• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

خطبة تزكية النفوس من مقاصد الصوم

خطبة تزكية النفوس من مقاصد الصوم
حسان أحمد العماري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/3/2024 ميلادي - 11/9/1445 هجري

الزيارات: 17064

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تزكية النفوس من مقاصد الصوم

 

الحمدُ لله الذي بنعمته اهتدى المهتدون، وبعدله ضل الضَّالون، ولحكمه خضع العباد أجمعون، لا يُسألُ عما يفعل وهم يُسألون، لا مانعَ لما وَهَب، ولا مُعْطيَ لما سَلَب، طاعتُهُ للعامِلِينَ أفْضلُ مُكْتَسب، وتَقْواه للمتقين أعْلَى نسَب... بقدرته تهبُّ الرياحُ ويسير الْغمام، وبحكمته ورحمته تتعاقب الليالِي والأيَّام... أحمدُهُ على جليلِ الصفاتِ وجميل الإِنعام، وأشكرُه شكرَ منْ طلب المزيدَ وَرَام، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله الَّذِي لا تحيطُ به العقولُ والأوهام، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه أفضَلُ الأنام، صلَّى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكرٍ السابق إلى الإِسلام، وعلى عمَرَ الَّذِي إذا رآه الشيطانُ هَام، وعلى عثمانَ الَّذِي جهَّزَ بمالِه جيشَ العُسْرةِ وأقام، وعلى عليٍّ الْبَحْرِ الخِضَمِّ والأسَدِ الضِّرْغَام، وعلى سائر آلِهِ وأصحابِه والتابعين لهم بإِحسانٍ على الدوام، وسلَّم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:

أيها المؤمنون: تزكية النفوس ثمرة العبادات وخلاصة نتائجها، فليست العبادات في هذه الظواهر من ركوع أو سجود، أو مجرد تلفظ بألفاظ، أو إرهاق النفس بالصوم، أو إجهاد البدن في الحج، وإنما هو ما وراء ذلك كله، مما ينسكب في القلب ويملأ النفس من الروحانية والإيمان، والتي تجعل نفس الإنسان في مراتب عليا من الطهارة والنقاء والصفاء.


وتزكية النفوس هي غاية هذه العبادات، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة:103]، إنما هو محض التطهير والتزكية، وكما قال جل وعلا: ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾ [الحج:37]، فكل عمل خلاصته وثمرته هي هذه النفس وتزكيتها.


لقد تظافرت نصوص الكتاب والسنة ببيان أهمية تزكية النفوس وما لها من مكانة عالية ومنزلة رفيعة، ولعل من أبرز تلك النصوص وأظهرها قوله تعالى في سورة الشمس: ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 1 ـ 10].


قال تعالى لموسى في خطابه لفرعون: ﴿ فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى ﴾[النازعات:18].


وقال سبحانه عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَة ﴾ [الجمعة: 2].


قـال ابن القيم: «فإن تزكية النفوس مُسلَّم إلى الرسل، وإنما بعثهم الله لهذه التزكية وولاَّهم إياها، وجعلها على أيديهم دعوة وتعليما وبيانا وإرشادا... فهم المبعوثون لعلاج نفوس الأمم... وتزكية النفوس أصعب من علاج الأبدان وأشد، فمن زكى نفسه بالرياضة والمجاهدة والخلوة، التي لم يجئ بها الرسل فهو كالمريض الذي يعالج نفسه برأيه، وأين يقع رأيه من معرفة الطبيب؟ فالرسل أطباء القلوب فلا سبيل إلى تزكيتها وصلاحها إلا من طريقهم، وعلى أيديهم، وبمحض الانقياد والتسليم لهم، والله المستعان» اه «مدارج السالكين» (2/356).


ولذلك قال إبراهيم الخليل عليه السلام كما في دعائه الذي ذكره القرآن: ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ﴾ [البقرة:129] وتقديم التزكية أو تأخيرها له علة تدل على أهميتها، فتقديمها: لأن الإخلاص وتزكية النفس والقلب يؤهل لنيل المعرفة والعلم.

يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته
أتعبت نفسك فيما فيه خسران
أقبل على النفس فاستكمل فضائلها
فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان


معاشر المسلمين: ولذلك كان من مقاصد الصوم تزكية النفوس وتهذيبها وتنقية لها من الأخلاق الرذيلة، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة:183]؛ خاصَّة أنَّه شرع في شهر من خصوصيَّاته تصفيد الشياطين، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنَّ رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ قال:(إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنَّة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين) (البخاري ومسلم).


ولهذا يضيِّق الصوم مجاري الشيطان في بدن الإنسان، وكما هو معلوم ـ فإنَّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، إلاَّ أنَّه بالصيام يضعف نفوذه، فإذا أكل المرء أو شرب انبسطت نفسه للشهوات، وضعفت إرادتها، وقلَّت رغبتها في العبادات.


يقول ابن القيِّم ـ رحمه الله ـ:(وللصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة، والقوى الباطنة، وحميتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها، واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحَّتها؛ فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات) (زاد المعاد2/29).


ويقول الإمام الكمال بن الهمام ـ أحد فقهاء الحنفية في فوائد الصوم:( أنَّ الصوم يسكن النفس الأمَّارة بالسوء ويكسر سورتها في الفضول المتعلقة بجميع الجوارح من العين واللسان والأذن والفرج؛ ولذلك قيل: إذا جاعت النفس شبعت جميع الأعضاء، وإذا شبعت جاعت كلُّها) ا. هـ من فتح القدير.


إنَّ للصوم تأثيرًا كبيرًا في دفع الشهوات وكسر حدَّتها، ولهذا يقول المصطفى ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ:(الصوم جُنَّة) أخرجه البخاري (4/87،94) ومسلم:(1151) ومعنى جُنَّة: أي درعٌ واقية من الإثم في الدنيا، ومن النار في الآخرة، وفي الحديث الآخر:(الصيام جنة من النار كجنَّة أحدكم من القتال) (صحَّحه الألباني في صحيح الجامع (3879)، وفي الحديث الآخر:(الصيام جنَّة، وهو حصن من حصون المؤمن) صحيح الجامع: (3881).


ويعجبني ما قاله الشيخ الدكتور: مصطفى السباعي ـ رحمه الله ـ حين ذكر حديث:(الصوم جنَّة) ثم عقَّب قائلًا: فقد قدَّم الحكمة من الصيام ثمَّ بيَّن آدابه، ليكون أوقع في النفس وأعمق أثرًا، وليكون المؤمن أكثر اطمئنانًا إلى العبادة حين يؤدِّيها، وإلى التشريع حين ينفذه) (أحكام الصيام وفلسفته: للسباعي/ صـ 53).


وإذا كبَح الصوم المعاصي نال العبد منزلة راقية في العبودية لله؛ لأنَّ الصوم ـ الذي يراد به مجرد الإمساك عن الطعام والشراب ـ يستطيعه كثير من الناس، بيدَ أنَّه ـ سبحانه ـ أراد من عباده أن يكون صومهم منقيًا لهم من المعاصي وما دار في فلكها، وقد ذكر الإمام ابن حجر العسقلاني أنَّ العلماء:(اتفقوا أنَّ المراد بالصيام صيام من سلم صيامه من المعاصي قولًا وفعلًا).


والحقيقة أنَّ الناس انقسموا في الصيام إلى عدَّة أقسام: فمنهم من يكون صيامه الإمساك عن الأكل والشرب فقط، إلاَّ أنَّه مرتكب للفواحش مطلق بصرَه لما حرَّم الله من النظر إلى النساء اللاَّتي لا يحللن له، وبعضهم قد أرخى لأذنه لكي تستمع للأغاني المحرمة، ولا يخفى على ذي لبٍّ ما فيها من الفسق والكلام الفاحش، وبعضهم أطلق لفمه العنان فينطق بالكلام الساقط، والعبارات الرذيلة، والغيبة والنميمة والكذب؛ فهل هذا صيام من أراد جنَّة الرضوان؟


وصدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ حين قال:(رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظُّه من قيامه السهر والتعب) صحيح الترغيب (1070).


عباد الله: إنَه ينبغي على المرء أن يكون بكليَّته صائمًا عمَّا حرَّم الله في شهر رمضان وفي غيره من الشهور؛ فإنَّ رمضان هو المحطة السنوية للغسيل الروحي، وليس يعني ذلك أنَّ المسلم إذا صام عن المحرمات في رمضان، أنَّه يجوز له أن يقترف ما حرَّم الله من المعاصي والموبقات في غير هذا الشهر؛ فليكن رمضان زادًا إيمانيًا لكل الشهور القادمة من بعده، ودورة تربوية يزداد فيها رصيد العمل الصالح، ويكثر فيه محاسبة النفس ومنعها من الحرام، وقد قال الله ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات:40-41].


فليدرك الإنسان نفسه، وليجدد توبته لربه وليبتعد عن منكرات الأخلاق والأقوال والأعمال؛ فإنَّ رسول الهدى ـ عليه الصلاة والسلام ـ يقول:(من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) أخرجه البخاري. ويقول:(فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل؛ فإن سابَّه أحد أو شاتمه فليقل: إني صائم) (البخاري ومسلم).


وقد ذكر الإمام ابن رجب ـ رحمه الله ـ أنَّ بعض السلف قال:(أهون الصيام ترك الشراب والطعام، وقال جابر: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء!!) لطائف المعارف(صـ/292).

أهل الخصوص من الصوام صومهم
صون اللسان عن البهتان والكذب
والعارفون وأهل الأنس صومهم
صون القلوب عن الأغيار والحجب


عباد الله: والصوم وشهر رمضان بهما تزكو النفوس وتهدي للحق، وقد قرن الله تعالى شهر الصيام بالقرآن فقال: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة:183]، فشهر رمضان اختاره الله لينزل ما به يهتدي الناس كل الناس، فهو محطة هداية وطلب الهداية، إنه الشهر الذي يقبل فيه عباد الرحمن على عبادته.


وفي ذلك كله تزكية للنفوس والارتقاء بها في مدارج الكمال وتزويدها بما يعينها طوال العام وفي رحلتها إلى الدار الآخرة، وإننا بحاجة إلى تزكية نفوسنا خاصة ونحن في زمن كثرت فيه الشبهات والشهوات وظهرت الكثير من الفتن وتنصلت كثير من النفوس من القيم والأخلاق، واستطال المسلم في عرض أخيه ودمه وماله، وتوغل الشيطان بمكائده وخططه وطرق اغوائه، وتربص الأعداء في كل طرق المسلمين وفي كثير من جوانب حياتهم، فكان لابد من تزكية النفوس واستغلال هذا الشهر الكريم، وإن المحروم من خرج شهر رمضان ولم يستفد منه في شيء، فاغفر اللهم الذنوب واستر العيوب وتجاوز عن السيئات.. قلت قولي هَذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

 

الخطبة الثانية

أيها المؤمنون: إن التزكية سبب لدخول الجنة وستار ووقاية من النار، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلى * جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى ﴾ [طه:75-76]، ويقول سبحانه وتعالى في الوقاية من النار: ﴿ وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ﴾ [الليل:17-18].


ولذلك كان الصالحون يستثمرون الأوقات والطاعات لتزكية نفوسهم وتربيتها وتهذيبها، كان شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كان يجلس بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس، فسُئل عن ذلك لا يتركها أبدًا؟ فقال: هذه غَدْوتي لو تركتها لخارت قواي.


لما حضرت أبا بكر بن عياش الوفاة بكت أخته، فقال لها: ما يبكيك؟، انظري إلى تلك الزاوية، فقد ختم أخوك فيها ثمانية عشر ألف ختمة ".


وذكر علماء التراجم في سيرة الجنيد بن محمد، أنه حين أتته سكرات الموت، أخذ يقرأ القرآن، فأتى الناس - قرابته وجيرانه- يحدّثونه وهو في مرض الموت، فسكت وما حدثهم، واستمر في قراءته، فقال له ابنه: " يا أبتاه! أفي هذه الساعة تقرأ القرآن؟! ". فقال: " ومن أحوج الناس مني بالعمل الصالح؟، فأخذ يقرأ ويقرأ حتى قُبضت روحه.


وهذا شعبة بن الحجاج جبلٌ في حفظ السنة ما ركع قط إلا ظن الناظر إليه أنه نسي من طول الركوع، ولا قعد بين السجدتين إلا ظن الناظر إليه أنه نسي، ويقول بعض من رأى قيامه: كان يقوم يصلي حتى تتورم أقدامه.


وهذا سفيان الثوري يقول بعض من شاهده أمام الكعبة يصلي: رأيته ساجدًا فطفت سبعة أسابيع قبل أن يرفع رأسه، طاف سبعة أسابيع أي أنه طاف سبعة أطواف في كل طواف سبعة أشواط ولا زال سفيان الثوري على حاله في السجود!


ولما قدم إلى اليمن قدم على عبد الرزاق الصنعاني، يقول عبد الرزاق: فأتيته بسَكْباج -وهو اللحم الذي طهي بالخل- وبزبيب من زبيب الطائف فأكل ثم قال: يا عبد الرزاق، أعْلِف الحمار وكُدَّه، ثم قام يصلي حتى الصباح!


ولذلك وجب على كل مسلم أن يسعى لتزكية نفسه وتربيتها وتهذيبها حتى تقوده إلى جنة ربه ورضوانه، وعلى المسلم أن يقف مع نفسه بين فترة وأخرى وهذا من التزكية، فكيف برمضان شهر الصيام والقيام والنفحات الربانية، كان الأحنف بن قيس جالسًا يوما فجال بخاطره قوله تعالي: ﴿ لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء: 10] فقال: عليّ بالمصحف لألتمس ذكري حتى اعلم من أنا وما هي أعمالي؟ فمر بقوم قال تعالى فيهم: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ [الذاريات/17-19]. ومر بقوم قال تعالى فيهم: ﴿ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134] ومر بقوم وهو يقرأ في كتاب الله: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر: 9]. فقال تواضعاُ منه: اللهم لست أعرف نفسي في هؤلاء ثم أخذ يقرأ فمر بقوم قال تعالى فيهم ﴿ إذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [الصافات: 35]. ومر بقوم: يقال لهم ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴾ [المدّثر 42-44] فقال: اللهم إني أبرأ إليك من هؤلاء حتى مر على قومٍ قال الله فيهم: ﴿ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [التوبة: 102]. فقال: اللهم أني من هؤلاء..


معاشر المؤمنين: وليس من نافلة القول - هاهنا - أن نقول أيضًا: إن للدعاء أثر عظيم في تزكية النفوس؛ وإن لرمضان خصوصية بالدعاء؛ وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا "؛ (رواه مسلم).


فالتمس - رعاك الله - في رمضان تزكية نفسك، واستعن عليها بخالقها، فأكثر من الدعاء مع الاجتهاد في الطاعات، فهذا هو سبيل التزكية وطريق النجاة؛ ولله در القائل:

ترجو السلامة ولم تسلك مسالكها
إن السفينة لا تجري على اليبس

هذا وصلوا وسلموا على أمرتم بالصلاة والسلام عليه، قال -تعالى-:﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب:56].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مقاصد الصوم للعز بن عبدالسلام
  • خطبة التآلف والتراحم من مقاصد الصوم
  • التقوى من مقاصد الصوم (خطبة)
  • خطبة التربية على الاستجابة من مقاصد الصوم
  • خطبة التوبة من مقاصد الصوم
  • الإخلاص من مقاصد الصوم
  • رضا الله من مقاصد الصوم
  • تزكية النفوس والاستقامة بعد رمضان (خطبة)
  • الإخلاص من مقاصد الصوم (خطبة)
  • التآلف والتراحم من مقاصد الصوم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • بين (مقاصد الشريعة) و(مقاصد النفوس)!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مقاصد سورة الشمس تزكية النفس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقاصد الصيام (2) مقاصد التربية (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • مقاصد السيرة النبوية (1) مقاصد النسب الشريف للنبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين النفس والعقل (3) تزكية النفس (خطبة) باللغة النيبالية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: بين النفس والعقل (3) تزكية النفس - باللغة البنغالية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة تزكية النفوس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن الموت: تزكية النفوس المؤمنة بأسباب حسن الخاتمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 11/3/1433 هـ - تزكية النفوس وإصلاح القلوب(مقالة - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • أنواع المقاصد باعتبار مدى الحاجة إليها(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب