• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / يوم عرفة والأضحية
علامة باركود

الأضحية: آداب وأحكام

د. علاء شعبان الزعفراني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/9/2015 ميلادي - 7/12/1436 هجري

الزيارات: 30323

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأضحية

آداب وأحكام

 

إن الله تبارك وتعالى قد حث وحض على تعظيم شعائره، ويكفي في ذلك قوله تبارك وتعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32] [1]، وقد أضيفت التقوى إلى القلوب؛ لأن القلب هو محل التقوى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «التَّقْوَى هَاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ[2].

 

وإذا خشع القلب واتقى، خشعت سائر الجوارح، فشعائر الله تبارك وتعالى لا يعظمها إلا من عظم الله واتقاه وعرفه تبارك وتعالى وقدره حق قدره، وهذا أمرٌ لا خلاف فيه بين المسلمين، وبين كل من يقرأ كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الشعائر الأضحية وهي ما نتكلم عنه في الأسطر القادمة.

 

أولاً: تعريف الأضحية:

لغةً: اسمٌ لما يضحَّى بها أي: يذبح أيام عيد الأضحى، وجمعها: الأضاحي[3].

 

اصطلاحًا: ما يذبح من بهيمة الأنعام في يوم الأضحى إلى آخر أيام التشريق تقربا إلى الله تعالى[4].

 

ثانيًا: مشروعية الأضحية:

الأضحية مشروعة بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية:

قال تعالى:﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162][5].


قال بعض العلماء: المراد بالنسك هنا النحر، لأن الكفار كانوا يتقربون لأصنامهم بعبادة من أعظم العبادات: هي النحر, فأمر الله تعالى نبيه أن يقول إن صلاته ونحره كلاهما خالص لله تعالى، ويدل لهذا قوله تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2][6]، وقال بعض العلماء: النسك جميع العبادات، ويدخل فيه النحر، وقال بعضهم: المراد بقوله: ﴿ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]وضع اليد اليمنى على اليسرى تحت النحر في الصلاة, والله تعالى أعلم[7].

 

وأما السنة النبوية الفعلية والقولية فمنها:

فعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا، يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ»[8].

 

وعَنْ جُنْدَبٍ، قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ ذَبَحَ، فَقَالَ: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ، فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ»[9].

 

وأجمع أهل العلم على مشروعيتها، ونقل ذلك: ابن قدامة[10]، وابن دقيق العيد[11]، وابن حجر[12].

 

ثالثًا: فضل الأضحية:

قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].[13]


وجه الدلالة: أن الأضحية من شعائر الله تعالى ومعالمه[14]. فالذبح لله تعالى والتقرب إليه بالقرابين من أعظم العبادات، وأجل الطاعات، وقد قرن الله عز وجل الذبح بالصلاة في عدة مواضع من كتابه العظيم لبيان عظمه وكبير شأنه وعلو منزلته[15].

 

وقال الإمام ابن العربي: "ليس في فضل الأضحية حديثٌ صحيحٌ، وقد روى الناس فيها عجائب لم تصح، منها قوله: "إنها مطاياكم إلى الجنة"[16].

 

وقد وردت بعض الأحاديث في فضل الأضحية، ولكنها ضعيفة، وبعضها موضوع مكذوب، وأمثل الأحاديث الواردة في فضل الأضحية - وهو ضعيف - عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنْ الْأَرْضِ؛ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا"[17]؛ ففضلُ الأضحية يتمثل في كونها من تعظيم شعائر الله ومتابعةً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.

 

رابعًا: من حكم مشروعية الأضحية[18]:

1 - التقرب إلى الله تعالى بها:

قال تعالى ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162][19].


وقال تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2] [20]، والنسك هنا هو الذبح تقربًا إلى الله سبحانه وتعالى.

 

وقال تعالى﴿ نْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الحج: 37]. [21].

 

2 - إحياء سنة إبراهيم الخليل - عليه السلام -؛ إذ أوحى الله إليه أن يذبح ولده إسماعيل؛ ثم فداه بكبشٍ فذبحه بدلاً عنه، قال تعالى: ﴿ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ [الصافات: 107][22].

 

3 - التوسعة على النفس والأهل يوم العيد، وإشاعة الرحمة والمودة بين الفقراء والمساكين وإدخال السرور على المسلمين.

 

4 - شكر الله تعالى على ما سخر لنا من بهيمة الأنعام، قال تعالى: ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الحج: 36][23].

 

خامسًا: حكم الأضحية:

اختلف الفقهاء في حكم الأضحية على قولين:

القول الأول: وجوب الأضحية:

وبهذا قال جماعة من أهل العلم على اختلافٍ بينهم في حق من تجب:

فقال ربيعة الرأي والليث بن سعد والأوزاعي ومالك في قولٍ عنه: "الأضحيةُ واجبةٌ على المقيم والمسافر الموسر، إلا الحاج بمنى فلا تجب عليه وإنما المشروع في حقه الهدي"[24].

 

وقال أبو حنيفة: "الأضحيةُ واجبةٌ في حق المقيم الموسر"، وهو قول زفر والحسن، ورواية عن أبي يوسف ومحمد، واختارها ابن تيمية[25].

 

القول الثاني: الأضحيةُ سنةٌ مؤكدةٌ في حق الموسر:

وهذا قول أكثر العلماء، وممن قال به: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وبلال، وسويد بن غفلة، وأبو مسعود البدري، وسعيد بن المسيب، وسفيان الثوري، وابن المبارك، وعطاء، وعلقمة، والأسود[26]


ومذهب جمهور الفقهاء: المالكية في المشهور[27]، والشافعية[28]، والحنابلة[29]، والظاهرية[30]، وهو إحدى الروايتين عن أبي يوسف[31]، واختارها الصنعاني[32].

 

والراجح في هذه المسألة هو القول الثاني أن الأضحية سنة مؤكدة في حق الموسر، وأقوى ما استدل به الجمهور هو حديث أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ"[33]؛ فالتعليق بالإرادة ينافي الوجوب.

 

قال الشافعي: "في هذا الحديث دلالة على أن الضحية ليست بواجبة لقوله: (فأراد أحدكم أن يضحي) ولو كانت الضحية واجبة أشبه أن يقول فلا يمس من شعره حتى يضحي"[34].

 

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: "هِيَ سُنَّةٌ وَمَعْرُوفٌ"[35].

 

وعَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، عَنِ الأُضْحِيَّةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ فَقَالَ: ضَحَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالمُسْلِمُونَ، فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَتَعْقِلُ؟ ضَحَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالمُسْلِمُونَ"[36].

 

وقال الحافظ ابن حجر معلقًا على كلام الإمام الترمذي -المنقول بحاشية التخريج-: "وكأنه -أي الترمذي- فهم من كون ابن عمر لم يقل في الجواب نعم، أنه لا يقول بالوجوب فإن الفعل المجرد لا يدل على ذلك، وكأنه أشار بقوله: والمسلمون إلى أنها ليست من الخصائص"[37].

 

سادسًا: شروط صحة الأضحية:

1- أن تكون من بهيمة الأنعام:

وهي الإبل والبقر والغنم؛ لقوله تعالى: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 28] [38].

 

و عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا، يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ»[39].

 

وعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً[40]، إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ»[41].

 

ثالثًا: الإجماع

حكى الإجماع على ذلك ابن عبدالبر[42]، وابن رشد[43]، والنووي[44]، والصنعاني[45].

 

2- بلوغ السن المعتبرة شرعًا:

أي لا يجزئ في الأضحية إلا ما بلغ السن المعتبرة شرعًا، وقد اتفق جمهور أهل العلم على أنه لا يجزئ من الإبل و البقر والمعز إلا الثني فما فوقه ويجزئ من الضأن الجذع فما فوقه.

 

وقال الزهري: لا يجزئ الجذع من الضأن ولا من غيره، ونقل عن ابن عمر، وبه قال ابن حزم، وقال الأوزاعي: يجزئ الجذع من الإبل والبقر والضأن والمعز، ونقل عن عطاء.

 

والراجح هو قول الجمهور أي: السن المعتبرة في الإبل خمس سنين، فما دون الخمس لا يجزئ؛ والإبل لا تثنى إلا إذا تم لها خمس سنين، والبقر سنتان، والمعِزُ سنة، والضأن ستة أشهر[46].

 

والدليل على ذلك: عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً، إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ»[47]، ولا يصح تضعيف ابن حزم له.

 

فقوله: (لا تذبحوا إلا مسنة) أي ثنية إلا إن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن؛ فإن كان دون ذلك فلا تجزئ، ولهذا في حديث الْبَرَاءِ قَالَ: ذَبَحَ أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَبْدِلْهَا» قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي إِلَّا جَذَعَةٌ -قَالَ شُعْبَةُ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ- قَالَ: «اجْعَلْهَا مَكَانَهَا وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ»[48]؛ فهذا يدل على أنه لابد من بلوغ السن المعتبرة شرعًا، واشتراط أن تكون من بهيمة الأنعام، وأن تبلغ السن المعتبرة يدلنا على أنه ليس المقصود من الأضحية مجرد اللحم، وإلا لأجزأت بالصغير والكبير.

 

وأفضل الأضحية ما كانت كبشًا أقرن فحلاً، أبيض يخالطه سواد حول عينيه وفي قوائمه، وهذا هو الوصف الذي استحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وضحى به، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ، فَقَالَ لَهَا: «يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّي الْمُدْيَةَ»، ثُمَّ قَالَ: «اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ»، فَفَعَلَتْ: ثُمَّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ»[49].

 

3- السلامة من العيوب المانعة من الإجزاء:

يشترط في الأضحية السلامة من العيوب المانعة من الإجزاء، فلا تجزئ التضحية بالعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والعجفاء التي لا تنقي[50].

 

ويدل على ذلك: عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ وَأَصَابِعِي أَقْصَرُ مِنْ أَصَابِعِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُشِيرُ بِإِصْبُعِهِ وَيَقُولُ: "لَا يَجُوزُ مِنَ الضَّحَايَا الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ[51] الَّتِي لَا تُنْقِي[52]"[53].

 

وحكى الإجماع على ذلك ابن عبدالبر[54]، وابن رشد[55]، وابن قدامة[56]، والنووي[57]، وابن حزم[58].

 

4- أن تكون في وقت الذبح:

اختلف الفقهاء في أول وقت ذبح الأضحية، وكذا في آخره:

ففي أوله اختلفوا على ثلاثة أقوال:

القول الأول: يدخل وقت ذبح الأضحية بعد طلوع شمس اليوم العاشر من ذي الحجة، وبعد دخول وقت صلاة الضحى، ومُضي زمان من الوقت يسع صلاة ركعتين وخطبتين خفيفتين، لا فرق في ذلك بين أهل الحضر والبوادي.

 

وهذا قول الشافعية[59] والحنابلة[60]، وداود الظاهري[61]، ويرى الحنابلة أيضًا أن يكون الذبح بعد صلاة الإمام وخطبته خروجًا من الخلاف[62].

 

القول الثاني: يدخل وقت ذبح الأضحية بطلوع فجر يوم النحر في حق من لا تجب عليهم صلاة العيد من سكان البوادي.

 

وأما أهل الحاضرة فيدخل وقت الأضحية في حقهم بعد صلاة العيد، وأما إن لم يصلوا العيد لعذر فيدخل وقتها بمضي وقت الصلاة، وهذا قول الحنفية[63].

 

القول الثالث: يدخل وقت ذبح الأضحية بعد صلاة الإمام وخطبته وبعد ذبحه لأضحيته، فإن لم يذبح، اعتبر زمن ذبحه، وهذا قول المالكية[64].

 

والراجح هو: أن وقت الأضحية يبدأ بعد انتهاء صلاة العيد والخطبة، إن صليت صلاة العيد كما كان يصليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد طلوع الشمس وارتفاعها بمقدار رمح أو رمحين، سواء صلَّى مريدُ الأضحية العيد أم لم يصل، وسواء كان من أهل البوادي أو الحضر، وسواء ذبح الإمام أو لم يذبح، وفي زماننا هذا حيث إنه لا إمام للمسلمين، فلا يرتبط أمر الأضحية بفعل الحكام الموجودين، والتفريق بين أهل البوادي والحضر لا يصح، لعموم الأحاديث الواردة كحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ"[65].

 

أما آخر وقت ذبح الأضحية ومدته:

فقد اختلف فيه أهل العلم أيضًا على قولين:

القول الأول: ينتهي وقت الذبح بغروب شمس اليوم الثاني من أيام التشريق، أي أن أيام النحر ثلاثة؛ يوم العيد ويومان بعده.

 

وهذا قول عمر وعلي وابن عمر وابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنه، وهو قول الحنفية والمالكية والحنابلة وبه قال الثوري وابراهيم النخعي.

 

القول الثاني: ينتهي وقت الذبح بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق، أي: أن أيام النحر أربعة؛ يوم العيد وثلاثة أيام بعده، وهو قول الشافعية.

 

قال الشافعي: "فإذا غابت الشمس من آخر أيام التشريق ثم ضحى أحد فلا ضحية له"[66]، ونقل هذا القول عن عمر بن عبد العزيز، وسليمان بن موسى الأسدي فقيه أهل الشام، وهو قول عطاء، والحسن، والأوزاعي، ومكحول، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم والشوكاني[67].

 

الترجيح:

الذي يظهر رجحان ما ذهب إليه الشافعية، أي أن آخر وقت الذبح هو غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق، فمدة الذبح أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة أيام بعده، ويؤيد هذا الترجيح ما يلي:

1) إن تفسير الأيام المعلومات في الآية: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 28] [68] محل خلاف بين أهل العلم، وتفسيرها بأنها يوم النحر ويومان بعده، هو أحد أقوال أهل العلم في تفسيرها. وهنالك أقوال أخرى في ذلك، منها:

أ. الأيام المعلومات أيام العشر الأول من ذي الحجة، قاله ابن عباس، وعلَّقهُ البخاري عنه بصيغة الجزم، وروي مثله عن أبي موسى الأشعري ومجاهد وقتادة وعطاء وسعيد بن جبير والحسن وغيرهم.

 

ب. الأيام المعلومات يوم النحر وثلاثة أيام بعده، وروي عن ابن عباس أيضًا، ونقل عن ابن عمر وإبراهيم النخعي، وإليه ذهب الإمام أحمد بن حنبل في رواية عنه.

 

ج. الأيام المعلومات يوم النحر ويومان بعده، وهو منقول عن الإمام مالك.

 

د. الأيام المعلومات يوم عرفة ويوم النحر ويوم آخر بعده، ونقل عن أبي حنيفة.

 

فقولهم ليس بأولى من قول غيرهم في الأيام المعلومات[69].

 

2) قال ابن القيم: "وأما نهيه صلى الله عليه وسلم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فلا يدل على أن أيام الذبح ثلاثة فقط؛ لأن الحديث دليل على نهي الذابح أن يدخر شيئًا فوق ثلاثة أيام من يوم ذبحه فلو أخر الذبح إلى اليوم الثالث، لجاز له الادخار وقت النهي ما بينه وبين ثلاثة أيام.

 

والذين حددوه بالثلاث، فهموا من نهيه عن الادخار فوق ثلاث أن أولها من يوم النحر، قالوا: وغير جائز أن يكون الذبح مشروعًا في وقت يحرم فيه الأكل، قالوا: ثم نسخ تحريم الأكل فبقي وقت الذبح بحاله.

 

فيقال لهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه إلا عن الادخار فوق ثلاث، لم ينه عن التضحية بعد ثلاث، فأين أحدهما من الآخر، ولا تلازم بين ما نهى عنه، وبين اختصاص الذبح بثلاث لوجهين:

أحدهما: أنه يسوغُ الذبح في اليوم الثاني والثالث، فيجوز له الادخار إلى تمام الثلاث من يوم الذبح، ولا يتم لكم الاستدلال حتى يثبت النهي عن الذبح بعد يوم النحر، ولا سيبلَ لكم إلى هذا.

 

الثاني: أنه لو ذبح في آخر جزء من يوم النحر، لساغ له حينئذ الادخار ثلاثة أيام بعد بمقتضى الحديث، وقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه أيام النحر: يوم الأضحى وثلاثة أيام بعده، وهو مذهب إمام أهل البصرة الحسن، وإمام أهل مكة عطاء بن أبي رباح، وإمام أهل الشام الأوزاعي، وإمام فقهاء أهل الحديث الشافعي رحمه الله، واختاره ابن المنذر، ولأن الثلاثة تختص بكونها أيام منى، وأيام الرمي، وأيام التشريق، ويحرمُ صيامُها، فهي إخوة في هذه الأحكام، فكيف تفترق في جواز الذبح بغير نص ولا إجماع؟"[70].

 

3) إن هذا القول منقول عن جماعة من الصحابة منهم علي، وابن عباس، وابن عمر، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

 

ومنقول عن جماعة من التابعين منهم الحسن، وعطاء، وبه قال عمر بن عبد العزيز، وسليمان بن موسى وكان أحد أئمة أهل الشام في العلم.

 

سابعًا: من آداب الأضحية وسننها:

1 - ما يطلب من المضحي قبل الذبح:

• حلق الشعر وتقليم الأظفار:

اختلف الفقهاء في حكم حلق الشعر وتقليم الأظفار لمن أراد أن يضحي، بعد رؤية هلال ذي الحجة، على أقوال، أقواها قولان:

القول الأول: يحرم على من أراد أن يضحي -إذا رأى هلال ذي الحجة- أن يحلق شعره ويقلم أظفاره حتى يضحي، وهو مذهب الحنابلة[71]، ووجهٌ للشافعية[72]، وهو قول طائفة من السلف[73]، واختاره ابن حزم[74]، وابن القيم[75].

 

الدليل من السنة:

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»[76].

 

وجه الدلالة: أن مقتضى النهي التحريم، وهو خاص يجب تقديمه على عموم غيره[77].

 

ويناقش: بأن حديث عائشة الآتي ذكره صارف للكراهة.

 

القول الثاني: يكره لمن أراد أن يضحي- إذا رأى هلال ذي الحجة- أن يحلق شعره ويقلم أظفاره حتى يضحي، وهذا مذهب المالكية[78]، والشافعية[79]، وهو قولٌ للحنابلة[80].

 

الدليل من السنة:

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»[81].

 

وجه الدلالة:

أن النهي محمول على الكراهة جمعًا بين النصوص[82].

 

ومن ذلك حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: «أَنَا فَتَلْتُ قَلاَئِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ، حَتَّى نُحِرَ الهَدْيُ»[83].

 

فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يحرم عليه شيء يبعثه بهديه، والبعث بالهدي أكثر من إرادة التضحية، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليفعل ما نهى عنه[84].

 

2 - ما يطلب من المضحي عند الذبح:

النية:

أن ينوي عند شراء البهيمة أنها أضحية، وهذه النية تكفي إن شاء الله، ولا بدَّ من النية، لأن الأضحية عبادة، والعبادة لا تصح إلا بالنية لحديث عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ... "[85].

 

ربط الأضحية قبل الذبح:

استحب فقهاء الحنفية[86] أن تربط الأضحية قبل أيام النحر, لما فيه من الاستعداد للقربة وإظهار الرغبة فيها، فيكون له فيها أجر وثواب؛ لأن ذلك يشعر بتعظيم هذه الشعيرة قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32] [87]


سَوق الأضحية إلى محل الذبح سوقًا جميلاً:[88]:

فعن محمد بن سيرين قال: "رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلاً يسحب شاة برجلها ليذبحها، فقال له: ويلك! قُدها إلى الموت قودًا جميلاً"[89].

 

أن يحد السكين قبل الذبح: [90]:

لأن المطلوب إراحة الحيوان بأسرع وقت ممكن، وهذا من الإحسان الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه قَالَ: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؛ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ"[91].

 

أن لا يحد السكين أمام الحيوان الذي يريد ذبحه:

لأن ذلك من الإحسان المأمور به كما جاء في الحديث السابق، وعن ابن عباس رضي الله عنه أن رجلاً أضجع شاة وهو يحد شفرته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتريد أن تميتها موتات؟ هلا أحددت شفرتك قبل أن تضجعها؟!"[92].

 

إضجاع الغنم والبقر في الذبح:

الغنم والبقر لا تذبح وهي قائمة ولا باركة بل مضجعة، لأنه أرفق بها، وتضجع على جانبها الأيسر لأنه أسهل في الذبح، وأخذ السكين باليمين وإمساك رأسها باليسار، وأما الإبل فالسنة أن تنحر قائمةً على ثلاث قوائم معقولة الركبة اليسرى.

 

فَعنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يَنْحَرُونَ الْبَدَنَةَ مَعْقُولَةَ الْيُسْرَى قَائِمَةً عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ قَوَائِمِهَا"[93].

 

وفي الحديث عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: "رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ يَنْحَرُهَا قَالَ: ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم"[94]، وقال بعض أهل العلم: يستوي نحرها قائمةً وباركةً في الفضيلة[95]، والحديث حجة عليهم.

 

استقبال القبلة من الذابح والذبيحة:

يستحب أن يستقبل الذابح القبلة وأن يوجه مذبح الحيوان إلى القبلة؛ قال الإمام النووي: "استقبال الذابح القبلة وتوجيه الذبيحة إليها، وهذا مستحب في كل ذبيحة، لكنه في الهدي والأضحية أشد استحبابًا، لأن الاستقبال في العبادات مستحب وفي بعضها واجب"[96].

 

ويدل على ذلك ما جاء في الحديث عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ذَبَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الذَّبْحِ كَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مُوجَأَيْنِ، فَلَمَّا وَجَّهَهُمَا قَالَ: «إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ بِاسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ» ثُمَّ ذَبَح[97]، والشاهد في الحديث: قوله (فلما وجههما) أي نحو القبلة.

 

أن يتولى ذبحها بنفسه إن كان يحسن الذبح: [98]:

ومما يدل على استحباب تولي الإنسان أضحيته بنفسه، ما جاء في حديث أَنَسٍ رضي الله عنه: قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا، يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ»[99].

 

والحديث الذي يروى في شهود الذبح إن وكل غيره ليذبح عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها: "قومي لأضحيتك فاشهديها، فإنه بأول قطرة من دمها يغفر لك ما سلف من ذنبك"[100].

 

التسمية والتكبير عند الذبح: [101]:

ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ذبح قال: "باسم الله والله أكبر" كما جاء ذلك في رواية لحديث أنس رضي الله عنه قال: ويقول: "باسم الله والله أكبر"[102].

 

وثبت في رواية أخرى من حديث أَنَسٍ قَالَ: "ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ"[103].

 

الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التسمية والتكبير:

أما الدعاء كأن يقول: اللهم تقبل مني، أو يقول اللهم تقبل من فلان، فهذا مشروع ومستحب، لما ثبت في الحديث عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ، فَقَالَ لَهَا: «يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّي الْمُدْيَةَ»، ثُمَّ قَالَ: «اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ»، فَفَعَلَتْ: ثُمَّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ»[104].

 

وأما الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الإمام النووي: "يستحب مع التسمية على الذبيحة أن يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الذبح نص عليه الشافعي في الأم"[105].

 

وقال الشافعي: "ولسنا نعلم مسلمًا ولا نخاف عليه أن تكون صلاته عليه صلى الله عليه وسلم إلا الإيمان بالله ولقد خشيت أن يكون الشيطان أدخل على بعض أهل الجهالة النهي عن ذكر اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الذبيحة ليمنعهم الصلاة عليه في حال لمعنى يعرض في قلوب أهل الغفلة وما يصلي عليه أحد إلا إيمانًا بالله عز وجل وإعظامًا له وتقربًا إليه صلى الله عليه وسلم وقربنا بالصلاة عليه منه زلفى، والذكر على الذبائح كلها سواء، وما كان منها نسكًا فهو كذلك"[106].

 

وقد مال إلى قول الشافعي العلامةُ ابن القيم فذكر أن من مواطن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند الذبيحة، وذكر كلام الإمام الشافعي المذكور أولاً[107].

 

وخالف الجمهورُ الإمامَ الشافعيَّ في هذه المسألة، فرأوا أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم غير مشروعة في هذا الموطن، وعلَّل بعضهم ذلك بأن قال: لأن فيه إيهام الإهلال لغير الله.

 

وقال آخرون إنها ليست مشروعة لعدم ورود النصوص في ذلك[108].

 

وجاء في الأثر عن إبراهيم النخعي قال: "إذا جزرت فلا تذكر مع اسم الله سواه"[109].

 

وهذا أرجح القولين في المسألة عندي، لعدم وجود النص المخصص لذكره صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع.

 

الاستعانة في ذبح الأضحية والإنابة في ذبحها:

يجوز لمن أراد أن يذبح أضحيته أن يستعين بغيره، ويدل على ذلك ما جاء في الحديث عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ حَدَّثَهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَضْجَعَ أُضْحِيَّتَهُ لِيَذْبَحَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلِرَّجُلِ: «أَعِنِّي عَلَى ضَحِيَّتِي»، فَأَعَانَه[110].

 

وذكر الإمام البخاري تعليقًا: "... وَأَعَانَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ فِي بَدَنَتِهِ...".

 

وقال الحافظ ابن حجر: "أي عند ذبحها، وهذا وصله عبد الرزاق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال: رأيت ابن عمر ينحر بدنة بمنى وهي باركة معقولة ورجل يمسك بحبل في رأسها وابن عمر يطعن"[111].

 

وأما الإنابة في ذبح الأضحية فجائزة، وينبغي أن يوكل في ذبحها صاحب دين له معرفة بالذبح وأحكامه.

 

قال القرافي: "كان الناس يتخيرون لضحاياهم أهل الدين؛ لأنهم أولى بالتقرب، فإن وكَّل تارك صلاة استحب له الإعادة للخلاف في حل ذكاته"[112].

 

مسائل مهمة:

المسألة الأولى: الأكل والإطعام والادخار من الأضحية:

يجوز للمضحي أن يأكل من أضحيته ويطعم ويدخر، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية: الحنفية[113]، والمالكية[114]، والشافعية[115]، والحنابلة[116].

 

واستدلوا على ذلك بالأدلة الآتية:

أولاً: من القرآن:

قوله تعالى: ﴿ وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28][117].

 

ثانيًا: من السنة:

عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاَثٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: «كُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا»[118].

 

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا ضَحَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ"[119].

 

المسألة الثانية: أيهما أفضل ذبح الأضحية أو التصدق بثمنها؟

ذبح الأضحية أفضل من التصدق بثمنها، نص على هذا فقهاء الحنفية[120]، والمالكية[121]، والحنابلة[122].

 

واستدلوا على ذلك بالآتي:

أولاً: أن إيثار الصدقة على الأضحية يفضي إلى ترك سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم [123].

 

ثانيًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى والخلفاء بعده، ولو علموا أن الصدقة أفضل لعدلوا إليها[124].

 

ثالثًا: أن الأضاحي واجبة عند طائفة من الفقهاء، أما التصدق بثمنها فهو تطوع محض[125].

 

رابعًا: أن الأضاحي تفوت بفوات وقتها خلاف الصدقة بثمنها فإنه لا يفوت، نظير الطواف للآفاقي فإنه أفضل له من الصلاة لأن الطواف في حقه يفوت بخلاف المكي[126].

 

خامسًا: أن فيها جمعًا بين التقرب إلى الله تعالى بإراقة الدم والتصدق، ولا شك أن الجمع بين القربتين أفضل[127].

 

المسألة الثالثة: إعطاء الجزار من الأضحية ثمناً لذبحه:

لا يجوز إعطاء الذابح من الأضحية ثمنًا لذبحه، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية[128]، والمالكية[129]، والشافعية[130]، والحنابلة[131].

 

واستدلوا على ذلك بالأدلة الآتية:

أولاً: من السنة:

عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا، وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا»، قَالَ: «نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا»[132].

 

ثانيًا: أن ما يدفعه إلى الجزار أجرة عوض عن عمله وجزارته، ولا تجوز المعاوضة بشيء منها[133].

 

المسألة الرابعة: الأضحية عن الميت استقلالاً:

لا تشرع الأضحية عن الميت استقلالاً، وهو مذهب الشافعية[134]، وكرهها المالكية[135].

 

واستدلوا على ذلك بالأدلة الآتية:

أولاً: من القرآن:

قوله تعالى: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [النجم: 39][136].

 

ثانيًا: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة ولا عن أحد من السلف أنهم ضحوا عن الأموات استقلالا[137].

 

ثالثًا: أنها عبادة، والأصل أن لا تفعل عن الغير إلا ما خرج بدليل لا سيما مع عدم الإذن[138].

 

رابعًا: أن المقصود بذلك غالبا المباهاة والمفاخرة[139].

 

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعلنا وإياكم ممن يعظم شعائر الله ويحفظ حدوده، ويقيم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.



[1] سورة الحج، الآية [32].

[2] أخرجه مسلم (2564).

[3] انظر: أنيس الفقهاء (103)، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس، مادة: ضحي.

[4] الدر المختار شرح تنوير الأبصار (6/ 312).

[5] سورة الأنعام، الآية [162].

[6] سورة الكوثر، الآية [2].

[7] أضواء البيان للشنقيطي (7/ 152).

[8] أخرجه البخاري (5558)، ومسلم (1966).

[9] أخرجه البخاري (985)، ومسلم (1960).

[10] قال ابن قدامة في المغني (9/ 435): "أجمع المسلمون على مشروعية الأضحية".

[11] قال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام (482): "لا خلاف أن الأضحية من شعائر الدين".

[12] قال ابن حجر في فتح الباري (3/ 10): "ولا خلاف في كونها من شعائر الدين".

[13] سورة الحج، الآية [32].

[14] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (23/ 162-163)، وأضواء البيان (5/ 198).

[15] مجلة البحوث الإسلامية (69/ 211).

[16] عارضة الأحوذي ( 6/ 228).  

[17] أخرجه الترمذي (1493)، والحاكم في المستدرك (4/ 246). وقال: صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت سليمان واهٍ وبعضهم تركه"، وقد وضعفه المنذري، وأبوحاتم، وغيرهما، ولمزيد بيان يراجع السلسلة الضعيفة (526).

[18] انظر: المفصل في أحكام الأضحية، د. حسام الدين عفانة، والموسوعة الفقهية الكويتية (5/ 76).

[19] سورة الأنعام، الآية [162].

[20] سورة الكوثر، الآية [2].

[21] سورة الحج، الآية [37].

[22] سورة الصافات، الآية [107].

[23] سورة الحج، الآية [36].

[24] انظر: المجموع للنووي (8/ 385)، والحاوي الكبير (15/ 71)، والمغني لابن قدامة (9/ 435)، والذخيرة (4/ 140)، وبداية المجتهد (1/ 348).  

[25] انظر: الهداية مع تكملة شرح فتح القدير (8/ 425)، وتبيين الحقائق (6/ 2)، وبدائع الصنائع (4/ 193)، وملتقى الأبحر (2/ 222)، وعقود الجواهر المنيفة (2/ 70)، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام (23/ 162).

[26] المغني لابن قدامة (9/ 435).

[27] انظر: الكافي لابن عبد البر (1/ 418)، وأحكام القرآن لابن العربي (4/ 459)، ومواهب الجليل (4/ 362).

[28] انظر: الحاوي الكبير (15/ 161)، والمجموع للنووي (8/ 382).

[29] انظر: المغني لابن قدامة (9/ 435)، وكشاف القناع للبهوتي (3/ 21).

[30] انظر: المحلى (7/ 355-358/ م رقم: 973).

[31] انظر: تبيين الحقائق (6/ 2)، وفتح القدير لابن الهمام (9/ 506).

[32] انظر: سبل السلام (4/ 92).

[33] أخرجه مسلم (1977).

[34] معرفة السنن والآثار (15/ 14)، وانظر: الحاوي الكبير (15/ 72)، والمحلى (7/ 355)، والمغني لابن قدامة (9/ 436).

ومن أراد التوسع في سبب خلاف العلماء، ومناقشة الأدلة والترجيح فليراجع مظانه في كتب الفقه، ومن المفيد مراجعة: "المفصل في أحكام الأضحية " لـ د. حسام الدين عفانة.

[35] أخرجه البخاري معلقًا بالجزم (7/ 99)، وذكر الحافظ في الفتح (12/ 98) أن حماد بن سلمة قد وصله في مصنفه بسند جيد إلى ابن عمر رضي الله عنهما.

[36] أخرجه الترمذي (1506). وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ الأُضْحِيَّةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَلَكِنَّهَا سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُسْتَحَبُّ أَنْ يُعْمَلَ بِهَا، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ. وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي (4/ 446): في سنده الحجاج والظاهر أنه ابن أرطأة وهو مدلس ورواه عن جبلة بلفظ عن.

[37] فتح الباري لابن حجر (12/ 99).

[38] سورة الحج، من الآية [28].

[39] متفق عليه: أخرجه البخاري (5558)، ومسلم (1966).

[40] المسنة: هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم فما فوقها. شرح النووي على مسلم (13/ 114)، ونيل الأوطار للشوكاني (5/ 113).

[41] أخرجه مسلم (1963).

[42] قال ابن عبد البر في التمهيد (23/ 188): "والذي يُضحى به بإجماع المسلمين الأزواج الثمانية وهي: الضأن والمعز والإبل والبقر".

[43] قال ابن رشد في بداية المجتهد (1/ 430): "أجمع العلماء على جواز الضحايا من جميع بهيمة الأنعام، واختلفوا في الأفضل من ذلك".

[44] قال النووي في المجموع (8/ 393): "فشرط المجزئ في الأضحية أن يكون من الأنعام وهي: الإبل والبقر والغنم، سواء في ذلك جميع أنواع الإبل: البخاتي والعراب. وجميع أنواع البقر من الجواميس والعراب والدربانية، وجميع أنواع الغنم من الضأن والمعز وأنواعهما".

[45] قال الصنعاني في سبل السلام (4/ 95): "أجمع العلماء على جواز التضحية من جميع بهيمة الأنعام".

[46] وهذه المسألة فيها تفصيل طويل جدًا للفقهاء يراجع في:

المجموع للنووي (8/ 394)، والمغني لابن قدامة (9/ 439)، وتبيين الحقائق (6/ 7)، والذخيرة (4/ 145)، والمحلى (6/ 13)، والحاوي (15/ 76)، وطرح التثريب (5/ 191)، وفتح الباري لابن حجر (12/ 111).

[47] أخرجه مسلم (1963).

[48] متفق عليه: أخرجه البخاري (5557)، ومسلم (1961).

[49] أخرجه مسلم (1967).

[50] تنقسم العيوب إلى ثلاثة أقسام: الأول: ما دلت السنة على عدم إجزائه، وهي أربع: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والعجفاء التي لا تنقي، فهذه منصوص على عدم إجزائها، ويقاس عليها ما كان مثلها أو أولى منها، أما ما كان مثلها فإنه يقاس عليها قياس مساواة، وأما ما كان أولى منها فيقاس عليها قياس أولوية.

الثاني: ما ورد النهي عنه دون عدم الإجزاء، وهو ما في أنه أو قرنه عيب من خرق، أو شق طولاً أو شق عرضًا، أو قطع يسير دون النصف، فهذه ورد النهي عنها في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولكن هذا النهي يحمل على الكراهة؛ لوجود الحديث الحاصر لعدم المجزئ بأربعة أصناف.

الثالث: عيوب لم يرد النهي عنها، ولكنها تنافي كمال السلامة، فهذه لا أثر لها، ولا تكره التضحية بها ولا تحرم، وإن كانت تعد عند الناس عيبًا، مثل العوراء التي عورها غير بين، ومثل مكسورة السن في غير الثنايا وما أشبه ذلك، ومثل العرجاء عرجًا يسيرًا، فهذه عيوب لكنها لا تمنع الإجزاء، ولا توجب الكراهة لعدم وجود الدليل، والأصل البراءة. انظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع (7/ 440).

[51] العجفاء: المهزولة، كما في لسان العرب، مادة: (حدبر، صفر)، ومرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 98).

[52] لا تُنقي: أي لا نقي لعظامها، وهو المخ من الضعف والهزال. شرح السنة للبغوي (4/ 340)، ومشكلات موطأ مالك (148)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (مادة: نقا)، وفتح الباري لابن حجر (1/ 198).

[53] أخرجه أبو داود (2802)، والترمذي (1497)، والنسائي (4445). وقال ابن المنذر في الإقناع (1/ 377): ثابت. وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 168): صحيح.

[54] قال ابن عبد البر في التمهيد (20/ 168): "أما العيوب الأربعة المذكورة في هذا الحديث فمجتمع عليها لا أعلم خلافًا بين العلماء فيها ومعلوم أن ما كان في معناها داخل فيها ولاسيما إذا كانت العلة فيها أبين".

[55] قال ابن رشد في بداية المجتهد (1/ 430): "أجمع العلماء على اجتناب العرجاء البين عرجها في الضحايا والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقي".

[56] قال ابن قدامة في المغني (9/ 441): "أما العيوب الأربعة الأول، فلا نعلم بين أهل العلم خلافًا في أنها تمنع الإجزاء".

[57] قال النووي في المجموع (8/ 404): "أجمعوا على أن العمياء لا تجزئ وكذا العوراء البين عورها، والعرجاء البين عرجها، والمريض البين مرضها والعجفاء".

[58] قال ابن حزم في مراتب الإجماع (153): "اتفقوا على أن العوراء البين عورها والعمياء البينة العمى، والعرجاء البينة العرج التي لا تدرك السرح، والمريضة البينة المرض، والعجفاء التي لا مخ لها أنها لا تجزئ في الأضاحي".

[59] انظر: الحاوي (15/ 85)، والمجموع (8/ 387)، ومغني المحتاج (6/ 129).

[60] انظر: كشاف القناع (3/ 9)، والمغني لابن قدامة (9/ 452).

[61] انظر: المحلى (6/ 35 ).

[62] انظر: كشاف القناع (3/ 9)، والمغني لابن قدامة (9/ 452).

[63] انظر: الهداية (8/ 430)، وحاشية ابن عابدين (6/ 380)، والاختيار (5/ 19)، وتحفة الفقهاء (3/ 83)، وفتح باب العناية (3/ 74-75).

[64] انظر: الذخيرة (4/ 149)، والشرح الكبير (2/ 120)، والقوانين الفقهية (125)، وشرح الخرشي (3/ 36)، وتفسير القرطبي (12/ 42).

[65] أخرجه البخاري (5546).

[66] الأم (2/ 222).

[67] وهناك أقوال ثلاثة أخرى هي: (1) يوم النحر هو يوم العيد فقط: وبه قال محمد بن سيرين، وحميد بن عبد الرحمن، وداود الظاهري.

(2) يوم النحر هو يوم العيد في حق أهل الأمصار، وأيام التشريق لأهل القرى والبوادي: وبه قال جابر بن زيد، وسعيد بن جبير.

(3) تجوز الأضحية حتى هلال المحرم: وبه قال أبو سلمة بن عبد الرحمن، وسليمان بن يسار، وهو قول ابن حزم الظاهري.

وهذه الأقوال ضعيفة، ولم يأت القائلون بها بما يعتد به، وأذكر ما قاله الحافظ ابن عبد البر بعد أن ذكر أقوال أهل العلم في هذه المسألة حيث قال في الاستذكار (15/ 205): "ولا يصح عندي في هذه المسألة إلا قولان: أحدهما قول مالك والكوفيين الأضحى يوم النحر ويومان بعده، والآخر قول الشافعي والشاميين يوم النحر وثلاثة أيام بعده؛ وهذان القولان قد رويا عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم واختلف عنهم فيهما.

وليس عن أحد من الصحابة خلاف هذين القولين، فلا معنى للاشتغال بما خالفهما؛ لأن ما خالفهما لا أصل له في السنة، ولا في قول الصحابة، وما خرج عن هذين فمتروك لهما".

انظر: المغني لابن قدامة (9/ 453)، والمجموع للنووي (8/ 390)، والمحلى (6/ 39-41)، وفتح الباري لابن حجر (12/ 103)، ومعجم فقه السلف (4/ 137)، وتفسير القرطبي (12/ 43)، ونيل الأوطار (5/ 142)، والذخيرة (4/ 149)، والهداية (8/ 432)، والآثار (61)، وكشاف القناع (3/ 9)، وزاد المعاد (2/ 318)، والاستذكار (15/ 197).

[68] سورة الحج، من الآية [28].

[69] انظر: تفسير ابن كثير (3/ 216-217)، وتفسير فتح القدير للشوكاني (3/ 205)، والتفسير الكبير (23/ 29)، وأضواء البيان (5/ 344).

[70] زاد المعاد ( 2/ 318-319 ).

[71] انظر: المغني لابن قدامة (9/ 436)، والإنصاف للمرداوي (4/ 79)، وكشاف القناع (3/ 23).

[72] انظر: المجموع للنووي (8/ 391-392).

[73] قال البغوي في شرح السنة (4/ 348): "وإليه ذهب سعيد بن المسيب، وبه قال ربيعة، وأحمد، وإسحاق".

[74] قال ابن حزم في المحلى (7/ 355/ م973): "من أراد أن يضحي ففرض عليه إذا أهل هلال ذي الحجة أن لا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي، لا بحلق، ولا بقص، ولا بنورة، ولا بغير ذلك، ومن لم يرد أن يضحي لم يلزمه ذلك".

[75] قال ابن القيم في حاشية على سنن أبي داود (7/ 491) معرض رده على من استدل بحديث عائشة وقال بعدم التحريم: "وأسعد الناس بهذا الحديث –يعني حديث أم سلمة- من قال بظاهره لصحته وعدم ما يعارضه".

[76] أخرجه مسلم (1977).

[77] المغني لابن قدامة (9/ 437).

[78] انظر: الذخيرة للقرافي (4/ 141)، والتاج والإكليل(4/ 380).

[79] انظر: الحاوي الكبير (15/ 74)، والمجموع للنووي (8/ 391).

[80] انظر: المغني لابن قدامة (9/ 436)، والإنصاف للمرداوي (4/ 79).

[81] أخرجه مسلم (1977).

[82] مواهب الجليل (4/ 372).

[83] متفق عليه: أخرجه البخاري (1700)، ومسلم (1321).

[84] انظر: المجموع للنووي (8/ 392)، والمغني لابن قدامة (9/ 437).

[85] متفق عليه: أخرجه البخاري (1)، ومسلم (1907).

[86] بدائع الصنائع (4/ 219).

[87] سورة الحج، الآية [32].

[88] انظر: المجموع للنووي (9/ 81)، وبدائع الصنائع (4/ 219).

[89] أخرجه عبد الرزاق في المصنف (8605). وقال الألباني في غاية المرام (40): ضعيف. وهو وإن ضعف إسناده فمعناه صحيح، كما يدل عليه الأدب الذي بعده.

[90] انظر: بدائع الصنائع (4/ 223)، والمجموع للنووي (8/ 408).  

[91] أخرجه مسلم (1955).

[92] أخرجه عبد الرزاق في المصنف (4/ 393)، والحاكم في المستدرك (4/ 257) وقال: صحيح على شرط البخار، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 32).

[93] أخرجه أبو داود (1767) وقال النووي في شرح مسلم (9/ 69): إسناده صحيح على شرط مسلم. وقال ابن الملقن في الإعلام (6/ 294).

[94] متفق عليه: أخرجه البخاري (1713)، ومسلم (1320).

[95] انظر: فتح الباري لابن حجر (4/ 301)، وشرح النووي على مسلم (3/ 439).

[96] المجموع للنووي (8/ 408)، وانظر: بدائع الصنائع (4/ 221)، والفتح الرباني (13/ 68).

[97] أخرجه أبو داود (2795)، وابن ماجه (3158)، وحسنه الحافظ في تخريج المشكاة (2/ 128) بناء على رشطه في المقدمة. وصححه الألباني في الإرواء (4/ 349).

[98] انظر: المجموع (8/ 405)، وبدائع الصنائع (4/ 221)، والذخيرة (4/ 155)، وتبيين الحقائق (6/ 9)، وفتح باب العناية (3/ 78)، وكشاف القناع (3/ 8)، والمحلى (6/ 44)، وفتح الباري لابن حجر (12/ 114).

[99] متفق عليه: أخرجه البخاري (5558)، ومسلم (1966).

[100] أخرجه البيهقي في الكبرى (9/ 283)، والحاكم في المستدرك (4/ 247)، وضعفه العقيلي كما في مسنده الضعيف ( 408 )، وابن الملقن في البدر المنير (9/ 313)، وقال ابن حجر في التلخيص (4/ 1493): "من حديث أبي سعيد الخدري، ومن حديث عمران بن حصين، وفي الأول عطية، وقد قال ابن أبي حاتم عن أبيه إنه حديث منكر، وفي حديث عمران، أبو حمزة الثمالي وهو ضعيف جدًا... ومن حديث علي، وفيه عمرو بن خالد الواسطي وهو متروك ". وقال الشيخ الألباني في الضعيفة (528): منكر.

[101] بدائع الصنائع (4/ 221)، والمغني (9/ 456)، والمجموع (8/ 408).

[102] أخرجه مسلم (1966).

وانظر: المغني (9/ 456)، وبدائع الصنائع (4/ 221)، وكشاف القناع (3/ 7)، وشرح الآبي على صحيح مسلم (5/ 297).  

[103] متفق عليه: أخرجه البخاري (5565)، ومسلم (1966).

[104] أخرجه مسلم (1967).

[105] انظر: المجموع (8/ 410)، وكلام الإمام الشافعي هو: "والتسمية على الذبيحة باسم الله فإذا زاد على ذلك شيئًا من ذكر الله عز وجل، فالزيادة خير ولا أكره مع تسميته على الذبيحة أن يقول: صلى الله عليه وسلم، بل أحبه له، وأحب له أن يكثر الصلاة عليه فصلى الله عليه في كل الحالات لأن ذكر الله عز وجل والصلاة عليه، إيمان بالله تعالى، وعبادة له يؤجر عليها إن شاء الله تعالى..." الأم ( 2/ 239 ).

[106] الأم (2/ 240).

[107] جلاء الأفهام (242).

[108] شرح الآبي على صحيح مسلم (5/ 296)، والفتح الرباني (13/ 68)، وجلاء الأفهام (242)، الأم (2/ 240).

[109] الآثار (62).

[110] أخرجه أحمد (23168). وقال الهيثمي في المجمع (4/ 28): رجاله رجال الصحيح. وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (12/ 115): رجاله ثقات.

[111] صحيح البخاري مع الفتح (12/ 115)، وانظر عمدة القاري (21/ 155).

[112] الذخيرة (4/ 155).

[113] انظر: بدائع الصنائع للكاساني (5/ 79)، والبحر الرائق لابن نجيم (8/ 203).

[114] انظر: الذخيرة للقرافي (8/ 203)، والفواكه الدواني (1/ 53).

[115] انظر: الحاوي الكبير (15/ 75)، والمجموع للنووي (8/ 419).

[116] انظر: المغني لابن قدامة (9/ 448)، وكشاف القناع (3/ 22).

[117] سورة الحج، من الآية [28].

[118] أخرجه مسلم (1972).

[119] أخرجه أحمد (9077). وقال الهيثمي في المجمع (4/ 28): رجاله رجال الصحيح. وقال ابن حجر في الفتح (10/ 29): رجاله ثقات. وقال الألباني في الصحيحة (3563): الأحاديث بمعناه كثيرة، من أجل ذلك أودعته في الصحيحة.

[120] البحر الرائق لابن نجيم (8/ 200).

[121] انظر: حاشية الدسوقي (2/ 121)، والتاج والإكليل للمواق (3/ 244).

[122] انظر: الإنصاف (4/ 77)، والشرح الكبير لشمس الدين بن قدامة (3/ 582).

[123] الشرح الكبير (3/ 582).

[124] الشرح الكبير (3/ 582).

[125] تبيين الحقائق للزيلعي (5/ 6).

[126] تبيين الحقائق للزيلعي (5/ 6).

[127] العناية شرح الهداية للبابرتي (9/ 513).

[128] انظر: البحر الرائق لابن نجيم (8/ 203)، وبدائع الصنائع (5/ 79).

[129] انظر: الشرح الكبير للدردير (2/ 124).

[130] انظر: الحاوي الكبير (15/ 120).

[131] المغني لابن قدامة (9/ 450).

[132] أخرجه مسلم (1317).

[133] المغني لابن قدامة (9/ 450).

[134] إلا أن تكون كوصية. مغني المحتاج للشربيني (4/ 292)، ونهاية المحتاج للرملي (8/ 144).

[135] انظر: مواهب الجليل لحطاب (4/ 377)، وحاشية الدسوقي (2/ 122-123).

[136] سورة النجم، الآية [39].

[137] انظر: مواهب الجليل (4/ 377).

[138] مغني المحتاج للشربيني (4/ 292).

[139] مواهب الجليل للحطاب (4/ 377).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أحكام الأضحية
  • الهدي والأضحية والعقيقة
  • تعريف الأضحية وحكمها وفضلها
  • مسائل متفرقة في الأضحية
  • الأضحية.. فضلها وأحكامها

مختارات من الشبكة

  • كيفية إيجاب الأضحية، وإذا وجد بها ولد وعيب بعد الشراء، توزيع الأضحية وإعطاء الجازر منها(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • أحكام الأضحية "مختصرة"(مقالة - موقع أ.د.سليمان بن قاسم بن محمد العيد)
  • آداب وأحكام الأضحية (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • العيوب التي تجتنب في الأضاحي وما هو السن المجزئ في الأضحية(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • مختصر أحكام الأضحية والعيدين(مقالة - ملفات خاصة)
  • تأملات في الأضحية(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة: فضائل عرفة وأحكام الأضحية(مقالة - ملفات خاصة)
  • الأضحية: أحكام وحكم(مقالة - ملفات خاصة)
  • عظمة يوم عرفة، وأحكام الأضحية 1443هـ (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • عشر ذي الحجة وعرفة وأحكام الأضحية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب