• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

لعلكم تتقون (خطبة)

لعلكم تتقون (خطبة)
رمضان صالح العجرمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/3/2025 ميلادي - 14/9/1446 هجري

الزيارات: 5798

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾


1- أهمية التقوى.

2- معنى التقوى وحقيقتها.

3- ثمرات وسعادة أهل التقوى.

4- كيف نكون من أهلها؟

 

الهدف من الخطبة:

التذكير بأهمية وثمرات التقوى، وكيف السبيل لنكون من أهلها، لا سيما ونحن في شهر رمضان، والمسلم يمارسها واقعًا عمليًّا طوال الشهر الكريم.

 

مقدمة ومدخل للموضوع:

أيها المسلمون عباد الله، قد جعل الله تعالى الثمرةَ العظيمة والمرجوَّة من العبادات والطاعات، أن يتحصل العبد على التقوى؛ كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

 

وبالتقوى بدأ الله تعالى آيات الصيام الخمس في سورة البقرة، وبها أيضًا اختتم الآيات الخمس؛ فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، وقال تعالى في ختام آيات الصيام: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187]، وفي ذلك إشارة إلى أنه من أعظم مقاصد الصيام تحقيقُ التقوى.

 

ولقد وصَّى الله تعالى بها الأولين والآخرين؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131]، وفي القرآن الكريم أكثر من سبعين مرة يأمرنا سبحانه وتعالى؛ قائلًا: ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [البقرة: 278]، وقد وردت كلمة التقوى ومشتقاتها فيما يقرب من 240 موضعًا، وهذا يدل على قيمة التقوى، ومدى اهتمام القرآن الكريم بها.

 

ووصى بها رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم؛ كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [الأحزاب: 1].

 

والتقوى هي وصية الأنبياء والمرسلين لأقوامهم؛ كما قال تعالى: ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾ [الشعراء: 105 - 108]، ﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [الشعراء: 123، 124]، ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [الشعراء: 141، 142]، ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [الشعراء: 160، 161].

 

ووصَّى النبي صلى الله عليه وسلم الأمةَ جميعًا بالتقوى؛ فعن أبي نجيح العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: ((وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظةً وجِلت منها القلوبُ، وذرَفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظةُ مودِّعٍ فأوصِنا، قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن تأمَّر عليكم عبدٌ، فإنه من يعِش منكم، فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسُنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثاتِ الأمور؛ فإن كل بدعة ضلالة))؛ [رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وصححه الألباني].

 

ووصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم خواصَّ أصحابه؛ فعن أبي ذر، ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اتَّقِ الله حيثما كنت، وأتْبِعِ السيئة الحسنة تمحُها، وخالقِ الناس بخلق حسن))؛ [رواه الترمذي].

 

والتقوى هي أجمل لِباس يتزين به العبد؛ كما قال الله تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ [الأعراف: 26].

 

والتقوى هي أفضل زادٍ يتزود به العبد؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].

 

والتقوى خير ميراثٍ يتركه العبد بعد موته؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [النساء: 9].

 

إنها التقوى، تلك المكانة السامية، والدرجة العالية، والمنزلة الرفيعة؛ فإن المتقين هم خواصُّ الله تعالى في الأرض، وفي شهر رمضان تقوَى الإرادة، وتشتد العزيمة، وتزكو النفوس بالطاعات، وتتهذب بالتلاوات، وترِق القلوب بالإحسان، فتُزرع فيها التقوى بإذن الله تعالى.

 

الوقفة الثانية: ما هي التقوى؟ وما هو أصل التقوى؟

 

التقوى: عرَّفها علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: "هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل".

 

وعرَّفها طلق بن حبيب رحمه الله بقوله: "التقوى: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله".

 

وقال ابن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى: ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾ [آل عمران: 102]؛ قال: "تقوى الله: أن يُطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر".

 

ووصى بها عمر بن عبدالعزيز رحمه الله وقال: "عليكم بتقوى الله التي لا يقبل غيرها، ولا يرحم إلا أهلها، ولا يُثيب إلا عليها".

 

ولقد بيَّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن أصل التقوى إنما هو شيء كامن في قلب المؤمن؛ كما في الحديث الصحيح: ((التقوى ها هنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات)).

 

والخلاصة: فإن التقوى خوف يملأ قلب العبد من الله تعالى، وهذا الخوف يردعه ردعًا عن فعل الذنوب والمعاصي خوفًا من الله تعالى، ويدفعه دفعًا إلى طاعة الله تعالى رجاءَ الثواب من عند الله تعالى؛ فكأنك وضعت بينك وبين ما تخشاه من عقاب الله تعالى وقايةً تقِي نفسك بها.

 

الوقفة الثالثة: ثمرات وسعادة أهل التقوى:

1- يكفي أهل التقوى أنهم هم الذين ينتفعون بما في القرآن من الهدى والبينات؛ كما قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ [البقرة: 2 - 4]، وقال تعالى: ﴿ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 66]، وقال تعالى: ﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 138].

 

2- ويكفي أهل التقوى أنهم هم الذين تُقبل منهم أعمالهم؛ فإذا صلى، إذا صام، إذا تصدق، إذا قام بأي عمل يتقرب به إلى الله تعالى، فإنه يُقبل منه ولا يُرد؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27].

 

قال أحد السلف: "لَحرف في كتاب الله أُعطاه أحب إليَّ من الدنيا جميعًا، فقيل له: وما ذاك؟! قال: أن يجعلني الله من المتقين؛ فإنه قال: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27]".

 

وأما غير المتقين، فيُقال لهم: ﴿ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 53].

 

3- أهل التقوى تتنزل عليهم البركات من السماء، وتخرج لهم البركات من الأرض؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].

 

4- أهل التقوى هم خاصة الله وأولياؤه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين يبشرهم الله تعالى بالبُشريات في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 62، 63].

 

5- ويكف أهل التقوى شرفًا أنَّ الله تعالى لا يتخلى عنهم؛ فإن كانوا في شدة، أو كانوا في كرب، أو كانوا في ضيق، كان الله معهم يجعل لهم من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128].

 

6- بل إن أهل التقوى يقذف الله تعالى في قلوبهم نورًا، فيكونون سبَّاقين إلى العلم حريصين عليه؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 282]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 28].

 

7- أهل التقوى فائزون في الدنيا والآخرة، ويكفيهم شرفًا ومنزلة أنهم يُحشرون يوم القيامة رُكبانًا على نجائبَ من الجنة؛ كما قال تعالى: ﴿ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا ﴾ [مريم: 85]، وقال تعالى: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ [الزمر: 73].

 

8- وأعظم شرف يناله أهل التقوى نجاتهم يوم القيامة عند المرور على الصراط فوق متن جهنم؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ [مريم: 71، 72]، وقال تعالى: ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزمر: 61].

 

ثم الفوز العظيم بالجنة والغرف العالية التي أعدها الله تعالى لعباده المتقين؛ قال تعالى: ﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ﴾ [مريم: 63]، وقال تعالى: ﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ﴾ [الزمر: 20]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 15]، وقال تعالى: ﴿ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ ﴾ [النحل: 30، 31].

 

هذه هي التقوى، وهذه هي ثمراتها؛ فكيف نكون من أهلها؟ هذا ما نتعرف عليه في وقفتنا الثانية.

 

نسأل الله العظيم أن يجعلنا من عباده المتقين.

 

الخطبة الثانية

كيف نكون من أهل التقوى؟

 

اعلم - رحمك الله - أن مما يُعين العبد على التقوى:

1- سؤال الله تعالى: النبي صلى الله عليه وسلم كان يسألها في دعائه؛ فعن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((اللهم إني أسألك الهدى، والتُّقى، والعَفاف، والغِنى))؛ [رواه مسلم].

 

2- التفكر في أمر الدنيا والآخرة، ومعرفة قدر كل منهما؛ فإن هذه المعرفة لا بد أن تقود الإنسان إلى السعي إلى الفوز في الآخرة بنعيم الجنان، والنجاة من النار؛ ولذلك أخبرنا الله تعالى عن الجنة أنها: ﴿ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾ [الحجر: 45]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

 

3- ومما يزيد التقوى في القلوب اجتهادُ الإنسان في طاعة الله تعالى؛ فإن الله يكافئه على ذلك بزيادة الهداية والتقوى؛ كما قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [محمد: 17].

 

4- الحرص على الصيام والإكثار منه؛ فإن الله تعالى جعل فيه خاصية تُعين العبد على الطاعات وتُحببها إليه؛ ولذلك قال الله تعالى عن علة فرض الصيام: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

 

ولو تأملت لوجدت أن الصيام يحقق التقوى بأمور عديدة، وفي صورٍ كثيرة؛ منها:

أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع، ونحوها مما تميل إليها نفسه؛ متقربًا بذلك إلى الله، راجيًا بتركها ثوابه؛ وهذا من التقوى.

 

ومنها: أنه بالصيام تضِيق مجاري الشيطان؛ فيكون أقرب إلى التقوى.

 

ومنها: أن الصائم في الغالب تكثر طاعته؛ والطاعات من خصال التقوى.

 

ومنها: أنه بالصوم يترك غضبه ويذكِّر نفسه وغيره: "اللهم إني صائم"، فيترك الغضب وما تبعه؛ فيسلم ويسلم الناس منه؛ وهذا نوع من التقوى ومظهر من مظاهرها.

 

ولذلك أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم وأكد وصيته، وأخبر بأنه لا مثل له؛ فعن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: ((قلت: يا رسول الله، مُرني بعمل، قال: عليك بالصوم؛ فإنه لا عدل له))؛ [رواه أحمد، وصححه الألباني].

 

5- التخلُّق بأخلاق وصفات المتقين التي ذكرها الله تعالى في كتابه؛ قال الله تعالى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]، وقال تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 133 - 136].

 

6- التمسك بهَدْيِ النبي صلى الله عليه وسلم والابتعاد عن البدع المحدَثة في الدين؛ قال الله تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153].

 

7- الابتعاد عن حرمات الله تعالى؛ قال تعالى: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187].

 

8- التفكر في آيات الله الشرعية والكونية؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 6]، وقال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا ﴾ [طه: 113].

 

9- الإكثار من ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن الكريم.

 

10- مصاحبة أهل الخير الذين ينصحون ويذكِّرون، ومجانبة أهل الشر والبدعة.

 

نسأل الله العظيم أن يجعلنا من عباده المتقين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كتب عليكم الصيام لعلكم تتقون (خطبة)
  • لعلكم تتقون (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • {ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لعلكم تتقون(مقالة - ملفات خاصة)
  • تفسير آية: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لعلكم تتقون(مقالة - موقع د. أحمد البراء الأميري)
  • لعلكم تتقون(مقالة - ملفات خاصة)
  • صوموا لعلكم تتقون(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب