تزكية النفس في الإسلام ( الصوم أنموذجا )

تزكية النفس في الإسلام

(الصوم أنموذجًا)

الصوم وتزكية النفس:

الصوم هو حلية العام كله، وفيه تجديد للإيمان في النفس والصحة والجسم، فالصوم واجب على الفرد والجماعة، وفيه تهذيب للنفس؛ فالنفس المطمئنة تزداد إيمانًا وتتزكى بهذا الصوم، والنفس الأمَّارة بالسوء تَنضبِط في هذا الشهر، وتتربَّى على الصبر وتترك ما حرم الله - سبحانه وتعالى - "والصوم له خصيصة ليست لغيره من العبادات، وهي إضافته إلى الله - عز وجل"[1].

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كل عمل ابن آدم يُضاعَف الحسنة عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله - عز وجل -: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به))[2].

وفُضِّل الصوم لسببَين، هما:

أ) أنه سرٌّ وعمل باطن لا يراه الخلق ولا يدخله رياء.

ب) أنه قهر لعدو الله؛ لأن وسيلة العدو الشهوات، وتقوى بالأكل والشرب، وبالصوم تضيق على الشياطين المسالك والمداخل[3].

ففي الصوم تهذيب وتزكية للنفس، وتعويد على الخير والنظام والطاعة والصبر والإخلاص، وهو كفُّ النظر واللسان واليَدِ والرِّجل وسائر الجوارح عن الآثام والمحرَّمات، كما تشمل الآداب وسائر الأحكام والفضائل في المساواة والمواساة والإحساس بأفراد أمة الإسلام.

الأثر التربوي للصوم:

1) الصوم حافز للتقوى؛ لأنه يقي الإنسان من المعاصي، ومدرسة يتعلم فيها سمو الروح وصفاء النفس ولذة المُناجاة لرب العالمين؛ قال الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

2) ومن خلال الصوم يتزكى الإنسان؛ حيث يبتعد عن محارم الله والشهوات ويكبَح جماحها، ويحوّل رغباتها، ويروّضها أن تستعذب الصبر على طاعة الله، والصوم تربية وتنمية لجانب الإرادة في شخصية المسلم.

3) الصوم تربية اجتماعية فيحسُّ المسلم الغني بأخيه المسلم الفقير البائس، ويذكّره بحاله والإحسان إليه، والرحمة به، ومد يد العون له.

4) يُعوِّد الصوم على الأمانة وعدم الخيانة؛ إذ هي عبادة في السر، فيتعود حفظ الأمانة ويحفظ حقوق العباد في السر والعلانية.

5) الصوم تزكية للنفوس، وتهذيب للأخلاق، وتكريم للإنسان وجنسه، و"يلتقي الجسد والقلب على كتاب الله وفريضة الصوم، فالصيام والقرآن إصلاح للجسد والروح وتهذيب للشكل والمضمون"[4].

فبالصوم تتزكَّى النفس، ويرتقي الإنسان في مدارج السالكين، ويُصبِح الإنسان زكيَّ النفس مهذَّب الأخلاق.

6) الصوم تربية إسلامية للمجتمع؛ إذ "يظهر فيه رمز الاتحاد والقوة والوَحدة وسعادة الأمة وعزتها"[5].

وبالصوم يظهر توحد الأمة على كلمة واحدة، وعلى عبادة واحدة، ويسعد الجميع لإحساسهم بحاجة الفقراء.

7) الصوم عبادة تجعل الإنسان واعيًا فكريًّا مُطبِّقًا لمنهجية واضحةٍ ضمن خطةٍ ووعي وتفكير"[6].