• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / العصبية القبلية
علامة باركود

الأعراف والعادات القبلية المخالفة للشريعة الإسلامية (WORD)

الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني

عدد الصفحات:131
عدد المجلدات:1

تاريخ الإضافة: 23/3/2013 ميلادي - 11/5/1434 هجري

الزيارات: 327922

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحميل ملف الكتاب

الأعراف والعادات القبلية

المخالفة للشريعة الإسلامية


المقدمة:

إن الحمد للَّه، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاَّ اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد انّ محمدّاً عبدُه ورسوله، صلّى اللَّه عليه، وعلى آله، وأصحابه، وسلّم تسليماً كثيراً، أما بعد:

 

فهذه رسالة مختصرة في «العادات، والأعراف القبلية المخالفة للشريعة الإسلامية»[1]، بيّنت فيها العادات، والأعراف التي تضادّ الشريعة السمحة، وبيَّنتُ حكمها بالأدلة، وذكرت أقوال العلماء المحققين في ذلك؛ وذلك في خمسة مباحث على النحو الآتي:

المبحث الأول: العادات والأعراف القبلية المخالة للشريعة الإسلامية.

المبحث الثاني: الأدلة على تحريم الحكم بالعادات المخالفة للشرع.

المبحث الثالث: أقوال العلماء الراسخين في العلم في العادات القبلية.

المبحث الرابع: حكم من حكم بالعادات، والأعراف القبلية الجاهلية.

المبحث الخامس: الفتاوى المحققة في تحريم الأعراف، والعادات الجاهلية القبلية.

 

واللَّهَ تعالى أسأل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن يجعله مباركاً نافعاً، وأن ينفعني به في حياتي، وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه سبحانه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلاَّ باللَّه العليّ العظيم، وصلَّى اللَّه وسلّم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

 

أبو عبد الرحمن

سعيد بن علي بن وهف القحطاني

حرر في يوم الجمعة 18/ 7/ 1433- 18/7/ 1433

 

المبحث الأول: العادات والأعراف القبلية المخالفة للشريعة الإسلامية

تختلف العادات والأعراف الجاهلية القبلية وغيرها المخالفة للشريعة الإسلامية على حسب المجتمعات، والأزمان، والقبائل، والعشائر، ولكن مما عرفت، وذكر لي من هذه العادات، والأعراف المخالفة للشريعة الإسلامية: الأعراف والعادات الجاهلية الآتية:

 

أولاً: التحاكم من بعض القبائل إلى من يسمونهم (مقاطع الحق)، أو(العُرَّاف)، أو (مقارع الحق)، أو (القوادي)، أو (جوازع البطحاء)، أو (قول عارف)، أو (معقد الحق)، أو (الحق) على اختلاف تعبيراتهم.

 

ومقاطع الحق مثل القضاة القانونيين يلزمون الناس بحكمهم، فإذا حضر عند ذلك المقطع الأخصام؛ فإنه يأخذ عليهم قبل الحكم عهوداً وضمانات على أن يقبلوا بحكمه في تلك القضية، فيأخذ على ذلك كفلاء، أو يرهن بنادق الأخصام عنده، ثم يسمع منهم، ويحلفهم الأيمان، ويسمع شهادات الشهود –إن وجدوا -، ثم يحكم بعد ذلك، وإن لم يقبل حكمه أصبح خصماً لمن لم يقبل حكمه الذي حكم به، يحاكمه عند «مقرع حقٍّ» آخر أعلى درجة منه.

 

وهؤلاء الذين يعرفون (بالحق) - كما تقدم - ورثوا هذا الحكم كابراً عن كابر، وهم يحكمون في القضية بمالٍ، أو دم يهراق من الخصم، أو أيمان.. أو غير ذلك، وعندهم قوانين معينة تعارفوا عليها عن آبائهم، وأجدادهم، أو عن آباء وأجداد قبائل أخرى، وعندهم قوانين معينة لا يخرجون عنها في أكثر القضايا[2].

 

وهذا الذي قد نصب نفسه لهذا الحكم بالأعراف القبلية قد حكم بغير ما أنزل اللَّه على رسوله، واتصف باسم الطاغوت؛ لأن من رؤوس الطواغيت من حكم بغير ما أنزل اللَّه كما تقدم.

 

ومن تحاكم إليه فقد تحاكم إلى الطاغوت الذي أُمر بأن يكفر به، وسيأتي التفصيل في بيان حكم من حكم بذلك، أو احتكم إلى ذلك[3].

 

ثانياً: التعصب الشديد لمناصرة مقاطع الحق كما يزعمون:

ومما يبين ذلك ألفاظ المتعصبين الآتية:

1- يقول بعضهم: «إنه متمسك بعادات آبائه، وأجداده، وإن دخل جهنم».

 

2- يقول بعضهم: «لا أتخلَّى عن سلوم ربعي حلال كانت أم حرام».

 

3- ويقول آخر: «الفرع أحسن من الشرع»، ويقصد بالفرع القبائل وقوانينهم.

 

4- وبعضهم يقول «النار ولا العار».

 

5- ويقول بعضهم: «الشرع لا ينصفنا».

 

6- ويقول بعضهم: «الشرع هندي».

 

7- ويقول بعضهم: «الشرع لا يعرف عاداتنا وتقاليدنا».

 

8- وبعضهم يقول: «حكم أعوج، ولا شريعة سمحة».

 

9- وبعضهم يقول: (شرع الرفاقة»[4].

 

وغير ذلك من الكلمات الخبيثة، الكفرية، والعياذ باللَّه تعالى، فلا يجوز لمسلم يشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمداً عبده ورسوله أن يقول هذه الكلمات، أو يرضى بها، أو يقرُّها؛ لأنها من القوادح في العقيدة، نسأل اللَّه العفو والعافية.

 

ثالثاً: المثارات: جمع مثار، وسمي مثاراً من الأخذ بالثأر:

ولشدة المطالبة به، والاندفاع الشديد في أخذه، والإصرار عليه، فأشبه فعل الثائر ثوران النار، والمتفجرات، والثأر هو: أخذ الرجل، وقرابته بالثأر، لقريبه، أو جاره، أو خويه، أو ضيفه، أو جيرته «وجهه»، أو قبالته، أو غير ذلك، والثأر يكون بسفك الدم، أو أخذ مقابل مال يدفع للمعتدى عليه، ولا يدخل في أرش الجناية، وإنما هذه عقوبة عاجلة، وللمثارات عدة أنواع، منها:

1 - مثار العاني، والمراد بالعاني: القريب من جهة الأم: كالخال وأبنائه، وأبناء الخالات، وصورة مثار العاني هي مثلاً: إذا كنت من قبيلة، وخالي من قبيلة أخرى، واعتدى أحد من قبيلتي على خالي، فلا بد أن أقوم بأخذ المثار لخالي.

 

والمثار عبارة عن دم يُنثر نصرةً لخالي، أو مبلغ مالي، أقوم بأخذه من الجاني، أو قبيلته، وأعطيه لخالي كرد اعتبار له، فإذا فعلت ذلك قال بيض اللَّه وجهك، علماً بأن هذا المبلغ، أو هذا الدم المسفوك لا علاقة له بأرش الجناية، ولا يعد صلحاً في القضية، بل للمجنى عليه بعد هذا المثار أن يصلح مع الجاني، أو يقتص منه، وإذا لم يقم بالمثار، فيعتبر أسود وجه، وتكتب عبارة سوّد اللَّه وجه فلان أوآل فلان في الأماكن العامة والطرقات.

 

2 - مثار الجار: وصورته مثلاً: لو اعتدى أحدٌ على جاري ولم أتمكن من نصرته بيدي بسفك الدم، فلا بد أن آخذ مبلغ مالي من الجاني أو أقاربه وأعطيه لجاري كرد اعتبار له ثم بعد ذلك له أن يصلح من الجاني أو يرفض.

 

3 - مثار الخوي: وصورته مثلاً: لو كنت مسافراً أو راكباً مع شخص، واعتدى أحد عليه، ولم أتمكن من نصرته بسفك الدم، فلا بد أن أدخل في الموضوع، وأطالب الجاني، وأقاربه بدفع مبلغ مالي لخويي، كرد اعتبار له، ثم بعد ذلك له أن يصلح من الجاني، أو يرفض.

 

4 - مثار الجيرة، أو «مثار الوجه»: وهو مثلاً لو استجارت قبيلة الجاني عند قبيلة أخرى من قبيلة المجني عليه، واعتدى المجني عليه، أو أحد أفراد قبيلته على قبيلة الجاني؛ فإن القبيلة المجيرة تقوم بأخذ المثار من هذه القبيلة التي اعتدت «على القبيلة المستجيرة عندهم»، ومن لم يأخذ بثأره فيعيَّر، ومن لم يأخذ بثأره؛ فإنه عندهم ناقص الرجولة، ويُقصر عنه النجال! والمثار هو سفك دم، أو غرامة مالية مغلظة، ويسمون هذا الاعتداء الذي حصل على القبيلة المستجيرة «بغضب العمد»، ويعتبرونه وصمة عار على القبيلة المجيرة، قال شاعرهم:

غضب العمد لا ترضى بصلحه
غضب العمد يدخل في البخوت

 

5- مثار القبالة: وهو إذا أُنهيت قضية سواء بصلح، أو بأحكام جاهلية اشترطت قبيلة الجاني على قبيلة المجني عليه أن يخرجوا لهم قبيلاً يضمن انتهاء القضية، وليت الأمر يتوقف عند هذا، ولكن هذا القبيل يعطونه قبيلة الجاني مبلغ مالي يسمى «بثوب القبالة»؛ فإذا اعتدى أحد من قبيلته على هذه القبيلة التي أعطته مبلغاً؛ فإنه يصبح أسود وجه حتى يثور: إما بسفك دم، أو غرامة مالية يأخذها من قبيلته، ويعطيها للقبيلة التي ضمن لهم انتهاء القضية[5].

 

6- مثار الضيف، وهو إذا اعتُديَ على الضيف، فيؤخذ له الثأر بسفك الدم من الجاني، أو أحد قرابته، أو يؤخذ له ثأر من المال من قبيلة الجاني، ويدفع لقبيلة المجني عليه.

 

7- مثار الدم، وهو إذا وقع المثار بإراقة دم الجاني، أو أحد قرابته، فيسمونه بمثار الدم.

 

8 - المثار الأسود(أو مثار الغضب)، وهو إذا وقع المثار بعد استجارة الجاني، وقرابته بقبيلة مجاورة، أو بعد تحديد القبيل في الحكم القبلي، فيسمونه بالمثار الأسود.

 

9 - المثار الأبيض،وهو: إذا وقع المثار، وأخذ به بالدم قبل استجارة الجاني وقرابته بقبيلة مجاورة، فيسمونه بالمثار الأبيض، سواء كان بالضرب، أو بإراقة الدم من الجاني نفسه، أو قرابته..

 

10- المثار الدسم،وهو: إذا تم المثار بقبول مال من قبيلة الجاني، وإعطائه للمجني عليه بواسطة حكم قبلي، يقال عندهم (المثار الدسم)[6].

 

وهذه العادات عادات محرمة، يجب منعها، والإنكار على من يعملها، أو يعمل بمقتضاها؛ لأن قتل غير القاتل، أو الاعتداء عليه، وإراقة دمه فيما دون النفس، وإن كان من أقرب أقربائه من عادات الجاهلية، ومن أشد أنواع الاعتداء؛ لقول اللَّه تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾[7]؛ ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ - عز وجل - مَنْ قَتَلَ فِي حَرَمِ اللهِ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ، أَوْ قَتَلَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ»[8].

 

ومعنى قوله: «أو قتل غير قاتله»: أي: قتل غير قاتل قريبه، ومعنى قوله: «أو قتل بذحول الجاهلية»، أي: قتل بجنايات الجاهلية»[9].

 

رابعاً: الحكم بأيمان مغلظة: دين الخمسة، أو العشرة، أو الخمسة والعشرين، أو دين الأربعين، أو غير ذلك، فهذه أيمان يحكم بها الطواغيت من مقاطع الحق، كما يقولون وغيرهم، وقد يخطُّون دوائر في الأرض، ويكلفون من حكموا عليه باليمين أن يدخل في هذه الدوائر، ولهم في ذلك صيغ كثيرة تختلف من مجتمع إلى مجتمع.

 

وإذا حكم مقطع الحق بدين الخمسة على قبيلة، ولم يوجد إلا واحد من هذه القبيلة؛ فإن مقطع الحق يكرر عليه اليمين خمس مرات، وقل مثل ذلك في دين العشرة، والخمسة والعشرين....

 

ومن الأيمان كذلك التي يحكمون بها دين «خطّها والمثل»، ويسمى بدين الوسية، وصورته: «أن يحلف المعتدي وأقاربه أنهم لو كانوا مكان المعتدى عليهم أن يصلحوا كما يحبون من المعتدى عليهم أن يصلحوا، ولهم في ذلك صيغ، منها: «واللَّه لو كنت بالمثل مثلك أن أخلص كما أريد منك أن تخلص. وصيغة ثانية: «واللَّه لو كُنَّا بالمثل مثلكم أن نبلع مبلعكم ونجزع مجزعكم»[10].

 

ومنها أنهم يحلفون: أنهم ما أهروا، ولا أغروا، ولا تمالوا، ولا رضوا بهذه الجناية، وهذا الفعل حكم عرفي جاهليُّ[11].

 

خامساً: الجيرة (رِدِّية الشان): وهي توفير الأمن والحماية من القبيلة المجوّرة للجاني، وقرابته من خلال تهديد وتوبيخ المجني عليه وقرابته، فتقوم قرابة الجاني بطلب الجيرة، والمنع من قبيلة أخرى تربطها بقبيلة الجاني، وبقبيلة المجني عليه قرابة محددة في هذا القانون، [فتذهب قبيلة الجاني، أو مجموعة منهم إلى قبيلة أخرى، فإذا وصلوا إلى هذه القبيلة، قالوا: «ترانا رادِّين فيكم الشأن من آل فلان]، فتقوم القبيلة المجوّرة بحمل السلاح، ومنع الجاني وقرابته، وتهديد المجني عليه وقرابته بعدم المساس بالجاني، أو بأي أحد من قرابته [وتقول هذه القبيلة المجوِّرة لقبيلة المجني عليه، أو جماعة منهم: «تراكم مقروعين قرعي الرجال للرجال عن آل فلان»]، وتكون لهذه الجيرة مدة محددة حسب الجناية، فتكون الجيرة سنة في جناية القتل، وستة أشهر في جناية الجروح والكسور، وثلاثة أشهر في جناية الضرب فقط، وإذا اعتدت قرابة المجني عليه على أحد من قرابة الجاني؛ فإن القبيلة المجوّرة تقوم بأخذ الثأر من قرابة المجني عليه، ومن أي فرد من أفرادها!! لاعتدائها على وجهها وجيرتها، ثم تطلب حكماً قبَليّاً يرد اعتبارها... وهذا ما يُعرف عندهم بمثار الجيرة أو الوجه.

 

ومن أنواع هذه الجيرة ما يسمونه جيرة الغضب، أو جيرة الأسود.

 

وإذا لم يتجوّر الجاني وقرابته... فإن المجني عليه، وقرابته يرون ذلك إهانة لهم، وتقليلاً من شأنهم، فيطلبون التحاكم إلى مقطع حق لإنصافهم وردّ اعتبارهم!! وبعضهم يقول: الجيرة ردع للمطلق، وناموس للفسل، عبارة مشهورة يرددونها، حول الجيرة ومكانتها، فعلى هذا فالجيرة عندهم مظهر افتخار وكبرياء، فيرضى بها القوي الظالم، وينتفخ بها الضعيف العاجز عن الظلم[12].

 

والجيرة فيها عدوان، وإيواء للمحدث، وقد ثبت في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدَثَاً»[13].[14]

 

قال العلامة بكر أبو زيد - رحمه الله -: «إيواء الجاني وحمايته، سواء كان ذلك مطلقاً أم لمدة محدودة، فبعض القبائل تعمد إلى إيواء الجاني، والدفاع عنه إذا دخل في حماها، ولاذ بها، وهذا منكر لا يجوز فعله، فيحرم إيواء الجاني، أو التستر عليه، بل الواجب الإبلاغ عنه، وتسليمه إلى السلطات المسؤولة»[15].

 

سادساً: الحكم وفض النزاع: هو تحديد الحقوق، وتقدير الشجاج وفض النزاع بين الخصوم وفق العادات، والسلوم، والقوانين القبَليّة، وعلى أيدي قضاتها القبَليِّين الذين عَرفوا، وأتقنوا مواد القانون القبَليّ، وعُرفوا بمسمى: الحق، أو مقطع الحق، أو العُرّاف.

 

وتبدأ المشاورات، وتحديد مشايخ القبائل العارفين بالسلوم، والقوانين القبَليّة، الذين سيحكمون في القضية، في الموعد المحدد، يحضر مشايخ وأعيان القبائل، ومعهم قبيلة الجاني، ويكون الجميع في موقف خضوع وتذلّل، وفي وضع امتهان خاص.

 

وتبدأ المداولات... وتدلي قبيلة المجني عليه بتظلمها، ومطالبتها بردِّ اعتبارها، وإملاء مطالبها، وطلبها أيمان قرابة الجاني.

 

ثم يبدأ بعدها مشايخ القبائل بمداولات الحكم، والمشاورات الخاصة بينهم، ثم يحكمون بأحكام، وأيمان ومبالغ مالية، وفق سلومهم، وما فيها من تقديرات، وأحكام قبَليّة سابقة.

 

وليس للخصوم إلا القبول بالحكم... وإذا لم يقبل أحد منهم بالحكم القبَلي، فإن قضاة الحكم القبَلي، يتحاكمون وإياه عند مقطع حق أعلى درجة منهم في هذا القانون[16].

 

وهذا من أخبث العادات الجاهلية، ومن التحاكم إلى الطاغوت الذي أُمر الناس أن يكفروا به، والذين يحكمون بهذا الحكم هم من رؤوس الطواغيت الذين يحكمون بغير ما أنزل اللَّه تعالى.

 

سابعاً: القبالة: هي اختيار قبيلة الجاني لرجل من قرابة المجني عليه، يضمن التزام قرابته بالحكم، وتنفيذ بنوده، وتبقى هذه القبالة في ورثته من بعده، فتختار قبيلة الجاني قبيلاً من قرابة المجني عليه، يضمن التزام قرابته بالحكم القبَليّ، ويعطونه مالاً يسمى ثوب القبالة، وسلاحاً يرمز إلى القوة، وتعلن قرابة المجني عليه قبول قبالة قريبهم عليهم.

 

ثم تنتقل الجيرة من القبيلة المجوِّرة إلى القبيل، تحت مسمى القبالة، وتبقى هذه القبالة في ورثته من بعده.

 

ويقولون في قانونهم: (القبيل نكَّاس حربة) تعبيراً عن سرعة مبادرته إلى إراقة الدماء، في حالة عدم التزام قرابته بمقتضى قبالته.

 

وإذا اعتدت قرابة المجني عليه على أحد من قرابة الجاني بعد تعيين القبيل وقبول قبالته، فإن القبيل يأخذ الثأر لقبالته من قرابة المجني عليه الذين هم قرابته، ومن أي فرد منهم، والثأر كما تقدم بسفك الدم، أو أخذ مال كثير طائل يُعطى لمن هم تحت قبالته، وتبقى الجناية لا علاقة لها بهذا الثأر[17].

 

وهذا عمل جاهلي قبيح، ومن أعمال الجاهلية المحرمة التي يجب على كل مسلم دفنها، والتوبة إلى اللَّه منها إن سبق وفعلها، وحكم بها، أو تحاكم إليها.

 

ثامناً: الغُرم: وهو حلف إلزام بين القرابة أو القبيلة، بالالتزام بحمل ما يترتب على القرابة، أو القبيلة من المثارات أو الديات، سواء بسبب حوادث، أو القتل الخطأ، أو الشجاج، أو قتل العمد، أو معونات القبائل.

 

فتقوم قبيلة الجاني بحمل مبالغ الأحكام القبَليّة، حيث يُجمع المبلغ من أفراد القبيلة، ثم يُدفع للمجني عليه وقرابته، ولا يستطيع أحد من أفراد قبيلة الجاني عدم الدفع، ومن يفكر في ذلك يتعرض للأذى الحسِّي والمعنوي، والتهديد بالقطع من القبيلة، وعدم الدفع معه في حوادثه بما فيها جنايات الخطأ، ويدخل في دفع هذا المال كل من بلغ وأخذ إثبات هوية، ولو كان طالباً يدرس، أو فقيراً، أو مصاباً.

 

وتقام المغارم في أماكن عامة للاستعانة بالقبائل الأخرى، في حالة عجز القبيلة عن دفع المبالغ المقررة في الحكم القبَليّ، ويعتبرون ذلك بمثابة الدَّين بين هذه القبائل[18]، فإذا حصل للقبائل مثل ما حصل لهم، فيلزم أن تقوم بالدفع، وإجبار قبائلهم على ذلك.

 

وهذا ظلم وعدوان، ومعصية للَّه ورسوله، وأكل لأموال الناس بالباطل، وإلزام لهم بما لم يوجب اللَّه عليهم، ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم -[19].

 

تاسعاً: إلزام الناس بدفع الأموال، فكل من حمل الهوية الوطنية يجبر على دفع ما يحدد عليه في المغارم، أو يجبر ولي أمره، وسواء كان حامل الهوية صغيراً يدرس، أو كبيراً، أو فقيراً، فإن امتنع هُدِّد بالمقاطعة، أو ولي أمره، وعدم الدفع معه إذا حصل له كارثة: سواء كانت عمداً، أو خطأ.

 

وهذا من الجرائم، والذنوب، وإلزام الناس بما لم يشرعه اللَّه تعالى، وأكل أموال الناس بالباطل، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»[20].

 

وهذا يدخل في الحكم بغير ما أنزل اللَّه، وإلزام الناس بما لم يلزمهم اللَّه، وإيجاب هذه الأموال عليهم، ولم يوجبها اللَّه[21].

 

وقد أفتى الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية، ورئيس قضاتها في عهده - رحمه الله - في بيانه حكم ما تناصرت عليه القبائل، وتكاتفت، وتعاونت في دفع الديات، وأرش جنايات العمد، فأفتى بأن: «... ذلك لا يجوز شرعاً؛ لمخالفته المقتضيات الشرعية؛ ولما فيه من مساعدة المعتدي، وتشجيعه على الاعتداء ما دامت قبيلته تساعده، وتناصره، وتعينه في دفع ما يترتب عليه»[22].

 

عاشراً: إكراه الناس، والضغط عليهم بقوة لطلب العفو في قتل العمد تقوم القبيلة التي منهم الجاني بطلب الأمراء، والوجهاء بالذهاب إلى قبيلة المجني عليه، ويحدِّدون يوماً يجتمعون فيه؛ ليقابلوهم، ويسألوهم العفو عن قتيلهم، فيأتي هؤلاء الذين منهم الجاني، ويقفون في الشمس، وبعضهم ربما زحف على وجهه، يحبو كالبهيمة، وبعضهم ربما يربط رجله بعقال كالجمل، وخاصة إذا كان بينه وبين المجني عليهم نسب أو قرابة، حتى إنه قد بلغني أن بعض الناس يسجد على وجهه، ويُمعِّر وجهه بالتراب، ويتقدم يزحف على وجهه إلى قبيلة المقتول، فقال بعض أهل الفطرة السليمة من الحضور: لا تسجد السجود للَّه، فقال بعض مشايخ القبائل الذين حضروا: هذا سجود للَّه، وبعض القبائل يحسرون عن رؤوسهم العمائم، والغتر، تذللاً، وخضوعاً لغير اللَّه تعالى، وغير ذلك من الأعمال الشركية، نسأل اللَّه العافية، ومقصدهم من ذلك استعطاف أهل المجني عليه حتى يرحموهم، فيعفوا عن قتيلهم.

 

وهذه الأعمال فيها معصية للَّه بالتذلل لغيره؛ لأن الذل، والحب، والخضوع للَّه وحده، وهو معنى العبادة؛ لأن العبادة: كمال الحب مع كمال الذل، فلا يصرف التذلل والخضوع إلا للَّه وحده، ومن صرفه لغير اللَّه فقد أشرك.

 

وبعض هذه الأعمال ردة عن دين الإسلام، فمن سجد لغير اللَّه، أو أقرّ السجود لغير اللَّه وهو يعلم، فقد كفر باللَّه - عز وجل.

 

الحادي عشر: أخذ ثلث الدم، وهو ما يُعرف بقانون «تثليث الدم»، وصورته: أنه إذا ضرب إنسان، وقدّر دمه بعشرة آلاف مثلاً؛ فإن صاحب هذا الدم لا يحصل إلا على ثلاثة آلاف فقط، وفقاً لقانون «تثليث الدم»، حيث يخصم منه ثلث لما يسمى بـ(الفراش عند بعضهم)، وهي الوليمة التي يجتمعون عليها، والثلث الثاني يهدر، والثلث الباقي يسلم لصاحب الدم، وهذا من الظلم والعدوان، وأكل أموال الناس بالباطل، ومن الحكم بغير ما أنزل اللَّه تعالى[23].

 

الثاني عشر: ضرب الرأس بالجنبية، فيحكمون على الجاني بأن يُضرب رأسه بالجنبية حتى يسيل الدم، ويستمر في الضرب والدم يسيل حتى يقول خصمه كلمة (أبيض)[24].

 

الثالث عشر: الحكم بثمن الجنابي، فيقولون نحكم بثمنها، ولا داعي للاعتراض، ولا للضرب بها، فتقدر الجنبية مثلاً بألف ريال، أو أكثر، أو أقل[25].

 

الرابع عشر: الحكم بما يسمى بـ(الأَسيَّة)، وهي أن يشرع لكل حادثة حكم، مثل: عليك يا فلان خمس من الغنم، أو ست جنابي، أو ثَمَنُها في حادثة من الحوادث، وغداً تقبل مني مثل هذا الحكم المذكور[26].

 

الخامس عشر: الحكم بما يسمى بـ(أيمان الوَسِيَّة)، وصورتها:

إذا اعتدى شخص على آخر في نفسه، أو ماله؛ فإن المعتدي، أو وليِّه، يحلف أنه لو كان محل المصاب، أو المعتدى على ماله أنه لا يطالبه بشيء.

 

وهذا إلزام بحكم لم يوجبه اللَّه، ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فهو باطل شرعاً[27].

 

السادس عشر: (اللاذة)، أو (اللياذة) وهي: عند حصول خصومة بين طرفين في طلب حق، فإن الذي عليه الحق يستليذ بشخص آخر، فيقوم المستلاذ به بردع صاحب الحق، ويطلب منه ترك المطالبة بحقه، فإن عاد إلى المطالبة بحقه، فإن الملاذ به يثور باثني عشر رأساً من الغنم، يسلمها للائذ به، ثم يذهب إلى نائب القبيلة، فيلزم صاحب الحق بتسليم اثني عشر رأساً من الغنم، فيضيع حقه، ويغرم الغنم، وهذا ظلم مضاعف، وهو من أقبح الأعراف الفاسدة، وأشدها ظلماً، وتحريماً، نعوذ باللَّه من الجهل[28].

 

السابع عشر: اتفاق بعض القبائل بينهم على عدم التبليغ عن أحدٍ يعمل منكراً منهم، والسكوت على منكرات بعضهم، ومقاطعة ومجازاة من يفعل ذلك.

 

ولا يخفى ما في هذا العمل من الشر العظيم، إذ فيه التواصي بالسكوت عن المنكر، وهذا يجر بلاء وبيلاً على الأمة، وفيه إهمال لقاعدة عظيمة من قواعد هذا الدين، وهي الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، قال اللَّه تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[29].

 

وقال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾[30].

 

وقال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾[31].

 

وقبل هذه الآية جاء ذكر ضدهم، فقال تعالى: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ﴾[32].

 

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ»[33]»[34].

 

الثامن عشر: (الخاتمة)، أو (الخاتمة العمياء)، أو (الكبارة)، أو (العتامة)، وصورها:

أن بعض القبائل تقوم بالحكم على المخطئ بمبلغ من المال، يعرف بأحد هذه الأسماء، يتم دفعه للمعتدى عليه، وهذا من التحاكم بغير ما أنزل اللَّه، فلا يجوز التحاكم به[35].

 

التاسع عشر: (المنصوبة): وهي ذبيحة، أو أكثر، تُفْرَضُ على المخطئ، ويّذْهَبُ بها إلى بيت المخطى عليه[36].

 

العشرون: عادة ما يُسمى بـ(البرهة)، وهي أن يفرض على صاحب الخطأ الأكبر ذبيحتان، أو أكثر، وعلى صاحب الخطأ الأقل ذبيحة واحدة، بالإضافة إلى بعض الأشياء، ويقوم كل واحد بذبح ما وجب عليه، ويحضر أكلها الجماعة، ومن حكم في القضية[37].

 

الحادي والعشرون: الحكم بما يسمى (عدالة)، وصورتها:

في حال طعن شخص بسكين، أو إطلاق نار عليه، يجلس الطرفان عند نائب القبيلة، فيحكم بفض النزاع، بعد أن يمسح الطرفان على لحاهم بقبول حكمه، فيصدر حكمه على الجاني بما يراه من الغَنَم من عشرة رؤوس إلى خمسمائة رأس، فيكون مقبولاً عندهما، وينفذ حكمه بينهما، وهذا حكم جاهلي، لا يجوز الحكم به، ولا الرضا به[38].

 

الثاني والعشرون: عادة إيواء الجاني، وحمايته، سواء كان ذلك مطلقاً، أم لمدة محدودة، فبعض القبائل تعمد إلى إيواء الجاني، والدفاع عنه إذا دخل في حماها، ولاذ بها.

 

وهذا منكر لا يجوز فعله، فيحرم إيواء الجاني، أو التستر عليه، بل الواجب الإبلاغ عنه، وتسليمه إلى السلطات المسؤولة[39].

 

وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا»[40].

 

الثالث والعشرون: أخذ القبيلة ثلث دية المتوفى بالقتل العمد أو الخطأ من أوليائه، بحجة أنه حق للقبيلة عليه، وبعضهم يجعلها في ما يسمى بـ(صندوق الجماعة أو القبيلة).

 

وهذا العمل من أكل أموال الناس بالباطل، فيحرم أخذ هذا المبلغ من الورثة، وما ذكر من الاحتجاج بحق القبيلة باطل لا أساس له في الشرع المطهر.

 

وقد تَعْمَدُ القبيلة إلى التفاوض في أمر القتيل مع الجاني، أو قبيلته، وإنهاء الأمر بالمطالبة بالقصاص، أو الدية، أو العفو مطلقاً دون اعتبار لرأي الورثة، وهذا خطأ، وظلم، واعتداء على حقوق الناس؛ فإن الشأن، والأمر لهم وحدهم، اللهمّ إلا أن يكلوا ذلك إلى غيرهم، كشيخ القبيلة، أو غيره، ويرضوا بذلك[41].

 

الرابع والعشرون: إلغاء الدية على العاقلة، وإلزام الجماعة، أو القبيلة ذات الحلف إذا كان عددها كثيراً بتحمل دية الخطأ عن ذات العدد القليل.

 

والمشروع أن عاقلة الجاني هي التي تتحمل عنه دية الخطأ، وهم: ذكور عصبته نسباً وولاء: قريبهم، وبعيدهم؛ حاضرهم، وغائبهم حتى عمودي نسبه، فهؤلاء هم الذين يتحملون عنه دية الخطأ، وليس غيرهم، فالزوج - مثلاً - والإخوة لأم، وسائر ذوي الأرحام لا يتحملون من الدية شيئاً شرعاً.

 

والحكمة في إيجاب دية الخطأ على العاقلة، لا على الجاني، هو أن القتل خطأ يكثر، فإيجاب الدية على القاتل يجحف به؛ ولأن العصبة يشدون أزر قريبهم، وينصرونه حتى استوى بذلك: قريبهم، وبعيدهم في العقل[42].

 

الخامس والعشرون: تعزير المعتدي، أو المخطئ بقدر ما ارتكبه من الاعتداء، أو الخطأ؛ تأديباً له، وتطييباً لخاطر المعتدى عليهم، بذبح شاة، أو شاتين للقبيلة، وهذا تأديب ممن لا يملكه شرعاً، ثم هو قدر زائد على العقوبات التعزيرية التي مردها إلى القضاء، لا الأعراف القبلية، فلا يجوز فعل ذلك[43].

 

السادس والعشرون: عقر الإبل، أو الغنم في عادات بعض القبائل، وصورتها:

إذا حصل منازعات بين قبيلتين أو أكثر، يذهب بعض المصلحين كما يزعمون إلى القبيلة المظلومة، أو إلى الجميع، ويحملون معهم رأساً من الإبل أو أكثر، أو من البقر، أو الغنم؛ فإذا وصلوا إلى الخصوم عقروها عندهم، تطييباً لخواطرهم، وهذا من الإثم والعدوان، ومن عادات الجاهلية، الذين يعقرون هذا العقر، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ عَقْرَ فِي الإِسْلاَمِ»[44]، وذلك لإبطال أمر الجاهلية[45].

 

السابع والعشرون: (الملفى) على المعتدى عليه من عادات بعض القبائل:

وصورته: أنه إذا حصل مضاربة بين اثنين أو أكثر، وفيه دم، فيقوم شيخ القبيلة وأعيان القبيلة بما يسمى (الملفى)، وهو عبارة عن ذبيحة، أو ذبيحتين لتقديمها للمصاب وجماعته، ومعها بعض من النقود، فهذا العمل إذا كان من باب الإيجاب، والإلزام للمعتدي، وإن لم يرض عُدَّ ذلك خرقاً للعادات القبلية، فهذا أمر منكر، وإيجابٌ لشيءٍ لم يوجبه اللَّه على عباده[46].

 

الثامن والعشرون: غضب قبيلة قاتل العمد على قبيلة المقتول:

إذا أقيم على القاتل القصاص، ولم يعفوا عنه، فيحضرون ساحة إقامة القصاص، ويغشاهم التذلل لقبيلة المقتول، وربما بركوا على الرُّكب، وحسروا رؤوسهم، وسألوا أهل المجني عليه، فإذا لم يحصل العفو، ونُفِّذ القصاص، فإنهم يتلقون هذا القصاص بعدم الرضا بالحكم، وتسمع من بعضهم الكلمات التي تدل على سخطهم، فيقول بعضهم: «سوَّد اللَّه وجوهكم يا آل فلان»، ويهجرونهم، ويقاطعونهم، مقاطعة دائمة، ويعتبرون جميع القبيلة من أعدائهم، ولا يزوجونهم، ولا يتزوجون منهم في الغالب.

 

وهذا فيه اعتراض على حكم اللَّه بالقصاص إذا لم يعفُ ورثة المقتول، أو يقبلوا الدية، وقد قال اللَّه تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[47].

 

التاسع والعشرون: العادات والأعراف القبلية برواية فضيلة الشيخ: أحمد بن سعد بن متعب القحطاني:

أخبرني الشيخ أحمد، وهو عندي من الثقات بكثير من العادات القبلية الجاهلية المخالفة للشريعة الإسلامية، فقال في سلوم القبائل: "هذه السلوم تطبق في كثير من قبائل المنطقة الجنوبية، ومن حولها، وهذه العادات والأعراف على النحو الآتي:


أولاً: مسمياتها:

1- سلوم القبائل.

2- عوايد القبائل.

3- أعراف القبائل.

4- عادات القبائل.

5- حقوق القبائل.

6- شرع الرفاقة.

7- القوادي (جمع قادي).

 

ثانياً: لكل قبيلة سلوم قد تشترك في بعضها، وقد يكون بينها اختلاف، وكلما قرب المكان توافقت السلوم.

فيقال مثلاً:

1- سلوم الحباب.

2- سلوم عبيدة.

3- سلوم الجحادر.

4- سلوم قحطان.

5- سلوم يام.

6-سلوم شهران.

 

وهكذا.

ثالثاً: مسميات من يحكم بها:

حقيقة هذه السلوم قوانين محفوظة ومعروفة، والذي يتحاكمون إليه، ويحكم بها عند النزاع يسمى:

1- حق.

2- مقطع حق.

3- مقرع حق.

4- العارف جمع عُرّاف.

 

[و]غالبهم من شيوخ، أو نواب القبائل، وهم عامة ليسوا من أهل العلم، ولا من طلبة العلم.

 

وحقيقة أمرهم: قضاة قانون قبلي؛ لذلك يقولون عند بداية التحاكم:

احكم بيننا يا قاضينا، يا اللي بالحق ترضينا.


ويقال لما يحكم به: «فرض»، أو «حكم».

 

قال أحد الشعراء [منهم]:

آل فلان أهل المدح جدا
شيخهم ما يجعل الفرض مايل

 

فسماه الفرض؛ لأن الممدوحين من قبيلة يكثر فيها الذين يحكمون بهذه السلوم، بل هذه السلوم مرجع لهم عند النزاع، ويسمونها شرع وشريعة.

 

قال أحد الشعراء [منهم]:

سنِّدوا تكفون بوجيه الركايب
للرجال اللي معرفتهم طبيعة
نوِّخُوا عند آل (فلان) الطيابي
للقبايل عندهم سلم وشريعة
مقطع الحق ابن (فلان) (الفلاني)
شيخته ما هي بتقليد وبديعة


فوصفهم بأنهم أهل سلم وشريعة؛ لأنهم مرجع في هذه السلوم لدى قبائلهم. ومصدر الحكم ومستنده هذه السلوم والقوانين، فينزل السلم المناسب على الواقعة المناسبة حسب ذلك القانون.

 

وعند الاختلاف في الحكم، أو الاعتراض عليه، يتحاكم ذلك العارف هو ومن اعترض عليه عند مقرع حق أعلى منه.

 

رابعاً: مصادر السلوم والعادات:

حقيقة ذلك: تمييز الحكم استناداً لتلك القوانين ليلزم به وينفذ.

 

من أين أتت، وكيف شرعت؟ [جاءت من هذه المصادر والطرق الآتية]:

1- الآباء والأجداد لذلك يقولون: «سلم أبوي وجدي».

 

2- السوالف والسوابق.

 

3- الاتفاق والتعاقد.

 

4- الخرافات والأساطير؛ لذلك يقولون: «الجوار في السماء» يزعمون أن نجماً اعتدى على نجم، وأجارته مجموعة منها...

 

خامساً: نماذج من تلك القوانين:

1- المثارات: جمع مثار، وهو دم، أو مال، ومنه: مثار أبيض، ومثار أسود: «مثار العاني» جمعه: عواني، أو مثار الخال.

• مثار الوجه، أو الغضب، أو الجيرة.

• مثار الخوي.

• مثار الضيف.

• مثار الجار.

 

2- الأيمان: ويسمون اليمين الدين، وهي أنواع، منها:

1- دين الخمسة.

2- دين الاثني عشر.

3- دين الاثنين والعشرين.

4- دين الأربعة والأربعين في حالة القتل.

5- دين المثل، أو خطها والمثل.

6- دين أو يمين عامة يحكم بها للتراضي، ولكن لا يقبلها إلا بعد حكم عارف.

 

صيغة الحلف، وكيفية أدائه:

يخط خطاً أو دائرة، فيدخل فيها من يريد أداء اليمين، ولهم صيغ في أداء القسم، منها:

• واللَّه قاطع المال، والذريَّة، والعصبة القويّة إنا ما أغرينا، ولا أهرينا، ولا دوّرنا، ولا تمالينا.

 

• واللَّه عالم الغيب والشهادة لو كنَّا بالمثل مثلكم أن نجزع مجزعكم، ونبلع مبلعكم.

 

والبعض لم يعد يطبق هذه الطريقة، وإنما يحلف مباشرة.

 

ولكن لا زال مبدأ التحاكم إليها، وطلب تنفيذها موجوداً كشرط يُملى عليهم ليتم الصلح، فيكون الصلح أحياناً مشروطاً بأداء مثل هذه الأيمان حسب نوع القضية.

 

3- القبالة: ويسمى من يحملها: (القبيل). ما هو دوره؟.

ودوره لو حصل خلاف ذلك ما الحكم المترتب؟ «مثار وجه»؟.

 

4- الجيرة: أو الجوار، ومن مصطلحاته: ثمان الأسود.

5- الغضب: وهو الاعتداء على المجار أثناء الجيرة، ويترتب عليه مثار الوجه، أو مثار الجيرة، وهو دم أو مال يحكم به عارف.

6- السواد: نوع من الشتم والسب عند التهاون في تطبيق السلوم حسب الواقعة، وقد يوجه لشخص بعينه، أو قبيلة بعينها، وله صيغ يكتب بها في أماكن عامة على الطرق والشوارع والصخور الكبيرة، وقد يرفع راية سوداء علامة على السواد، وقد ينادى به في أماكن عامة، كالأسواق ليسمعه الناس، ويترتب عليه مشكلات، وتشاحن، وتحاكم إلى مقرع حق، ومن صيغه:

• سوّد اللَّه وجه فلان.                        

• سوَّد اللَّه وجيه آل فلان.

• آل فلان سودان وجيه حتى يثورون، يعني: يفعلون المثار.

 

وهذه قد يقولها العارف أثناء التحاكم، فيقول:

آل فلان في سلومنا سودان وجيه حتى يفعلوا كذا وكذا.

 

ويقابل السواد البياض، ويكون بعد تطبيق السلم.

 

فيقول العاني بعد دفع المثار مثلاً: بيّض اللَّه وجه فلان، أو وجيه آل فلان.

 

7- الغرم: وهو حلف بين القبيلة الواحدة، أو الفخذ الواحد على التعاون بالسوية في دفع الديات.

وهذا الغرم يرأسه شيخ القبيلة، أو نائبها، وكل فخذ عليه نائب من مسؤوليته جمع القطات (أي المبالغ المالية)، وهو النصيب الواجب دفعه، ومن دخل معهم، وهو تعاقد على الالتزام بدفع أي مبلغ يترتب على أحدهم من الديات، أو المثارات، أو الحُمْلة، أو المعونات للقبائل الأخرى، ويعتبر هذا التعاقد ملزماً لأفراده، فيجب عليه الدفع في دية العمد، ودية الخطأ، والصلح، وغيرها في حق أو باطل، ولا يفرقون بين أقارب الجاني وغيرهم، ولا الفقير والغني، ولا الحاضر والغائب، إلا أن المرأة ليس عليها قطة، ولا على الصغير الذي لا يحمل البطاقة، بل أفراد القبيلة يدفعون بالسوية – حامل البطاقة – وهناك بعض القبائل يجعلون القطة على جميع أفراد القبيلة الذكور، حتى الرضيع، ومن لم يدفع، وامتنع، فيعتبر عيباً وعاراً، ويقولون له: تغرم معنا، أو نقاطعك بمعنى لا يقومون معه في الديات لو حصل عليه شيء، حتى لو كان ذلك يجب شرعاً كالعاقلة.

 

ويسمى الواحد (غرَّام)، ومن أراد الدخول في هذا الحلف من غيرهم، فيكون: «ذبح شاة الغرم».

 

ولهم اجتماعات يتداولون فيها الرأي، والبعض كوَّن صندوق مسبق [تجمع فيه الأموال].

 

ولها قوانين مثل: الثلثة: وتجب عند بعض القبائل على من أتاه دية أو أرش جناية، فيدفع ثلثها لصندوق الجماعة، أو مغرمهم حتى لو كان هذا المال لورثة المقتول، فثلثه للصندوق، وهذا عند بعض القبائل، وبعضهم ألغاه، وبعضهم خففه.

 

8- بعض العبارات، وتفسيرها:

• قطع القادي على ابن عمه: يعنون به من طلب منه التحاكم، أو الترافع إلى سلوم القبائل عند أحد أعرافهم، فرفض التحاكم إليهم.

 

• صلح أعوج، ولا شريعة سمحة: يعنون بالصلح الأعوج: الصلح حسب سلومهم وأعرافهم، ولو كان يشتمل على عقوبات شديدة، كالمبالغ الهائلة، والأيمان المغلظة، والجلاء من الديار ونحوه، مما قد يحكم به عراف القبائل.

 

ويظنون أن هذا الصلح الأعوج كما وصفوه خير وأحسن من التحاكم للشريعة الإسلامية السمحة.

 

9- السعي إلى إبطال الحدود بالشفاعات، والمشورات، وبذل الأموال الكثيرة: يقول العلامة محمد بن إبراهيم - رحمه الله -: «... ثم هناك مسألة تقع كثيراً، وهي أن بعض الناس قد يعتدي، ويقتل عمداً وعدواناً، ثم يلتجئ إلى أناس لا يمكن أنهم باللفظ يمنعون ما يجب عليه من حق القود، لكن يسعون بالشفاعات والمشورات، وبذل أموال كثيرة، وهم بلسان الحال كالممتنعين عن إقامة الحد، وهذا يحصل به فساد كبير، يعترضون اعتراضاً تاماً، فإذا كثر الشور الذي كالقهر، فينبغي أن يقابل بالرد، أما مطلق السعي أو الحاكم يشير بقبول الدية، فهذا خير»[48].

 

10- العاني: قد يتساءل بعض الناس ما هو العاني، وما هي العنوة، فهي عادات، وسلوم عند القبائل التي ما زالت تتمسك بالعنوة حتى الآن، وأقسام العنوة كثيرة، ومنها:

(1) الخال: وهو أخو الأم، سواء من الأب، والأم، أو من الأب دون الأم، أو من الأم دون الأب، أو من الرضاع، والخال يعتبر عانياً إذا كان من أخته أولاد، فهو عانٍ على قبيلتهم، وتشتمل العنوة أيضاً على:

(2) الجد.

(3) الجدة.

(4) الخالة.

 

ويقوم الرجل دون عانيه على شرط أن الخطأ عليه، وليس منه، فإذا كان الخطأ عليه قام دونه، وإذا كان الخطأ من الخال طلبوا المخطى عليهم من عانيه تقديمه للحق حسب السلوم، والعادات المتفق عليها بين القبائل، ومما قال بعض الشعراء[49] في هذا الموضوع في قصيدة طويلة وقديمة:


سلومنا يا ناشدٍ عن سلومنا
بين العرب بالعز تم اشتهارها
منها إلى جا المعتدي ضد خالنا
لو كان من الادنين نأخذ بثأرها


11- الجيرة: هي تعني الأمن والحماية المتعارف عليها بين أفراد القبيلة والقبائل الأخرى، والجيرة تحمي بها القبيلة أفرادها، ومن لجأ إليها من القبائل، ومدتها تختلف حسب المتعارف عليه ثلاث فترات:

أولاً: (سنة وشهران) أربعة عشر شهراً، وهذا في قضية القتل.

 

ثانياً: (ستة أشهر) في ما دون القتل مثل الكسور والجروح الكبيرة.

 

ثالثاً: (ثلاثة أشهر) في قضية الضرب وغيره.

 

والجيرة من العادات القديمة الموروثة عند القبائل منذ قرون عديدة جداً.

 

12- رد الشأن: وهو من يقوم بطلب الحماية للمعتدي وقبيلته، ويكون في وقت القضية، وبعد ذلك يصبح جوير للقبيلة التي لجأ إليها يعني رد فيها الشأن.

 

13- المجوِّر: وهو من يقوم بالحماية باسم قبيلة، ويكون هو المكلف بأخذ المثار إذا حصل اعتداء على من استجار به.

 

14- القرعي: هو منع وإيقاف الاعتداء على من طلب الحماية، ويقوم به أفراد القبيلة، وإذا حصل من الخصم على خصمه، فإن القبيلة الحامية تقوم بالثأر، ويسمى الاعتداء الغضب.

 

15- المثار: هو رد اعتبار وانتقام، تقوم به القبيلة الحامية لمن اعتدي عليه، وهو في حمايتها، وهو نوعان:

(1) (مثار دم): وهو الأخذ بالمثل أدناه الضرب، وأعلاه القتل.

 

(2) (مثار دسم):وهو عبارة عن تعويض مادي يدفعه من اعتدى، وهو يعلم أن المعتدى عليه في حماية القبيلة، وتحدده القبيلة الحامية.

 

16- المجليات (جيرة الأسود): المجليات هي حماية قصيرة جداً، ومدتها ثمانية أيام بلياليها، وتعطى الخائف الذي ليس له جيرة، أو من اعتدى على آخر، وهو في حماية القبيلة فسموها المجليات، حيث يذهب بها من بلاد الخوف إلى بلاد الأمان.

 

17- الجوير: هو من طلب الحماية سواء من الأفراد أو من القبائل، ويسمى جوير، حيث إنه في حماية هذه القبيلة التي طلب منها الجيرة.

 

18- الإغضاب: هو من قام بالاعتداء، وهو يعلم أن المعتدى عليه في حماية قبيلة أخرى [أي في جيرتها].

 

19- اليمين: دين الخمسة، أو دين اثني عشر، أو دين أربعة وعشرين حالف، وهو يمين يؤخذ على من قام بالاعتداء إذا أنكر أنه يعلم أن المعتدى عليه في حماية القبيلة، ويكون عند الحق المرتضى [الذي يحكم بذلك حكماً ملزماً].

 

20- الحق: هو رجل معروف بين الناس بقدرته على تطبيق السلوم، والقوانين القبلية، ويلزمهم بها، وإذا لم يقبلوا حكمه (فرفضوه) حاكمهم إلى حق آخر، أعلى منه درجة (وفي الحقيقة هذا قاضي قبلي يحكم بالسلوم القبلية).

 

21- القبيل: هو أحد الرجال الموثوق فيهم [قبلياً]، وهو قبيل على الصلح بين الأخصام، أو الأطراف المتنازعة، حيث ينتخبونه قبيل لهم [أي ضمين] في ما تم الاتفاق عليه، ويترتب على ذلك عدم النقض أو الاعتداء، ويعطى القبيل ثوب القبالة، وهو مبلغ من المال، أو هدية ثمينة مقابل قبالته [وقد تكون في الأزمان المتأخرة سيارة فخمة قد يزيد ثمنها على ثلاثمائة ألف، وخاصة في قضايا قتل العمد]، ويعطى بندقية ترمز إلى قوة منزلته وتخويله باستعمال القوة، في حالة نقض الصلح، والحكم، أو اعتراضهم عليه.

 

ومن شعر جماعة يطلبون الجيرة، فأنشدوا:

يا بني عمّنا ندوِّر ذراكم
جوّرونا ترى الدنيا علينا بلاوي
الذراحان وقته ما السلوم تخفاكم
حِمْلكم شايلنه يوم كان غاوي[50]


قلت: وهذه العادات كلها مخالفة للشريعة الإسلامية، والحكم بها حكم بغير ما أنزل اللَّه، ومن حكم بها فهو من رؤوس الطواغيت الذين أمر اللَّه بالكفر بهم، ومن تحاكم إليها فقد تحاكم إلى الطواغيت.

 

سادساً: عادات وأعراف قبلية تطبق في تهامة في الجنوب الغربي للمملكة العربية السعودية:

أخبرني الشيخ أحمد عن عادات قبلية تطبق في تهامة، ذكر منها:

1- ما يعرف بقانون (تثليث الدم)، وصورته: أنه إذا ضُرب إنسان، وقُدّر دمه بمبلغ من المال؛ فإن صاحب هذا الدم لا يحصل له إلا ثلث ذلك المبلغ، حيث يخصم منه ثلث ما يسمى (بالفراش)، وهي الوليمة التي يجتمعون عليها، والثلث الثاني يهدر، والثلث الباقي يسلم لصاحب الدم.

 

2- ضرب الرأس بالجنبية: وهو أن بعضهم يحكم على الجاني بأن يضرب رأسه بالجنبية حتى يسيل الدم، ويستمر في الضرب، والدم يسيل حتى يقول خصمه كلمة (أبيض).

 

3- الحكم بثمن الجنابي: فيحكم المقرع بثمنها، ولا داعي للاعتراض، فتقدر الجنبية بثمن.

 

4- الأسيّة: وهي أن يشرع لكل حادثة حكم، مثل: عليك يا فلان كذا، وكذا.

 

5- أيمان الأسيّة: وهي يمين المثل، أو يقولون يحلف على خطها والمثل[51].

 

6- اللاذة أو اللياذة: وهي عند حصول خصومة بين طرفين في طلب الحق؛ فإن الذي عليه الحق يستليذ بشخص آخر، فيقوم المستلاذ به بردع صاحب الحق، ويطلب منه ترك المطالبة بحقه، فإن عاد إلى المطالبة بحقه؛ فإن الملاذ به يثور.

 

7- الخاتمة: أو (الخاتمة العمياء)، أو (الكبارة)، أو (العتامة)، ومن صورها:

أن بعض القبائل تقوم بالحكم على المخطئ بمبلغ من المال يعرف بأحد هذه الأسماء، يتم دفعه للمعتدى عليه.

 

8- المنصوبة: وهي ذبيحة أو أكثر، تفرض على المخطئ.

 

9- البرهة: وهي أن يفرض على صاحب الخطأ الأكبر ذبيحتان أو أكثر، وعلى صاحب الخطأ الأقل ذبيحة واحدة، بالإضافة إلى بعض الأشياء، ويقوم كل واحد بذبح ما وجب عليه، ويحضر أكلها الجماعة، ومن يحكم في القضية.

 

10- أخذ الثأر من قبيلة الجاني بقتل أحد منهم: ثم يحكم في القضية (رجٌل برجل).

 

11- عدالة وصورتها: في حالة طعن شخص بسكين، أو إطلاق نار عليه يجلس الطرفان عند شيخ القبيلة، فيحكم بفض النزاع، بعد أن يمسح كل واحد منهما على لحيته بقبول الحكم.

 

12- أخذ القبيلة ثلث دية المتوفى [المقتول] من أوليائه بحجة أنه حق للقبيلة عليه[52].

 

قلت: وهذه العادات والأعراف الجاهلية مخالفة للشريعة الإسلامية، ومضادة لها، والعمل بها عمل بأحكام الطواغيت، والحكم بغير ما أنزل اللَّه تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾[53]، فمن حكم بها فهو من رؤوس الطواغيت، ومن تحاكم إلى من يحكم بها فقد تحاكم إلى الطاغوت الذي أُمر أن يكفر به؛ لقول اللَّه تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾[54].

 

فمن قال: إن الحكم بهذه العادات، أفضل وأحسن من الحكم بالشريعة الإسلامية، أو أنها مثل الشريعة الإسلامية، أو يجوز الحكم بها؛ لأن الشريعة الإسلامية لا تحل المشكلات بين الناس، فهو كافر باللَّه رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلاَّ باللَّه[55].

 

المبحث الثاني: الأدلة الساطعة على تحريم الحكم بالأعراف، والعادات الجاهلية القبلية

الدليل الأول: قول اللَّه - عز وجل -: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا﴾[56].

 

قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: «هذا إنكار من اللَّه - عز وجل -، على من يدّعي الإيمان بما أنزل اللَّه على رسوله، وعلى الأنبياء الأقدمين، وهو مع ذلك يريد التحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب اللَّه وسنة رسوله»، ثم ذكر - رحمه الله - سبب نزول الآية، ثم قال: «والآية أعم من ذلك كله؛ فإنها ذامة لمن عدل عن الكتاب والسنة، وتحاكموا إلى ما سواهما من الباطل، وهو المراد بالطاغوت هاهنا»[57].

 

وقال السعدي - رحمه الله -: «يُعجِّبُ تعالى عباده من حالة المنافقين. ﴿الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ﴾ مؤمنون بما جاء به الرسول، وبما قبله، ومع هذا ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ﴾، وهو كل من حكم بغير شرع اللَّه فهو طاغوت.

 

والحال أنهم ﴿قد أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ﴾، فكيف يجتمع هذا والإيمان؟ فإن الإيمان يقتضي الانقياد لشرع اللَّه، وتحكيمه في كل أمر من الأمور، فمَنْ زعم أنه مؤمن، واختار حكم الطاغوت على حكم اللَّه، فهو كاذب في ذلك، وهذا من إضلال الشيطان إياهم؛ ولهذا قال: ﴿وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا﴾ عن الحق»[58].

 

الدليل الثاني: قول اللَّه تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا﴾[59].

 

قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: «قوله: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾، قال مجاهد، وغير واحد من السلف: أي: إلى كتاب اللَّه وسنة رسوله.

 

وهذا أمر من اللَّه - عز وجل - بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة، كما قال تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾[60]، فما حكم به كتاب اللَّه وسنة رسوله، وشهدا له بالصحة، فهو الحق، وماذا بعد الحق إلا الضلال؛ ولهذا قال تعالى: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ أي: ردّوا الخصومات والجهالات إلى كتاب اللَّه وسنة رسوله، فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾، فدلّ على أن من لم يتحاكم في مجال النزاع إلى الكتاب والسنة، ولا يرجع إليهما في ذلك، فليس مؤمناً باللَّه، ولا باليوم الآخر.

 

وقوله: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ أي: التحاكم إلى كتاب اللَّه، وسنة رسوله، والرجوع في فصل النزاع إليهما خير ﴿وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ أي: وأحسن عاقبة ومآلاً...»[61].

 

وقال العلامة السعدي - رحمه الله -: «...أمر - سبحان وتعالى - بردِّ كل ما تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه إلى اللَّه وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أي: إلى كتاب اللَّه، وسنة رسوله؛ فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخلافية، إما بصريحهما، أو عمومهما، أو إيماء، أو تنبيه، أو مفهوم، أو عموم معنى يقاس عليه ما أشبهه؛ لأن كتاب اللَّه، وسنة رسوله عليهما بناء الدين، ولا يستقيم الإيمان إلا بهما.

 

فالرد إليهما شرط في الإيمان؛ فلهذا قال: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾، فدلّ ذلك على أن من لم يردّ إليهما مسائل النزاع؛ فليس بمؤمن حقيقة، بل مؤمن بالطاغوت، كما ذكر في الآية بعدها ﴿ذَلِكَ﴾ أي: الردّ إلى اللَّه ورسوله ﴿خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا﴾؛ فإن حكم اللَّه ورسوله أحسن الأحكام، وأعدلها، وأصلحها للناس في أمر دينهم، ودنياهم، وعاقبتهم»[62].

 

الدليل الثالث: قول اللَّه تعالى: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمَا﴾[63].

 

قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: «يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة: أنه لا يؤمن أحد حتى يُحَكِّم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطناً وظاهراً؛ ولهذا قال: ﴿ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ أي: إذا حكَّموك يطيعونك في بواطنهم، فلا يجدون في أنفسهم حرجاً مما حكمت به، وينقادون له في الظاهر والباطن، فيسلمون لذلك تسليماً كُليّاً من غير ممانعة، ولا مدافعة، ولا منازعة، كما ورد في الحديث: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَــبَعًا لَمَّا جِئْتُ بِهِ»[64]»[65].

 

وقال العلامة السعدي - رحمه الله -: «... أقسم تعالى بنفسه الكريمة أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله فيما شجر بينهم، أي: في كل شيء يحصل فيه اختلاف، بخلاف مسائل الإجماع، فإنها لا تكون إلا مستندة للكتاب والسنة، ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى ينتفي الحرج من قلوبهم والضيق، وكونهم يحكمونه على وجه الإغماض، ثم لا يكفي ذلك حتى يسلموا لحكمه تسليمًا بانشراح صدر، وطمأنينة نفس، وانقياد بالظاهر والباطن.

 

فالتحكيم في مقام الإسلام، وانتفاء الحرج في مقام الإيمان، والتسليم في مقام الإحسان، فمَن استكمل هذه المراتب وكملها، فقد استكمل مراتب الدين كلها، فمَن ترك هذا التحكيم المذكور غير ملتزم له، فهو كافر، ومَن تركه، مع التزامه فله حكم أمثاله من العاصين»[66].

 

الدليل الرابع: قوله تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾[67].

 

قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: «ينكر اللَّه تعالى على من خرج عن حكم اللَّه المُحْكَم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شرٍّ، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة اللَّه، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم [جنكيز خان]، الذي وضع لهم السّياق، وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى: من اليهودية، والنصرانية، والملة الإسلامية، وغيرها، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره، وهواه، فصارت في بنيه شرعًا مُتَّبعًا، يقدمونها على الحكم بكتاب اللَّه، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله، حتى يرجع إلى حكم اللَّه ورسوله، فلا يُحكِّم سواه في قليل ولا كثير، قال اللَّه تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾، أي: يبتغون ويريدون، وعن حكم اللَّه يعدلون. ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ أي: ومن أعدل من اللَّه في حكمه لمن عَقل عن اللَّه شرعه، وآمن به، وأيقن، وعلم أنه تعالى أحكم الحاكمين، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء، القادر على كل شيء، العادل في كل شيء»[68].

 

وقال العلامة السعدي - رحمه الله -: «﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾ أي: أفيطلبون بتوليهم، وإعراضهم عنك حكم الجاهلية، وهو كل حكم خالف ما أنزل اللَّه على رسوله، فلا ثَمَّ إلا حكم اللَّه ورسوله، أو حكم الجاهلية، فمن أعرض عن الأول ابتلي بالثاني المبني على الجهل، والظلم، والغي؛ ولهذا أضافه اللَّه للجاهلية، وأما حكم اللَّه تعالى فمبني على العلم، والعدل والقسط، والنور والهدى.

 

﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ فالموقن هو الذي يعرف الفرق بين الحكمين، ويميّز بإيقانه ما في حكم اللَّه من الحسن والبهاء، وأنه يتعيّن عقلاً وشرعاً اتّباعه، واليقين: هو العلم التام الموجب للعمل»[69].

 

الدليل الخامس: قوله تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾[70].

 

قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: «أي: مهما اختلفتم فيه من الأمور، وهذا عام في جميع الأشياء، ﴿فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ أي: هو الحاكم فيه بكتابه، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، كقوله: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾[71]، ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي﴾ أي: الحاكم في كل شيء، ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ أي: أرجع إليه في جميع الأمور»[72].

 

وقال العلامة السعدي - رحمه الله -: «﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ من أصول دينكم وفروعه، مما لم تتفقوا عليه ﴿فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ يرد إلى كتابه، وإلى سنة رسوله، فما حكما به فهو الحق، وما خالف ذلك فباطل ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي﴾ أي: فكما أنه تعالى الرب، الخالق، الرازق، المدبر، فهو تعالى الحاكم بين عباده بشرعه في جميع أمورهم»[73].

 

الدليل السادس: قوله تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾[74].

 

وقد روي عن عدي بن حاتم أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، فَقُلْتُ: إِنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ، فَقَالَ: «أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَتُحَرِّمُونَهُ، وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ، فَتَسْتَحِلُّونَهُ؟» فقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: «فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ»[75].

 

قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: «وهكذا قال حذيفة بن اليمان، وعبداللَّه بن عباس، وغيرهما في تفسير: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ إنهم اتبعوهم فيما حلَّلوا وحرّموا.

 

وقال السدي: استنصحوا الرجال، وتركوا كتاب اللَّه وراء ظهورهم؛ ولهذا قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا﴾ أي: الذي إذا حرّم الشيء فهو الحرام، وما حلله حلَّ، وما شرعه اتّبع، وما حكم به نفذ.

 

﴿لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ أي: تعالى، وتقدس، وتنزه عن الشركاء، والنظراء، والأعوان، والأضداد، والأولاد، لا إله إلا هو، ولا ربّ سواه»[76].

 

وقال العلامة السعدي - رحمه الله -: «﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ﴾، وهم علماؤهم ﴿وَرُهْبَانَهُمْ﴾ أي: العُبَّاد المتجردين للعبادة ﴿أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ يُحِلُّون لهم ما حرم اللّه فيحلونه، ويحرمون لهم ما أحل اللّه فيحرمونه، ويشرعون لهم من الشرائع، والأقوال المنافية لدين الرسل فيتبعونهم عليها، وكانوا أيضاً يُغلون في مشايخهم، وعُبّادهم، ويُعظِّمونهم، ويتخذون قبورهم أوثاناً تعبد من دون اللَّه، وتقصد بالذبائح، والدعاء والاستغاثة»[77].

 

وقد قال الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -: «باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل اللَّه، أو تحليل ما حرم اللَّه، فقد اتخذهم أرباباً من دون اللَّه»[78].

 

وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: «يُوشِكُ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْكُمْ حِجَارَةٌ مِنْ السَّمَاءِ، أَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَتَقُولُونَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؟»[79].

 

وقال الإمام الشافعي - رحمه الله -: «أجمع العلماء على أن من استبانت له سنة رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له أن يدعها لقول أحد»[80].

 

وقال الإمام مالك - رحمه الله -: «ما منا إلَّا مَن رَدَّ أَوْ رُدَّ عليه، إلَّا صاحب هذا القبر»، وأَشار إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -[81].

 

وقال الإمام أبو حنيفة - رحمه الله -: «مَا جَاءَ عَنِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ، وَمَا جَاءَ عَنِ الصَّحَابَةِ اخْتَرْنَا، وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهُمْ رِجَالٌ وَنَحْنُ رِجَالٌ»[82].

 

وقال الإمام أحمد - رحمه الله -: «عجبتُ لقومٍ عرَفوا الإسنادَ وصحَّته، يذهبون إلى رأي سفيان، واللَّه تعالى يقول: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[83]، أتدري ما الفتنة؟ الفتنةُ: الشرك، لعلَّه إذا ردَّ بعض قوله، أن يقع في قلبه شيءٌ من الزيغ فيهلِك»[84].

 

الدليل السابع: حديث جابر - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه: «... أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ، فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا: رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؛ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ...» [85].

 

قال الإمام النووي - رحمه الله -: «في هَذِهِ الْجُمْلَة إِبْطَال أَفْعَال الْجَاهِلِيَّة، وَبُيُوعهَا الَّتِي لَمْ يَتَّصِل بِهَا قَبْض، وَأَنَّهُ لَا قِصَاص فِي قَتْلهَا، وَأَنَّ الْإِمَام وَغَيْره مِمَّنْ يَأْمُر بِمَعْرُوفٍ، أَوْ يَنْهَى عَنْ مُنْكَر، يَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأ بِنَفْسِهِ، وَأَهْله، فَهُوَ أَقْرَب إِلَى قَبُول قَوْله، وَإِلَى طِيب نَفْس مَنْ قَرُبَ عَهْده بِالْإِسْلَامِ[86].

 

الدليل الثامن: إجماع علماء الإسلام على تحريم الحكم بالأعراف، والعادات القبلية الجاهلية المخالفة المضادة لكتاب اللَّه العزيز، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأن من فعل ذلك فقد أتى منكراً عظيماً، وجرماً كبيراً، وإثماً مبيناً، وضلالاً بعيداً.

 

قال الإمام عبد العزيز بن عبد اللَّه بن باز - رحمه الله -: «... وقد أجمع العلماء على أن من زعم أن حكم غير اللَّه أحسن من حكم اللَّه، أو أن هدي غير رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - أحسن من هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو كافر، كما أجمعوا على أن من زعم أنه يجوز لأحد من الناس الخروج عن شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم -، أو تحكيم غيرها فهو كافر ضال»[87].

 

♦   ♦   ♦

المبحث الثالث: أقوال العلماء الراسخين في العلم في تحريم الحكم بالأعراف والعادات الجاهلية القبلية

العلماء منذ عصر النبوة يحذرون الناس من الحكم بغير ما أنزل اللَّه تعالى، ويحذرونهم أيضاً من التحاكم إلى الأعراف والعادات الجاهلية القبلية، فكل عالم بالكتاب والسنة ينهى ويحذر عن ذلك التحاكم إلى غير كتاب اللَّه، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:

1- قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - (ت 728هـ): «ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل اللَّه على رسوله، فهو كافر، فمن استحلّ أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلاً من غير اتباع لما أنزل اللَّه فهو كافر، فإنه ما من أمة إلا وهي تأمر بالحكم بالعدل، وقد يكون العدل في دينها ما رآه أكابرهم؛ بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعاداتهم التي لم ينزلها اللَّه - سبحان وتعالى - كسوالف البادية، وكأوامر المطاعين فيهم، ويرون أن هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة، وهذا هو الكفر؛ فإن كثيراً من الناس أسلموا، ولكن مع هذا لا يحكمون إلا بالعادات الجارية لهم التي يأمر بها المطاعون، فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز الحكم إلا بما أنزل اللَّه، فلم يلتزموا ذلك، بل استحلّوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل اللَّه، فهم كفار»[88].

 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أيضاً: «... أما من كان ملتزماً لحكم اللَّه ورسوله باطناً وظاهراً، لكن عصى، واتبع هواه، فهذا بمنزلة أمثاله من العصاة»[89].

 

2- قال العلامة ابن القيم (ت 751) - رحمه الله -: «...لما أعرض الناس عن تحكيم الكتاب، والسنة، والمحاكمة إليهما، واعتقدوا عدم الاكتفاء بهما، وعدلوا إلى الآراء، والقياس، والاستحسان، وأقوال الشيوخ، عرض لهم من ذلك فساد في فطرهم، وظلمة في قلوبهم، وكدر في أفهامهم، ومحق في عقولهم، وعمتهم هذه الأمور، وغلبت عليهم، حتى رُبِّي فيها الصغير، وهرم عليها الكبير». إلى أن قال - رحمه الله -: «إذا رأيت دولة هذه الأمور قد أقبلت، وراياتها قد نصبت، وجيوشها قد ركبت، فبطن الأرض واللَّه خير من ظهرها، وقلل الجبال خير من السهول، ومخالطة الوحوش أسلم من مخالطة الناس اقشعرت الأرض وأظلمت السماء وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة وذهبت البركات وقلت الخيرات وهزلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظلمة...»[90].

 

وقال ابن القيم - رحمه الله - أيضاً: «والصحيح: أن الحكم بغير ما أنزل اللَّه يتناول الكفرين: الأصغر، والأكبر، بحسب حال الحاكم؛ فإنه إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل اللَّه في هذه الواقعة، وعدل عنه عصياناً؛ مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة، فهذا كفر أصغر، وإن اعتقد أنه غير واجب، وأنه مخير فيه، مع تيقنه أنه حكم اللَّه تعالى، فهذا كفر أكبر.

 

وإن جهله وأخطأه: فهذا مخطئ له حكم المخطئين»[91].

 

3- قال الإمام ابن كثير (ت 774هـ) - رحمه الله -: «... فما حكم به كتاب اللَّه، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وشهدا له بالصحة، فهو الحق، وماذا بعد الحق إلا الضلال؛ ولهذا قال تعالى: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ أي: ردوا الخصومات والجهالات إلى كتاب اللَّه، وسنة رسوله، فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾، فدلّ على أن من لم يتحاكم في مجال النزاع إلى الكتاب والسنة، ولا يرجع إليهما في ذلك، فليس مؤمناً باللَّه، ولا باليوم الآخر»[92].

 

4- قال الإمام محمد بن عبد الوهاب (ت 1206هـ)- رحمه الله -: «الطواغيت كثيرة، ورؤوسهم خمسة: إبليس لعنه اللَّه، ومن عُبِدَ وهو راضٍ، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومن ادعى شيئاً من علم الغيب، ومن حكم بغير ما أنزل اللَّه»[93].

 

5- العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ- رحمه الله - (ت 1292هـ) سئل - رحمه الله -: «عمَّا يحكم به أهل السوالف من البوادي وغيرهم من عادات الآباء والأجداد، هل يطلق عليهم بذلك الكفر بعد التعريف... إلخ؟

 

فأجاب - رحمه الله -: «من تحاكم إلى غير كتاب اللَّه، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بعد التعريف، فهو كافر....»[94].

 

6- قال العلامة حمد بن عتيق- رحمه الله - (ت 1301هـ) عند هذه الآية: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾[95] بعد ذكر قول ابن كثير - رحمه الله -، قال: «قلت: ومثل هؤلاء ما وقع فيه عامة البوادي ومن شابههم، من تحكيم عادات آبائهم، وما وضعه أوائلهم من الموضوعات الملعونة التي يسمونها (شرع الرفاقة) يقدمونها على كتاب اللَّه، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومن فعل ذلك فهو كافر، يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم اللَّه ورسوله»[96].

 

7- قال العلامة سليمان بن سحمان (ت 1349هـ)- رحمه الله -: «الطاغوت ثلاثة أنواع: طاغوت حكم، وطاغوت عبادة، وطاغوت طاعة ومتابعة؛ والمقصود في هذه الورقة هو طاغوت الحكم، فإن كثيرا من الطوائف المنتسبين إلى الإسلام، قد صاروا يتحاكمون إلى عادات آبائهم، ويسمون ذلك الحق بشرع الرفاقة، كقولهم شرع عجمان، وشرع قحطان، وغير ذلك، وهذا هو الطاغوت بعينه، الذي أمر اللَّه باجتنابه.

 

ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاجه[97]، وابن كثير في تفسيره[98]: أن من فعل ذلك فهو كافر باللَّه، زاد ابن كثير: يجب قتاله، حتى يرجع إلى حكم اللَّه ورسوله»[99].

 

وقال ابن سحمان أيضاً: «وما ذكرناه من عادات البوادي، التي تسمى (شرع الرفاقة) هو من هذا الجنس، من فعله فهو كافر، يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم اللَّه ورسوله، فلا يُحكِّم سواه في قليل ولا كثير»[100].

 

8- قال الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية في عهده، (ت 1389هـ) - رحمه الله -: «... بلغنا بسبب شكوى الربادي أنه موجود من بعض الرؤساء ببلد الرين من يحكم بالسلوم الجاهلية، فساءنا ذلك جداً، وأوجب علينا الغيرة لأحكام اللَّه وشرعه؛ لأن ذلك في الحقيقة حكم بغير ما أنزل اللَّه...»، ثم قال - رحمه الله -: «يتحتم على ولاة الأمور التأديب البليغ لكل من ارتكب هذه الجريمة التي قد تفضي إلى ما هو أكبر إثماً من الزنا والسرقة؛ لأن كل من خالف أمر اللَّه، وأمر رسوله، وحكم بين الناس بغير ما أنزل اللَّه متبعاً لهواه، ومعتقداً أن الشرع لا يكفى لحل مشاكل الناس، فهو طاغوت قد خلع ربقة الإيمان من عنقه، وإن زعم أنه مؤمن...»[101].

 

9- قال الإمام عبد العزيز بن عبد اللَّه بن باز (ت 1420هـ) - رحمه الله -: «...اللَّه سبحانه له الخلق والأمر، وهو أحكم الحاكمين، ولا إيمان لمن اعتقد أن أحكام الناس وآراءهم خير من حكم اللَّه ورسوله، أو تماثله وتشابهه، أو أجاز أن يحل محلها الأحكام الوضعية، والأنظمة البشرية، وإن كان معتقداً بأن أحكام اللَّه خير، وأكمل، وأعدل، فالواجب على عامة المسلمين، وأمرائهم وحكامهم، وأهل الحل والعقد فيهم: أن يتقوا الله عز وجل ويحكموا شريعته في بلدانهم وسائر شؤونهم...»[102].

 

وقال - رحمه الله -: «... في إحياء العادات القبلية، والأعراف الجاهلية ما يدعو إلى ترك التحاكم إلى كتاب اللَّه، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وفي ذلك المخالفة لشرع اللَّه المطهر». إلى أن قال - رحمه الله -: «... وبهذا يُعلم أنه لا يجوز إحياء قوانين القبائل وأعرافهم، وأنظمتهم التي يتحاكمون إليها بدلاً من الشرع المطهر الذي شرعه أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، بل يجب دفنها، وإماتتها، والإعراض عنها، والاكتفاء بالتحاكم إلى شرع اللَّه - سبحان وتعالى -، ففيه صلاح الجميع، وسلامة دينهم، ودنياهم، وعلى مشايخ القبائل ألا يحكموا بين الناس بالأعراف التي لا أساس لها من الدين، وما أنزل اللَّه بها من سلطان، بل يجب أن يردُّوا ما تنازع فيه قبائلهم إلى المحاكم الشرعية...»[103].

 

10- الإمام عبد العزيز بن باز - رحمه الله - (ت 1420هـ).

 

11- العلامة عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله - (ت 1415هـ).

 

12- العلامة عبد اللَّه بن قعود - رحمه الله - (ت 1426).

 

13- العلامة عبد اللَّه بن عبد الرحمن الغديان (ت 1431هـ).

 

قالوا رحمهم اللَّه:

«... والمراد بالطاغوت في الآية: كل ما عدل عن كتاب اللَّه تعالى، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - إلى التحاكم إليه: من نظم، وقوانين وضعية، أو تقاليد، وعادات متوارثة، أو رؤساء قبائل ليفصل بينهم بذلك، أو بما يراه زعيم الجماعة أو الكاهن...»[104].

 

14- قال العلامة صالح بن فوزان بن عبد اللَّه الفوزان حفظه اللَّه: «... من حكم بغير ما أنزل اللَّه: هذا يعم كل حكم بغير ما أنزل اللَّه بين الناس في الخصومات، والمنازعات، حكم بينهم بالقانون، أو بعوائد البدو، والسلوم التي عليها البدو والقبائل، وأعرض عن كتاب اللَّه، هذا هو الطاغوت، يحكمون بغير ما أنزل اللَّه، ويدّعون أن هذا من الإصلاح، والتوفيق بين الناس، هذا كذب، الإصلاح لا يكون إلا بكتاب اللَّه، والتوفيق بين المؤمنين لا يكون إلا بكتاب اللَّه - عز وجل -...»[105].

 

وقال حفظه اللَّه: «...من أنواع الردة الحكم بغير ما أنزل اللَّه إذا اعتقد أن هذا أمر مباح، وأنه يجوز أن يحكم بالشريعة، ويجوز أن يحكم بالقوانين، ويقول: المقصود حل النزاعات، وهذا يحصل بالقوانين، ويحصل بالشريعة، فالأمر متساوٍ...» إلى أن قال:
«... فالذي يسوي بين حكم اللَّه وحكم الطاغوت – والطاغوت المراد به: كل حكم غير حكم اللَّه، سواء عوائد البادية، أو أنظمة الكفار، أو قوانين الفرنس، أو الإنكليز، أو عادات القبائل كل هذا طاغوت، وكذا تحكيم الكهان – فالذي يقول: إنهما سواء كافر، وأشد منه من يقول: إن الحكم بغير ما أنزل اللَّه أحسن من الحكم بما أنزل اللَّه، هذا أشد، فالذي يقول: الناس ما يصلح لهم اليوم إلا هذه الأنظمة، ما يصلح لهم الشرع، الشرع ما يطابق هذا الزمان، ولا يساير الحضارة، ما يصلح إلا تحكيم القوانين، ومسايرة العالم، تكون محاكمناً مثل محاكم العالم هذا أحسن من حكم اللَّه: هذا أشد كفراً من الذي يقول: إن حكم اللَّه وحكم غيره متساويان.

 

أما إذا حكم بغير ما أنزل اللَّه لهوىً في نفسه، أو جهل بما أنزل اللَّه، وهو يعتقد أن حكم اللَّه هو الحق، وهو الواجب، فهذا فعل كبيرة من كبائر الذنوب، وذلك كفر دون كفر»[106].

 

♦   ♦   ♦

المبحث الرابع: حكم من حكم بالعادات والأعراف الجاهلية القبلية

الحكم بالكفر ليس لأحد إلا اللَّه تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فمن كفَّره اللَّه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - كفّرناه، ولأهمية هذا العنوان، وخطورته، فلا بد من التثبت، وعدم العجلة، ويكون ذلك على النحو الآتي:

أولاً: لا يحكم بالكفر على أحد إلا بدليل صريح من الكتاب والسنة، مع تحقق الشروط، وانتفاء الموانع.

قال اللَّه تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾، وقال - عز وجل -: «وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾[107].

 

وقال - عز وجل -: ﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[108].

 

فقد وصف اللَّه - عز وجل - من لم يحكم بما أنزل: بالكفر، والظلم، والفسق.

 

وقد ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كفر دون كفر ما لم يستحله، فعن طاوس قال: قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: «إِنَّهُ لَيْسَ بِالْكُفْرِ الَّذِى تَذْهَبُونَ إِلَيْهِ، إِنَّهُ لَيْسَ كُفْرًا يَنْقُلُ عَنْ المِلَّةٍ ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ»[109].

 

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قوله: «﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾، قال: من جحد ما أنزل اللَّهُ فقد كفر، ومن أقرَّ به ولم يحكم، فهو ظالم فاسقٌ»[110].

 

وقال سفيان الثوري، عن ابن جريج، عن عطاء قوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾، ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، قال: كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ، وَظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ، وفِسْقٌ دُونَ فِسْقٍ»[111].

 

وقال العلامة السعدي - رحمه الله -: «...فالحكم بغير ما أنزل اللَّه من أعمال أهل الكفر، وقد يكون كفراً ينقل عن الملة، وذلك إذا اعتقد حلَّه وجوازه، وقد يكون كبيرة من كبائر الذنوب، ومن أعمال الكفر قد استحق من فعله العذاب الشديد»[112].

 

قال الإمام محمد بن إبراهيم - رحمه الله - مفتي الديار السعودية في عهده: «...سجّل اللَّه تعالى على الحاكمين بغير ما أنزل اللَّهُ الكفرَ، والظلمَ، والفسوقَ، ومن الممتنع أن يُسمِّيَ اللَّهُ - سبحان وتعالى - الحاكم بغير ما أنزل اللَّه كافراً، ولا يكون كافراً، بل هو كافرٌ مطلقاً: إما كفر عمل، وإما كفر اعتقاد...».

 

ثم قَسَّم الكفر المخرج من الملة، وهو كفر الاعتقاد إلى ستة أنواع ذكرها، وقال في النوع السادس:

«...السادس: ما يَحْكُم به كثيرٌ من رؤساء العشائر، والقبائل من البوادي ونحوهم، من حكايات آبائهم وأجدادهم، وعاداتهم التي يُسمُّونها (سلومهم) يتوارثون ذلك منهم، ويحكمون به، ويحضُّون على التحاكم إليه عند النزاع، بناء على أحكام الجاهلية، و إعراضاً ورغبة عن حكم اللَّه ورسوله، فلا حول ولا قوة إلا باللَّه».

 

ثم قال - رحمه الله -: «...وأما القسم الثاني من قسمي كُفر الحاكم بغير ما أنزل اللَّه، وهو الذي لا يُخرج من الملّة، فقد تقدّم أن تفسير ابن عباس - رضي الله عنهما -لقوله - عز وجل -: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾[113] قد شمل ذلك القسم، وذلك في قوله - رضي الله عنه - الآية: «كفر دون كفر»، وقوله أيضاً: «ليس بالكفر الذي تذهبون إليه»، وذلك أن تَحْمِلَه شهوتُه وهواهُ على الحُكم في القضية بغير ما أنزل اللَّه، مع اعتقاده أنّ حُكمَ اللَّه ورسوله هو الحقّ، واعترافه على نفسه بالخطأ، ومجانبة الهدى، وهذا وإنْ لم يُخْرجْه كُفرُه عن الملّة؛ فإنه معصية عُظمى، أكبرُ من الكبائر: كالزنا، وشُرب الخمر، والسرقة، واليمين الغموس، وغيرها؛ فإنّ معصيةً سمَّاه اللَّهُ في كتابه كُفْراً، أعظمُ من معصيةٍ لم يسمها كفراً، نسأل اللَّه أن يجمع المسلمين على التحاكم إلى كتابه، انقياداً، ورضاءً، إنّه وليّ ذلك والقادرُ عليه[114].

 

وقال شيخنا الإمام ابن باز- رحمه الله -: «ولا إيمان لمن اعتقد أن أحكام الناس، وآراءهم، خير من حكم اللَّه، ورسوله، أو تماثله، وتشابهه، أو أجاز أن يحل محلها الأحكام الوضعية، والأنظمة البشرية، وإن كان معتقداً بأن أحكام اللَّه خير وأكمل وأعدل...»[115].

 

وسمعت سماحة شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد اللَّه ابن باز - رحمه الله - يقول: من حكم بغير ما أنزل اللَّه فلا يخرج عن أربعة أنواع:

1- من قال أنا أحكم بهذا؛ لأنه أفضل من الشريعة الإسلامية، فهو كافر كفراً أكبر.

 

2- ومن قال أنا أحكم بهذا لأنه مثل الشريعة الإسلامية، فالحكم بهذا جائز، وبالشريعة جائز، فهو كافر كفراً أكبر.

 

3- ومن قال أنا أحكم بهذا، والحكم بالشريعة الإسلامية أفضل، لكن الحكم بغير ما أنزل اللَّه جائز، فهو كافر كفراً أكبر.

 

4- ومن قال أنا أحكم بهذا، وهو يعتقد أن الحكم بغير ما أنزل اللَّه لا يجوز، ويقول الحكم بالشريعة الإسلامية أفضل، ولا يجوز الحكم بغيرها، ولكنه متساهل، أو يفعل هذا لأمرٍ صادر من حُكَّامه، فهو كافر كفراً أصغر، لا يُخرج من الملة، ويعتبر من أكبر الكبائر[116].

 

ثانياً: خطورة الكفر والتكفير: يجب أن يُعلم أن الكفر والتكفير له خطرٌ عظيم؛ فإن المرتد له أحكامه على النحو الآتي:

1- لا يحل لزوجته البقاءُ معه، ويجب أن يُفَرَّقَ بينها وبينه؛ لأن المسلمة لا يصح أن تكون زوجة لكافر بالإجماع المتيقَّن.

 

2- أنَّ أولاده لا يجوز أن يبقوا تحت سلطانه؛ لأنَّه لا يُؤتَمَن عليهم، ويُخشى أن يُؤثِّر عليهم بكفره، وبخاصة أن عُودَهم طريّ، وهم أمانة في عنق المجتمع الإسلامي كله.

 

3- أنَّه فقد حق الولاية والنُّصرة من المجتمع الإسلامي بعد أن مرق منه، وخرج عليه بالكفر الصريح، والرِّدَّة البَوَاح.

 

4- أنَّه يجب أن يُحاكم أمام القضاء الإسلامي، ليُنفَّذَ فيه حكم المرتدِّ، بعد أن يُستتاب وتُزال من ذهنه الشبهات، وتُقام عليه الحجة.

 

5- أنَّه إذا مات على ردّته لا تُجرى عليه أحكام المسلمين، فلا يُغسَّل، ولا يُصلَّى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين، ولا يُورث، كما أنه لا يرث إذا مات مورِّث له قبله[117].

 

6- أنَّه إذا مات على حاله من الكفر يستوجب لعنة الله وطرده من رحمته، والخلود الأبدي في نار جهنم.

 

وهذه الأحكام الخطيرة توجب على من يتصدَّى للحكم بتكفير أحدٍ من المسلمين أن يتريَّث مرات ومرات قبل أن يقول ما يقول[118].

 

7- أنَّه لا يُدعَى له بالرَّحمة، ولا يُستغفر له؛ لقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَـهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْـجَحِيمِ﴾[119].

 

قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله -: «الكفر حق اللَّه ورسوله، فلا كافر إلا من كفَّره اللَّه ورسوله»[120].

 

نسأل اللَّه العافية في الدنيا والآخرة.

 

♦   ♦   ♦

المبحث الخامس: الفتاوى في تحريم الحكم بالأعراف، والعادات القبلية

أولاً: فتاوى الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية في عهده - رحمه الله -:

1- الحكم بعادات الأسلاف والأجداد:

قال - رحمه الله -: «...إن من أقبح السيئات، وأعظم المنكرات التحاكم إلى غير شريعة اللَّه من القوانين الوضعية، والنظم البشرية، وعادات الأسلاف والأجداد التي قد وقع فيها كثير من الناس اليوم، وارتضاها بدلاً من شريعة اللَّه التي بعث بها رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم -، ولا ريب أن ذلك من أعظم النفاق، ومن أكبر شعائر الكفر، والظلم، والفسوق، وأحكام الجاهلية التي أبطلها القرآن، وحذّر عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم -»[121].

 

2- الحكم بالسلوم، والأعراف، والعادات القبلية الجاهلية

قال - رحمه الله -: «...السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته. وبعد:

فقد بلغنا بسبب شكوى الربادي أنه موجود من بعض الرؤساء ببلد الرين من يحكم بالسلوم الجاهلية، فساءنا ذلك جداً، وأوجب علينا الغيرة لأحكام اللَّه، وشرعه؛ لأن ذلك في الحقيقة حكم بغير ما أنزل اللَّه، وقد قال اللَّه تعالى: ﴿وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾[122]، وقال في الآية التي بعدها: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾[123]، وفي آية أخرى: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ﴾[124]، وقد انكر اللَّه سبحانه على من ترك التحاكم إلى شرعه المطهّر، وابتغى التحاكم إلى غيره من الآراء، والأهواء بقوله تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾[125]، فلا حكم أحسن، ولا أعدل من حكم اللَّه؛ لأنه تعالى أحكم الحاكمين، وهو العليم بمصالح عباده، والحكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره، وأيضاً فإن اللَّه قد أمر عباده أن يكفروا بالطاغوت، وأنكر على من أراد التحاكم إليه، وأخبر أن ذلك من إضلال الشيطان لهم، فقال سبحانه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾[126]، وقال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[127]، فالواجب عليكم التنبه لهذا الأمر، والإنكار على من فعله، بل يتحتم على ولاة الأمور التأديب البليغ لكل من ارتكب هذه الجريمة التي قد تفضي إلى ما هو أكبر إثماً من الزنا، والسرقة؛ لأن كل من خالف أمر اللَّه، وأمر الرسول، وحكم بين الناس بغير ما أنزل اللَّه، متبعاً لهواه، ومعتقداً أن الشرع لا يكفي لحل مشاكل الناس، فهو طاغوت قد خلع ربقة الإيمان من عنقه، وإن زعم أنه مؤمن، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَــبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ»[128].

 

وقد يظن بعض الجهال أن التحاكم إلى السلوم فيه مصلحة، وهذا الظن فاسد؛ لأن ذلك مفسدة محضة، بل إفساد في الأرض؛ لأنه من أكبر معاصي اللَّه، وكل من عصى اللَّه في الأرض، فقد أفسد فيها، وقد قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾[129]، وفقني اللَّه وإياكم لمعرفة الحق، واتباعه، وأعاذنا جميعاً من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، آمين. والسلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته.

رئيس القضاة

(ص/ق 360 في 5/ 5/1380) [130]

 

3- حكم مساعدة المعتدي وتشجيعه بدفع الديات عنه، وحكم إجبار القبائل أفرادهم بدفع الأموال وبالتمسك بعوائدهم في أرش الجنايات والديات:
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي وزير الداخلية... وفقه اللَّه.

 

السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته، وبعد:

فقد جرى اطلاعنا على المعاملتين المبعوثتين إلينا منكم رفق خطاب سموكم، رقم 3299/ 6، وتأريخ / 7/86 تتعلق أولاهما بمطالبة شيخ شمل الحقوا إلزام قبائله بالتمسك بعوائدهم في أرش الجنايات، والديات، وتشتمل على خطاب فضيلة قاضي الحقو رقم 254، في 17/ 6/ 1386 هـ المتضمن اعتراضه على ما اتفقت عليه القبائل من التناصر، والتكاتف، والتعاون في دفع الديات، وأروش جنايات العمد، وإن ذلك لا يجوز شرعاً لمخالفته المقتضيات الشرعية، ولما فيه من مساعدة المعتدي، وتشجيعه على الاعتداء مادامت قبيلته تساعده، وتناصره، وتعينه في دفع ما يترتب عليه.

 

وتتعلق الأخرى بمطالبة مقبول بن... وأخيه سعد بالتخلي عن عوائد قبيلتهما من مساعدة المتزوجين وضيافة الضيوف ونحو هذه الأمور، وامتناعهما عن تسليم ما اتجه عليهما لقبيلتهما من هذه الأمور، وقد جاء في خطاب سموكم أن إمارة أبها، وإمارة السراة ارتأتا ضرورة إلزام مقبول بن فهد وأخيه سعد بالدخول مع جماعاتهم في عوائدهم، وعدم إفساح المجال لمثل هذه الطلبات، حيث إن إضاعتها إضاعة لهذه العوائد القبلية، وترون سموكم أن هذه العوائد قديمة، قد بدأ التذمر منها، فالإلزام بها، والحال أنها لم تكن طبق مقتضيات شرعية أمر لا مبرر له، إلى أخر ما ذكرتموه، وترغبون سموكم إبداء مرئياتنا تجاه هذه العوائد.

 

ونشعركم أنه بدراستنا للمعاملة الأولى بمطالبة شيخ شمل الحقو إلزام قبائله بالتمسك بعوائدهم السابقة، وبتتبعنا أوراقها، بما في ذلك خطاب قاضي الحقو المشار إليه، وإلى مضمونه أعلاه وجدنا أن ما قرره فضيلته صحيح، وأن مثل هذه العوائد من عوائد الجاهلية المبني كثيرٌ منها على الظلم، ومناصرة أهله، فيتعين إبطال هذه الاتفاقيات، والاقتصار على حكم اللَّه ورسوله.

 

وبدراستنا للمعاملة الثانية، وجدنا أن ما أشار إليه فضيلة قاضي السراة موجب خطابه رقم 174 في 6/ 3 /86 المتضمن عدم إجبار مقبول وأخيه سعد بتسليمهما ما ينوبهما من عوائد القبيلة صحيح، وأن ما أشارت إليه إمارتا السراة، وأبها من ضرورة إلزام مقبول وأخيه بما طولبا به غير صحيح، وأن ما أشرتم إليه سموكم من أن التمسك بهذه العوائد قد يطغى على مر الزمن على تعاليم ديننا الحنيف، وفي الشريعة الإسلامية ما يكفي لحماية الفرد والمجتمع، وأنه ليس في خروج هذين الفردين على عوائد قبيلتهما ما يعتبر خروجاً على جماعة المسلمين...

 

وعليه فأي عوائد قبيلة تمس مصالح المسلمين عامة، أو تهون العدوان عليهم، أو على أفرادهم، أو يكون فيها إلزام لأفراد أصحاب هذه العوائد بما لا يلزمهم شرعاً فهي باطلة، والإلزام بها فرع عن بطلانها، ونعيد إلى سموكم كامل الأوراق، واللَّه يحفظكم، والسلام.

مفتي الديار السعودية

(ص/ -ف 2065/ 1/ 23/ 4/ /1387 هـ) [131]

 

ثانياً: فتاوى الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة في عهده - رحمه الله -:

1- وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه:

قال - رحمه الله -: «...فهذه رسالة موجزة، ونصيحة لازمة في وجوب التحاكم إلى شرع اللَّه، والتحذير من التحاكم إلى غيره، كتبتها لما رأيت وقوع بعض الناس في هذا الزمان في تحكيم غير شرع اللَّه، والتحاكم إلى غير كتاب اللَّه وسنة رسوله، من العرّافين، والكهّان، وكبار عشائر البادية، ورجال القانون الوضعي وأشباههم، جهلاً من بعضهم لحكم عملهم ذلك، ومعاندة ومحادة للَّه ورسوله من آخرين، وأرجو أن تكون نصيحتي هذه معلمة للجاهلين، ومذكرة للغافلين، وسبباً في استقامة عباد اللَّه على صراطه المستقيم» إلى أن قال - رحمه الله -: «...ولا إيمان لمن اعتقد أن أحكام الناس، وآراءهم خير من حكم اللَّه ورسوله، أو تماثله، وتشابهه، أو أجاز أن يحل محلها الأحكام الوضعية، والأنظمة البشرية، وإن كان معتقداً بأن أحكام اللَّه خير، وأكمل، وأعدل.

 

فالواجب على عامة المسلمين، وأمرائهم، وحكامهم، وأهل الحل والعقد فيهم: أن يتقوا اللَّه - عز وجل -، ويحكموا شريعته في بلدانهم، وسائر شؤونهم، وأن يقوا أنفسهم، ومن تحت ولايتهم عذاب اللَّه في الدنيا والآخرة، وأن يعتبروا بما حل في البلدان التي أعرضت عن حكم اللَّه...»

 

إلى أن قال - رحمه الله -: «...وأرجو ممن بلغته موعظتي هذه أن يتوب إلى اللَّه، وأن يكفّ عن تلك الأفعال المحرّمة، ويستغفر اللَّه، ويندم على ما فات، وأن يتواصى مع إخوانه، ومن حوله على إبطال كل عادة جاهلية، أو عرف مخالف لشرع اللَّه، فإن التوبة تجبُّ ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وعلى ولاة أمور أولئك الناس وأمثالهم، أن يحرصوا على تذكيرهم، وموعظتهم بالحق، وبيانه لهم، وإيجاد الحكام الصالحين بينهم؛ ليحصل الخير بإذن اللَّه، ويكفّوا عباد اللَّه عن محادته، وارتكاب معاصيه، فما أحوج المسلمين اليوم إلى رحمة ربهم، التي يغير اللَّه بها حالهم، ويرفعهم من حياة الذل والهوان إلى حياة العز والشرف[132].

 

2- حول قوانين القبائل والدعوة إلى إحيائها:

الحمد للَّه رب العالمين، وصلّى اللَّه وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان، وسار على نهجهم إلى يوم الدين، وبعد:

فقد اطلعت على مقال منشور في جريدة عكاظ، في العدد (9842) الصادر في يوم الأربعاء، الموافق 24 محرم، 1414 هـ، حول: (قوانين القبائل، والدعوة إلى إحيائها)، فرأيت أن من الواجب الرد على هذا المقال، وبيان ما فيه من الخطر العظيم، والفساد الكبير؛ وذلك لأن في إحياء العادات القبلية، والأعراف الجاهلية ما يدعو إلى ترك التحاكم إلى كتاب اللَّه، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وفي ذلك المخالفة لشرع اللَّه المطهر.

 

ولوجوب النصيحة للَّه، ولعباده، أقول وباللَّه التوفيق:

يجب على جميع المسلمين أن يتحاكموا إلى كتاب اللَّه - سبحان وتعالى -، وسنة رسوله محمد عليه أفضل الصلاة والسلام في كل شيء، لا إلى العادات، والأعراف القبلية، ولا إلى القوانين الوضعية، قال اللَّه - سبحان وتعالى -: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾[133]، وقال سبحانه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾[134]، وقال تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾[135].

 

وقال - عز وجل -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾[136]، فيجب على كل مسلم أن يخضع لحكم اللَّه ورسوله، وأن لا يقدم حكم غير اللَّه ورسوله - كائناً من كان - على حكم اللَّه ورسوله، فكما أن العبادة للَّه وحده، فكذلك الحكم له وحده، كما قال - سبحان وتعالى -: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾[137].

 

فالتحاكم إلى غير كتاب اللَّه - سبحان وتعالى -، وإلى غير سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - من أعظم المنكرات، وأقبح السيئات، بل قد يكفر المتحاكم إلى غير كتاب اللَّه، وسنة رسوله، إذا اعتقد حل ذلك، أو اعتقد أن حكم غيرهما أحسن، قال - صلى الله عليه وسلم -: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[138].

 

فلا إيمان لمن لم يُحكِّم اللِّه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في أصول الدين وفروعه، وفي كل الحقوق، فمن تحاكم إلى غير اللَّه ورسوله، فقد تحاكم إلى الطاغوت.

 

وبهذا يعلم أنه لا يجوز إحياء قوانين القبائل، وأعرافهم، وأنظمتهم التي يتحاكمون إليها بدلاً من الشرع المطهر الذي شرعه أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، بل يجب دفنها، وإماتتها، والإعراض عنها، والاكتفاء بالتحاكم إلى شرع اللَّه - سبحان وتعالى -، ففيه صلاح الجميع، وسلامة دينهم ودنياهم، وعلى مشايخ القبائل ألا يحكموا بين الناس بالأعراف التي لا أساس لها من الدين، وما أنزل اللَّه بها من سلطان، بل يجب أن يردوا ما تنازع فيه قبائلهم إلى المحاكم الشرعية، وذلك لا يمنع الصلح بين المتنازعين بما يزيل الشحناء، ويجمع الكلمة، ويرضي الطرفين بدون إلزام على وجه لا يخالف الشرع المطهر؛ لقوله - سبحان وتعالى -: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾[139]، وقوله - عز وجل -: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾[140]، وقوله جل وعلا: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾[141]، ولما ثبت عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلاَّ صُلْحًا حَرَّمَ حَلاَلاً أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا»[142].

 

فالواجب الالتزام بكتاب اللَّه تعالى، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والتحاكم إليهما، والحذر مما يخالفهما، والتوبة النصوح مما سلف مما يخالف شرع اللَّه تعالى.

 

وفق اللَّه الجميع لما يحبه ويرضاه، وأعاذنا جميعاً من مضلات الفتن، ونزغات الشيطان، إنه سميع قريب.

 

وصلى اللَّه وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه[143].

 

ثالثاً: تقرير العلامة صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان:

قال حفظه اللَّه تعالى: «...الذي يسوِّي بين حكم اللَّه وحكم الطاغوت، والطاغوت المراد به: كل حكم غير حكم اللَّه، سواءٌ عوايد البادية، أو أنظمة الكفار، أو قوانين الفرنس، أو الانجليز، أو عادات القبائل، كل هذا طاغوت، وكذا تحكيم الكهان، فالذي يقول: إنهما سواء كافر، وأشد منه من يقول: إن الحكم بغير ما أنزل اللَّه أحسن من الحكم بما أنزل اللَّه، هذا أشد، فالذي يقول الناس ما يصلح لهم اليوم إلا هذه الأنظمة، ما يصلح لهم الشرع، الشرع ما يطابق لهذا الزمان، ولا يساير الحضارة، ما يصلح إلا تحكيم القوانين، ومسايرة العالم، تحكون محاكمنا مثل محاكم العالم، هذا أحسن من حكم اللَّه، هذا أشد كفراً من الذي يقول: إن حكم اللَّه، وحكم غيره متساويان، أما إذا حكم بغير ما أنزل اللَّه لهوى في نفسه، أو جهل بما أنزل اللَّه، وهو يعتقد أن حكم اللَّه هو الحق، وهو الواجب، فهذا فعل كبيرة من كبائر الذنوب، وذلك كفر دون كفر»[144].

 

رابعاً: فتوى العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد - رحمه الله -:

أجاب - رحمه الله - عن أمور سأل عنها بعض الناس تتعلق بعادات، وأعراف منكرة لبعض القبائل، والمجتمعات القبلية، وأحدثوها من عند أنفسهم ما أنزل اللَّه بها مسلطان، استحكمت على كثير منهم، فصارت من قوانينهم التي يتحاكمون إليها[145]، فقال - رحمه الله - في التحاكم إلى الأحكام العرفية، والقبلية، وترك التحاكم إلى الشرع المطهر:

«... وهذا منكر عظيم، بل بلغ الأمر في بعض القبائل، عقد ميثاق للقبيلة يسمونه: (المذهب) يسنون فيه أحكاماً لكل واقعة، مُخالفة لحكم اللَّه تعالى، ويسندون النظر في هذه الوقائع، وإنزال الأحكام، والأعراف عليها إلى شيخ القبيلة، أو حُكَّام ينتخبون من بينهم، ويلومون، ويقاطعون كُلَّ ‏من خرج عن هذا الميثاق الباطل، أو ذَهَب إلى المحاكم الشرعية، ويصفونه بأنه خارج عن (ا‏لمذهب) أو ‏(قاطع مذهب) زاعمين جهلاً أن هذا ‏من الحفاظ على مجتمع القبيلة، وتسوية خلافاتها في محيطها، وفي هذا حماية للقبيلة وسمعتها، ووصل من الأبناء والأحفاد لموروث الآباء والأجداد.

 

‏وهذا من تلبيس إبليس عليهم، وإغوائه لهم، وتلاعبه بعقولهم؛ إذ أوقعهم في هذا المنكر العظيم، وهو ترك حكم اللَّه تعالى، والاعتياض عنه بهذه العادات، والأعراف الجاهلية، فاستبدلوا بذلك الذي هو أدنى بالذي هو خير، والباطل بالحق، والظلم بالعدل»[146].

 

خامساً: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في العادات القبلية:

1- حكم التحاكم إلى الأحكام العرفية عند مشايخ القبائل:

فتوى رقم (6216):

س: ما الحكم إذا تخاصم اثنان مثلاً، وتحاكما إلى الأحكام العرفية، فمثلاً يضع كل منهما معدالاً كما يسمونه، ويرضون من مشايخ القبائل من يحكم بينهما، ويجلسان بين يديه، ويبث كل منهما دعواه ضد الآخر، فإذا كانت القضية بسيطة حكم فيها بذبيحة على المخطئ يذبحها لخصمه، وإذا كانت القضية كبيرة حكم فيها (بجنبية)، أي كانوا في القدم يضربونه على رأسه بآلة حادة حتى يسيل دمه، ولكن اليوم تقدر (الجنبية بدراهم)، ويسمون هذا: صلحاً، وهذا الشيء منتشر بين القبائل، ويسمونه: مذهباً، بمعنى: إذا لم ترضَ بفعلهم هذا، فيقولون عنك: (قاطع المذهب)، فما الحكم في هذا يا فضيلة الشيخ؟

 

الحمد للَّه وحده، والصلاة والسلام على رسوله، وآله وصحبه... وبعد:

ج: يجب على المسلمين أن يتحاكموا إلى الشريعة الإسلامية لا إلى الأحكام العرفية، ولا إلى القوانين الوضعية، وما ذكرته ليس صلحاً في الحقيقة، وإنما هو تحاكم إلى مبادئ وقواعد عرفية؛ ولذا يسمونها: مذهباً، ويقولون لمن لم يرض بالحكم بمقتضاها: إنه قاطع المذهب، وتسميته صلحاً لا يخرجه عن حقيقته من أنه تحاكم إلى الطاغوت، ثم الحكم الذي عينوه من الذبح أو الضرب بآلة حادة على الرأس، حتى يسيل منه الدم ليس حكماً شرعياً.

 

وعلى هذا يجب على مشايخ القبائل ألا يحكموا بين الناس بهذه الطريقة، ويجب على المسلمين ألا يتحاكموا إليهم إذا لم يعدلوا عنها إلى الحكم بالشرع، واليوم -وللَّه الحمد- قد نصب ولي الأمر قضاة يحكمون بين الناس، ويفصلون في خصوماتهم بكتاب اللَّه، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ويحلون مشكلاتهم بما لا يتنافى مع شرع اللَّه تعالى، فلا عذر لأحد في التحاكم إلى الطاغوت بعد إقامة من يتحاكم إليه من علماء الإسلام، ويحكم بحكم اللَّه سبحانه.

 

وباللَّه التوفيق، وصلى اللَّه على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

 

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن قعود

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز[147]

 

2- التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية: تثليث الدم، والضرب بالجنبية، والحكم بالمنصوبة:

الفتوى رقم (16894):

س: نرفع لسماحتكم معروضنا هذا، ونفيدكم فيه بأن القبائل التي تستوطن الطائف وضواحيها، وهم قبيلة قريش، وبنو سفيان، وطويرق، والنمور، وقبيلة هذيل التي تستوطن وادي نعمان، تسيطر على هذه القبائل جميعاً الأحكام العرفية، وما يسمونه بالمذهب العربي، وهو عبارة عن قوانين جاهلية، لا تخضع للشريعة، ومن أمثلة ذلك: قانون تثليث الدم، بحيث إذا ضرب إنسان، وقُدِّر دمه بعشرة آلاف مثلاً؛ فإن صاحب هذا الدم، لا يحصل إلا على ثلاثة آلاف فقط، وفقاً لقانون تثليث الدم السائد عندهم، حيث يخصم منه ثلث للفراش، وهي الوليمة التي يجتمعون عليها، والثلث الثاني يهمل، ويهدر حسب القانون، والثلث الباقي يسلم لصاحب الدم.

 

ومن أمثلة ذلك: أنهم يحكمون بالجنابي، وهي أن يضرب الرجل رأسه بالجنبية حتى يسيل الدم، ويستمر ضرب رأسه، والدم يسيل حتى يقول خصمه كلمة (أبيض)، وفي هذه الأيام يتحايلون على قضية الجنابي، ويقولون: نحن نحكم بثمن الجنابي، ولا داعي للاعتراض، كما يقولون بأننا نقدِّر الجنبية بألف ريال، أو بأكثر، أو أقل، وعندهم أيضاً ما يسمونه (بالأسيَّة)، وهو قانون سائد لديهم، وهو أن يشرعوا لكل حادثة أحكاماً، مثل: عليك يا فلان خمس من الغنم، أو ست جنابي، أو ثمنها في حادثة من الحوادث، وغداً تقبل مني مثل هذا الحكم المذكور، ويتذرعون بأن الشرع لا يمنعهم من تطبيق عادات آبائهم، وأجدادهم التي يفخرون بها، ويجلّونها، ويعظمونها... وقد يلاقي المنكر عليهم نبذاً، وهجراً، ولو استطاعوا أن يفعلوا الأفاعيل لما ترددوا.

 

نأمل من سماحتكم إفتاءنا في هذه الأمور فتوى مكتوبة، ولا سيما أن بعض العامة ينقلون عن سماحتكم أموراً لا ندري مدى ثبوتها.

 

وهذه الأمور المذكورة، يا سماحة الشيخ، عبارة عن واقع تعيشه هذه القبائل، والذين يتولّون التحكيم رجال ليسوا مؤهلين شرعاً، بل هم من العامة. فما حكم الإسلام في تثليث الدم، وفي الجنابي، أو في ثمنها، أو في الأسيَّة، وبقية ما ذكرنا؟ وهل يباح الحضور، والأكل من وليمة الفراش المذكورة أعلاه؟ وعندهم أيضاً ما يسمى بالمنصوبة، وهي ذبيحة، أو أكثر تفرض على المخطئ، ويذهب بها إلى بيت المُخطى عليه. فهل يجوز حضورها والأكل منها؟ وما حكم الرضا بما يفرضه القضاة من العامة المعروفين؟

ج: الواجب على المسلمين أن يتحاكموا إلى الشريعة الإسلامية امتثالاً لأمر اللَّه جل وعلا في قوله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾[148]، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾[149]، وقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾[150]، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[151]، وقوله تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[152].

 

ويحرم على المسلمين التحاكم إلى الأحكام العرفية، والمبادئ القبلية، والقوانين الوضعية؛ لأنها من التحاكم إلى الطاغوت الذي نهينا أن نتحاكم إليه، وقد أمرنا اللَّه بالكفر به في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾[153]، ولا يحل لمشايخ القبائل الحكم بين الناس بما تمليه الأعراف والمبادئ القبلية، والواجب عليهم إرشاد من جاءهم بأن يذهب إلى القضاة في المحاكم الشرعية، الذين ولاهم إمام المسلمين للحكم بين الناس بالشرع المطهر.

 

وما ذُكر من الحكم بالجنابي، أو ثمنها، أو تثليث الدم، أو الحكم بالأسيَّة أو المنصوبة، فكل هذه ليست أحكاماً شرعية، وإنما هي من الأحكام القبلية التي لا يجوز الحكم بها بين الناس، ولا يجوز الأكل من الطعام المسمى بـ(طعام الفراش)؛ لأنه مبذول بغير طيب نفس، ولا يجوز حضورها، ولا الرضا بها.

 

وباللَّه التوفيق، وصلى اللَّه على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

 

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

عضو

عضو

الرئيس

بكر أبو زيد

عبد العزيز آل الشيخ

صالح الفوزان

عبد الله بن غديان

عبد العزيز بن عبد الله بن باز[154]

 

3- أيمان الوسيَّة، وذبح الغنم في الحكم القبلي من باب التعزير:

الفتوى رقم (18545):

س: يوجد لدينا في المنطقة الجنوبية ما يسمى بـ: (أيمان الوسية)، وهذه الأيمان تحلّ وتفصل كثيراّ من المشاكل والخلافات بين الأفراد والقبائل، فمثلاً عندما يحدث نزاع في أراضٍ، أو إصابات وجراحات، أو اعتداء رجل على شجرة لشخص، أو إصابة ابنه بجرح على أثر مضاربة ونحوها، أو وقعت غنمه على مزرعة شخص، فأكلت من مزرعته، فيحلف المعتدي، أو وليه، أنه لو كان في محل المصاب أو المعتدى عليه، أو المعتدى على ملكه، أنه لا يطالب بشيء، فيقول: (واللَّه العظيم، إنه لو كان حصل هذا الخطأ منك يا صاحب الشجر، أو يا صاحب الغنم، أو يا صاحب الولد، أنني أسامحك، ولا أطالبك بشيء)، هذه صفة أيمان الوسية. وهناك يا فضيلة القاضي مسألة أخرى، وهي تعزير من يحصل منه خطأ لا حد فيه من الأخطاء السابقة، وذلك بذبح شاة، أو شاتين، أو أكثر للقبيلة، أو الجماعة في القرية الواحدة، وهذا أيضاً يحل إشكالاً كثيراً بالرضا بين أطراف النزاع. فما حكم هاتين المسألتين؟

ج: أولاً: ما يسمى بأيمان الوسيَّة، وصورتها: أنه إذا اعتدى شخص على آخر في نفسه أو ماله، فيحلف المعتدي، أو وليه، أنه لو كان في محل المصاب، أو المعتدى على ملكه أنه لا يطالبه، هي عمل منكر، وإلزام للناس بحكم لم يوجبه اللَّه، ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فالواجب على من ابتلوا بهذه الأيمان تركها، وهجرها، والاعتياض عن ذلك، بما هو مشروع من الصلح بين المتنازعين برضاهما، أو التحاكم إلى القضاة في المحاكم الشرعية.

 

ثانياً: تعزير المعتدي، أو المخطئ بقدر ما ارتكبه من الاعتداء، أو الخطأ؛ تأديباً له، وتطييباً لخاطر المعتدى عليهم، بذبح شاة، أو شاتين للقبيلة، هذا تأديب ممن لا يملكه شرعاً، ثم هو قدر زائد على العقوبات التعزيرية التي مردها إلى القضاء، لا الأعراف القبلية، فلا يجوز فعل ذلك.

 

وباللَّه التوفيق، وصلى اللَّه على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

 

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

عضو

نائب الرئيس

الرئيس

بكر أبو زيد

صالح الفوزان

عبد الله بن غديان

عبد العزيز آل الشيخ

عبد العزيز بن عبد الله بن باز[155]

 

4- حكم اللاذة، والعدالة في أعراف بعض القبائل:

الفتوى رقم (18561)، وتاريخ 3/ 2/ 1417هـ:

س: نحن نواب قبائل آل وائلة بتهامة عسير، نقوم بالنظر في بعض القضايا، وذلك بقصد ردع أفراد القبيلة، وسعياً في تخفيف المشاكل، وهي كالآتي:

1- اللاذة:وهي أنه إذا حصل خصومة بين شخصين: أحدهما يطلب حقه من الآخر، فالذي عليه الحق يستليذ بشخص آخر، ويقوم الأخير بردع صاحب الحق، ويطلب منه عدم مطالبة الشخص الذي لاذ به، وإذا عاد صاحب الحق، وطالب بحقه من خصمه مرة ثانية، فإن المليذ يثور باثني عشر رأساً من الغنم، يسلمها للشخص الذي لاذ به، ثم يعود المليذ، فيذهب مع صاحب الحق الأول إلى النائب، ويلزمه النائب بتسليم اثني عشر رأساً من الغنم للمليذ، فلا أخذ صاحب الحق حقه، وألزم بدفع اثني عشر رأساً من الغنم من جراء مطالبته بحقه.

 

2- عدالة: إذا حصلت قضية طعن بسكين، أو إطلاق[156] على شخص، فإن المعتدي والمعتدى عليه يجلسون عند نائب القبيلة، ويتولى النظر في قضيتهم، ليفض النزاع على النحو الآتي:

يقوم النائب بقوله: أنا سأحكم بينكما بشرط أن تقبلوا حكمي، ويمسحوا على لحاهم، قابلين بحكمه مهما كان، ثم يحكم على الطاعن، أو الضارب بما يراه من عشر إلى خمسمائة رأس من الغنم، ويقبل هذا الحكم، وينفذه كل منهما.

 

قضايا الحدود:

السرقة: عند قيام شخص بسرقة رأس من الغنم، فحين التعرف عليه؛ فإنه يلزم بدفع اثني عشر رأساً من الغنم، نكالاً له، وردعاً لغيره.

فهل يعتبر نظرنا في مثل هذه القضايا من الحكم بغير ما أنزل اللَّه؟ أفتونا ووجهونا، بارك اللَّه فيكم.

ج: ما ذكر في السؤال من عادات وأعراف قبلية، هي أحكام جاهلية، لا يجوز التحاكم إليها، والرضا بها، والواجب على المسلمين أينما كانوا التحاكم إلى الشريعة الإسلامية، ونبذ الأحكام المخالفة لها؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾[157]، وقوله سبحانه: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾[158]، وقوله: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾[159].

 

وباللَّه التوفيق، وصلى اللَّه على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

 

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

عضو

نائب الرئيس

الرئيس

بكر أبو زيد

صالح الفوزان

عبد الله بن غديان

عبد العزيز آل الشيخ

عبد العزيز بن عبد الله بن باز[160]

 

5- عقر الإبل، والغنم في عادات بعض القبائل:

الفتوى رقم (19915):

س: أتوجه إلى سماحتكم بهذا السؤال، راجياً من اللَّه أن يدلّكم ويلهمكم الإجابة الصائبة عليه، وهو: أن مجموعة من ذوي الرأي في بلد إسلامي، ما لا يوجد لديهم حاكم شرعي، فكونوا لجنة لإصلاح ذات البين لفض الخصومات، والمنازعات التي تنشب بين قبيلتين أو أكثر، ولكن من العادات السائدة والتقاليد، أنهم يذهبون إلى القبيلة المظلومة، أو إلى الجميع، ويحملون معهم رأساً، أو أكثر من الإبل، أو البقر، أو غيرها من بهيمة الأنعام، فإذا وصلوا إلى الخصوم عقروها عندهم؛ تطييباً لخواطرهم، ولو ذهبوا بشيء من المال، وإن كثُر، لا تقف الفتنة إلا بالفعل الذي تقدم آنفاً، وهو العقر. فما حكم الشرع في هذا العقر؟ وإذا كان حراماً؛ فإن أصحاب هذه اللجنة قد اشتروا جملاً بما يقارب خمسة وأربعين ألفاً، وجعلوها غرامة على كل عضو من أعضاء اللجنة، وبعض الأعضاء فقير، وطلبوا منا، أي نحن المغتربين، المساعدة، مع العلم أنهم جاهلون بالحكم الشرعي في ذلك. فهل يجوز لنا مساعدتهم في قيمة هذا الجمل الذي سبق، ونخبرهم أن تكرار هذا الفعل لا يجوز؟ نرجو الإجابة الشافية.

ج: اللَّه تبارك وتعالى أمر أهل الإيمان بالتعاون على البر والتقوى، ونهاهم عن التعاون على الإثم والعدوان، ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ عَقْرَ فِي الإِسْلاَمِ»[161]، وذلك لإبطال أمر الجاهلية الذين يفعلون كفعلكم، ومن المعلوم أن فض الخصومات، والإصلاح بين المسلمين من أعظم أنواع البر والإحسان، لكن هذا العرف المذكور، وهو الالتزام بذبح شيء من بهيمة الأنعام، وأن ذلك هو طريق الإصلاح، وإرضاء القبيلة المتنازعة، هو عرف فاسد، لا يجوز فعله، ولا الاستمرار عليه؛ لكونه من أمر الجاهلية، ولأنه إيجاب أمر على العباد، لم يوجبه اللَّه ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقد يكون وراءه اعتقاد في الذبح لغير اللَّه، فيكون ذريعة للشرك باللَّه تعالى، كما أن هذه الالتزامات تثير البغضاء، والشحناء، والأحقاد بين الناس، وبناء على ذلك، فيجب ترك هذه التقاليد، والأعراف المخالفة للشرع المطهر.

 

وباللَّه التوفيق، وصلى اللَّه على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

 

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

عضو

نائب الرئيس

الرئيس

بكر أبو زيد

صالح الفوزان

عبد الله بن غديان

عبد العزيز آل الشيخ

عبد العزيز بن عبد الله بن باز[162]

 

6- المعدال، والخاتمة، ومنع العاني، ومعقد الحق، ومسح اللحى، والملفى عادات قبلية:

الفتوى رقم (20510):

س: إننا من قبائل تسكن في مكة المكرمة وأطرافها، ويجاورنا قبائل أخرى، ويوجد لدينا عادات، وأحكام قبلية نتحاكم إليها عند الخلافات، والنزاعات، وإنني ومجموعة من أفراد القبيلة في خوف ووجل من ذلك، نخشى أن نكون بذلك نتحاكم إلى غير ما أنزل اللَّه، وأردنا أن ننكرها ونغيرها، وإن أصرت القبيلة عليها نخرج عن دائرتهم، ونقاطعهم، ولكن أعدنا النظر، فوجدنا في ظاهر الأمر أن في هذه العادات والأحكام مصالح، وحل نزاعات، ودرء لمفاسد، وحقن دماء، وحفظ حقوق، هذا ما نراه في ظاهر الأمر.. واللَّه أعلم، وخشينا أن ننكرها، ونغيرها بغير علم، فيفوت ما فيها من المصالح، ويصعب عودة القبيلة إليها، فقررنا أن نوضح لكم صورة هذه العادات والأحكام، فإن كانت تخالف أحكام الشرع المطهر، فسنبادر إن شاء اللَّه بالانتهاء عنها، وتحذير الناس منها، وإن وجد فيها ما فيه مصلحة، ولا يخالف الشرع، فنرجو توضيحه، وتوضيح ما يخالف الشرع لتغييره. علماً أن القبيلة تفيد بأن عدم إقبالها على التحاكم في المحاكم الشرعية الحكومية ليس اعتراضاً على حكم الشرع، ولكن لأسباب، منها ما يلي:

1- البادية يشق عليهم مراجعة المحاكم، والدوائر الحكومية باستمرار، وإجراءات الروتين قد تستغرق شهوراً، أو سنوات.

 

2- الخوف من أحكام تعزير قاسية، مثل السجن لمدة طويلة.

 

3- بعض الخصوم يتفنن في المماطلة، والتلاعب، والتحايل، واستغلال ثغرات الروتين، فتستمر القضية لفترة طويلة، قد تصل إلى سنوات، ولكن البادية، والقبيلة يبتون في الموضوع في وقت قصير.

 

توضيح صورة العادات والأحكام القبلية: إذا حدث نزاع، أو مشكلة بين طرفين، يطلب المتضرر، أو شيخه (الخاتمة) من المتسبب، أو من شيخه، فيدفع المتسبب، أو شيخه (معدال)، وهو مبلغ من المال، أو شيء ثمين يبقى مع المتضرر حتى يتم (مقعد) الحق، والحكم في القضية، والفصل فيها، ويعطي المتضرر، أو شيخه (عاني)، وهو تعهد، والتزام بعدم اتخاذ أي فعل انتقام، أو شكوى حكومية، حتى يتم مقعد الحق، والفصل في القضية، وقد يكون العاني لدرء الفتنة، وهو في حالة نشوب قتال بين أفراد أو قبائل، وفي لحظة الاشتباك يقوم الذي يريد الخير بأخذ عانٍ من الطرف الأول، وعانٍ من الطرف الثاني، وهذا عبارة عن هدنة، ومنع للحدث، ووقف للقتال، يعني كل صاحب عانٍ مسؤول عن منع قبيلته، ولو بالقوة، من أي تعدٍ بعد العاني، وأي ضرب، أو تعدٍّ بعد العاني يكون بصمة عارٍ في حق صاحب العاني، وبهذا يتم وقف الفتنة، حتى يجتمع كبار القبيلتين للمناقشة، وحل القضية.

 

مقعد الحق: يقوم المتضرر بتكاليف الفراش، والعشاء للحكم في القضية، ثم يدفع المتسبب التكاليف، إذا ثبت أنه هو المخطئ، يتم ترشيح قاضيين، أو أكثر للحكم في القضية، ليسوا من أهل العلم الشرعي، ولا طلبة علم، ولكن معروفين بالعقل، والخبرة، والحكمة، والأمانة، والفطنة. علماً بأنه لا يوجد من أفراد القبيلة علماء، ولا طلبة علم، عُرفوا بالتدخل، أو المشاركة لحل مثل هذه القضايا، يكفل المدعي والخصم، ويمسحان لحيتيهما، ويقول كل منهما: في وجهي، وذلك على تنفيذ الحكم الصادر، وعدم المعارضة، إلا في حالة واحدة، وهي أن يتيقن بأن الحكم غير عادل، ففي هذه الحالة يرفض الحكم، ويقدم معدال للقضاة، ثم ترفع القضية لقضاة آخرين، قد يكونون من غير القبيلة، فيميزون في الحكم، فإن وافقوه فيلزم بتنفيذ الحكم، ويكلف بحكم آخر للقضاة جزاء الطعن في حكمهم، وإن كان حكم القضاة فعلاً غير عادل، فيحكم بغيره، ولا شيء للقضاة، يقوم المدعي بعرض دعواه، ويجيب الخصم، ثم ينظر القضاة إن كانت الدعوى لا تستوجب شيئاً تسقط الدعوى، وإن كانت تستوجب حكماً، فينظرون إن كان لها قضية سابقة مماثلة، ولها حكم سابق عندهم يحكمون بمثله، وإن لم يكن لها قضية مماثلة، وليس لها حكم سابق عندهم، يحكمون بما يرونه مناسباً (ويتواسون على الحكم، بأن لو حدث مثل هذه القضية مرة أخرى، يقبلون بنفس الحكم)، ويسمى ذلك (أسيَّة). علماً بأن هناك أحكاماً تم التواسي عليها، والتحاكم بها، وعندما ظهر أنها تخالف الشرع، عدل عنها قضاة القبيلة؛ لمخالفتها للشرع.

 

بعض الأحكام التي يحكم بها:

1- إن كانت القضية تعدياً بضرب، تقدر الإصابات بمبلغ من المال، ويدفع للمتضرر (أرش).

 

2- تؤخذ البينة من المدعي، وإلا فاليمين على من أنكر.

 

3- إذا كانت القضية سباً، أو شتماً، أو استخفافاً، أو إهانة، يحكم بمبلغ من المال، أو مبلغ وملفى، والملفى هو: (خروف يعمل عليه وليمة، يجتمع عليها الوجهاء في منزل المعتدى عليه، تشريفاً له، ورد اعتبار)، ولا يخطر ببال أحد الطرفين أن ذلك ذبح لغير اللَّه، وقد يحصل أن يقوم المسيء بأن يلفي المساء إليه تكريماً له، وبدون حكم، بل من طيب نفس حتى تطيب نفس المساء إليه.

 

4- يضاعف الحكم إذا كان المعتدى عليه جاراً، أو رحيماً، أو صاحباً بالجنب.

 

نرجو منكم إفادتنا خطياً؛ حتى نتمكن من التوضيح لمشايخ القبيلة، وأعيانها، عسى اللَّه أن ينفع بها. وجزاكم اللَّه خير الجزاء.

 

ج: يجب التحاكم إلى شرع اللَّه في كل شيء، قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾[163]، وقوله سبحانه: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[164]، وقوله سبحانه: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾[165]، ولا يجوز التحاكم إلى عوائد القبائل ونحوها؛ لأن هذا من التحاكم لغير ما أنزل اللَّه، بل يجب عليكم التحاكم عند قضاة المحاكم الشرعية.

 

وباللَّه التوفيق، وصلى اللَّه على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

 

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

عضو

نائب الرئيس

الرئيس

بكر أبو زيد

صالح الفوزان

عبد الله بن غديان

عبد العزيز آل الشيخ

عبد العزيز بن عبد الله بن باز[166]

 

7- الملفى على المعتدى عليه من عادات القبائل:

الفتوى رقم (18543):

س: يحصل فيما بين أفراد القبائل سوء تفاهم، حيث يقوم بعض الأشخاص من أفراد القبيلة في حالة الغضب بالمضاربة فيما بينهم، فيحصل بينهم دم، وأثناء القضية يقوم الشيخ، وأعيان القبيلة بما يسمى: (الملفى) على الشخص المعتدي للمعتدى عليه، والإصلاح فيما بينهما، وأخذ ذبيحة، أو ذبيحتين لتقديمها للمصاب وجماعته، ومعها بعض من النقود. هل هذا أي ما يسمى بالملفى جائز على القبيلة تدفعه بالتساوي، أم على الشخص الذي عمل المضاربة؟

 

ج: هذا العمل إذا كان من باب الإصلاح بين المتنازعين، وبرضا واختيار المعتدى عليه، فلا بأس به، وفاعله، والساعي فيه مأجور على ذلك إن شاء اللَّه، أما إذا كان هذا العمل من باب الإيجاب والإلزام للمعتدي، وإن لم يرضَ عُدَّ ذلك خرقاً لعادات القبيلة، فهذا أمر منكر، وإيجاب لشيء لم يوجبه اللَّه على عباده، فلا يجوز العمل به، بل الواجب الرجوع في كل المنازعات، والخصومات إلى المحاكم الشرعية؛ لقول اللَّه تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾[167]، وقوله جل شأنه: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾[168].

 

وباللَّه التوفيق، وصلى اللَّه على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

 

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب الرئيس

الرئيس

بكر أبو زيد

صالح الفوزان

عبد العزيز آل الشيخ

عبد العزيز بن عبد الله بن باز[169]

 

8- حكم الإصلاح بين الناس بالعادات القبلية:

السؤال الثالث من الفتوى رقم (20845):

س3: فضيلة الشيخ: ما حكم إصلاح الناس بغير حكم القرآن والحديث، إذا كان يُسكِّن فتنة دم، أو يقطع المخاصمة.

ج 3: إذا كان الإصلاح بين الناس يترتب عليه ارتكاب محرم، أو التحاكم إلى القوانين الوضعية المخالفة لكتاب اللَّه وسنة رسوله، فإن ذلك لا يجوز؛ لقول اللَّه تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾[170]، فيجب على من يصلح بين الناس أن يصلح بينهم بالعدل، ويحملهم على اتباع الحق، وترك الظلم، والعفو عن خصمه بأسلوب حسن، وكلام طيب، وقد يكون الإصلاح بين الناس بدفع المال لأحد المتخاصمين أو كليهما، كدفع الزكاة للغارمين، أو دفع المال لهم، أو لغيرهم من غير الزكاة، إذا رأى أن المال أنفع، وأجدى من الكلام، وله الأجر والثواب على ذلك. وعلى من يصلح بين الناس أن يتقي اللَّه في عمله، ولذلك بدأ اللَّه بالتقوى قبل إصلاح ذات البين، فقال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[171]، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾[172] إلى قوله تعالى: ﴿فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ*إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[173].

 

وباللَّه التوفيق، وصلى اللَّه على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

 

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

الرئيس

بكر أبو زيد

صالح الفوزان

عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ[174]

 

9- أخذ الثأر من غير الجاني من العادات الجاهلية المحرمة:

فتوى رقم (22479) وتاريخ 17/8/ 1423هـ:

الحمد للَّه وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. وبعد:

فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من المستفتي- رحمه الله - ناصر بن عايض آل إدريس، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (7541)، وتاريخ 16/ 7/ 1423هـ، وقد سأل المستفتي سؤالاً هذا نصه: إننا سماحة المفتي من قبائل إذا حدث فيها حوادث شجار، أو اعتداءات عمدٍ حدث فيها إراقة دماء (دون القتل)؛ فإنه يحدث عندنا من العادات: إنه إذا اعتدى الجاني على المجني عليه، وأراق دمه، فإن أهل المجني عليه يقومون بأخذ الثأر من أحد أفراد أسرة الجاني الأبرياء، حتى ولو لم يكن لهذا البريء علاقة بهذه الحادثة، علماً أن الجهات الأمنية من الإمارة، والشرطة قد قامت بدورها في هذه الحوادث، فما الحكم في هذه العادة المنتشرة بين الناس عندنا؟ وما توجيه سماحتكم في ذلك، سماحة المفتي: إننا طلبة العلم في قبائلنا نرى هذه الأمور منتشرة بين الناس عندنا؟ ونود معرفة الأحكام الشرعية في هذه المسائل، لتوعية الناس بدينهم، ونشر هذه الأحكام بينهم رغبة في الأجر والثواب، واللَّه يحفظكم ويرعاكم.

 

وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأن العادة المسؤول عنها عادة محرمة تتعين محاربتها، والإنكار على من يعمل بمقتضاها؛ لأن قتل غير القاتل، أو الاعتداء عليه فيما دون النفس، وإن كان من أقرب أقربائه من عادات الجاهلية، وهو من أشد أنواع الاعتداء؛ ولأن هذا القريب لم يرتكب ما يبيح دمه، أو الاعتداء عليه فيما دون النفس، وجناية قريبة ينحصر أثرها عليه، ولا يتعداه إلى غيره، يقول - عز وجل -: ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾[175]، وهذه الآية عامة تندرج تحت عمومها المسألة المسؤول عنها، ويقول عليه الصلاة والسلام في شأن قتل غير القاتل من قبل أولياء المقتول: «إِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ ثَلَاثَةٌ: مَنْ قَتَلَ فِي حَرَمِ اللَّهِ، أَوْ قَتَل غَيْرَ قَاتِلِهِ، أَوْ قَتَلَ لِذَحْل الْجَاهِلِيَّةِ». أخرجه الإمام أحمد في مسنده، و ابن حبان في صحيحه[176]، ويجب القصاص على من قتل غير القاتل متى توفرت شروطه، والمرجع في التمكين من استيفاء القصاص إلى ولي الأمر؛ لأن استيفاء القصاص دونه افتيات عليه.

 

وصلى اللَّه على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم،،،،

 

عضو

عضو

عضو

عضو

عضو

الرئيس

صالح بن فوزان الفوزان

عبد اللَّه بن
عبد الرحمن الغديان

عبد اللَّه بن محمد المطلق

عبد اللَّه بن علي الركبان

أحمد بن علي سير المباركي

عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

 

10- التحاكم إلى مقطع حق، وأخذ المثارات، ودين الخمسة فأكثر، والغرم عادات جاهلية:

فتوى رقم (23211)، وتاريخ 19/ 2/ 1426هـ:

الحمد للَّه وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... وبعد:

 

فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من المستفتي- رحمه الله - فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن المطلق القاضي بمحافظة يدمه، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم 5927، وتاريخ 24/ 10/ 1425هـ، وقد سأل المستفتي سؤالاً هذا نصه: فلا يخفى على شريف علمكم ما ينتشر في المنطقة الجنوبية من بلاد الحرمين من عادات وأعراف قبيلة تتضمن الكثير من المخالفات الشرعية، والتحاكم لغير شرع اللَّه، وذلك بسبب النظام القبلي الذي يُخيِّم على تلك المنطقة، لذا ومن هذا المنطلق، وبراءة للذمة، فإنا نكتب لسماحتكم أن يصدر بها فتوى من الهيئة الدائمة للإفتاء، وبعثها إلينا، لنتمكن من طباعتها، ونشرها بين الناس.

 

وقد جاء بيان عن بعض هذه الأعراف والعادات مرفق بالخطاب المذكور آنفاً، ونصه: التحاكم إلى بعض العارفين بالأحكام القبلية، ويسمى (المقرع)، (الحق)، (عراف القبائل) فمثلاً: لو حضر عند ذلك المقرع الأخصام أخذ عليهم قبل الحكم ضمانات على أن يقبلوا بحكمه، كأن يأخذ على ذلك كفلاء، أو يرهن بنادق الأخصام عنده، ثم يسمع منهم، ويحلفهم الأيمان، ويسمع شهادات الشهود عند الاقتضاء، ويحكم بعد ذلك، وإن لم يقبلوا بحكمه أصبح خصماً لمن لم يقبل عند (مقرع حق) أعلى درجه منه، ويصبح عدم القبول سبة على صاحبه، علماً بأن الذهاب لهؤلاء المحكمين قد يكون برضاء الطرفين واتفاقهم، وقد يكون بطلب طرف، ويلزم الطرف الآخر اجتماعياً بقبول التحاكم لهذا المقرع.

 

ومما ينبغي الإشارة إليه أن هؤلاء الطرفين لا يقرون بأن ما يقومون به حكم، وإنما يرو أنه صلح، وأنه يقطع كثيراً من النزاعات، ويحفظ كثيراً من الشرور.

 

المثارات:

هي جمع مثار، وله عدة أنواع، منها: مثار العاني، والمراد بالعاني: القريب من جهة الأم، كالخال، وأبنائه، وأبناء الخالات، فإذا كنت مثلاً من قبيلة، وأخوالي من قبيلة أخرى، واعتدى أحد من قبيلة على خالي، أو أحد أبنائه، فلا بد أن أقوم بأخذ الثأر له، والمثار عبارة عن مبلغ مالي أقوم بأخذه من الجاني، أو عصبته يتراوح بين (15000)، أو أكثر، وأعطيه لخالي كرد اعتبار له، فإذا فعلت ذلك قال: «بيض اللَّه وجهك» علماً بأن هذا المبلغ لا علاقة له بأرش الجناية، ولا يعدّ صلحاً في القضية، وإنما رد اعتبار للخال، ثم للمجني عليه أن يصلح مع الجاني، أو يقتص منه، وفي حال رفض الجاني، أو أقاربه دفع المثار لي تحدث مشكلة بيني وبينهم، قد تصل إلى سفك الدماء.

مثار الجار:

وهو فيما لو اعتدى على جاري، ولم أتمكن من نصرته بيدي، فلا بد من أن أخذ مبلغ مالي من الجاني، أو أقاربه، وأعطيه له، كرد اعتبار لكونه جاري، ثم بعد ذلك هو حر في إنهاء المشكلة التي بينه وبينهم.

 

مثار الخوي:

وهو قريب من السابق، ولكن يكون فيما لو كنت مسافراً، أو راكباً مع شخص أو هو راكب، أو ماشٍ معي، واعتدي عليه، ولم أتمكن أن أقوم بنصرته بيدي لصغر سن أو نحو ذلك، فلا بد أن أدخل في الموضوع، وأطالب الجاني وأقاربه بدفع مبلغ مالي لخويي كرد اعتبار.

 

دين الخمسة أو العشرة أو يزيد:

وهو نوع من الأيمان يقوم بتحليفه الأشخاص الذين يتحاكمون إليهم الناس لإنهاء نزاعاتهم، وذلك في حال لو كانت هناك قضية سابقة؛ جناية مثلاً من شخص على آخر، وانتهت بصلح معين، فإنه يؤخذ كفلاء على الأطراف بانتهاء القضية، وعدم قيام أحد الأطراف بالاعتداء على الآخر.

 

فإذا حصل بعد هذا الصلح أن اعتدى طرف على آخر، وتحاكموا لشيخ القبيلة، أو ما يسمونه (الحق) في عرفهم، فإنه يأخذ عدد من أقارب المعتدي، يتوقف على عددهم على نوع القضية، ويبدأ العدد من خمسة ومضاعفاتها إلى أربعة وأربعين في حال حدوث قتل، ويقوم بعمل دائرة في الأرض بحسب عددهم، ويدخل من سيحلف فيها، ثم يحلفهم الأيمان المغلظة بأنهم لم يغروا الجاني على الجناية، ولم يعلموا بها، ولم يرضوا بها، ولهم في التحليف صيغ منها أن يقول الحالف: (حرية بربرية تقطع المال، والذرية، أننا لا أهرينا، ولا أغرينا، ولا رضينا، ولا همينا، ولا تمالينا في هذه الجناية إلى آ خره...).

 

الغرم:

وهو فيما لو حكم على الجاني من قبل من يسمى (الحق)، وهو من نصب نفسه للحكم بين الآخرين بالأحكام القبلية، وحكم على أحد الخصوم بغرم مالي، فيلزم قبيلته أن تعينه في دفع هذا الغرم، ويوزع الغرم على رجال القبيلة بالتساوي، ويضاف إلى الغرم المثار الذي سبق بيانه.

 

وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأن ما ذكر من الحكم والتحاكم إلى الأحكام العرفية، والمبادئ القبلية، كالثارات، ودين الخمسة، أو العشرة، والغرم وغيرها، كل هذه ليست أحكاماً شرعية، وإنما هي من الأحكام القبلية التي لا يجوز الحكم بها بين الناس، ويحرم على المسلمين التحاكم إليها، لأنها من التحاكم إلى الطاغوت الذي نهينا أن نتحاكم إليه، وقد أمرنا اللَّه بالكفر به في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾[177].

 

ولا يحل لمشايخ القبائل، ولا لغيرهم الحكم بين الناس بما تمليه الأعراف والمبادئ القبلية السابق ذكرها، بل الواجب عليهم أن يتحاكموا إلى الشريعة الإسلامية امتثالاً لأمر اللَّه - عز وجل - في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾[178]، وقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾[179]، وقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[180]، وقوله تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[181].


والواجب على الجميع التحاكم إلى شرع اللَّه المطهر، واللَّه ولي التوفيق.

 

وصلى اللَّه على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم،،،

 

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

عضو

عضو

عضو

الرئيس

صالح بن فوزان الفوزان

عبد اللَّه بن عبد الرحمن الغديان

عبد الله بن محمد المطلق

عبد الله بن علي الركبان

أحمد بن علي سير المباركي

عبد العزيز بن عبد اللَّه بن محمد آل الشيخ

 

11- الإلزامات المالية ووضعها في صندوق القبيلة

فتوى رقم 18982، وتاريخ 19/ 7/ 1417هـ:

الحمد للَّه وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... وبعد:

 

فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من المستفتي- رحمه الله -عوض بن سعيد المالكي، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (2571)، وتاريخ 13/ 5/1417هـ، وقد سأل المستفتي سؤالاً هذا نصه: (برفق هذا الكتاب صورة اتفاق أفراد القبيلة على التعاون على تحمل الدماء، وذلك ما يسمى بالتأمين التعاوني، وقد ذكر في بنود عددها (15) بنداً، أرجو من سماحتكم الاطلاع عليها، مع بيان ما يحل منها، وما لا يحل، وهل هذا العمل سائغ في الجملة).

 

وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بما يلي:

بالنظر في الاتفاقية المذكورة تبين أنها مشتملة على إلزامات مالية لكل فرد يجب الوفا ء بها، وجزاءات غير شرعية يجب الخضوع لها، ولما كانت هذه الإلزامات غير شرعية، وتحدث البغضاء، والشحناء، والأحقاد، والفرقة بين أفراد القبيلة الواحدة، فالواجب الابتعاد عن هذه الاتفاقيات الملزمة، والمشتملة على ما ذكر؛ لأن من مقاصد الشريعة المطهرة سد الذرائع الموصلة إلى إثارة الشحناء، والبغضاء، والفرقة بين المسلمين؛ ولأنه من المقرر شرعاً أنه لا يحل أخذ مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه، والإجبار على ذلك منافٍ لهذا الأصل. وبالله التوفيق.

 

وصلى اللَّه على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم...

 

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

عضو

نائب الرئيس

الرئيس

عبدالله بن عبدالرحمن الغديان

بكر بن عبد اللَّه
أبو زيد

صالح بن فوزان الفوزان

عبدالعزيز بن
عبد اللَّه بن محمد آل الشيخ

عبد العزيز بن
عبد اللَّه بن باز

 

12- صندوق القبيلة، وإلزام الناس به، والفرق بينه وبين الدية على العاقلة:

فتوى رقم (22400) وتاريخ 19/ 5/ 1423هـ:

الحمد للَّه وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... وبعد:

 

فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة عسير برقم 47612، وتاريخ 11/ 8/ 1422 هـ، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (2078)، وتاريخ 15/ 8/ 1428هـ بشأن اتفاقية جماعة بني علي ناهس شهران على إنشاء صندوق تعاوني خاص بهم، وطلب سموه دراسة الاتفاقية المذكورة، وإصدار فتوى حولها، وقد جاء في كتاب سموه ما نصه: (إشارة لخطاب رئيس مركز يعرى المكلف رقم 1144 في 24/ 5/ 1422هـ بشأن الأوراق المتعلقة بدعوى/ راشد بن علي جرمان ضد النائب/ سعد سعيد جرمان ورفقاه في موضوع صندوق لقبيلته، وحيث إنه بإحالة الأوراق لفضيلة قاضي محكمة يعرى أصدر الحكم المحرر في 23/ 11 /1421هـ، والمصدق من محكمة التمييز بالقرار رقم 37/ 3 في 10/ 1/ 1422هـ المتضمن إفهام المدعي أن دعواه غير مسموعة شرعاً لعدم تحريرها لفقد صفة الشرعية في تحريرها، وعند إحالة القضية للجهات المختصة لتنفيذ ما صدر حيالها، فقد حضر/ راشد علي جرمان، وقرر بتاريخ 7/ 5/ 1422هـ بأن دعواه ضد الاتفاقية والصناديق التي تخالف الشريعة، ويطلب بإنفاذ خطاب هذه الإمارة رقم 55567 في 22/ 9/ 1421هـ، وبناء على ذلك أعيدت هذه الأوراق للإمارة بخطاب رئيس مركز يعرى المشار إليه أعلاه المفيد بأنه سبق وأن صدر أمرنا التعميمي رقم 369 س في 29/ 12/ 1420هـ المشار فيه إلى أنه سبق أن رفعت قضية مماثلة لسمو وزير الداخلية في موضوع صندوق جماعة أخرى عليه معارضات، ورأى سموه في خطابه رقم 12792 في 5/ 3/ 1420هـ إحالة ذلك الموضوع وما صدر عليه من فتاوى لسماحة المفتي رقم 82 س في 8/ 6/ 1420هـ المتضمنة بأن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية درست الاتفاقية، وتبين لها أن على بعض تلك الاتفاقية ملاحظات شرعية، ومنها الاشتمال على إلزامات مالية، وهذه غير جائزة شرعاً لما تفضي به من الشحناء، والفرقة، والقاعدة الشرعية تنص على سد الذرائع الموصلة إلى أي شحناء، وبدراسة هذه الأوراق من قبل الجهة المختصة بالإمارة، أرتئي أنه من المستحسن عرض أوراق هذه القضية على سماحتكم لدراسة اتفاقية الصندوق التعاوني الخاص بجماعة بني علي ناهس المؤرخة في 11/ 2/ 1420هـ والشروط الملحقة بها، وإصدار فتوى شرعية حول إمكانية الإبقاء على هذا الصندوق من عدمه في ظل الإلحاح المتزايد من المطالبين بإلغائه حتى رصد عدد لفات هذه القضية إلى أكثر من مائتين وخمسين لفة.

 

لذا نأمل من فضيلتكم دراسة الاتفاقية، والشروط الملحقة بها، وإصدار فتوى تبين ما إذا كانت تلك الاتفاقية وشروطها جائزة شرعاً، وقد تم تزويد الجهة المختصة بهذه الإمارة بصورة من خطابنا هذا للتعميم على جميع المحافظات، ورؤساء المراكز، ومشايخ القبائل، والنواب بعدم وضع أختامهم على اتفاقيات الصناديق التعاونية لئلا تأخذ تلك الاتفاقيات الصيغة الرسمية، ومن ثم يراها البعض موافقة، وهي في الأصل مخالفة لما رآه سمو وزير الداخلية بمنعها درءاً للمشاكل وفق ما أشير إليه في تعميمنا رقم 396 س في 29/ 12/ 1420هـ.

 

وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأنها اطلعت على اتفاقية صندوق قبيلة بني علي ناهس، وما أرفق بها، وقد ظهر لها أن على هذه الاتفاقية ملحوظات، منها:

1 - ورد في بند (أولاً) من الاتفاقية عبارة: (فيكون دفعها على عموم القبيلة بالتساوي ممن يحمل البطاقة)، وهذه العبارة محل نظر؛ لأنها واردة في تحمل الدية التي تجب على العاقلة، والشأن فيما يجب على العاقلة أن الأقرب إلى الجاني يتحمل أكثر من الأبعد، وأن الفقير لا يتحمل شئياً، وكذلك المرأة، ومن بلغ مكلفاً يشترك في العقل، وإن لم تكن معه بطاقة.

 

2 - ورد في بند (ثانياً): (أي شخص من القبيلة يتحمل مبلغاً مالياً في دم، نتيجة إهمال، أو إدانة في أي قضية غير مخلة بالشرف، وثبت ذلك شرعاً، فتتحمل القبيلة ما نسبته 70 %)، وهذا النص مخالف لما هو متقرر عند الفقهاء من أن العاقلة تتحمل الدية كاملة في قتل الخطأ، وشبه العمد، والدم عند الإطلاق ينصرف إلى القتل.

 

3 - ورد في بند (ثالثاً) عبارة: (يستبعد من هذه الاتفاقية من يتحمل مبالغ... وكذلك من اعتدى على أحد أفراد القبيلة... )، واستثناء من تعدى على أحد أفراد القبيلة خطأ، لا وجه له، إذ لا فرق في تحمل العاقلة بين ما إذا كان المقتول خطأ، أو شبه عمد من أفراد القبيلة، أو من غيرهم.

 

4 - ورد في بند (خامساً) عبارة: (والصندوق كعاقلة ملزمة للقبيلة)، يرد على هذه العبارة أمران:

الأول: أن جعل الصندوق كالعاقلة غير صحيح؛ لأن الاشتراك في الصندوق أمر اختياري، بينما وجوب الدية على العاقلة أمر لا اختيار فيه.

 

الثاني: جعل الصندوق ملزماً لأفراد القبيلة لا وجه له؛ لأنه إلزام لهم بما لم يلزمهم به الشرع.

 

وبناء على ما ذكر فإن هذه الاتفاقية غير صالحة للعمل بها على وجهها الحالي، ويتعين في أي اتفاقية من هذا النوع أن يكون الدخول فيها اختيارياً، وأن لا يلحق من لم يدخل فيها أذى، أو مقاطعة من القبيلة، وأن لا تفرض غرامات تأخير على من تأخر في الدفع، وأن تكون مواردها، ومصارفها شرعية، وباللَّه التوفيق.

 

وصلى اللَّه على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

 

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

عضو

الرئيس

عبد الله بن علي الركبان

أحمد بن علي سير المباركي

عبد الله بن محمد المطلق

عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

 

واللَّه أسأل، أن يجعل هذا العمل مقبولاً عنده، خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به كل من انتهى إليه.

وصلى اللَّه على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 

♦     ♦     ♦

1- فهرس الأحاديث النبوية والآثار

1

أُرَاهُمْ سَيَهْلِكُونَ، أَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَيَقُولُ نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ

[ابن عباس] 51

2

أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ

52

3

أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَتُحَرِّمُونَهُ، وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ، فَتَسْتَحِلُّونَهُ؟

49

4

إِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ - عز وجل - مَنْ قَتَلَ فِي حَرَمِ اللهِ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ

10، 100

5

إِنَّهُ لَيْسَ بِالْكُفْرِ الَّذِى تَذْهَبُونَ إِلَيْهِ، إِنَّهُ لَيْسَ كُفْرًا يَنْقُلُ عَنْ المِلَّةٍ

[ابن عباس] 64

6

الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلاَّ صُلْحًا حَرَّمَ حَلاَلاً أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا

78

7

فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ

49

8

كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ، وَظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ، وفِسْقٌ دُونَ فِسْقٍ

[عطاء] 64

9

لاَ عَقْرَ فِي الإِسْلاَمِ

26، 90

10

لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ

17

11

لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لَمَّا جِئْتُ بِهِ

45

12

لَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدَثَاً

13

13

ليس بالكفر الذي تذهبون إليه

[ابن عباس]65

14

من جحد ما أنزل اللَّهُ فقد كفر، ومن أقرَّ به ولم يحكم، فهو ظالم فاسقٌ

[ابن عباس]64

15

مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ

22

16

يُوشِكُ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْكُمْ حِجَارَةٌ مِنْ السَّمَاءِ،أَقُولُ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،وَتَقُولُونَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؟

[ابن عباس]50

 

2- فهرس الموضوعات

الموضوع

الصفحة

المقدمة

3

المبحث الأول: العادات والأعراف القبلية المخالفة للشريعة الإسلامية

5

أولاً: التحاكم من بعض القبائل إلى من يسمونهم (مقاطع الحق)، أو(العُرَّاف).

5

ثانياً: التعصب الشديد لمناصرة مقاطع الحق كما يزعمون:

6

ثالثاً: المثارات: جمع مثار، وسمي مثاراً من الأخذ بالثأر، ومنها ما يأتي:

6

1 - مثار العاني،

7

2 - مثار الجار:.

8

3 - مثار الخوي:.

8

4 - مثار الجيرة:

8

5- مثار القبالة:

9

6- مثار الضيف

9

7- مثار الدم

10

8 - المثار الأسود أو مثار الغضب

10

9 - المثار الأبيض

10

10- المثار الدسم

10

رابعاً: الحكم بأيمان مغلظة: دين الخمسة، أو العشرة، أو الخمسة والعشرين.

11

خامساً: الجيرة (رِدِّية الشان).

12

سادساً: الحكم وفض النزاع

14

سابعاً: القبالة:

15

ثامناً: الغُرم:

16

تاسعاً: إلزام الناس بدفع الأموال

17

عاشراً: إكراه الناس، والضغط عليهم بقوة لطلب العفو في قتل العمد

18

الحادي عشر: أخذ ثلث الدم، وهو ما يُعرف بقانون «تثليث الدم»

19

الثاني عشر: ضرب الرأس بالجنبية، فيحكمون على الجاني

19

الثالث عشر: الحكم بثمن الجنابي، فيقولون نحكم بثمنها

19

الرابع عشر: الحكم بما يسمى بـ(الأَسيَّة)

20

الخامس عشر: الحكم بما يسمى بـ(أيمان الوَسِيَّة)

20

السادس عشر: (اللاذة)، أو (اللياذة)

20

السابع عشر: اتفاق بعض القبائل بينهم على عدم التبليغ عن أحد يعمل منكراً

21

الثامن عشر: (الخاتمة)، أو (الخاتمة العمياء)، أو (الكبارة)، أو (العتامة)

22

التاسع عشر: (المنصوبة)

22

العشرون: عادة ما يُسمى بـ(البرهة)

23

الحادي والعشرون: الحكم بما يسمى (عدالة)

23

الثاني والعشرون: عادة إيواء الجاني، وحمايته

23

الثالث والعشرون: أخذ القبيلة ثلث دية المتوفى بالقتل العمد أو الخطأ

24

الرابع والعشرون: إلغاء الدية على العاقلة، وإلزام الجماعة، أو القبيلة ذات الحلف

25

الخامس والعشرون: تعزير المعتدي، أو المخطئ بقدر ما ارتكبه من الاعتداء.

25

السادس والعشرون: عقر الإبل، أو الغنم في عادات بعض القبائل

26

السابع والعشرون: (الملفى) على المعتدى عليه من عادات بعض القبائل:

26

الثامن والعشرون: غضب قبيلة قاتل العمد على قبيلة المقتول

27

التاسع والعشرون: العادات والأعراف القبلية برواية فضيلة الشيخ: أحمد بن سعد بن متعب القحطاني:

27

أولاً: مسمياتها:

28

1- سلوم القبائل.

28

2- عوايد القبائل.

28

3- أعراف القبائل

28

4- عادات القبائل.

28

5- حقوق القبائل.

28

6- شرع الرفاقة

28

7- القوادي (جمع قادي)

28

ثانياً: لكل قبيلة سلوم قد تشترك في بعضها، وقد يكون بينها اختلاف

28

1- سلوم الحباب.

28

2- سلوم عبيدة.

28

3- سلوم الجحادر

28

4- سلوم قحطان

28

5- سلوم يام.

28

6- سلوم شهران

28

ثالثاً: مسميات من يحكم بها:

28

1- حق

28

2- مقطع حق

28

3- مقرع حق

28

4- العارف جمع عُرّاف

28

رابعاً: مصادر السلوم والعادات:

29

1- الآباء والأجداد

30

2- السوالف والسوابق

30

3- الاتفاق والتعاقد

30

4- الخرافات والأساطير

30

خامساً: نماذج من تلك القوانين:

30

1- المثارات:

30

2- الأيمان:

30

3- القبالة

31

4- الجيرة: أو الجوار

31

5- الغضب

31

6- السواد

31

7- الغرم

32

8- بعض العبارات

33

9- السعي إلى إبطال الحدود بالشفاعات، والمشورات، وبذل الأموال الكثيرة

34

10- العاني

34

11- الجيرة

35

12- رد الشأن

35

13- المجوِّر

36

14- القرعي

36

15- المثار:

36

16- المجليات (جيرة الأسود)

36

17- الجوير

36

18- الإغضاب

36

19- اليمين

37

20- الحق:

37

21- القبيل:

37

سادساً: عادات وأعراف قبلية تطبق في تهامة في الجنوب الغربي للمملكة العربية السعودية:

38

1- ما يعرف بقانون (تثليث الدم)

38

2- ضرب الرأس بالجنبية

38

3- الحكم بثمن الجنابي

38

4- الأسيَّة

39

5- أيمان الأسيّة: وهي يمين المثل، أو يقولون يحلف على خطها والمثل

39

6- اللاذة أو اللياذة

39

7- الخاتمة: أو (الخاتمة العمياء)، أو (الكبارة)، أو (العتامة)

39

8- المنصوبة

39

9- البرهة

39

10- أخذ الثأر من قبيلة الجاني بقتل أحد منهم

39

11- عدالة

40

12- أخذ القبيلة ثلث دية المتوفى [المقتول] من أوليائه

40

المبحث الثاني: الأدلة الساطعة على تحريم الحكم بالأعراف، والعادات الجاهلية القبلية

42

الدليل الأول: قول اللَّه - عز وجل -: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزلَ إِلَيْكَ...﴾

42

الدليل الثاني: قول اللَّه تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ...﴾.

43

الدليل الثالث: قول اللَّه تعالى: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾.

45

الدليل الرابع: قوله تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا...﴾.

46

الدليل الخامس: قوله تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ...﴾.

48

الدليل السادس: قوله تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ...﴾.

49

الدليل السابع: حديث جابر - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه: «... أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ...».

52

الدليل الثامن: إجماع علماء الإسلام على تحريم الحكم بالأعراف والعادات الجاهلية

52

المبحث الثالث: أقوال العلماء الراسخين في العلم في تحريم الحكم بالأعراف والعادات الجاهلية القبلية

54

1- قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ) - رحمه الله - في شرح قوله - صلى الله عليه وسلم -:«وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ»

54

2- قال العلامة ابن القيم (ت 751هـ) - رحمه الله -:«لما أعرض الناس عن تحكيم الكتاب،والسنة

55

3- قال الإمام ابن كثير (ت 774هـ) - رحمه الله -: «... فما حكم به كتاب اللَّه، وسنة رسوله

56

4- قال الإمام محمد بن عبد الوهاب (ت 1206هـ) - رحمه الله -: «الطواغيت كثيرة

56

5- العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ (ت 1291هـ) سئل - رحمه الله -: «عما يحكم به أهل

57

6- قال العلامة حمد بن عتيق (ت 1301هـ) - رحمه الله - عند هذه الآية: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾

57

7- قال العلامة سليمان بن سحمان (ت 1349هـ) - رحمه الله -: «الطاغوت ثلاثة أنواع

57

8- قال الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية في عهده (ت 1389هـ) - رحمه الله -

58

9- قال الإمام عبد العزيز بن عبد اللَّه بن باز (ت 1420هـ) - رحمه الله - مفتي السعودية في عهده

59

10- الإمام عبد العزيز بن باز (ت 1420هـ) - رحمه الله -

60

11- العلامة عبد الرزاق عفيفي (ت 1415هـ) - رحمه الله -

60

12- العلامة عبد اللَّه بن قعود (ت 1426هـ) - رحمه الله -

60

13- العلامة عبد اللَّه بن عبد الرحمن الغديان (ت 1431هـ) - رحمه الله -

60

14- العلامة صالح بن فوزان بن عبد اللَّه الفوزان حفظه اللَّه:

60

المبحث الرابع: حكم من حكم بالعادات والأعراف الجاهلية القبلية

63

أولاً: لا يحكم بالكفر على أحد إلا بدليل صريح من الكتاب والسنة.

63

ثانياً: خطورة الكفر والتكفير

67

1- لا يحل لزوجته البقاءُ معه، ويجب أن يُفَرَّقَ بينها وبينه

67

2- أنَّ أولاده لا يجوز أن يبقوا تحت سلطانه

67

3- أنَّه فقد حق الولاية والنُّصرة من المجتمع الإسلامي بعد أن مرق منه

67

4- أنَّه يجب أن يُحاكم أمام القضاء الإسلامي

68

5- أنَّه إذا مات على ردّته لا تُجرى عليه أحكام المسلمين، فلا يُغسَّل.

68

6- أنَّه إذا مات على حاله من الكفر يستوجب لعنة الله وطرده من رحمته

68

7- أنه لا يدعى له بالرحمة ولا يستغفر له

68

المبحث الخامس: الفتاوى في تحريم الحكم بالأعراف، والعادات القبلية

69

أولاً: فتاوى الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية في عهده - رحمه الله -:

69

1- الحكم بعادات الأسلاف والأجداد:

69

2- الحكم بالسلوم، والأعراف، والعادات القبلية الجاهلية

69

3- حكم مساعدة المعتدي وتشجيعه بدفع الديات عنه، وحكم إجبار القبائل أفرادهم

71

ثانياً: فتاوى الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة في عهده - رحمه الله -:

74

1- وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه

74

2- حول قوانين القبائل والدعوة إلى إحيائها:

75

ثالثاً: تقرير العلامة صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان:

79

رابعاً: فتوى العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد - رحمه الله -:

80

خامساً: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:

81

1- حكم التحاكم إلى الأحكام العرفية عند مشايخ القبائل:

81

2- التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية: تثليث الدم، والضرب بالجنبية، والحكم بالمنصوبة:

82

3- أيمان الوسيَّة، وذبح الغنم في الحكم القبلي من باب التعزير:

86

4- حكم اللاذة، والعدالة في أعراف بعض القبائل:

87

5- عقر الإبل، والغنم في عادات بعض القبائل:

89

6- المعدال، والخاتمة، ومنع العاني، ومعقد الحق، ومسح اللحى، والملفى عادات قبلية:

91

7- الملفى على المعتدى عليه من عادات بعض القبائل:

96

8- حكم الإصلاح بين الناس بالعادات القبلية:

97

9- أخذ الثأر من غير الجاني من العادات الجاهلية المحرمة:

99

10- التحاكم إلى مقطع حق، وأخذ المثارات، ودين الخمسة فأكثر، والغرم عادات جاهلية:

101

11- الإلزامات المالية ووضعها في صندوق القبيلة

107

12- صندوق القبيلة، وإلزام الناس به، والفرق بينه وبين الدية على العاقلة:

107

1- فهرس الأحاديث النبوية والآثار

112

2- فهـــرس الموضـــــــــوعات

113



[1] أفردت هذه الرسالة من كتابي «الطاغوت: الحكم بالقوانين الوضعية، والأعراف، والعادات الجاهلية القبلية؛ ليسهل الانتفاع به في موضوع العادات الجاهلية القبلية.

[2] انظر: التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية: خطره، وحكمه، لفرحان بن حمد القحطاني،
ص 9، والقوانين القبلية في جنايات الدماء، لناصر بن عايض آل إدريس، ص 5، وص 70.

[3] انظر: المبحث الثاني: الأدلة على تحريم الحكم بغير ما أنزل اللّه، ص 10، والمبحث الخامس: حكم من حكم بغير ما أنزل اللَّه، ص 92، والمبحث السادس: الفتاوى المعتمدة في تحريم الحكم بما أنزل اللَّه، ص 103من هذا الكتاب.

[4] انظر هذه الكلمات: التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية، لفرحان بن حمد القحطاني،
ص 10، والقوانين القبلية في جنايات الدماء، لناصر بن عائض آل إدريس، ص 70.

[5] التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية، لفرحان القحطاني، ص 11- 12. وانظر: القوانين القبلية في جنايات الدماء، للدريس، ص 58.

[6] القوانين القبلية في جنايات الدماء، لناصر بن عائض آل إدريس، ص 48، وص 57.

[7] سورة الأنعام، الآية: 164.

[8] أحمد في المسند، 11/ 370، برقم 6757، ودلائل النبوة للبيهقي، 3/ 178، وقال محققو المسند: «صحيح، وهذا إسناد حسن».

[9] حاشية مسند أحمد، 11/ 370.

[10] التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية، لفرحان القحطاني، ص 11- 13. وانظر: القوانين القبلية في جنايات الدماء، للدريس، ص 72.

[11] انظر: القوانين القبلية في جنايات الدماء، للدريس، ص 72.

[12] القوانين القبلية في جنايات الدماء، لناصر بن عايض آل إدريس، ص 49، وص 64.

[13] صحيح مسلم، كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير اللَّه تعالى، ولعن فاعله، برقم 1978.

[14] رسالة فتوى جامعة في العادات والأعراف القبلية المخالفة للشرع المطهر، ص 15.

[15] رسالة فتوى جامعة في العادات والأعراف القبلية المخالفة للشرع المطهر، ص 15.

[16] انظر: القوانين القبلية في جنايات الدماء، للدريس، ص 50، وص 70.

[17] انظر: القوانين القبلية في جنايات الدماء، ص 89.

[18] القوانين القبلية في جنايات الدماء، لناصر بن عائض آل إدريس، ص 49- 52، وص 89.

[19] انظر: فتوى جامعة في التنبيه على بعض العادات والأعراف القبلية، لبكر عبد اللَّه أبو زيد /، ص 23.

[20] سنن الدارقطني، 3/ 26، كتاب البيوع، برقم 91، السنن الكبرى للبيهقي، 6/ 100، ومسند أبي يعلى، 3/ 140، برقم 1570، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير
2/ 160، برقم 7663.

[21] انظر: تحريم إلزام الناس بدفع الأموال بغير حق، مجموع فتاوى ابن إبراهيم، 12/ 284.

[22] مجموع فتاوى ورسائل الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ، 12/ 283.

[23] انظر: مجموع فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الثانية، 1/ 369، وفتوى جامعة في العادات والأعراف القبلية المخالفة للشرع المطهر للعلامة بكر أبو زيد، ص 14.

[24] فتاوى اللجنة، 1/ 369، وفتوى جامعة، ص 15.

[25] انظر: مجموع فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الثانية، 1/ 369، وفتوى جامعة، ص 14، وحدثني الشيخ أحمد بن متعب بأن هذه من عادات أهل تهامة.

[26] مجموع فتاوى اللجنة، 1/ 370، وفتوى جامعة، ص 15، وأخبرني الشيخ أحمد بن متعب أن هذه من عادات أهل تهامة.

[27] انظر: مجموع فتاوى اللجنة الدائمة، 1/ 378، وفتوى جامعة، ص 15، وحدثني الشيخ أحمد بن متعب أن هذه من عادات أهل تهامة.

[28] انظر: مجموع فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الثانية، 1/ 369، وفتوى جامعة، ص 16، وأخبرني الشيخ أحمد أن هذه من عادات أهل تهامة.

[29] سورة آل عمران، الآية: 104.

[30] سورة آل عمران، الآية: 110.

[31] سورة التوبة، الآية: 71.

[32] سورة التوبة، الآية: 67.

[33] صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، وأن الإيمان يزيد وينقص، وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان، برقم 49.

[34] فتوى جامعة في الأعراف، لبكر أبو زيد، ص 17.

[35] انظر: مجموع فتاوى اللجنة الدائمة، 1/ 392، وفتوى جامعة، ص 19، وأخبرني أحمد بن متعب أن هذه من عادات أهل تهامة.

[36] مجموع فتاوى اللجنة، 1/ 370، وفتوى جامعة، ص 19، وأخبرني ابن متعب أن هذه من عادات أهل تهامة.

[37] فتوى جامعة، ص 19، وأخبرني الشيخ أحمد بن متعب أن هذه من عادات أهل تهامة.

[38] انظر: مجموع فتاوى اللجنة الدائمة، 1/ 387، وفتوى جامعة، ص 20، وأخبرني أحمد بن متعب أنها من عادات أهل تهامة.

[39] فتوى جامعة في التنبيه على بعض العادات والأعراف القبلية، ص 21.

[40] صحيح مسلم، برقم 1978، وتقدم تخريجه.

[41] فتوى جامعة في التنبيه على بعض العادات والأعراف القبلية، ص 22. وانظر: مجموع فتاوى اللجنة الدائمة، 1/ 369.

[42] فتوى جامعة، ص 23، وانظر: فتوى اللجنة الدائمة رقم 22400، وتاريخ 19/ 5/ 1423هـ.

[43] مجموع فتاوى اللجنة الدائمة، 1/ 379.

[44] سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب كراهية الذبح عند القبر، برقم 3224، السنن الكبرى للبيهقي، 4/ 57، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 2/ 620.

[45] مجموع فتاوى اللجنة الدائمة، 1/ 390.

[46] مجموع الفتاوى للجنة الدائمة للبحوث العلمية، 1/ 396.

[47] سورة النساء، الآية: 65.

[48] فتاوى العلامة محمد بن إبراهيم، 12/ 11- 12.

[49] ديوان شعراء من الحباب: نظم وجواب، ص 253 إلى ص 256، سعيد بن علي بن برمان الحبابي.

[50] انتهى ما حدثني به الشيخ أحمد بن متعب عن العادات الجاهلية القبلية المخالفة للشريعة الإسلامية في جنوب المملكة العربية السعودية.

[51] قلت: وهذه العادات أيضاً عند بعض قبائل شرق قحطان.

[52] انتهى ما حدثني به الشيخ أحمد عن بعض العادات القبلية الجاهلية في تهامة.

[53]سورة المائدة، الآية: 50.

[54] سورة النساء، الآية: 60.

[55] انظر: حكم من حكم بالأعراف والعادات الجاهلية المخالفة للشريعة الإسلامية ص 65 من هذا الكتاب، ففيه التفصيل، والحمد للَّه. وانظر أيضاً: منهاج السنة النبوية، لشيخ الإسلام ابن تيمية،
5/ 83- 84، وهو في أول المبحث الثالث من أقوال العلماء الراسخين في العلم، ص 56 من هذا الكتاب، ومجموع فتاوى محمد بن إبراهيم، 12/ 288- 289، وهو منقول في المبحث الرابع: حكم من حكم بالعادات والأعراف من هذا الكتاب، ص68، ومجموع فتاوى ابن باز،
1/ 269، وهو في الدليل الثامن من أقوال العلماء الراسخين في العلم من هذا الكتاب، ص 55.

[56] سورة النساء، الآية: 60.

[57] تفسير القرآن العظيم، 4/ 138.

[58] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص 198.

[59] سورة النساء، الآية: 59.

[60] سورة الشورى، الآية: 10.

[61] تفسير القرآن العظيم لابن كثير، 4/ 137.

[62] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص 198.

[63] سورة النساء، الآية: 65.

[64] أخرجه ابن أبي عاصم في السنة، 1/ 12، برقم 15، والبغوي في شرح السنة، برقم 104، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول في أحاديث الرسول للحكيم الترمذي، 4/ 116، والبخاري في رفع اليدين في الصلاة معلقاً، ص 46، والخطيب البغدادي، 4/ 368، وأبو نصر السجزي في الإبانة، وقال: «حسن غريب»، والإبانة الكبرى، لابن بطة، 1/ 387، وقد صححه النووي في آخر الأربعين النووية.

[65] تفسير القرآن العظيم، 4/ 140.

[66] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص 299- 200.

[67] سورة المائدة، الآية: 50.

[68] تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، 5/ 251- 252.

[69] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص 258.

[70] سورة الشورى، الآية: 10.

[71] سورة النساء، الآية: 59.

[72] تفسير القرآن العظيم، 12/ 260.

[73] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص 887.

[74] سورة التوبة، الآية: 31.

[75] البيهقي في السنن الكبرى، 10/ 116، والطبراني في المعجم الكبير، 17/ 92، برقم 218، والطبري في تفسيره، 14/ 210، برقم 16632، وبنحوه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة التوبة، برقم 3095، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 13/ 96.

[76] تفسير القرآن العظيم، 7/ 179- 180.

[77] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص 381- 382.

[78] كتاب التوحيد، الباب الثامن والثلاثين.

[79] لم أجده بهذا اللفظ إلا عند شيخ الإسلام ابن تيمية، مجموع الفتاوى، 20/ 215، وابن قيم الجوزية، زاد المعاد، 2/ 195، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، كما سبق، وله شاهد عند أحمد، 5/ 228، برقم 3121، بلفظ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ب قَالَ: تَمَتَّعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَنِ الْمُتْعَةِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا يَقُولُ عُرَيَّةُ؟ قَالَ: يَقُولُ: نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَنْ الْمُتْعَةِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أُرَاهُمْ سَيَهْلِكُونَ، أَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَيَقُولُ نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ»، وهو في الأحاديث المختارة للضياء المقدسي، 4/ 204، وضعفه محققو المسند، وله شاهد عند الطبراني. وهو عند ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، 2378، والخطيب في الفقيه والمتفقه، ص 379 من طريق شَرِيكٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أُرَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ به.

[80] الجامع لابن عبد البر، 2/ 32، وذكره ابن القيم في إعلام الموقعين عن رب العالمين، 2/ 325.

[81] مختصر المؤمل، ص 66، ونهاية المحتاج شرح المنهاج، (11/ 231)، وفي سير أعلام النبلاء، 8/ 93 بلفظ: «كُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِه، وَيُتْرَكُ، إِلاَّ صَاحِبَ هَذَا القَبْرِ - صلى الله عليه وسلم - »، ومثله البداية والنهاية، لابن كثير، 14/ 160.

[82] تاريخ الإسلام للإمام الذهبي، 9/ 310, والوافي بالوفيات، للصفدي، 1/ 86، وطبقات الحنفية، ص 418، وانظر: فتح المجيد، ص 457.

[83] سورة النور، الآية: 63.

[84] أورده ابن كثير في تفسير القرآن العظيم، 2/ 348، والسنن والمبتدعات، ص 55.

[85] مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، برقم 1218.

[86] شرح النووي على صحيح مسلم، 8/ 182.

[87] مجموع فتاوى ومقالات الإمام ابن باز، 1/ 269.

[88] منهاج السنة النبوية، 5/ 83.

[89] منهاج السنة النبوية، 5/ 84.

[90] الفوائد، لابن القيم، ص 83- 84.

[91] مدارج السالكين، لابن القيم /، 1/ 336- 337.

[92] تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، 4/ 137.

[93] ثلاثة الأصول، للإمام محمد بن عبد الوهاب مع حاشيتها لعبد الرحمن بن محمد بن قاسم، ص 98، وشرح ابن عثيمين لثلاثة الأصول في مجموع فتاويه، 6/ 156.

[94] الدرر السنية في الأجوبة النجدية، 10/ 426.

[95] سورة المائدة، الآية: 50.

[96] سبيل النجاة والفكاك من موالاة المرتدين والأتراك، لحمد بن عتيق، ص 37.

[97] انظر: منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية، 5/ 83.

[98] انظر: تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، 5/ 251.

[99] الدرر السنية، 10/ 503.

[100] الدرر السنية، 10/ 505.

[101] فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم، 12/ 289.

[102] مجموع فتاوى ابن باز، 1/ 79.

[103] مجموع فتاوى ابن باز، 8/ 272- 274.

[104] مجموع فتاوى اللجنة الدائمة، 1/ 542.

[105] سلسلة شرح الرسائل للإمام محمد بن عبد الوهاب شرح العلامة صالح الفوزان، ص 302.

[106] سلسلة شرح الرسائل، ص 223- 225.

[107] سورة المائدة، الآيتان: 44- 45.

[108] سورة المائدة، الآية: 47.

[109] أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب التفسير، تفسير سورة المائدة، وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»، 2/ 313، وقال الذهبي: «صحيح»، فوافق الحاكم على تصحيحه، ورواه البيهقي في السنن الكبرى، 8/ 20، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 6 / 110.

[110] أخرجه ابن جرير في تفسيره، 10/ 357، برقم 12063، وذكره ابن كثير في تفسيره، 4/ 230، وخرجه المحقق لتفسير ابن كثير تخريجاً جيداً، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 6 / 110.

[111] أخرجه ابن جرير في تفسيره، 10/ 355، برقم 12047، وذكره ابن كثير في تفسيره، 4/ 230110، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 6 / 110.

[112] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص 256.

[113] سورة المائدة، الآية: 44.

[114] مجموع فتاوى محمد بن إبراهيم، 12/ 288- 291.

[115] وجوب تحكيم شرع اللَّه ونبذ ما خالفه، ص 16، ومجموع فتاوى العلامة ابن باز، 1/ 79.

[116] سمعته في سؤال وجّه له أثناء محاضرة له بعنوان: «القوادح في العقيدة» في شهر صفر 1403هـ في الجامع الكبير بمدينة الرياض، وكنت من الحضور، وقد طبعت المحاضرة في رسالة مستقلة، ثم أضيفت في مجموع الفتاوى له /، 8/ 8- 27.

[117] انظر: فتاوى اللجنة الدائمة، 6/ 49.

[118] قُرأتها على معالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان، في 20/ 6/ 1417هـ، فأقرها.

[119] سورة التوبة، الآية: 113.

[120] إرشاد أولي البصائر والألباب لنيل الفقه بأقرب الطرق وأيسر الأسباب، ص198.

[121] مجموع فتاوى ابن إبراهيم، 12/ 259.

[122] سورة المائدة، الآية: 44.

[123] سورة المائدة، الآية: 45.

[124] سورة المائدة، الآية: 47.

[125] سورة المائدة، الآية: 50.

[126] سورة النساء، الآية: 60.

[127] سورة النساء، الآية: 65.

[128] أخرجه ابن أبي عاصم في السنة، برقم 15، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول في أحاديث الرسول للحكيم الترمذي، 4/ 116، وتقدم تخريجه.

[129] سورة البقرة، الآيتان: 11- 12.

[130] مجموع فتاوى ابن إبراهيم، 12/ 282.

[131] مجموع فتاوى ابن إبراهيم، 12/ 284.

[132] انظر: مجموع فتاوى ابن باز، 1/ 72، 1/ 79، 1/ 181.

[133] سورة الشورى، الآية: 10.

[134] سورة النساء، الآية: 60.

[135] سورة المائدة، الآية: 50.

[136] سورة النساء، الآية: 59.

[137] سورة يوسف، الآية: 40.

[138] سورة النساء، الآية: 65.

[139] سورة النساء، الآية: 128.

[140] سورة النساء، الآية: 114.

[141] سورة الأنفال، الآية: 1.

[142] أخرجه أبو داود، كتاب القضاء، باب في الصلح، برقم 3594، وابن ماجه، كتاب الأحكام، باب الصلح، برقم 2353، والحاكم (4/ 101، والبيهقي في السنن الكبرى، 6/64، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم 3862.

[143] مجموع فتاوى الإمام ابن باز، 8/ 272- 274.

[144] سلسلة شرح الرسائل، ص 223- 225.

[145] هذا التمهيد مقتبس من كلامه / من مقدمة الفتوى الجامعة في التنبيه على العادات والأعراف القبلية، ص 5.

[146] فتوى جامعة في التنبيه على بعض العادات والأعراف القبلية المخالفة للشرع المطهر، للعلامة بكر بن عبد اللَّه أبو زيد، نشر مؤسسة الرسالة، ص 8- 9.

[147] مجموع فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الأولى، 1/ 545.

[148] سورة المائدة، الآية: 49.

[149] سورة المائدة، الآية: 44.

[150] سورة المائدة، الآية: 45.

[151] سورة المائدة، الآية: 47.

[152] سورة النساء، الآية: 65.

[153] سورة النساء، الآية: 60.

[154] مجموع فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، المجموعة الثانية، 1/ 369- 372.

[155] مجموع فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، المجموعة الثانية، 1/ 379.

[156] أي: إطلاق النار.

[157] سورة المائدة، الآية: 49.

[158] سورة النساء، الآية: 59.

[159] سورة المائدة، الآية: 50.

[160] مجموع فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، المجموعة الثانية، 1/ 389.

[161] سنن أبي داود، برقم 3224، السنن الكبرى للبيهقي، 4/ 57، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 2/ 620، وتقدم تخريجه.

[162] مجموع فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، المجموعة الثانية، 1/ 389.

[163] سورة النساء، الآية: 59.

[164] سورة النساء، الآية: 65.

[165] سورة المائدة، الآية: 50.

[166] مجموع فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، المجموعة الثانية، 1/ 391.

[167] سورة النساء، الآية: 59.

[168] سورة المائدة، الآية: 50.

[169] مجموع فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، المجموعة الثانية، 1/ 396.

[170] سورة المائدة، الآية: 44.

[171] سورة الأنفال، الآية: 1.

[172] سورة الحجرات، الآية: 9.

[173] سورة الحجرات، الآيتان: 9- 10.

[174] مجموع فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، المجموعة الثانية، 1/ 369- 398.

[175] سورة الأنعام، الآية: 164.

[176] أخرجه الإمام أحمد في مسنده، 11/ 370، برقم 6757، و ابن حبان في صحيحه، (13/ 340، برقم 5996، وحسن إسناده الشيخ الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان، 8/ 394.

[177] سورة النساء، الآية: 60.

[178] سورة المائدة، الآية:44.

[179] سورة المائدة، الآية: 45.

[180] سورة المائدة، الآية: 47.

[181] سورة النساء، الآية: 65.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • الأعراف والعادات القبلية المخالفة للشريعة الإسلامية (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • تحكيم الأعراف والعادات القبلية (دراسة عقدية)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الطاغوت: الحكم بالقوانين الوضعية، والأعراف، والعادات الجاهلية القبلية (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تغير الفتوى بتغير الأعراف والعادات (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الطاغوت الحكم بالقوانين الوضعية، والأعراف، والعادات الجاهلية القبلية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بيان في نبذ العادات الجاهلية المخالفة للشريعة الإسلامية(مقالة - ملفات خاصة)
  • جرائم اليهود المعتدين وأفعالهم المخالفة للأعراف والدين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الأعراف كاملة بأسلوب سهل جدا (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فوائد مختارة من تفسير ابن كثير (5) من سورة المائدة إلى سورة الأعراف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التفسير التحليلي لسورة الأعراف للآيات (46 - 50)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
3- سبل ووسيه
سعيد - المملكة 01-11-2022 08:23 PM

عندما يقال سبل ووسيه أي ترضى بالحكم وإذا لم ترضى فساوني عليه عملا
مثال: هجم على مزرعته بالليل فإذا قال سبل ووسيه أي يرضى أن يعمل معه نفس العمل بدون زعل.

2- طلب
احمد سالم الطويرقي - المملكة العربية السعوديهة 27-05-2015 01:18 PM

السلام عليكم
أنا شيخ قبيلة ويلزمني هذا الكتاب وأود الحصول على نسخ منه لأني أرغب في توزيعه على شيوخ القبائل بمنطقة الطائف وجزاكم الله خير

سكرتير التحرير:

شكرا لكم، والمتوفر لدينا هو هذه النسخة الإلكترونية المنشورة في الموقع فقط.  

1- الشريعة
عبدالله - السعودية 25-03-2013 03:03 AM

الشريعة الإسلامية في الكتاب والسنة وليست في المحاكم الرسمية فما وافق الكتاب والسنة فهو جائز الاحتكام إليه حتى وإن كان من بعض الأعراف القبلية , وما خالف الكتاب والسنة فلا يجوز الاحتكام إليه وإن أجمع عليه من أجمع

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب