• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / أعمال ومناسك الحج
علامة باركود

حديث النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار للمضحي، رواية ودراية (2/6)

حديث النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار للمضحي، رواية ودراية (2/6)
محمد بن عبدالله السريِّع

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/10/2011 ميلادي - 15/11/1432 هجري

الزيارات: 20391

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حديث النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار للمضحي، رواية ودراية

(2/ 6)

 

توطئة:

مضى في الحلقة السابقة افتتاح البحث، وتمهيد في أهمية الحديث، ومنهج البحث، ولمحةٌ عن ألفاظه التي روي بها، وفي هذه الحلقة أشرع في تخريج أوجه الحديث، ودراسة الاختلاف فيها.

 

المبحث الثاني

تخريج أوجه الحديث، ودراسة الاختلاف فيها

جاء حديث أم سلمة - رضي الله عنها - من أوجه وطرق متعددة، ووقعت فيه اختلافاتٌ إسناديةٌ كثيرة، ولهذا ذكره الحاكم في الأبواب التي يجمعها أصحاب الحديث، وجَمَعَها هو، وذاكر ببعضها جماعةً من أئمة الحديث[1]. وخلاصة طرق الحديث وأوجهه إجمالاً كما يلي:

 

• الطريق الأولى: طريق سعيد بن المسيب، عن أم سلمة - رضي الله عنها -:

وهي أشهر الطرق وأكثرها روايةً وتخريجًا، وفيها عدة اختلافات، وجاءت عن سعيد من طريق اثني عشر راويًا:

1- عبدالرحمن بن حميد بن عبدالرحمن بن عوف، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة؛ مرفوعًا وموقوفًا.

2- عمر -أو: عمرو- بن مسلم ابن أكيمة الجندعي الليثي، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة؛ مرفوعًا وموقوفًا.

3- الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة؛ مرفوعًا.

4- قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ موقوفًا.

5- عثمان الأحلافي، عن سعيد بن المسيب؛ مقطوعًا.

6- عبدالرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيب؛ مقطوعًا.

7- عبدالله بن محمد بن عقيل، عن سعيد بن المسيب؛ مرسلاً.

8- شعبة بن عبدالرحمن المدني، عن سعيد بن المسيب؛ بصيغة: "كان يُكرَه".

9- يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب؛ مرفوعًا.

10- غيلان الفارسي، عن سعيد بن المسيب؛ مرفوعًا.

11- يزيد بن عبدالله بن قسيط، عن سعيد بن المسيب؛ موقوفًا.

12- صالح بن حسان؛ عن سعيد بن المسيب؛ مقطوعًا.

 

• الطريق الثانية: طريق أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أم سلمة - رضي الله عنها -؛ مرفوعًا وموقوفًا.

• الطريق الثالثة: طريق امرأة، عن أم سلمة - رضي الله عنها -؛ موقوفًا.

وفيما يلي تفصيل تخريج كل ذلك، ودراسة الاختلاف فيه.

 

المطلب الأول

طريق سعيد بن المسيب، عن أم سلمة - رضي الله عنها -

جاء الحديث عن سعيد من طرق:

1- عبدالرحمن بن حميد بن عبدالرحمن بن عوف، عن سعيد بن المسيب:

التخريج:

• أخرجه الشافعي في اختلاف الحديث (10/ 157-ضمن الأم) -ومن طريقه البيهقي في الكبرى (9/ 263)، ومعرفة السنن والآثار (14/ 14، 15، 21)-، والحميدي في مسنده (293) -ومن طريقه أبو عوانة في مستخرجه (7788)، والبيهقي في شعب الإيمان (6948)-، وإسحاق بن راهويه في مسنده (1815) -وعنه مسلم في صحيحه (1977)-، وأحمد في مسنده (6/ 289) -ومن طريقه ابن البخاري في مشيخته (92)، وابن عساكر في معجمه (655)-، والدارمي في سننه (1948) عن محمد بن أحمد بن أبي خلف، ومسلم (1977)، والبيهقي في الكبرى (9/ 266)، والشعب (6948)؛ من طريق ابن أبي عمر، وابن ماجه في سننه (3149) عن هارون بن عبدالله الحمال، والنسائي في المجتبى (7/ 212)، والكبرى (4438)؛ عن عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن الزهري، وأبو عوانة (7787)، وابن عساكر في الأربعين من المساواة (31)؛ من طريق علي بن حرب، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5511) عن عبدالغني بن أبي عقيل، و(5512) من طريق إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، والطبراني في الكبير (23/ 267) من طريق سعيد بن منصور؛ الاثنا عشر راويًا (الشافعي، والحميدي، وابن راهويه، وأحمد، وابن أبي خلف، وابن أبي عمر، وهارون الحمال، وعبدالله بن محمد الزهري، وعلي بن حرب، وابن أبي عقيل، والطالقاني، وسعيد بن منصور) عن سفيان بن عيينة،

• والأثرم -كما نقل ابن عبدالبر في التمهيد (17/ 236)- عن أحمد بن حنبل، قال: رواه يحيى بن سعيد القطان، وعلَّقه عنه الدارقطني في العلل -كما نقل ابن القيم في تهذيب السنن (7/ 346)-،

