• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تقرير شامل حول اختلالات التعليم المغربي من ...
    بدر شاشا
  •  
    التربية بالقدوة الحسنة
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    علاج أمراض القلوب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    لماذا الشباب أكثر عرضة للإدمان؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الإدمان الإيجابي
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الإعاقة النفسية
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    التنمية المستدامة: كل ما يجب معرفته عن دورها ...
    بدر شاشا
  •  
    اكتشاف العبقرية لدى الأطفال وتنميتها والمحافظة ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    إدمان مواقع التواصل الاجتماعي
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الإعاقات العقلية، والذهنية
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    الدعاء للأبناء سنة الأنبياء
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    إدمان متابعة المشاهير
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الإعاقات الحسية
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    الإهمال في تربية الطفل وكيفية علاجه من المنظور ...
    مازن أيمن عبدالإله محمد شتا
  •  
    إدمان الوجبات السريعة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    التربية النبوية منهج حياة
    أحمد محمد القزعل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

إزالة الغفلة (خطبة)

إزالة الغفلة (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/7/2025 ميلادي - 21/1/1447 هجري

الزيارات: 20722

حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إزالة الغفلة

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ اللَّطِيفِ الْخَبِيرِ؛ لَطَفَ بِعِبَادِهِ فَهَدَاهُمْ، وَأَنْعَمَ عَلَيْهِمْ وَأَعْطَاهُمْ، وَحَفِظَهُمْ مِنَ السُّوءِ وَكَفَاهُمْ، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ؛ فَهُوَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ، الْبَرُّ الرَّحِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ عَلِمَ ضَعْفَ عِبَادِهِ فَرَحِمَهُمْ، وَعَلِمَ غَفْلَتَهُمْ وَنِسْيَانَهُمْ فَذَكَّرَهُمْ، وَعَلِمَ جَهْلَهُمْ فَعَلَّمَهُمْ، وَعَلِمَ مَيْلَهُمْ إِلَى الدُّنْيَا فَرَغَّبَهُمْ وَرَهَّبَهُمْ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ يَحْذَرُ الْغَفْلَةَ وَيُحَذِّرُ مِنْهَا أُمَّتَهُ، وَكَانَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ غَفْلَتِهِ، وَقَالَ: «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَامْحُوا الذُّنُوبَ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَأَزِيلُوا الْغَفْلَةَ بِالذِّكْرِ وَالِاعْتِبَارِ، وَتَقَرَّبُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِصَالِحِ الْأَعْمَالِ؛ فَإِنَّ الدُّنْيَا دَارُ فَنَاءٍ وَزَوَالٍ، وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فَاطِرٍ:5-6].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: كُلُّ مُؤْمِنٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ خُلِقَ لِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ هَذِهِ الدُّنْيَا هِيَ دَارُ الْعَمَلِ؛ وَأَنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْجَزَاءِ، وَلَكِنْ تُصِيبُ الْعَبْدَ غَفْلَةٌ عَنْ ذَلِكَ بِسَبَبِ حُبِّ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا، وَبِسَبَبِ النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ، وَبِسَبَبِ الشَّيْطَانِ وَوَسَاوِسِهِ؛ وَلِذَا كَانَ لِزَامًا عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُزِيلَ الْغَفْلَةَ مِنْ قَلْبِهِ، وَذَلِكَ بِأُمُورٍ؛ مِنْ أَهَمِّهَا:

كَثْرَةُ التَّفَكُّرِ فِي عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَآيَاتِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ وَصِفَاتِهِ؛ فَإِنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى دَوَاءُ الْقُلُوبِ وَغِذَاؤُهَا، وَشِفَاءُ النُّفُوسِ وَرَاحَتُهَا، وَسَلَامَةُ الدِّيَانَةِ وَاسْتِقَامَتُهَا؛ ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ‌وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:190-191].

 

وَتُزَالُ الْغَفْلَةُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّهُ كِتَابُ تَفَكُّرٍ وَتَذَكُّرٍ، وَبِآيَاتِهِ تَحْيَا الْقُلُوبُ وَتَتَنَبَّهُ، فَلَا تَغْفُلُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا تَنْسَى؛ ﴿ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا ‌تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى ﴾ [طه:2-3]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ ‌يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النَّحْلِ:44]، وَفِي قَصَصِهِ تَذْكِرَةٌ لِلْعِبَادِ فَلَا يَغْفُلُونَ؛ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ ‌يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ:176]، وَخَاطَبَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [يُوسُفَ:3]، وَكَذَلِكَ أَمْثَالُ الْقُرْآنِ: ﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ ‌يَتَذَكَّرُونَ * قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [الزُّمَرِ:27-28]، بَلْ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ حِكْمَةَ تَيْسِيرِ الْقُرْآنِ لِلْبَشَرِ إِزَالَةَ الْغَفْلَةِ عَنْهُمْ بِتَذَكُّرِهِمْ: ﴿ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ ‌يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [الدُّخَانِ:58]، وَأَمَرَ سُبْحَانَهُ بِالتَّذْكِيرِ بِالْقُرْآنِ لِأَنَّهُ مُزِيلٌ لِلْغَفْلَةِ: ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق:45].

 

وَتُزَالُ الْغَفْلَةُ عَنِ الْعَبْدِ بِتَذَكُّرِ الْمَوْتِ وَالْقَبْرِ؛ فَإِنَّ مَنْ تَذَكَّرَ الْمَوْتَ هَانَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا، وَلَمْ يَغْفُلْ قَلْبُهُ عَنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ؛ وَلِذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَادِمِ اللَّذَّاتِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ؛ فَأَمَرَ بِالْإِكْثَارِ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ، وَعَدَمِ الْغَفْلَةِ عَنْهُ؛ لِلِاسْتِعْدَادِ لَهُ وَلِمَا بَعْدَهُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعِظُ أَصْحَابَهُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، وَيُذَكِّرُهُمْ بِالْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ؛ لِيُزِيلَ غَفْلَةَ قُلُوبِهِمْ.

 

وَتُزَالُ الْغَفْلَةُ عَنِ الْعَبْدِ بِتَذَكُّرِ النَّارِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْعَذَابِ وَالنَّكَالِ؛ وَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ ذَكَّرَنَا بِنَارِ الدُّنْيَا؛ لِكَيْلَا نَغْفُلَ عَنْ نَارِ الْآخِرَةِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا ‌تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ﴾ [الْوَاقِعَةِ:71-73]، فَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا ‌تَذْكِرَةً ﴾؛ أَيْ: تُذَكِّرُ الْعِبَادَ بِنَارِ الْآخِرَةِ.

 

وَتُزَالُ الْغَفْلَةُ بِحُضُورِ الْمَوَاعِظِ وَمَجَالِسِ التَّذْكِيرِ؛ فَإِنَّهَا سَبَبٌ لِرِقَّةِ الْقُلُوبِ وَإِزَالَةِ غَفْلَتِهَا؛ وَلِذَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ بِالتَّذْكِيرِ وَالْمَوْعِظَةِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ ‌الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذَّارِيَاتِ:55]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ ‌فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى ﴾ [الْأَعْلَى:9-10]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ ‌فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ﴾ [الْغَاشِيَةِ:21-22]، وَفِي عَصْرِنَا أَصْبَحَتِ الْمَوَاعِظُ وَمَجَالِسُ التَّذْكِيرِ مُيَسَّرَةً لِمَنْ أَرَادَهَا؛ فَهِيَ كَثِيرَةٌ وَمُنَوَّعَةٌ وَمَحْفُوظَةٌ فِي الْفَضَاءِ الْإِلِكْتِرُونِيِّ، وَيَسْتَطِيعُ أَيُّ أَحَدٍ أَنْ يَسْمَعَهَا مَتَى شَاءَ، وَيَأْخُذَ حَظَّهُ مِنْهَا، فَلَا عُذْرَ لِأَحَدٍ إِلَّا مَنْ قَصَدَ غَفْلَةَ قَلْبِهِ، وَإِلْهَاءَ نَفْسِهِ بِمَا لَا يَنْفَعُهَا، بَلْ بِمَا يَضُرُّهَا مِنَ الْمَقَاطِعِ الْعَبَثِيَّةِ، وَإِطْلَاقِ الْبَصَرِ فِي مُشَاهَدَةِ اللَّهْوِ وَالْمُجُونِ، وَهَذَا الَّذِي يَزِيدُ فِي غَفْلَةِ الْعَبْدِ، وَيُفْسِدُ عَلَيْهِ قَلْبَهُ.

 

وَتُزَالُ الْغَفْلَةُ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ؛ لِأَنَّهَا مُكَرَّرَةٌ مَعَ الْعَبْدِ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ، وَفِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى، وَآيَاتُهُ تُتْلَى، فَيَحْيَا قَلْبُ الْمُصَلِّي بِالصَّلَاةِ وَالْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؛ وَلِذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي خِطَابِهِ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ كَلَّمَهُ: ﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ‌لِذِكْرِي ﴾ [طه:14]، وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ حَيَاةِ قُلُوبِ عُمَّارِ الْمَسَاجِدِ بِحُضُورِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النُّورِ:37]. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَافَظَ عَلَى هَؤُلَاءِ ‌الصَّلَوَاتِ ‌الْمَكْتُوبَاتِ ‌لَمْ ‌يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ» صَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ.

 

نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْغَفْلَةِ، وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ الْإِعَانَةَ عَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:131-132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: حُضُورُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَصَلَاتِهَا سَبَبٌ لِإِزَالَةِ الْغَفْلَةِ عَنِ الْعَبْدِ؛ فَهِيَ زَادٌ أُسْبُوعِيٌّ يَتَزَوَّدُ بِهِ؛ فَيُنْصِتُ لِلْخُطْبَةِ لِيَنْتَفِعَ بِهَا، وَيُؤَدِّي الصَّلَاةَ عَقِبَهَا؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ‌فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الْجُمُعَةِ:9]. وَمَنْ فَرَّطَ فِي الْجُمُعَةِ فَتَرَكَهَا غَفَلَ قَلْبُهُ وَلَا بُدَّ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ ‌وَدْعِهِمُ ‌الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمِنْ أَنْفَعِ مَا يُزِيلُ الْغَفْلَةَ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْمُقَنْطِرِينَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَصِيبٌ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ لِيُزِيلَ الْغَفْلَةَ عَنْهُ، مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ أَوْ وَسَطِهِ، وَأَفْضَلُهُ آخِرُهُ؛ حَيْثُ نُزُولُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ، وَاسْتِجَابَتُهُ لِلدُّعَاءِ.

 

وَمِمَّا يُزِيلُ الْغَفْلَةَ مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ بِحَقِيقَةِ الدُّنْيَا، وَأَنَّهَا مَرْحَلَةٌ مُؤَقَّتَةٌ يَعْمَلُ الْعَبْدُ فِيهَا ثُمَّ يَرْحَلُ عَنْهَا إِلَى دَارِ الْخُلُودِ؛ ذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ مَا يُسَبِّبُ غَفْلَةَ الْقَلْبِ الرُّكُونُ إِلَى الدُّنْيَا وَمَلَذَّاتِهَا؛ ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [الْحَدِيدِ:20].

 

وَمِمَّا يُزِيلُ الْغَفْلَةَ مُصَاحَبَةُ الْأَخْيَارِ؛ فَإِنَّهُمْ يُذَكِّرُونَ الْعَبْدَ إِذَا نَسِيَ، وَيُقَوِّمُونَهُ إِذَا اعْوَجَّ، وَيُنَبِّهُونَهُ إِذَا غَفَلَ، وَيُعَلِّمُونَهُ مَا جَهِلَ؛ ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الْكَهْفِ:28].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الغفلة عن الموت
  • الصوم علاج الغفلة
  • اليقظة من رقدة الغفلة
  • الغفلة: أسبابها وعلاجها
  • حجب الغفلة
  • يوم الحسرة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الغفلة أثرها وضررها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الغفلة في وقت المهلة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حف الشارب وإزالة شعر الإبطين والعانة في السنة النبوية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • وقفات تربوية مع سورة الناس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأشواق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فكأنما وتر أهله وماله (خطبة) - باللغة الإندونيسية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تصديق ويقين خواص المؤمنين (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • صالح الأخلاق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصلاة نور (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرزق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- شكر وعرفان
عادل - Algérie 20/11/2025 05:55 AM

شكرا على هذا الموضوع لأنه يحيي القلوب من الغفلة ويذكرنا بالله تعالى وبقدرته سبحانه وتعالى.

1- شكر
أمين سفيان - اليمن 21/07/2025 09:20 AM

جزاكم الله خيرا.. موضوع جميل جداً ورائع.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة قرآنية في سراييفو تجمع حفاظ البوسنة حول جمال العيش بالقرآن
  • سلسلة ورش قرآنية جديدة لتعزيز فهم القرآن في حياة الشباب
  • أمسية إسلامية تعزز قيم الإيمان والأخوة في مدينة كورتشا
  • بعد سنوات من المطالبات... اعتماد إنشاء مقبرة إسلامية في كارابانشيل
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/7/1447هـ - الساعة: 12:54
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب