• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / مكافحة التدخين والمخدرات
علامة باركود

أضرار التدخين وعلاجه

أضرار التدخين وعلاجه
الشيخ صلاح نجيب الدق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/7/2022 ميلادي - 4/12/1443 هجري

الزيارات: 19308

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أضرار التدخين وعلاجه

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ، وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا.

 

الشريعة الإسلامية المباركة حريصةٌ على المحافظة على صحة الإنسان؛ لذلك حثَّنا الإسلام على عدم الإسراف في الطعام والشراب الحلال إذا كان ذلك يضر بالصحة، ويعتبر التدخين بجميع أنواعه مِن العادات السيئة المنتشرة في كثير مِن المجتمعات؛ لذلك أحببت إرشاد الأفاضل الكرام الذين يدخنون إلى أسباب التدخين وأضراره مع ذِكْرِ وسائل الإقلاع عنه، فأقول وبالله تَعَالَى التوفيق:

أسباب التدخين:

نستطيع أن نوجز أسباب التدخين في الأمور التالية:

(1) الاعتقادات الخاطئة:

كثير من المدخنين يعتقدون أن التدخين يساعدهم على التركيز ويمنحهم الطاقة للعمل أو الدراسة، ويظنون أن التدخين يعطيهم الثقة وبخاصة بين أصدقائهم، وأنه يزيل عنهم القلق والتوتر، وأنه يُشْعِرهم بالارتياح، وأنه علاج لبعض أمراض الرأس والأسنان؛ فيجعلهم ذلك يُسارعون إلى تجربة التدخين لكي يستمتعوا بهذه المميزات.


(2) الأسرة:

يعتبر الوالدان هما المؤثِّر الفَعَّال في شخصية الأبناء، فكلما كان الوالدان على تقوى من الله انعكس ذلك على أولادهما، فمعظم معاصي الأبناء يُسألُ عنها الآباء، قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ﴾ [الزخرف: 23]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 170].

 

ومن تدبَّر الحياة وجد أن معظم الأبناء يسيرون على نهج آبائهم، فإذا اعتاد الأبناء على رؤية آبائهم وهم يدخنون السجائر، كان من السهل على الأبناء أن يعتقدوا أن التدخين ليس ضارًّا على صحتهم، وإلا لما استمر الآباء على التدخين؛ وبهذا فإن الآباء يشجعون أبناءهم على التدخين، وكثيرٌ من الآباء قد جنوا على أبنائهم جنايةً كبيرةً منذ أرسلوهم ليشتروا لهم السجائر أول مرة، ثم قاموا بعد ذلك بإشعالها وتدخينها على مرأى ومسمع أبنائهم الصغار، الذين تحتل غريزة المحاكاة مكانًا أساسيًّا في طباعهم؛(رحلة مع السيجارة للدكتور/حسن حسني، صـ:85:84).


ومن المعلوم أن الطفل يُقلِّد أبويه، فإذا صار شابًّا كانا هما الأسوة له في نظره؛ لأن الشيء الذي انطبع في قلب الإنسان وهو صغير يستمر معه وهو كبير، يقول الشاعر:

وَيَنْشَأُ نَاشِئُ الْفِتْيَانِ مِنَّا
عَلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوهُ

(موارد الظمآن لعبدالعزيز السلمان، جـ4، صـ165).


التدخين أمام الأطفال جريمة:

من المؤسف أن نرى أطفالًا أبرياء وهم مع بعض ذويهم أو مع سائق سيارة ينفث على وجوههم دُخَانَه الكريه، ولم يُراعِ أولئك رقة الطفولة وبراءتها، وما قد يسببوه لهم، خاصةً وأن رئات الأطفال صغيرة، ونظامهم المناعي أقل نموًّا؛ مما يجعلهم أكثر عرضةً للإصابة في الجهاز التنفسي والأذنين بسبب ما يستنشقونه من دُخَانِ المُدخِّن؛ (التدخين لخالد الشايع، صـ:22).

 

(3) الأصدقاء:

للأصدقاء تأثيرٌ على من في سِنِّهم من الشباب؛ فالصديق الصالح له أثرٌ طيبٌ، والصديق السوء له أثرٌ سيئٌ على صاحبه، وهذا لا يمكن إنكاره، قَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا مِنْ شَيْءٍ أَدَلُّ عَلَى شَيْءٍ، وَلَا الدُّخَان عَلَى النَّارِ مِنْ الصَّاحِبِ عَلَى الصَّاحِبِ؛ (أدب الدنيا والدين للماوردي، صـ166).

 

وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: يُظَنُّ بِالْمَرْءِ مَا يُظَنُّ بِقَرِينِهِ؛ (أدب الدنيا والدين للماوردي، صـ166).

 

قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:

عَنْ الْمَرْءِ لَا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ
فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارَنِ يَقْتَدِي

(أدب الدنيا والدين للماوردي، صـ166).

 

نبينا صلى الله عليه وسلم يحثنا على حُسْنِ اختيار الصديق، روى الشيخانِ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ؛ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ (يُهديك) وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ (تشتري) مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً))؛ (البخاري، حديث 5534/ مسلم، حديث 2628).

 

• قالَ الإمامُ النووي رحمه الله: مَثَّلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْجَلِيسَ الصَّالِحَ بِحَامِلِ الْمِسْكِ، وَالْجَلِيسَ السَّوءِ بِنَافِخِ الْكِيرِ، وَفِي هذا الحدِيثِ فَضِيلَةُ مُجَالَسَةِ الصَّالِحِينَ وَأَهْلِ الْخَيْرِ وَالْمُرُوءَةِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالْوَرَعِ وَالْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَالنَّهْيُ عَنْ مُجَالَسَةِ أَهْلِ الشَّرِّ وَأَهْلِ الْبِدَعِ وَمَنْ يَغْتَابُ النَّاسَ أَوْ يَكْثُرُ فُجْرُهُ وَبَطَالَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْأَنْوَاعِ الْمَذْمُومَةِ؛ (مسلم بشرح النووي، جـ8، صـ427).

 

روى الترمذيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ))؛ (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني، حديث 1937).

 

• قولهُ صلى الله عليه وسلم: (( فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ)) معناه: فلينظر أحدكم بعين بصيرته إلى أمور من يريد صداقته وأحواله، فمن رآه ورضي دينه صادقه، ومن سخط دينه فليتنبه؛ (دليل الفالحين لمحمد بن علان، جـ3، صـ230).

 

روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ))؛ (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني، حديث1952).

 

• قَالَ الإمامُ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله: حَذَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ صُحْبَةِ مَنْ لَيْسَ بِتَقِيٍّ، وَزَجَرَ عَنْ مُخَالَطَتِهِ وَمُؤَاكَلَتِهِ؛ لأنَّ الْمُطَاعَمَةَ تُوقِعُ الْأُلْفَةَ وَالْمَوَدَّةَ فِي الْقُلُوبِ؛ (تحفة الأحوذي للمباركفوري، جـ7، صـ64).

 

والصديق قد يكون سببًا في خسارة صاحبه في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 27 - 29].

 

(4) المدرسة والجامعة:

تُقبِلُ نسبةٌ كبيرةٌ من الشباب على تدخين السجائر أثناء فترة المدرسة؛ وهذا يرجع إلى عدم وجود الحزم من إدارة المدرسة، ويعكس هذا غياب الأنشطة المدرسية؛ مما يشجع الشباب على ممارسة بعض الأفعال الخاطئة لتضييع الوقت داخل المدرسة، أما داخل الجامعة، فكثيرٌ من الشباب يرون في جوِّ الجامعة الحرية؛ وهذا يُشجِّع على التدخين بشكل أكبر من المدرسة، إن تدخين بعض أساتذة الجامعة داخل الجامعة من شأنه تشجيع الشباب على التدخين دون استحياء، وبعض شباب الجامعات والمدارس الثانوية يعتبر نفسه أصبح رجلًا؛ ومن ثمَّ عليه أن يُبرهنَ عن رجولته، وهؤلاء عندهم اعتقاد خاطئ بأن الرجولة معناها هو التدخين؛ (رحلة مع السيجارة للدكتور/حسن حسني، صـ:85:84).


(5) الرغبة في المغامرة:

إن المراهقين لديهم روح المغامرة، ويسرُّهم أن يتعلموا أشياء جديدة، ويحبون أن يَظهَروا أمام أقرانهم بمظهر العارفين بكل شيء، وهكذا فإنهم يجربون أمورًا مختلفة في محاولة اكتساب معرفة أشياء عديدة، فيكفي للمراهق أن يجرب السيجارة للمرة الأولى كي يقع في شَرَكِها، ومن ثمَّ يصبح من السهل عليه أن يتناول السيجارة للمرة الثانية وهكذا.

 

(6) التقليد الأعمى:

بعضُ الأشخاص يحاولون أن يقلدوا بعض نماذج المجتمع المشهورة مثل رجال الفن وأبطال الأفلام الذين يدخنون في أعمالهم البطولية؛ مما يدفع الشباب للتقليد الأعمى لهم غير مدركين لما ينتج عن ذلك من أضرار؛ (التدخين وأثره على الصحة للدكتور/ محمد على البار صـ37).

 

التدخين يسبب الإدمان:

ليس هناك شك من الناحية العلمية أن التدخين يسبب الإدمان، فمن تناول التبغ بأي طريقة فإنه يجد نفسه مدفوعًا للاستمرار في تناوله.


معنى الإدمان:

الإدمان: هو أن يَشْعُرَ الشخصُ بحاجةٍ شديدةٍ إلى تناول المادة المسببة للإدمان، وإن لم يتناولها يصيبه تغييرٌ جسدي ونفسي؛ (التدخين وأثره على الصحة للدكتور/ محمد على البار صـ15:14).

 

حقيقة النيكوتين وتأثيره:

مصطلح (نيكوتين) الذي يستخدمه الناس عند التحدُّث عن التدخين أُخذ من اسم (جون نيكوت) سفير فرنسا في البرتغال، وهو الذي دافع عن التبغ، وكان يؤكد أن للتدخين فوائد مثل إعادة الوعي وعلاج الكثير من الأمراض، وفيما يلي بعض الحقائق عن النيكوتين:

(1) النيكوتين مادة حمضية قلوية توجد في التبغ، وتُمتصُّ بسهولة من خلال الأغشية المبطنة للفم، والأوعية الدموية المنتشرة في الرئة.

 

(2) يصل النيكوتين من الرئة إلى المخ بعد سبع ثوانٍ من جذب أنفاس السيجارة، وهذا يفسر سرعة تأثير النيكوتين على المخ؛ حيث يؤثر على بعض مراكزه.

 

(3) النيكوتين يساعد على إفراز بعض المواد التي تُنشِّط مراكز النشوة بالمخ؛ وهذا يُؤدي إلى استمتاع المدخن بالنيكوتين، كما يُعدُّ إفراز هذه المواد سببًا أساسيًّا من أسباب ظهور أعراض الحرمان بعد الإقلاع عن التدخين، فعندما يُقلع المدخنُ عن التدخين ينعدم وصول النيكوتين إلى المخ؛ وهذا يُقلل من إفراز المواد التي كانت تُعطي المتعة للمدخن، ولهذا يَشتهي المدخنُ السيجارة بعد الإقلاع، وتظهر عليه بعض الأعراض التي قد لا يحتملها، ويحاول التغلب عليها بممارسة التدخين مرة أخرى.

 

(4) النيكوتين هو المادة الفعَّالة المؤثرة في التبغ، وهو مادة سامة قاتلة، ويكفي منها خمسون ملِّيجرامًا للقضاء على أي إنسان في عدة ثوانٍ.

 

(5) مع أن كل جرام من التبغ يحتوي على عشرين ملِّيجرامًا من النيكوتين، فإن كمية النيكوتين ترتفع في ثلث السيجارة الأخير إلى 40%، أما في عقب السيجارة فتقفز هذه النسبة إلى 60% (التدخين لخالد الشايع، صـ:4)، (التدخين وأثره على الصحة للدكتور/ محمد على البار، صـ36).

 

التدخين السلبي:

الدخان الذي يُطْلِقُه المدخنُ يحتوي على النيكوتين، وأول أُكسيد الكربون، وحامض السينيل، بالإضافة إلى المواد التي تسبب السرطان، وهذه المواد تسبب تهيُّجًا في الأغشية المخاطية في العين، والجهاز التنفسي، بالإضافة إلى الإحساس بالدوخة، والصداع، والقيء.

 

إن التعرض لهذه المواد فترةً طويلةً يمكن أن يُؤدي إلى اضطرابات في بعض الأجهزة؛ مثل: الجهاز التنفسي، والجهاز الهضمي، وجهاز المناعة؛ فيُصاب المُتعرِّضُ لها- وخاصة الأطفال- بالتهابات في الجهاز التنفسي، وضعف في الشهية، وتوتر وصداع، بالإضافة إلى الحساسية المزمنة.

 

إن التعرض لدخان السجائر أصبح أحدَ الاعتبارات الواجب مراعاتها في البيت وغيره من الأماكن؛ لتأثيرها الضار على غير المدخن، وخصوصًا الأطفال، فباستنشاقهم لدخان السجائر يُطلقُ عليهم مدخنين سلبيين.

 

لقد وجد بعضُ الباحثين أن هناك خطرًا ملموسًا على الصحة إذا وُجِد شخصٌ غير مدخن في وسط يَشيعُ فيه دخان السجائر، وتتسرب المواد السامة الموجودة في الهواء الملوَّث بدخان السجائر إلى رئتي الشخص غير المدخن، وقد وجد الباحثون أيضًا كميةً من النيكوتين في دم وبول أشخاصٍ غير مدخنين، ولكنهم تعرضوا لاستنشاق هواء ملوَّث بدخان السجائر؛ (التدخين وأثره على الصحة للدكتور/ محمد على البار صـ:32).

 

أضرار التدخين:

نستطيع أن نُوجز أضرار التدخين في الأمور التالية:

أولًا: أضرار التدخين من الناحية الصحية.

 

الجهاز التنفسي:

(1) سرطان الرئة.

(2) سرطان الحنجرة.

(3) الأمفيزيما (انتفاخ الرئتين بالهواء الفاسد).

 

القلب والجهاز الدوري:

(1) جلطات القلب وموت الفجأة.

(2) جلطات الأوعية الدموية للمخ وما ينتج عنها من شلل.

(3) اضطراب الدورة الدموية في الأطراف وجلطاتها.

 

الجهاز الهضمي:

(1) سرطان الشفة.

(2) سرطان الفم والبلعوم.

(3) سرطان المَرِيء.

(4) قرحة المعدة والاثني عشر.

(5) سرطان البنكرياس.

 

الجهاز البولي:

(1) أورام المثانة الحميدة.

(2) سرطان المثانة.

(3) سرطان الكُلى.

 

المرأة الحامل والأطفال:

(1) كثرة الإجهاض.

(2) قلة أوزان المواليد.

(3) زيادة وفَيَات المواليد وزيادة ولادة الأجِنَّة الميتة.

(4) زيادة الالتهابات الرئوية لدى الأطفال الرُّضَّع.

 

أمراض نادرة: التهاب عصب الإبصار والعمى.

هذا عدا زيادة أمراض الحساسية مثل: الربو والأرتكاريا، والتهابات الجلد وأمراض الأنف والأذن والحنجرة، ولا شك أن مريض الربو الذي يستمر في التدخين يُعَرِّض نفسه لأخطار شديدة، ولحصول مضاعفات الربو وحدوث حالات الأمفيزيما (انتفاخ الرئتين بالهواء الفاسد) وهبوط القلب نتيجة الإصابة الرئوية كما أن مرضى ضغط الدم أو البول السكري أو ارتفاع الكوليسترول أو السِّمْنة المفْرطة يتعرضون لأخطار مضاعفة إذا كانوا من المدخنين؛ (التدخين وأثره على الصحة للدكتور/ محمد على البار، صـ47:45).

 

فوائد مهمة:

(1) دخان التبغ يحتوي على أكثر من أربعة آلاف مادة سامة.

 

(2) السجائر التي تُباعُ في البلاد النامية تحتوي على ضِعف كمية القطران والنيكوتين الموجودة في السجائر التي تُباعُ في دول أوروبا وأمريكا، مع أنها تحمل اسم نفس الشركة المنتجة، ويرجع السبب في ذلك إلى أن الرقابة في الدول النامية ضعيفة، أو معدومة، في حين أن الرقابة تكون مُشدَّدة في الدول المتقدمة.

 

ثانيًا: أضرار التدخين من الناحية البيئية.

 

يحتوي دخان السجائر على العديد من المركبات الكيميائية التي تسبب خطرًا على البيئة والإنسان خاصة في بيئة العمل، وكثرة استنشاق الدخان المتصاعد من السيجارة يؤدي إلى الإصابة بالعديد من الأمراض، ويتصاعد من السيجارة غاز أول أكسيد الكربون، وهو غاز ملوِّث للبيئة، ويُسبِّب أمراضًا لا حصر لها، ويعمل على زيادة نسبة الحرائق والكوارث، فبمجرد ملامسة السيجارة لأي سطح قابل للاشتعال يُسبِّب كارثة.

 

ثالثًا: أضرار التدخين من الناحية الاقتصادية.

 

تتكلف الدولة أموالًا كثيرة لشراء التبغ، وأموالًا طائلة للإنفاق على علاج ما يسببه التدخين من أمراض، وهذا أمرٌ معلومٌ للجميع، وعلى مستوى الأسرة، فإن الإنفاق على شراء السجائر يُؤثرُ كثيرًا على المستوى المادي للأسر الفقيرة.


رابعًا: أضرار التدخين من الناحية الاجتماعية.


التدخين أقصر طريق للإدمان على المخدرات، وهو منشأ المرض وضياع القدرة الإنتاجية وارتفاع نسبة عِمالة الأطفال، فالفقر يقلل من فرصة التعليم لدى الأطفال ويخرج بهم إلى مجال العِمالة المبكرة؛ سعيًا وراء كسب المال والرزق.


لقد أصبح التدخين طريقًا إلى الفقر، فما ينفقه المدخن على التبغ يُقلل المال الذي يدخره لشراء الطعام أو لتعليم الأطفال أو للرعاية الصحية، وهذا يعود بالضرر المباشر على الأطفال.


لماذا يجد المدخن صعوبة بالغة في الإقلاع عن التدخين؟

سِرُّ ذلكَ هو أن شركات التبغ العالمية تضيف مواد كيميائية تزيد إدمان المدخنين، وهذا ما أثبته تقرير نُشِر في لندن مؤخرًا، وهذا نص ما نشرته وكالة رويتر للأنباء: "إن شركات التبغ تضيف كيماويات لزيادة إدمان المدخنين للسجائر، وأوضح تقرير مشترك للمؤسسة الملكية البريطانية لأبحاث السرطان وجماعة مكافحة التدخين والهيئات الصحية في إحدى الولايات الأمريكية أن أكثر من ستين وثيقة خاصة بصناعة التبغ تتحدث عن استخدام مواد مضافة لترويج السجائر"، ويعتمد التقرير على وثائق داخلية خاصة بصناعة التبغ تتحدث عن استخدام مواد إضافية تم الكشف عنها في الآونة الأخيرة في دعاوى نظرتها محاكم بالولايات المتحدة، وتفيد هذه الوثائق بأن معظم المواد المضافة (ومجموعها 600) في إنتاج السجائر بدول الاتحاد الأوروبي ليست ضرورية، وأن قليلًا منها كان يستخدم قبل عام 1971، وأوضح التقرير أن هذه المواد المستخدمة تُحسِّنُ مَذاق التبغ، وتغطي رائحة الدخان، وتزيد من امتصاص النيكوتين؛ (التدخين لخالد الشايع، صـ:5).

 

حكْم التدخين:

شُربُ الدخان حَرامٌ بدليل القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية الكريمة؛ أولًا: القرآن الكريم:

قال الله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ﴾ [المائدة: 4]، وقال سبحانه في وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف: 157]، والدخان من الخبائث الضارة، إضافة إلى أنه ذو رائحة كريهة، وقال سبحانه: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]، وقال جَلَّ شأنه: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195]، والتدخين يجعل الإنسان يقع في الأمراض المهلكة الضارة: كالسُّلّ والسرطان وغير ذلك من الأمراض.

 

أجمع الأطباءُ على أن الدخان له أضرارٌ كثيرةٌ، وأنه سببٌ لكثيرٍ من الأمراض، كالسرطان وغيره، فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بكثرة من يشربه، قال عز وجل: ﴿ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأنعام: 141]، وقال سبحانه: ﴿ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ﴾ [الإسراء: 26، 27]، والتدخين إسرافٌ وتبذيرٌ للمال، وتضييعٌ له، وقد نهى الإسلام عن ذلك.


وأجمع الفقهاءُ على وجوب المحافظة على الضرورات الخمس وعدم الإضرار بها، وهي: الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وهذه الخمس تتأثر بالتدخين؛ فدين الإنسان يتأثر، فمن الناس مَن لا يصوم رمضان؛ لأنه لا يستطيع إن يمتنع عن التدخين، والنسل يتضرر بالتدخين، سواءً كان المُدخِّن أحد الأبوين، أو كليهما، بل إن الجنين يتضرر من تدخين أمه، بما يعني أن المُدخِّن لا يضر نفسه فقط؛ وإنما يضر غيره، وهناك ما يُسمَّى الآن التدخين بالإكراه، فيدخن الإنسان رغم أنفه، وهو لا يتناول السيجارة، وإنما يتنشق دُخَانها قهرًا عندما يجلس بجوار إنسان مدخن، أو في بيئة فيها التدخين، فالمدخن يضرُّ نفسَه ويضرُّ غيرَه رغم إرادته.

 

ثانيًا: السُّنة النبوية:

(1) روى ابنُ ماجه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ))؛ (حديث صحيح لغيره) (صحيح ابن ماجه للألباني، حديث:1896)، وأضرار التدخين ثابتةٌ ومعلومةٌ لجميع الناس.

 

(2) روى الشيخانِ عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ))؛ (البخاري، حديث:1477/مسلم حديث:593).

والتدخين من إضاعة المال.

 

(3) روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني، حديث:1970).

 

المسلم مسئولٌ أمام الله تعالى يوم القيامة عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، فلا يجوز تضييعه فيما لا جدوى فيه، والواجب عليه أن ينفقه فيما ينفع لا فيما يضر، وفيما يُعَمِّر، لا فيما يدمر، وفيما يصلح لا فيما يفسد، وماذا يقول لربه سبحانه إذا أنفق ماله ثمنًا لسموم يضر بها نفسه ومن حوله.

 

(4) روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِ جَارَهُ))؛ (البخاري حديث: 5185/مسلم حديث:47).

 

والدخان يُؤذي برائحته الكريهة زوجة المدخن، وأولاده، وجيرانه، وأصدقاءه، وكما أنه يُؤذي مَن يُصلي بجواره.

 

أقوال العلماء في حكْم التدخين:

(1) قال شيخ الأزهر الأسبق جادالحق علي جادالحق رحمه الله: إن شرب الدخان وإن اختلفت أنواعه وطرق استعماله، يُلحقُ بالإنسان ضررًا بالغًا – إن آجلًا أو عاجلًا – في نفسه وماله، ويصيبه بأمراض كثيرة متنوعة وبالتالي يكون تعاطيه ممنوعًا بمقتضى هذه النصوص، ومن ثم فلا يجوز للمسلم استعماله بأي وجه من الوجوه – وأيًّا كان نوعه – حفاظًا على الأنفس والأموال، وحرصًا على اجتناب الأضرار التي أوضح الطب حدوثها، وإبقاء على كيان الأُسَر والمجتمعات، بإنفاق الأموال فيما يعود بالفائدة على الإنسان في جسده، ويعينه على الحياة سليمًا معافًى، يؤدي واجباته نحو الله ونحو أسرته، فالْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ؛ (الهدي الصحي، جـ1، صـ21).

 

(2) قال مفتي مصر السابق الدكتور/ نصر فريد واصل: التدخين حرامٌ بكل المقاييس الشرعية؛ لما فيه من الإضرار بالمدخن ومن حوله؛ بل إن حرمته أشد من حرمة الخمر؛ لأن الخمر تضر بصاحبها فقط، أما التدخين فإنه يضر بالمدخن ومَن حوله، وهذا ثابتٌ عِلميًّا؛ (الهدي الصحي، جـ1، صـ43).

 

(3) قالت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف: شرب الدخان ثبت يقينًا من أهل المعرفة والاختصاص، ومن المؤتمرات الطبية العالمية ضرره بالصحة؛ لما يسببه من سرطان الرئة والحنجرة والإضرار بالشرايين، كما أنه ضارٌّ بالمال؛ لإنفاقه فيما لا يعود على الإنسان بالفائدة، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن كل ما يضرُّ بالصحة والمال، ففي الحديث الشريف: ((لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ))؛ لهذا حُرِّمَ شرب الدخان واستيراده وتصديره والاتجار فيه؛ (الهدي الصحي، جـ1، صـ57).

 

(4) قالت اللجنة الدائمة بالسعودية: شرب الدخان حرامٌ، وزراعته حرامٌ، والاتجار به حرامٌ؛ لما فيه من الضرر العظيم، وقد رُوي في الحديث: ((لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ))، ولأنه من الخبائث، وقد قال اللهُ تعالى في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف: 157]، وقال سبحانه: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ﴾ [المائدة: 4]؛ (فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية، جـ13، صـ31، فتوى رقم 4947).

 

(5) المؤتمر الإسلامي العالمي لمكافحة المسكرات والمخدرات: أصدرَ العلماءُ المجتمعون في هذا المؤتمر بالإجماع فتوى بتحريم استعمال التبغ وزراعته والاتجار به؛ (التدخين وأثره على الصحة للدكتور/ محمد على البار، صـ4).

 

(6) قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله (مفتي عام السعودية): الدخان محرمٌ؛ لكونه خبيثًا ومشتملًا على أضرار كثيرة، والله سبحانه وتعالى إنما أباح لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب وغيرها، وحرم عليهم الخبائث، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ﴾ [المائدة: 4] وقال سبحانه في وصف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في سورة الأعراف: ﴿ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف: 157] والدخان بأنواعه كلها ليس من الطيبات، بل هو من الخبائث، وهكذا جميع المسكرات كلها من الخبائث، والدخان لا يجوز شربه ولا بيعه ولا التجارة فيه؛ لما في ذلك من المضار العظيمة والعواقب الوخيمة، والواجب على من كان يشربه أو يتجر فيه أن يبادر بالتوبة والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى والندم على ما مضى والعزم على ألا يعود في ذلك، ومن تاب صادقًا تاب اللهُ عليه؛ (مجموع فتاوى ابن باز، جـ6، صـ362).

 

(7) قال الشيخ/ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله: شُربُ الدخان محرمٌ، وكذلك الشيشة، والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]، وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195]، وقد ثبت في الطب أن تناول هذه الأشياء مضر، وإذا كان مضرًّا كان حرامًا، ودليل آخر قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [النساء: 5]، فنهى عن إتيان السفهاء أموالنا؛ لأنهم يبذرونها ويفسدونها، ولا ريب أن بذل الأموال في شراء الدخان والشيشة تبذيرٌ وإفسادٌ لها، فيكون منهيًّا عنه بدلالة هذه الآية، ومن السُّنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال، وبذل الأموال في هذه المشروبات من إضاعة المال.

 

روى ابنُ ماجه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ))؛ (حديث صحيح لغيره) (صحيح ابن ماجه للألباني، حديث: 1896).

 

وتناول هذه الأشياء موجب للضرر، ولأن هذه الأشياء تُوجبُ للإنسان أن يتعلق بها فإذا فقدها ضاق صدره وضاقت عليه الدنيا، فأدخل على نفسه أشياء هو في غنى عنها؛ (فتاوى إسلامية، إعداد محمد المسند، جـ3، صـ:443).

 

نصيحة لولاة أمور المسلمين:

يجب على ولاة أمور المسلمين في جميع البلاد الإسلامية منع زراعة التبغ، أو استيراده، مع ضرورة إصدار قوانين صارمة بمعاقبة كل مَن يجاهر بتناول الدخان- بجميع أنواعه- في الأماكن العامة، مع التركيز على التثقيف الصحي، وتوعية الناس بأضرار التدخين، وحظر كل إعلانات التبغ المباشرة وغير المباشرة، وكل أساليب ترويج التدخين، مع حظر الدعاية التجارية من قِبَل شركات التبغ.

 

نصيحة لبائع الدخان:

أخي التاجر المسلم الكريم، اعلم- رحمني الله تعالى وإياك- أن بيع الدخان بجميع أنواعه حرامٌ ومعصيةٌ لله تعالى؛ لأن الأطباء قد أثبتوا ضرره بصحة المدخن ومَن حوله، وقد أفتى كثيرٌ من العلماء بحرمة بيعه، وبيع الدخان نوعٌ من التعاون على الإثم والعدوان، قال سبحانه: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].

 

واعلم أخي التاجر أيضًا أن الأرزاق من عند الله تعالى وحده، وأَنَّكَ لَا تَدَعُ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ، فلنحذر جميعًا مِن مخالفة أوامر الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم.

 

قال اللهُ تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36]، وقال سبحانه: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].

 

أخي التاجر الكريم، إن امتناعك عن بيع الدخان لن يُنقصَ من رزقك شيئًا عما قدَّره الله تعالى لك، روى أبو نُعيم عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِيَ أَنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا، وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلَا يَحْمِلَنَّ أَحَدَكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ يَطْلُبَهُ بِمَعْصِيَةٍ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ))؛ (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني، حديث:2085).

 

روى الطبرانيُّ عَن أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الرِّزْقَ لَيَطْلُبُ الْعَبْدَ أَكْثَرَ مِمَّا يَطْلُبُهُ أَجَلُهُ))؛ (حديث حسن) (صحيح الجامع للألباني، حديث 1630).

 

دور وسائل الإعلام في مكافحة التدخين:

هناك وسائل إعلام عديدةٌ تستطيع أن تساعد في القضاء على ظاهرة التدخين، والتخلص منه، مثل: الصحف، والمجلات، والإذاعة، والتليفزيون، والقنوات الفضائية، كل هذه الوسائل الإعلامية لها تأثيرٌ فَعَّالٌ في إرشاد الناس وتوعيتهم بأضرار التدخين، وذلك من خلال عمل برامج ثقافية ونشر الوعي لدى المواطنين بمدى خطورة التدخين وما يسببه من أمراض، مستعينين بأهل الخبرة من الأطباء ورجال الفِكْر؛ (تربية الأولاد لعبدالله ناصح علوان، جـ1، صـ227).

 

كيف يقلع الإنسان عن التدخين؟

يستطيع المسلم أن يُقْلِعَ عن التدخين باتباع الخطوات التالية:

(1) الاستعانةُ بالدعاء إلى الله تعالى بأن يوفِّقه في الإقلاع عن التدخين.

 

(2) يتذكر المسلمُ أن التدخين يشتمل على أضرار كثيرة، وأنه معصية لله تعالى.

 

(3) أن يكون لدى المسلم الرغبة الصادقة والإرادة القوية في الإقلاع عن التدخين.

 

(4) مصاحبةُ أهل الصلاح والتقوى والمواظبة على أداء الصلاة جماعة في المساجد.

 

(5) إنقاصُ عَدد السجائر بالتدريج وصولًا للتخلص منها، والابتعاد عن المدخنين، والأماكن التي يكثر فيها التدخين.

 

(6) الحصولُ على قَدْرٍ كبيرٍ من الاسترخاء وبخاصة خلال الأيام الأولى من الإقلاع عن التدخين.

 

(7) الإكثارُ من تناول الفاكهة والخضراوات الطازجة، والفيتامينات، وعدم تناول الأطعمة الدسمة.

 

(8) الإكثارُ من تناول الماء ليتخلص الجسم من النيكوتين والمواد الضارة.

 

(9) التخفيفُ من تناول الشاي والقهوة خاصة خلال الأيام الأولى، والاهتمام بممارسة الرياضة.

 

(10) استخدامُ بعض الأدوية المهدئة؛ لأنها قد تكون ذات نفعٍ لمن يُصابون بالقلق عند ترك التدخين.

 

(11) تناولُ كُوبٍ من الليمون أو البرتقال يوميًّا؛ لأنه يخفف من شدة الرغبة في التدخين.

 

ختامًا: أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلا أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأن يجعله ذُخْرًا لي عنده يوم القيامة ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، كما أسأله سُبْحَانَهُ أن ينفعَ به طلابَ العِلْمِ الكرامِ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مشروع توعية المجتمع بأضرار التدخين
  • أضرار التدخين النفسية والعقلية والاجتماعية
  • أضرار التدخين الاقتصادية والخلقية
  • أضرار التدخين على الحامل
  • كيف تتخلص من التدخين؟
  • أضرار التدخين وحكمه ومعايب الدخان

مختارات من الشبكة

  • نتائج أحدث الأبحاث الطبية حول أضرار التدخين(مقالة - ملفات خاصة)
  • سبعون فائدة للإقلاع عن التدخين: كيف تقلع عن التدخين؟ (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • القاعدة الفقهية: الضرر لا يزال بالضرر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التدخين وباء يزداد(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • أخطار التدخين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • قاعدة: يتحمل الضرر الخاص لأجل دفع الضرر العام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصوم والوقاية الصحية(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • التدخين(مقالة - ملفات خاصة)
  • أضرار المخدرات (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • من أضرار الزنا(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب