• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / دروس رمضانية
علامة باركود

الدرس التاسع والعشرون: ثمرات الإيمان بالله في الحياة الدنيا

الدرس التاسع والعشرون: ثمرات الإيمان بالله في الحياة الدنيا
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/4/2024 ميلادي - 14/10/1445 هجري

الزيارات: 4743

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الدرس التاسع والعشرون: ثمرات الإيمان بالله في الحياة الدنيا

 

الحمد لله الحكيم الرؤوف الرحيم، الذي لا تخيب لديه الآمال، يعلَم ما أضمَر العبد من السر وما أخفى منه ما لم يخطر ببالٍ، ويسمع همسَ الأصوات، وحسَّ دهس الخطوات في وعس الرمال، ويرى حركة الذرِّ في جانب البر وما درَج في البحر عند تلاطُم الأمواج وتراكم الأهوال، أفلا يستحيي العبد الحقير من مبارزة الملك الكبير بقبيح الأفعال، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو علي كل شيء قدير.

 

الكل تحت قهره ونظره في جميع الأحوال، فتبارك مَن وفَّق من شاء لخدمته، فشتان ما بين رجال ورجال.

 

عبد الله، يا مسكين:

يا غافلًا والجليل يحرسُه
من كل سوء يَدِبُّ في الظلم
كيف تنام العيون عن ملك
تأتيه منه فوائدُ النعم

 

وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، أما بعد: فحيَّاكم الله أيها الأخوة الأفاضل، وطبتُم وطاب ممشاكم، وتبوأتم جميعًا من الجنة منزلًا، وأسأل الله الحليم الكريم جل وعلا الذي جمعني مع حضراتكم في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار مقامته، إنه ولى ذلك والقادر عليه.

 

أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم، نعيش اليوم مع الإيمان بالملك الديان لنتعرف على ثمراته على الفرد والمجتمع في الدنيا، في زمان هاجت فيه رياح الشبهات، وتلاطمت فيه أمواج الفتن التي تموج موج البحار العاتية، في زمان أضحى أهل الحق بحاجة ماسة إلى التعرف على دينهم والرجوع إلى مصدر عزهم ومجدهم.

 

هيَّا هيَّا عباد الله لنشنف الآذان بثمرات الإيمان، للإيمان ثمار يانعة، ونتائج طيبة، يجنيها المؤمن في الحياة الدنيا، ومن أهم هذه الثمار:

الثمرة الأولى الهداية للحق:

إخوة الإيمان، في وسط ظلمة الإلحاد والعلمنة التي تبثها الشبكات والفضائيات، تلك السموم القاتلة، يحتاج المسلم أن يسلك سبيل المؤمنين، فلا يجد ذلك السبيل إلا في الركوب في سفينة الإيمان، فهي العاصم من القواصم؛ قال الله تعالى: ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الحج: 54]، فأهل الإيمان هم أحق الناس بهداية الله - عز وجل - وهذه الثمرة (أعني الهداية) من أعظم وأجل الثمار التي يجنيها المؤمن في هذه الحياة، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ ﴾ [يونس: 9]، وقال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ [التغابن: 11].

 

ذكر الشوكاني - رحمه الله - في تفسيره: "هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم"[1].

 

الثمرة الثانية الحياة الطيبة:

إخوة الإيمان، الحياة الطيبة التي طابت بذكره - سبحانه وتعالى - فما طابت الحياة إلا بذكره، والتي طابت بشكره - جل في علاه - الحياة الطيبة يجدها الإنسان حتى ولو كان في أحلك الظروف وأصعبها، الحياة طيبة وإن كان المسلم فقيرًا محتاجًّا؛ قال الله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَو أُنْثَى وَهُو مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل:97}، ففي الآية شرط وجواب، فشرط الحياة الطيبة لكل ذكر وأنثى هو الإيمان والعمل الصالح.

إن السعادة أن تعيشَ
لفكرة الحق التليدِ
لعقيدة كبرى تَحل
قضيةَ الكون العتيدِ
هذي العقيدة للسعيد
هي الأساس هي العمودُ
من عاش يحملها ويَهتف
باسمها فهو السعيدُ

 

عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا"[2].

 

وجدها بلال بن رباح - رضي الله عنه - وهو تحت وطأة العذاب، ومن قبله وجدتها امرأة فرعون وهي تحت أشعة الشمس المحرقة.

 

• الحياة الطيبة تحرير للنَّفس من قيود المادَّة وأغلال الشهوات، ثم تسبيحها في ملكوت الأرض والسماوات.

 

• الحياة الطيبة سموُّ الإنسان عن حاجات جسده الفاني دون أن يهملها، والاستجابة لحاجات نفسه الخالدة دون أن ينسى حقوقَ الآخرين.

 

• الحياة الطيبة لا تتراجع بتراجُع صحَّة الجسد، ولكنها تتزايد بتزايد إقبال النفس على ربها.

 

• الحياة الطيبة لا تنتهي بموت بل تبلغ أوجهًا به.

 

•الحياة الطيبة لا تضمنها أعراضٌ زائلة كالمال والسلطان، ولكن يَضمنها ربٌّ كريم، ومن بيده مقاليد السماوات والأرض والناس أجمعين[3].

 

قال أحد الصالحين: والله أنا في سعادة لو علمها أبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف!

 

عن أشعث بن شعبة المصيصي قال: قدم الرشيد الرقة، فانجفل الناس خلف ابن المبارك، وتقطعت النعال، وارتفعت الغبرة، فأشرفت أم ولد للخليفة، فقالت: هذا والله الملك لا ملك هارون الذي لا يجمع الناس إلا بشرط وأعوان..[4].

 

قال ابن القيم - يصف حال شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو يتنقل في أصناف من البلاء والاختبار -: قال لي مرة - يعني: شيخ الإسلام -: ما يصنع أعدائي بي؟! أنا جنتي وبستاني في صدري، أنَّى رحت فهي معي لا تفارقني، إنَّ حبْسي خلوة، وقتْلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة".

 

وكان يقول في محبسه في القلعة: "لو بذلت ملء هذه القلعة ذهبًا ما عدل عندي شكر هذه النعمة"، أو قال: "ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير "، ونحو هذا، وكان يقول في سجوده وهو محبوس: "اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ما شاء الله، وقال لي مرة: "المحبوس من حُبس قلبه عن ربه تعالى، والمأسور من أسره هواه"، ولما دخل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه، وقال: ﴿ فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ﴾ [الحديد: 13][5].

 

قيل لأعرابي كيف تصنع بالبادية إذا انتصف النهار وانتقل كلُّ شيء ظله، فقال: وهل العيش إلا ذاك يمشى أحدنا ميلًا فيرفض عرقًا كأنه الجمان، ثم ينصب عصاه ويلقى عليها كساءه، وتميل عليه الريح من كل جانب، فكأنه في إيوان كسرى[6].

 

الثمرة الثالثة الولاية:

أحبتي في الله، من ثمرات الإيمان بالملك الديان الولاية الخاصة، وهي ولاية النصر والتمكين؛ قال تعالى: ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [البقرة:256]، وقال الله تعالى: ﴿ وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [المائدة:56].

 

وتلك الولاية لها أثرها في حياة الفرد والمجتمع، فالولاية منبعها الإيمان بالله تعالى، وتأملوا آثار تلك الولاية:

الإخراج من الظلمات إلى النور؛ قال الله تعالى: ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 257]، اجتماع القلب والثبات على الصراط المستقيم؛ قال الله تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 153].

 

محبة الله تعالى لأوليائه: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ»؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ[7].

 

عدم الخوف والحزن؛ قال الله تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخرة ﴾ [يُونُسَ: 62 – 64].

 

عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مِنْ عِبَادِ الله عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ، يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ"، قِيلَ: مَنْ هُمْ؟، لَعَلَّنا نُحِبُّهُمْ، قَالَ: "هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِنُورِ الله مِنْ غَيْرِ أَرْحَامٍ وَلاَ أَنْسَابٍ، وُجُوهُهُمْ نُورٌ، عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، لاَ يَخَافُونَ إذَا خَافَ النَّاسُ، وَلا، يَحْزَنُونَ إذَا حَزِنَ النَّاسُ. ثُمَّ قَرأ: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [يونس: 62]»[8].

 

الثمرة الرابعة: الرزق الطيب:

في زمان يشتكي كثيرٌ من الناس الغلاء وارتفاع الأسعار وقلة البركة، ولو تأملنا ما نحن فيه لوجدنا أن ذلك بسبب ذنوبنا، وأننا ابتعدنا عن شجرة الإيمان؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَو أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف:96]؛ يقول الإمام الشوكاني - رحمه الله تعالى -: ﴿ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾؛ أي: يسَّرنا لهم خير السماء والأرض، كما يحصُل التيسير للأبواب المغلقة بفتح أبوابها، قيل المراد بخير السماء: المطر، وخير الأرض النبات، والأولى حملُ ما في الآية على ما هو أعم من ذلك..."[9].

 

✍ الثمرة الخامسة: العزة:

معاشر الموحدين: إن من ثمرات الإيمان بالله تعالى أنه يورث العبد العزة والرفعة في الدنيا والآخرة قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون:8].

 

الاعتقاد الجازم والإيمان اليقينيُّ بأنَّ الله تعالى هو العزيز الذي لا يَغْلِبه شيء، وأنَّه هو مصدر العِزَّة وواهبها. قال تعالى: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران: 26]، فلا نصر إلَّا به، ولا استئناس إلَّا معه، ولا نجاح إلَّا بتوفيقه.

 

قال ابن القيِّم: (العِزَّة والعُلُوُّ إنَّما هما لأهل الإيمان الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، وهو عِلمٌ وعملٌ وحالٌ؛ قال تعالى: ﴿ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139]، فللعبد من العُلُوِّ بحسب ما معه من الإيمان، وقال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون: 8]، فله من العِزَّة بحسب ما معه من الإيمان وحقائقه، فإذا فاته حظٌّ من العُلُوِّ والعِزَّة، ففي مُقَابَلة ما فاته من حقائق الإيمان، علمًا وعملًا، ظاهرًا وباطنًا)[10].

 

عن طارق بن شهاب رضي الله عنه، قال: "خرج عمرُ بن الخطاب إلى الشام ومعنا أبو عبيدة بن الجراح، فأتوا على مخاضة، وعمر على ناقة له، فنزل عنها وخلع خفيه، فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته، فخاض بها المخاضة، فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين، أنت تفعل هذا؛ تخلع خفيك وتضعهما على عاتقك، وتأخذ بزمام ناقتك وتخوض بها المخاضة؟ ما يسرُّني أن أهل البلد استشرفوك، فقال عمر: أَوَّهْ، لو يقول ذا غيرُك أبا عبيدة جعلته نكالًا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، إنا كنا أذلَّ قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلُب العز بغير ما أعزَّنا الله به، أذلنا الله"[11].

 

دخَل إبراهيم باشا بن محمد علي حاكم مصر المسجدَ الأموي في وقت كان فيه عالم الشام الشيخ سعيد الحلبي يُلقي درسًا في المصلين، ومرَّ إبراهيم باشا من جانب الشيخ، وكان مادًّا رِجله، فلم يحرِّكها، ولم يُبدل جلسته، فاستاء إبراهيم باشا، واغتاظ غيظًا شديدًا، وخرج من المسجد، وقد أضمر في نفسه شرًّا بالشيخ، وما أن وصل قصره حتى حف به المنافقون من كل جانب، يزيِّنون له الفتك بالشيخ الذي تحدى جبروتَه وسلطانه، وما زالوا يؤلِّبونه حتى أمر بإحضار الشيخ مكبَّلًا بالسلاسل، وما كاد الجند يتحركون لجلب الشيخ حتى عاد إبراهيم باشا فغيَّر رأيه، فقد كان يعلم أن أي إساءة للشيخ ستفتح له أبوابًا من المشاكل لا قِبَل له بإغلاقها، وهداه تفكيره إلى طريقة أخرى ينتقم بها من الشيخ طريقة الإغراء بالمال، فإذا قبِله الشيخ ضمن ولاءه، وسقطت هيبته في نفوس المسلمين، فلا يبقى له تأثيرٌ عليهم، وأسرع إبراهيم باشا فأرسل إلى الشيخ ألف ليرة ذهبية، وهو مبلغ يسيل له اللعاب في تلك الأيام، وطلب مِن وزيره أن يعطيَ المال للشيخ على مرأى ومسمع مِن تلامذته ومريديه، وانطلق الوزير بالمال إلى المسجد، واقترب مِن الشيخ وهو يلقي درسه، فألقى السلام، وقال للشيخ بصوت عالٍ سمعه كل مَن حول الشيخ: هذه ألف ليرة ذهبية يرى مولانا الباشا أن تستعين بها على أمرك، ونظر الشيخ نظرة إشفاق نحو الوزير، وقال له بهدوء وسكينة: يا بني، عُدْ بنقود سيدك ورُدَّها إليه، وقل له: (إن الذي يمد رِجْله، لا يمد يدَه)[12].



[1] [فتح القدير للشوكاني، ج: 5/231].

[2] أخرجه البخاري في الأدب المفرد (1/112 ، رقم 300).

[3] رابط الموضوع: ما هي الحياة الطيبة؟

[4] تاريخ الإسلام للإمام الذهبي (12/ 232).

[5] الوابل الصيب (ص: 67).

[6] قطوف وكلمات (ص: 16).

[7] أخرجه البخاري "6502" في الرقاق: باب التواضع.

[8] إسناده صحيح، وهو في صحيح ابن حبان برقم (573).

[9] تفسير فتح القدير ـ (2/ 228).

[10] إغاثة اللهفان (2/ 181)

[11] الحاكم في المستدرك (1: 62) وصححه ووافقه الذهبي.

[12] موسوعة القصص المنبرية للشيخ السيد مراد سلامة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الدرس الأول: ثمرات الصوم (1)
  • الدرس الثاني: فوائد صوم رمضان (2)
  • الدرس الثالث: ثمرات قيام الليل العشر (1)
  • الدرس الرابع: ثمرات قيام الليل(2)
  • الدرس الخامس: الفوائد العشرية لقراءة كتاب رب البرية (1)
  • الدرس السادس: الفوائد العشرية لقراءة كتاب رب البرية (2)
  • الدرس السابع: ثمرات الاتباع العشر
  • الدرس الثامن: تابع ثمرات الاتباع
  • الدرس التاسع: الإيثار خلق النبي المختار صلى الله عليه وسلم
  • الدرس العاشر: التقوى غاية الغايات
  • الدرس الحادي عشر: وسائل الثبات على الإيمان
  • الدرس الثاني عشر: تابع وسائل الثبات على الإيمان
  • الدرس الثالث عشر أسباب: الثبات على المصائب
  • الدرس الرابع عشر: الثبات عند الممات
  • الدرس الخامس عشر: وسائل الثبات أمام الشهوات
  • الدرس السادس عشر: لماذا نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • الدرس السابع عشر: منافع ذكر الموت
  • الدرس الثامن عشر: طبقات الناس في كراهية الموت
  • الدرس التاسع عشر: يا عبد الله ماذا تقول لربك غدا؟
  • الدرس العشرون: أسباب سوء الخاتمة
  • الدرس الحادي والعشرون: عقوبات أكل الميراث
  • الدرس الثاني والعشرون: علاج قسوة القلب
  • الدرس الثالث والعشرون: لماذا يتمنى الميت الصدقة؟
  • الدرس الرابع والعشرون: التحذير من اللامبالاة بالكلمة وأثرها
  • الدرس الخامس والعشرون: موانع قبول العمل العشر
  • الدرس السادس والعشرون: تابع موانع قبول الأعمال
  • الدرس السابع والعشرون: موجبات النجاة العشرة من أهوال يوم القيامة
  • الدرس الثامن العشرون: تابع موجبات النجاة العشرة من أهوال يوم القيامة
  • الدرس الثلاثون: تابع ثمرات الإيمان في الدنيا

مختارات من الشبكة

  • التمهيد للدرس: أهدافه، شروطه، طرقه(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • شرح كتاب الدروس المهمة الدرس الثالث أركان الإيمان (الإيمان بالله سبحانه وتعالى)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • من آداب المتعلم: عدم مقاطعة المعلم أثناء الدرس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح كتاب الدروس المهمة - الدرس السادس- الإيمان بالقدر(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب الدروس المهمة - الدرس الخامس- (الإيمان باليوم الآخر)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • دروس في النقد والبلاغة: الدرس الثامن عشر: التعبير الحقيقي والتعبير الخيالي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دروس في النقد والبلاغة الدرس السابع عشر: الإيجاز والإطناب في الشعر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دروس في النقد والبلاغة الدرس السادس عشر: الإيجاز والإطناب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دروس في النقد والبلاغة: الدرس الخامس عشر: مقدمة في الإيجاز والإطناب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دروس في النقد والبلاغة: الدرس الرابع عشر: التقديم والتأخير في الشعر(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/11/1446هـ - الساعة: 16:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب