• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / العولمة
علامة باركود

عولمة الثقافة

مبارك عامر بقنه

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/7/2014 ميلادي - 7/9/1435 هجري

الزيارات: 7971

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عولمة الثقافة


"... إن العولمة هي أفكار القوة، وهي نماذجها الثقافية الحضارية، وهي لسوء حظنا وحظ أمثالنا، تسير دائمًا في اتجاه واحد، ولم نر مطلقًا أنها سارت في الاتجاهين: الذهاب، والإياب؛ لذا فإن العولمة - بتعبير يسير آخر - هي أكذوبة القوي على الضعيف، وهي استدراج له إلى ساحات معقدة من ساحات التعايش الممكن، في الوقت الذي يعلم فيه أنه لا يدرك من قوانين تلك الساحات أي شيء.... ".

 

تسعى العولمة إلى توحيد العالم في منظومة فكرية وقِيَميَّة واحدة، تستجيب دون مقاومة لمتطلبات ومصالح السوق العالمية، فهي تسعى لإلغاء الخصوصية وإزالة الفوارق بين الحضارات والأمم، فغاية العولمة تكوين ثقافة عالمية واحدة على نمط الثقافة الأمريكية.

 

يقول وزير الثقافة الفرنسي: "إن الدول التي علَّمتنا قدرًا كبيرًا من الحرية، ودعت الشعوب إلى الثورة على الطغيان - لا تملِك اليوم منهجًا أخلاقيًّا سوى الربح، فضلاً عن أنها تحاول أن تفرض ثقافة شاملة واحدة على العالم أجمع، إن هذا هو شكل من أشكال الإمبريالية المالية والفكرية الذي لا يحتل الأراضي، بل يصادر الضمائر ومناهج التفكير وطرق العيش"[1].

 

هكذا يسعى العالم الغربي إلى إيجاد ثقافة عالمية مسيطرة على الثقافات الأخرى، وذلك من خلال استخدام آليات التقنية المتطورة التي جلَبت الاتصال بين الأُمم والشعوب، فهي تسعى على تعميم ثقافة استهلاك المنتج الغربي؛ كالكوكاكولا، والهامبرجر، والبيتزا والجنز والقبعة، والتي من خلالها وخلال التقليد في الملبس والسلوك يجلب معه عادات وتقاليد ومفاهيم بلد المنشأ.

 

يقول (فوكوياما) في "كتابه نهاية التاريخ": "الكل سيأكل الهامبرجر وسيرقص الروك، وسيقلد نمط الإنتاج أو الحياة الأمريكية"، هكذا ينظرون إلى ثقافتهم بأنها ثقافة عالمية يجب أن تصبح جزءًا من حياة الناس.

 

وللأسف؛ فإن القبعة الأمريكية واللباس الغربي أصبح فئام من الشباب المسلم يرتديه، ولا يرى في ذلك أي غرابة أو حياء من الناس، فهو يرى أنه جزء من حياته، والتحدث بالإنجليزية أخذت تزاحم العربية وتخنقها في عُقر دارها، فتسمعها في تخاطب الناس، وتراها في كتاباتهم وتشاهدها في إعلاناتهم، ويزيد الأمر حزنًا افتخار بعض من يتحدث الإنجليزية وزَهْوه بهذه اللغة الأجنبية، وهذا نوع من المرض القلبي، وعلامة للمحبة والإعجاب بالأجنبي، وخِذلان للغته.

 

ويذكر الدكتور فهد الحارثي تقرير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والذي جاء فيه: "إنه من مانيلا إلى ماناجوا، ومن بيروت إلى بيجين، وفي الشرق وفي الغرب، وفي الشمال وفي الجنوب - أصبحت أشكال الزي (الجينز، وتصفيفات الشعر الخاصة، والـ - تي - شيرت) والموسيقا، والعادات المتعلقة بتناول الطعام، والمواقف الاجتماعية والثقافية، أصبحت كلها تشكِّل اتجاهات عالمية، وحتى الجرائم - سواء كانت تتصل بالمخدرات، أو الاختلاس، أو الفساد - أصبحت متشابهة في كل مكان، لقد انكمش العالم في أوجه عديدة.

 

وكما يرى عبد الإله بلقزيز، هي اغتصاب ثقافي وعدوان رمزي على سائر الثقافات، وهي تعني أن ينشأ في وعي الناس ثقافة، أو قيم ثقافية، لا تقوم صلة بينها وبين النظام الاجتماعي (داخل الكيان القومي)، وهي ستحمل منظومات من الأفكار والقيم، لم تخرج من رحمِ التطور الاجتماعي الطبيعي.

 

وهذا واقع جديد يحتم على الشعوب المغلوبة التي تعيشه، أن تقرأ العولمة - من حيث هي إستراتيجية قمعية إطماعية - في غير ما تبدو عليه في إطارها التنفيذي، إنها في حقيقة هذا الواقع الجديد سيادة مطلقة لثقافة الغالب، وإنها لذلك تكريس صريح وواضح لأفكاره وسلوكياته، بل إنها فرض قسري مستبد حتى لأنماط المعاش اليومي لدى شعوبه وفي داخل مجتمعاته.

 

فالعولمة هي جنة من جنات الغالب التي ظل سنين طويلة يخطط لها، ويحلم ببنائها وتشييدها، ومِن ثَمَّ بالمكوث فيها إلى أبد الآبدين، وهي هكذا بالمقابل نكال على المغلوبين ونقمة على المستضعفين، فهي تدمير لمقوماتهم الخاصة، ومسْخٌ لهوياتهم التي ظلت دائمًا تؤكد هي من جهتها حقائق الجغرافيا ومُسلَّمات التاريخ.

 

إن العولمة هي أفكار القوة، وهي نماذجها الثقافية الحضارية، وهي لسوء حظِّنا وحظ أمثالنا تسير دائمًا في اتجاه واحد، ولم نر مطلقًا أنها سارت في الاتجاهين: الذَّهاب، والإياب؛ لذا فإن العولمة - بتعبير يسير آخر - هي أكذوبة القوي على الضعيف، وهي استدراج له إلى ساحات معقدة من ساحات التعايش الممكن، في الوقت الذي يعلم فيه أنه لا يدرك من قوانين تلك الساحات أي شيء".

 

فالعولمة قد وجَّهت سهامها نحن شعوب العالم؛ لتَفترسها بثقافتها الصَّدئة، وتُهلكها بنموذجها الثقافي الرديء، وللأسف إن كثيرًا من هذه السهام المسمومة قد أصابت كثيرًا من أبناء أُمتنا، فأرْدتهم صرعى التغريب وضحايا العولمة، ففقَدوا هُويَّتهم وانتماءَهم لدينهم وأُمتهم.

 

وأصبحوا أذيالاً تتعلق بفتات الفكر الغربي المتهالك، فانسلخوا تمامًا من ثقافتهم وهُويتهم، وارتبطوا ارتباطًا مباشرًا بثقافة القطب الرأسمالي - سلوكًا وأخلاقًا، وجميع أشكال الحياة العامة - وأعجبوا بالحضارة الغربية الظاهرية، وتأثَّروا بالهيمنة الأمريكية؛ حتى إنهم يستحيون أن ينتسبوا إلى وطنهم.

 

وهذا تجده في كتاباتهم وأحاديثهم؛ حيث يخجل الواحد منهم أن يستشهد بآية أو حديث، بل يعتبر الربط بين الواقع والدين عينَ التخلف، ويراه أمرًا مُنفرًا ومُقززًا، ولهذا تجدهم يستشهدون بأقوال علماء غربيين، ويستدلون بنظريات علمية لم يثبت صحتها بعدُ، ولكنها من نتاج العالم الغربي، ويرى أن هذا هو المرجع المقنع الذي يثق فيه الناس، وهذه اللوثة الفكرية الثقافية أصبحت وللأسف في ازدياد، بسبب هذا الغزو الإعلامي العالمي.

 

إن الضَّعف الذي تعيشه أُمتنا جعل لدى كثير من الناس قابلية في تقبُّل كل ما هو غربي، واعتباره هو المعيار والمقياس للصواب والخطأ، هكذا الجسم المريض غالبًا لا يستطيع أن يدفع عن نفسه المرض والجراثيم، بل تنسل عليه من كل حَدَبٍ وصَوْبٍ، حتى تكاد تقتله إذا لم يتحصن لها بدواء قوي ومضاد حيوي للجراثيم العقَدية والفكرية، والأخلاقية والسلوكية.

 

ودواء هذه الأمة في كتاب ربها: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82].

 

شفاء نكرة؛ فهو يعم جميع أنواع الأمراض المعنوية والحسية.

 

إن عرض الأفكار المستوردة من الغرب على كتاب الله وتحليلها شرعيًّا، وإخراج ما يخالف الشريعة، وإلغاء ما يخالف عاداتنا وتقاليدنا، وتقبُّل ما يوافق ديننا وقِيَمنا - هو أنجع السبل في كيفية التعامل مع الحضارة الغربية.

 

والضربات التي وُجِّهت إلى المسلمين من الصليبين واليهود، والتطور الصناعي الذي يعيشه الغرب، أثَّر على مفكري أُمتنا؛ مما سبب لكثير منهم الجمود الفكري والتقليد للفكر الغربي، واختفاء الفكر النقدي الرصين، المبني على الأُسس الإسلامية الصحيحة، وأصبح بعض منهم يعيشون رِدَّة ثقافية عن مبادئ الأمة وفكرها.

 

بل إن هناك من يدعو إلى تغريب الأمة، وتجريدها من دينها ولغتها وتقاليدها، ونمط حياتها وإلباسها رداءً غربيًّا، زاعمين أن العالم سوف يتغرب ثقافيًّا؛ وذلك للهيمنة الغربية التي يشهدونها على العالم، ولا شك أن هذا الادعاء فيه إسقاط وتهوين بثقافة الأمة، واعتبار أن الثقافة كالسلع والمنتجات التي يطرأ عليها الفناء والتبديل الدائم.

 

إن جوهر الثقافة هو دين الأمة ومعتقدها ولُغتها، وتاريخها وعاداتها، ولا شك أن للمأكل والمركب والزي، والموضة والتقاليع - تأثيرًا على نفوس وعقول المقلدين، فمع الزمن تُفقَد الهُويَّة وتُمحى ثقافتها.

 

ونقل التكنولوجيا الغربية - والتي أصبحت من الضرورات في هذا العصر - لا شك أنه يصاحبه معه نقل فكر وثقافة الآخر؛ مما يؤدي إلى تشويه لفكر الأمة، ونحن لا بد أن ننقل ما نراه مفيدًا من الدول الأخرى إلى بلادنا، والاستفادة من التجارب البشرية يزيد قوة في مواكبة التقدم الحضاري، ولكن هذا كله يشترط إذا لم يكن يتعارض مع قيم ومبادئ وخصوصية الأمة.

 

إننا يجب أن نعتز بثقافتنا وهُويتنا، فنحن أصحاب دين يحكم حياتنا ويشكلها، ونحن أصحاب حضارة عريقة وتاريخ مشرق، وأصحاب رسالة سماوية وهدف عالمي، ولنا عادات وتقاليد تختلف عن غيرنا ترتبط بديننا وهويتنا الإسلامية، ولا بد أن نعلم أن العولمة تهدف إلى نشر الفكر العلماني المادي الرأسمالي، فهي لا تعتبر الدين والأخلاق والقيم الإنسانية ميزانًا يحكم به الحياة والإنسان، بل المادة والسيطرة والهيمنة على الأرض، هي الهدف والغاية، وكل وسيلة تقود إلى ذلك الهدف وتحقُّقه، فيجب سلوكه.

 

فالتعامل مع الإنسان يكون وَفق الإنتاجية والعطاء، فالإنسان في حياة الغرب آلة إنتاج لا تحمل مشاعر وسلوك وأخلاق، بل هو إنسان بهيمي أناني لا يعرف إلا مَلذَّاته وشهواته يعيش لنفسه فقط.

 

إن الثقافة الغربية لا تملِك مقومات الريادة للأمم، فهي ثقافة بشرية مَنشؤها من التجربة، لا تَملِك البعد الزمني للإنسانية، وإنما تعيش على تجارب وأفكار واقعها، وإنني لأعجب نحن أصحاب المبادئ الربانية والقيم السماوية، كيف نتخلى عن قِيَمنا ومبادئنا وهي من لدن عزيز حكيم، لا يأتيها تناقض أو خللٌ من بين يديها ولا من خلفها، والتي تتعايش مع كل زمان ومكان، صالحة لجميع الأجناس البشرية؟!

 

وكيف هؤلاء الغربيون ينافحون عن ثقافتهم، ويعتزون بها، ويرون تعميمها وعولمة العالم بها، وهم يعلمون أنها من نتاج البشر قابلة للتغير والتبديل وَفق عقول الناس؟!

 

فدعوة اليهودي "صمويل هنتنجتون" إلى تهميش ثقافات الأمم - وخصوصًا الثقافة الإسلامية، والذي يتهم الفكر الإسلامي بأنه فكر عدواني عنصري - وجعلها تسير في فلك الثقافة الأمريكية؛ لأن باستطاعتها أن تشكل القرار الأحادي في العالم، وهي المهيمنة على شعوب العالم، وإنه حان الوقت لسيطرة هذه الحضارة على العالم.

 

ولا ريب أن هذه الدعوة يرفضها التاريخ والواقع، فكثير من الأمم ظلت رَدَحًا من الزمن تحت وطأة الاستعمار، والذي استخدم فيه جميع الوسائل لتشكيل وتغيير الدول المستعمرة، إلا إنه لم يستطع أن يمحوَ ثقافة الأمة وخصوصيتها، ولعل في الجزائر خيرَ مثالٍ على ذلك؛ فقد ظلت رَدَحًا من الزمن تحت الاستعمار الفرنسي، حتى أصبحت كولاية فرنسية؛ حيث استبدلت لغتها وغيرت كثير من عاداتها، ولكن أنشأ الله جيلاً آخر يرفض الفكر الفرنسي والثقافة الفرنسية، ويعود إلى أصوله الإسلامية العربية.

 

وقل مثل ذلك في الضغط والكبت الشيوعي على الدول الإسلامية المستعمرة؛ حيث ظلت عقودًا تعاني من الاضطهاد والتضييق، إلا أنه عند سقوط الشيوعية ظهرت الدعوات المطالبة بالتطبيق الإسلامي.

 

فدعوة سقوط حضارات الأمم وفناء ثقافتها دعوة خالية من الصحة والبرهان، فهي دعوة ماكرة؛ إذ فيها تخدير للشعوب عن محاولة النهوض والانتصار على الواقع الوخيم، فهي تحمل في طيَّاتها قتلاً لإرادة النفس على المقاومة، وإحساس الناس أن الثقافة العالمية التي يجب أن تُتَّبع هي الثقافة الأمريكية المهيمنة، فلا تجد الثقافة الأمريكية مقاومة أو منازعةً.

 

ولقد قرَّر صاحب هذه الدعوة أن المنازع والمنافس لهذه الحضارة هو الإسلام، ولا شك في هذا، فنحن نرى أن الإسلام هو الحل الوحيد لمشاكل الناس الثقافية والاجتماعية، والسياسية والاقتصادية، فهو منهج متكامل يشمل جميع نواحي الحياة.

 

فقد واجه الإسلام منذ بزوغه حضارات عديدة، وثقافات متنوعة، فكان الخصم العنيد لها، وتلاشت كلها، وبَقِي الإسلام متفردًا بمنهجه الخالد، ولا عجب أن يواجه اليوم حضارة تحاول أن تفرض قِيَمها ونُظمها على العالم، مستغلة قوتها العسكرية والتقنية، ترى في الإسلام العدو الحقيقي لثقافتها وأيديولوجيتها، فهي تعلم - من قراءة التاريخ - أن هناك صراعًا سوف يحدث، وهو صراع الحضارات بين الإسلام وبين الغرب.

 

وصمويل هنتنجتون يرى أن الصراع حتمي بين الإسلام والحضارة الغربية، وخصوصًا بعد هذه الصحوة الإسلامية المنتشرة في جميع أقطار الأرض؛ إذ إن الإسلام - كما يرى - قد شكَّل خطرًا على جميع الحضارات التي واجَهها، فهو دائمًا يتمرد على الثقافات الأخرى.

 

إن هذه الصحوة المباركة رفضت الاندماج في البوتقة الثقافية الغربية، حتى الجاليات الإسلامية التي تعيش في المجتمعات الغربية نجدها نجحت إلى حدٍّ ما في المحافظة على عقيدتها وثقافتها، مظهرة هُويَّتها كجماعات إسلامية محافظة على قِيَمها وخصوصيتها، بل إنها ذهبت إلى أكبر من ذلك، وهو نشر رسالتها الربانية عبر وسائل الإعلام المختلفة، حتى أصبح لهم دورٌ كبير في الحياة الغربية، وبالذات في أمريكا.

 

ويمكن الاستشهاد بما قاله "ساندي بيرجر" مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي، في حديثه أمام المؤتمر الثامن للمجلس الأمريكي الإسلامي؛ حيث يقول: "إن احترام الرئيس كلينتون للدين الإسلامي نابع من استيعابه الأساسي لحقيقتين:

الأولى: أن المسلمين يمثلون رُبُع سكان العالم، ومن البديهي أنكم "أيها المسلمون" ستلعبون دورًا هامًّا في صياغة العالم في القرن القادم.

 

الثانية: أن المسلمين يعيدون صياغة شخصية بلادنا بالذات بسرعة، فالدين الإسلامي هو أسرع الديانات نموًّا في الولايات المتحدة"[2].

 

وليس الإسلام الوحيد الذي يرفض الهيمنة الثقافية الأمريكية، بل إن هناك محاولات لرفض الهيمنة الثقافية الأمريكية من بعض الدول الغربية؛ حيث رأت أن أهداف العولمة لا تنسجم مع أهدافها وثقافتها ومصالحها الاقتصادية، فمحاولة جعل الثقافة الأمريكية هي الثقافة الوحيدة الصالحة لجميع البشر، مرفوضة من الأوروبيين والشرقيين، فكيف بالمسلمين أصحاب العقيدة والمنهج الرباني العالمي الصالح لجميع البشر؟!


ومحاولة تشكيل عقول الناس تحت ظل ثقافة عالمية واحدة حول المرأة والأسرة، وحول أنماط الاستهلاك في الذوق والمأكل والملبس، وحول كيفية التفكير في جميع نواحي الحياة - دعوة فيها نوع من الخيال؛ فقد خلق الله الناس مختلفين ولا يزالون كذلك، وهي سُنة الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلاً، فلكل أُمة خصوصيتها ونظرتها إلى الحياة والتي هي جزء من ذاتها.

 

يقول محمد الجابري في تعريف الثقافة هي: "المعبر الأصيل عن الخصوصية التاريخية لأمة من الأُمم، عن نظرة هذه الأمة إلى الكون والحياة والموت، والإنسان ومهامه وقدراته وحدوده، وما ينبغي أن يعمل وما لا ينبغي أن يعمل"[3]، ثم قال: ويلزم هذا التعريف أنه ليست هناك ثقافة عالمية واحدة، وليس من المحتمل أن توجد في يوم من الأيام، وإنما وجدت وتوجد وستوجد ثقافات متعددة متنوعة تعمل كل منها بصورة تلقائية، أو بتداخل إرادي من أهلها، على الحفاظ على كِيانها ومقوماتها الخاصة.

 

وهذا هنتنجتون يعلن أن الحضارة الغربية لها خصوصيتها، ولا يمكن تعميمها على شعوب العالم، فيقول: "إن شعوب العالم غير الغربية لا يمكن لها أن تدخل في النسيج الحضاري للغرب، حتى وإن استهلكت البضائع الغربية، وشاهدت الأفلام الأمريكية، واستمعت إلى الموسيقا الغربية، فروح أي حضارة هي اللغة والدين، والقيم والعادات والتقاليد"[4].

 

وحضارة المسلمين وثقافتهم تقوم على أساس ديني، فهي لم تتشكل أساسًا على عادات وتقاليد يمكن تغييرها مع مرور الزمن، بل هي مرتبطة بالدين والعقيدة؛ لذا على الغرب أن يتعلم كيف يتعايش مع الثقافة الإسلامية لا كيف يُزيحها ويحاربها.

 

المصدر: المختار الإسلامي


[1] "العولمة أم الهيمنة" مجلة الدعوة، العدد 171.

[2] العولمة رؤية في الواقع والهوية"؛ لعبدالعزيز السبيل.

[3] مجلة فكر ونقد، العدد6.

[4] "العولمة ليست آخر الكلام"؛ إبراهيم العجلوني، رابط المقال:

http://www.saaid.net/Doat/mubarak/14.htm





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حق المؤلف بين فقه الإسلام وفكر العولمة
  • العولمة: رؤية إسلامية
  • الثقافة الإسلامية وإسقاطات العولمة
  • عولمة الانحطاط؟!
  • لا لعولمة الدعوة
  • عولمة العري في الوطن العربي
  • آثار العولمة الثقافية
  • العولمة

مختارات من الشبكة

  • العولمة: المفهوم المضطرب(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • العولمة الخضراء(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التأقلم مع العولمة(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب (العولمة - عولمة الدين)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • المجال الاقتصادي للعولمة (العولمة الاقتصادية)(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • عرض كتاب: العولمة .. مقاومة واستثمار(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العربية والعولمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • العولمة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إشكاليات الثقافة في عصر العولمة(مقالة - ملفات خاصة)
  • الموقف من العولمة(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب