• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / العيد سنن وآداب / خطب
علامة باركود

خطبة عيد الفطر 1431 هـ

خطبة عيد الفطر 1431 هـ
د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/3/2025 ميلادي - 28/9/1446 هجري

الزيارات: 2952

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عيد الفطر 1431 هـ


الخطبة الأولى

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

الحمد لله أحلَّ الزينة لعباده ومن الرزق الطيباتِ، وجعلها خالصة يوم القيامة للمؤمنين والمؤمنات، أحمده سبحانه وأشكره، وأُثني على نعمه وآلائه، وأستزيده من جزيل العطايا والهبات.

 

سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ما هلَّ هلال وأدبر، والحمد لله ما صام صائم وأفطر، والحمد لله والله أكبر على ما سهَّل من طريق العبادة ويسَّر.

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، نبي الثقلين وسيد البشر، الشافع والمشفَّع في المحشَر، صلى الله وسلم وبارك عليه، ما حمِد عبدٌ ربَّه وهلَّل وكبَّر، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه الأخيار الميامين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليمًا؛ أما بعد:

 

فأوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، واشكروه على ما يسَّر لكم من النعم ظاهرة وباطنة.

 

أيها المسلمون:

إن يومكم هذا يوم عظيم وعيد مبارك، هو من محاسن الإسلام، أوجب الله عليكم فِطره، وحرَّم عليكم صومه، عاد هذا العيد لنعفو عمن ظلمنا، ونصلح ذات بيننا؛ لنفوز بالعز والأجر من ربنا قال تعالى: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 40]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله))؛ [أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه]، وقد تولى شهر الصيام والقرآن، وأقبل العيد الذي لا يشعر بفرحته إلا المؤمنون، الذين بادروا إلى امتثال أمر الله تعالى بصيام شهر رمضان، والعمل بما ندبهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قيام لياليه، فالمؤمنون اليوم فرِحون بفطرهم، وإذا لقُوا ربهم فرحوا بصومهم، لقد كان المؤمنون على مدى أيام ذلك الشهر الكريم ولياليه يسارعون ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]، صاموا أيامه وقاموا لياليه، يسارعون بذلك إلى مغفرة من ربهم، وهي الجنة التي سارع المؤمنون إليها؛ فقد جاء في وصفها آيات كثيرة من كتاب الله عز وجل، ترغِّب فيها وتدعو إليها؛ منها: قوله تعالى خطابًا للمؤمنين يوم القيامة: ﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الزخرف: 70، 71] وجاء فيها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخرجه البخاري في صحيحه، عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((موضعُ سَوطٍ في الجنة خير من الدنيا وما فيها)).

 

عباد الله، ضرب الله عز وجل لنا الأمثلة البالغة في كتابه الكريم لأُمم اتبعوا رجالاتهم على الباطل فضلُّوا وأضلوا، ومن ذلك قوم فرعون؛ كما قال تعالى عنهم: ﴿ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ﴾ [هود: 97]، وقال عنهم: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [النمل: 14]، وقال عن عبدالله بن أُبَيٍّ في قذف عائشة رضي الله عنها: ﴿ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 11].

 

أيها المسلمون:

إن اتخاذ الرأي والاستشارة فيه إنما يكون لأهل الحَل والعَقد؛ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر لما استشار صاحبيه أبي بكر وعمرَ في الأسرى.

 

ولا يمنع أن يُبدي الرأي من لم يستشَرْ، إذا عُلِم صدق نيته، وإصابة رأيه؛ كما فعل الحباب بن المنذر في اختيار مكان نزول المسلمين في بدر.

 

وليتذكر كل من نادى ودعا إلى أمر باطل قولَ النبي صلى الله عليه وسلم: ((من دعا إلى هدًى، كان له من الأجر مثل أجور من تبِعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبِعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا))؛ [رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].

 

وفي المقابل - عباد الله - ضرب الله لنا الأمثلة البالغة في كتابه الكريم لأُمم اتبعوا رجالاتهم على الحق فنجَوا ونجَوا معهم؛ ومن ذلك ما حكاه في قصة يونس: ﴿ فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ﴾ [يونس: 98].

 

وذكر ابن كثير رجوعَ بني زهرة في غزوة بدر لما نجا أبو سفيان بقافلته، قال الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي، وكان حليفًا لبني زهرة، وهم بالجُحفة: يا بني زهرة، قد نجَّى الله لكم أموالكم، وخلص لكم صاحبكم مخرمة بن نوفل، وإنما نفرتم لتمنعوه ومالَه، فاجعلوا لي جبنها وارجعوا؛ فإنه لا حاجة لكم بأن تخرجوا في غير ضيعة لا ما يقول هذا - يعني أبا جهل - فرجعوا، فلم يشهدها زهريٌّ واحد، أطاعوه، وكان فيهم مطاعًا.

 

والأمثلة في ذلك كثيرة.

 

ولا يمنع - أيها المؤمنون - أن يستنصح المسلم أخاه ولو كان في الرتبة أعلى؛ ومن ذلك لما وَلِيَ عمر بن عبدالعزيز الخلافةَ، كتب إلى الحسن أن يكتب إليه بصفة الإمام العادل؛ فكتب إليه الحسن رحمه الله: "اعلم - يا أمير المؤمنين - أن الله جعَل الإمام العادل قِوامَ كل مائل، وقصدَ كل جائر، وصلاح كل فاسد، وقوة كل ضعيف، ونَصَفة كل مظلوم، ومفزَع كل ملهوف، والإمام العادل - يا أمير المؤمنين - كالراعي الشفيق على إبله، الرفيق الذي يرتاد لها أطيب المرعى، ويذودها عن مراتع الهَلَكَةِ، ويحميها من السباع، ويكنفها من أذى الحرِّ والقَر، والإمام العادل - يا أمير المؤمنين - كالأب الحاني على ولده، يسعى لهم صغارًا، ويعلمهم كبارًا، يكتسب لهم في حياته، ويدَّخر لهم بعد مماته...".

 

أيها الناس:

إننا في يوم عيد والعيد موسم فرحٍ للصغار والكبار، والرجال والنساء، والعيد موسم صلة للأرحام، وزيارة الأقارب، وعطف على الفقراء ومواساة للبعيد عن أهله؛ وعن جبير بن نفير رضي الله عنه قال: ((كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقَوا يوم العيد، يقول بعضهم لبعض: تقبَّل الله منا ومنك))؛ [حسنه ابن حجر في الفتح].

 

أَلَا فليكنِ العيد منطلَقًا للتواصل والتراحم بينكم، وليكن هذا العيد بابًا لإزالة الشحناء والعداوات التي زرعها الشيطان بين الإخوة، وليكن العيد موسمًا من مواسم العطف والإحسان، وتصفية للقلوب التي امتلأت من الأحقاد والشرور.

 

إن من حِكَمِ الإسلام العظيمة وحدةَ المسلمين، وصفاء القلوب، وذلك باجتماعهم على أعظم العبادات؛ كالحج وصلاة الجمعة، ولكنْ هناك موسم سنوي، يدعو إلى التآخي، ويؤلِّف القلوب، ويُصفِّي النفوس، ويُجسِّد هذه المعاني؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن المؤمن للمؤمن كالبُنيان، يشُدُّ بعضه بعضًا، وشبَّك أصابعه))؛ [متفق عليه، من حديث أبي موسى رضي الله عنه].

 

ولنتمثل قول القائل:

تعالَوا بنا نطوي الحديث الذي جرى
ولا سمِع الواشي بذاك ولا درى
لقد طال شرح القيل والقال بيننا
وحتى كأن العهد لم يتغيرا
تعالوا بنا حتى نعود إلى الرضا
وما طال ذاك الشرح إلا ليقصرا
من اليوم تاريخ المحبة بيننا
عفا الله عن ذاك العتاب الذي جرى

 

فالعيد لمن حسُنت نيته وطهُرت طوِيَّته، والعيد لمن تذوق حلاوة الطاعة ولذيذ المناجاة.

 

أما الصفح والتسامح، فيظن بعض الناس أن الصلح هزيمة ومَذلة، وللآخر انتصار وعزة؛ ونسِيَ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا))؛ [رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].

 

قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الشيطان قد أيِس أن يعبده الْمُصلُّون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم))؛ [رواه مسلم، من حديث جابر رضي الله عنه].

 

قال صلى الله عليه وسلم: ((من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله، فقد استكمل الإيمان))؛ [رواه أبو داود، من حديث أبي أمامة، وصححه الألباني].

 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من هجر أخاه سنةً، فهو كسفك دمه))؛ [أخرجه البخاري في الأدب المفرد، عن أبي خراش حدرد بن أبي حدرد الأسلمي رضي الله عنه].

 

فهيا - معشر المسلمين - إلى التلاحم والصفاء، هلمُّوا إلى هجر القطيعة وترك الضغينة، والتمسك الإخاء والنقاء، هلموا إلى سلامة الصدر وطهارة القلب؛ فإنها من أفضل الأخلاق روعة وحسنًا، وأدعاها إلى ثبات الود والصفاء، ودوام العهد على الوفاء، وهي سلامة في العواقب وزيادة في المناقب، راحة في البال وأنس في الحال، انشراح في الصدر وطِيب في العيش، وفوق ذلك كله تُدخل صاحبها الجنة بإذن صاحب المنة؛ ولذا كانت قليلة في الناس، عظيمة عند الله؛ ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].

 

فأين المتهاجرون إذا أراد الناس الإصلاح بينهم، أو أراد واحد منهم الإصلاح، كان الطرف الآخر رافضًا كل المحاولات، رادًّا كل الأطراف، حتى أصحاب العلم والفضل وكبار السن؟ يظن أن الصلح هزيمة ومذلة، وللآخر انتصار وعزة؛ ونسِيَ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحِل لمسلم أن يهجُر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيُعرض هذا، ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام))؛ [رواه مسلم، من حديث أبي أيوب رضي الله عنه].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((من هجر أخاه فوق ثلاث، فهو في النار، إلا أن يتداركه الله بكرامته))؛ [رواه الطبراني، من حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه، وحسنه الألباني].

 

فكيف بالمتهاجرين سنواتٍ، وربما يُفرقهم الموت وهم متهاجرون؟ فكيف الجواب عما حرم الله يوم العرض على الله؟

 

ينبغي على كل واحد من المتهاجرين أن يكون لسان حاله: يا هذا، لا تُفرِّط في شتمنا، ولا تُغرق في هجرنا، وأبقِ ودَع وخلِّ للصلح موضعًا؛ فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه.

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

يقول بعض السلف: كل يوم يمر عليك لم تعصِ الله فيه، فهو عيد، وليس العيد لمن لبِس الجديد ولمن تفاخر بالعدد والعديد، إنما العيد لمن خاف يوم الوعيد، واتقى ذا العرش المجيد.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه كان غفارًا.

 

الخطبة الثانية

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

فإنكم - أيها الإخوة المسلمون - قد ودَّعتم بالأمس شهر رمضان، واستقبلتم اليوم العيدَ، فلا تودعوا بوداعكم شهر رمضان الصيامَ وقيام الليل، وقراءة القرآن، والإحسان والبر، وسائر أعمال الخير، لا تودعوا هذه الأعمال بوداعكم لهذا الشهر الكريم، واعلموا أن وراءكم صيامَ أيامٍ، قال فيهن النبي صلى الله عليه وسلم ما يقتضي أنها لو أُضيفت إلى شهر رمضان، عدَلت صيام الدهر كله؛ قال فيما أخرجه مسلم في صحيحه، عن أبي أيوب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان، ثم أتْبَعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر))، واجعلوا من قيامكم ليالي شهر رمضان توطئةً لتعوُّدكم على قيام الليالي في بقية الشهور، واجعلوا من قراءتكم لكتاب الله تعالى صباحًا ومساءً منطلَقًا للعزم على دوام تلاوته، وتدبره وفهمه، والعمل به، واجعلوا من اعتيادكم الإحسان والبر سببًا لاستدامة سائر أعمال الخير التي كنتم عليها حريصين، داوموا على ما تعودتم عليه في هذا الشهر الكريم، واعزموا على توبة نصوح لا عودة بعدها أبدًا إلى الضلال والمعاصي، واتقوا الله وراقبوه في سركم وعلانيتكم؛ فإن ربكم الذي أقبلتم على طاعته في شهر رمضان حريٌّ أن يُتَّقى ويُستغفر، وأن يُناب إليه، وأن يُحب وأن يُقبَل عليه في سائر العمر، لا في شهر رمضان فحسب.

 

وأما العيد الذي استقبلتموه، فتواصلوا فيه، وتزاوروا وتراحموا وتصالحوا، وأَولَى الناس منكم بالتواصل والتزاور أولو الأرحام؛ كما أخرج البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من أحب أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره، فَلْيَصِلْ رَحِمَه))، من أراد أن يُبسط له في الرزق، ويُوسَّع عليه، وأن يُبارَك له في عمره وأجَله، فليصل رحمه.

 

ورتَّب عليه الشرع صلاح الأسر وتقوية العلاقات؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الرَّحِم معلَّقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله))؛ [متفق عليه].

 

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: ((أوصاني خليلي ألَّا تأخذني في الله لومة لائمٍ، وأوصاني بصِلة الرحم وإن أدبرَت)).

 

معاشر النساء، هنيئًا لكُنَّ حضور هذا المشهد العظيم، واستجابتكن لأمر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في شهود الخير ودعوة المسلمين، فاتقين الله ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ [الأحزاب: 33]، أقِمْنَ الصلاة، آتين الزكاة، أطِعْنَ الله ورسوله، أطعن أزواجكن بالمعروف، كنَّ من الصالحات القانتات، وتذكرن في يوم أعيادكن قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألَا وطِيب الرجال ريح لا لون له، ألَا وطِيب النساء لون لا ريح له))؛ [رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، من حديث عمران بن حصين، وصححه الألباني].

 

هذه - عباد الله - شمس العيد قد أشرقت، فلتُشرِق معها شِفاهكم بصدق البسمة، وقلوبكم بصفاء البهجة، ونفوسكم بالمودة والمحبة، جدِّدوا أواصر الحب بين الأصدقاء، والتراحم بين الأقرباء، في العيد تتقارب القلوب على الود، وتجتمع على الأُلفة، ويتناسى ذوو النفوس الطيبة أضغانهم، فيجتمعون بعد افتراق، ويتصافحون بعد انقباض، ويتصافون بعد كَدَرٍ، فتكون الصِّلات الاجتماعية أقوى ما تكون حبًّا ووفاء وإخاءً.

 

ألَا وصلوا - عباد الله - على رسول الهدى؛ فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين وأذلَّ الشرك والمشركين.

وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي.

وأسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام.

وأن يوفِّقنا فيما نأتي وندَع من الأمور.

وأن يرزقنا الإخلاص في جميع الأمور من الأقوال والأفعال، والأحوال والأعمال.

وأسأله عز وجل أن يُصلح أئمتنا وولاة أمورنا.

وأن يشفي مرضانا ويرحم موتانا.

وأن يصلح أحوالنا ويربط على قلوبنا.

وأن يختم بالباقيات الصالحات أعمالنا.

اللهم اجعل يومنا هذا يومَ بركة وخير.

اللهم اجعل يومنا هذا يوم قُربٍ منك وطاعة.

 

اللهم إنا نسألك من خير هذا اليوم وخير ما فيه وخير ما بعده، نسألك فتحه ونصره، ونوره وبركته وهُداه، ونعوذ بك من شر ما في هذا اليوم وشر ما بعده.

 

اللهم لا تصرفنا من هذا المقام المبارك إلا بذنب مغفور، وسعي مشكور، وتجارة لن تبور، برحمتك يا عزيز يا غفور.


اللهم اجعلنا مفاتيحَ للخير، مغاليق للشر، يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهم أصلح فساد قلوبنا، وارزقنا حسن النية، وسلامة الطَّوِيَّة.

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182]، وصلِّ اللهم وبارك وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الفطر 1442 هـ
  • خطبة عيد الفطر 1443هـ
  • خطبة عيد الفطر المبارك 1444هـ
  • خطبة عيد الفطر المبارك 1445 هـ
  • خطبة عيد الفطر 1445هـ: احفظوا ذخيرة التقوى
  • خطبة عيد الفطر 1445 هـ
  • خطبة عيد الفطر 1445هـ
  • خطبة عيد الفطر المبارك 1446 هـ الأعياد بين الأفراح والأحزان
  • خطبة عيد الفطر 1446 هـ
  • خطبة عيد الفطر
  • خطبة عيد الفطر (2)
  • خطبة عيد الفطر المبارك لعام 1446هـ

مختارات من الشبكة

  • التهنئة بالعيد يوم العيد (بعد الفجر وبعد صلاة العيد لا قبل يوم العيد)(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • خطبة عيد الفطر السعيد (1445 هـ) معنى الفرح بالعيد، وإسداء النصح للعبيد(مقالة - ملفات خاصة)
  • بالطاعات تكتمل بهجة الأعياد (خطبة عيد الفطر المبارك 1442 هـ)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • فرحة العيد - خطبة عيد الفطر المبارك 1439 هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر المبارك 1435 هــ ( عيد ميلاد وبناء )(مقالة - ملفات خاصة)
  • (هذا العيد يخاطبكم) خطبة عيد الأضحى 1444 هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى 1443 هـ (العيد وصلة الأرحام)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • (لمن فرحة العيد؟) خطبة عيد الأضحى 1442 هـ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الابتعاد عن البدع والمنكرات التي انتشرت في الأعياد(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر 1444 (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب