• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / فقه الصيام وأحكامه / آداب الاعتكاف وأحكامه
علامة باركود

فقه الاعتكاف (6)

أ. د. خالد بن علي المشيقح

المصدر: الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ خالد بن علي المشيقح
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/9/2008 ميلادي - 24/9/1429 هجري

الزيارات: 26111

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فقه الاعتكاف (6)

 

الفصل السادس

قضاء الاعتكاف

وفيه مباحث:

المبحث الأول: قضاء الاعتكاف المستحب.

المبحث الثاني: قضاء الاعتكاف الواجب على الحي.

المبحث الثالث: قضاء الاعتكاف الواجب على الميت.

المبحث الأول: قضاء الاعتكاف المستحب:

اختلف العلماء رحمهم الله تعالى فيما إذا أبطل المعتكف اعتكافه المستحب بعد الشروع فيه: هل يلزمه قضاؤه؟ على أقوال:

القول الأول: أنه لا يلزمه القضاء، لكن يستحب له.

وهو قول عند الحنفية [1]، ومذهب الشافعية [2]، والحنابلة [3].

القول الثاني: أنه يلزمه القضاء.

وهو مذهب المالكية [4].

القول الثالث: أنه يلزمه قضاء اليوم الذي شرع فيه دون غيره.

هو مذهب الحنفية [5]، وهناك قول ثالث للحنفية: أنه يقضي المسنون المؤكد وهو العشر الأواخر دون غيرها [6].

الأدلة:

أدلة القول الأول:

استدل القائلون بعدم وجوب القضاء على من أبطل اعتكافه المستحب بما يلي:

1 - حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان فكنت أضرب له خباء فيصلي الصبح ثم يدخله، فاستأذنت حفصة عائشة أن تضرب خباء فأذنت لها فضربت خباء، فلما رأته زينب ابنة جحش ضربت خباء آخر، فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم رأى الأخبية فقال: ما هذا؟ فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: آلبر ترون بهن؟ فترك الاعتكاف ذلك الشهر، ثم اعتكف عشرًا من شوال" [7].

 

وجه الدلالة: أنه لم يرد أنه صلى الله عليه وسلم أمر أزواجه بالقضاء، أو أنهن قضين الاعتكاف.

ونوقش هذا الاستدلال: بأنه لا دلالة فيه لعدم شروعهن فيه [8].

2 - حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا. فقال: فإني إذًا صائم، ثم أتانا يومًا آخر فقلنا يا رسول الله أهدي لنا حيس [9]، فقال: أرينيه فلقد أصبحت صائمًا فأكل"[10].


ولم يرد أنه صلى الله عليه وسلم قضى هذا اليوم، وكذا الاعتكاف.

3 - حديث أبي جحيفة قال: "آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعامًا، فقال: كل فإني صائم، فقال: ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل.. فقال سلمان: إن لربك عليك حقًا، ولنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا فأعط كل ذي حق حقه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان" [11].

 

فأقر النبي صلى الله عليه وسلم سلمان على تفطير أبي الدرداء ولم يأمره بالقضاء، فدل على أن المتطوع - في غير الحج والعمرة - له الخروج من عبادته، ولا قضاء عليه.

4 - حديث جويرية بنت الحارث رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال لها: أصمت أمس؟ قالت: لا. قال: أتصومين غدًا؟ قالت: لا. قال: فأفطري" [12].

فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بقطع التطوع، ولم يأمرها بالقضاء، وكذا الاعتكاف.

5 - أنه لا يجب بالشروع فيه ابتداء، فالقضاء من باب أولى [13].

ودليل من أوجب القضاء بعد الشروع فيه ما يلي:

1 - قوله تعالى: ﴿ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ [14].

 

وهذا يعم إبطاله بعد إكماله وفي أثنائه، فإن ما مضى من الاعتكاف عمل صالح يثاب عليه بحيث لو مات في أثنائه أُجر على ما مضى أجر مَنْ قد عمل لا أجر من نوى وقصد، وإذا كان عملاً صالحًا فقد نهى الله عن إبطاله.

ونوقش هذا الاستدلال من أوجه:

الوجه الأول: أن ما لم يتم فليس بعمل [15]، أما كون الميت يؤجر فلأنه شرع فيه وحيل بينه وبين إتمامه.

 

الوجه الثاني: أن النهي هنا للكراهة لما تقدم من أدلة الجمهور، فلا يوجب القضاء.

 

الوجه الثالث: أن قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 33] عام، والخاص كحديث أبي جحيفة وعائشة - مقدم على العام.

 

الوجه الرابع: أن المعنى لا تبطلوا أعمالكم بالرياء، أو بالكبائر [16].

2 - أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى الاعتكاف لما تركه كما في حديث عائشة وأنس وأبي هريرة رضي الله عنهم [17].

 

ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:

الوجه الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع فيه فلا دلالة فيه [18].

ورد بن النبي صلى الله عليه وسلم شرع فيه؛ لأن المسجد كله موضع للاعتكاف، وقد دخل المسجد حين أراد الصلاة بالناس فالظاهر أنه نوى الاعتكاف؛ لأنه لم يكن في نيته الخروج منه بعد ذلك [19].

 

الوجه الثاني: أنه محمول على الاستحباب، لما تقدم من أدلة الرأي الأول.

 

الوجه الثالث: ما ذكره القرطبي بقوله: "ولا يقال فيه - أي حديث عائشة في اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأول من شوال لما ترك الاعتكاف في رمضان - ما يدل على قضاء التطوع؛ لأنا لا نسلم أنه قضاء بل هو ابتداء؛ إذ لم يجب عليه لا بالأصل ولا بالنذر، ولا بالدخول فيه؛ إذ لم يكن دخل فيه بعد، كيف ومعقولية القضاء إنَّما تتحقق فيما اشتغلت الذمة به، فإذا لم يكن شغل ذمة فأي شيء يقضي؟ غاية ما في الباب أنه ابتدأ عبادة هي من نوع ما فاته" [20].

 

وورد هذا بقول ابن عبد البر - رحمه الله -: "غير نكير أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قضى الاعتكاف من أجل أنه كان قد نوى أن يعمله وإن لم يدخل فيه؛ لأنه كان أوفى الناس لربه بما عاهده عليه، وأبدرهم إلى طاعته" [21].

3 - حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كنت أنا وحفصة صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدرتني إليه حفصة وكانت ابنة أبيها، فقالت: يا رسول الله إن كنا صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا، فقال: اقضيا يومًا آخر مكانه" [22].

 

وألحق الاعتكاف بالصيام.

 

ونوقش الاستدلال: بعدم ثبوت الحديث، وإن ثبت فمحول على الاستحباب.

4 - أنه يلزمه بالشروع فيه كالصلاة النافلة والحج والعمرة [23].

ونوقش هذا الاستدلال: أما القياس على الصلاة فغير مسلم فلا يسلم أنها تلزم بالشروع.

 

وأما الحج والعمرة فلوجود الفرق بينهما وبين الاعتكاف من وجهين:

الأول: أن الحج والعمرة يمضى في فاسدهما ولا يخرج منهما بالإفساد ولا بقطع النية، والاعتكاف ليس كذلك [24]، فالحج والعمرة ألزم من الاعتكاف.

 

الثاني: أن الكفارة تجب في إفساد فرضهما ونفلهما بخلاف الاعتكاف [25].

الترجيح:

الراجح - والله أعلم - عدم وجوب القضاء لمن خرج من اعتكافه المستحب بعد الشروع فيه؛ إذ الأصل براءة الذمة.

 

قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: "ولو قطعه مدة لم يلزمه قضاؤه؛ لأن من أصلنا المشهور: أنه لا يلزم بالشروع إلا الإحرام، لكن يستحب له إتمامه وأن يقضيه إذا قطعه.

وكذلك لو كان له ورد من الاعتكاف ففاته استحب له قضاؤه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك اعتكاف العشر الأواخر من شهر رمضان لما ضرب أزواجه الأبية ثم قضاه من شوال [26]، ولم يأمر أزواجه بالقضاء؛ لأنه لم يكن من عادتهن وإنما عز من عليه ذلك العام، ولأن قضاءه غير واجب، ولأنهن لم يكن شرعن فيه وهو صلى الله عليه وسلم قد شرع فيه؛ لأن المسجد كله موضع للاعتكاف وهو قد دخل المسجد حين صلى بالناس فالظاهر أنه نوى الاعتكاف من حينئذٍ؛ لأنه لم يكن في نيته الخروج منه بعد ذلك" [27].

المبحث الثاني: قضاء الاعتكاف الواجب على الحي:

إذا أفسد المعتكف اعتكافه الواجب بمبطل من مبطلات الاعتكاف المتقدمة وجب عليه استئنافه بصفته؛ لعدم براءة ذمته منه، إلا إذا كان أيامًا لا يشترط فيها التتابع فما مضى منها صحيح، ويقضي ما بقي، وإن كان أيامًا متتابعة فيلزمه الاستئناف لإمكانه أن يأتي بالمنذور على صفته، وإن كانت أيامًا معينة لزمته كفارة يمين لتفويت الزمن [28].

 

لحديث عقبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كفارة النذر كفارة يمين"[29].

المبحث الثالث: قضاء الاعتكاف الواجب على الميت:

إذا نذر شخص اعتكاف زمن وتمكن من ذلك، لكنه فرط حتى مات فهل يشرع لوليه أن يقضي عنه هذا الاعتكاف؟

 

اختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: أنه يستحب لوليه أن يقضيه عنه، فإن لم يفعل أطعم من تركته إن خلف تركة.

وهذا هو المذهب عند الحنابلة [30].

 

القول الثاني: لا يستحب لوليه أن يقضيه عنه ولكن يطعم عنه إن أوصى.

وهو قول جمهور أهل العلم [31].

الأدلة:

أدلة الحنابلة:

استدل الحنابلة على مشروعية قضاء الاعتكاف الواجب عن الميت بما يلي:

1 - حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" [32].

 

فيلحق الاعتكاف بالصيام فإنه أشبه به من الصلاة.

ونوقش الاستدلال بهذا الحديث من وجوه:

الوجه الأول: أنه مؤول على معنى إطعام الحي عنه إذا مات وقد فرط في الصوم، فيكون الإطعام قائمًا مقام الصيام، ونظير ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "الصعيد الطيب وضوء المسلم" [33] فسمى التراب وهو بدل باسم مبدله وهو الوضوء، وهذا تأويل الماوردي [34].

 

وأجيب عنه: بقول ابن الملقن: "ولا يخفى ما في ذلك، والأحاديث مصرحة بصيام الولي عنه، والحديث الوارد في الإطعام عنه ضعيف" [35].

 

وأيضًا فهو صرف للفظ عن ظاهره بلا دليل.

 

قال النووي: "وأما تأويل الصيام بالإطعام فتأويل باطل يرده باقي الحديث"[36].

 

الوجه الثاني: أنه معارض لقوله تعالى: ﴿ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ﴾ [37]، وبقوله تعالى: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [38].

 

وسيأتي الجواب عن هذا الوجه [39].

 

الوجه الثالث: أنه معارض لما رواه النسائي عن ابن عباس مرفوعًا: "لا يصل أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد، ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مدًا من حنطة" [40].

 

وأجيب: بعدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم.

 

الوجه الرابع: أن مالكًا لم يجد عمل المدينة عليه [41].

وأجيب: بأن عمل المدينة مختلف في الاحتجاج به.

 

الوجه الخامس: أنه معارض للقياس الجلي، وهو أنه عبادة بدنية لا مدخل للمال فيها فلا يفعل عمن عليه كالصلاة [42].

وأجيب: بأنه اجتهاد في مقابلة النص.

 

الوجه السادس: ما ذكره القاضي عياض وتبعه القرطبي: أن الحديث مضطرب.

وأجيب عن هذا: أنه لا يتأتى في حديث عائشة، وإنما يتأتى في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ولا يسلم الاضطراب، وإنما فيه اختلاف يجمع بينه [43].

2 - حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن سعد بن عبادة رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقضه عنها" [44].


ولا يخلو إما أن يكون سعد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن نذر كان على أمه وأجابه النبي صلى الله عليه وسلم على مقتضى هذا السؤال ولم يستفصله فكأنه قال: إذا كان عليها نذر فاقضه عنها؛ لأن السؤال كالمعاد في الجواب، وهذا عام مطلق في جميع النذور.


أو يكون سأله عن نذر معين من صوم ونحوه فيكون اختيار ابن عباس أنه أمره أن يقضى عنها النذر ولم يعين ابن عباس أي نذر هو دليل على أنه فهم أن مناط الحكم عموم كونه نذرا، لا خصوص ذلك المنذور، وأن كل النذور مستوية في هذا الحكم، وابن عباس أعلم بمراد النبي صلى الله عليه وسلم ومقصوده [45].

3 - حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ فقال: لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها؟ قال: نعم. قال: فدين الله أحق أن يقضى" [46].

 

فقوله صلى الله عليه وسلم: "فدين الله أحق أن يقضى" يشمل نذر الاعتكاف.

والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

4 - حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: حجي عنها، أرايت لو كان على أمك دين ألست قاضية؟ قالت: نعم، قال: فاقضوا لله فالله أحق بالوفاء" [47].

 

فقوله صلى الله عليه وسلم: "فالله أحق بالوفاء"، فبين النبي صلى الله عليه وسلم: أن هذا دين من الديون، وأن الله أحق أن يوفى دينه وأحق أن يقبل الوفاء، وهذه علة تعم جميع الديون الثابتة في الذمة لله.

5 - حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم لعمرو حين سأله عن نذر لأبيه: "أما أبوك فلو أقر بالتوحيد فصمت عنه وتصدقت نفعه ذلك"[48].

6 - ما رواه عامر بن مصعب قال: "اعتكفت عائشة عن أخيها بعدما مات"[49].

ونوقش: بضعفه لضعف عامر [50]، وإبراهيم بن مهاجر [51].

7 - ما رواه عون بن عبد الله بن عتبة [52]: "أن امرأة نذرت أن تعتكف عشرة أيام فماتت ولم تعتكف، فقال ابن عباس اعتكف عن أمك" [53].

أدلة الرأي الثاني:

استدل الجمهور على عدم مشروعية الاعتكاف عن الميت بما يلي:

1 - قوله تعالى: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [54]، فدل على أن سعي غيره لا ينتفع به.

 

قال شيخ الإسلام: "وأما الآية فللناس عنها أجوبة متعددة كما قيل: إنها تختص بشرع من قبلنا، وقيل: إنها مخصوصة، وقيل: إنها منسوخة، وقيل: إنها تنال السعي مباشرة وسببًا والإيمان من سعيه الذي تسبب فيه. ولا يحتاج إلى شيء من ذلك بل ظاهر الآية حق لا يخالف بقية النصوص، فإنه قال: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [النجم: 39] وهذا حق فإنه إنما يستحق سعيه فهو الذي يملكه ويستحقه كما أنه إنما يملك من المكاسب ما اكتسبه هو، وأما سعي غيره فهو حق وملك لذلك الغير لا له، لكن هذا لا يمنع أن ينتفع بسعي غيره كما ينتفع الرجل بكسب غيره" [55].

2 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به من بعده" [56].

 

فأخبر صلى الله عليه وسلم: أنه إنما ينتفع بما عمله في الحياة، وما لم يكن عمله فهو منقطع عنه.

 

ونوقش هذا الاستدلال: بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: انقطع عمله، ولم يقل انقطع انتفاعه، فإذا اعتكف وليه عنه انتفع بذلك، وبرأت ذمته.

3 - قول ابن عمر رضي الله عنهما: "لا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد"[57].

4 - قول ابن عباس رضي الله عنهما: "لا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد"[58].


ونوقش هذان الأثران: بأنهما مخالفان لما ورد عنهما من قضاء صيام النذر عن الميت [59]، وكذا الصلاة [60].

5 - قول عائشة رضي الله عنهما: "لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم"[61].

ونوقش: بأنه ضعيف جدًا [62].

الترجيح:

الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه الحنابلة من مشروعية قضاء الولي الاعتكاف الواجب عن الميت؛ لقوة ما استدلوا به، ومناقشة أدلة القول الآخر.

 

 


[1] الدر المختار 2/ 444.
[2] المجموع 6/ 396.
[3] المغني 4/ 412، 476، وشرح العمدة 2/ 715.
[4] المدونة مع المقدمات 1/ 200، والموطأ مع شرح الزرقاني 2/ 185.
[5] حاشية ابن عابدين 2/ 445.
[6] حاشية ابن عابدين 2/ 445.
[7] تقدم توثيقه ص42.
[8] عمدة القاري 11/ 148.
[9] الحيس: التمر مع السمن والأقط (النهاية مادة "حيس" 1/ 467).
[10] أخرجه مسلم في الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار (ح1154).
[11] أخرجه البخاري في الصوم، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم ير عليه القضاء (ح1968).
[12] أخرجه البخاري في الصوم، باب صوم يوم الجمعة (ح1968).
[13] المغني 4/ 473، وكشاف القناع 2/ 360.
[14] سورة محمد: 33.
[15] شرح العمدة 2/ 628.
[16] تفسير ابن كثير 4/ 181، ونيل الأوطار 4/ 259.
[17] سبق تخريجها ص43.
[18] عمدة القارئ 11/ 149.
[19] شرح العمدة 2/ 717.
[20] المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم 3/ 246.
[21] التمهيد لابن عبد البر 11/ 194.
[22] أخرجه أبو داود في الصوم، باب من رأى عليه القضاء (ح2457)، والنسائي في الكبرى كما في التحفة 12/ 427، والبيهقي في الكبرى 4/ 281، وابن عبد البر في التمهيد 12/ 71.
قال الخطابي في معالم السنن (2457): "إسناده ضعيف، وزميل مجهول، ولو ثبت احتمل أن يكون أمرهما استحبابًا".
وأخرجه ابن حبان (ح3517) إحسان، والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/ 109، والنسائي كما في التحفة 12/ 427، والبيهقي 4/ 281، وابن عبد البر في التمهيد 12/ 71 من طريق جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة، وصححه ابن حبان، ورجاله ثقات، لكن أعل بن جرير بن حازم حدث به في مصر، وحديثه بمصر ليس بذاك كما ذكره النسائي.
[23] التمهيد (فتح البر) 7/ 424، والاستذكار 10/ 312.
[24] المغني 4/ 412.
[25] شرح العمدة 2/ 717.
[26] تقدم توثيقه ص42.
[27] شرح العمدة 2/ 715.
[28] انظر: شرح الزركشي 3/ 14.
[29] سبق تخريجه ص176، وهو في مسلم.
[30] المغني 4/ 399، وشرح الزركشي 2/ 609، والفروع 3/ 99، وكشاف القناع 2/ 336.
[31] بدائع الصنائع 2/ 118، والمدونة مع المقدمات 1/ 201، والمجموع 6/ 393.
[32] أخرجه البخاري في الصوم، باب من مات وعليه صوم (ح1952) ومسلم في الصيام،(ح1147).
[33] أخرجه الإمام أحمد 5/ 146، 147، 155، وأبو داود في الطهارة، باب الجنب يتيمم (332)، والترمذي في الطهارة، باب ما جاء في التيمم للجنب (124)، والنسائي 1/ 171، وعبد الرزاق (913)، وابن أبي شيبة 1/ 156، والدارقطني 1/ 187، والحاكم 1/ 170، والبيهقي 1/ 220، عن أبي ذر رضي الله عنه. وصححه الترمذي والحاكم، وصححه أيضًا أبو حاتم وابن القطان كما في التلخيص (209).
[34] الحاوي 4/ 314.
[35] الحديث الذي أشار إليه ابن الملقن هو: حديث ابن عمر مرفوعًا: "من مات وعليه صوم رمضان، فليطعم عن كل يوم مسكينًا" أخرجه الترمذي (718)، وابن ماجه (1757)، والدارقطني 2/ 196، والبيهقي 4/ 254.
قال الترمذي: "لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، والصحيح عن ابن عمر أنه موقوف". وقال البيهقي: "الصحيح أنه موقوف على ابن عمر".
[36] المجموع 6/ 371.
[37] سورة الأنعام، آية 164.
[38] سورة النجم، آية 39.
[39] انظر: ص 318.
[40] أخرجه النسائي في الكبرى 2/ 175، والبيهقي في سننه 4/ 257 تعليقًا وقال: "وقد رأيت بعض أصحابنا يضعف حديث ابن عباس"، ثم ذكره. وقال الزيلعي في نصب الراية 2/ 463: "قلت غريب مرفوعًا".
[41] الإعلام بفوائد عمدة الأحكام 5/ 296.
[42] المصدر السابق.
[43] الإعلام بفوائد عمدة الأحكام 5/ 296، وفتح الباري 4/ 194.
[44] أخرجه البخاري في الوصايا، باب ما يستحب لمن يتوفى فجأة أن يتصدقوا عنه (ح2461)، ومسلم في النذر، باب الأمر بقضاء النذر (ح1638).
[45] شرح العمدة 1/ 380.
[46] أخرجه البخاري في الصوم، باب من مات وعليه صوم (ح1952)، ومسلم في الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت (ح1147).
[47] أخرجه البخاري في الإحصار وجزاء الصيد، باب الحج والنذور عن الميت (ح1852).
[48] أخرجه الإمام أحمد 2/ 182، وأبو داود في الوصايا، باب ما جاء في وصية الحربي (2883). وسكت عنه أبو داود، وسند أبي داود حسن، وقد احتج عامة أهل العلم برواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
[49] أخرجه ابن أبي شيبة 3/ 94.
[50] عامر بن مصعب شيخ لابن جريج لا يعرف قرنه بعمرو بن دينار، وقد وثقه ابن حبان على عادته (التقريب 1/ 389).
[51] إبراهيم بن مهاجر بن جابر البجلي الكوفي صدوق لين الحفظ (التقريب 1/ 44).
[52] عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أبو عبد الله ثقة عابد مات سنة (120هــ) (التقريب 2/ 90).
[53] أخرجه ابن أبي شيبة 3/ 94، وإسناده صحيح.
[54] سورة النجم: 39.
[55] مجموع الفتاوى 24/ 312.
[56] أخرجه مسلم في الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته (ح1631).
[57] أخرجه مالك في الموطأ - في الصيام، باب النذر في الصيام (ح680) بلاغًا.
[58] أخرجه النسائي في الكبرى في الصيام، باب صوم الحي عن الميت (ح2918)، والطحاوي في مشكل الآثار 3/ 141، وفي التلخيص تحت رقم (924): "إسناد صحيح".
[59] أما أثر ابن عمر رضي الله عنهما فأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4/ 254. (وإسناده صحيح).
وأما أثر ابن عباس رضي الله عنهما فأخرجه عبد الرزاق 4/ 237، 240، وابن أبي شيبة 3/ 113، والبيهقي في الكبرى 4/ 254، وصححه الحافظ في الفتح 11/ 584.
[60] أخرج البخاري معلقًا بصيغة الجزم في الأيمان والنذور، باب النذر عن الميت (ح6698): "وأمر ابن عمر امرأة جعلت أمها على نفسها صلاة بقباء، فقال: صلي عنها، وقال ابن عباس نحوه".
[61] أخرجه البيهقي في الكبرى 4/ 253.
[62] فتح الباري 4/ 194.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الاعتكاف وحلاوة الخلوة
  • اعتكاف العشر الأواخر من رمضان
  • فقه الاعتكاف (1)
  • إحياء ليلة القدر.. وسنة الاعتكاف
  • فقه الاعتكاف (2)
  • فقه الاعتكاف (3)
  • الهدي النبوي في الاعتكاف
  • فقه الاعتكاف (4)
  • فقه الاعتكاف (5)
  • الاعتكاف: التزكية الخاصة
  • 17 خطوة لاعتكاف ناجح
  • مقصود الاعتكاف وحقيقته
  • سلامة الصدر وفضل الاعتكاف
  • الاعتكاف
  • الاعتكاف والسنن الربانية المهجورة
  • الاعتكاف
  • الاعتكاف: حكمته وأحكامه
  • الاعتكاف
  • الاعتكاف والخروج من المعتكف للحاجة
  • الاعتكاف في العشر الأواخر
  • أقل الاعتكاف وأكثره
  • اعتكاف المرأة
  • متى يخرج المعتكف ؟
  • الاعتكاف في غير رمضان
  • أحكام الاعتكاف (خطبة)
  • فقه الاعتكاف

مختارات من الشبكة

  • صيام التطوع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من آداب الصيام: صيام ستة أيام من شوال بعد صيام شهر رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحكام متفرقة في الصيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • أجوبة مختصرة حول أحكام صيام التطوع(مقالة - ملفات خاصة)
  • أحكام صيام التطوع(مقالة - ملفات خاصة)
  • من صيام التطوع: صيام الأحد والاثنين والخميس والجمعة(مقالة - ملفات خاصة)
  • من صيام التطوع: صيام السبت(مقالة - ملفات خاصة)
  • من صيام التطوع: صيام أيام البيض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل صيام الست من شوال: صيام الدهر كله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صيام الجوارح صيام لا ينتهي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب