• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / التلفاز وخطره
علامة باركود

المضمون الإلحادي في برامج التلفاز السوفيتي

د. سعد مصلوح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/7/2007 ميلادي - 24/6/1428 هجري

الزيارات: 16066

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المضمون الإلحادي في برامج التلفاز السوفيتي

 

تنبيه:

أعدنا نشر هذه المادة مع كونها قديمة، لنبين الأثر السلبي لوسائل الإعلام من القديم في نشر الأفكار المنحرفة وتقرير المعتقدات الباطلة، وهذا الأثر ممتد ومتصل إلى أيامنا هذه.


يَتخِذ نَشر الإلحاد بين المُتَدَينِين في الاتحاد السوفيتي طريقَين مختَلِفَين، وإن كانا دائمًا متلازِمَينِ.


أولهما: طريق النشر الجماعي، ومن وسائِلِه استخدام برامج التعليم وقنوات التأثير الأَيدُيولُوجِي على الجماهيرِ؛ كالإذاعة والصحافة والسينما والتلفاز والفنون والآداب والمطبوعات بأنواعها المُختَلِفة.


وثَانِيهُمَا: طريق النشر الفردي، حيث يُوكَل إلى مسؤول الحزبِ، والمسؤول عن تخريب المعتقدات الدينية في كل مؤسسةٍ أو مصنعٍ أو مدرسةٍ - مُهمة تصنيف الأفراد، من حيث درجة تَدَينهم، وحين يُلاحَظ الالتزام الديني لدى أحد الأفراد يبدأ المسؤولون بدراسةٍ شاملةٍ للعوامل الأُسَرية والاجتماعية والثقافية، التي يُمكِن أن تكون مسؤولة عن تَدَينه، ثم يقومون برسم الخُطة المُلائِمة في ضوء هذه الظروفِ، ويبدأ التنفيذ بُغيَة تحقيق الهدف النهائي، وهو انعتاق هذا الإنسان من إسار الدين.

 

وغني عن البيان أن الإسلام والمسلمين يَحظَون بحظٍ وافرٍ من هذه العنايةِ، وقد سبق لنا أن ترجمنا عن الروسية مقالًا تَحَدث فيه مُؤَلفُه عن خصائص نشر الإلحاد بالطريق الفَردي بين المُسلِمِين، ويمكن الرجوع إليه لمن أراد مزيدًا من التفصيل (نُشِر المقال في عددين من مجلة "الدعوة" السعودية).

 

وسَنُمَحص هذا المقال إن شاء الله لبيان الكيفية التي يتم بها استخدام البرامج التلفازية في مُعتَرَك الصراع الأَيدُيولُوجِي الذي تقودُه الدولة السوفيتية والحزب الشيوعي على الدين والمُتَدَينِين، ولتحديد مكان هذه الوسيلة من سَائِر وسائل التأثير الفكري التي تُستَخدَم لنشر الإلحاد بالطريق الجماعي.


وقد لاحظ خبراء الدعاية الإلحادية من السوفِيت أن العاملين في محطات التلفاز المحلية المنتشِرة في الجمهوريات السوفيتية المختلِفة - إضافةً إلى زُمَلائِهِم من العَامِلين بالتلفاز المركَزِي في موسكو - قد بَذَلُوا جُهودًا كبيرةً لإِعداد بَرامِج إِلحَادية وتنفيذِها وتَقدِيمِها على الشاشَة الصغيرة، غير أن هذه التجَارِب كَانَت تَفتَقِد في رأيِهم وَضع استِرَاتِيجِيةٍ واحدةٍ لهذا النوع من العَمَل، وتنسيق الجُهُودِ، وتَبَادُل الخِبرات، بحيث تتكون - من خلال هذا التعاون - خِطة واحدة يَتحدد في إطارِها مُستقبَل النشاط الإعلامي الإلحادي في التلفاز السوفيتي، وحين عَكَف الخُبَرَاء في الدولة والحِزب على دراسة الجوانب المنهجية والتكنِيكِيةِ؛ لتَحقِيق هذه الغاية تَبَين لهم أن الحُكم الموضوعي على أثر النشاط الإعلامي للتلفاز وتوجيهِه لخدمة قضية التربية الإلحادية للجماهير يتوقف على عامِلَينِ:

الأول: المعرفة العلمية بالثقَل النوعِي لوسيلة التلفاز في إطار النظَام العام الذي يشمَل قنوات التأثير الأَيدُيُولُوجِي على الجماهير، وتحديد دورِها في هذا الإطارِ.


والثاني: دراسة كل ما يتعلق بمُشَاهِدِي التلفاز؛ لذلك التَزَمَت كل محطة من محطات الخدمة التلفازية التي تقوم بِبَث البرامج ذات المَضمُون الإلحادي، بأن تُوفر لمؤلفي هذه البرامج المعطيات (الإحصائية) اللازمةَ؛ من البِنيَة السكانِية في المناطق التي تُوَجه إليها إرسالَها، وعن أنماط الاهتمامات التي تُمَيز كل مجموعةٍ من المجموعات السكانية، كما ***عَمَدَت هذه **المحطات أيضًا إلى إجراء استطلاعات الرأي لمعرفة مُتَطَلبَات هذه المجموعة السكانية ومستوى تعليمِها، وعن مدى التطور العام والتطور السياسي للمجتمَع، وعلاقة السكان بالدين، وصورة الحياة في المجتمَع، وكيفية إزجاء أفرادِه لأوقات الفراغ، ومدى احتشادِهم لمشاهدة برامج التلفاز، وهكذا يتحَدد المَضمُون والشكل في أي برنامج إلحاديٍّ في ضَوء هذه الدائرة الواسعة من المعلومات، بحيث يُعطِي تأثيرَه المطلوب، وينبغِي أن نُضيف إلى هذه الأمور التي تتعلق بطبيعة مشاهدي البرامج التلفازية أمورًا أخرى، تتعلق بخصوصية التلفَزَة وإمكاناتِها التأثيرية في المُشَاهِدِين.


ويَعتَقِد خبراء الدعَايَة الإلحادية في التلفاز السوفيتي أن قضية المَضمُون لها الأهمية الأولى قبل قضية الشكل؛ ذلك أن كثيرًا من الأشكال العادية للبَرَامِج يُمكِنُها - إذا تَحَقق لها المَضمُون الملتَزِم - أن تُحدِث آثارًا بعيدة المدى في المشاهِد، ومن هنا يحتَل استخدام التلفاز في عملية ترسيخ العقيدة الماركِسية واتخاذ منظورِها الفلسفي أساسًا لمضامين البرامج الإلحادية التي يَبُثها: المحل الأول من الأهمية، أما خصائص الفن التلفازي فيأتِي في المَقَام الثاني، ويُعلِن هؤلاء الخبراء في بحوثِهِم ودراساتِهِم دون مُوَارَبَةٍ: أن تعميق الإلحاد في نفسية الإنسان السوفيتي يرتَبِط أوثَق ارتِبَاطٍ بتعميق صورة الحياة السوفيتية، ومبادئ الشيوعية كما أن تحقِيق هذه المُهِمة ينبغي أن يَتخِذ صُوَرًا مختلِفةً، إذ إن المُتَدَينِين يختلفون فيما بينهم اختلافًا بينًا من حيث درجة التدَين والمستوى التعليمي والثقافي، وينبغي تبعًا لذلك أن يكون المَضمُون الإلحادي شاملًا بحيث يَستوعب كل المشكلات، كما ينبغي في الوقت نفسه أن يكون متنوعًا؛ بحيث يأخذ في اعتباره اهتمامات المُتَدَينِين الذين يَختَلِفُون فيما بينهم في السن والجنس، والانتماء الديني ومستوى التعليم [1].


ويضَع المُخططُون السوفِيت - في الدولة والحِزب - نُصب أعيُنِهِم أَن هَدَف العَمَل الدعائِي الإلحادي هو القَضَاء عَلى الدين ووصم نظرَتِه إلى الطبِيعَة وحَياة المجتَمَع بأنها نَظرة تَقُوم على الأَوهَام والخُرَافَاتِ[2]، ومن ثَم يُحَتمون أن يسير العمل الدعائِي الإلحادي في اتجاهين رَئِيسَينِ:

الأول: ويَشمل موضوعاتٍ أخلاقيةً وفلسفيةً تُحَاوِل - بطريقةٍ واضحةٍ ومُقنِعَةٍ - حَض المُتَدَينِين على المُشارَكَة الفَعالَة في النشاط الاجتماعي، وتَقَبل صورة الحياة في المجتمَع السوفيتي، والتفَاعُل معها، والإسهام في صُنعِها.


الثاني: ويَتَوَلى تقديم المشكلات والقضايا المُتَعَلقة بالعلوم الطبيعية بُغيَة إِثبَات وجود تَنَاقُضٍ مبدئيٍّ بين العلم والدين[3].

 

ويتَفَرع عن تأكيد خبراء الدعاية الإلحادية على أهمية المَضمُون في البرامج التلفازية: مطالبتُهم مُؤَلفي هذه البرامج بألا تتسِم أعمالُهُم بالسطحية، وهم يُحَذرونَهُم من تركيز أعمالِهم على انتقَادٍ يُنسَب إلى بعض رجال الدين من نَقَائِص أو على الهُجُوم السافِر على الكُتُب المُقَدسة ورميِها بالتفَاهَة والسخَف[4].

 

ويُلاحَظ أن هذه السطحية كانت سِمَةً واضحةً من سِمَات البَرَامِج الإلحادية التي تم إِنجازُها فيما قبل الستينِيات، وأثبَت تقويم هذه البَرامج أَنها لا تَأتِي بالنتيجة المَرجُوة بل رُبما أدت إلى خلاف مَا يُراد منهَا؛ فهذه البَرامِج تَفتقد الوَحدة الموضوعية في إطار خُطةٍ شامِلةٍ، كما تَفتَقِد عُمق المضمون، والتنَوع في الشكل، ولا تَقُوم على أساسٍ نظريٍّ منهجيٍّ لنقد الدين.


ويُعتَبَر عام 1961 مرحلة تَحَولٍ نحو إعداد البرامج الإلحادية في التلفاز السوفيتي، فقد شُكلَت في هذا العام إدارة عامة بالتلفاز المركزي - الذي يَبُث إرسالَه على مستوى الاتحاد السوفيتي كُله - تتولى تحرير البرامج الخاصة بالدعاية الإلحادية على الشاشة الصغيرة، وعُقِد في هذا العام أيضًا عَدد من اللقاءات لدراسة الأُسس النظرية لهذا العملِ، شاركت فيها نقابة الصحفيين السوفِيت، وتَم في هذه اللقاءات وضع أَول أساسٍ منهجيٍّ لإعداد البرامج التلفازية الإلحادية، حيث أكد المجتمِعون أن المُهمة الأولى لهذه البرامج هي ترويج المفاهيم الماركِسِية وتأكيد العلاقة الإيجابية بين المُواطن والحياة على أرض السوفِيت، وصرف اهتمام الناس إلى محاولة تغيير الواقع المادي من حولِهم من خلال العمل الجماعي.


وإذا نظرنا إلى الفترة الواقعة بين عامَي 1917 و 1961 تبين لنا أنه على مدى ما يَقرُب من خمسين عامًا لم تَفتُر الحرب على الدين، وأن السلطة السوفيتية بجميع أجهزتها الدعائية والبوليسية لم تُفلِح - على مدى هذه السنوات المتطاوِلة - من حسم معركتِها على الفِطرَة التي فَطَر الله الناس عليها، لكن الفَشَل لا يزيدُها إلا إصرارًا، وقد أشَرنا في مقالٍ سابق [5] إلى المحاولات الدؤوب التي بذلها ويبذلها الاستشراق السوفيتي لتفسير ظهور الإسلام تفسيرًا ماركِسيًا وبينا كيف أن هذه المحاولات ما زالت مُستَمِرةً حتى اليوم دون أن تصل إلى وجهٍ من وجوه التفسير يُرضيهم هم، بَله أن يُقنِعُوا به غيرَهُم.

 

وتطبيقًا للقرارات التي اتخِذَت في عام 1961 قام التلفاز المركزي السوفيتي بتقديم سلسلة طويلة من الحلقات في برنامج جُعِل عنوانه: "حقيقة الدينِ" ثم برنامجٍ آخَر بَدَأَت إذاعته منذ عام 1969 تحت عنوان: "الإنسان والدين".

 

وقد أدار مؤلفو البرنامج الأول حوارًا مع المُشَاهِدِين، تناولوا فيه القضايا الفلسفية والأخلاقية من منظور ماركِس دون استخدامٍ لأسلوب التوجيهات المُبَاشِرة ودون اللجوء إلى كَيل التهَم لرجال الدين ومُعتَنِقِيهِ، وحاولوا تيسير القضايا وتوضيحها؛ بُغيَة التأثير على أكبر عددٍ ممكِنٍ من المشاهِدين، وقصروا كل حلقة من حلقات البرنامج على تناول مشكلة معينة.


وتوضيحًا لطبيعة هذا البرنامج نسوق مثالًا لحلقة من حلقاته جعلوا عنوانها: "عن معنى الحياة"، وجاءت هذه الحلقة على هيئة حوار مُبسط يبدو وكأنه لا تَكَلف فيه بين الدكتور ب.ت. جويجوريان، وأ. أ. أوشيبوف الأستاذ السابق بأكاديمية اللاهوت في ليننجراد، قام أولهما بتقديم وجهة النظر الماركِسية، وقام ثانيهما بتوضيح نظرة الدين إلى هذه المشكلةِ، واتجه المتحدثان إلى عدم اتخاذ الطريق المباشر أو الإعلان عن النوايا، واتخَذ الحوار صيغة المناظرة بين شخصَين، ولكن الهدف النهائي لهما كان اتهام النظرة الدينية للحياة والإنسان بأنها معادية للإنسان.


وثَمة صيغة أخرى للدعاية الإلحادية، تَظهَر في حلقة أخرى قام بإعدادها وتقديمها صحفي سُوفِيتي يدعي أ.أ. شامارو، وفيها يَظهَر هذا المؤلف وقد عاد من رحلة طويلة عبر سَيبِريَا ومن خلال مادةٍ تصويريةٍ تُثِير اهتمام المشاهِدِين ودهشتهم يحكي المؤلف عن الحياة القاسية الرهيبة التي تحياها جماعات السكان المتمسكِين بالعقائد الدينية الوثنية القديمة في مجاهل سَيبِريَا، وعن أولئك الذين ارتدوا عن الدين بعد أن كانوا من أشد معتنِقِيه تَحَمسًا وانطلقوا في سبل الحياة الرحبة التي هيأتها لهم السلطة السوفيتية دون غيرهم، وهكذا تناولت الحلقة موضوعًا كبيرًا فقامت بإبرازه من خلال مصائر أفراد معينِين ليكون أكثر إقناعًا، إذا أضفت إلى ذلك استخدام المادة التصويرية الوثائقية على نحو يهدِف إلى جذب اهتمام المُتَدَينِين وإقناعهم.


وقد قام التلفاز المركزي بتقديم الموضوع نفسِه بصورة أخرى على هيئة فيلمٍ تِلفَازِي بعنوان "سنوات ضائعة"، ويحكي الفيلم قصة شابٍ يُدعَى د.س. كولوسوف كان قد هرب من أداء الخدمة العسكرية في الجيش الأحمر بدوافع دينية، وظل مختفِيًا مدة ثلاث وعشرين سنةً، واستَخدم المُخرِج والمُصَور في تنفيذ الفيلم لقطاتٍ للأماكن والمواقع الحَية التي اختفى فيها ذلك الهارب بدينِهِ؛ وذلك لإضفاء عُنصُر الواقعية على الأحداث، كما استَخدَما تِكنِيك الكاميرا السرية لإقناع المتفرج بأن الكاميرا إنما تَتبَع الهارب في تفاصيل حياتِه المُفزِعة الخائِفة دون أن يشعر هو بها، وقد حاز هذا الفيلم رضاء القائمِين على أمر الدعاية الإلحادية في التلفاز السوفيتي.


ويزداد إلحاح مؤلفي الأفلام التلفازية ومخرِجيها على معالَجة مشكِلةٍ من أهم المشكِلات التي تواجه المجتمع السوفيتي القائم في أساسه على الفلسفة الإلحادية الماركِسية، ونعني بها نفور المُتَدَينِين من نَمَط الحياة السوفيتية، ونكوصَهم عن المشارَكة الإيجابية في صُنعها وقد خصصوا لعلاج هذه المشكلة فيلمًا بعنوان: "مرحبًا بالحياة" قام بإعداده التلفاز المركزي بالاشتراك مع "دار الإلحاد" في إحدى مدن الاتحاد السوفيتي، وسنحاول أن نعرض بشيء من التفصيل للتكنِيكَات الفنية والموضوع الذي قام هذا الفيلم بالتعبير عنه.

 

يبدأ الفيلم بمجرد عَرضٍ تلفازيٍّ إعلاميٍّ خالِص لألوان النشَاط التي تُمارَس في دار الإلحاد؛ فتَعرِض مناظِر لاجتمَاعَات مَجلِس إدارة الدارِ، وللمحاضَرات وجَلَسَات الحِوار والمَعَارِض الفَنية والحفلات وغير ذلك من ضُروب النشاط الإعلامي الصرف.


ولا شك أن تلحيد المؤمنين هو على رأس ما تقوم به الدار من مَهَام، بل هو الهدف الاستِرَاتِيجِي من جميع ألوان النشاط الأخرى، ومع ذلك نَجِد مُؤَلفِي الفيلم ومنفذِيهِ؛ وَهم: كبير المحررِين ت. جولوبيف، والمخرج ن. تشيكاسين، والمصور ب. تشوبين يقتربون من هذا الموضوع بِحَذَرٍ شديد فينتهِزُون فُرصة لقائِهم بأحد العامِلِين في الدار ليعالجوا هذه القضية من خلاله، ذلك أن هذا الموظف نفسه كان من بين الذين ارتَدوا عن دِينهم، وانخرطوا في سِلك العمل بِدار الإلحاد ليُستَخدَم في العمل الدعائي الإعلامي على الدين، ومن هنا كانت فرصتهم من خلاله لبيان الكيفية التي يرتد بها إنسان عن دِينه، ها هو ذا الموظف الملحِد يبدو على الشاشة في أثناء عَرض النشَاط العادي للدار، وهو يقف وراء المنصة ليُلقِى محاضَرَةً على المُستمِعِين، وتبدو وجوه المُستَمِعِين وهي تتطَلع إلى المحاضِر، غير أن مشاهِدي التلفاز لا يستمِعون في اللقطة إلى نَص المحاضَرة بل إلى أصداء الخواطر التي تدور في رأس هذا الموظف على طريقَة المونولوج الداخِلي وهو يَنظُر إلى مستمعِيهِ، إنه يقول لنفسِهِ: "عندما أنظر إلى القاعة التي تَضُم المستمِعِين، تقول لي هذه الوجوه الكثيرةُ: واضح أن بعضَهم لا يوافِقني على رأيي، إنني أحكِي عن تلك التنَاقُضات التي تمتَلِئ بها الكتب المُقَدسَةِ، ورأى كيف يبدو على وجهٍ من هذه الوجوه خاطر ما، إنه لمحة من الشكوك التي تَتَوَلد في أعماقه بل إنني لَأَلمَح خَلف القَسَمَات ضَحكَة السخرِيَة المكتُومَة".

 

وهكذا يستخدم مؤلفو الفيلم هذه الوسيلة الفنية في العرض ليُحدِثُوا بذلك أبلغ تأثيرٍ مُمكِن على مشاهِدي الفيلم التلفازي، وذلك من خلال استعراض الكاميرا لوجوه المُستَمِعِين إلى المُحاضِر؛ بحيث يُبرِزون تَطَور الانفعالات المُختَلِفة كما تَعكِسُها ملامِحُهُم، ويُظهِرون دَلالة الملامح وتحولَها من الريبَة إلى الشك العميق في أمر الدين.


ويُحَاوِل مؤلفو الفيلم استخدام وسائِل فَنِيةٍ كثيرةٍ أُخرَى؛ كالريبُورتَاج السينِمَائِي، والكاميرات السرية وشِبه السرية وذلك ليبدو تاريخ حياة الفرد المُتَدَين وظروف ارتِدَادِه عَن الدين أمرًا طبيعيًا، ويتحرك الأشخاص على الشاشة في سهولةٍ لا تُكَابِد التكَلف، كَمَا يَظهَرون وهم على حالٍ من الانهماك في قضيتهم وتَأَمل أنفِسِهم ومُعَايَشَة مُشكِلاتِهِم مما يجعلهم أَقرَب إلى قَلب المُشاهِد وعَقلِهِ.

 

ويَتعرف المُشاهِد في أحد لقطات الفيلم إلى أحد سُعَاة البَرِيد وهو يقطع شوارع المدينة مَرِحًا في صباحٍ مُشمِسٍ حَامِلًا إلى مُواطِنيه بَرِيد الصباح، ويمر ساعي البريد بخطواته المَرِحَة بأَحَد دُور العِبَادَةِ، وهنا تنتقل الكاميرا إلى وجوه المصلين الذين يمارِسُون شَعَائِر الدين، في حين يُسمَع صوت الموظف المُلحِد الذي يقوم بدور المُعلق وهو يحكي عن ساعي البريد؛ فيقول: "كثيرًا ما فَكر صاحبنا هذا خلال أداء العبادة مُسائِلًا نفسه: لماذا يكون الرب الرحيم هكذا قاسيًا وجائرًا؟ ولماذا يُصِر على إرهاب الناس وإثارة الذعر فيهم؛ بِتَهدِيدِهم بِعُقُوبَات الآخِرة؟"، وكذلك يُحَاوِل الموظف في دار الإلحاد أن يحطم بِكَلِمَاتِه قُدسِية الذات الإلهية في نُفُوس المُتَدَينِين، ﴿ كَبُرَت كَلِمَةً تَخرُج من أَفوَاهِهِم إِن يَقُولُون إِلا كَذِبًا ﴾ [الكهف:5].

 

ولكي تَتم المُقارَنَة يَظهر ساعي البريد وسط أصداء ابتهالات المصلين ضاحكًا مَرِحًا في إحدى الحفلات، كما يبدو وهو يخطو خطواتٍ واسعةً في شوارع المدينة حاملًا على صدره شارة الكُومسُمُول.

 

ثُم يَبدو المُعَلق في لقطةٍ أخرى من الفيلم وهو يُجرِي مقابَلةً مع رجلٍ وامرأةٍ، ويُتَبَين من الحديث أنهما زوجان مُتدينان، وأنهما والدان لفتاة ارتدت عن دينِهَا ودين أبويها منذ وقت ليس ببعيد، وتُرَكز الكاميرا على وجهي الأبوين؛ لتُظهِر مَلامحهُما في صورةٍ قاسيةٍ، تعكِس التعَصب والانغلاق، وهنا يُترَك لخيال المُشاهِد الفنان ليرسم لخياله صورة عن البيئة التي تَرَبت فيها الفتاة، وبعدها مباشَرةً تبدو على الشاشة صورة مرحة للفتاةِ، تبدو فيها سعيدةً بالطريق الجديد الذي اختَطته لنفسِها.


وُيحاوِل مؤلفُو الفيلم أن يُظهِروا العمل الذي يقوم به دُعَاة الإلحاد ومروجوه بمَظهَر النضَال الشريف المُستَمِيت من أجل خير الشعب وهدايته إلى صراطهم (المُستَقِيمِ)، وَمن هُنَا يوحون إلى المُشاهِد بما يتطلبه عملُهم هذا من المُثابَرة والدأب والتضحية من جانب القائمِين به، ويُحس المُشاهِد بهذا الإحساس عندما يرى على الشاشة تلميذةً في دور المُرَاهَقةِ، تَسمَع إلى مُروج الإلحاد دون تَحَمس، وهي تَتَصَرف مع رفيقاتِها وفي عينيها حزن عميق إذ يتَنَازَعُهَا الصراع بين نشأتها الدينية والتيار الإلحادي الجارِف الذي تسير فيه الحياة من حولها، وهنا نَسمَع صَوت المُعَلق يقول: "ها نحن أُولاء نشهد اليوم صديقتَنَا تامارا وهي تَخرُج للنزهة مع رفيقاتها الملحِدات. وهذا في حد ذاتِه شيء كثير؛ إنه ثمرة لجهود رفاقي العاملين في دور الإلحاد، ها هي ذي الفتاة تخطو خطواتها الهَيابَة الأولى على هذا الطريق الطويل الذي انفتح أمامها الآن، أما نحن أصدقاء تامارا فمازال أمامنا الكثير من المشاغل".

 

ويتضِح لنا - من هذا العرض المُفصل بعض التفصيل لهذا الفيلم - كثير من المُشكِلات النظرية والإمكانات والتكنِِيكَات الفَنية المُستخدَمَة في الأفلام التلفازية لِنشر الإلحاد بين المُتَدَينِين.

 

وثَمة مجال آخَر يُولِيه خبراء الدعاية الإلحادية في التلفاز اهتمامًا كبيرًا ونعنِي به عرض مُشكِلات العلم الحديث ومُكتشَفَاتِهعلى الشاشة الصغيرة في ضوء المفهوم الإلحادي الماركِسي، ويرى المتفائلون منهم أن أي برنامجٍأو حلقةٍ تِلفَازِيةٍ تتحدث عن المكتَشَفَات العِلمِية الجديدة وعن قوة العقل الإنساني تَكُون بطبيعَتِهَا إلحادية[6].


غير أن التجرِبة الطويلة لخبراء الإلحاد أثبتت أن هذا وَحدَه لا يكفي؛ فكثير من هذه البرامج تفتَقِد الجانِب الفلسفي الإلحادي وإن أرضَت سائر المتطلبات الفنية الأُخرى، وقد تؤدي هذه البرامج - على هذا النحو - إلى خِلاَف ما يُراد منها تحقيقُه ومن ثَم يُطالِب هؤلاء الخبراء بضرورة إنجاز برامج تلفازيةٍ علميةٍ ذات طابعٍ إلحاديٍّ خاص لا يُكتَفَي فيها بعرض ظواهر الطبيعة والمكتشَفات العلمية الحديثة بل تُوجه النقد إلى التصورات التي تتبناها العقائد الدينية بخصوصِ هذه الظواهرِ، ويمكن أن يأخذ البرنامج شكل الرد على أسئلة المُتَدَينِين أو بإجراء الحوار بين بعض المتخصصين مع الاستعانة بالأفلام التلفازية الموضحة.


وقد دلت التجارب على فشل جميع محاولات الدعاية الإلحادية التي تقوم على مهاجمة المُتَدَينِين والسخرية من عقولهم ومعتقداتهم ونسبة الرذائل إلى بعض رجال الدين واختلاقها إذا اقتضى الأمر، لذلك اتجهت جميع الأفلام التلفازية في هذا المجال إلى محاوَلات اكتساب ثقة المتفرج بدلًا من تنفيره أو إلى تحييد مشاعره تجاه هذه البرامج حتى لا يعتصم بمَعقِل الدين، ويرفض من البداية الاستماع أو المشاهدةَ. ولهذه الحقيقة أهمية كبرى بالنسبة للبرامج التلفازية؛ فالتلفاز يستقر عادة في غرفة من غُرَف المنزل حيث يجلس إليه المُشاهِد بمحض إرادته وينتفي أي إمكان لإكراهه على مشاهدة البرامج، والمُشاهِد حينئذ مُطلَق الحرية في أن يجلِس إلى التلفاز أو يأوِي إلى الفِراش ومن ثَم يَنبَغِي إذا أُرِيد لهذه البرامج أن تُؤتِي ثِمارَها، أن تبتعد عن إهانة مشاعِر المُشاهِد الدينية أو إثارة شكوكِه أو ارتيابِه وإلا فلن يكون إلا خلاف المُرَادِ.


ويَفرِض هذا الأمر على القائمين به الاحتياط الشديد في اختيار عناوين البرامج والحلقات التلفازية، فقد لوحِظ أن اختيار عناوين مِثل "المُلحِد" أو "الكَافِرِ" تَصرِف المُتَدَينِين عن مشاهَدَتِها بمجَرد قراءة العناوين على شاشة التلفاز، بل لُوحِظ كذلك أن بعض العناوين المحايدة مِثل "الإنسان والدين" أو "حقيقة الدين" لم تكن مُوَفقَة إلى حدٍّ كبير، ورُؤِي لذلك وجوب اختيار عناوين لا تَمَس الدين ولا تَذكُرُه بلفظِه مباشَرةً حتى يتم استدراج المُشاهِدِين المُتَدَينِين لرُؤيَتِهَا.

 

ويُتَبَين من هذه العناية الخاصة - التي يُولِيها دُعاة الإلحاد للوَسَيلَة التلفازية - خَطر هذه الأداة وعظمة تأثِيرِها؛ فالتلفاز جهاز موجود بالمنزِل بصفةٍ دائمةٍ، وهذا يجعل تأثيرَها في المعارك الأَيدُيولُوجِية قَويًا ودائمًا ومنتظِمًا، وهو يمتاز بهذه الخاصية عن بعض وسائل التأثير الأخرى التي تتوافر في بعض الظروف دون بعض، أو في مناسبة دون مناسبة؛ ولذا يُؤَكد دُعَاة الإلحاد على أهمية إعداد خطةٍ استِرَاتِيجِية دائمة للدعَايَة التلفازية الإلحادية.

 

وصحيح أن وسيلة التلفاز يَنقُصُها الموقِف الحَي، الذي يقوم على الاتصال المباشِر والمواجَهَة بين طَرَفَين، كجلسات الحوارِ، والمناقشةِ، والمُحاضَرَات، وما إلى ذلك، غير أن وسيلة التلفاز - لما سبق ذِكرُه من أسباب - لم توقِظ نَظَر دُعاة الإلحاد فَحَسب، بل دعاة المسيحية أيضًا، ويَشهَد بذلك مناقَشَة المَجمَع الكَاثُولِيكِي في الفَاتِيكَان للوَسَائِل الفَعالَة لاستِخدام التلفاز في نَشر المَسيحية وتَرسِيخ جُذُورِهَا.


وقَد أَثبَتَت الدرَاسَات أن مُستوى التعلِيم عند الفَرد يُؤَثر على مَوقِفِه من القَنَوَات الإِعلاَمِية المُختَلِفَةِ، وتَبَين أن ذَوِي المُستَوَى التعليمِي العَالِي يُفَضلُون استِقَاء مَعلومَاتِهِم من الصحُف والإِذَاعة، ويَحتل التلفاز - بالنسبَة لهم - المَحَل الثالثَ، أما ذلك المُستَوَى التعلِيمِي المنخَفِض فإِن التلفاز يُمَثل لَهُم أَقوَى الصيَغ الإعلامِية تَأثِيرًا.

 

وعَلَى هَذَا الأساس يُمكِن اختيار قَنَاة التأثِير الثقافي المناسِب للنوعِية المناسِبَة من السكان، وتمتاز عملية استيعاب المُشاهِد للبرنامج التلفازي بِخُصُوصِياتٍ؛ منهَا سُهُولَة نَقل البَرَامِج التلفازية ونَوعُها داخل كُل منزِلٍ، والوُضُوح وسُهُولَة فَهمِهَا، وتَأثِيرُها في وقتٍ واحدٍ على أعدادٍ هائلةٍ من الجَمَاهيرِ، وإمكانِية نَقل الأحداث في وقت وقوعِها، وإظهار الإنسان في نفس اللحظة الفَرِيدَة التي تَتَوَلد فيها أفكارُهُ، وتتوالى خَواطِرُهُ، وهكذا يَعمِد خُبَرَاء الدعَايَة الإِلحادِية إلى استخدام هذه الإمكانات الهائلة للتأثير على عددٍ من المُشَاهِدِين بمختلِف طَبَقَاتِهم ومُستَوَيَاتِهم.

 

والخَبَر هو أيسَر صُور النشَاط الإعلامي التلفازي، ولذلك يَستخدِم التلفاز السوفيتي النشرات الإخبارية التي تتكرر في أَوقاتٍ مختلِفةٍ من فَترَة البَث اليومي؛ لتقديم أخبارٍ ذات مضمونٍ إلحادي، ومن ذلك يَتَبَين أنهُم لا يفهمون مُصطَلَحَ: "برنَامِج إلحادي" في أضيق معانيه، إن مجال الموضوعات الدينية لديهم واسع بحيث يشمل سائر أخبار النشاط التلفازي بما في ذلك الخبر في نشرات الأخبار والتحقيقات الإخباريةِ، ويَمتَد ذلك إلى طريقة اختِيَار الخَبَر وطَرِيقَة تَقدِيمه وما يتضمنه من تحقيقاتٍ تِلفازِيةٍ.

 

هذه أمثلة أوردناها تُوَضح طَرَائِق استخدام البَرنامِج والتحقِيق والخبر لتوصيل المَضمُون الإلحادي إلى الجمهور من خلال شاشة التلفاز تدُلنا على ما يتمتع به التلفاز من مكانة خاصة بين قنوات التأثير الأَيدُيُولُوجِي.


غير أن خبراء الدعاية الإلحادية قد أدركوا في التلفاز مِيزةً أخرى لا تقل أهميةً عما ذكرنا، ونَعني بها قابليته لنقل الأفلام السينمائية والمسرحيات إلى مشاهديه، وهنا نجده يقوم لفترة من الوقت مقام وسائل فنية إعلامية أُخرَى لها تأثيرها مِثل السينما والمسرح، وهو يُتِيح للمُشاهِد في المنزِل فرصة المُشاهَدَة دون تَجَشم مَشَقة الانتقال إلى دُور السينما والمسرح، وخاصةً في فصل الشتاء حيث تكون الأحوال الجوية غير ملائمةٍ، وفي فترة العام الدراسي؛ حيث يرتبط الآباء بالبقاء في منازلهم إلى جوار الأبناء.

 

وقد أتاح ذلك لهم استخدام الأفلام السينمائية والمسرحيات ذات المَضمُون الإلحادي أو التي تُمَجد الوطن السوفيتي وتَعرِض منظورًا تاريخيًا يَتفِق وفلسفة الحُكم الماركِسي، وهكذا تتعاون وسائل التأثير المختلِفَة لخدمَة الاستِراتِيجِية الإِعلانِية التي يَرسِمُهَا الحِزب والدولَةُ.

 

وإذا جاز لنا من خلال ما عَرَضنا له أن نُقَدم تَصَورًا لِلخُطُوط العامة التي تكون مَلامِح التلفاز الإسلامي فَعَلَينَا أولًا أن نُحَدد فَرق ما بين الاستِرَاتِيجِية الشيُوعِية والإِسلامية في مَجَال الإِعلاِمِ.


إِن الإِعلام التلفازي الإسلامي يَعمل في دِيَار الإِسلام وفي ظُرُوفٍ مُواتِية، إذ هو يُخَاطِب جُمهُورًا يَفتَرِض في مُعظَمِه الاعتقاد بالإسلامِ، والوَلاء لهُ، والإيمان بِرسولِهِ، وإن كان هذا الجمهور يَتَعَرض لأَعَاصِير الغَزو الثقَافِي التي تَهدِف إِلى:

1- ترسيخ النظرَة العَلمَانِية في السياسة والاقتصاد والاجتماع والفن، وعزل الدين عزلًا تامًّا عن دورِه في سِيَاسَة الحَيَاة وَتَرشِيدِها.

 

فى الدعوة إلى تَبَني أنماط الحياة المادية بنوعيها: الصليبي والشيُوعي، واستبدالِها بأنماط الحياة الإسلامية.


ومن هذا المنطَلَق يَتَحَدد للإعلام التلفازي الإسلامي المُوَجه إلى ديار الإسلام استِرَاتِيجِية ثابتة تَتَمَثل فيما يلي:

أولاً: تحرير المفهوم الصحيح للإسلام ومحاربة أية محاولةٍ لعزل الدين عن الحياةِ.

ثانيًا: تَنشِئة جيلٍ مُسلِمٍ قويٍّ صحيح الإسلام.

ثالثًا: مواجهة الغزو الفكري على جميع الجَبَهَات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.


ويمكن أن تتحقق هذه الأهداف بالاستخدام المدروس والواعي للوسائل الآتية:

أولاً: الالتزام التام بالشعور الإسلامي في مجال السياسة الإعلامية التلفازية، والصدور عنه في كل ما يُقَدم على الشاشة الصغيرة من برنامج أو تحقيقٍ أو خبرٍ أو أفلامٍ أو مسرحياتٍ، ومنع تقديم أيةّ مادة لا تَتسِق في مضمونِهَا ومُشاهِدِها وأهدافِها مع آداب الإسلام ومفاهيمِهِ، وإلا فستصبح المادة الإعلامية الإسلامية بين غيرِهَا من طُوفَان البَرَامِج الجاهلية صورةً حيةً متجسدةً للعُزلة التي يُراد ترسيخُهَا بين الدين والحياة.


ثانيًا: الدرَاسَة المستفيضة لنَوعِيات المشاهِدِين ومُستَوَاهُم التعليمي والثقافي والاقتصادي ووسائل إزجائِهم للفراغِ، وإعداد نوعيات البرامج الصالِحَة لمخاطبة هذه النوعيات من المشاهِدِين والتأثير فيهم وتوجيههم.


ثالثًا: الاهتمام بالمَضمُون الجيد للبرامج، وتطويع الشكل للمضمون.


رابعًا: الاهتمام بالمَضمُون الإسلامي ببرامج الأطفال والشباب والمرأة على وجه الخصوص.


خامسًا: الاستعانة بالمتخصصِين لرفع المُستوى الأَيدُيولُوجِي والعلمي، للبرامج التي تَعرِض مكتشفات العلم الحديث وأسرار الكَون في إطار المفهوم الإسلامي للعلاقة بين العلم والإيمان، الذي يُقَرر أن الرسوخ في العلم يَعنِي رسوخ الإيمانِ.


سادسًا: إعادة النظر في جميع الأعمال الفنية الدينية التي تؤكد بوضعها الراهن غُربة الإسلام عن العصر وذلك بما يستخدم فيها من حوار ومناظر وموضوعات، وتوسيع مفهوم الفن الإسلامي بحيث لا يُقصَر على موضوعات التاريخ الإسلامي القَديم فحَسبُ؛ بل تَمتَد المعالَجَة الفنية إلى جميع المشكلات الحَية التي يُواجِهها المُسلِم المُعاصِر في حياتِه اليومية.


سابعًا: تَوجيه برامج خاصةٍ إلى الدعاة المسلمِين وخُطباء المساجد لتثقيفِهم ثقافةً دينيةً متنوعة وتدريبهم على فَن مُخاطَبَة الجماهِير، وعلى عَرض القضايا الإسلامية بمنطقٍ عصريٍّ مُقنِعٍ بَعيدٍ عن التناوُل المُباشِر والأُسلوب الوعظِي المُمِل.


هذا؛ ولنا عودة إن شاء الله لنستوفي الحديث عن دَور الكلمة المطبوعة في المُعتَرَك الأَيدُيولُوجِي بين الدين والإلحادِ.

 


[1] L.D.Gluk hovskaya, "Telivision - Prospective Form of A theist Propaganda" Problems of Scientific Atheism, 9, 41970, p. 318

[2] تكاد المراجع التي تؤكد هذه الفكرة لا تقع تحت حصر وأنظر على سبيل المثال (بالروسية): ب.ك. أرسينكين: "القضايا المُلِحة للإلحاد العلمي" من منشورات جمعية "المعرفة" بمناسبة مرور مائة عام على ميلاد لينين، موسكو 1969، ص3.

[3] تصدر دورية في موسكو بعنوان "العلم والدين" تهدِف إلى إثبات وجود هذا التناقض بين العلم والدين، وتَتخذ من مادة "الكتاب المُقَدسِ" مصدرًا أساسيًا للتعبير عن وجهة نظر الدين في قضايا العلوم الطبيعية. ونود أن نشير إلى أنهم - بهذه الطريقة - يضعون كل الأديان السماوية والوضعية على اختلافها في مرتبة واحدة، ويفيدون من سلبيات بعضها في طعن بعضها الآخَر. ومعلوم أن الإسلام - على هذا النحو - سيتحمل من الأعباء والعيوب ما هو منه بريء.

[4] بعض برامج التلفازات العربية لا تتورع عن ذلك. فَتَأَمل.

[5] نشر المقال بعنوان: "حول التفسيرات الماركسية لظهور الإسلام)، العدد السابع، يوليو 1976.

[6] نعتقد أن الأمر على خلاف ما يظن أهل الإلحاد تمامًا فقد أدى التقدم العلمي الهائل الذي تشهده البشرية في حاضرها إلى أمرين أصبحا من البَدَاهة بحيث لا يحتاجان إلى إثبات:

أولهما: إحساس العقل البشري بزيادة مساحة المجهول كُلمَا انكشف أمامه سر من أسرار الكون.

وثانيهما: نفي العشوائية والمصادفة عن الخلق وإثبات (حكمة الخلق) واطراد السنة الكونية وانتظامها. وكلا هذين الأمرين دافع إلى الإيمان لا إلى الإلحاد؛ ولذا كان علينا أن نَتَنَبه إلى أهمية هذا الجانب في تقوية الإيمان وترسيخه في النفوس؛ فأهل الإيمان أولى باستخدام هذا السلاح الفَعال من أهل الشرك.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تعظيم استفادة أفراد الأسرة من مشاهدة التلفاز!
  • الإلحاد شكوك وظنون والإسلام اقتناع ويقين

مختارات من الشبكة

  • إياك والقلق، لماذا القلق من المضمون؟ (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • نية الرجوع في أداء الضامن الدين عن المضمون عنه (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • رمضان الاستثمار المضمون (وبينات من الهدى والفرقان)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إستراتيجيات بناء وتشكيل المضمون القيمي في الكتاب المدرسي: كتاب الممتاز في اللغة العربية للسنة الأولى(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الاهتمام بالشكل دون المضمون(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • بنية الخطاب الإسلامي: دراسة في المضمون والوظيفة (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • إدارة المضمون في العمل الدعوي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تحليل المضمون : مفهومه ، محدداته ، استخداماته (PDF)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • المستشرق "مونتيه" وحديثه عن المضمون القرآني (2)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المستشرق "مونتيه" وحديثه عن المضمون القرآني (1)(مقالة - ملفات خاصة)

 


تعليقات الزوار
2- ماوجبنا
ابو الصقر العمراني - اليمن 01-09-2007 08:14 AM
سلام عليكم ورحمت الله وبركاته
نشكركم على اثارت هذا الموضوع الهام الذي غفل عنه الكثير من التربويين ولاأباء والامهات ظن منهم ان هذة الماده المشاهدة (لأطفال/والشباب) هي غير ضارة من الناحيه الدينيه والخلقيه والصحيه والاجتماعيه
ونرجوا منكم ان
1/تكون الحلول الموضوعه في الماده متوصله الى جميع المشائخ والتربويين ويكون هنالك برامج في التلفاز مؤيده للحلول الموجوده وتكون المناقشه فيعا على مستوى
المهندسين التلفزوينه ومديري البرامج ومنتجي التلفاز ووضع حل لهذا حل جذري وتكون المناقشات اسبوعيه او شهريه ويحذو حذو الدكتور..(طارق السويدان)
2/ان يوضع هذا الموضوع على مجمع الفقه الاسلامي لتبيين امره من مستقره ومتا يكون حرام او حلال واكبر حل ايجاد مؤاسسات تعمل علا انتاج مواد علمية نافعه مطابقه لدين الاسلامي والقيم الاسلامية
او الازام المؤاسسات الموجوده في ديار الاسلام بانتاج شي لا ينافي العقيده الاسلاميه ولا مبادأها وشكرن
1- توضيح مركّز ذو قيمة
بدر بن محمد عيد الحسين - الرياض 18-08-2007 08:58 AM
أستاذي الفاضل د. سعد مصلوح
أشكرك جزيل الشكر على هذا التقرير المركّز الذي إنّما يبيّن بجلاء أهميّة دور وسائل الإعلام في التأثير في أفكار الناس وعقائدهم.... جزاك الله خيراً
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب