انتفاع الأموات بسعي الأحياء (دراسة فقهية)

ملخص الرسالة

انتفاع الأموات بسعي الأحياء

دراسة فقهية

مقدمة:

الحمد لله الكبير المتعال، الذي عَلِمَ ما كان وما يكون وما هو كائن في الحال والمآل، وحكم بالموت على كلِّ ذي روح من مخلوقاته؛ قال تعالى: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم المآل.

أما بعد:

فلقد خلق اللهُ سبحانه وتعالى الأرواحَ، وجعل لها أجلاً لا تتقدم عليه ولا تتأخَّر، وجعل الإنسَ والجنَّ مكلَّفين بعبادته، وشرع لهم الشرائعَ وأرسل الرسلَ مبشرين ومنذرين، وجعل كلَّ فرد مسؤولاً عن نفسه، ولا ينفعه إلا ما قدَّم في حياته، فجعل الحياةَ ميدانًا للتنافس في الصالحات، فارتفع بذلك أقوامٌ، وانخفض آخرون؛ فشتَّان ما بين الفريقين، وجعل الموت موعدًا لانقطاع العمل، فالموتُ حقيقة لا بد منها، ومصيرٌ تصير المخلوقاتُ إليه، فإذا حلَّ بالنفس البشرية انتهت حياةُ العمل، ودخلت حياة برزخية، لا عمَل فيها إلى أن تقوم الساعة، فترَد الأرواح ويبدأ الحساب.

وهذه الحياة البرزخية حياةٌ غيبية لا نعلم كيفيَّتها، وما يجري فيها إلا ما دلَّت عليها النصوصُ، وقد دلَّت بعضُ الآثار على أن الميت ينتفعُ ببعض القُربات التي تُهدى إليه، وكذلك ينتفعُ بقضاء الحقوق التي مات قبل أدائها.

فأحببتُ معرفةَ الأحكام الخاصة في هذا الموضوع، وأقوال أهل العلم فيها، والإسهامَ بالكتابة فيه، وقد سميته: "انتفاع الأموات بسعي الأحياء - دراسة فقهية".

أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

1- الحاجة إلى معرفة الأحكام الجزئية لهذا الموضوع؛ كون الموت قد يحل على الإنسان فجأة وعليه حقوق وواجبات لم تؤد، فنحتاجُ إلى معرفة هذه الأحكام.

2- حرصُ كثير من الأحياء على نفع موتاهم تجلَّى بكثرة الأسئلة عن ذلك، فلا بد من بيان الأحكام على وجه التفصيلِ؛ وذلك لأن كثيرًا من هذه الأحكام اختلَف فيها الفقهاءُ.

3- قلة الكتابة التخصُّصية في هذا الموضوع؛ فهذا البحث يعد مكملاً لما سبقه من بحوثٍ.

أهداف الموضوع:

1- خدمة الفقه الإسلامي، من خلال بحث هذا الموضوع.

2- جمع الموضوع في رسالةٍ واحدة من بطون الكتب والمراجع؛ ليسهل الرجوع إليها عند الحاجة.

3- معرفة ما ينتفع به الميِّت من سعي الحيِّ، ونبذ ما استحدثه الناسُ من الأعمال.

منهج البحث:

سيكون منهجي في البحث - بإذن الله وعونه - كالآتي:

1- تصوير المسألة المراد بحثها تصويرًا دقيقًا قبل بيان حكمِها؛ ليتضح المقصودُ من دراستها.

2- إذا كانت المسألةُ من مواضع الاتفاق، فقد ذكرتُ حكمَها بالدليل، مع توثيق الاتفاق من مظانه المعتبرة.

3- إذا كانت المسألة من مسائل الخلاف؛ فإنني أتبع ما يلي:

أ‌- حرَّرت محل الخلاف، إذا كانت بعض صور المسألة محل اتفاق، وبعضها محل خلاف.

ب‌- ذكرت الأقوال في المسألة، وبيان من قال بها من أهل العلم، وعرضتُ الخلافَ حسب الاتجاهات الفقهية.

ت‌- اقتصرتُ على المذاهب الفقهية المعتبرة، مع العناية بذكر ما تيسر الوقوفُ عليه من أقوال السلف الصالح، وإذا لم أقف على المسألة في مذهبٍ ما، فقد سلكتُ بها مسلك التخريج.

ث‌- وثَّقتُ الأقوالَ من كتب أهل المذهب نفسه.

ج‌- استقصيتُ أدلةَ الأقوال، وبيَّنت وجه الدلالة، وذكرت ما يرد عليها من مناقشات، وما يجاب به عنها إن كانت.

ح‌- الترجيح، مع بيان سببه، وذكر ثمرة الخلاف إن وجدت.

4- اعتمدتُ على أمهات المصادر والمراجع الأصيلة في التحرير والتوثيق والتخريج والجمع.

5- ركَّزت على موضوع البحث وتجنبتُ الاستطرادَ.

6- قمتُ بضرب الأمثلة، خاصة الواقعية.

7- تجنبتُ ذكرَ الأقوال الشاذة.

8- اعتنيتُ بدراسة ما جدَّ من القضايا، ممَّا له صلة واضحة بالبحث.

9- رقَّمت الآيات، وبيَّنت سورها.

10- قمت بتخريج الأحاديث وبيانِ ما ذكره أهلُ الشأن في درجتها؛ إن لم تكن في الصحيحين أو أحدهما، فإن كانت كذلك فإنني أكتفي - حينئذٍ - بتخريجها.

11- قمتُ بتخريج الآثار من مصادرها الأصيلة والحكم عليها.

12- عرفت المصطلحات، وشرحتُ غريبَ الألفاظ.

13- اعتنيتُ بقواعد اللغة العربية.

14- ختمتُ البحثَ بخاتمةٍ ذكرتُ فيها ملخصًا للرسالة، مما يعطي فكرةً واضحة عما تضمنَته الرسالةُ، مع إبرازي أهمَّ النتائج.

15- ترجمتُ للأعلام غير المشهورين.

16- ختمت الرسالةَ بالفهارس الفنِّية المعروفة؛ وهي:

أ‌- فهرس الآيات القرآنية.

ب‌- فهرس الأحاديث والآثار.

ت‌- ج- فهرس المصادر والمراجع.

ث‌- د- فهرس الموضوعات.

ج‌- هـ - فهرس الأعلام.

خطة البحث:

تحتوي خطةُ البحث على مقدمةٍ، وتمهيد، وبابين، وخاتمة، وفهارس؛ على النحو التالي:

المقدمة: وتشمل أهميةَ الموضوع وأسبابَ اختياره، وأهدافه، والمنهج المتبع في البحث، وخطةَ البحث.

التمهيد: وفيه ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: التعريف بمفردات العنوان.

المبحث الثاني: الإيثار بالأعمال الصالحة.

المبحث الثالث: الأعمال التي تدخلُها النيابة.

الباب الأول: انتفاع الميت بقضاء ما وجب عليه؛ ويشمل فصلين:

الفصل الأول: انتفاع الميت بقضاء ما وجب عليه لله تعالى؛ ويشمل سبعةَ مباحث:

المبحث الأول: الصلاة الواجبة على الميت.

المبحث الثاني: الزكاة وصدقة الفطر؛ ويشمل أربعة مطالب:

المطلب الأول: أداء الزكاةِ على الفور.

المطلب الثاني: حكم الزكاة الواجبة على الميت.

المطلب الثالث: تزاحم الدَّين مع الزكاة في مال الميت.

المطلب الرابع: إخراج صدقة الفِطر عن الميت بعد وجوبها عليه.

المبحث الثالث: الصيام الواجب على الميت؛ ويشمل خمسة مطالب:

المطلب الأول: من وجب عليه الصيام فمَات قبل قضائه.

المطلب الثاني: صيام جماعةٍ عن ميتٍ في يومٍ واحدٍ.

المطلب الثالث: الأولى بالصيام عن الميت.

المطلب الرابع: الإطعام عن الميت.

المطلب الخامس: صيام الأجنبي عن الميت.

المبحث الرابع: الحج الواجب على الميت؛ ويشمل ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: أداء الحج على الفور.

المطلب الثاني: حكم من مات وعليه حجٌّ واجب.

المطلب الثالث: التلبية عن الميت.

المبحث الخامس: النذر الواجب على الميت؛ ويشمل مطلبين:

المطلب الأول: قضاء النذر المالي.

المطلب الثاني: قضاء النذر غير المالي؛ ويشمل خمس مسائل:

المسألة الأولى: قضاء الصلاة المنذورة عن الميت.

المسألة الثانية: قضاء الصوم المنذور عن الميت.

المسألة الثالثة: قضاء الحج المنذور عن الميت.

المسألة الرابعة: قضاء الاعتكاف المنذور عن الميت.

المسألة الخامسة: الأولى بقضاء النذر عن الميت.

المبحث السادس: الكفارات الواجبة على الميت.

المبحث السابع: تنفيذ الوصايا عن الميت؛ ويشمل أربعة مطالب:

المطلب الأول: الوصية بأكثر من الثلث.

المطلب الثاني: الوصية بجميع المال.

المطلب الثالث: الوصية للوارث.

المطلب الرابع: من يتولى إخراج الوصايا.

الفصل الثاني: انتفاع الميت بقضاء ما وجب عليه للآدميين؛ ويشمل مبحثين:

المبحث الأول: قضاء حقوق الآدميين المالية.

المبحث الثاني: قضاء حقوق الآدميين غير المالية.

الباب الثاني: انتفاع الميت بالتطوعات والقربات؛ ويشمل فصلين:

الفصل الأول: انتفاع الميت بالتطوعات والقربات في مسائل الجنازة؛ ويشمل ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: السنن وقت الاحتضار؛ ويشمل مطلبين:

المطلب الأول: تلقين الميت الشهادة.

المطلب الثاني: قراءة القرآن على المحتضر.

المبحث الثاني: المسارعة في تجهيز الميت.

المبحث الثالث: الصلاة على الميت.

الفصل الثالث: انتفاع الميت بما أُهدي إليه من ثواب الأعمال؛ ويشمل تسعة مباحث:

المبحث الأول: قراءة القرآن للميت.

المبحث الثاني: الدعاء للميت.

المبحث الثالث: الصلاة تطوعًا عن الميت.

المبحث الرابع: الصيام تطوعًا عن الميت.

المبحث الخامس: الحج والعمرة تطوعًا عن الميت.

المبحث السادس: الصدقة عن الميت؛ ويشمل ثلاثةَ مطالب:

المطلب الأول: حكم التصدق بالأموال عن الميت.

المطلب الثاني: الأضحية عن الميت.

المطلب الثالث: العتق عن الميت.

المبحث السابع: إهداء بعض العمل.

المبحث الثامن: إهداء ثواب الواجبات.

المبحث التاسع: إهداء العمل الواحد إلى أكثر من ميت.

الخاتمة: وتشتمل على أهمِّ النتائج التي استخلصتُها من البحث.

وفي الختام، لا يسعني إلا أن أقوم بشكر الله العلي القدير أولاً وآخرًا على تيسيره إتمامَ البحث، وأسأل اللهَ فيه الإخلاصَ والقبول، وأن يغفر لي كلَّ زَلل وخطأ، ويلهمَني الصواب وحسن العمل.

كما أتوجه بالشكر إلى حكومتنا الراشدة على ما بذلَته وقدَّمَته خدمةً للعلم وأهله.

وأشكر هذه الجامعة العريقة - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - التي احتضنتنا وضمتنا إليها بصدرٍ رحب، وأَوْلتنا كلَّ عناية واهتمام، ممثلة بمديرها معالي الأستاذ الدكتور/ سليمان بن عبدالله أبا الخيل، وكذلك أصحاب الفضيلة وكلاء الجامعة والقائمين على شؤونها كافة، لهم جميعًا مِني كل شكر وثناء، وأخصُّ بالشكر والثناء فضيلةَ الشيخ الدكتور/ أحمد بن يوسف الدريويش، الذي تفضل بالإشراف على هذه الرسالة، وبذل وقتَه وجهده وصبره، فجزاه الله عنِّي خيرَ الجزاء، ولا حرمَه الأجرَ والثواب، كما أشكر المناقشين فضيلة الدكتور/ فتحي الفقي، وفضيلة الدكتور/ زيد الغنام.

كما أشكر زوجي العزيز على ما بذله وقدمه من عونٍ وجهد، فجزاه الله خير الجزاء.

وفي الختام أسأل اللهَ أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يدخره لي قربةً إليه، كما أسأله أن يرزقني العلمَ النافع، والعمل الصالح، وأن يغفر لي ولوالديَّ ولمشايخنا، ولجميع المسلمين.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

فهرس المحتويات