انتشار استخدام الإنترنت ودوره في التسوق الإلكتروني

انتشار استخدام الإنترنت ودوره في التسوق الإلكتروني

1- مفهوم شبكة الإنترنت:

يتميز هذا العصر بالتقدم العلمي والتكنولوجي والمعرفي الهائل، الذي يشهده العالم في مختلف مجالات الحياة، ومن أبرزها: التطورات الهامة والكبيرة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التي أدت إلى تغيير طبيعة ونمط الحياة الاقتصادية لكافة المستهلكين، سواء في الدول المتقدمة أو النامية على حد سواء، وأصبحت شبكة الإنترنت - أداة العولمة والتواصل الإنساني السريع - فيها المخاطر وفيها الإيجابيات، ولكنها فرضت نفسها في مختلف الدول، وأصبح التسابق العلمي قائمًا في الحضور الفعال على الإنترنت، واقتناص الفرص الاقتصادية التي تحملها[1].

حيث شهد آخر القرن العشرين قفزات تكنولوجية هائلة في مجال وسائل الاتصال والمعلومات، ولا شك أن أحدثها وأهمها ظهور شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) وانتشارها، وما صاحبها من قفزات في الأعمال الإلكترونية المختلفة، واستخدام هذه الشبكة في نقل المعلومات؛ بحيث أصبحت المعلومات متاحة لأي مستخدم لهذه الشبكة، وكسبت هذه الوسيلة الاتصالية الجديدة جمهورًا عريضًا من مختلف فئات الجماهير، وأصبحت منافسًا قويًّا لوسائل الإعلام والتسويق التقليدية[2].

وعلى الرغم من أن الإنترنت في بداية استخدامه في الأعمال التجارية لم ينظر إليه على أنه وسيلة اتصال أساسية، فإنه يوجد اليوم كإحدى أهم الوسائل الإستراتيجية التي تسعى المنظمات إلى تحقيق أهدافها من خلاله؛ فالخدمات التي تقدمها هذه الوسيلة لأنشطة الأعمال عديدة، وذات فوائد غير محدودة، وهي ليست للمنظمات فحسب، بل لجميع الأطراف المشاركة في عمليات التبادل من عاملين، وسطاء، وكلاء، موردين، عملاء ... إلخ[3].

لذا فإن الإنترنت عبارة عن وسيلة اتصال جماهيري حديثة لنقل الأخبار والمعلومات إلكترونيًّا، عن طريق شبكة الحاسب الآلي المتصلة بالهاتف أو الألياف الضوئية، ويمكن من خلالها نشرُ واستقبال الأخبار والمعلومات والصور بأسلوب سهل وسريع[4].

ويعرف بيتر دايسون شبكة الإنترنت بأنها مجموعة من شبكات الحاسوب، التي تصل ملايين الأجهزة حول العالم، بغية تحقيق أهداف مختلفة تجارية، ثقافية، شخصية، تعليمية، دينية، سياسية.

وتُعَد شبكة الإنترنت مصدرًا متميزًا للمعلومات؛ لكونها تتغير وتتجدد باستمرار، واستخدامها يحتاج إلى اتباع خطوات معينة وصحيحة من أجل الاستفادة منها بأقصر الطرق، وأكثرها سهولة[5].

ويعرفها جماعةٌ بأنها عبارة عن شبكة معلومات عملاقة شديدة الاتساع، تضم بداخلها آلاف الشبكات الفرعية، وملايين الحاسبات الإلكترونية المختلفة الأنواع والأحجام المتنوعة في الوظائف، والمنتشرة في أنحاء العالم، وتتصل هذه الشبكات والحاسبات المختلفة طبقًا لمعايير فنية وقواعد تنظم العلاقات فيما بينها، وطريقة تبادل الرسائل والمشاركة في المناقشات، وأسلوب تنزيل الملفات والبرامج والبيانات[6].

وبِناءً على ما سبق يمكن تعريف شبكة الإنترنت بأنها: هي إحدى أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة، والتي تعد موردًا متجددًا ومصدرًا هامًّا في الحصول على المعلومات، ودعم عملية الاتصال بين المستخدمين للإنترنت حول العالم بفاعلية في توفير الوقت والجهد والتكلفة، بهدف تحقيق أهداف مختلفة[7].

حيث أصبح الإنترنت من أهم الأدوات الفاعلة لتعزيز التعليم والابتكار، ولتقديم خدمات أفضل على شتى المستويات؛ لذا فإن الاهتمام بقضايا الإنترنت يعد من أولويات إستراتيجية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كوسيلة لتحقيق أهداف التنمية الوطنية، علاوة على إرساء قواعد متينة لمجتمع المعرفة[8].

وتعد شبكة الإنترنت ذات عهد جديد في عالم التسويق بالنسبة إلى كل من المسوِّق والمتسوق؛ إذ تمكنت الشركات من إدارة معلوماتها بشكل عملي، ووضعت إستراتيجيات دقيقة وعلمية للتسويق عبر الإنترنت، وأصبحت بإمكانها تلبية متطلبات العملاء في جو من المنافسة الحادة[9].

وأصبح بإمكان المستهلك اليوم أن يتسوق ويتم كافة تعاملاته التجارية والمصرفية من المنزل عبر الإنترنت عن طريق الحاسب الإلكتروني بدون جهد، فكان للتقدم الإلكتروني الكبير والسريع الأثر على عملية ربط العالم بشبكات إلكترونية جعلت منه خلية مترابطة بشكل قوي[10].

إن التحول في الشراء من الأسلوب التقليدي إلى الشراء من المتاجر والمراكز الافتراضية عبر مواقع الإنترنت قد أدى إلى تغيير عادات وأنماط الشراء لدى العملاء، واستجدت بعض التغييرات، مثل: إقناع العملاء والمستهلكين بأن التعاملات عبر الإنترنت تتصف بالأمان وضمان جودة المنتجات، مع توافر قنوات لاستبدال وإرجاع المنتجات، وتحديد الطرق المختلفة المتاحة لتسليم المنتجات، وتعريف العملاء والمستهلكين بالقاعدة العريضة من المنتجات والإضافات والحذف، التي تحدث عليها أولاً بأول، وأن يتصف التسوق بأنه صديق المستخدم[11].

وقد أصبحت إستراتيجية التعامل مع الإنترنت - وبشكل متزايد - ظاهرة متعددة ومتشعبة المجالات والحلقات، كما أنه في ظل التحديات الحالية الموجودة في الظروف الاقتصادية المحيطة بمنظمات الأعمال، أصبح المديرون أكثر احتياجًا - من أي وقت مضى - إلى تجميع الموارد النادرة للتسوق عبر الإنترنت، وأيضًا جميع أدوات أو قنوات التسويق الأخرى، وذلك بهدف بناء علاقات ثابتة ومستقرة مع عملائهم، ولا شك أن خَلْق الثقة لدى المستهلك في التعامل مع شبكة الإنترنت أصبح مطلبًا أساسيًّا وضروريًّا لخَلْق هذه العلاقات الطويلة مع العملاء[12].

2- انتشار استخدام الإنترنت عالميًّا:

أصبح الإنترنت شبكة الشبكات التي تربط بين أكثر من ٢٠٠ ألف شبكة في ١٥٠ بلدًا حول العالم، وأخذ حجمها في التزايد مع الإقبال الشديد من المؤسسات التعليمية والأكاديمية ومراكز الأبحاث والشركات على هذه الشبكة، ووفقًا للإحصائيات المنشورة يمكن القول بأن هناك ٢ مليون مستخدم ينضمون إلى شبكة الإنترنت كل شهر؛ أي: بمعدل ٤٦ مستخدمًا جديدًا كل دقيقة[13].

حيث أصبح انتشار الإنترنت واسع النطاق، ولا توجد اليوم أي وسيلة اتصال تنمو في المعدل نفسه الذي تنمو به شبكة الإنترنت، التي كان يقدر عدد مستخدميها في سنة 1999م بنحو 276 مليون شخص، ليرتفع سنة 2000 إلى حوالي 375 مليون شخص، وفي عام 2005 بلغ 717 مليون مستخدم[14].

وقد بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في العالم حوالي: 1.244.449.601 مستخدم، وفقًا لإحصائية أجرتها World Internet Usage عام 2007م، بينما تشير الإحصائيات إلى أن عدد مستخدمي الإنترنت في عام 2010م، وصل إلى 1،966،514،816 شخص[15].

يعد التسوق المباشر عبر الإنترنت Shopping Online من أهم مجالات استخدام الإنترنت؛ فقد بلغ عدد المواقع التجارية على الإنترنت أكثر من 250000 موقع تجاري[16].

فالتسوق عبر الإنترنت أصبح الآن من الأعمال المتنامية، وتشير الإحصاءات إلى أن هذا النوع من التسوق آخذٌ في الازدياد، وقد بلغت قيمة مشتريات المستهلكين التي تمت بواسطة الإنترنت في عام ٢٠٠٦م ما يساوي 206 بليون دولار (١٠٣ بليون جنيه إسترليني)، كما قدر حجم الإنفاق في الولايات المتحدة في الربع الأول من عام ٢٠٠٣م بما يقارب ١٢ بليون دولار، بما يزيد بـ: ٢٥.٩ % عن نفس الفترة من عام ٢٠٠٢م[17].

جدول رقم (1)

تزايد حجم التسوق عبر الإنترنت عالميًّا

Source: Ditnet، http://www.dit.co.ae

3- انتشار استخدام الإنترنت في الوطن العربي.

لقد وصل عدد مستخدمي الإنترنت عام 2005م، حوالي ٤٢ مليون مستخدم في العالم العربي[18]، وظلت هذه النسبة في الزيادة حتى بلغت عام 2010م، إلى ما يقرب من 21.7% من مستخدمي الإنترنت في الوطن العربي[19].

وتبعًا للإحصائية التي قامت بها وأجرتها Internet Worldstats، على مستوى الدول العربية يبلغ عدد مستخدمي الإنترنت، حوالي 95،622،000 مستخدمًا عام 2010م [20].

وبمقارنة ما توصلت إليه من نتائج، يتضح أن أعلى نسبة على مستوى الدول العربية تتمثل في جمهورية مصر العربية؛ حيث تبلغ 33 مليون مستخدم، تليها السعودية 12.4 مليون، وتأتي الجزائر في المرتبة الثالثة حيث تبلغ 6.5 مليون مستخدم، ثم الإمارات 5.7 مليون[21].

وفي الدول العربية ما زال التسوق عبر الإنترنت في مراحله الأولى مقارنةً بكثير من مناطق العالم الأخرى، ويرجع ذلك إلى أن معظم الشركات العربية يقتصر استخدامها للإنترنت على نشر المعلومات على الشبكة، ولم تتجاوز هذا المستوى إلا ما ندر، ولم يحظَ التسوق والبيع بالتجزئة بمردود كبير كما كان متوقعًا له[22].

وهناك إحصائية لمركز Ditnet تؤكد على تزايد حجم التسوق عبر الإنترنت في الوطن العربي، كما يوضحه الجدول التالي رقم (2):

جدول رقم (2)

تزايد حجم التسوق عبر الإنترنت في الوطن العربي

Source: Ditnet، http://www.dit.co.ae

4- مفهوم التسـويق عبر الإنترنت:

يعتبر التسـويق عبر الإنترنت من أهم التطورات العالمية الجديدة التي فرضت نفسها بقوة خلال الحِقبة الأخيرة من القرن العشرين، ومن ثم فقد أصبحت إحدى دعائم النظام الاقتصادي العالمي الجديد، هذا ما أكده Kotler؛ حيث أشار إلى أن الاقتصاد الجديد يركز على الاستخدام المتزامن للإنترنت[23].

وصارت شبكة الإنترنت الآن تحتل حيزًا هامًّا من حياتنا اليومية؛ لكونها مصدرًا من المصادر الهامة للحصول على المعلومات، منافِسة في ذلك كافة الوسائط التقليدية، وأصبح بالإمكان خلق مساحة جديدة يمكن استثمارها لتسويق بعض المنتجات والخدمات، واستخدام العديد من الوسائل المتاحة عبر أدوات وتقنيات هذه الشبكة التي تساهم في دعم العملية التسويقية[24].

والتسـويق عبر الإنترنت: هو مفتاح تحقيق أهداف الشركات والمؤسسات العصرية، ويشمل تحديد الاحتياجات والرغبات للسوق في ظل ظروف البيئة والأدوات التي يجمع بينها شبكة الإنترنت بكل ما أتاحته عملية التسويق الإلكتروني من تكنولوجيا للتواصل بين البشر[25].

فالتسـويق عبر الإنترنت يعتمد بشكل أساسي على التكنولوجيا الحديثة للاتصالات والمعلومات، وبالأخص منها الإنترنت، وذلك في ممارسة كافة الأنشطة التسويقية؛ كالإعلان، البيع، التوزيع، بحوث التسويق، تصميم المنتجات الجديدة، التسعير، وغيرها[26].

كما أن التسـويق عبر الإنترنت هو استخدام الإنترنت والشبكة العنكبوتية العالمية لتبادل العمليات بشتى أشكالها بين الأعمال المختلفة، مع التركيز على استخدام التكنولوجيا الإلكترونية في العمليات التجارية بين الشركات والأفراد[27].

أما التجارة الإلكترونية فقد عرفها البعض بأنها "المعاملات التجارية التي تتم من قِبل الأفراد والهيئات، والتي تعتمد على معالجة ونقل البيانات الرقمية، بما فيها الصوت والصورة من خلال شبكات مفتوحة مثل الإنترنت، أو مغلقة، والتي تسمح بالدخول إلى الشبكات المفتوحة[28].

أي إن هناك فرقًا بين التجارة الإلكترونية والتسويق عبر الإنترنت؛ فالتجارة الإلكترونية يقصد بها عمليات الشراء والبيع من خلال الإنترنت، أما التسـويق عبر الإنترنت فيقصد به الجانب التسويقي للتجارة الإلكترونية [29].

ويمكن تعريف التسوق عبر الإنترنت على أنه: "شكل من أشكال التبادل التجاري، الذي يتم بين الشركات والمستهلكين، وذلك من خلال وسائل إلكترونية"[30].

5- استخدام الإنترنت في التسوق:

لا شك أن التسوق عبر الإنترنت أصبح من أبرز المنافع التي تقدِّمها الإنترنت للمستخدمين؛ حيث أصبح بإمكان أي شخص أن يبحث عما يحتاجه من منتجات أو خدمات، ويدفع قيمتها دون الحاجة إلى أن يغادر منزله؛ فالتسوق عبر الإنترنت عملية تثير الاهتمام وتتميز بالمتعة؛ لكونها توفر الراحة للمتسوق بدلًا من الإرهاق الناجم عن التجول في المتاجر التقليدية، وسماع مختلف أنواع العروض، والتعرض لمحاولات الباعة بالإقناع المزعجة في حالات كثيرة[31].‏

تتم عملية التسوق عبر الإنترنت - بشكل عام - عن طريق طلب البضاعة أو الخدمة؛ حيث يكون فيها المتسوق في مكان غير المكان الموجود فيه الخدمة أو البضاعة، وتتم الإجابة بشأن توفير الخدمة أو البضاعة على الإنترنت، وبالتالي يشكل الموقع المعلوماتي على الشبكة وسيلة العرض المحددة لعملية التسوق[32].

ويعد التسوق عبر الإنترنت من الخدمات التي أصبحت رائجة ومتزايدة؛ وذلك بسبب سهولة الوصول إلى الشبكة: الإنترنت، وإلى المواد المراد شراؤها، وانخفاض الأسعار والحرية في الاختيار، ويستخدم المستهلك أدوات مختلفة من أدوات الإنترنت، مثل: البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني، وصفحة الويب عبر مراحل عملية الشراء المختلفة، وعند دراسة سلوك المستهلك عند الشراء عبر الإنترنت يجب التفرقة بين مفهوم التسوق الإلكتروني والتسويق الإلكتروني؛ فالتسوق يكون من جهة المستهلك، والتسويق يكون من جهة الشركة المسوِّقة للمنتجات على شبكة الإنترنت[33].

إن التسوق عبر الإنترنت أصبح يفرض على المسوِّقين معاييرَ أعلى لإشباع حاجات العملاء بكفاءة فعالة؛ وذلك لأن عملاء المواقع الإلكترونية يبحثون عن منتجات ذات جوده عالية وبأسعار مناسبة وخدمات أفضل، وبناءً عليه أصبحت شبكة الإنترنت سوقًا إلكترونية لها طبيعتها وخصائصها المميزة، التي تؤثر على اتجاهات العملاء نحو التسوق المباشر عبر الإنترنت، وقد دعم ذلك التحول انتشار النقود الإلكترونية - بطاقات الائتمان، الشيك الإلكتروني - التي تعتمد على وحدات القيمة الرقمية، ويمكن للعملاء بواسطتها سدادُ قيمة المشتريات من المواقع التجارية على شبكة الإنترنت[34].

كما أن الإنترنت لديه القدرة على تخزين كميات كبيرة من المعلومات، وتوفيرها للمستهلك عند الطلب، وأهم ميزة تتسم بها بيئة التسوق عبر الإنترنت هي الراحة، وهذا ما أكدت عليه بعض الدراسات؛ حيث أشارت إلى أن التسوق عبر الإنترنت يوفر الوقت للتسوق؛ فقد تدعو الحاجة في كثير من الحالات إلى القيام بالتسوق من داخل المنزل، وذلك لضيق الوقت، وهي مَيزة تحققها بيئة التسوق عبر الإنترنت[35].

بالإضافة إلى ميزة أخرى، وهي توافر الخدمة على مدى أربع وعشرين ساعة؛ ولذا يجب على المسوِّقين عند تصميم بيئة التسوق عبر الإنترنت أن يكونوا قادرين على إبراز المزايا المحتملة للتسوق عبر الإنترنت، وإيضاح تفوُّقها على أشكال التسوق الأخرى[36].