإيمان وتحته أربعة مباحث:

المبحث الأول: دلالة حلاوة الإيمان على الولاية والقرب

المبحث الثاني: دلالة حلاوة الإيمان على زيادة الإيمان وعلو درجته

المبحث الثالث: دلالة حلاوة الإيمان على صحة الأعمال

المبحث الرابع: الحلاوة جزاء من الله على الطاعات

الفصل الثاني: آثار حلاوة الإيمان وتحته سبعة مباحث:

المبحث الأول: أثر حلاوة الإيمان في تقوية صلة العبد بربه - عز وجل -

وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: الأنس بالله ومحبته

المطلب الثاني: الانقطاع لذكر الله ودعائه ومناجاته

المطلب الثالث: الاستغناء بالله عما سواه

المبحث الثاني: أثر حلاوة الإيمان في إقبال النفس نحو الطاعات وتحمل المشاق فيها

المبحث الثالث: أثر حلاوة الإيمان في الثبات على الحق وإيثار ذلك على النفس

المبحث الرابع: أثر حلاوة الإيمان في تحقيق السعادة والطمأنينة في الحياة

المبحث الخامس: أثر حلاوة الإيمان في تزكية النفس وتهذيب السلوك والأخلاق

المبحث السادس: أثر حلاوة الإيمان في تحصين القلب ضد أعمال الكفر والفسق والعصيان وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: كراهية أعمال الكفر والمعاصي ومرارتها في القلب

المطلب الثاني: دفع الخطرات والوساوس وما يتولد عنهما من الشبهات والشهوات

المطلب الثالث: الخوف على الإيمان والعمل على حفظه

المبحث السابع: أثر حلاوة الإيمان في علاج الأمراض النفسية والعصبية

الباب الرابع: الرد على الانحرافات المتعلقة بحلاوة الإيمان وتحته تمهيد وفصلان:

تمهيد: بيان أثر الأهواء والبدع على حلاوة الإيمان، والفرق بين ما يحصل لأهل البدع من حلاوة وما يحصل لأهل الإيمان

الفصل الأول: الرد على انحرافات الفلاسفة والجهمية والمعتزلة في حلاوة الإيمان وتحته مبحثان:

المبحث الأول: الرد على انحرافات الفلاسفة في حلاوة الإيمان وتحته تمهيد ومطلبان:

تمهيد: تعريف الفلاسفة

المطلب الأول: المقصود باللذة عند الفلاسفة

المطلب الثاني: طريقة الفلاسفة في تحقيق لذة الإيمان والرد عليهم

المبحث الثاني: بيان موقف الجهمية والمعتزلة من حلاوة الإيمان وتحته تمهيد وثلاثة مطالب:

تمهيد: تعريف الجهمية والمعتزلة

المطلب الأول: بيان أن من لوازم إنكارهم المحبة نفي حلاوة الإيمان

المطلب الثاني: بيان أن من لوازم إنكارهم الرؤية نفي حلاوة الإيمان

المطلب الثالث: بيان أن من لوازم تعطيلهم صفات الله عز وجل نفي حلاوة الإيمان

الفصل الثاني: الرد على انحرافات الصوفية في حلاوة الإيمان

وتحته تمهيد ومبحثان:

تمهيد: تعريف الصوفية

المبحث الأول: الرد على الصوفية في زعمهم أنهم يحققون حلاوة الإيمان عن طريق"السماع" و"الوجد" وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: بيان حقيقة السماع والوجد عند الصوفية

المطلب الثاني: الرد على مزاعم الصوفية وأوهامهم في السماع والوجد

المطلب الثالث: بيان حقيقة السماع عند السلف والصالحين

المبحث الثاني: الرد على بعض المتعبدين أنهم يجدون للذكر حلاوة لا يجدونها عند قراءة القرآن.

الخاتمة: وتشتمل على أهم النتائج.

منهج البحث:

سرت بتوفيق الله - عز وجل - في هذا البحث وفق المنهج التالي:

أولا- جمعت كل ما له الدلالة إلى حلاوة الإيمان وشعبه من خلال النظر في المصادر والمراجع المعتمدة.

ثانيا- عزوت الآيات إلى سورها مع ذكر اسم السورة ورقم الآية مع كتابتها بالرسم العثماني.

ثالثا- خرجت الأحاديث والآثار من مصادرها بذكر اسم المصدر ورقم الصفحة والجزء وكذلك اسم الكتاب والباب ورقم الحديث.

رابعا- وإذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما اكتفيت بذلك، وأما إذا كان عند غيرهما فإني أذكر ما وقفت عليه من أقوال أهل العلم - في هذا الحديث - تصحيحا أو تضعيفا.

خامسا- إذا تكرر الحديث أو الأثر، فإني لا أعيد تخريجه، وأكتفي بذكر المكان الذي تقدم ذكره فيه.

سادسا- ترجمت للأعلام غير المشهورين عند أول موضع يرد فيه اسم أحدهم.

سابعا- عرفت الفرق والبلدان وشرحت الكلمات الغريبة التي تحتاج إلى إيضاح

ثامنا - التزمت بعلامات الترقيم وضبط ما يحتاج إلى الضبط.

تاسعا- ذيلت البحث بالفهارس اللازمة وهي:

1- قائمة المصادر والمراجع

2- فهرس الآيات القرآنية

3- فهرس الأحاديث النبوية

4- فهرس الآثار عن أئمة السلف

5- فهرس الأعلام

5- فهرس الموضوعات

شكر وتقدير:

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، أحمده وأشكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، فقد منّ عليّ ووفّقني لطلب العلم الشرعي على منهج أهل السنة، في بلد السنة، وفي مدينة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وفي جامعة إسلامية مباركة، حتى وصلت إلى هذه المرحلة بجوده وكرمه، إنه أكرم الأكرمين. فله الحمد والشكر من قبل ومن بعد.

رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه.

وأثني بالشكر لوالدي الكريمين الذين ربياني، وحبياني برعايتهما وعنايتهما منذ الصغر، وصبرا على طول الغربة، وعظيم العناء في الكبر، مع دوام النصح والتوجيه والدعاء مما كان له الأثر في وصولي إلى هذه المرحلة، فالله أسأل أن يجزيهما عني خيرا وأن يمتعهما بدوام الصحة والعافية، وأن يرحمهما كما رباياني صغيرا ويوفقني لحسن برهما.

ثم إنني في هذه المناسبة أشعر بعظيم الشكر والامتنان تجاه شيخي وأستاذي الأول فضيلة الشيخ محمد علي مجتبى الداعي الشهيد الذي كان له الفضل بعد الله سبحانه في تحولي إلى الدراسات الإسلامية بعد حصولي على الشهادة الثانوية في الدراسات العلمية باللغة الإنجليزية، وقد كان رحمه الله من أكبر الدعاة في سيراليون وأكبر المجاهدين في سبيل إعلاء كلمة الله ومحاربة الشرك والبدع والخرافات حتى أكرمه الله - عز وجل - بالشهادة على أيدي أعداء الله، وإني أرجو من الله أن أكون ثمرة العلم النافع الذي تركه والولد الصالح الذي يدعو له، كما أسأله سبحانه أن يتغمده بواسع رحماته ويدخله فسيح جنانه آمين يا رب العالمين.

ثم إنني أتقدم بخالص الشكر وعظيم الامتنان للجامعة الإسلامية ممثلة في القائمين عليها، وفي مقدمتهم معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور محمد بن علي العقلا ثم جميع منسوبيها من الأساتذة والإداريين وكل من يشارك في تسيير أمور هذه الجامعة نحو الأفضل فالأفضل، فجزاهم الله خيرا ووفقهم لما فيه الخير للإسلام والمسلمين.

ثم أخص بخالص الشكر وعظيم التقدير شيخي وأستاذي الجليل فضيلة الدكتور عطية بن عتيق الزهراني لما أحاطني به من رعاية كريمة وتوجيهات سديدة طيلة عشر سنوات وذلك من خلال إشرافه علي في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، ولم يأل جهدا خلال هذه المدة في النصح والإرشاد والمتابعة المستمرة والوقوف معي في حالات الصعوبة والشدة، فكان بعد الله خير معين على إكمالي الدراسة في هذه المراحل وإخراج رسائلها إلى الصور المطلوبة فجزاه الله عني خيرا، وأجزل له المثوبة، وأقر عينه في عقبه إنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه.

كما أخص بالشكر فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجربوع - يحفظه الله - عضو هيئة التدريس في قسم العقيدة ورئيسه السابق، وإمام مسجد حي الشهداء حيث منحني كثيرا من وقته مع كثرة أشغاله، وأفادني بما عنده من خبرة في مباحث الإيمان، فكان لجلساتي معه في مسجده المبارك أثره الطيب على كثير من مباحث هذه الرسالة.

وأشكر الشيخين الكريمين مناقشي هذه الرسالة فضيلة الدكتور فهد بن سليمان الفهيد عميد كلية أصول الدين السابق في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بمدينة الرياض، وفضيلة الأستاذ الدكتور محمد بن عبد الرحمن أبو سيف على قبولهما مناقشة هذه الرسالة على كثرة أعمالهم وثقل المسؤوليات المنوطة بهم، وآمل إن شاء الله الاستفادة من ملحوظاتهما، كما أسأل الله تعالى أن يجزيهم عني خير الجزاء ويوفقهم لخيري الدنيا والآخرة.

كما أشكر كل من مدّ إليّ يد العون في هذا البحث من إعارة كتاب، أو إبداء رأي من كافة أساتذتي وزملائي، فجزاهم الله عني خيرا، وأسأل الله تعالى أن يتقبل من الجميع تعاونهم، وأن يوفقني وإياهم لكل خير. وصلى الله وسلم على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه وسلم.

الخاتمة

الحمد لله الذي بنعمته تتم الأعمال على وجه التمام، وأشكره على ما أولى به علي من نعمة البداية والإتمام، إن ذلك من فضله وتوفيقه وكرمه على هذا العبد الفقير الذليل الراجي منه دوام التوفيق وحسن الختام، وهو ولي ذلك والقادر عليه ذو الجلال والإكرام. ويطيب لي في هذا المقام أن أقدم أبرز ما توصلت إليه من نتائج وثمرات البحث في هذا الموضوع العظيم:

1- أن للإيمان حلاوة وطعما ولذة يجدها المؤمن في قلبه كما يجد حلاوة طعام لذيذ في لسانه.

2- أن هذه الحلاوة الإيمانية حقيقية يحس بها العبد بحواسه الداخلية، وتظهر آثارها على الجوارح، وليست مجازية كما يقوله بعضهم، والنصوص الواردة في ذلك على ظاهرها لا تحتمل تأويلا ولا تعطيلا.

3- أن حلاوة الإيمان بمثابة حلاوة ثمرة الشجرة، كما أن الشجرة الطيبة لها ثمرة، والثمرة لها حلاوة، فكذلك شجرة الإيمان لها ثمرة ولا بد لتلك الثمرة من حلاوة. وكما أن حلاوة ثمرة الشجرة متوقفة على معاهدتها بالسقيا لكي تبقى وتدوم، والتنقية لكي تكمل وتتم، كذلك شجرة الإيمان فلا بد من سقيها بماء الإخلاص والعلم واليقين، وتنقيتها من الذنوب والبدع والمعاصي لكي تثمر حلاوتها.

4- أنه لم يرد في القرآن الكريم نص صريح على حلاوة الإيمان ولكن ورد ما يدل عليه من المعاني، فهي حقيقة الإيمان، وطمأنينة القلوب، وفرحها وسرورها، وهي زينة الإيمان في القلب، بل هي الحياة الطيبة التي يجدها المؤمن في حياته، وكل ذلك في القرآن الكريم.

5- أما السنة النبوية فقد اعتنت ببيان هذه الحلاوة في أحاديث كثيرة يصل عددها إلى أربعة عشر حديثا بمختلف الألفاظ، كما وردت أقوال كثيرة عن علماء السلف في إثبات حلاوة الإيمان.

6- أن الناس متفاوتون في ذوق حلاوة الإيمان حسب تفاوتهم في الإيمان، فكلما ازداد إيمان العبد، كلما ازداد أثر ذلك من لذة وحلاوة يجدها في قلبه، فأعلى الناس إيمانا أذوقهم لحلاوته.

7- أن حلاوة الإيمان تعني لمن ذاقها جنة الدنيا ونعيمها العالي، وكثير ممن ذاقها لم يستطع وصف ما وجده في قلبه من حالة الحلاوة، وعجزهم هذا عن وصف هذه الحالة كعجزهم عن تحديد معنى المحبة التي توجب حلاوة الإيمان، فالمحبة كما بين ابن القيم لا تحد بحد أوضح منها، وكذلك حلاوة الإيمان فلا توصف بوصف أوضح منها، لكن من عرف معنى الحلاوة وما تحملها من معاني الطيب والخير يدرك أن صاحب حلاوة الإيمان في أطيب الحالات وأفضلها.

8- أن هذه الحلاوة تتحقق بتحقيق قواعد الدين الأربعة وهي: الحب والبغض والفعل والترك، فمن أحب لله وأبغض لله وعمل لله وترك لله استكمل إيمانه وذاق حلاوته.

9- أن موجبات حلاوة الإيمان كثيرة ومتعددة بعدد شعب الإيمان، ولا تنحصر على الخصال الثلاث المذكورة في الحديث، بل هي داخلة في جميع شعب الإيمان وأركانه العظام.

10- أن جميع عبادات القلب واللسان والجوارح توجب حلاوة الإيمان شريطة أن يأتي العبد بها على أكمل وجه.

11- أن التوحيد والإخلاص من أعظم موجبات حلاوة الإيمان وأسباب تحصيلها.

12- أن مرتكب الذنوب والمعاصي لا يجد حلاوة الإيمان. فالذنوب إن لم تؤثر في الإيمان من حيث ذهابه وبقائه فإنها تنقصه، وتمنع صاحبها من ذوق حلاوته. والحلاوة تتبع الزيادة وتحصل بها وتزول بالنقص.

13- أن كون بعض المؤمنين يجدون حلاوة الإيمان دون بعض دليل قاطع على ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة من أن الإيمان يزيد وينقص ويتفاضل الناس فيه.

14- أن هذه الحلاوة علامة وأمارة على صحة الإيمان وصلاح العمل، وولاية العبد لربه وولاية ربه له.

15- أن لحلاوة الإيمان آثارا طيبة في حياة من وجدها، فهي تقوده نحو الزيادة في حب الطاعات والثبات عليها، وكراهية أعمال الكفر والفسوق والعصيان.

16- أن حلاوة الإيمان من أعظم موانع حصول القلق والحيرة والاضراب ومن أعظم عوامل تحقيق أسباب السعادة والسكون والراحة وطيب الحياة.

17- أن الوقوع في البدع واتباع الهوى يمنع من ذوق حلاوة الإيمان الصحيح.

18- أن ما يظهر على أصحاب البدع من حالات الخشوع والبكاء ليست ناتجة عن حلاوة الإيمان الصحيح ولا تدل عليها، بل هي لذة شيطانية استدراجية، والفرق بينها وبين حلاوة الإيمان كما بين السماء والأرض.

19- أن الفرق المنحرفة الحائدة عن طريق النبي - صلى الله عليه وسلم - سلكوا طريق الوجد والسماع وزعموا أنها أقرب الطرق لذوق حلاوة الإيمان ونيل زكاة النفوس، لكنها طريقة بدعية لم يدل عليها كتاب الله ولا سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا عمل بها السلف الصالح، وعليه فلا يحصل لهم ما طلبوه من حلاوة الإيمان وزكاة النفوس.

20- أن فقدان حلاوة الإيمان كان من أهم أسباب الحيرة والقلق لدى العديد ممن انحرف في باب أسماء الله وصفاته مع فرط علمهم وذكائهم.

هذا ما تيسر ذكره من نتائج في هذا الموضوع، وأرجو أن أكون قد وفقت في اختيار هذا الموضوع والبحث فيه، وما كان فيه من صواب فبتوفيق الله - عز وجل - وما كان فيه من خطأ فمن ضعفي وتقصيري. وأصلي وأسلم على أفضل الأنبياء وإمام الرسل صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

فهرس الموضوعات