• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / فقه الصيام وأحكامه
علامة باركود

المنتقى المشبع من الشرح الممتع (32)

المنتقى المشبع من الشرح الممتع (32)
الشيخ تركي بن عبدالله الميمان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/12/2011 ميلادي - 18/1/1433 هجري

الزيارات: 11198

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المنتقى المشبع من الشرح الممتع (32)

كتاب الصوم


الصيام في اللغة: مصدر صام يصوم، ومعناه: أمْسَك، ومنه قوله تعالى: ﴿ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ﴾ [مريم: 26]؛ أي: إمساكًا عن الكلام، وأمَّا في الشرع، فهو التعبُّد لله - سبحانه وتعالى - بالإمساك عن الأكل والشرب، وسائر المُفطِّرات، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وحُكمه: الوجوب بالنص والإجماع، ومَرتبته في الدين الإسلامي: أنه أحد أركانه، وقد فرَض الله الصيام في السنة الثانية إجماعًا، فصام النبي - صلى الله عليه وسلم - تسع رمضانات إجماعًا، وفُرِض أولاً على التخيير بين الصيام والإطعام، ثم تعيَّن الصيام، وصارَت الفِديَة على مَن لا يستطيع الصوم إطلاقًا.

 

(يجب صوم رمضان برؤية هلاله)، ذكَر المؤلف أنه يجب صوم رمضان بأحد أمرين:

الأول: رؤية هلال رمضان في قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا رأيتموه، فصوموا))، وعُلِم منه أنه لا يجب الصوم بمقتضى الحساب؛ لأن الشرع علَّق هذا الحكم بأمر محسوس، وهو الرؤية، ويعمُّ ما إذا رأيناه بالعين المجرَّدة، أو بالوسائل المقرِّبة؛ لأنَّ الكل رؤية.

 

الثاني: إتمام شعبان ثلاثين يومًا؛ لأن الشهر الهلال لا يمكن أن يزيدَ عن ثلاثين يومًا، ولا يُمكن أن ينقصَ عن تسعة وعشرين يومًا.

 

(فإن لَم يُرَ مع صَحْوِ ليلة الثلاثين، أصبحوا مُفطرين)؛ أي: فإن لَم يُر الهلال مع صحو السماء، بأن تكون خالية من كلِّ مانع يَمنع الرؤية ليلة الثلاثين من شعبان، أصبحوا مُفطرين، حتى وإن كان هَلَّ في الواقع، وفي هذه الحال لا يَصومون؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تَقدَّموا رمضان بصوم يومٍ أو يومين، إلا رجل كان يصوم صومًا، فليَصُمْه)).

 

(وإنْ حال دون غَيْم) هو: السحاب، (أو قتر)، هو: التراب الذي يأتي مع الرِّياح، وكذلك غيرهما مما يَمنع رؤيته، (فظاهر المذهب يجب صومُه)؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا رأيتموه، فصوموا، وإذا رأيتموه، فأفْطِروا، فإن غُمَّ عليكم، فاقْدُروا له))، فقالوا: اقْدُروا له؛ أي: ضَيِّقوا عليه، والتضييق أن يجعل شعبان تسعة وعشرين يومًا، ولكننا نقول: الصواب أنَّ المراد بالقدر هنا، ما فسَّرتْه الأحاديث الأخرى، وهو إكمال شعبان ثلاثين يومًا، وأصحُّ الأقوال هو: أنه يَحْرُم صومه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تَقدَّموا رمضان بصوم يومٍ أو يومين، إلا رجل كان يصوم صومًا، فليَصُمْه))، ولحديث عمار بن ياسر: "من صام اليوم الذي يشكُّ فيه، فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم"، (وإن رُئِي نهارًا، فهو لليلة المُقبلة).

 

(وإذا رآه أهل بلد، لَزِم الناس كلَّهم الصومُ)؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((صوموا لرؤيته، وأفْطِروا لرؤيته))، والخطاب موجَّه لعموم الأُمَّة؛ ولأن ذلك أقربُ إلى اتحاد المسلمين واجتماع كلمتهم، والقول الثاني: لا يجب إلاَّ عمَّن رآه، أو كان في حُكمهم بأن توافَقَت مطالع الهلال، فإن لَم تتَّفِق، فلا يجب الصوم؛ لقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185].

 

والذين لا يوافقون مَن شاهده في المطالع، لا يُقال: إنهم شاهَدوه، لا حقيقة ولا حُكمًا، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((صوموا لرؤيته، وأفْطِروا لرؤيته))، فعلَّل الأمر في الصيام بالرؤية، ومَن يُخالف مَن رآه في المطالع، لا يُقال: إنه رآه، لا حقيقة ولا حُكمًا، ولحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - وفيه أنَّ أُمَّ الفضل بنت الحارث بعثَت كريبًا إلى معاوية بالشام، فقَدِم المدينة من الشام في آخر الشهر، فسأله ابن عباس عن الهلال، فقال: رأيناه ليلة الجمعة، فقال ابن عباس: لكنَّنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم؛ حتى نُكمل ثلاثين أو نراه، فقال: أوَلا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا القول هو القول الراجح، وهو الذي تدلُّ عليه الأدلة.

 

(ويصام برؤية عدلٍ)؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "تراءَى الناس الهلال، فأخبرتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - أني رأيته، فصامَه وأمَر الناس بصيامه"، وكذلك حديث الأعرابي الذي أخبَر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رأى الهلال، فقال: ((أتشهدُ أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله؟))، قال: نعم، فقال لبلال: ((قُمْ يا بلال، فأذِّن بالناس أن يَصوموا غدًا)).

 

ويَشترك مع العدالة أن يكون قويَّ البصر، بحيث يُحتمل صِدْقه فيما ادَّعاه.

 

(ولو أُنثى) قال الأصحاب: إنَّ هذا خبر ديني، يستوي فيه الذكور والإناث؛ كما استوى الذكور والإناث في الرواية.

 

(فإنْ صاموا بشهادة واحدٍ ثلاثين يومًا، فلم يُرَ الهلال)؛ أي: هلال شوال، فإنهم لا يُفطرون، فيصومون واحدًا وثلاثين يومًا، وقال بعض أهل العلم: بل إذا صاموا ثلاثين يومًا بشهادة واحد، لَزِمهم الفطر؛ لأن الفطر تابع للصوم، والصوم ثبَت بدليلٍ شرعي، وقد صاموا ثلاثين يومًا، ولا يمكن أن يزيدَ الشهر على ثلاثين يومًا، وهذا القول هو الصحيح.

 

(أو صاموا لأجْل غَيمٍ، لَم يُفطروا)؛ لأن صيامهم في أوَّل الشهر ليس مبنيًّا على بيِّنة؛ وإنما هو احتياطٌ، وعلى القول الصحيح لا ترد هذه المسألة؛ لأنه لن يُصام لأجْل غيمٍ.

 

(ومَن رأى وحْده هلال رمضان ورُدَّ قوله، أو رأى هلال شوال، صامَ) وحده؛ أي: منفرِدًا عن الناس، ففرَّق المؤلف بين مَن انفرَد برؤية هلال رمضان ورُدَّ قوله، بأنه يصوم مع مفارقته الجماعة، وبين مَن انفرَد برؤية هلال شوال، فإنه يصوم ولا يُفطر برؤيته، ووجْه ذلك: أنَّ هلال شوال لا يَثبت شرعًا إلاَّ بشاهدين، وهنا لَم يَشهد به إلاَّ واحدٌ، وأمَّا هلال رمضان، فيَثبت بشهادة واحدٍ، وقد شَهِد به، فَلَزِمه الصوم، والذي يَظهر لي في مسألة الصوم في أوَّل الشهر ما ذكَره المؤلف أنه يصوم، وأمَّا في مسألة الفطر، فإنه لا يُفطر تبعًا للجماعة، وهذا من باب الاحتياط.

 

مسألة: دخول رمضان يَثبت بشهادة واحدٍ؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "تراءى الناس الهلال، فأخبرتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - أني رأيته، فصام وأمَر الناس بصيامه"، وهلال شوال وغيره وبشهود لا يَثبت إلاَّ بشاهدين؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فإن شَهِد شاهدان، فصوموا وأفْطِروا)).

 

(ويَلْزم الصوم)، هذا مشروع في بيان شروط مَن يَلزمه الصوم.

 

(لكلِّ مسلم)، هذا هو الشرط الأوَّل، فالكافر لا يَلزمه الصوم، ولا يصحُّ منه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾ [التوبة: 54].

 

(مكلف)، هذا هو الشرط الثاني، والمراد به: البالغ العاقل، ودليل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((رُفِع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يَستيقظ، وعن الصغير حتى يَبلغ، وعن المجنون حتى يُفيق)).

 

(قادر)، هذا هو الشرط الثالث، احترازًا من العاجز، فالعاجز ليس عليه صوم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184].

 

والعجز ينقسم إلى قسمين:

1- القسم الطارئ: هو الذي يُرجى زواله، فيَنتظر العاجز حتى يزول عجزه، ثم يقضي؛ لقوله تعالى: ﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184].

 

2- والدائم: هو الذي لا يُرجى زواله، وهو المذكور في قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]؛ حيث فسَّرها ابن عباس - رضي الله عنهما - بالشيخ والشيخة، إذا كانا لا يُطيقان الصوم، فيُطعمان عن كلِّ يوم مسكينًا، وكيفية الإطعام له كيفيتان:

 

الأولى: أن يصنعَ طعامًا ما، فيدعو إليه المساكين بحسب الأيام التي عليه؛ كما كان أنس - رضي الله عنه - يَفعله لَمَّا كَبِر، الثانية: أن يصنعَ طعامًا غير مطبوخ، لكن ينبغي في هذه الحال أن يجعل معه ما يؤدمه من لحم ونحوه.

 

وأمَّا وقت الإطعام، فهو بالخيار، إن شاء فدَى عن كلِّ يوم بيومه، وإن شاء أخَّر إلى آخر يوم؛ لفعل أنس - رضي الله عنه - ولا يقدِّم الفِدية.

 

الشرط الرابع: أن يكون مُقيمًا، ولَم يَذكره المؤلِّف، فإن كان مسافرًا، فلا يجب عليه الصوم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 185].

 

مسألة: هل الأَوْلَى للمسافر أن يصوم؟ الصحيح: التفصيل في هذا، وهو أنه إذا كان الفطر والصيام سواءً، فالصوم أَوْلَى، وإذا كان يشق عليه الصيام، فالفِطر أَوْلَى.

 

(وإذا قامَت البيِّنة في أثناء النهار)، البيِّنة؛ أي: بيِّنة دخول الشهر؛ إمَّا بالشهادة، وإمَّا بإكمال شعبان ثلاثين يومًا، (وجَب الإمساك)؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أمَر الناس بصيام عاشوراء في أثناء اليوم، أمْسَكوا في حينه؛ ولأنه ثبَت أنَّ هذا اليوم من رمضان، فوجَب إمساكه.

 

(والقضاء)، ووجه ذلك: أنَّ مِن شرطِ صِحة صيام الفرض أن تسوعب النيَّةُ جميعَ النهار، فتكون من قبل الفجر، والنيَّة هنا كانتْ من أثناء النهار.

 

(على كل مَن صار في أثنائه أهلاً لوجوبه)؛ أي: بأن كان مسلمًا بالغًا عاقلاً.

 

(وكذا حائض ونُفساء طهرتا، ومسافر قَدِم مُفطرًا)، ويعبِّر عن هذه المسائل بما إذا زال مانعُ الوجوب في أثناء النهار، فهل يجب الإمساك والقضاء؟ الجواب: أمَّا القضاء، فلا شكَّ في وجوبه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 185]، وقول عائشة - رضي الله عنها -: "كنا نؤمَر بقضاء الصوم، ولا نؤمَر بقضاء الصلاة"؛ تعني: الحيّض، وأمَّا الإمساك، فكلام المؤلِّف يدلُّ على وجوبه، والراجح أنه لا يَلزمهم الإمساك؛ لأن حُرمة الزمن قد زالَت بفِطرهم المُباح لهم أوَّل النهار، وقد رُوِي عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: "مَن أكَل أوَّل النهار، فليأكُلْ آخره"، والقاعدة على هذا القول الراجح: أن مَن أفطَر في رمضان لعُذرٍ يُبيح الفطر - ثم زال ذلك العُذر أثناء النهار - لَم يَلزمه الإمساك بقيَّة اليوم، وأيُّهما أفضلُ للمريض والمسافر: أن يصوما، أو يُفطرا؟ نقول: الأفضل أن يفعلا الأيسر.

 

(ومَن أفطَر لكِبَرٍ أو مرض لا يُرجى بَرْؤه، أطعَم لكلِّ يوم مسكينًا)؛ لِمَا ثبَت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال في الشيخ الشيخة إذا لَم يُطيقا الصوم: "يُطعمان لكلِّ يوم مسكينًا"، وقد استدلَّ على ذلك بقوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]، ووجْه الاستدلال بالآية: أنَّ الله تعالى لَمَّا جعَل الفدية عديلاً للصوم في مقام التخيير، دلَّ ذلك على أنها تكون بدلاً عنه في حال تعذُّر الصوم.

 

(ويُسَنُّ لمريض يضرُّه)؛ أي: إذا كان الإنسان مريضًا يضرُّه الصوم، فالإفطار في حقِّه سُنة، والصحيح: أنه إذا كان الصوم يضرُّه، فإن الصوم حرامٌ، والفطر واجب؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ [النساء: 29]، والنهي هنا يشمل إزهاق الرُّوح، ويشمل ما فيه الضَّرر، والمريض له أحوال:

الأول: ألاَّ يتأثر بالصوم، مثل: الزُّكام أو الصُّداع، فهذا لا يحلُّ له أن يُفطر.

 

الحال الثانية: إذا كان يَشُقُّ عليه الصوم ولا يَضرُّه، فهذا يُكره له أن يصومَ، ويُسَنُّ له أن يُفطر.

 

الحال الثالثة: إذا كان يَشُقُّ عليه الصوم ويَضرُّه، كرجل مُصاب بالكُلى والسُّكر، فالصوم عليه حرام.

 

(ولمسافر يَقْصُر)؛ أي: يُسَنُّ الفطر لمسافر يَحِلُّ له القَصْر، والصواب أنَّ المسافر له ثلاث حالات:

 

الأولى: ألاَّ يكون لصومه مَزيَّة على فِطْره، ولا لفِطْره مَزيَّة على صومه، ففي هذه الحال يكون الصوم أفضل؛ لفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال أبو الدرداء - رضي الله عنه -: "كنَّا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في رمضان في يوم شديد الحرِّ، حتى إنَّ أحدَنا ليضعُ يدَه على رأسه من شِدَّة الحرِّ، وما فينا صائم إلاَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعبدالله بن رَواحة".

 

الحال الثانية: أن يكون الفطر أرْفَقَ به، فهنا تقول: إنَّ الفطر أفضل.

 

الحال الثالثة: أن يشقَّ عليه مَشقة شديدة غير مُحتملة، فهنا يكون الصوم في حقِّه حرامًا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا شَكا إليه الناس أنه قد شقَّ عليهم الصيام، وأنهم ينتظرون ما سيفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعا بإناءٍ فيه ماء بعد العصر، وهو على بعيره فأخَذه وشَرِبه، والناس ينظرون إليه، ثم قيل له بعد ذلك: إنَّ بعض الناس قد صام، فقال: ((أولئك العُصاة، أولئك العصاة)).

 

(وإن نوَى حاضِرٌ صيامَ يوم، ثم سافَر في أثنائه، فله الفطر)؛ لعموم قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 185]، وهذا الآن سافَر وصار على سفر، فيَصدق عليه أنه ممن رُخِّص له بالفطر، فيُفطر، واستدلوا أيضًا بما ثبَت في السُّنة من إفطار النبي - صلى الله عليه وسلم - في أثناء النهار، والصحيح: أنه لا يُفطر حتى يُفارِقَ القرية؛ ولذلك لا يجوز أن يَقْصُر الصلاة حتى يخرج من البلد، فكذلك لا يجوز أن يُفطر حتى يخرج من البلد. (وإن أفْطَرت حاملٌ أو مرضعٌ؛ خوفًا على أنفسهما، قضَتاه فقط، وعلى وَلَديهما، قضتاه وأطْعَمتا لكلِّ يوم مسكينًا)، أمَّا القضاء فواضحٌ؛ لأنهما أفطَرَتا، وأمَّا الإطعام، فلا يلزمهما، وهذا القول أرجحُ الأقوال عندي؛ لأن غاية ما يكون أنهما كالمريض والمسافر، فيَلْزمهما القضاء فقط.

 

(ومَن نوى الصوم، ثم جُنَّ أو أُغْمي عليه جميع النهار، ولَم يُفِق جزءًا منه، لَم يصحَّ صومه، لا إن نام جميع النهار، ويَلزم المُغمى عليه القضاءُ فقط).

 

أولاً: الجنون: فإذا جُنَّ الإنسان جميع النهار في رمضان من قبل الفجر؛ حتى غرَبت الشمس، فلا يصحُّ صومه؛ لأنه ليس أهلاً للعبادة.

 

ثانيًا: المُغمى عليه: فإذا أُغْمِي عليه بحادث أو مرضٍ جميع النهار، فلا يصح صومُه؛ لأنه ليس بعاقلٍ، ولكن يَلزمه القضاء.

 

الثالث: النائم: فإذا تسحَّر ونام من قبل أذان الفجر، ولَم يستيقظ إلاَّ بعد غروب الشمس، فصومُه صحيح؛ لأنه من أهل التكليف، ولَم يوجَد ما يُبطل صومه، ولا قضاء عليه، والفرق بينه وبين المُغمى عليه، أن النائم إذا أوقِظ، يَستيقظ، بخلاف المغمى عليه.

 

(ويجب تعيين النيَّة)؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكلِّ امرئ ما نوى))، وأفادنا المؤلِّف أنَّ النيَّة واجبة، وأنه يَجب تعيينها أيضًا، فينوي الصيام عن رمضان، أو عن كفَّارة، أو عن نَذرٍ، أو ما أشْبه ذلك.

 

(من الليل)؛ لأن صوم اليوم كاملاً لا يتحقَّق إلا بهذا، ودليل ذلك حديث عائشة مرفوعًا: ((من لَم يُبيِّت الصيام قبل طلوع الفجر، فلا صيام له))، والمراد صيام الفرض.

 

وقوله: (لصوم كل يوم واجب)؛ أي: يجب أن ينوي كلَّ يوم بيومه، فمثلاً: في رمضان يحتاج إلى ثلاثين نيَّة، وعلَّلوا ذلك بأنَّ كلَّ يوم عبادة مستقلة، وذهَب بعض أهل العلم إلى أنَّ ما يُشترط فيه التتابع، تكفي النيَّة في أوَّله، ما لَم يَقطعه لعُذر، فيستأنف النيَّة، وهذا هو الأصحُّ.

 

(لا نيَّة الفرضيَّة)، يعني: لا يجب أن ينوي أن يصوم فرضًا؛ لأن التعيين يُغني عن ذلك، فإذا نوى صيام رمضان، فمعلوم أنَّ صيام رمضان فرْضٌ.

 

(ويصحُّ النَّفل بنيَّة من النهار قبل الزوال أو بعده)، ولكن بشرط ألاَّ يأتي مُفطرًا من بعد طلوع الفجر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل ذات يوم على أهله، فقال: ((هل عندكم من شيء؟))، قالوا: لا، قال: ((فإني إذًا صائم))، فدلَّ ذلك على جواز إنشاء النيَّة في النفل في أثناء النهار؛ ولكنَّ الراجح: أنه لا يُثاب إلاَّ من وقت النية فقط؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكلِّ امرئ ما نوى)).

 

وهذا الرجل لَم ينوِ إلا أثناء النهار، فيُحسَب له الأجر من حين نيَّته.

 

(ولو نوى إن كان غدًا من رمضان، فهو فَرْضي، لَم يُجزه)؛ لأن الصوم وقَع على وجه التردُّد، والنيَّة لا بدَّ فيها من الجَزْم.

 

والقول الآخر: إن الصوم صحيح، ولعلَّ هذا يدخل في عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - لضُباعَة بنت الزبير - رضي الله عنها -: ((فإن لكِ على ربِّكِ ما استثنَيْتِ))، فالتردُّد بُنِي على التردُّد في ثبوت الشهر، لا في النيَّة.

 

(ومن نوى الإفطار، أفطَر)؛ أي: انقطَعت نية الصوم، وليس كمن أكَل أو شَرِب؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما الأعمال بالنيَّات))، وهذه قاعدة مُقيّدة، وهي أنَّ مَن نوى الخروج من العبادة، فسَدت إلاَّ في الحج والعُمرة، ومَن نوى فِعْل محظور في العبادة، لَم تَفْسد إلاَّ بفِعْله.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (1)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (2)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (3)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (4)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (5)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (6)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (7)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (8)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (9)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (10)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (11)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (13)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (12)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (14)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (15)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (16)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (17)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (18)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (19)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (21)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (22)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (23)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (24)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (25)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (26)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (27)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (28)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (29)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (30)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (31)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (33)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (34)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (35)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (36)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (37)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (38)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (39)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (40)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (41)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (42)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (43)

مختارات من الشبكة

  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (47)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (46)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (45)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (44)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المنتقى المشبع (20) باب صلاة العيدين(مقالة - ملفات خاصة)
  • بلوغ التقى في شرح المنتقى: المقدمة وكتاب الطهارة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كتاب المنتقى شرح موطأ الإمام مالك (نسخة كاملة سبعة أجزء)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب المنتقى شرح موطأ الإمام مالك (ج7)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب المنتقى شرح موطأ الإمام مالك (ج6)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب المنتقى شرح موطأ الإمام مالك (ج5)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب