• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / المرأة في الإسلام
علامة باركود

أسطورة تحقيق الذات

نورا عبدالغني عيتاني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/7/2017 ميلادي - 16/10/1438 هجري

الزيارات: 7052

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أسطورة تحقيق الذات

 

"عجيبٌ غريب أننا ندافِع عن أخطائنا بأكثر قوة مما ندافع عن صوابنا".

عبارةٌ مقتضبة، واضحة فاضحة، تشفُّ عما تحتها! قالها جبران مرة، وهأنذا أقولها اليوم مرة، وأخوضها ألف مرة!

لكأني عشتُها بأدقِّ الحذافير، وخبَرتُها تطبيقًا ومعنًى!

وكأنك يا جبرانُ تقرأ أفكاري، وأنا التي لطالما قرأتُ أفكارك وعشتُها وحفِظتها!

 

نحن نرفضُ الذين يُذكِّروننا بأخطائنا، فننبذهم ونحاربهم، ونحن أول مَن يعلم أنهم محقون؛ لأننا ببساطة عاجزونَ عن الاعتراف بعجزنا وبضعفِنا وقصورنا اللامتناهي، لا أدري ما السبب؟ ولا أرى لهذا تفسيرًا سوى أنَّا - ربما - قد اعتَدْنا على الضعف والقصور والعجز، حتى صرنا عاجزين عن العيش دونها!

 

فها هو رجل ينطق بالأمسِ بكلمةِ حقٍّ لم يُرِدْ منها إلا أن يغرِسَ بذرةً طيِّبةً رواها بماءِ قلبه، لتتفتح زهرة فوَّاحة تفوح شذًى وعطرًا، فإذا بها تستحيلُ بين أيدينا أشواكًا تجرح، وبراعم يابسة منكسرة تذبُلُ قبل أن تتفتَّح، لتأخذ عطرها معها، ولتتركَ بعضًا من عبقها الذي أبى إلا أن يعلَقَ ويتشبَّث بجذور الحقيقة وجزيئات الواقع!

 

لقد قال هذا الرجل كلمةَ حقٍّ في زمنٍ قلَّ فيه مَن ينطق بالحق ويسمع، ويا ليتَه قالها كدعوةٍ صريحة للخير، أو كتصحيحٍ لخطأ الغير، بل قالها مخاطبًا نفسه، متكلمًا عن نفسه وبصوت نفسه، معلنًا عمَّا يختبئ في نفسه من أشجانٍ، وما يصطرع فيها مِن مشاعر رحيمة صادقة، لا يقطن فيها إلا الخير، لكننا نأبى إلا أن ندنِّسَ الكلمات والمشاعر الصادقة بسوء الظن وانحراف النوايا!

 

فما إن أدلى هذا المسكينُ بدلوه ليعبِّر عن رغبته (الخاصة) بالزواج من امرأةٍ لا تعمل، وما إن ألقى بأحلامِه المثقَلة البريئة عبر الأثير، حتى اشرأبَّت أعناقٌ، وتطاولتْ هتافات، وصاحت نساء العالم بأصوات متداخلة، وتطايرت شتائمُ، وعلا صوت الغضب، وتلاطمت أمواجه، وبدأت معركةُ النساء، وانبرى فجرُ تحقيق الذات!!

 

هب بعض الرجال على الأثر يَذُودُون عن أخِيهم الذي ضاع في مهبِّ الريح وضاعت أحلامه معه، علَّهم ينجدونَه ببعض ما بيدِهم من حِيَل، إلا أنهم لم يصمدوا أمام غضب (الجنس اللطيف)، اللواتي خُضْن المعركة وركِبْن (حصان الشعارات الجامح)، وأعلن الحصار، ليطالبن بإعادة اعتبارِهن، والذَّوْد عن كرامتهنَّ التي هدرَتْ على أكف حلم، حلم واحد فحسب!

 

فما نفع الأحلام في دنيا كهذه، تتطاحَن فيما بينها وتتقاتَلُ، وتتناحَر بالسيف والرمح والقرطاس والقلم، لتحارب الحلم؟ لتقتلعه من جذوره وتدوسه حتى يموتَ، على عَتَبة شعارٍ زائف، لتتحقَّق بهذا مقولةُ الشاعرة اللبنانية نادية تويني: (هؤلاء الذين يعيشون تحت شمس الكلمة، على حصان الشعارات الجامح، هؤلاء يكسرون زجاج الكون)!

 

ها هي المعركة اشتدَّت وحمي وَطيسُها، ونساء العالم الثالث - اللواتي أشهَدُ أنهن ما اتحدن يومًا - ها هن اليوم متَّحِدات في وجه العدو الغاصب، وحين تتحد النساء تأكَّدْ أن هناك مصيبةً في الأفق تلوح، فخُذْ حذرَك، واحمِ رأسك، منبع الأفكار وبوابة الاستبداد!

ها هن النساء يكشِّرن عن أنيابِهن، ويرفعن أصواتهن، وبصفِّهن بعضٌ مِن عملاء الجنس الآخر، يُصفِّقون ويدعمون، ويشحذون الهمم، ومنهم مَن يسير على أكتافِ بعض النساء، رافعين فوق رؤوسهن شعار: (حقوق المرأة)، هم رجال عاطلونَ عن العمل، فهل مِن أمل؟

أملُهم في النساء كبير!

 

تنتهي الحرب مؤقتًا؛ فهي هدنة، ويعم السلام العادل والشامل، لهُنَيْهَة ليس إلا، تتداخَل فيها الخُطَب الرنَّانة، وتعقد جلسة الإدانة، لتعلن الحرب من جديد!

أتوقَّف عن متابعة المشهد، أتنهَّد ثم أنسحِب إلى الخلف، وتُرجِعني الذكرى ستًّا من السنوات إلى الوراء، لأنبُشَ ذاكرتي المكلومة، وأستذكرَ ثمانية أعوامٍ مضت وانقضت، قضيتُها بالعمل بين النساء، بين النساء فحسب!

 

ثمانيةُ أعوامٍ ما ثبتني فيها ولا صبَّرني سوى أني كنتُ أُعلِّم الأطفال، فتعلَّمت منهم!

ثمانيةُ أعوامٍ كانتْ كفيلةً بإقناعي بأنه (ليس للمرأة إلا بيتُها)، وبأن فتنةَ النساء فيما بينهن ليست بأقلَّ ضررًا مِن فتنتهن على الرجال، وكان أن أعلنتُ صمتًا فوق صمتي.

 

تجمعات تجمعات، حِلَق كحِلَق الذِّكْر، وما أبعد التشبيه، وحاشا لحلقات الذِّكر أن تدنَّس بوصف بائسٍ كهذا! لحوم تُنهَش، وخصوصيات تُستَباح، قصاصات وحكايات تافهات، لا نفع منها سوى أنها تملأ فراغ الهواء، وجيوب ذراته بالهراء، وتتبع عَورات الناس، وكشف أسرارهم!

 

حسد، وضغينة، وتسابق على المظاهر، تطفُّل وتطاول وغَيْرة، وحديث عن الآخرين بلا حرج، والأعجب من هذا كله هو التلاقي بين المتحاسدين والمتباغضين بعد ولائم الغِيبة والنميمة، وكأن شيئًا لم يكن!

ثمانيةُ أعوامٍ قضيتُها في شِبْه عزلة، أنزوي قُرْب صديقة تلائم طباعي وتفهم صمتي وأسبابه.

 

كنتُ حينها ما زلت طالبةً جامعية في سنتِها الثالثة، عزباء تطلُّ على الحياة ببهجةِ فراشة، وجناح عصفورة بلا مسؤوليات، ومع كل ما في القلب مِن أحلامٍ وأمنيات، وكل ما في الجعبةِ مِن إرادة وطموح، تاهت نفسي، ذاتي الحبيبة، تلك التي جئتُ أبحثُ عنها كما الجميع كي أحققها، ضاعَتْ مني بين أصوات البشر، بين ضجيج النساء وقسوتِهن الجارحة، تاهت ذاتي رغم صمتي، وما عدتُ أدري أيّنا صار محققًا، ذاتي أم أنا؟ أو لا أحد؟

 

أنا القارورة، تلك الرقيقة التي أوصى بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كيلا تُكسَر؛ لأنها حسَّاسة للغاية، ورقيقة لأبعد مدى، وبرغم أني لم أكسر، ثَمة خدوش كثيرةٌ علقت بي، وما عدتُ أنا نفسي، تلك الصبيَّة البريئة التي كانت ترى الدنيا بلونِ الزهر ورائحة الأحلام، والضحكات، والفرح، كيف ذهبت؟! وأين اختفت؟!

 

ما عدتُ أذكر، كل ما أذكره هو أني كنتُ مضطرةً أن أرتدي رِداء القسوة الجافي إزاء كل هذا الزجاج المتكسِّر الجارح الذي يتطاير حولي، ويتقاذف مِن كل جهة، زجاج القوارير الباقية التي انكسرتْ هي الأخرى، على شفيرِ ذات على وشك أن تتحقق!

فيكفي أن ترقب النساء المنهكات اللواتي جئن للعمل قسرًا ورغمًا عنهنَّ، تاركات خلفهن أشباحَ أمومتِهن الضائعة، وخيالات أطفال كبِروا على مهبِّ (تحقيق الذات)!

 

يكفي أن تُصغِي لشكاوى بعضِهن عن التعب والإرهاق، وضيق الوقت، وسَعة المسؤوليات واستحالة إتمامها!

يكفي أن تُصغِي لرواياتِهن عن أمراضهن وأوجاعهن وهمومهن، عن الطلاقات والانهيارات والإجهاضات، والأزمات التي تتوالى، وتدخل الواحدة منهنَّ تلو الأخرى للطوارئ إذا احتاج الأمر، ويا لكثرة ما يحتاج!

 

يكفي أن تُصغِي لحلمِ زوجةٍ جديدة، تتجمد الدمعة في مآقِيها؛ لأنها تحلم بطفل يحبُو ويملأ البيت حياةً، لكن هذا الطفل لا يأتي؛ لأنها مرهقة جدًّا، وبحاجةٍ لبعض الراحة، كما أخبرها الطبيبُ بصراحة!

يكفي أن تنبُشَ ذاكرتَهن، وتستمعَ لفصولهن، وما خلفن بمطابخهن من أوانٍ وحللٍ تراكمت منذ مدَّة، وعصير سُكب على الأرض والتصق بها بشدة؛ لأنه لم يجد مَن يزيله، ومهام ومسؤوليات أخرى، لا تجدن الوقت الكافي لإتمامها، ولا الطاقة الكافية؛ فأوقاتهن استهلكتْ، وطاقاتهن استنفذت كلها في العمل، فما العمل؟

 

وعن حكاياتِ اتِّكاليةِ الرجال وتقاعسِهم في أداء دورهم، حدِّث ولا حرج، فلكل واحدة منهن حكاية، وإن لم تحكِها، فعيونُها المتعبة ترويها.

يكفي أن تسمع هذا كله بأمِّ قلبك كل يوم ألف مرةٍ، لتدرك أن حكاية تحقيق الذات تلك هي مجرد (أسطورة) ليس إلا!

 

فبعد كلِّ هذا التعب والعناء والإرهاق في العمل، يفيضُ الكيل ويطفح، لتصبحَ النساء اللطيفات ناقمات غاضبات فارغات الروح؛ (لانعدام الوقت الميسَّر لملئِها)، ووسط كل هذا الهلع تصبح النساء بحاجةٍ لإشباع حاجاتهن للبوح، بطرق أخرى (غير صحية)!

فيكفي أن تتنقل بين وجه ووجه؛ لتلمح المكر المخبَّأ في نظراتهن الثاقبة، وترى عيونهن المتطفلة تتبادل الكلمات المتملِّقة المغتابة، التي تغتاب الشخص أمام عينَيْه أو وراء ظهره، خلسة وبدون أدنى صوت، أو بصوت الماهر المحنَّك.

 

يكفي أن ترى تمطُّط شفاههن وهن يتكلمن باستمرار دون أي توقف، يتكلمن باستمرار إلى أن يفيض الكلام، ولا يفرغ الخزان!

يكفيك أن تلمح الخرقة الباردة الصفراء تلك، التي تشبه كل شيء إلا الابتسامة، وهن يتبادلنَها كل يوم مع تحية الصباح والمساء، رغم كل هذا الجفاء!

 

يكفيك أن ترى هذا كله بأم عينك وأنت جالس بصمتك الصاخب المعهود، كما يجلس الفرخ العجيب، ولسان حالك يردد: (لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم)؛ لتعرف أنك في المكان الخطأ، وأن ذاتك لن تجد هنا ضالَّتها، ولن تتحقق أبدًا، بل إنها حتى قد تذوب، أو تصاغ وتنكسر، لتكسرك معها؛ لأن الذات كما السعادة، إن لم تتحقق في الداخل، فلا مجال لتحقيقها في أي مكان آخر!

 

أعود لذاتي من جديد - ذاتي التي لم تتحقق في الخارج - ويقرع سمعي قولُ جبران:

"إن المدنية الحاضرة قد أنمت مدارك المرأة قليلًا، ولكنها أكثرت أوجاعَها بتعميم مطامع الرجل، كانت المرأةُ بالأمسِ خادمةً سعيدة، فصارت اليوم سيِّدةً تعسةً، كانت بالأمس عمياءَ تسيرُ في نور النهار، فأصبحت مبصرةً تسير في ظلمة الليل، كانت جميلةً بجهلها، فاضلةً ببساطتها، قويةً بضعفها، فصارت قبيحةً بتفنُّنها، سطحيةً بمداركها، بعيدةً عن القلب بمعارفها"!


أهز رأسي بسعادةٍ، وأقول من جديد:

صدقت يا جبران، لطالما كنتَ تفهمُني!

فأي ذات تلك التي تجبِرُ المرأة على حملِ أضعاف مِن الأحمال التي تفوق طاقتها لكي تتحقق؟

 

أي ذات تلك التي تجعل المرأة آلةً خارقة لا تكفُّ عن العمل داخل البيت وخارج البيت، وتحرمها من حقِّها في القرار والسكينة والراحة قرب أولادها، لكي تتحقق؟

أي ذات تلك التي تجعل المرأةَ راضيةً بأن تلبس كلَّ الأدوار، وترتدي كل الهموم، وتمتهنُ كلَّ الحِرَف، فتكون البائع، وتكون الموظَّف، وتكون المحاسِب، وتكون السائق، والجابي، ودافع الجزية، إلا دور الأم!

 

أي ذات تلك التي تجعلُ المرأة تتخلَّى عن كينونتِها وحقوقها كامرأةٍ، وتضطرها لأن تلهثَ خلف أوهام حقوقٍ هي في حقيقتها واجباتُ الرجل تجاهها، وحقوقها عليه!

ويحتجُّون بكوننا بحاجةٍ لنساء عاملات في ميدان الطب على الأقل، وإلا فكيف لك أن تسمح لزوجتك الموقَّرة بالكشف على نفسها عند الطبيب على سبيل الحشمة والمثال؟

 

والحق يقال: إن هذه حجة صحيحة - لا غبار عليها - وكلمة حق لا يُراد بها باطلٌ، وستأتي بالخير الكثير لو أنهم رَعَوها حق رعايتِها فحسب، لكنك مع الأسف الشديد لو أمعنت النظر حولك لرأيت أن أكثر النساء ترديدًا لهذه الحجة الدامغة هن أكثرهن ترددًا على عيادات الأطباء الرجال! وإن سألتهن عن السبب سيُجِبْنَك: (لأن الطبيب أمهر من الطبيبة)!

 

وهذا لَعَمْري هو عين التناقض، لكن لا عجب، فالنساء لا تثِقْن ببعضهن، إلا مَن رحم الله، والأدهى من هذا هي تلك المرأة التي ترضى على (ذاتها المحققة) أن تذهب إلى طبيب نسائي (لأنه أفهم وأمهر)، وكأن الأمر عادي جدًّا وطبيعي جدًّا!

وما الغرابة في الموضوع؟!

 

هذا طب، والطب علم، ولا حياءَ في العلم! وما أدراك أنتَ أيها البدائي المتخلف؟!

والأقصى غرابةً في الموضوع كله، وهو السؤال الذي لطالما حيَّرني - بصراحة - وقضَّ مضجعي، هو ذاك الطبيب النابغة الذي يمتهن مهنة مثل هذه المهنة! ما الذي جعل رجلًا (محترمًا) مثله يَختارُ مهنةً كهذه من بين آلاف المهن؟ أتليق به؟ أم أن المهنة أعجبَتْه! عجبي!

 

أعود لذاتي وأقول:

لو أن (تجار حقوق المرأة) نادَوا مرةً بتوزيع (طبخة) صحيَّة مجانية على كل بيت تضطرُّ فيه المرأة للخروج إلى العمل لكسب العيش، (طبخة) واحدة ليس إلا، تُغنيها عن إطعام أطفالها هذا الكم الهائل من الطعام الجاهز الميت المصنَّع، لكنت صدقتهم!

 

لكنهم لم ولن يفعلوا؛ فلسان حالي ولسان حالِ الكثيرات مثلي - وإن كن يُكابِرن وينكرن ذاك المعنى الذي يقطُنُ في قرارة أنفسهن، يقول للمتحذلقين والمتشدقين والمتاجرين بحقوق المرأة، كما قال المنفلوطي من قبل:

"ما شكَتِ المرأةُ إليكم ظلمًا، ولا تقدَّمت إليكم في أن تحلُّوا قيدها وتُطلِقوها من أَسْرها، فما دخولكم بينها وبين نفسها؟ وما تمضُّغكم ليلَكم ونهارَكم بقصصها وأحاديثها؟ إنها لا تشكو إلا فضولَكم وإسفافَكم ومضايقتَكم لها، ووقوفكم في وجهها حيثما سارت وأينما حلَّت، حتى ضاق بها وجه الفضاء، فلم تجد لها سبيلًا إلا أن تسجنَ نفسها بنفسها في بيتها فوق ما سجنها أهلها، فأوصدَتْ من دونها بابها، وأسبَلَت أستارها؛ تبرمًا بكم وفرارًا من فضولكم، فواعجبًا لكم، تسجنونها بأيديكم، ثم تقفون على باب سجنها تبكونها وتندبون شقاءها"!

 

أخيرًا، وليس آخرًا، وجب التنويهُ إلى أني لا أقصدُ الإساءة في مقالتي هذه للنساء العاملات، على العكس تمامًا، بل أنا أصبو لراحتهن، ولنَيْلهن حقوقهن كاملة، (حقوقهن الحقيقية) الضائعة! فالنساء العاملات الشريفات هن المجاهدات، وهن الصابرات، وهن المضحِّيات، في عصرٍ لا رجال فيه، عصر أشباه الرجال إلا مَن رحم ربي، فنحن في عصر تفشَّت فيه اتكالية الرجال وتقاعسهم وتخاذلهم عن القيام بواجباتهم، ولا أقول كلهم بل أكثرهم.

 

فلو أننا حقًّا طبَّقنا الإسلام، وهو الحاضر المغيَّب، لَما اضطرت امرأةٌ في عصرنا هذا - حتى في أصعب ظروفها على الإطلاق - أن تترك بيتها وأطفالها لتعملَ في الخارج وتتكفَّل بشؤون الرزق!

 

ولله دَرُّ الشيخ الطريفي حين قال:

(إذا عجَز الزوج عن حاجة زوجتِه، وجب على الدولة صرفُ ما يسدُّ حاجتها، لا أن توفِّر لها عملًا لتخرج وهي لا ترغَب، المرأةُ يجب أن تعمل باختيارها عكس الرجل).

فسلامًا علينا نحن النساء، وسلامًا على رجالنا، وسلامًا على الدولة!

 

ختامًا أقول:

(ليس للمرأة إلا بيتُها)، فبيتها مملكتها، وبيتها مبتغاها، وليس ذا لمن زعم بأن هذا تخلف، بل ذا لمن وعاها!

أما عن إكرامهن، وقرارهن ببيتهن، وكسوتهن وزينتهن، وأن يكملن علمَهن، فهذا واجبُ الرجل، بحسب مفهوم القوامة، ولذاك له (حظ الأنثيين)، فسلامًا أيها الرجل!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • توجيه الذات "أصب"
  • حوار الذات
  • الثقة الذاتية
  • تقدير الذات

مختارات من الشبكة

  • الأساطير(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • قيافة الأثر بين الأساطير الشعبية والاستدلالات القضائية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أسطورة تغيير الجنس(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • نكبات أصابت الأمة الإسلامية وبشائر العودة: عين جالوت رمضان 658 هـ (2) وتمزيق الأسطورة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تفسير: {لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جهود الحاجب المنصور في الازدهار الثقافي والمعماري بالأندلس من خلال كتاب "الحاجب المنصور أسطورة الأندلس"(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • قراءة في كتاب: "الحاجب المنصور أسطورة الأندلس" للدكتور علي بن غانم الهاجري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تفسير: (وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرةً وأصيلا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع كتاب صحيح البخاري: أسطورة انتهت ومؤلفه (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- لله قلمُكِ
محمد لطفي الدرعمي - مصر 25-12-2017 02:41 PM

حياكِ الله أستاذة نورا، ودام قلمُك الفيَّاض بالخيرات.
أسلوبٌ رائق شائق، وكلمات جيدة متنية.
تتبعتُ بعض مقالاتاك فوجدتُ فيها خيرًا كثيرًا وبصيصَ أملٍ واعدٍ لكاتبة جيدة إن شاء الله تعالى، تحمل القيم، وتحمل قلمًا بديعًا وأسلوبًا رفيعًا.
وفقك الله تعالى وسددك

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب