شرح حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما

شرح حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما

متن الحديث:

عن أبي عُبيد مولى ابن أزهر واسمه سعد بن عُبيد قال: «شهدت العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما: يوم فطركم من صيامكم، واليوم الآخر: تأكلون فيه من نسككم».

الشرح:

وهذا الحديث مخرج في الصحيحين، وموضوعه: حكم صوم يومي العيد؟

وسعد بن عُبيد، من التابعين وهو ثقة، وذكر أنه شهد العيد مع عمر الفاروق رضي الله عنه فقال: هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما... إلى آخر الحديث،

وعيد الفطر وعيد النحر هما العيدان الإسلاميان المباركان العظيمان، جعلهما الله تبارك وتعالى للفرح وللبهجة وللسرور وللحبور وللذكر وإظهار الشكر لله تبارك وتعالى، والمسلمون يُظهرون الزينة، وكمال الإسلام، ويتمتعون بالأكل والطعام والشراب على ذكر الله تبارك وتعالى، وكما أن المسلم تعبده الله تبارك وتعالى بصيام شهر رمضان، بالإمساك عن الطعام والشراب فها هو جل وعلا يتعبده بإظهار الأكل والشرب والفرح، فلذلك يظهر الامتثال في الإمساك، ويظهر الامتثال في الأكل والطعام، وأيضاً يظهر قرن هذه الأشياء المباحة الطعام والشراب والزينة بذكر الله تبارك وتعالى، فتجد أنه في يوم الأضحى يأكل الناس من الأضاحي والهدايا، وفي أيام التشريق، ويُقرن هذا كله بشكر الله تعالى وذكره، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله تبارك وتعالى» فلذلك حَرُم صوم يوم الفطر، وصوم يوم الأضحى، وكذلك حَرُم صيام أيام التشريق الثلاثة، وتسمى أيام النحر، الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، هذه يقال لها أيام التشريق، ويقال لها أيام النحر، وهذه لا تصام لأنها أيام عيد لأنها ملحقة بعيد الأضحى، فهذه خمسة أيام في السنة لا يجوز للمسلم أن يصومها، الفطر والأضحى وأيام التشريق الثلاثة، هذه يجب على المسلم الإفطار فيهما، وإعلان الأكل والشرب، وإشاعة الفرحة، إلا من عجز عن هدي التمتع والقران، هذا له أن يصوم أيام التشريق بصفة خاصة مستثناة، لأن عائشة وابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قالا: «لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن، إلا لمن لم يجد الهدي» رواه البخاري، فهذان لا يصامان لجميع الناس، إلا لمن لم يجد الهدي كما ذكر ذلك ابن عمر وعائشة رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما.

والحكمة من النهي:

هو أن تتميز العبادة، فيتميز رمضان عن غيره، فرمضان: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تقدمه بصوم يوم أو يومين، ونهى صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الفطر، ليتميز الصيام في بدايته وفي نهايته، فهو شهر واحد، فلا يُزاد في العبادة ولا يُنقص منها شيئاً.

ومن الحكم:

أن الفطر والأضحى، خاصة الأضحى فيه الأكل من الهدايا والضحايا، فالناس في هذا اليوم أضياف على الكريم الجواد الملك الرزاق القوي المتين سبحانه وتعالى، فهم أضياف الله تبارك وتعالى، فليقبلوا ضيافته، وليفطروا في هذين اليومين.

ومن الفوائد:

أن الصوم في الفطر والأضحى وأيام التشريق لا ينعقد ولا يصح، والصوم باطل، ومن صام فعليه التوبة والاستغفار، لأن هذا معصية، وتعمق وتنطع وتكلف في دين الله تبارك وتعالى، فلا ينعقد الصيام، لأن النهي في هذا الحديث حديث عمر وحديث أبي سعيد الآتي هو للتحريم بإجماع أهل العلم، كما ذكر ذلك ابن قدامة رحمه الله تعالى، فلا يصح سواء كان قضاء أو نفلاً أو نذرًا، كل هذا محرم ولا يصح كما ذكر أهل العلم رحمهم الله تعالى رحمة واسعة.

ومن الفوائد المتعلقة بهذا الحديث:

أن الخطيب ينبغي له أن يعتني بخطبة عيد الفطر وعيد الأضحى، وأن يذكر فيها ما يناسب الحال، والوقت، من الأحكام خاصة أحكام المناسبات، فيبن للناس أحكام عيد الفطر، والقضاء، والست من شوال، ويبين لهم في الأضحى أحكام الأضاحي، ويبين لهم المأمورات والمنهيات في هذا الباب، فإمام العيد: يعلم الناس ما يتعلق بالعيد من أحكام الشرع مما أمر الله عز وجل، ومما نهى عنه.

ومن الفوائد:

أنه لا يجوز صيام أيام التشريق لأنها تابعة ليوم الأضحى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله تبارك وتعالى» رواه الإمام مسلم، فصيامهما حرام، وقال بعض أهل العلم بكراهتها، فلا تُصام ولو كانت الأيام البيض أو اثنين أو خميس أو ما إلى ذلك.

ومن الفوائد:

أن العبادات توقيفية، فلا يصح أن نتقرب إلى الله تعالى إلا بما ورد في الشرع، فمدار قبول العمل: على الإخلاص لله تبارك وتعالى، والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال أهل العلم: ليس كل عمل مشروع تشرع آحاده، وروى عبد الرزاق عن ابن المسيب، أنه رأى رجلاً يكرر الركوع بعد طلوع الفجر، فنهاه عن ذلك، فقال يا أبا محمد: أيعذبني الله على الصلاة؟ قال: لا، ولكن يعذبك على خلاف السنَّة.

ومن الفوائد:

أن المشروع للإنسان في عيد الفطر والسنَّة له أن يأكل تمرات وتراً قبل خروجه إلى المصلى يوم الفطر، وذلك تأكيداً للإفطار في هذا اليوم.

والسُنَّة في الأضحى أن يأكل من أضحيته، إن كان ممن يضحي اتباعاً لسنَّة النبي صلى الله عليه وسلم.

وفق الله الجميع، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.