• والطحاوي في شرح المشكل (5512) عن يونس، عن ابن وهب، عن أبي ضمرة أنس بن عياض،

• والفاكهي في حديثه عن ابن أبي مسرة (85)، وأبو طاهر المخلص في المخلصيات (189) عن أبي بكر عبدالله بن محمد بن زياد النيسابوري؛ كلاهما (الفاكهي، والنيسابوري) عن ابن أبي مسرة، عن إبراهيم بن عمرو بن أبي صالح، عن مسلم بن خالد الزنجي، عن عبدالرحمن -وفي رواية النيسابوري: عبدالرحيم- بن عمر،

• والدارقطني في العلل -كما نقل ابن القيم في تهذيب السنن (7/ 346)- معلَّقًا عن عبدالله بن عامر الأسلمي،

خمستهم (سفيان بن عيينة، ويحيى القطان، وأنس بن عياض، وعبدالرحمن بن عمر، وعبدالله بن عامر) عن عبدالرحمن بن حميد بن عبدالرحمن بن عوف، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخل العشر، فأراد أحدكم أن يضحي؛ فلا يَمَسَّ من شعره ولا من بشره شَيئًا"، لفظ الشافعي عن ابن عيينة، وللباقين نحوه، وأبدل ابن أبي خلف عن ابن عيينة "بشره" بـ: "أظفاره"، ولم يُسَق لفظ القطان وعبدالله بن عامر الأسلمي.

 

إلا أن: يحيى بن سعيد القطان، وأنس بن عياض، وعبدالله بن عامر الأسلمي؛ أوقفوه على أم سلمة.

وجاء في رواية عبدالغني بن أبي عقيل عن ابن عيينة: "عن أم سلمة؛ روايةً: "إذا دخل العشر...".

وزاد الحميدي وابن أبي عمر بعد روايتهما عن سفيان بن عيينة: قيل لسفيان: فإن بعضهم لا يرفعه؟ قال: "لكني أنا أرفعه".

 

دراسة الأسانيد:

اختُلف في هذا الحديث عن عبدالرحمن بن حميد:

• فرواه عنه: سفيان بن عيينة، وعبدالرحمن -أو: عبدالرحيم- بن عمر؛ مرفوعًا،

• ورواه عنه: يحيى بن سعيد القطان، وأنس بن عياض، وعبدالله بن عامر؛ موقوفًا.

ولم أجد عن ابن عيينة اختلافًا، وأما ما جاء في رواية عبدالغني بن أبي عقيل عنه؛ من قوله: "عن أم سلمة؛ روايةً"؛ فمجيء هذه الكلمة عن الصحابي في معنى إسناده الحديثَ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورفعه إياه إليه، وروايته إياه عنه[2]، وهذا موافقٌ لرواية الناس عن ابن عيينة.

 

وأما عبدالرحمن - أو: عبدالرحيم- بن عمر؛ فقد ذكره العقيلي في الضعفاء، وذكر له حديثًا رواه عن الزهري غير محفوظ[3]، ولم أجد فيه غير هذا، والراوي إذا كان غير مشهور، ثم تفرد بما لا يحفظ عن الأئمة؛ كان ضعيفًا، إن لم يكن منكر الحديث، قيل لشعبة: متى يُترك حديث الرجل؟ قال: "إذا روى عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون فأكثر"[4]، وقال مسلم: "فأما من تراه يعمد لمثل الزهري في جلالته وكثرة أصحابه الحفاظ المتقنين لحديثه وحديث غيره، أو لمثل هشام بن عروة؛ وحديثهما عند أهل العلم مبسوطٌ مشترك؛ قد نقل أصحابُهما عنهما حديثَهما على الاتفاق منهم في أكثره، فيَروي عنهما أو عن أحدهما العددَ من الحديث مما لا يعرفه أحدٌ من أصحابهما، وليس ممن قد شاركهم في الصحيح مما عندهم؛ فغير جائز قبولُ حديث هذا الضرب من الناس"[5].

 

وفي الإسناد إلى عبدالرحمن: إبراهيم بن عمرو بن صالح، تفرد بهذه الرواية، وتفرد بإسنادٍ آخر للحديث، وروى للحديث إسنادًا ثالثًا توبع عليه -كما سيأتي-، وهو مترجمٌ عند ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً[6]، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "يخطئ"[7]، والأظهر أن انفراده بمثل ذلك، وروايته الحديثَ على ثلاثة أوجه= مما لا يحتمل منه.

 

ورواية القطان علَّقها الدارقطني جازمًا بها، وأتت في سياقٍ كلامٍ للإمام أحمد بن حنبل في تعارُض ظاهر هذا الحديث مع حديثٍ آخر، جاء فيه: "فذكرته ليحيى بن سعيد، فقال يحيى: "ذاك له وجه، وهذا له وجه...""، ثم ساق -بعدُ- رواية ابن عيينة، وعقبها بقوله: "وقد رواه يحيى بن سعيد القطان عن عبدالرحمن بن حميد هكذا، ولكنه وقفه على أم سلمة"[8].

وهذا السياق يبين أن أحمد راجع القطان في الحديث، وأخذ عنه فيه، فمن القريب جدًّا أنه قد تحمَّل الرواية الموقوفة عنه.

 

وقول أحمد: "رواه يحيى" هو روايةٌ بصيغةٍ محتملةٍ عن شيخٍ له قد سمع منه، وليس أحمد بالمدلس؛ فتحمل على السماع، كما في قول البخاري: "قال فلان" من شيوخه، وغير ذلك.

فصحَّت هذه الرواية عن يحيى.

وأما رواية عبدالله بن عامر؛ فلم أجدها موصولة، والرجل ضعيف[9].

ومن ثم؛ فالخلاف المؤثر هو القائم بين ابن عيينة في جهة، ويحيى القطان وأنس بن عياض في جهة.

ومما يؤيد رواية ابن عيينة -سوى ثقته وجلالته-: أنه كان متوثِّقًا من روايته، ولما عُورض بأن غيره وقفه؛ قال: "لكني أنا أرفعه".

 

ومما يؤيد الوجه الآخر: اتفاق يحيى القطان -الحافظ- وأنس بن عياض -الثقة- عليه، وهما أكثر من انفراد سفيان، وكون أنس بن عياض مدنيًّا كالشيخ في هذه الرواية: عبدالرحمن بن حميد، واتفاق البلد أدعى إلى صحة الرواية.

فأما ثقة سفيان وحفظه؛ فمما لا شكَّ فيه، إلا أنه كان يُذكر بالوهم والخطأ؛ خاصة بعد تغير حفظه، خلاف يحيى القطان الثقة المتقن الحافظ، وهو وإن كان أخطأ في أحاديث معدودة[10]؛ إلا أنه أتقن -فيما يظهر- من ابن عيينة، فكيف وقد وافقه أحد الثقات من بلديِّي الشيخ المختلَف عنه؟

وأما توثُّق ابن عيينة من روايته، وتأكيده عليها؛ فإنه ليس بمستلزمٍ أنها على الصواب، فقد يروي الراوي الحديثَ متوثِّقًا منه، ولكنه يكون في حقيقة الأمر مخطئًا.

 

وقد حصل هذا من ابن عيينة نفسِه في حديثٍ آخر، فروى العباس بن يزيد عنه، عن ابن عجلان، عن عياض بن عبدالله بن أبي سرح، أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: "ما أخرجنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا صاعًا من دقيق، أو صاعًا من تمر..."، الحديث. قال العباس: فقال له علي بن المديني: يا أبا محمد؛ أحدٌ لا يذكر في هذا: "الدقيق"! قال: "بلى، هو فيه"[11].

فكان ابن عيينة متوثِّقًا من روايته، وأكَّدها، ثم وردت روايةٌ أنه شكَّ في لفظها[12]، ثم تركها أخيرًا؛ قال حامد بن يحيى: "فأنكروا عليه "الدقيق"، فتَرَكه سفيان"[13].

فتوثُّق الراوي من روايته وتأكيده لها لا يفيد أنها صوابٌ على كل حال.

 

فالأرجح في هذا الحديث -والله أعلم-: ما اتفق عليه يحيى القطان، وأنس بن عياض؛ من وقف الحديث على أم سلمة - رضي الله عنها -.

وقد أسند الطحاوي روايةَ ابن عيينة، ثم أسند رواية أنس بن عياض، وقال: "فلم يكن هذا عندنا بمضادٍّ لهذا الحديث، ولا مقصرًا به عما رواه ابن عيينة عليه؛ لأن أنسًا وإن قصَّر به فلم يرفعه، فقد رفعه مَنْ ليس بدونه عن عبدالرحمن بن حميد، وهو سفيان بن عيينة"[14].

وظاهرُ هذا أن الطحاوي لم يقف على رواية يحيى القطان، وهو أثبت من ابن عيينة، وروايته - ورواية أنسِ بن عياض- أولى بالترجيح.

 

2- عمر - أو: عمرو- بن مسلم ابن أكيمة الجندعي الليثي، عن سعيد بن المسيب:

التخريج:

• أخرجه إسحاق بن راهويه (1816) -ومن طريقه البيهقي (9/ 266)- عن النضر بن شميل، وأحمد (6/ 311)، ومسلم (1977)، وأبو داود (2791)، ويعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 680)، وابن أبي خيثمة في تاريخه (2022/ السفر الثالث) -ومن طريقه ابن عبدالبر في التمهيد (17/ 237)، والاستذكار (15/ 160)-، وأبو يعلى (6917) -وعنه ابن حبان (5917)-، وأبو عوانة (7783)، والطحاوي في شرح المشكل (5513)، والمخلص في المخلصيات (183)، والبيهقي في الشعب (6949)، والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 287)، والمتفق والمفترق (1186)، وابن الجوزي في مثير العزم الساكن (176)، والضياء في المنتقى من مسموعات مرو (585/ مخطوط)؛ من طريق معاذ بن معاذ العنبري، وهشام بن عمار في حديثه (143) عن سعيد بن يحيى، ومسلم (1977) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، وأبو يعلى (6910)، والطبراني في الكبير (23/ 387)؛ من طريق محمد بن أبي عدي، وأبو عوانة (7784) من طريق محمد بن عبدالله الأنصاري، وابن حبان (5918) من طريق عبدة بن سليمان، وأبو نعيم -ومن طريقه ابن حجر في الأمالي المطلقة (ص13)- من طريق سفيان بن حبيب؛ ثمانيتهم (النضر، ومعاذ بن معاذ، وسعيد بن يحيى، وأبو أسامة، وابن أبي عدي، والأنصاري، وعبدة، وسفيان بن حبيب) عن محمد بن عمرو بن علقمة،

• وأحمد (6/ 301) من طريق عبدالله بن لهيعة، ومسلم (1977)، وأبو عوانة (7785)، وابن حبان (5897)؛ من طريق حيوة بن شريح، والدارمي (1947)، والفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 680)، والنسائي في المجتبى (7/ 212)، والكبرى (4436)، وأبو عوانة (7786)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 181)، وشرح المشكل (5510)، والطبراني في الكبير (23/ 266)، والمخلص في المخلصيات (187)، والخطيب في المتفق والمفترق (1185)؛ من طريق الليث بن سعد؛ كلاهما (حيوة، والليث) عن خالد بن يزيد؛ كلاهما (ابن لهيعة، وخالد بن يزيد) عن سعيد بن أبي هلال،

• وأحمد (6/ 311) -ومن طريقه أبو عوانة (7782)، والحاكم (4/ 220)-، ومسلم (1977)، والترمذي (1523)، وابن مخلد فيما رواه الأكابر عن مالك (18)؛ من طريق محمد بن جعفر[15] غندر، ومسلم (1977) -ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق (1365)-، وابن ماجه (3150)، وأبو عوانة (7780)، والطحاوي في شرح المشكل (5506)، وابن مخلد فيما رواه الأكابر عن مالك (17) -ومن طريقه الذهبي في سير أعلام النبلاء (8/ 118)-، وابن حبان في صحيحه (5916)، والدارقطني في سننه (4/ 278)، وأبو طاهر المخلص في المخلصيات (184)، والحاكم (4/ 220)، وابن شاذان في مشيخته (3) -ومن طريقه الخطيب في تالي تلخيص المتشابه (260)، وابن الجوزي في مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن (175)-، والبيهقي في الكبرى (9/ 266)، ومعرفة السنن (14/ 21)، والشعب (6950)، وفضائل الأوقات (214)، والخلعي في فوائده (232/ مخطوط)، وابن طولون في الأحاديث المائة (64)؛ جميعهم من طريق يحيى بن كثير بن درهم، وابن ماجه (3150) من طريق سلم بن قتيبة، ومحمد بن بكر البرساني، والنسائي في المجتبى (7/ 211)، والكبرى (4435)؛ من طريق النضر بن شميل، وأبو يعلى (6911)، وأبو عوانة (7781)، وابن المنذر في الإقناع (127)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 181)، وشرح المشكل (5507)، وابن الأعرابي في معجمه (1736)، والمخلص في المخلصيات (185)؛ من طريق بشر بن ثابت، وابن مخلد فيما رواه الأكابر عن مالك (19) -ومن طريقه الخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 287)، والذهبي في تاريخ الإسلام (وفيات 621-630، ص134، 135)-، والطبراني في الكبير (23/ 266) -ومن طريقه أبو موسى المديني في اللطائف (195)-؛ من طريق عمرو بن حكام، وابن نصر الدمشقي في فوائده (34)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (22/ 159)؛ من طريق سويد بن عبدالعزيز، وابن عبدالبر في الاستذكار (11/ 185) من طريق بشر بن عمر، والطيوري في الطيوريات (1) من طريق عمران بن أبان؛ عشرتهم (غندر، ويحيى بن كثير، وسلم بن قتيبة، ومحمد بن بكر، والنضر بن شميل، وبشر بن ثابت، وعمرو بن حكام، وسويد بن عبدالعزيز، وبشر بن عمر، وعمران بن أبان) عن شعبة بن الحجاج، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 182)، وشرح المشكل (5508)، والمخلص في المخلصيات (186) عن عبدالله بن محمد بن زياد النيسابوري؛ كلاهما (الطحاوي، والنيسابوري) عن يونس بن عبدالأعلى، والخطيب في أسماء من روى عن مالك -كما نقل العراقي في شرحه على الترمذي (ق48ب)-، وأبو موسى المديني في اللطائف (ص123)؛ معلَّقًا عن عثمان بن صالح؛ كلاهما (يونس، وعثمان) عن عبدالله بن وهب، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 182)، وشرح المشكل (5509)؛ عن إبراهيم بن مرزوق، عن عثمان بن عمر بن فارس، والطبراني في الكبير (23/ 266) -ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (22/ 241، 242)-، وابن عبدالبر في الاستذكار (11/ 184، 185)؛ من طريق بكر بن سهل، عن عبدالله بن يوسف التنيسي، والطبراني في الكبير (23/ 266) -ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (22/ 241، 242)- عن علي بن عبدالعزيز، عن القعنبي، والدارقطني في غرائب مالك -كما نقل ابن حجر في لسان الميزان (4/ 173)- من طريق سليمان بن محمد بن الفضل، عن أبي مصعب الزهري؛ ستتهم (شعبة، وابن وهب، وعثمان بن عمر، والتنيسي، والقعنبي، وأبو مصعب) عن مالك بن أنس،

ثلاثتهم (محمد بن عمرو بن علقمة، وسعيد بن أبي هلال، ومالك بن أنس) عن عمر -أو عمرو- بن مسلم الجندعي الليثي، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من كان يريد أن يذبح؛ فإذا أهلَّ هلال ذي الحجة؛ فلا يمسَّ من شعره ولا ظفره شيئًا حتى يضحي"، لفظ النضر بن شميل، عن محمد بن عمرو بن علقمة.

وقد اختلف الرواة في دقائق ألفاظ هذه الرواية، إلا أنهم نَحَو نحوًا واحدًا، والمعنى متقارب.

وذكر محمد بن عمرو بن علقمة في روايته عن شيخه قصة؛ قال: دخلنا الحمام في عشر الأضحى، وإذا بعضهم قد اطَّلى، فقال بعض أهل الحمام: إن سعيد بن المسيب يكره هذا -أو: ينهى عنه-، فخرجت، فأتيت سعيد بن المسيب، فذكرت ذلك له، فقال: يا ابن أخي، هذا حديثٌ قد نُسِي وتُرك؛ حدثتني أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من كان يريد أن يذبح..." الحديث.

 

كما اختَلَف الرواة واختُلف عنهم في اسم الشيخ الذي دارت عليه الرواية؛ بين "عمر" و"عمرو"، بل ربما اختلف الاسم في الرواية الواحدة إذا خرِّجت في مصدرَين، وسمِّي في أكثر الروايات عن محمد بن عمرو بن علقمة: "عمرو"، وفي أكثرها عن سعيد بن أبي هلال: "عمر"، وأما مالك؛ فكان شعبة -كما في رواية غندر عنه- يشك بين "عمر" و"عمرو"، ولم يتبين من الروايات الأخرى أحد القولين عن مالك.

إلا أن: ابن وهب - في رواية يونس بن عبدالأعلى عنه-، وعثمان بن عمر بن فارس؛ أوقفا الحديث عن مالك على أم سلمة.

وزاد عمران بن أبان على الرواة عن شعبة -عقب روايته عنه-: سألت مالك بن أنس عنه -يعني: الحديث-، فقال: "ليس من حديثي"، فقلت لجلسائه: حدَّثَنا بهذا الحديث إمامُ العراق؛ شعبةُ عنه، ويقول: "ليس هو من حديثي"! فقالوا: إنه إذا لم يأخذ بالحديث؛ قال: "ليس من حديثي".

 

تنبيـه:

جاء في معجم الطبراني الكبير (23/ 387) تحت باب: "حميد بن عبد الرحمن عن أم سلمة": "حدثنا إسماعيل بن الحسن الخفاف، ثنا أحمد بن صالح، ثنا ابن وهب، أخبرني مخرمة، عن أبيه، قال: سمعت عبدالله بن مسلم، يقول: سمعت محمد بن مسلم الحديث ح،

وحدثنا محمد بن صالح النرسي، ثنا نصر بن علي، ثنا ابن أبي عدي، عن محمد بن عمر[و]، عن عمرو بن مسلم، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أهلَّ ذا الحجة وله ذبح يريد أن يذبحه؛ فليمسك عن شعره وأظفاره".

وهذا ظاهرُ الإشكال من حيث إن الباب في رواية حميد بن عبدالرحمن عن أم سلمة، والحديث من رواية سعيد بن المسيب عنها.

 

لكن تبيَّن أنه وقع فيه سقط؛ فقد أخرج الطبراني في موضع آخر من الكبير (3/ 139)، قال: "حدثنا إسماعيل بن الحسن الخفاف، ثنا أحمد بن صالح، ثنا ابن وهب، أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، قال: سمعت عبدالله بن مسلم يقول: سمعت محمد بن مسلم يقول: سمعت حميد بن عبدالرحمن يقول: سمعت أم سلمة تقول: قيل: يا رسول الله، أين أنت من بنت حمزة؟ أو قيل: ألا تخطب بنت حمزة؟ قال: "حمزة أخي من الرضاعة".

وهذا هو الحديث المراد في ذلك الموضع؛ فإسناده موافقٌ لترجمة (حميد، عن أم سلمة)، وموافقٌ تمامًا للإسناد الذي ساقه الطبراني هناك.

 

والحديث مشهورٌ من حديث ابن وهب، عن مخرمة، به، ولم أجد بهذا الإسناد غير هذا الحديث، وقد أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 109)، ومسلم (1448)، ومحمد بن نصر في السنة (297)، وأبو عوانة في مستخرجه (4398)، والطبراني في الأوسط (6475)، والصغير (1005)؛ كلهم من طريق عبدالله بن وهب، به. وقال الطبراني في الأوسط والصغير: "لم يروِ هذا الحديثَ عن الزهري إلا أخوه، ولا روى عن أخيه إلا بكير بن عبدالله، ولا رواه عن بكير إلا مخرمة، تفرد به ابن وهب".

ولم أجد بهذا الإسناد روايةً لحديث اجتناب الشعر والظفر في الأضحية البتة، مما يدلُّ -بضميمة ما سبق- على خطأ روايته به في ذلك الموضع.

فالظاهر أن الطبراني أسند حديث بنت حمزة في تلك الترجمة، ثم انتقل إلى ترجمة أخرى، وسقط ذلك، والله أعلم.

 

دراسة الأسانيد:

اختُلف في هذه الروايات - كما سبقت الإشارة - في تسمية ابن مسلم الليثي، وقد قال الترمذي: "والصحيح هو عمرو بن مسلم"، وهو ما اعتمده أصحاب التراجم؛ كالبخاري، وابن أبي حاتم، ثم المزي، ومن تبعه[16]، وإن كانوا أشاروا إلى الخلاف في اسمه.

وقد روى الحديثَ عن عمرو بن مسلم ثلاثةٌ: محمد بن عمرو بن علقمة، وسعيد بن أبي هلال، ومالك بن أنس.

والرواية عن الأولَين صحيحة، ولم أجد عنهما اختلافًا في الوجه الإسنادي.

 

وأما رواية مالك؛ فقد اختُلف عنه:

• فرواه عنه: شعبة، وابن وهب -من رواية عثمان بن صالح عنه-، وعبدالله بن يوسف التنيسي -من رواية بكر بن سهل عنه-، والقعنبي، وأبو مصعب الزهري -من رواية سليمان بن محمد بن الفضل عنه-؛ مرفوعًا،

• ورواه عنه: ابن وهب -من رواية يونس بن عبدالأعلى عنه-، وعثمان بن عمر بن فارس؛ موقوفًا.

فأما رواية عثمان بن صالح عن ابن وهب؛ فلم أجدها مسندة، وعثمان صدوق، وقد تكلَّم فيه أحمد بن صالح المصري بلديُّه، وكان بُلي بصحبة خالد بن نجيح والسماع من إملائه؛ فكانت تدخل الأحاديثُ المنكرةُ عليه[17].

 

والصحيح عن ابن وهب: الوقف، ويونس بن عبدالأعلى من الحفاظ الثقات[18].

وأما رواية بكر بن سهل عن التنيسي؛ فبكر ضعيف، ضعَّفه النسائي، وذكر مسلمة بن القاسم أن الناس تكلموا فيه وضعَّفوه لأجل حديثٍ رواه[19]. فلا يثبت الحديثُ عن التنيسي، وليس هو بعمدة.

 

وأما رواية القعنبي؛ فقد كان الطبراني أسندها عن علي بن عبدالعزيز، عن القعنبي؛ ثم حوَّل الإسناد، فأسند رواية بكر بن سهل، عن التنيسي، ثم ساقه، فقرن هاتين الروايتين ببعضهما.

وقرن الروايات من المظانّ القوية لحمل بعضها على بعض، وقد كان الطبراني يكثر من قرن الروايات، ويسوقها مساقًا واحدًا، وقد توجد عند غيره على التفصيل ببعض المغايرة.

ولعل الطبراني يعتمد في سياقة الإسناد: آخر الروايتين المقرونتين، وهي هنا رواية بكر بن سهل.

ومن ثم؛ فلا يمكن اعتماد رواية القعنبي المرفوعة، خاصةً أنها في مخالفة رواية عبدالله بن وهب الحافظ الإمام، وخاصَّةً مع ما سيأتي من تصرف الطحاوي والدارقطني.

 

وأما رواية أبي مصعب، فقد قال الدارقطني في سليمان بن محمد بن الفضل راويها: "تفرد به عن أبي مصعب"[20]، وسليمان هذا ضعفه الدارقطني، وقال أبو أحمد الحاكم: "حديثه ليس بالقائم"[21]، فتفرده عن أبي مصعب الزهري -في شهرة حديثه ورواية الناس لموطئه- محل نكارة.

وعلى ذلك؛ فالظاهر أنه لا يصح الاعتماد من الروايات المرفوعة إلا على رواية شعبة بن الحجاج.

 

وهذا ما حكم به الطحاوي، فقال: "حديث أم سلمة هذا -رواية مالك، عن عمرو بن مسلم، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة-؛ رواه ابن وهب وعثمان بن عمر عن مالك؛ موقوفًا على أم سلمة، ورواه شعبة عن مالك، عن عمرو بن مسلم، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يرفعه عن مالك أحدٌ غيرُ شعبة"[22].

 

وأشار إلى ذلك ابنُ عبدالبر، فقال -في الكلام على شيخ مالك-: "يقول فيه شعبةُ وبعض أصحاب مالك، عن مالك: "عمرو بن مسلم"، وكذلك قال فيه: سعيد بن المسيب، عن أم سلمة، عن النبي عليه السلام-، وقال فيه ابن وهب: عن مالك، عن عمرو بن مسلم، وتابعه جماعةٌ من أصحاب مالك"[23]، فتنصيص ابن عبدالبر على أن شعبة ذكر فيه النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم تعقيبه برواية ابن وهب (وهي موقوفة)= إشارةٌ إلى أن رواية شعبة امتازت بالرفع وانفردت به دون غيرها.

وهذه الرواية من مشهور حديث شعبة[24]، وقد تكاثر الناس على روايتها، وعدوها من لطائف الأسانيد؛ لكون شعبة يرويها عن مالك وهو من أقرانه روايةً؛ وإن كان أكبر منه سنًّا.

 

وقد نظر الطحاوي في هذا الاختلاف؛ فقال: "هكذا روى شعبةُ هذا الحديثَ عن مالك، وقد رواه غيرُه عن مالك، فخالفه في ابن مسلم...، وأوقفه على أم سلمة، ولم يتجاوزها به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، ثم أسند روايتَي ابن وهب وعثمان بن عمر، ثم قال: "فلم يكن هذا عندنا بمفسدٍ لهذا الحديث، ولا مقصّر به عن إطلاق الاحتجاج به، وإضافته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه وإن كان هذان قد روياه عن مالك موقوفًا؛ فقد رواه من هو أجلُّ منهما عن مالك مرفوعًا"[25]، ولعله عنى به: شعبة بن الحجاج.

 

ولا شكَّ في ثقة شعبة وجلالته وتثبُّته، إلا أنه يشوب روايتَه هذه أمور:

أولها: أنها من رواية الأقران، وضبط الراوي لحديث قرينه ليس كضبطه لحديث شيوخه، أو كضبط أصحاب ذلك القرين لحديث شيخهم.

وذلك أن الراوي قد يستفيد الحديث من قرينه لا على وجه التثبُّت والتحفُّظ الذي يأخذه بطريقِهِ أصحابُه وتلامذتُه؛ لأن الغالب بين الأقران المذاكرة والمدارسة والاستفادة، لا التحمُّل والرواية الجارية على أصولها الدقيقة.

ثانيها: أنه قد خالفه في هذه الرواية اثنان، واجتماع الاثنين أقوى من انفراد الواحد.

ثالثها: أنه خالفه في روايته: عبدالله بن وهب، وهو الحافظ الثقة، وكان من مقدَّمي أصحاب مالك، والأثبات منهم فيه خاصة، حتى قيل: إن الناس يختلفون في الشيء عن مالك، فينتظرون ابن وهب، فيسألونه عنه، وذُكر أنه لازم مالكًا أكثر من ثلاثين سنة.

ومثل هذا سيكون أحفظ لحديث مالك وأتقن له من بعض أصحاب مالك، فكيف بقرينِهِ الذي لعله التقاه مرارًا معدودة؟


وقد أضاف الطحاوي قرينةً لترجيح رواية شعبة؛ هي أنه "قد روى هذا الحديثَ -أيضًا- عن عمرو بن مسلم مرفوعًا غيرُ مالك بن أنس، وهو سعيد بن أبي هلال"[26]، يريد: أن مالكًا توبع على ما رواه شعبة، إلا أن هذه القرينة إنما تستعمل حال تقارُب الأوجه في الخلاف، والقرائن الداخلية أولى بالتقديم من القرائن الخارجية -كهذه القرينة-.

ومثل ذلك: قرينة أن مالكًا كان ربما وقف المرفوع احتياطًا[27]، وهذا معروفٌ من منهج مالك، إلا أنه لا بدَّ للقول به من ظهور صحة الرفع، ودلالة القرائن عليها، قال ابن حبان: "وهذه كانت عادةً لمالك؛ يرفع في الأحايين الأخبارَ، ويوقفها مرارًا، ويرسلها مرةً، ويسندها أخرى؛ على حسب نشاطه، فالحكم -أبدًا- لمن رفع عنه وأسند، بعد أن يكون ثقةً حافظًا متقنًا"[28]، ففي اشتراط حفظ الرافع وإتقانه إشارةٌ إلى أنه لا بدَّ أن يكون لترجيح رواية الرفع وجهٌ ظاهر، وألاّ يكون الوقف أقوى من الرفع. والحافظ أبو الحسن الدارقطني ممن أعمل هذه القرينة، ووازن بها[29]، إلا أنه هاهنا رجَّح رواية الوقف عن مالك -كما سيأتي قريبًا-، مما يدلُّ على أنه لم يرَها معتبرةً في هذا المقام.

 

فالأرجح -والله أعلم-: أن مالكًا يرويه عن أم سلمة - رضي الله عنها - موقوفًا، وهذا ما جزم به الدارقطني، قال: "والمحفوظ عن مالك: موقوف"[30].

ومثل هذا الترجيح من هذا الإمام يعضُّ عليه بالنواجذ؛ لما له من عنايةٍ تامَّةٍ بحديث مالك، وموطَّئه، وأصحابه؛ العنايةَ التي تظهر جليَّةً في تصنيفه غيرَ كتابٍ في هذا الخصوص.

وهذا الترجيح مع تلك العناية تدل على أن رواية القعنبي وغيره لا تصح مرفوعةً؛ إذ يبعد جدًّا أن يرجح الدارقطني الوقف ولم يقف عليها، أو يرجحه وهو يراها صحيحة، بل لعله وقف عليها موقوفةً على الصواب؛ فلذا جزم بحكمه، ويقال نحوُ هذا في حكم الطحاوي بتفرد شعبة برفعه عن مالك، والله أعلم.

 

ومن ثم؛ ينعقد الخلاف على عمرو بن مسلم الليثي:

• فرواه عنه: محمد بن عمرو بن علقمة، وسعيد بن أبي هلال؛ مرفوعًا،

• ورواه عنه: مالك بن أنس؛ موقوفًا.

والأولان صدوقان، ومحمد بن عمرو أدناهما درجة، وهما لا يدانيان في الحفظ والضبط مالكَ بن أنس الإمام الثقة الثبت.

 

وربما اعتضدت رواية محمد بن عمرو بن علقمة بحكايته القصة التي كانت سببًا في إيراد سعيد بن المسيب للحديث، إلا أن هذه القرينة ليست بمطَّردة، ولا يصح إعمالها في موضع مخالفة مثل مالك، وقد يكون الراوي ذكر أن سعيد بن المسيب روى ذلك عن أم سلمة، فغلط فيه محمد بن عمرو، ورفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقد جاءت روايةٌ أصحّ من هذه فيها سؤالُ سعيد بن المسيب عن الحديث، وجوابه إياه بإسناده عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، دون رفعه، وهذا يدلُّ على أنه لم يكن عنده الحديث مرفوعًا، ويأتي ذلك -إن شاء الله-.

فالراجح هنا: رواية مالك بن أنس؛ بوقف الحديث على أم سلمة - رضي الله عنها -.

 

وقد جاء في رواية عمران بن أبان عن شعبة، أنه سأل مالكًا عن الحديث، فقال له: "ليس من حديثي"، فاستشكل ذلك، فأبان له أصحاب مالك أنه يقول ذلك إذا لم يأخذ بالحديث.

إلا أن عمران هذا ضعيف، وفي هذا الذي ذكره نظر، قال ابن حجر -بعدما نقل ما سبق-: "كتبت هذا لأني استنكرت هذا من عمران، ولا أعتقد صحة هذا الكلام عن مالك"، ثم ذكر أن الحديث روي عن مالك مرفوعًا وموقوفًا[31]؛ ولعله يشير بذلك إلى أن مالكًا كان يحدث به، ولم ينقل ما نقل عمران عنه أحدٌ من أصحابه الثقات.

يتلوه - إن شاء الله -: تتمة الروايات عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة - رضي الله عنها -.



[1] معرفة علوم الحديث (ص662).

[2] بوَّب الخطيب في الكفاية (ص415)، قال: "باب في قول التابعي عن الصحابي: "يرفع الحديث"، و: "ينميه"، و: "يبلغ به"، و: "رواية""، ثم قال (ص416): "كل هذه الألفاظ كنايةٌ عن رفع الصحابيِّ الحديثَ، وروايتِه إياه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يختلف أهل العلم أن الحكم في هذه الأخبار وفيما صُرِّح برفعه سواءٌ في وجوب القبول والتزام العمل"، وانظر: فتح المغيث (1/ 218، 219).

[3] ضعفاء العقيلي (3/ 79).

[4] المحدث الفاصل (ص410)، الكفاية (ص142، 145)، وقيد الإكثار لمن كان حديثه كثيرًا، ولا يختلف الأمر إن كان مقلاً، وفَعَلَ ذلك بقِلَّة، بل ربما كان ذلك أشدّ.

[5] مقدمة الصحيح (ص7).

[6] الجرح والتعديل (2/ 121).

[7] (8/ 66).

[8] التمهيد (17/ 236).

[9] انظر: تهذيب التهذيب (2/ 363، 364).

[10] قال الإمام أحمد -كما في تاريخ بغداد (14/ 140)-: "ما رأيت أحدًا أقل خطأً من يحيى بن سعيد، ولقد أخطأ في أحاديث".

[11] سنن الدارقطني (2/ 146).

[12] المجتبى، للنسائي (5/ 52)، والكبرى (2293).

[13] سنن أبي داود (1618).

[14] شرح مشكل الآثار (14/ 132).

[15] وقع في مستدرك الحاكم في روايته من طريق أحمد: "محمد بن بكر"، وهو تحريف؛ يصوَّب من إتحاف المهرة (18/ 108، 110).

[16] انظر: التاريخ الكبير (6/ 369)، الجرح والتعديل (6/ 259)، تهذيب الكمال (22/ 240).

[17] انظر: الجرح والتعديل (3/ 355)، تهذيب التهذيب (3/ 63، 64).

[18] انظر: تهذيب التهذيب (4/ 469، 470).

[19] انظر: لسان الميزان (2/ 344-346).

[20] لسان الميزان (4/ 173).

[21] انظر: سؤالات الحاكم للدارقطني (ص118)، تاريخ دمشق (22/ 364)، والموضع السابق من لسان الميزان.

[22] مختصر اختلاف العلماء (3/ 231).

[23] الاستذكار (11/ 184).

[24] نصَّ عليه أبو موسى المديني -في اللطائف (ص123)-.

[25] شرح مشكل الآثار (14/ 129، 130).

[26] شرح مشكل الآثار (14/ 130).

[27] احتجَّ بها الشيخ أبو الحسن السليماني في تنوير العينين بأحكام الأضاحي والعيدين (ص331).

[28] الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (11/ 591).

[29] انظر: علل الدارقطني (6/ 63، 14/ 425).

[30] تهذيب السنن، لابن القيم (7/ 346).

[31] تهذيب التهذيب (3/ 314).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حديث النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار للمضحي، رواية ودراية (1/6)
  • حديث النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار للمضحي، رواية ودراية (3/6)
  • حديث النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار للمضحي، رواية ودراية (4/ 6)
  • حديث النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار للمضحي، رواية ودراية (5/ 6)
  • حديث النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار للمضحي، رواية ودراية (6/ 6)
  • مباحث فقهية في تقليم الأظفار
  • خلاصة أقوال الفقهاء في حكم الأخذ من الشعر والظفر لمن أراد الأضحية
  • حديث النهي عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر

مختارات من الشبكة

  • شرح الحديث الخامس من أحاديث الأربعين النووية (حديث النهي عن البدع)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • شرح الحديث التاسع من الأربعين النووية (حديث النهي عن كثرة السؤال والتشدد)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة جزء من حديث أبي نصر العكبري ومن حديث أبي بكر النصيبي ومن حديث خيثمة الطرابلسي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • نقد النقد الحديثي المتجه إلى أحاديث صحيح الإمام البخاري: دراسة تأصيلية لعلم (نقد النقد الحديثي) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تخريج ودراسة تسعة أحاديث من جامع الترمذي من الحديث (2995) إلى الحديث (3005) (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة حديث عيسى ابن مريم وحديث الطير مع أبي بكر وحديث الضب مع النبي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه إلى سبع أرضين(مقالة - ملفات خاصة)
  • حراسة السنة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تخريج حديث النهي عن صفقتين في صفقة، وعن بيعتين في بيعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: النهي عن شراء ما في بطون الأنعام(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب