• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تطوعي نجاحي
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    القيادة في عيون الراشدين... أخلاقيات تصنع
    د. مصطفى إسماعيل عبدالجواد
  •  
    حقوق الأولاد (3)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    جرعات سعادة يومية: دفتر السعادة
    سمر سمير
  •  
    التاءات الثمانية
    د. خميس عبدالهادي هدية الدروقي
  •  
    المحطة الثانية عشرة: الشجاعة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    البطالة النفسية: الوجه الخفي للتشوش الداخلي في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حقوق الأولاد (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    مقومات نجاح الاستقرار الأسري
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

محاسن الأخلاق في شعر زهير بن أبي سلمى

د. أورنك زيب الأعظمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/2/2015 ميلادي - 28/4/1436 هجري

الزيارات: 143618

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

محاسن الأخلاق في شعر زهير بن أبي سلمى


مدخل: العرَب كانوا مولَعين بالأمثال والأقوال الحكيمة، والتي فعلاً هي نتائجُ لتجاربَ بشرية طويلة، وقد اشتَهر في هذا المجال عديدٌ من الشعراء والخطباء؛ من مثل عُبيد بن الأبرَص، ولَبيدِ بن ربيعة، وقُسِّ بن ساعدةَ، وأكثمَ بن صَيفي، والأخير كان يدعوه الشُّيوخ والملوكُ للتمتُّع من أقواله وآرائه الحكيمة، وهي كلها أو معظمها محتويةٌ على الأخلاق الحسَنة والمَحامد المعروفة بين العرب.

 

ومن بين هؤلاء الشعراء الحكماء شاعرُنا المُزنيُّ زهيرُ بن أبي سُلمى ربيعةَ بنِ رَباح (نحو 530 - 627) الذي طار صيتُه في الحكمة والقولِ المعروف، حتى اعتبره خليفةُ المسلمين الثاني عمرُ بن الخطَّاب رضي الله عنه أشعرَ شعراءِ العرب الجاهليِّين.

 

وقد اعتبَره الناقدون أشعرَ الشعراء؛ لأنه لم يكن يُعاظِل في الكلام، وكان يتجنَّب حوشيَّ الشِّعر، ولم يمدَح أحدًا إلا بما فيه مِن المحامد والسَّجايا الجميلة، وكان يتألَّه في شعره ويتعفَّف به، وفي معلَّقته ما يدلُّ على أنه كان يؤمن بالله وبالبعثِ والحساب يوم الدِّين.

 

وكان يُعنَى بتنقيح شِعره وتهذيبه، وقد رُويَت له أربعُ قصائدَ اشتهَرت بالحوليَّات؛ أي: التي قَرض كلَّ واحدة منها في اثنَي عشرَ شهرًا، ويتميَّز هو بمتانة لغته وقوَّة تركيبه، وبتحكيمِه عقلَه ورَوِيَّتِه في تصوُّراته وخياله، فلا يبتعد - إلا نادرًا - عن الحقائق المحسوسة، وهو أشعر شعراء الجاهليَّة حقًّا في إعطاء الحكمة وضَرب المثل، عُرف في حياته بالرَّصانة والتعقُّل، فجاءت آراؤه تُناسب حياتَه، وبُنِيَت منزلته الأدبيَّة على الحكمة التي عُرِف بها.

 

وحكمته تَحتوي على آراء أخلاقيَّة واجتماعية، وإرشادات للمجتمع العربي، وهذه هي الآراء التي جعلَته قريبًا من الشعب؛ وذلك لأنه كان يُكلِّم الناس فيها بما يَعرفون وما يألَفون.

 

محاسن الأخلاق في شعر زهير بن أبي سُلمى

كان شعرُ زُهير يَحتوي على أمور وقضايا عديدة، تتعلق إمَّا بنفسه أو بمن يُثني عليه من العرَب عامة وخاصة، وفي هذه العُجالة لا نريد حصرَ وتفصيلَ محاسنِ الأخلاق التي جاء ذِكرُها في كلامه، علمًا بأنه يَذكرها إما مَدحًا للرجال، وعلى رأسهم هَرِمُ بن سِنان، أو نصحًا للعرب، أو حديثًا عن نفسه، ونَذكر طرَفًا منها فيما يلي:

نبدأ حديثنا هذا بإيمان الشاعر بإحاطة الله بعلم كلِّ ما في العالم، حتى بما تحتويه صدورُ الناس، ثم بمحاسَبته يومَ القيامة، أو بعقابه في هذه الدنيا، والحق أنَّ الإيمان بالله ووجوده في كلِّ مكان ومراقبتَه كلَّ ما يفعله الإنسان من خير وشر، ثم جزاءَه مِن عنده - هو الأصل لكل شيء، وإن رسَخ هذا الإيمان في قلب المرء فلْيَجتنِب الشر ولْيرغَب في أعمال الخير؛ يقول الشاعر زهير:

فلا تكتُمُنَّ اللهَ ما في نُفوسكم
ليَخفَى ومهما يُكتَمِ اللهُ يَعلَمِ
يُؤخَّرْ فيُوضَعْ في كتابٍ فيدَّخَرْ
ليوم الحسابِ أو يُعَجَّلْ فيُنقَمِ

 

وهذا هو معنى التقوى الذي قد أشار إليه الشاعر في قوله التالي:

ومن ضَريبته التَّقوى ويَعصِمُه
من سيِّئ العثَرَاتِ اللهُ والرحِمُ

 

والواقع أنَّ التقوى تَمنع المرء عن كل شرٍّ وتُرغِّبه في كلِّ خير؛ كما قال الشاعر يمدح هرِمًا:

والسِّترُ دونَ الفاحشاتِ وما
يَلقاك دونَ الخير من سِترِ

 

ويقول مادحًا هرِمًا المذكورَ أعلاه، مشيرًا إلى أنَّ التقوى تبعث على القناعة، والقناعة كنزٌ لا يَفنى كما تعلمون جيِّدًا، فيقول شاعرُنا المزني:

تَقيٌّ نقيٌّ لم يُكثِّرْ غنيمةً
بنَهكةِ ذي قُربى ولا بحَقَلَّدِ

 

ويقول مشيرًا إلى أنَّ التقوى هي التي تَزيد الإنسان إيمانًا بوجود الله وحياته وقيامه بأمور الكون:

بدا ليَ أنَّ الله حقٌّ فزادني
إلى الحقِّ تقوى اللهِ ما كان بادِيَا

 

ولعلَّ هذه هي الأشياء التي دلَّ عليها القرآن والحديث النبوي الشريف، وهُما أساس الإسلام.

 

فثبت أنَّ التقوى مصدرٌ لكل خير، وحاجزة عن كل شرٍّ، فنشير إلى ما يلي من الحسنات والسيِّئات التي أمر بها الشاعر أو نَهى عنها، وهي كما يلي:

1- الغيرة: مما أشار الشاعر على الإنسان من العادات الحسَنة الغَيرة، إنه يحثُّ الإنسان على أن يكون غيورًا في كل أمر وشأن، ولا يَصغُرَ لأحدٍ ما، فيقول في بعض قصائده:

فصَرِّمْ حبلَها إذْ صرَّمتْهُ
وعادَى أن تُلاقِيَها العَداءُ

 

2- الشجاعة: الشجاعة صفةٌ لم يخلُ أيُّ عربي عنها، فكانوا مفتخِرين بهذه الصفة حتى إنهم كانوا يُعْلُون ذِكرَ خصومهم؛ لمجرَّد أنهم أعلى منهم؛ للإشارة إلى أنهم قد صرعوا من كان قويًّا لا ضعيفًا، وديوان زهير أيضًا يحتوي على ذِكر هذه الصفة حين يقول هاجيًا آلَ حصين هجوًا يعرفه كل من هبَّ ودبَّ في الشعر العربي الجاهلي:

وما أدري، وسوفَ إخالُ أدري
أقومٌ آلُ حصنٍ أم نساءُ

 

وبالعكس مِن ذلك فهو يمدح هرِمًا الذي كان أشجعَ عربيٍّ:

ولأنتَ أشجَعُ حين تتَّجهُ الْ
أبطالُ مِن ليثٍ أبي أجْرِ

 

وقال فيه:

ليثٌ بِعَشَّرَ يصطادُ الرِّجالَ إذا
ما كذَّب الليثُ عن أقرانِه صَدَقا

 

وهكذا يقول في مدح هرِم بن سنان وإخوته، وهذه نهاية المدح لشجاعة أحد:

جِنٌّ إذا فزِعوا، إنسٌ إذا أمِنوا
ممَرَّدون بَهَالِيلٌ إذا جَهَدُوا

 

3- الوفاء: كان الوفاء عادة ثانيةً للعرب؛ فهم لم يكونوا يَخذُلون أو يخونون لو عَقدوا الوعد مع أحدٍ، واشتَهر في هذا العديدُ منهم حتى نحَتوا مثَلاً فقالوا: أوفى من السَّموءل، وهو الشاعر الجاهليُّ الذي فقَدَ ولده، ولكن لم يُخلِفْ بوعدِه، فيقول زُهير بن أبي سُلمى في المدح:

وإمَّا أن يقولوا: قد وَفَينا
بذِمَّتنا فعادتُنا الوَفاءُ

 

ويقول وهو يمدح الحارث:

أو صالَحُوا فله أمْنٌ ومُنتَقَذٌ
وعقدُ أهلِ وفاءٍ غيرِ مخذولِ

 

ويقول ناصحًا عن الوفاء في قصيدته المعلَّقة:

ومن يُوفِ لا يُذمَم ومن يُهدَ قلبُه
إلى مُطمَئنِّ البرِّ لا يتجَمجمِ

 

4- السخاء: والسخاء عادة حسنة قد اشتهَر بها العرب، فكانوا يُنفِقون كلَّ ما امتَلكوه من الأموال حتى أصبحوا هم أنفسُهم فقراء، وحاتمٌ بطَلٌ في هذا المجال؛ فهو جَوادٌ يُضرَب به المثل فيقال: "أجود من حاتم"، وشاعرنا المزنيُّ قد أتى بتعابيرَ جميلة بليغة في هذا الشأن، كأنه قد ختم على التعبير عن السخاء! فهو يقول مادحًا هرم بن سنان في سخائه:

أليس بفيَّاضٍ يداه غمامةٌ
ثِمالِ اليتامى في السنين محمَّدِ

 

ولعلَّ ما يلي تعبير نهائي لجود أحدٍ على الأرض:

فلو لم يكنْ في كَفِّه غيرُ نفسِه
لجاد بها، فليتَّقِ اللهَ سائلُهْ

 

وينبغي لنا أن ننفق الأموال على المحتاجين ولا نطلب أيَّ شكر منهم، يوحي إلى هذه العادة الحسنة في ضوء مدحه لهرم بن سنان الذي لم يكن يَرجو الشكر من قِبَل المحتاجين الذين كان يُنفق عليهم سوى أنه كان يَستاء حينما يسأله أحدٌ وهو لا يجد ما يُنفقه عليه:

هو الجَوادُ الذي يُعطيك نائلَه
عفوًا ويُظلَم أحيانًا فيَظَّلِمُ

 

5- الردُّ على الضَّيم: كما أن الشاعر يأمرنا بأن لا نكون مُقاتلين ولا متقاتلين فكذلك يُشير علينا أن نردَّ على الظلم والضَّيم؛ فإن الصَّغَار عيبٌ في حياة البشر، فيقول مادحًا حِصنَ بن حذيفةَ بن بدر:

ومَنْ مثلُ حِصنٍ في الحروب ومثلُه
لإنكار ِضيمٍ أو لأمرٍ يُحاولُهْ
أبى الضيمَ والنُعمان يحرُق نابُه
عليه فأفضى والسيوفُ مَعاقلُهْ
عزيزٌ إذا حلَّ الحليفان حولَه
بذي لَجَبٍ لَجَّاتُه وصواهلُهْ

 

ويقول في مدح هرم بن سنان:

جريءٍ متى يُظلَمْ يعاقِبْ بظلمه
سريعًا وإلا يُبْدَ بالظلم يَظلِمِ

 

ويقول قولاً نهائيًّا في هذا:

ومن لم يذُدْ عن حوضِه بسِلاحِه
يُهَدَّمْ ومَن لا يَظلِمِ الناسَ يُظلَمِ

 

6- المجد: المجد كلمة جامعةٌ لمعظم المَحامد والمحاسِن، فكان العرب يفتَخِرون بهذا الجانب، وكانوا يوصون أولادَهم بهذا، يقول وهو يمدح هَرِمَ بن سنان:

إذا ابتدرَتْ قيسُ بنُ غَيلانَ غايةً
مِن المجد من يَسْبِقْ إليها يُسَوَّدِ
سبَقتَ إليها كلَّ طلْقٍ مُبَرِّزٍ
سَبُوقٍ إلى الغايات غيرَ مُجَلَّدِ

 

ويشير إلى أسباب المجد ومنها الجود والكرم:

فضَّلَه فوق أقوامٍ ومجَّدَه
ما لم يَنالوا وإنْ جادوا وإن كَرُموا

 

ويقول مشيرًا إلى أن المجد نوعٌ من القوة:

 

لولا ابنُ زرقاءَ والمجدُ التليدُ له
كانوا قليلاً فما عزُّوا ولا كثروا

 

وكذا يشير إلى أنَّ المجد نوعٌ من العُلَى:

عظيمَيْنِ في عَليا مَعَدٍّ هُدِيتُما
ومَنْ يستَبِحْ كنزًا من المجد يَعْظُمِ

 

وقد كثر في كلام العرب ذكرُ هذه الصفة، كما أشيرَ إلى أسبابها الأخرى.

 

7- الصلح: وبما أن العرب كانوا مولَعين بالحروب والشِّجارات، الأمر الذي قد كاد أن يُفني قبائل العرب كلَّها، فشعر زهيرٌ بهذا التهديد، فرفع راية السِّلم والصُّلح، وبشِعره المؤثِّر أجلى في العرب أهميةَ الصلح والسلام الذي بلَّغه الإسلام درجتَه النهائية لما جاءهم، يقول شاعرنا مادحًا هرِمَ بن سنان والحارثَ بن عوف:

وقد قلتُما: إنْ نُدرِكِ السِّلمَ واسعًا
بمالٍ ومعروفٍ من القولِ نَسلَمِ
فأصبَحتُما مِنها على خيرِ مَوطنٍ
بَعيدَينِ فيها مِن عُقوقٍ ومأثَمِ

 

وقال وهو يدعو بني سليم إلى السِّلم:

خُذوا حظَّكم من ودِّنا، إنَّ قُرْبَنا
إذا ضرَّسَتْنا الحربَ نارٌ تسَعَّرُ
وإنا وإيَّاكم إلى ما نَسومُكم
لَمِثلانِ أو أنتم إلى الصُّلح أفقرُ

 

وهكذا يشير إلى أهمية المصانَعة، فيقول:

ومَن لم يصانِع في أمورٍ كثيرة
يُضرَّسْ بأنيابٍ ويُوْطَأ بِمَنْسِمِ

 

8- حقُّ ذي القربى: وحقُّ ذي القربى أمرٌ يشدِّد عليه الدِّينُ كما يشدِّد على الإنفاق على غيرهم من الفقراء، وشاعرُنا كذلك أشار علينا أن نُنفق على ذوي القربى، ونعتنيَ بهم، فيقول مادحًا هرم بن سنان:

إن تَلْقَ يومًا على عِلاَّتِه هَرمًا
تَلْقَ السماحة منهُ والنَّدَى خُلُقا
وليس مانعَ ذي قُربى وذي رَحِمٍ
يومًا ولا مُعدِمًا من خابطٍ ورَقَا

 

ويقول كذلك في مدح ذلك الرجل الكبير:

تقيٌّ نقيٌّ لم يكثِّر غنيمةً
بنَهكةِ ذي قُربى ولا بحَقَلَّدِ

 

وفي البيت الثاني كأنَّه يشير على الإنسان أن يفضِّل المحتاج على أهل بيته.

 

9- الكرم: وكذا الكرم صفةٌ جميلة للبشر، لا نجد لها كلمة واحدة بغير العربية جامعة لها، ولعلها تَطوي بين جنبيها صفاتٍ حسنةً عديدة، حثَّ الشاعر زهيرٌ الإنسانَ على أن يتحلَّى بهذه الصفة الجميلة، فيقول وهو يمدح سنان بن أبي حارثة المري:

إلى مَعشرٍ لم يُورِث اللؤمَ جَدُّهم
أصاغِرَهم، وكلُّ فحلٍ له نَجْلُ

 

ويقول وهو يمدح هرم بن سنان وإخوته:

لو كان يَقعُد فوق الشمسِ من كرمٍ
قومٌ لأولُهم يومًا إذا قعَدوا
لو يُعدَلون بوزنٍ أو مُكايَلةٍ
مالوا برضوى ولم يُعدَلْ بهم أحدُ

 

ولعلَّ ما يلي تعبيرٌ نهائي عن هذا:

لو نال حيٌّ من الدنيا بمنزلةٍ
وَسْطَ السماءِ لنالَتْ كفُّه الأفُقَا

 

وكل هذا ليس يريد منه سوى أن يحثَّ به المرء على الاتِّصاف بهذه الصفة.

 

10- التطابق بين القول والفعل: وقد كانت العرب تَفتخر بكونِهم مسوِّين بين القول والفعل؛ فقال شاعر عربي:

القائلُ القولَ الذي مِثلُه
يَمْرَعُ منه البلدُ الماحِلُ

 

وقال آخر:

وإنَّ أحسنَ بيتٍ أنت قائلُه
بيتٌ يُقال إذا أنشدتَه: صَدَقَا

 

وشاعرنا أيضًا يفضِّل هذا الجانب من حَسَنِ العادات، فيقول مُثنيًا على سِنان بن أبي حارثة المري وذَوي قرباه:

وفيهم مَقامات حِسانٌ وجوهُهم
وأنديةٌ ينتابها القولُ والفعلُ

 

11- العزم على الأمر: وكذا العزم على الأمر شيءٌ لا بد منه؛ لإتمام أيِّ أمر وإنهائه، شعَر زهير بهذه الحقيقة فأوحى بها في صورةِ مدحٍ لحِصن بن حذيفة بن بدر الذي كان ممن أثنى على صفاته ، فقال:

فأقصَرنَ منه عن كريمٍ مُرزَّأٍ
عَزومٍ على الأمر الذي هو فاعلُهْ
أخي ثقةٍ لا تُتلِفُ الخمرُ مالَه
ولكنه قد يُهلِكُ المالَ نائلُه

 

12- الأمن: الأمن شيء يحتاج إليه كلٌّ منا، والعصر الحاضر في أشدِّ حاجة إليه، وشاعرنا قد حثَّ الناس على أن يكونوا آمِنين، ولا يخوضوا في الحروب الدامية؛ فإنها لا تعود على البشَر إلا بالإبادة على الأرض، وقد شدَّد الشاعر على هذا الشيء حتى أتخيَّل أنه لو كان حيًّا في زمننا لأُعطي جائزة السلام العالمية:

وما الحرب إلا ما عَلمتُم وذُقتمُ
وما هو عَنها بالحديثِ المرجَّمِ
متى تبعَثوها تبعَثوها ذميمةً
وتَضْرَ إذا ضرَّيتُموها فتَضْرَمِ
فتَعرُكُكم عرْكَ الرَّحى بثِفالها
وتَلقَحْ كِشافًا ثمَّ تُنتَجْ فتُتْئِمِ
فتُنتٍجْ لكم غٍلمانَ أشأمَ كلُّهم
كأحمرِ عادٍ ثم تُرضِعْ فتَفطِمِ
فتُغلِلْ لكم ما لا تُغِلُّ لأهلِها
قُرًى بالعراقِ مِن قَفيزٍ ودِرهَمِ

 

13- عدم الشتم: وكذا أشار على المرء أن لا يَشتُم أحدًا؛ فإن الشاتم لا يشتم إلا نفسه؛ وذلك لأنه لو وجَّه الشَّتم إلى أحد سيُوجَّه إليه مِثلُها أو أشدُّ منها من قِبل المشتوم، فيقول الشاعر كما يلي:

ومَن يجعَلِ المعروفَ مِن دونِ عِرضِه
يَفِرْه ومن لا يتَّقِ الشتمَ يُشتَمِ

 

14- تكريم الذات: ومِن أحسن المعاملات البشرية أنه ينبغي للمرء أن يكرِّم ذاته؛ فإنَّ تكريم المرء ذاتَه يلعب دورًا مهمًّا في تكريمه من قِبل الآخرين؛ ولذلك فإن جعلتَ نفسَك هينًا أمام الآخرين وصغيرًا، فمن يقوم بأن يكرِّمك ويَزِنَك زِنةً مِلؤها العدل والإنصاف؟! فيقول الشاعر مشيرًا إلى هذه الحكمة البليغة:

ومَن يَغترِبْ يَحسِبْ عدوًّا صديقَه
ومَن لم يُكرِّمْ نفسه لم يكرَّمِ

 

15- الامتناع عن التسوُّل: كثرة السؤال شيء يَمنع عنه الدين أتباعَه، وشاعرنا أيضًا قد منع المخاطَب عن كثرة السؤال، وجاءت هذه النصيحة عن طريق التعبير الجديد بأن الشاعر يُريد أن يعطيه الممدوحُ، ولكنه يمتنع عن كَثرة السؤال، فيقول كما يلي:

سأَلنا فأعطيتُم وعُدْنا فعُدتُمُ
ومَن أكثرَ التَّسْآلَ يومًا سيُحرَمِ

 

ففي هذا البيت مع أنَّ الشاعر يسأل الممدوح أن يعطيه المزيد فإنَّه يختار أسلوبًا يدلُّ على غيرة الشاعر، كما أنه يحتوي على نصيحة جميلة عن المنع من كثرة السؤال.

 

16- عدم البخل: وكذا نجد الشاعر يمنعنا عن البخل، فيأمرنا بأن ننفق الأموال على الفقراء والمحتاجين مادحًا هرِمًا، والواقع أنَّ الجود عادةٌ عُرِف بها العرب منذ فجر تاريخهم؛ يقول الشاعر:

إنَّ البخيلَ مَلومٌ حيث كان ول
كنَّ الجَوادَ على عِلاَّته هَرِمُ

 

ويشمل هذا الجانبُ ذِكرَه للجود وثَناءه على السخاء، وقد تحدَّثنا عنه في ضوء قول الشاعر.

 

17- الصبر: والصبر صفة لا يخلو عنها أيُّ عربيٍّ قحٍّ، ولما جاء الإسلام قرَّره صفةً لازمة لكلِّ مؤمن، وأقام عليها ثوابًا كبيرًا، فوعدَهم الجنة والنَّجْدَ الرباني؛ يقول الشاعر وهو يمدح هَرِمَ بن سنان وإخوتَه:

قَودُ الجياد وأصهارُ الملوكِ وصُبْ
رٌ في مواطنَ لو كانوا بها سَئِمُوا

 

وأما أهمية هذه الصفة وخطورتها فكفانا قول الشاعر التالي:

يا بن الجَحاجحة المَدَارِهْ
والصَّابرينَ على المكارِهْ

 

17- البرُّ: البِرُّ كلمة جامعة للخير، يقول في شرحها المفسِّر الكبير أمين أحسن الإصلاحي:

"البرُّ أصله بالعربيَّة إيفاء العهد والحق، فتفرَّع منه ما يكون إيفاءً للحقوق الأصلية؛ من الطاعة للرب والأبوين، والمواساة بالناس، ومن هذه الجهة صار بمعنى الإحسان، واشتمَل على الخيرات، وصار وصفًا للربِّ تعالى، ثم هو إيفاءٌ للحقوق الناشئة بالاختيار من العهود والأيمان، ومنه برٌّ باليمين، ومن هذه الجهة صار مُضاهيًا للعدل؛ فالبِر خلافُ الإثمِ والعقوق، والغدرِ والظلم"[1].

 

يقول وهو يمدح كلَّ من تحلَّى بهذه الصفة:

ومَن يُوفِ لا يُذمَمْ ومن يُهدَ قلبُه
إلى مطمئنِّ البِرِّ لا يتجمجَمِ

 

وكذلك ذكَر الشاعر الأمانة والإغاثة، والعفوَ عن الضعيف، ودوامَ المحبة، وعدمَ الخيانة، والرجوليةَ، وفكَّ غُلِّ الأسير...

 

ملخَّص القول: مع أنَّ الشاعر قد أمرنا بحسنات عديدة ونهانا عن سيِّئات مختلفة فإنَّ المجال ضيِّق لذِكر كافة هذه الأشياء، فأكتفي بذكر كلمة جامعة لهذه الحسنات، وهي الباقيات، أو الأحاديث التي قد كَثُر ذِكرُها في كلام العرب، فيقول شاعرنا مشيرًا إليها، وكذلك مشيرًا علينا أن نقوم بها، ونوصي بها مَنْ خَلفَنا:

فلو كان حمدٌ يُخلِدُ الناسَ لم تَمُتْ
ولكنَّ حمدَ الناس ليس بمُخلِدِ
ولكنَّ منه باقياتٍ وِراثةً
فأورِثْ بَنيك بعضها وتزوَّدِ
تزوَّدْ إلى يوم الممات فإنه
ولو كرهَتْه النفسُ آخرُ مَوْعِدِ

 

فكأنه يشير علينا أن نختار هذه المحامد في كافة جوانب حياتنا، كما نوصي بها أولادنا؛ فإنها خير الزاد لنا في الدنيا، وبعد الممات كذلك.

 

وعندما ندرس أبيات الشاعر زهير، ثم ندرس ما قاله عمر بن الخطَّاب؛ مِن: "أيها الناس! تمسَّكوا بديوان شِعركم في جاهليتكم؛ فإنَّ فيه تفسيرَ كتابكم"[2]، وما قاله الدكتور ناصر الدين الأسد صاحب كتاب "مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخيَّة" من أنَّ "الشعر أصدقُ مصدرٍ لدراسة حياته وحياة قومه مِن حوله"[3]، ثم نرى ما قاله الدكتور عمر فروخ صاحب كتاب "تاريخ الجاهلية" حين قال: "نحن نَقبل الشعر الجاهليَّ كلَّه على أنه من مصادر الحياة في الجاهلية"[4] - نجد صورة أخرى لعرب الجاهليَّة، صورة لا تُطابق ما رسمه الكتَّاب والمؤرخون من المسلمين وغيرهم.

 

المصادر والمراجع:

1- أحمد زكي، صفوت: جَمهَرة خُطب العرب في عصور العربية الزاهرة، المكتبة العربية، بيروت، اسم الناشر وسنة الطبع لم يُذكرا.

2- أمين أحسن، الإصلاحي: تدبر قرآن، شركة تاج، دلهي، الطبعة الأولى، 1989م.

3- التبريزي، العلامة: شرح القصائد العشر، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1985م.

4- التبريزي، العلامة: شرح ديوان الحماسة، دار القلم، بيروت، لم يذكر اسم الناشر وسنة الطبع.

5- جلال الدين، السيوطي: الإتقان في علوم القرآن، دار ابن كثير، دمشق، بيروت، الطبعة الأولى، 1987م.

6- ديوان امرئ القيس (تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم)، دار المعارف، سنة الطبع لم تذكر.

7- ديوان حاتم الطائي (تحقيق: عادل سليمان جمال)، مطبعة المدني، القاهرة، الطبعة الثانية.

8- ديوان زهير بن أبي سلمى (ترتيب وشرح: كرم البستاني)، دار بيروت للطباعة والنشر، بيروت، 1399ه/ 1979م.

9- ديوان طرَفة بن العبد (تحقيق: درية الخطيب)، مجمع اللغة العربية، دمشق، 1395ھ.

10- ديوان لبيد بن ربيعة (رواية الطوسي)، فينا، 1297ھ.

11- شعر الراعي النميري وأخباره (جمع وتقديم: ناصر الحاني)، دمشق، 1964م.

12- شعراء النصرانية (جمع وتحقيق: لويس شيخو)، بيروت، 1890م.

13- عبدالحميد، الفراهي: جمهرة البلاغة، مطبعة معارف، أعظم كره، 1360ھ.

14- عبدالحميد، الفراهي: مفردات القرآن، مطبعة إصلاح، سرائ مير، أعظم كره، 1358ھ.

15- عبدالخالق، ابن الخواجه: مختارات شعراء العرب، المطبعة العامرة، شارع المغربلين، 1360ھ.

16- عمر فروخ: تاريخ الجاهلية، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الثانية، 1984م.

17- عمر، الدسوقي: النابغة الذبياني، دار الفكر العربي، الطبعة السابعة، 1975م.

18- محمد طلعت حرب: تاريخ دول العرب والإسلام، مكتبة الإصلاح، الطبعة الأولى، 1989م.

19- محمد فؤاد عبدالباقي: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، دار الفكر، الطبعة الثانية، 1992م.

20- ناصر الدين، الأسد: مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية، دار الجيل، بيروت، الطبعة السابعة، 1988م.



[1] تفسير تدبر قرآن، تفسير سورة البقرة، الآية: 44.

[2] الموافقات، (2/ 88).

[3] مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية، ص 6.

[4] تاريخ الجاهلية، ص 15.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نصائح زهير بن أبي سلمى للأمة الإسلامية في القرن الواحد والعشرين ( قصيدة )
  • أبيات لزهير بن أبي سلمى
  • محاسن الأخلاق
  • محاسن الأخلاق

مختارات من الشبكة

  • وخالق الناس بخلق حسن (محاسن الأخلاق)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • محاسن الإسلام والشرائع للزاهد البخاري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • زينة الدهر في ذكر محاسن شعراء العصر لسعد بن علي الحظيري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المنهج القرآني في الحث على محاسن الأخلاق والتحذير من مساوئها (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • محاسن الأخلاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من محاسن الأخلاق الإسلامية: الحياء(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • العفة من محاسن الأخلاق(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • التواضع من محاسن الأخلاق الإسلامية(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • مخطوطة فتح الخلاق شرح عقد الميثاق على محاسن الأخلاق(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • من محاسن الأخلاق الإسلامية: الحلم(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 26/11/1446هـ - الساعة: 15:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب