• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق الطفل (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    معذور لأنه مراهق!
    محمد شلبي محمد شلبي
  •  
    الزواج وفوائده وآثاره النافعة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الحقوق بين الزوجين
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    حقوق الطفل (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة السادسة عشرة: الاستقلالية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    العنف المدرسي في زمن الحياة المدرسية: من الصمت ...
    عبدالخالق الزهراوي
  •  
    في العمق
    د. خالد النجار
  •  
    كيف يمكن للشباب التكيف مع ضغوط الدراسة وتحديات ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    المحطة الخامسة عشرة: استخدام القدرات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    غرس القيم الإسلامية في نفوس الأطفال: استراتيجيات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    أحكام العِشرة بين الزوجين
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    المحطة الرابعة عشرة: الطموح
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الجهل الرقمي كفجوة بين الأجيال: حين لا يفهم ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    التعلق المرضي ليس حبا، فكيف لنا أن نفرق بين الحب، ...
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

عمود الإسلام (20) حق الله تعالى في الصلاة

عمود الإسلام (20) حق الله تعالى في الصلاة
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/6/2024 ميلادي - 14/12/1445 هجري

الزيارات: 10469

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عمود الإسلام (20)

حق الله تعالى في الصلاة

 

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فَاطِرٍ: 1]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ مَنْ أَطَاعَهُ نَجَّاهُ، وَمَنْ عَصَاهُ أَرْدَاهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ، ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 120]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أُسْرِيَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَوَاتِ الْعُلَى، حَتَّى بَلَغَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، فَكَلَّمَهُ رَبُّهُ وَفَرَضَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، ثُمَّ خَفَّفَهَا إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ، مَنْ أَقَامَهَا كَانَ لَهُ أَجْرُ خَمْسِينَ، فَالْحَسَنَةُ بِعَشْرٍ أَمْثَالِهَا، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَحَافِظُوا عَلَى الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّهَا عَمُودُ الْإِسْلَامِ، وَصِلَةُ الْخَلْقِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَأَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 238].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ حُقُوقٌ فِيمَا يُؤَدُّونَهُ مِنْ عِبَادَاتٍ، وَمَعْرِفَةُ الْعَبْدِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي عِبَادَتِهِ تَجْعَلُهُ يُؤَدِّي الْعِبَادَةَ عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ، فَيَنْتَفِعُ بِهَا فِي دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ. وَلِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ حُقُوقٌ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَهَا وَيَأْتِيَ بِهَا؛ لِتَكُونَ صَلَاتُهُ عَلَى مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيَرْضَاهُ.

 

فَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ: الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْحَامِلُ عَلَيْهَا، وَالدَّاعِي إِلَيْهَا رَغْبَةَ الْعَبْدِ فِي اللَّهِ تَعَالَى، وَمَحَبَّتَهُ لَهُ، وَطَلَبَ مَرْضَاتِهِ، وَالْقُرْبَ مِنْهُ، وَالتَّوَدُّدَ إِلَيْهِ، وَامْتِثَالَ أَمْرِهِ؛ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ الْبَاعِثُ لَهُ عَلَيْهَا حَظًّا مِنْ حُظُوظِ الدُّنْيَا أَلْبَتَّةَ. بَلْ يَأْتِي بِهَا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى؛ مَحَبَّةً لَهُ، وَخَوْفًا مِنْ عَذَابِهِ، وَرَجَاءً لِمَغْفِرَتِهِ وَثَوَابِهِ. وَلِلرِّيَاءِ مَدْخَلٌ عَظِيمٌ فِي الصَّلَاةِ بِإِطَالَتِهَا أَوْ تَحْسِينِهَا أَوْ إِظْهَارِ الْخُشُوعِ فِيهَا، وَذَلِكَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟ قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، فَقَالَ: الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ، لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَفِي حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِيَّاكُمْ وَشِرْكَ السَّرَائِرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا شِرْكُ السَّرَائِرِ؟ قَالَ: يَقُومُ الرَّجُلُ فَيُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ جَاهِدًا لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَذَلِكَ شِرْكُ السَّرَائِرِ» رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.

 

وَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ: الصِّدْقُ وَالنُّصْحُ فِي إِكْمَالِ شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا. وَكَثِيرًا مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحُثُّ أُمَّتَهُ عَلَى إِحْسَانِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ إِحْسَانَهُ يَدُلُّ عَلَى الْعِنَايَةِ بِالصَّلَاةِ، وَالصِّدْقِ فِي أَدَائِهَا، وَالنُّصْحِ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهَا، فَجَاءَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَهُوَ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ: مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ هَذَا الْوُضُوءِ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. وَكُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النُّصْحَ فِي الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ سَبَبٌ لِمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ، وَتَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ، وَرِفْعَةِ الدَّرَجَاتِ، وَدُخُولِ الْجَنَّةِ.

 

وَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ: أَنْ يَأْتِيَ بِهَا كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَمَا بَلَّغَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا مَا ابْتَدَعَهُ النَّاسُ فِيهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْهَا مَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ. وَاتِّبَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرِيضَةٌ فِي الدِّينِ كُلِّهِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الْحَشْرِ: 7]، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ آكَدُ؛ لِتَأَكُّدِ الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّهَا عَمُودُ الدِّينِ؛ وَلِأَنَّهَا تَتَكَرَّرُ مَعَ الْعَبْدِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ، فَيُصَلِّي الْعَبْدُ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ؛ وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَقْتَدِيَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَلِذَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَتَعَلَّمَ أَحْكَامَ الصَّلَاةِ، وَصِفَةَ أَدَائِهَا، وَيَحْفَظَ أَذْكَارَهَا؛ لِيُقِيمَهَا مُوَافِقَةً لِلسُّنَّةِ. وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يُقَصِّرُ فِي ذَلِكَ، حَتَّى جَعَلَ الصَّلَاةَ كَأَنَّهَا عَادَةٌ وَلَيْسَتْ عِبَادَةً.

 

وَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ: أَنْ يُرَاقِبَهُ سُبْحَانَهُ فِي إِقَامَتِهَا، فَيُصَلِّيَ كَأَنَّهُ يَرَى اللَّهَ تَعَالَى، وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ خَطَبَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ بِكَلِمَاتٍ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا، وَمِنْهَا قَوْلُهُ: «وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ خُزَيْمَةَ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا نَصَبْتُمْ وُجُوهَكُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ حِينَ يُصَلِّي لَهُ، فَلَا يَصْرِفُ عَنْهُ وَجْهَهُ حَتَّى يَكُونَ الْعَبْدُ هُوَ يَنْصَرِفُ» وَاسْتِشْعَارُ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَذَوْقِ لَذَّتِهَا وَحَلَاوَتِهَا.

 

وَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ: أَنْ يَسْتَحْضِرَ مِنَّةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي إِقَامَتِهَا؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هَدَاهُ إِلَيْهَا وَقَدْ ضَلَّ عَنْهَا أَكْثَرُ النَّاسِ، وَعَلَّمَهُ أَحْكَامَهَا وَقَدْ جَهِلَهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَأَعَانَهُ عَلَى إِقَامَتِهَا وَقَدْ تَثَاقَلَ عَنْهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، ﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الْحُجُرَاتِ: 17]، وَالصَّلَاةُ مِنَ الْإِيمَانِ؛ فَالْهِدَايَةُ لَهَا مِنَّةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَنْ هَدَاهُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَشْعِرُ هَذَا الْمَعْنَى الْعَظِيمَ أَمَامَ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ يَنْقُلُ التُّرَابَ، وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا، وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا...» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَاسْتِشْعَارُ هَذَا الْمَعْنَى يُزِيلُ مِنْ قَلْبِ الْعَبْدِ الْعُجْبَ بِصَلَاتِهِ وَعِبَادَتِهِ، وَيُؤَدِّي بِهِ إِلَى كَثْرَةِ شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَذِكْرِهِ وَحَمْدِهِ، ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النَّحْلِ: 53].

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الصَّلَاةُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ الثَّانِي بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ، وَهِيَ مُتَضَمِّنَةٌ لَهُمَا فِي رُكْنِ التَّشَهُّدِ الَّذِي سُمِّيَ بِهِمَا، وَلَا بُدَّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَعْرِفَ مَا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ؛ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا كَمَا يُحِبُّ رَبُّهُ وَيَرْضَى.

 

وَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ: اسْتِشْعَارُ تَقْصِيرِهِ فِيهَا مَهْمَا أَقَامَهَا فَأَحْسَنَ فِيهَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَهْمَا عَبَدَ اللَّهَ تَعَالَى فَإِنَّهُ لَنْ يَقُومَ بِحَقِّهِ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ عَظَمَةَ اللَّهِ تَعَالَى تَقْتَضِي مَا يَلِيقُ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ، وَالْعَبْدُ -مَهْمَا بَلَغَ- عَاجِزٌ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى ذَلِكَ. كَمَا أَنَّ إِحْسَانَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ لِلْعَبْدِ كُلَّ حِينٍ وَأَوَانٍ يَقْتَضِي شُكْرَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَدَاءِ مَا افْتَرَضَ عَلَى الْعَبْدِ بِأَكْمَلِ وَجْهٍ، وَالْعَبْدُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى نِعَمِهِ، وَلَكِنْ حَسْبُهُ أَنْ يَبْذُلَ جُهْدَهُ وَوُسْعَهُ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَعْفُو عَنْ تَقْصِيرِهِ وَخَلَلِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [الْبَقَرَةِ: 286]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التَّغَابُنِ: 16].

 

وَشُرِعَ الِاسْتِغْفَارُ عَقِبَ الصَّلَاةِ اسْتِشْعَارًا مِنَ الْعَبْدِ بِتَقْصِيرِهِ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّ صَلَاتَهُ مَهْمَا اجْتَهَدَ فِي تَمَامِهَا وَكَمَالِهَا فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ أَعْظَمُ فِي إِقَامَتِهَا وَأَدَائِهَا. وَشُرِعَتِ النَّوَافِلُ عَقِبَهَا لِتُكْمِلَ نَقْصَهَا؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ، فَإِنْ أَتَمَّهَا وَإِلَّا قِيلَ: انْظُرُوا هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أُكْمِلَتِ الْفَرِيضَةُ مِنْ تَطَوُّعِهِ، ثُمَّ يُفْعَلُ بِسَائِرِ الْأَعْمَالِ الْمَفْرُوضَةِ مِثْلُ ذَلِكَ» رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الطَّاعَةِ سِتَّةُ أُمُورٍ، وَهِيَ: الْإِخْلَاصُ فِي الْعَمَلِ، وَالنَّصِيحَةُ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِ، وَمُتَابَعَةُ الرَّسُولِ فِيهِ، وَشُهُودُ مَشْهَدِ الْإِحْسَانِ فِيهِ، وَشُهُودُ مِنَّةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فِيهِ، وَشُهُودُ تَقْصِيرِهِ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ».

 

وَحُرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَسْتَحْضِرَ هَذِهِ الْحُقُوقَ لِلَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ طَاعَةٍ يُؤَدِّيهَا، وَلَا سِيَّمَا فِي الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ؛ لِيُقِيمَهَا عَلَى أَحْسَنِ وَجْهٍ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عمود الإسلام (7)
  • عمود الإسلام (8)
  • عمود الإسلام (9)
  • عمود الإسلام (10)
  • عمود الإسلام (11) شعائر الصلاة
  • عمود الإسلام (16) صلاة العشاء
  • عمود الإسلام (18) أدعية الصلاة مجابة
  • عمود الإسلام (19) {الذين هم على صلاتهم دائمون}
  • عمود الإسلام (21) لذة المناجاة
  • حق الله تعالى (1)
  • حق الله تعالى (2)
  • حق الله تعالى (3)

مختارات من الشبكة

  • رأس الأمر: الإسلام، وعموده: الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصلاة عمود الدين(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الصلاة عمود الدين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عمود الإسلام (6)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • عمود الإسلام (5)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • عمود الإسلام (4)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • عمود الإسلام (3)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • عمود الإسلام (2)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • عمود الإسلام (1)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • عمود الدين طريق النصر والتمكين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/1/1447هـ - الساعة: 13:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب