• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / محمد صلى الله عليه وسلم / ردود وتعقيبات
علامة باركود

( رحمة الله ) .. بين المسيح ومحمد عليهما السلام

( رحمة الله ) .. بين المسيح ومحمد عليهما السلام
د. إبراهيم عوض

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/1/2014 ميلادي - 18/3/1435 هجري

الزيارات: 14669

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بين المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (15)

حقائق الإسلام الدامغة وشبهات خصومه الفارغة

الرد على ضلالات زكريا بطرس

رحمة الله (بين المسيح ومحمد عليهما السلام)

 

• نقرأ عن المسيح في القرآن أن الله يُسمّيه: ﴿ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا ﴾ [مريم: 21]، كما قال الله عن محمد: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين ﴾ [الأنبياء: 107]، إن كنا نُدرِك أن وحي محمد يختلف مبدئيًّا عن وحي المسيح، نرى أن مضمون الرحمة في هذين الرجلين يختلف أيضًا اختلافًا جَذريًّا، لقد كان محمد نبيًّا مسلمًا وعبدًا لله، يُخبِر بما أملاه الملاك جبرائيل عليه، أما المسيح فلم يكن نبيًّا ورسولاً فحسب، بل كان الوحي المتجسِّد، فلم يكن محتاجًا إلى وسيط كالملاك، بل كان في ذاته كلمة الله الأزلي، فكما أنَّ الفرق شاسع بين الوحي في الإنجيل والقرآن، هكذا تختلِف رحمة محمد عن رحمة المسيح جوهريًّا، قد تمَّ الوحي لمحمد بواسطة آيات القرآن وإعلاناته في الحديث وقدوته في السُّنَّة، واتَّحدت هذه الإلهامات في الشريعة مع أوامِرها ومحرماتها، منظِّمة جميع نواحي حياة الأمة الإسلامية، فتنظم العبادات بالتفاصيل؛ كالوضوء والصلاة، والصوم والزكاة والحج، وحتى الختان والدفن، وأما المعاملات، فتنظم جميع نواحي الحياة في العائلة والإرث والعقود، والجهاد والعقوبات، فتسير حياة المسلم حسب الشريعة، وهكذا ظهرت خلاصة رحمة الله للمسلم في إنشاء الشريعة، يُخبِرنا الإنجيل: إن الإنسان لا يتبرَّر بحفظ الشريعة؛ لأنَّ لا أحد أكمَل فرائضها، وهكذا لم يُنفِّذ مسلم ما الوضوء دون خطأ، وأهمَلت الأكثرية الصلوات الخمس، وكسَر ملايين الصوم، وقدَّموا الزكاة بالحيلة، ولم يمارِسوا الحج بدون هفوات.

 

وكم من مرة أخطأ الرجل نحو زوجته وأولاده! وكم من عَقْد عُقِد بحيلة وخداع! وكم من مرةٍ صَدَر من الشفتَين كذِب! وهل عُرف إنسانٌ بدون كبرياء وأنانية وحقْد ونجاسة؟ فشريعة الله تدين الإنسان بأعماله ونياته، وخلاصة الشريعة هي الحُكم على الإنسان الخاطئ لأجل الفشل والذنب والفساد، نعم شريعة محمد نَظمت حياة الأمة نظامًا شاملاً، كما أن شريعة موسى ركَّزت الحياة على الله في كل نواحيها، طالبة التسليم الكلي والخضوع للخالق، إنما الشريعة لن تبرِّر الخاطئ، ولن تُحرِّر المذنب من ذنبه، فكل شريعة تحكُم على الأثيم وتُهلِكه، فبسبب الشريعة سيدخل الإنسان جهنم، الشريعة هي الدَّيَّان العادل، ولا يستطيع أحد أن يُرضيَها، يتمنَّى كل تقي غفران الغفور، ويرجو المسلم: ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114]، ولكن بالحقيقة لن يحصُل أحد من الأمة الإسلامية على الغُفران النهائي الشامل قبل يوم الدِّين؛ لأن ليس عندهم بديل في الدينونة إلا الشريعة الحاكِمة، لا ولن يوجد خلاصٌ في الشريعة، لا معنويًّا ولا لُغويًّا، وسيَنال كل واحد في يوم الدين حسابه بسبب آثامه وفشَله المُبين؛ فالشريعة تدين أخيرًا أتباعه؛ ولذلك اعترَف النبي بأن جميع أتباعه سيَدخلون جهنم حتمًا؛ ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا * ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا * ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا * وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ﴾ [مريم: 68 - 71]، ﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾ [هود: 119]، نعترِف بأن المسيحي والهندي والبوذي والمسلم أشرار بطبيعتهم؛ لأن ليس أحد من البشر صالحًا، ولا واحد، الجميع أخطؤوا وأعْوزَهم مجد الله؛ [رومية 3: 23]، إنما الله منَح في المسيح رحمة خاصَّة لكل الناس، رحمة لا تُدين الخطاة ولا تُهلِكهم، بل تُنجِّيهم من غضَب الله ودينونته العادلة؛ [يوحنا 3: 17و 18] لم يُلغِ المسيح حفْظ وصايا الله، وطلَب من حوارييه إتمامها عمليًّا، إنما الهدف الأخير لمجيء المسيح ليس تَعيين شريعة يستحيل تطبيقها، بل إعلان محبة الله للخُطاة وتبريرهم المجاني، فعاش المسيح ما قاله وأكمَل الشريعة بذاته، وصار حَمَل الله الذي يرفع خَطِيَّة العالم؛ [يوحنا 1: 29]، وأنبأ إشعياء النبي قبل ألفين وسبعمائة سنة موضِّحًا نيابة المسيح عنَّا في دينونة الله: لكن أحزاننا حمَلها، وأوجاعنا تحمَّلها، ونحن حسبناه مُصابًا مضروبًا من الله ومذلولاً، وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامِنا، تأديب سلامنا عليه، وبحُبُره شُفينا، كلنا كغنم ضلَلنا، مِلْنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضَع عليه إثمَ جميعِنا؛ [إشعياء 53: 4]، خلَّص المسيح أتباعه من لعنة الشريعة، ونجَّاهم من حُكم الدينونة في اليوم الأخير، وبرَّر الذين يُقبِلون إليه مؤمنين بتبريره، لقد صالَح المسيحُ البشر بالله، وأوجد سلامًا أبديًّا، ويحرِّضنا الرسول بولس لقَبُول هذه الحقيقة الروحية كاتبًا إلينا: تصالَحوا مع الله؛ لأنه جعَل الذي لم يعرف خطِيَّةً خطِيَّة لأجلنا، لنصير نحن برَّ الله فيه؛ [2 كورنثوس 5: 20 و21]؛ لذلك استطاع المسيح أن يُؤكِّد للمفلوج أمامه: ثقْ يا بُني، مغفورة لك خطاياك، وأعلَن أيضًا للخاطئة التائبة: مغفورة لك خطاياك، ويستمرُّ المسيح بدعوته لكلِّ تائب نادِم على إثمه، ويؤكد له: إن الله يحبك؛ لأنِّي صالحتُك به، لم يرسِل الله المسيح رسولاً إلى العالمين ليُنشئ شريعة ثقيلة يستحيل تَطبيقها، كلا! إنما المسيح نفسه كان رحمة الله المتجسِّد حين ظهرت فيه محبة القدوس للجميع، وأحبَّ الخُطاة، وبارَك أعداءه، وشجَّع الفاشلين، فابن مريم هو رحمة الرحمن الرحيم، ويدلُّ هذا اللقب على أنه جوهر من جوهر، وروح من الله في الجسد؛ [سورة النساء: 171]، فليس خلاف ولا فرق بينه وبين رحمة الله؛ لذلك أصبحت كفَّارته النائبة عن البشر كله عرض من الله للهالكين، فكل من يقبل نعمة التبرير يتصالَح مع الله، ويُبصِر متأكدًا أن المسيح حي جالس عن يمين العظمة، فرحمة المسيح لا تُديننا ولا تُهلكنا، بل أوجدت تبريرًا عامًّا ونعمةً خاصةً وسلامًا مع الله، لا يعيش أتباع المسيح تحت شريعة موسى فيما بعد، ولا تحت شريعة محمد، بل يثبتون في نعمة الإنجيل، ويُثبِت القرآن هذا الامتياز بكل وضوح: ﴿ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 47]؛ فالقرآن يُحرِّر المسيحيين من الشريعة شرعيًّا، ويُثبِتهم رسميًّا في نعمة الإنجيل، فإن رحمة المسيح تمنَح سلامًا عامًّا ونشاطًا روحيًّا في يقين الخلاص، وتقودنا لخدمات المحبة والرجاء واليقين.

 

• هذه الفقرة مملوءة بالمغالطات والأخطاء والتناقضات الواضحة لكل من يحكِّم عقله، وبخاصة إذا كان على معرفة بالقرآن الكريم والكتاب المقدس، ونبدأ بقول الواعظ - الذي على نياته -: إن المسيح طلَب من أتباعه الالتزام بالشريعة، وقوله في ذات الوقت: إن النصرانية قد ألغتِ الشريعة، كيف؟ لا أدري، ولست إخال أحدًا آخر يدري! وهذا هو كلامه بنصه: "لم يُلغِ المسيح حفْظ وصايا الله، وطلَب من حوارييه إتمامها عمليًّا"، "خلَّص المسيح أتباعه من لعنة الشريعة، ونجاهم من حُكم الدينونة في اليوم الأخير"، ترى كيف يأمر المسيح أتباعه بأن يلتزِموا بوصايا الشريعة، بل بأن يُتِموها إتمامًا، وفي نفس الوقت يقال: إنه قد خلَّصهم منها ومن لعْنتها؟ معنى هذا أنه - عليه السلام - حين أمَرهم بإتمامها قد أمَرهم أن يلتزِموا باللعنة، أليس كذلك؟ هذا ما يقوله كلام الواعظ بمنتهى الوضوح!

 

الواقع أن المشكلة في كلام ذلك الواعظ وأشباهه أنهم يريدون أن يسوِّقوا لنا كلامًا لا معنى له، وعلينا أن نقبَله بوصفه مجرَّد جَرس لفظي يملأ الفضاء والأذن والوقت فحسْب، ولا ينبغي أن نجعله موضوعًا لتفكيرنا، بل نَقَبل دون تفكير ما يريد الواعظ وأمثاله منا أن نرتِّبه عليه، رُغم أنه لا يؤدي إلى شيء من النتائج المراد ترتيبها عليه؛ حتى لا ينكشِف عوار كلامه، ويَبِين تهافُت منطقه، وتظهر الثغرات القبيحة في طريقة تفكيره كما هو حادثٌ الآن.

 

ثم كيف يقال: إن المسيح قد خلَّصهم من لعنة الشريعة؟ تُرى هل هناك مجتمع في الدنيا يعيش دون شريعة؟ فكيف يُنظِّم الناس حياتهم، ويُميِّزون بين الصواب والخطأ، ويعرفون حقوقهم وواجباتهم، والعقوبات التي تردَع المجرم عن إجرامه، أو على الأقل: تكون عبرة لغيره من أن يَسلُك نفس السبيل؟ ترى تحت أي بند نضع تعاليم السيد المسيح التي كان يوصي بها أتباعه كما تقول الأناجيل؟ ألم يكن يأمر كل من آمَن به أن يترُك عمله الذي يتكسَّب منه ويتَّبعه؟ ألم يرفُض أن يذهب أحد المؤمنين به لتشييع جثمان أبيه قائلاً له: "دَع الموتى يَدفِنون موتاهم"، بما يُفيد أنه لو آمن أفراد المجتمع كلهم به، لكان معنى هذا أن تبقى جثث الموتى في البيوت والشوارع والحقول حتى تنتن، وتأكلها الكلاب والثعالب والنسور؛ لأنه لن يكون هناك في هذه الحالة موتى؛ (أي: كفار لم يؤمنوا به - عليه السلام - يقومون بدفْن موتاهم؟ ألم يُبيِّن لهم كيف يصلُّون؟ ألم يقل لهم: إن على الأغنياء التخلِّي عن كل ثرواتهم حتى يدخلوا ملكوت السموات؟ ألم يوجِب عليهم أن يتركوا إزارهم لمن يَغصِبهم رداءهم، وأن يُديروا خدَّهم الأيسر لمن يَصفَعهم على خدهم الأيمن، وأن وأن وأن؟ أليس في النصرانية تشريعات خاصة بالقُدَّاس والميلاد والزواج والطلاق، والصلاة والصيام والحج، والموت والدفن مثلاً، ودعك من أن كثيرًا منها تشريعات مُعنِتة جدًّا؟ أليس في النصرانية حَرْمٌ يسلُّه الباباوات على رِقاب من يخرجون عن طوعهم أو طوع الكنيسة؟ أليس القتل والسرقة والكذب والخيانة وإهانة الأب والأم مثلاً حرامًا في النصرانية؟ أم إن النصراني يستطيع أن يزني ويقتل ويسرِق ويَغتاب وينُم ويستبدَّ ويتجسَّس ويخون ويكذب دون أن يخشى عقابًا من الله يوم القيامة ما دام السيد المسيح - صلى الله عليه وسلم - قد جاءه بالرحمة والغفران الشامل؟

 

فإذا كان الأمر كذلك - وهو بكل يقين كذلك، ولا يمكن أن يكونَ إلا كذلك - فأي فرْق إذًا بين النصرانية وبين الإسلام، أو أي دِين آخر يسوِّغ لواعظنا الطيب - الذي على نياته - الزعم بأن الوضع في دِينه مختلف عما عند الآخرين؟

 

إن آفة بعض الناس أنهم لا يستطيعون أن يكذِبوا على أنفسهم، ولا أن يذهبوا فيردِّدوا ما يسمعونه دون أن يَعرِضوه على عقولهم، وينظروا فيه نظَر الفاحص المُنتقِد، بل لا بدَّ لهم من النظر والتفكير في كل ما يُعرَض عليهم، ونحن - بحمد الله - من هذا الصِّنف من البشر، فإن قَبِلت عقولنا ما يُقال لنا، وإلا نبذناه وراء ظهورنا! وهذا الكلام الذي يقوله الواعظ الطيب - الذي على نياته - لا يصمُد لهبَّةٍ واهنة من نسمة التفكير، بل يَنطفئ في التو واللحظة!

 

ومن تناقضات كلام واعظنا قوله: "لقد كان محمد نبيًّا مسلمًا وعبدًا لله يُخبِر بما أملاه الملاك جبرائيل عليه، أما المسيح فلم يكن نبيًّا ورسولاً فحسب، بل كان الوحي المتجسد، فلم يكن محتاجًا إلى وسيط كالملاك، بل كان في ذاته كلمة الله الأزلي"، ذلك أنه يُقِرُّ بأن محمدًا نبي من أنبياء الله، فما معنى هذا؟ أليس معناه أنه ينبغي الإيمان به صلى الله عليه وسلم؟ أم ترى الله - سبحانه - قد أرسَله على سبيل العَبث فلم يُرد من عباده أن يؤمنوا به، بل أن يتَّخِذوا دينه زينة يضعونها في حجرة الاستقبال كـ: (أنتيكة) من الأنتيكات؟ أعطوني عقولكم أيها القراء! أوليس التالي يَنسخ السابق كما أن مقررات المرحلة الإعدادية تأخذ مكان مقررات المرحلة الابتدائية؛ لأنها تشتمِل عليها، وتَزيد عنها، وتُفصِّل القول فيها، وتحذِف أشياء منها لم تعُد مناسبة لمدارِك الكِبار... إلخ، وكما تأخذ الثانوية مكان الإعدادية، والجامعة مكان الثانوية؟

 

كذلك يُضحِكنا قول الواعظ الطيب: "لقد صالَح المسيح البشر بالله وأوجد سلامًا أبديًّا"، نعم يضحِكنا لمناقضته الواقع الذي يفقأ العين؛ ذلك أن الدنيا قد ركِبها وما زال يركَبها ألف عفريت وعفريت! أين بالله هذا السلام الذي يأبى واعظنا إلا أن يجعله سلامًا أبديًّا؟ نعم أين هذا السلام؟ أتُراه يتحدَّث عن السلام في المريخ مثلاً أو في الزهرة؟ وإلا فما معنى كل هذه الحروب والخصومات والاشتباكات، والتناحُر والقلق، والسأم والخوف، وعدم الرضا في كل مكان على وجه الأرض؟ أم تُراه يقول: إن هذا هو السلام؟ إن مصيبة بعض العباد أنهم يعيشون أُسارى لما يَلوكونه من ألفاظ، لا يحاولون أن يخرُجوا من أسْرها إلى طلاقة الواقع والهواء والنور والحياة الحقيقية؛ ليَروا مدى صدْق ما يقولون أو كذبه! وواعظنا وأشباهه - للأسف - من ذلك الصنف من الناس!

 

ويقول واعظنا أيضًا: إن "الله لم يرسِل المسيح رسولاً إلى العالمين؛ ليُنشئ شريعة ثقيلة يستحيل تطبيقها، كلا! إنما المسيح نفْسه كان رحمة الله المتجسِّد حين ظهرت فيه محبة القدوس للجميع، وأحبَّ الخُطاة، وبارَك أعداءه، وشجَّع الفاشلين، فابن مريم هو رحمة الرحمن الرحيم، ويدلُّ هذا اللقب على أنه جوهر من جوهر وروح من الله في الجسد؛ [سورة النساء: 171]، فليس خلاف ولا فرْق بينه وبين رحمة الله؛ لذلك أصبحت كفَّارته النائبة عن البشر كله عَرْض من الله للهالكين، فكل من يَقبَل نعمة التبرير، يتصالَح مع الله ويُبصِر متأكدًا أن المسيح حي جالس عن يمين العظمة، فرحمة المسيح لا تُديننا ولا تُهلِكنا، بل أوجدت تبريرًا عامًّا ونعمةً خاصةً وسلامًا مع الله"، كلام، كلام، كلام، كلام فقط، والسلام، كلام لا مُحصلة من ورائه، ومع هذا فلا بدَّ أن نُبيِّن شيئًا تَجاهَله الواعظ الحكيم، ألا وهو أنه إذا كانت النصرانية قد أتت بالرحمة من خلال الله الذي تجسَّد في المسيح قبل نحو ألفين من الأعوام، فإنَّ الإسلام لم يترك البشر دون رحمة وغفُران كل تلك الملايين من السنين منذ أن خُلِق الإنسان إلى أن أتى المسيح - عليه السلام - بل أكَّد لنا أن الله - سبحانه وتعالى - قد تاب على آدم بمجرَّد أن ارتكَب المعصية وعوقِب عليها بالنزول من الجنة، واستغفَر ربه (ويا دار ما دخلك شر)، ولا تجسُّد ولا يحزنون، ولا لخبطة، ولا تعقيدات لا يَفهمها العقل، ولا تَنسجِم مع عدْل الله ورحمته وقُدرته ووحدانيَّته، واستحالة تَجسُّده، أم سيقال: إن الله كان ناسيًا أن آدم قد ارتكَب ذنبًا أدَّى إلى حِرمانه من رحمته - سبحانه - طَوال تلك الملايين من السنين، إلى أن نبَّهه مُنبه، فتنبَّه وتَدارَك ما كان قد فاته كل تلك الأحقاب المُتطاوِلة، أستغفِر الله؟ فماذا إذًا عن الأجيال التي مضت قبل هذا التذكُّر وقبل تجسَّد المسيح ابن الله وموته على الصليب؟

 

ومما ينبغي الوقوف عنده لتوضيح وجْه الحقيقة فيه، قول واعظنا البارع في تسويق ما لا جدوى له من الكلام، إن الشريعة لن تُبرِّر الخاطئ، ولن تُحرِّر المذنب من ذنبه، فكل شريعة تَحكُم على الأثيم وتُهلِكه، فبسبب الشريعة سيدخل الإنسان جهنَّم، يا أخي، فأل الله ولا فألك! لقد جاءت الشريعة لتُنظِّم حياة الناس فلا يَعتدي أحد على أحد، وإلا عوقِب في الدنيا، أما الآخرة فقد يعاقَب فيها، وقد يُسامِحه الله، أو يُخفِّف عنه حسَب ظروفه وفهْمه ومدى ما بذَل من جُهد لتَجنُّب وقوع الخطأ منه، وكذلك حسَب ما عمل من الصالحات التي من شأنها أن تعادِل ما اقترَف من ذنب، بل ربما كانت العقوبة الدنيوية كافية لغفران الذنب في الآخرة، ومع هذا كله، فهناك رحمة الله الواسعة التي تسبِق دائمًا غضبه وعدله، أليس الله كريمًا؟ أليس عَفُوًّا غفورًا لطيفًا، بارًّا حنونًا عطوفًا؟ فكيف يكون - سبحانه - كذلك وهو أعظم من ذلك، دون أن يظهَر في حسابه لعباده كل ذلك؟

 

فالغُفران إذًا لا ينتظِر بالضرورة إلى الآخرة، بل قد يتمُّ هنا في الدنيا أولاً بأول، ما دام الشخص يستغفِر ربه ويَندم على ما فرَط منه من معصية، ويُسارِع إلى فِعل الخيرات، ثم لقد خلَق الله الإنسان ضعيفًا، وهو - سبحانه - لا يكلِّف نفسًا إلا وُسْعها، وليس ثمة ذنبٌ إلا وعفو الله أكبر منه وأعظم، ولا ننسى فوق هذا كله أن الحسنة في الإسلام بعشر أمثالها، بل إنها لتتضاعَف إلى سبعمائة ضِعف، وأكثر إلى ما شاء الله، على حين أن السيئة إنما تُجْزَى بمِثلها فقط، وهذا إن جُزِيت أصلاً، وكثيرًا ما لا يُجازى الإنسان عليها كما نعرف من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.

 

ولو عرَفنا أن كل ما يفعله الشخص يعوِّض ما ارتكَبه من آثام أولاً بأول، تَبيَّن لنا أن الأمر يختلف بالكلية عما يَهرِف به واعظنا، ولا يقتصِر الأمر على الصلاة والصيام والصدقات فحسْب، بل يدخُل في هذا بكل جَدارة، وربما بجدارة أجدر من كل جدارة، التبسُّم في وجوه الناس، وإماطة الأذى عن الطريق، ومَحْض النصح للآخرين، والسهر في طلَب العلم، وسعي الشخص على لقمة عيشه، ونأْيه بنفسه عن البطالة، وتأْدِيته أيَّ عملٍ نافِع له وللناس من حوله، وإمداده كلبًا أو قطًّا أو عصفورًا شرْبة ماءٍ، ومناولته لزوجته اللقمة في فمِها، بل إنَّ معاشرته لها في الفراش لتُدِر عليه وعليها أجرًا، على أن هذا ليس هو كل شيء، بل إنَّ المسلم إذا همَّ بحسنة كُتبَ له بها أجر، فإذا عمِلها فعلاً، كُتِب له سبعة أجور إلى ما شاء الله، أما إذا همَّ بسيئة، فإنه لا يُكتب عليه شيء، فإذا فعَلها كُتب عليه ذنب واحد، فإذا خاف ربه وامتَنع عنها، كُتب له أجر على مجرَّد الامتناع، (يا خلق هو): إنَّ الإسلام دين عبقري، لكن أصحاب العقول المتخلِّفة لا يفقهونه، فهو مِثل لؤلؤة ثمينة لا تستطيع الخنازير أن تُقدِّرها حقَّ قدْرها، والمهم أن يَبذُل كل منا جُهده وطاقته وأن يتجنَّب - ما أمكنه التجنُّب - سبيل المعاصي والذنوب، فإذا زلَّت قدَمه سارَع إلى باب مولاه، ونادى أن "افتَح لي يا إلهي باب كرَمك ولا تُغلِقه في وجهي"، وليترُك حموله بعد هذا على الله، ولن يَخذُله الله أبدًا، فكما ترى أيها القارئ، ليس هناك أبسط ولا أكثر منطقية ولا أقرب إلى فِطرة البشر ولا أقدر على معالَجة أمورهم - مما يقوله الإسلام، وليس معنى هذا أن كل شيء سيكون (تَمام التمام)، فليس هناك في حياة البشر شيء اسمه (تمام التمام)؛ لأننا لسنا في دولة من دول العالِم الثالث التي تقوم أمورها كلها على الكذِب والنفاق والضحك على ذقون الحكام المُتخلِّفين مِثل رعاياهم، والذين يُحبُّون أن يسمعوا أن كل شيء (عال العال)، رُغم معرفتهم - قبل غيرهم - أنهم لا يَسمعون إلا كذبًا وزُورًا، بل نحن في ملكوت الله المُطَّلع على كل شيء، والذي خلَق عباده ضعفاءَ خطَّائين، وكل ما هو مطلوب منهم كما قلت، أن يَبذُلوا جُهدهم وطاقتهم لا يَألون منهما شيئًا، وأن يتباعَدوا عن مواطن التقصير والحرام والإساءة ما أمكَنهم ذلك، وأن يُسارِعوا إلى الاستغفار والعزم على عدم العودة إلى الذنب إن وقَعوا في شيء منه، ثم أن يترُكوا الباقي بين يدي الله، ونعم بالله! تُرى بالله ماذا يريد الواحد منا أكثر من هذا؟ إنه إذًا لختَّارٌ كفورٌ يستأهِل ضرْب "المنتوفلى"! ترى هل هناك ما يُضاهي في العبقرية قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((سدِّدوا وقارِبوا))، أو قوله: ((إن المُنبتَّ لا أرضًا قطَع ولا ظهرًا أبقى))؟ ثم أين نحن من قوله - عز شأنه -: ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114]؟ بل أين نحن من قوله: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]؟!

 

وأترُك القرَّاء مع هذه الباقة العجيبة من أحاديث سيد المرسلين في هذا الموضوع: ((إن الله كتَب الحسنات والسيئات؛ فمَنْ هَمَّ بحسنة فلم يعملها، كتَبها الله له عنده حسنة كامِلة، فإن همَّ بعمَلها، كتَبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضِعْف إلى أضعاف كثيرة، ومن همَّ بسيئة فلم يعمَلها، كتَبها الله عنده حسنة كاملة، فإن هو همَّ بعمَلها، كتَبها الله له سيئة واحدة))، ((إن عبدًا أصاب ذنبًا، فقال: ربِّ، أذنبتُ، فاغفِر لي، فقال ربه: أَعَلِمَ عبدي أن له ربًّا يغفِر الذنب ويأخذ به؟ غَفرتُ لعبدي، ثم مكَث ما شاء الله، ثم أصاب ذنبًا، فقال: ربِّ، أذنبت آخر، فاغفِره؟ فقال: أعلِم عبدي أن له ربًّا يغفِر الذنب ويأخذ به؟ غفرتُ لعبدي، ثم مكَث ما شاء الله، ثم أذنَب ذنبًا، قال: ربِّ، أصبتُ آخر، فاغفِره لي، فقال: أعلِم عبدي أن له ربًّا يغفِر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي، ثلاثًا، فليعمَل ما شاء))، وفي الحديث ((أن الناس قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((هل تُضارون في القمر ليلة البدر؟))، قالوا: لا يا رسول الله، قال: ((فهل تُضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟))، قالوا: لا يا رسول الله، قال: ((فإنكم تَرونه كذلك، يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبُد شيئًا، فليتبعه، فيتبع من كان يعبُد الشمس الشمسَ، ويتبع من كان يعبد القمر القمرَ، ويتبع مَن كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها شافعوها، أو منافقوها، شكَّ إبراهيم، فيأتيهم الله، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: هذا مكاننا حتى يأتينا ربُّنا، فإذا جاءنا ربنا، عرَفناه، فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فيتبعونه، ويُضرَب الصراط بين ظهرَي جهنَّم، فأكون أنا وأمتي أول من يُجيزها، ولا يتكلَّم يومئذ إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذ: اللهم سلِّم سلِّم، وفي جهنم كلاليب مِثل شوك السعدان! هل رأيتم السعدان؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: فإنها مِثل شوك السعدان، غير أنه لا يعلَم ما قدْر عِظمها إلا الله، تَخطَف الناس بأعمالهم؛ فمنهم المؤمن يبقى بعمَله، أو الموبَق بعمله، أو الموثق بعمله، ومنهم المُخردَل، أو المُجازى، أو نحوه، ثم يتجلَّى، حتى إذا فرَغ الله من القضاء بين العباد، وأراد أن يُخرِج برحمته من أراد من أهل النار، أمَر الملائكة أن يُخرِجوا من النار من كان لا يشرِك بالله شيئًا، ممن أراد الله أن يرحمه، ممن يشهد أنْ لا إله إلا الله، فيعرفونهم في النار بأثر السجود، تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود، حرَّم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار قد امْتُحِشوا، فيُصبُّ عليهم ماء الحياة، فيَنبُتون تحته كما تَنبُت الحِبَّة في حَميل السيل، ثم يَفرغ الله من القضاء بين العباد، ويبقى رجل مُقبِل بوجهه على النار، هو آخر أهل النار دخولاً الجنة، فيقول: أي رب، اصرِف وجهي عن النار، فإنه قد قَشَبَني ريحُها، وأحرقني ذَكاؤها، فيدعو الله بما شاء أن يدعوه، ثم يقول الله: هل عَسيت إن أُعطيت ذلك أن تسألني غيره؟ فيقول: لا وعزَّتك لا أسألك غيره، ويُعطي ربه من عهود ومواثيق ما شاء، فيَصرِف اللهُ وجهه عن النار، فإذا أقبَل على الجنة ورآها، سكَت ما شاء الله أن يسكُت، ثم يقول: أي رب، قدِّمني إلى باب الجنة، فيقول الله له: ألستَ قد أَعطيت عهودك ومواثيقك ألا تَسألني غير الذي أُعطيتَ أبدًا؟ ويلك يا ابن آدم! ما أغدرَك! فيقول: أي رب، ويدعو الله حتى يقول: هل عسيت إن أُعطيت ذلك أن تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزَّتك لا أسألك غيره، ويُعطي ما شاء من عهود ومواثيق، فيقدِّمه إلى باب الجنة، فإذا قام إلى باب الجنة، انفهَقت له الجنة، فرأى ما فيها من الحبرَة والسرور، فيسكُت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول: أي رب، أدخلْني الجنة، فيقول الله: ألستَ قد أَعطيتَ عهودك ومواثيقك ألا تسأل غير ما أُعطيتَ؟ فيقول: ويلك يا ابن آدم! ما أغدرَك! فيقول: أي رب، لا أكوننَّ أشقى خلْقك! فلا يزال يدعو حتى يضحك الله منه، فإذا ضحِك منه، قال له: ادخُل الجنة، فإذا دخلها، قال الله له: تَمَنَّه، فسأل ربه وتمنَّى، حتى إن الله ليذكِّره، يقول: كذا وكذا، حتى انقطعتْ به الأماني، قال الله: ((ذلك لك، ومِثله معه))، ((يدنو أحدكم من ربه، حتى يضع كَنفَه عليه، فيقول: أعمِلتَ كذا وكذا؟ فيقول: نعم، ويقول: أعملتَ كذا وكذا؟ فيقول: نعم، فيُقرِّره، ثم يقول: إني سَترتُ عليك في الدنيا، وأنا أغفِرها لك اليوم)).

 

((قال رجل لم يعمل حسنة قط لأهله: إذا مات فحرِّقوه، ثم اذرُوا نصفه في البر، ونصفه في البحر، فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنَّه عذابًا لا يُعذِّبه أحدًا من العالمين، فلما مات الرجل، فعَلوا ما أمَرهم، فأمَر الله البَرَّ فجمَع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه، ثم قال: لِمَ فعلت هذا؟ قال: من خشيتك يا رب، وأنت أعلم، فغفَر الله له)).

 

ثم أتساءل: أمن الممكِن أن يسمع الإنسان مِثل هذه الأحاديث العظيمة في العفو والغُفران والرحمة الإلهية، ويتصور أنْ ثَمَّ موضعًا لفكرة التجسُّد والصلب والفداء؟ حاشا لله وكلاَّ!

 

ومن هذا يتضِح لنا أن كل ما قاله واعظنا من أن كل مسلم سيدخل لا محالة النار قبل أن يريح ريح الجنة، فهو كلام من لا يفهَم مرامي الآيات المذكورة ولا سياقاتها وأسباب نزولها، يقول الواعظ: "اعترَف النبي بأن جميع أتباعه سيدخلون جهنم حتمًا: ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا * ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا * ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا * وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ﴾ [مريم: 68 - 71]، ﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾ [هود: 119]، ووجه الحق هو أن الكلام في الآيتين خاصٌّ بالكافرين المعاندين الذين أصمُّوا آذانهم عن دعوة الحق والتفكير فيها، ورفضوا أن يفتحوا قلوبهم للنور - منذ البداية - رفْضَ المتمرِّدين المتصلبين! ومعنى الآية الثانية أن جهنم لن تقتصِر على عُصاة البشر فحسْب، بل ستشمَل نُظراءهم من الجن أيضًا، كما أنها لن تقتصِر من هؤلاء وهؤلاء على فريق دون فريق، بل كل العصاة سوف يُصلَون نارها؛ فقراءَ كانوا أو أغنياءَ، ورجالاً كانوا أو نساءً، وهكذا، ولنلاحظ أن القرآن لم يقل: إنه - سبحانه - سوف يملأ جهنم بـ: (الجنة والناس أجمعين، بل (من) الجنة والناس أجمعين، فالحرف (من) يُفيد التبعيض، بمعنى أن بعض الجن وبعض الإنس هم الذين سيملَؤون جهنم لا الجن والإنس جميعًا، وأرجو أن يَلتفِت القارئ إلى قوله -تعالى- في نفس السورة للمسلمين، قبل انتقال الآيات إلى الحديث عن الكافرين بقليل: ﴿ وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ ﴾ [هود: 113]، وهو ما يُفيد أنه لو لم يركَن المسلمون إلى الذين ظلَموا ما مسَّتهم النار مجرَّد مَس، فكيف يفهَم فاهم أن المسلمين المُطيعين سوف يدخلون النار ويَصلَون عذابها ضرْبة لازب؟ وإلا فأين المَهرَب من جنة عرضها السموات والأرض كما جاء في سورة (آل عمران) وسورة (الحديد)؟

 

أما إن أصرَّ مُصِرٌّ على أن الكلام في سورة (مريم) يعني أن البشر جميعًا سوف يَرِدُون النار أولاً، فلا بدَّ أن نعرِف إذًا أن الورود لا يعني الدخول والمقاساة، فورود الماء معناه الوصول إلى العين أو البئر، لا نزول الشخص فيه، وعلى هذا يكون المراد هو أن النار ستكون في الطريق إلى الجنة، فمن استحقَّ الجنة اجتاز الطريق لدار النعيم مباشرة، دون أن يَناله من النار أذًى؛ لأنه لن يدخلها، وإلا أخذ من العذاب نصيبه حتى يتطهَّر، فيخرج عندئذ ليلتَحِق بأصحاب الفردوس، ومُضيًّا في المقارنة بين مصير المسلمين والنصارى يقول الواعظ: "إنه لن يحصُل أحد من الأمة الإسلامية على الغُفران النهائي الشامل قبل يوم الدين؛ لأن ليس عندهم بديل في الدينونة إلا الشريعة الحاكمة"، أما على الجانب الآخر، فقد: "خلَّص المسيح أتباعه من لعنة الشريعة، ونجَّاهم من حُكم الدينونة في اليوم الأخير"، وهو لا يكتفي بهذا، بل يُضيف أن "إشعياء النبي أنبأ قبل ألفين وسبعمائة سنة موضِّحًا نيابة المسيح عنَّا في دينونة الله، لكن أحزاننا حمَلها وأوجاعنا تحمَّلَهَا، ونحن حسِبناه مصابًا مضروبًا من الله ومدلولاً، وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه، وبحُبُره شُفِينا، كلنا كغنم ضَلَلنا، ملْنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضَع عليه إثمَ جميعِنا؛ [إشعياء 53: 4].

 

والواقع أن هذا كله ليس إلا كلامًا في كلام، كيف؟ يقول: إن المسلمين لن يحصُلوا على الغفران النهائي الشامل إلا يوم الدين بعكس النصارى، وهو ما يُفهَم منه أن المسلمين مُنغمِسون هنا في العذاب والمعاناة، على خلاف النصارى الذين يرتَعون في الدنيا في بُحبوحة الجنة، وما أعدَّه الله فيها لعِبادة المُخلِصين مما لا عين رأتْ، ولا أُذن سمِعت، ولا خطَر على قلب بشر، فهل هذا صحيح؟ الحق أنه لا يقول بهذا إلا مجنون، فكلا الفريقين يعيش في هذه الأرض كما يعيش الفريق الآخر؛ يعمل ويكِدُّ لكي يعيش، ويعاني متاعب الحياة بألوانها المختلفة؛ من أمراض ومخاوف، وقلَق ومَلل، وفقر وطمع وجهلٍ، ويتطلَّع إلى التغلُّب على هذا كله، فينجح أحيانًا ويُخفِق أحيانًا، وفي بلادنا نرى الفريقين كليهما يَصرُخان من نار الغلاء والزبالة، والحُفر التي تملأ الشوارع، واختفاء الرصيف، والزحام الرهيب في البشر والسيارات، والصنايعية غير المَهرة الذين يتقاضَون أجورًا عالية لا يستحقونها، والمدارس والجامعات التي هي أكثر من الهمِّ على القلب، وتأكل المليارات أكلاً، ثم لا تُخرِج إلا جَهَلة، لا يستطيع أغلبهم كتابة اسمه كتابة صحيحة، والدروس الخصوصية التي لا عِلم فيها، بل حِفْظ ملخَّصات كلها جَهْل وتَخلُّف، والمستشفيات العامة هي في الحقيقة زرائب، والضجة التي تُصِمُّ الآذان وتكاد تُصيب الناس بالجنون، والكذب وخُلف الوعد، والألفاظ البذيئة التي تحاصِر الآذان في كل مكان، والأغاني الهابطة المصحوبة برقص بنات شَبِقات يَحكُكنَ أردافهن في الجدران كأنهن قطط جائعة، والصحف التافهة التي لا تثقِّف عقلاً ولا ترقِّي ذوقًا ولا تقول الصدق غالبًا... إلخ، أم تُرى واعظنا يزعُم أن النصارى لا يُقاسون شيئًا من هذا، بل يعيشون في جنة عرضها كعرض السماء والأرض، يأتيهم فيها رزقهم بكرةً وعشيًّا، دون أن يخرجوا من بيوتهم، بل دون أن يُغادِروا فراشهم، وكل ما عليهم أن يفعلوه هو أن يتمطَّوا بدلال ظهورهم، فيتساقط الطير مشويًّا في حلوقهم، ومعه ما لذَّ وطاب من العصائر الحلوة؛ من عرقسوس، وتمر هندي، وسوبيا، ودوم، وخرنوب، (ولا داعي للكوكاكولا والبيبسي؛ نزولاً على حُكم المقاطعة لأمريكا)، وقد هبَّت عليهم نسائم الفردوس الخَضِلة العَطِرة، ودخلت الملائكة عليهم من كل باب: ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 24].

 

على حين أن المسلمين غائصون حتى أذقانهم في طفح المجاري، وقد انهالت على جلودهم مقامع من حديد، كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍّ، أعيدوا فيها: ﴿ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ [الأنفال: 50]، وسربلتهم ثياب من زفت وقَطِران، وليس لهم طعامٌ إلا شجرة الزقوم، ولا شرابٌ إلا غَلْي الحميم؟ فليكن النصراني قد غُفِرت له ذنوبه، والمسلم لا، فالواقع الذي لا يكذِب هو أن ثمرة هذا أو ذاك لن تظهر إلا في الآخرة، ومن ثم فلا فرْق في دنيانا هذه بين حالة الأول وحالة الأخير، وهذا إن صدَّقنا أن ما يقوله الواعظ صحيح، وهو بكل تأكيد غير صحيح.

 

ونصِل إلى إشارة الواعظ إلى نبوءة إشعياء، وهو بطبيعة الحال يقصِد أن عيسى - عليه السلام - هو الله أو ابن الله الذي شَفى الممسوسين، وفاته أنه قد تكرَّرت الإشارة في سِفر إشعياء إلى أن الكلام عن "عبد" لله لا عن ابن لله، ولا عن الله نفسه، وهذا هو النص في سياقه كاملاً كما ورَد في السِّفر المذكور: "13هوذا عبدي يعقِل، يتعالى ويرتقي ويتسامى جدًّا، 14كما اندهَش منك كثيرون، كان منظره كذا مُفسِدًا أكثر من الرجل، وصورته أكثر من بني آدم، 15هكذا يَنضَح أممًا كثيرين، من أجله يَسدُّ ملوك أفواههم؛ لأنهم قد أبصروا ما لم يُخبَروا به، وما لم يسمعوه فهِموه، 1مَن صدَّق خبرنا، ولمن استعلِنت ذراع الرب؟ 2نبت قُدَّامه كفرخ وكعِرق من أرض يابسة، لا صورة له ولا جمال، فننظُر إليه، ولا منظر فنشتهيه، 3محتقر ومخذول من الناس، رجل أوجاع، ومختبر الحزن، وكمُسَتَّر عنه وجوهنا، محتقَر فلم نَعتد به، 4لكن أحزاننا حمَلها، وأوجاعنا تحمَّلها، ونحن حسِبناه مصابًا مضروبًا من الله ومذلولاً، 5وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا، تأديبُ سلامِنا عليه، وبحُبُره شُفِينا، 6كلنا كغنم ضَلَلنا، مِلْنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضَع عليه إثمَ جميعِنا، 7 ظُلِم أما هو فتذلَّل، ولم يفتح فاه، كشاةٍ تُساق إلى الذبح، وكنعجة صامته أمام جازِّيها فلم يفتح فاه، 8من الضغطة ومن الدينونة أُخذ، وفي جيله من كان يظن أنه قطِع من أرض الأحياء، أنه ضُرب من أجل ذنب شعبي؟ 9وجعل مع الأشرار قبره، ومع غني عند موته، على أنه لم يعمل ظلمًا، ولم يكن في فمه غش، 10أما الرب فَسُرَّ بأن يسحَقه بالحَزَن، إنْ جعَل نفسه ذبيحة إثم، يرى نسلاً تَطول أيامه، ومسرة الرب بيده تنجَح، 11من تعَب نفسه يرى ويَشبع، وعبدي البار بمعرفته يُبرِّر كثيرين، وآثامهم هو يحمِلُها، 12لذلك أقسم له بين الأعزاء ومع العظماء يقسِم غنيمة، من أجل أنه سكَب للموت نفسه، وأُحصي مع أثمة، وهو حَمَل خطِية كثيرين وشفَع في المدنييِّن"؛ (إشعيا: 52/ 13 - 15، و53/ 1 - 11).

 

فإن أصرَّ قَداسة الواعظ على أن يرى هنا المسيح - عليه السلام - فها هو ذا مؤلِّف سِفر إشعياء يصِفه على لسان المولى - سبحانه - بأنه عبد الله لا ابن له، ولا ننسى أنه لم يحدُث مرة أن قال المسيح - عليه السلام - لأحد ممن تعامَل معهم: "يا عبدي، أو يا عبادي"، بل إنه لم يسمِّهم حتى "عبيدًا"، (وهي الكلمة التي تستخدم عادة لعبد الإنسان لا لعبد الله، الذي يجمع عادة على "عِباد") بل سمَّاهم: "أحبَّاءَ": "لا أعود أسمِّيكم عبيدًا؛ لأن العبد لا يعلَم ما يعمَل سيده، لكني قد سمَّيتكم أحباءَ؛ لأني أعلمتُكم بكل ما سمِعته من أبي"؛ [يوحنا: 15/ 15]؛ أي: إن المسيح - عليه السلام - من الناحيتين: الإيجابية والسلبية كلتيهما، هو عبدٌ لله كسائر عباد الله، وإن زاد عنهم بأنه كان رسولاً نبيًّا، لكن قول مؤلِّف إشعياء عن ذلك العبد: "7ظُلِم، أما هو فتذلَّل، ولم يفتح فاه، كشاةٍ تُساق إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازِّيها، فلم يفتح فاه، 8من الضغطة ومن الدينونة أُخذ، وفي جيله من كان يظن أنه قطِع من أرض الأحياء، أنه ضُرب من أجل ذنب شعبي؟ 9وجعل مع الأشرار قبره، ومع غني عند موته"، لا ينطبِق على السيد المسيح - صلى الله عليه وسلم - إذ إنه لم يكن صامتًا، بل كان يتكلَّم طوال الوقت مع تلامذته أو أعدائه، أو المرضى المُتعَبين، وهذا الكلام هو الذي ألَّب عليه المجرمين الفَسَقة، حتى عندما وُضِع على الصليب حسَب روايات مؤلِّفي الأناجيل، لم يكفَّ عن الكلام، بل كان يجيب على ما يوجَّه له من أسئلة وتهكُّمات، كما أخذ يصيح ويتألَّم، وهو في نزْعه الأخير حسبما يزعمون، ثم إنه لم يدفَن مع أشرار، ولا مات مع أغنياء، ورواية الصلب موجودة لكل من يريد، فليُدلَّنا القوم على خلاف ما نقول! وفوق ذلك كيف يقال: إنه قد ظُلِم، وهو ابن الله أو الله ذاته؟ هل الآلهة يمكن أن تُظلَم؟ أوليس أبوه هو الذي أرسَله بنفْسه؛ لكي يموت هذه الميتة فداءً للبشرية؟ فكيف يسمَّى هذا ظُلمًا؟ الواقع أنه إذا قلنا: إنه كان هناك ظلْم، فليس أمامنا إلا القول بأن هذا الظلم هو مِن الذي اختاره وأرسَله، أستغفِر الله، لا من الذين أسلَمُوه لقَتلته، ولا من الذين صلبوه؛ لأن هؤلاء جميعًا إنما كانوا الأدوات المُنفِّذة للمشيئة الإلهية التي إنما عمِلت ما عمِلت؛ رحمة بالبشرية، وتكفيرًا لها عن ذنوبها كما يقول القوم! كذلك فالسيد المسيح لم يكن مُحتقَرًا، معاذ الله! وإذا كان فمن قِبَل المجرمين المنافقين من بني إسرائيل فقط، وهؤلاء لا قيمة لهم عند الله، أما الذين آمنوا به، فقد أحبُّوه واحترَموه، والأناجيل مملوءة بالكلام الطيب الذي كانوا يُغدِقونه عليه، وفوق ذلك، فإن قول إشعياء: "لكن أحزاننا حمَلها، وأوجاعنا تحمَّلَها"، لا ينطبق على السيد المسيح بحال؛ لأنه لم يحدُث أنْ حمَل أحزان أحد، ولا تحمَّل أوجاعه، بل كل ما هنالك أنه أذهَب عن بعض المرضى - وليس عنا كلنا نحن البشر - الأحزان والأوجاع التي كانوا يُقاسونها، ولم يتحمَّل هو نفسه شيئًا منها، وإلا فهل كان في كل مرة يَشفي فيها أحدًا من مرضه، كان يُصاب هو بدلاً منه بذلك المرض؟ هذا هو معنى العبارة، وهو ما لا ينطبِق على المسيح بتاتًا، بيْد أن القوم في تفكيرهم وتفسيرهم لكتابهم المقدس، لا يَجرُون على أي منهج أو منطق، بل يقولون كل ما يعنُّ لهم، بَغضِّ النظر عما فيه من شَطط في الخروج على كل منطق وعقل! كذلك فإن الكلام يخلو تمامًا مما يعتقِده النصارى في السيد المسيح من أنه قام من الأموات وصعد إلى السماء! ثم إن نهاية النص تتحدَّث عن نسل له تطول أيامه، وليس للمسيح أي نَسلٍ، لسبب بسيط هو أنه لم يتزوَّج كما يعلَم جميع الناس: "أما الرب فسُرَّ بأن يَسحَقه بالحَزَن، إن جعَل نفسه ذبيحة إثم، يرى نسلاً تطول أيامه، ومسرة الرب بيده تنجَح".

 

ولا بدَّ من التنبيه إلى أن كثيرًا من المفسِّرين اليهود يؤكِّدون أن المقصود في هذه النبوءة هو النبي إرميا وليس عيسى - عليه السلام - أما الفريق الآخر منهم الذي يرى أن الكلام عن المسيح، فإن المسيح عندهم ليس هو ابن مريم، بل شخصًا آخر لا يَزالون في انتظار مجيئه كما هو معروف (انظر "Matthew Henry Complete commentary on the whole Bible" في التعليق على الفقرات [13 - 15] من الإصحاح الثاني والخمسين من سفر إشعياء)، وهذا الشخص لن يكون واحدًا من الأقانيم المعروفة؛ لأنهم لا يعرِفون التثليث النصراني الذي هو في الواقع نِتاج الفكر المتأخِّر عن المسيح، وعلاوة على هذا نجد ألفرد جيوم في "A New Commentary on Holy Scripture"؛ (لندن: 1929م/ 459) يؤكد أن هناك خلافًا حادًّا حول حقيقة الشخص المومَأ إليه هنا، لم يَهدأ أُواره، وأن التفسير القديم الذي كان يرى أن المراد في نبوءتنا هو السيد المسيح، قد أخلى مكانه لحساب القول بأن المقصود هم بنو إسرائيل كلهم، وبخاصة أنه قد سبَق في سِفر إشعياء استعمال لفظ "العبد" مرادًا به بنو إسرائيل، كما أنه من غير المعقول أن يكون الكلام بهذا التفصيل عن شخص لن يظهر إلا بعد 500 عام تقريبًا، ومن هذا يتبيَّن لنا أن كلام السيد الواعظ هو كلام خاطئ تمامًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أيهما أعظم: محمد أم المسيح؟
  • ولادة محمد والمسيح عليهما السلام
  • براءة محمد والمسيح عليهما السلام
  • الوحي لمحمد والمسيح عليهما السلام
  • آيات محمد وآيات المسيح عليهما السلام
  • محمد والمسيح - عليهما السلام - بعد موتهما
  • سلام محمد وسلام المسيح عليهما السلام
  • آية الله ( بين المسيح والخميني )
  • رحمة الله للرحماء
  • رحمة الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم

مختارات من الشبكة

  • خاطرة: بين رحمة الكهف وكهف الرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دموع الرحمة على الشيخ غلام الله رحمتي 1355-1442هـ 1937-2021م(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صبيب الرحمة في مآثر المحدث المسند الشيخ غلام الله رحمتي، رحمه الله تعالى 1358-1442(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الرحمة في سيرة المصطفى ورحمته بأمته(كتاب - ملفات خاصة)
  • الرحمة المهداة: مظاهر الرحمة بالبشر في شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أدعية الاستفتاح: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيني وبين فتاة علاقة عاطفية وعرف أهلها ما بيننا(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب