• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / محمد صلى الله عليه وسلم / مقالات
علامة باركود

البشير النذير

البشير النذير
عبدالله غوشة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/2/2014 ميلادي - 30/3/1435 هجري

الزيارات: 10829

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

البشير النذير


﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ﴾ [الأحزاب: 45، 46].

 

محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب صلوات الله وسلامه عليه، هو أحب الخلق إلى الله، ورسولُه إلى الناس كافة ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ﴾ [الأعراف: 158].

 

وُلد يتيمًا فتولت العناية الربَّانية تأديبه، وكفلت القدرة الإلهية تهذيبه، فشبَّ على الفطرة الطاهرة الزكية، فكان إنسانًا سويًّا على خُلق عظيم، وقد اقتضت حكمة الله - عز وجل - أن يولد يتيمًا؛ ليفهم الناس جميعًا أن العز ليس بالآباء، وأن السعد ليس بالمال ولا بالثراء، وإنما هو فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.

 

لقد اختاره تعالى لنبوته، واصطفاه لرسالته، الرسالة هبة من الله لا تُنال بالكسب، ولا بالجد والسعي، ولكن حكمة الله وعلمه قاضيان بأن تُمنَح للمستعد لها، والقادر على حملها؛ ﴿ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الأنعام: 124]، ﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [الحج: 75].

 

ومحمد صلى الله عليه وسلم أُعِدَّ ليحمل الرسالة إلى العالم أجمع؛ أبيضه وأسوده، عربِيِّه وعجمِيِّه، شرقيِّه وغربيِّه ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سبأ: 28].

 

فلم يكن عليه الصلاة والسلام نبي العرب وحدهم، ولم تكن هدايته مقصورة عليهم دون غيرهم، بل كان رحمة الله للعالمين، وهاديًا للناس أجمعين، مصداقًا لقول رب العالمين: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].

 

وأُعِدَّ محمد صلى الله عليه وسلم لأن يحمل أعظم رسالة وأكرم دين، ولأن يختم الله به الأنبياء والمرسلين ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 40].

 

بعثه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وزوده بشريعة محكمة وكتاب مبين لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، فصدَع بالحق، وامتثل أمر الله، وجاهد وكافح، وقاتل وجالَد، ومع أنه قاسَى في هداية قومه الشدائد، وتحمل المشاقَّ، وتطرَّقت إليه أسباب القنوط، وأحاطتْ به دواعي اليأس من كل جانب، فإنه ما وهن لما أصابه، ولا استكان لما ألمَّ به، ولا تأخر ولا تراخى، ولا عرَف اليأسُ إلى قلبه سبيلاً، بل ظل يدعو الناس إلى الله ليلاً ونهارًا، سرًّا وجهارًا، كهلاً وشيخًا، لا يخشى البأس، ولا يخاف الردى؛ لتكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كله لله.

 

لقد ضرب محمد صلى الله عليه وسلم المثلَ الأعلى في الصبر والثبات، وفي الحزم وقوة العزم، وفي الإخلاص للدعوة والتفاني في العمل من أجلها.

 

ولما جاء رجال قريش إلى عمه أبي طالب، وهو المدافع عنه والمناصر له، وشكَوا إليه ما يوجهه ابن أخيه محمدٌ عليه الصلاة والسلام إلى آلهتهم من ذم وتحقير، وإلى عقولهم وأحلامهم من تسفيه وتفنيد، وطلبوا منه أن يكُفَّه عنهم، قال له عمه: "يا بن أخي، إن قومك قد جاؤوني، فأَبْقِ عليَّ وعلى نفسك، ولا تُحَمِّلني من الأمر ما لا أطيق"، فكان لهذا الرجاء ممن يثق به ويعتمد عليه وقْعٌ مؤثِّرٌ في نفسه.

 

ولكن كيف يترك محمد هذا الأمر، وقد أمره مولاه - عز وجل - بتبليغه وأن يصدع بما يؤمر؟ ﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الحجر: 94]، فأجاب عمَّه بقلب عامر، ونفس مطمئنة، جوابَ المؤمن بالله، المستمسك برسالة الحق التي لا يلين فيها ولا يداجي، ولا يخاف فيها إساءة ولا أذى ولا قتلاً: ((والله يا عم، لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر حتى يُظهره الله أو أهلِك فيه، ما تركتُه)).

 

هنا تتجلى الروح القوية المتدفقة من ثنايا هذه العبارات الصادرة من الأعماق، التي تدل على حزم وعزم، وإصرار على المضي قُدُمًا في أداء رسالته الربانية والإنسانية مهما كلفه الأمر، ووُضِعَت في سبيله العراقيل، ومهما استعمل أعداؤه من وسائل الإغراء والتهديد، لا يَثْنِيه عن عزمه رغبةٌ في مادة، أو رهبةٌ من قوة؛ ثقة منه بالله العلي القدير، الذي سيحفظه بعنايته ورعايته، والذي وعده بتأييده ونَصْره على أعدائه، ووعدُ الله لا يتخلف؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 9].

 

 

﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 67].

 

ورسالة الإسلام التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم هي رسالة العقل والعلم، والهدى والنور، والعدل والمساواة، والتعاون والإخاء، والاتحاد والتعاضد، والبذل والتضحية، والفضيلة ومكارم الأخلاق: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108]، وإن للمسلمين في سيرته وخُلقه وهديه أُسوةً طيبة، وقدوة حسنة ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

 

وفي كل ناحية من نواحي حياته الشريفة عبرة وعظة، وأسوة وقدوة؛ في أقواله وأفعاله، وأخلاقه وآدابه، في جهاده وكفاحه، وصبره وثباته، وإقدامه وشجاعته، وحزمه وقيادته، ونزاهته وإخلاصه، وتضحيته وإيثاره، فمحمد صلى الله عليه وسلم هو المثل البشري الأعلى، والأسوة الحسنة المثلى، في آدابه وفضائله، وسياسته ورياسته، وسائر هديه، وخيرُ الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

 

قالت عائشة رضي الله عنها: "كان خُلقه القرآن"، وكان يقول في دعائه: ((اللهم كما حسَّنْتَ خَلْقي، فحسِّنْ خُلُقي، اللهم جنِّبْني منكرات الأخلاق))، فخاطَبَه ربُّه في محكم كتابه الكريم: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].

 

ومحمد صلى الله عليه وسلم نادى بالمساواة على أكمل صورها، وأتَمِّ وجوهها، وأنقذ الإنسانية من الأخطار التي كانت تتهددها وتُحْدِق بها؛ من تمايز الطبقات وتنازُعِها، وتَحَكُّم بعضها في رقاب بعض، وجاء بمبدأ رشيد، ودستور قويم، هو أنْ لا حكم إلا لله، ولا ميزة إلا للفضيلة، وأن الكرامة إنما تتحقق بالتقوى والعمل الصالح.

 

فالكل في شرعة الحياة وتحت لواء الشريعة الإسلامية سواءٌ، لا أثر للأحساب والأنساب، ولا تأثير للمال واللون والجنس والجاه فيما بينهم، بل مجال التفاضل في الإسلام هو التقوى والعمل النافع المفيد.

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].

 

ومحمد صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ المثل الأعلى في التضحية والإيثار، كان مثال الزعيم المخلص الأمين، يشق على نفسه ولا يشق على أمته، كان يجوع ليشبع الناس، ويسهر لينام الناس، ويتحمل الجهد والمشقة ليستريح الناس، ويصبر على الأذى والشدة ليطمئن الناس، فأعطى بذلك درسًا عمليًّا رائعًا في الإيثار والتضحية، والابتعادِ عن الأَثَرة والأنانية، والإيثارُ من الأمور الشاقة على النفوس.

 

ولذلك وصف الله تعالى عباده المؤمنين الصادقين المقتدين بالرسول صلى الله عليه وسلم بقوله - عز وجل -: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ [الحشر: 9].

 

فالمؤمن الصادق لا يلتَذُّ بوصول الخير إليه وحرمان غيره منه، بل يريد كما يريد الإسلام، يريد خيرًا عامًّا، ونفعًا شاملاً، ومصلحة جامعة، تتمتع بها أفراد الأمة على السواء، كلٌّ بقدر كدِّه وعمله، لا استئثار فيها ولا استغلال، ولا أثرة ولا أنانية.

 

ولقد نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيمانَ عن ذلك الأناني الذي حُرِمَ الرحمة، وفَقَدَ الرأفة، وقُدَّ قلبُه من الصخر، فلم تهتز له عاطفة، ولم يَرِقَّ له قلب إلى جاره الجائع المسكين الذي يتضور جوعًا هو وعياله وأطفاله، وهو يعلم بحاجته الماسة إلى مساعدته، فقال: ((ما آمن بي من بات شبعان، وجاره جائع إلى جانبه، وهو يعلم به)).

 

بهذه المبادئ الرشيدة، والتعاليم السامية، والمثل العليا، والأخلاق العظيمة، وبأمثالها، جاء محمد صلى الله عليه وسلم ليشق لقومه وأتباعه طريقهم في هذه الحياة، ولينتصروا على جميع العقبات والصعوبات، ويتغلبوا على المكايد والمؤامرات التي كادها وحاكها لهم الأعداء.

 

وفي الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كل عام يحتفل المسلمون بالذكرى العطرة لمولد سيد المجاهدين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، منقذ الإنسانية من الظلمات إلى النور، ومن الشرك والإلحاد إلى التوحيد والإيمان، ومن الظلم والفساد إلى العدل والإصلاح، ومن الجهل إلى العلم، ومن الضعف والذِّلة إلى العزة والقوة.

 

وجدير بالعالَم من مسلمين وغير مسلمين، أن يحتفلوا بهذه الذكرى العطرة؛ قيامًا بحقه في هدايتهم، واعترافًا بفضله في إسعادهم، وقيامِ جماعاتهم على أسسٍ صالحة، وقواعدَ حكيمة.

 

والاحتفال بهذه الذكرى إنما يكون بنصرة دينه، وتأييد شريعته، واتباع هديه، وإحياء سنته، والاقتداء به في جهاده ونضاله، وصبره وثباته، وشجاعته وبسالته، وخُلُقه وآدابه.

 

وإنه لَمِمَّا يدمي القلوب، ويبعث في النفوس الألمَ والحسرة أن تأتي هذه الذكرى على المسلمين وأرضُ المسلمين والعرب محتلَّة من قِبَل الأعداء.

 

ومدينة القدس الخالدة أرض الإسراء والمعراج التي رُوِيَت تربتها بدماء الشهداء الأبرار في مختلف العصور، تحت سيطرة الصهيونيين الذين يقومون بالإجراءات التعسفية لتهديد الآمنين من السكان، ويَسُنُّون القوانين الظالمة لمصادرة الأراضي، وهدم المنازل الإسلامية والعربية، وتجميد السلطات القضائية الشرعية، وسلبها ما لها من صلاحيات واختصاصات؛ تمهيدًا لتهويد المدينة المقدسة، وإزالة الصبغة الإسلامية والعربية عنها.

 

لقد اشتدت البلوى، وعظُم الخطب، وهل هناك بلوى أشد وأعظم من أن يكون المسجد الأقصى المبارك - وهو أُولى القبلتين، ومسرى محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، الذي يجب أن يَهَبَهُ المسلمون قلوبهم ودماءهم - تحت يد الأعداء؟ الذين انتهكوا حرمته، ودنسوا طهارته، واتخذوه مكانًا لِلَهْوِهم وعبثهم ومجونهم، وقاموا بإجراء الحفريات تحته وبجواره، مما ينذر بانهياره، مستخِفِّين بشعور مئات الملايين من المسلمين في المشارق والمغارب، وأخيرًا امتدت أيديهم المجرمة عن تعمد وتصميم إلى إحراق جزء كبير منه، أتى على منبره الأثري العظيم؛ تمهيدًا لإزالته، وإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه.

 

وإنه لمن المؤسف حقًّا أن يرى المسلمون بأعينهم، ويسمعوا بآذانهم، ما يرتكبه العدو في هذا المسجد المبارك، وما يقوم به من اعتداء صارخ على المسجد الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل؛ حيث استولى على القسم الأكبر منه، ومنع المسلمين من إقامة شعائرهم الدينية فيه، إنه لمن المؤسف حقًّا أن يروا بأعينهم ويسمعوا بآذانهم كل ذلك، دون أن يقوموا بعمل حازم مشترك يعيد الحق إلى نصابه، ويوقف العدو عند حده، ويردعه عن الاستمرار في غَيِّه.

 

فلا يحق لمسلم أن يغمض له جفن، أو تنام له عين، وبلاد العرب والمسلمين، ومدينة القدس الخالدة، والمسجد الأقصى المبارك، والمسجد الإبراهيمي الشريف، وبقية المقدسات، تحت قبضة الأعداء وسيطرتهم.

 

فعلينا - معاشر المسلمين والعرب - أن نرجع إلى الله، ونعتصم بحبله المتين، وأن نعمل ونجد، ونجاهد ونكافح، ونصبر ونثبت، لا نيْئَس ولا نقنط، وعلينا أن نتخذ من هذه الذكرى العطرة وسيلة نوحِّد بها كلمتنا، وننظم صفوفنا، ونُعِدُّ عدتنا، ونغيِّر ما بأنفسنا حتى يغير الله حالنا إلى أحسن منها.

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].

فما أوقع هذه الأمة فيما هي فيه من ضيق وشدة، وتشتُّت وتشريد، وما أصابها من ضياع بلادها ومقدساتها، إلا ابتعادُها عن الله وعن دينه وتعاليمه، وتقاعُسها عن إعداد القوة المادية والروحية، وإيثار أفرادها وجماعاتها مصالحَهم الشخصية على مصالحها، واشتغالُها بخلافاتها وخصوماتها التي أقضَّتْ مضاجعها وحكَّمت الأعداء في رقابها.

 

أجَلْ، إن كل ما أصابنا إنما هو نتيجة ما جنَتْه أيدينا، وهذه آيات الله تعالى ناطقة بذلك في محكم كتابه العزيز: ﴿ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [النحل: 118]، ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 40].

 

وإن العدل الإلهي لَعَدْلٌ مطلق، يجازي كل أمة بما تستحق؛ ولذلك فليس من الممكن أن تسير أمة في طريق الخير والبر، وتتقي الله في أقوالها وأفعالها، وتتعاون على تحقيق مصالحها، وتجاهد بالمال والنفس لدفع العدوان عنها، ثم هي تشقى في حياتها وتُضام، أو تُحتَلُّ بلادها من قِبَل الأعداء اللئام، كلا، إن ذلك ما كان ولا يكون ولن يكون، والله تعالى يقول: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ [هود: 117].

 

أسأل الله العظيم أن يعيد هذه الذكرى العطرة على المسلمين والعرب، وقد اتفقت كلمتهم، وقوِي بأسُهم، واشتدت شوكتهم، واستعادوا عزتهم وكرامتهم، واستردوا أوطانهم، وأنقذوا مقدساتِهم، وكانوا في عزة وقوة وسيادة، كما أسـأله - عز وجل - أن نحتفل بذكرى المولد القادمة في مدينة القدس الخالدة وقد تحررت من نِير الاحتلال وسيطرته، وفي رحاب المسجد الأقصى المبارك وقد رجع إليه أهله وأولياؤه، وعاد إليه عِزُّه ومجده وكرامته.

 

﴿ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 4 - 6].

 

والله من وراء القصد، ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 40]، صدق الله العظيم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التحذير من التقصير في الصلاة والسلام على البشير النذير
  • صيحة نذير (خطبة)
  • قافلة البشير
  • وجاءكم النذير

مختارات من الشبكة

  • ديوان العلامة محمد البشير الإبراهيمي المسمى: المورد العذب النمير من أشعار العلامة محمد البشير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير (النسخة 8)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة التقريب والتيسير في معرفة سنن البشير النذير (النسخة 7)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة لوامع التنوير شرح الكوكب المنير نظم خصائص البشير النذير (ج2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة لوامع التنوير شرح الكوكب المنير نظم خصائص البشير النذير(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة التقريب والتيسير في معرفة سنن البشير النذير (النسخة 6)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الفجر المنير في الصلاة على البشير النذير(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة التقريب والتيسير في معرفة سنن البشير النذير (النسخة 5)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة التقريب والتيسير في معرفة سنن البشير النذير (النسخة 4)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • غصن نضير من دوحة البشير النذير(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب