• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    القيادة في عيون الراشدين... أخلاقيات تصنع
    د. مصطفى إسماعيل عبدالجواد
  •  
    حقوق الأولاد (3)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    جرعات سعادة يومية: دفتر السعادة
    سمر سمير
  •  
    التاءات الثمانية
    د. خميس عبدالهادي هدية الدروقي
  •  
    المحطة الثانية عشرة: الشجاعة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    البطالة النفسية: الوجه الخفي للتشوش الداخلي في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حقوق الأولاد (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    مقومات نجاح الاستقرار الأسري
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

سورة العاديات دراسة تحليلية تطبيقية حول (نحو النص)

سورة العاديات دراسة تحليلية تطبيقية حول (نحو النص)
أ. منى مصطفى

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/7/2023 ميلادي - 11/1/1445 هجري

الزيارات: 7162

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سورة العاديات

دراسة تحليلية تطبيقية حول (نحو النص)


في الحقيقة النبع القرآني ثرٌّ عميق، يحمل من الأسرار والمعاني ما لا يُحيط به إنسان، ويتجدَّد نبعُه مع كل جيلٍ، وبكل فَهْم، وبتغيُّر معطيات الزمن، وربما من أعظم النعم على الإنسان أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يترك تفسيرًا كاملًا توقيفيًّا للقرآن الكريم، بل تركه وعاءً يتَّسع للأفهام على مرِّ الأزمان وبمعطيات كل أوان، ونافذةً للعقل في الفهم والتحليل، وشحْذ العقول للقياس والإسقاط...!

 

وهذه محاولة تظل قاصرةً لتطبيق بعض مهارات "نحو النص" على سورة العاديات!

قال الحق تبارك وتعالى: ﴿ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا * إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ * أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ﴾ [العاديات: 1 – 11].

 

البنية العامة أو الكلية: هذه السور إحدى عشرة آية، جمعت في طيَّاتها طبيعة الإنسان المرتاب المنافق المعادي لنفسه وربه، وبيَّنت طبيعةَ تعامله من المنعِم تبارك وتعالى، وما يترتَّب على هذه الطبيعة، خاصة مع المنافق الذي لا يرى نِعم ربِّه ولا يُسلم له، ويبخَل بما آتاه الله، ويُحب الشهوات حبًّا جمًّا، ويَعزُف عما ينجيه... وانتهت بتوكيد علم الله بما يُعلنون وما يُسرون، فليفعلوا ما شاؤوا، فلن يخفى على العليم بما في الصدور خافيةٌ...

 

مناسبة السورة: مما يقال في مناسبة هذه السورة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل سرية لكنانة في مهمة قتالية، فتأخَّرت السرية ولم تعُد في الموعد المتوقَّع، فأشاع المنافقون أن السَّرية قد قُتلت كلها؛ كي يثيروا الرعب في قلوب المؤمنين، ويثبطوا عزائمهم، ويشكِّكوا في عقيدتهم ونُصرة الله ورسوله لهم، فنزلت هذه السورة لتفضَح سرائرَهم، وتصفَها وصفًا دقيقًا تشريحيًّا دالًّا على علم الخالق بأنفسهم، كيف لا وهو خالقُهم!

 

وهنا نجد أن مناسبة نزول السورة هي مِفتاحُ فَهمها وربطُها بالواقع التي نزلت فيه، ثم القياس عليه في كل زمنٍ مع واقعٍ مشابه، وهنا نجد أن رأي البنيويين الذين يفصِلون النص عن قائله فيه نظرٌ!

 

أولًا: البُنى الكلية: تتكون السورة من بُنًى نصية كبرى تتمثل في:

1- القسم: ﴿ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا ﴾.

 

التحليل:

الصرف:

جاء القسم باسم الفاعل العاديات، وهذا يدل على الحال والاستمرار والفاعلية في الجملة؛ لأنه محلَّى بأل، وكأنه يقول سبحانه بهذا الاشتقاق: سيستمر عَدْوُ خيولنا حتى يُظهر الله أمرَه ويفضَح سرائركم!

 

النحو:

جاء القسم باسم الفاعل العاديات، وهي صفة للخيل وكأنه يَكيد سبحانه للمنافقين بأن خيلَ المسلمين تعدو، ولن تَخمُدَ حتى تقطَع ألسنةَ المرجِفين، وكأنه يبعث الرهبَ في قلوبهم بكلمة العاديات؛ أي: إنهم من السرعة بمكان ولن تَهزمَهم مكائدُكم... ثم خَصَّ هذا العدو بوقت الصبح، وكأن نهارَ المسلمين قادمٌ ويوم المنافقين غابرٌ، وهذا الحق الذي لا تريدونه أيها المنافقين، ولكنه كائنٌ بحول الله كالصُّبح الذي ترونه دائمًا!

 

البلاغة:

العاديات: كناية عن الخيول، فكأن الله شرَّفها وهي التي عُقد الخيرُ بناصيتها، وكنَّى عنها بصفة من صفاتها وهي العَدْو؛ ليبثَّ في قلوبهم الرعبَ، فلن يتوقَّف عدوُها حتى تُهلككم بأمري...

 

ومن جهة أخرى كأنَّ هذا القسم بهذه الصيغة يُمجِّد الخيل، ويربِّت على كتفها أمنًا وأمانًا؛ لِما تقدِّمه من دورٍ بارز في تثبيت الدعوة بأمر الله، ويخاطبها: أنت بأمري فالقةُ صُبح الدِّين، وإنك من جندي، ولا يعلم جندي إلا أنا! سبحان من جعل من البيان سحرًا!

 

2- جواب القسم: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ﴾.

التحليل:

الصرف:

جاءت الخبر (كنود) بصيغة المبالغة لبيان ما عليه من جحود المنافق:

النحو:

جاء جواب القسم في أوجز لفظ وأعظم معنًى، وبدأ بأن المؤكدة للجملة، وكأن هذا الوصف دستورٌ خالد من خالق الأنفس، يصفهم لنعرفَهم في كل زمن وحينٍ، ولا تُخايلنا ألوانُهم الزائفة، فقد وصفهم بـجحود النعم، وهذا أبرزُ وصفٍ لهم؛ إذ إن الله خلقهم وأنكروه، وأطعمهم وآذَوا أنبياءَه ومن والاهم، وسقاهم فتمنَّوا الموت لمن يُفلت من قبضة مكرهم!

 

وإنه على ذلك لشهيد، عطف على الصفة الأولى، فبعد أن جحد النعم شهِد على نفسه... وهذا مما يبيِّن التبجح وخلْط المفاهيم، وتسمية الأشياء بغير مسمياتها، فقديمًا كانوا كالحمار يحمل أسفارًا يعرفون ظاهرَ الحق ويُنكرونه، وحديثًا قالوا: نحن أول العلم والثقافة والنخبة والوجهة، ونحن أهل الشهرة والمال، أحق بأن نقودَكم ونسيطرَ على ثروتكم ومعتقدكم منكم... وهم يعلمون أنهم كاذبون مغتصبون...

 

البلاغة:

جاءت الجمل مؤكَّدة بمؤكِّدين، وهذا من الخبر الإنكاري؛ أي: إنهم يعرفون وينكرون، فصدق النص المقدَّس لهم على ما في قلوبهم من غلٍّ وحسد للمسلمين، ثم جاء العطف بالواو؛ ليجعل كل جملة في مقام الجملة الأولى من الأهمية...

 

3- الاستقهام: ﴿ أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ، وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ، إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِير ﴾.

التحليل:

الصرف:

جاءت الأفعال مبنية للمجهول للتهويل من شأن هذا اليوم؛ إذ هو عذابٌ عليهم، يودُّون لو يفتدون منه بملء الأرض ذهبًا، ولكن هيهات، وكأن هذه الصيفة تترك للعقل التجوال في عوالم الغيب؛ إذ يسأل من فوره: من الذي سيبعثر؟ وكيف؟ ومن الذي سيحصل؟ وكيف؟ ثم تبدأ التهاويم في تصوُّر ملائكة العذاب أو جنود ربك التي لا نعرِفها، ويزداد رعبُ القلب: من سيفعل كذا؟ ومن؟ ومن؟

 

ثم تأتي الجملة الأولى، جاء فعلُ الجملة الأولى بصيغة المضارع لاستحضار الصورة في ذهنهم، وفي الجملة الثانية أتى الفعل بصيغة الماضي لتوكيد الأمر، وذلك كله لإثارة فزع القلب من هَوْل ذلك اليوم، وهذا من رحمة الله كما هو من عذابه!

 

فمن كان في قلبه خيرٌ سيرتدع ويعود إلى سبيل ربه، ومن كان قلبه كالحجر - وإن من الحجارة لما يتفجَّر منه الماء - فأنى له أن يهتدي، فيأخذ حصة من عذاب الدنيا، وهي الزيادة في العناد والنفاق، ومن ثم تزاد له جرعة الضَّنك والهم ليلًا ونهارًا، ثم ينتقل إلى عذاب ربه.

 

النحو:

جاء نائب الفاعل في الجملتين ما الموصولة، وهي تزيد إبهام الفاعل؛ مما يزيد حَيرتهم وخوفهم منه، ويثير وجيفَ قلوبهم، فما هنا شمولية، ويكأن الله العليم الخبير يقول لهم: (ما استطعتُم إخفاؤه في الدنيا - كبيرًا أو صغيرًا، مكرًا كان أو كيدًا، أذًى ماديًّا أو معنويًّا، نيةً في القلب أو سلوكًا - مهما كان فلن تستطيعوا إخفاءه في الآخرة، وما وجدتموه من مناصرين في الدنيا، فلا نصير لكم في الآخرة، فكأن استخدام (ما) نائب الفاعل هنا - (ما الموصولة ثم صلتها شبه الجملة) - زادهم حقارةً في نظر أنفسهم، وهوانًا عند الله تعالى، ثم إنها سفهَّت أفعالهم، فمع أن النفاق يأكل قلوبهم ليلَ نهارَ، ويقتُل فطرتهم رويدًا رويدًا، فيشعرون أنهم يركُضون للخلف لا للأمام، ومع العناد والقوة والسطوة، فإن قلوبهم هواءٌ، تكاد تتصدَّع كمن يصعَد في السماء، فعاشوا عذاب الآخرة وينتظرهم عذابٌ آخر يومَ يَبلو الله تبارك وتعالى ما في قلوبهم، ويعلمون أن الله حق كما أنهم ينطقون، عندها يتساقط لحم وجوههم حياءً ورهبًا!

 

البلاغة:

يأتي هذا الاستفهام لتنويع الأسلوب، فبعد القسم والخبر يأتي هذا الاستفهام لاستثارة الذهن وشد الانتباه، وحث العقل على اليقظة، والبحث عن إجابة أو ترقُّب الإجابة، فيسألهم الحق تبارك وتعالى: ماذ تفعلون يوم تُنشرون ولا يكون لكم وقتئذ لسانٌ تكذبون به ولا عشيرة تلوذون بها؟ ما تفعلون إن بلوتُ سرائركم، وأطلعتُكم على أنفسكم، وأشهدتُ عليكم أيديكم وأرجلَكم، إنها العاصفة الذهنية التي تعبث بقلوبهم وقتئذٍ!

 

وقبل أن تُسعفهم العقول بالإجابة أو بالحيلة، تأتيهم الصاعقة في الجواب: ﴿ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِير ﴾، وفي هذا الجواب نجد المولى عز وجل يُغلق عليهم كلَّ قولٍ بأنه خبير بما يعلنون وما يسرون!

 

الصرف: يأتي الخبر بصيغة المبالغة مقترنًا باللام المزحلقة؛ ليردَّ إنكارهم، ويؤكد سوءَ عاقبتهم، ويختم به الكلام، وكأنه وضَعهم في سجن مُحكم لا مفرَّ منه ولا مهرب، فترَك عقولهم حائرة تردَّد: أيكون ذلك حقًّا أم لا يكون، أنؤمن أم نظَل من الغاوين، أنضحي بالفانية في سبيل الباقية، أم أن هذه حياتنا نموت فيها ولا نَحيا بعدها؟

 

النحو:

﴿ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ﴾، تُختم بآية خبرية تقريرية، كأنها كشفت الستار عما ينتظرهم، وامتحنت تكذيبَهم الداخلي بهذه المفاجأة البيِّنة المؤكَّدة التي لا ريب فيها، فلا يزيِّن لك شيطانك أيها المنافق أنك ستُفلت في الآخرة كما داهنتَ ونجوت في الدنيا! وهو أسلوبُ توكيد، لمنع الشك من قلوب من يشك في المصير المحتوم، أو يزيِّن له شيطانه سوءَ فعله، فيراه حسنًا!

 

البلاغة:

يطالعنا أسلوب القصر بتقديم الخبر (بهم)، وذلك لتوكيد أنه لا مناص من عذابكم، ثم يأتي إيجاز الحذف؛ إذ إن تقدير الكلام: إن ربهم بهم يوم يُبعثر ما في القبور ويُحصَّل ما في الصدور لخبير، وهذا من بلاغة القرآن الكريم؛ إذ إن المقام مقامُ ترهيبٍ، فالحذف أَولى؛ كي يظل العقل مشدوهًا متأثرًا، فتقع الكلمات موقع السيوف من قلوبهم وأسماعهم!

 

ثانيًا: البنى الصغرى:

هذا وقد زخَرت الآيات الكريمة بالبنى الصغرى المتمثلة في كل وحدة لغوية؛ مثل:

﴿ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا * إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ * أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ﴾.

 

فنجد الكلمات فيها انتقاءٌ عجيب يُحدث جرسًا صوتيًّا مناسبًا للحالة التي تريد السورة أن تجسِّدها، فنجد: والعاديات ضبحًا – المغيرات صبحًا – فأثرن به نقعًا – فوسطن به جمعًا...

 

• فمن حيث الصوت جاءت الفواصل حرف الألف الذي يتصف بالجهر والرخاوة، فكأن القسم جاء مدويًا مسمعًا موقظًا لكل نفس أخذتها الرخاوةُ في الدين، واستمالتها الدنيا ووضعتها بين أنيابها...


• ثم نجد نغم حروف كلمة (ضبحًا): يوضِّح حالة الخيل التي تلهث وتُصدر صوتًا لشدة جهدها، وكأنها تعبِّر عن الإصرار في استكمال مسيرتها، ولسان حالها يقول: خُلقنا للجهاد ونصرة دين الله، وإن نال المنافقون من أسماع فوارسنا، فلن ينالوا من عزمنا...


• أما (صبحًا)، فأضافت معاني النشاط والنصر؛ حيث بركة البكور ونور النصر!


• وجاءت كلمة (نقعًا وجمعًا): لتكمل اللوحة، وأن الأمر ليس كما صوَّره المنافقون، فالنقعُ دليلُ احتدام المعركة، والجمع دليلُ الاشتباك، والنصر على مرمى الصباح.


• ثم صيغة المؤنث التي عبَّرت عن الخيول، مع أن هناك صيغًا مذكرة تعبِّر عن الخيل، لكن اختيار التأنيث هنا يدل على قوة التحمل، فالأنثى تلد الأمة رغم الوهن والضعف وطول المسير، وكذا جيادنا ستقاوم طول الطريق رغم كيد ومكر الماكرين، فهي للصبر والقوة والمواجهة حتى تضع الوليد، وبالحدب والرعاية حتى يملأ الدنيا ويرفع الراية، ما أجملها من نون وما أقواها رغم ضَعفها! وما أشد إصرارها رغم وهَنِها!


• ثم تُطالعنا هذه الجمل متتالية التوكيد ومتنوعة أساليبه: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ﴾ [العاديات: 6 - 8]، وكأنه سبحانه يفضَح أمرَ المنافقين، ويؤكد للمسلمين حالهم، وكأن الجمل ناطقة تقول: لا تأخذْكم بهم رحمةٌ ولا ريبة، ولا حسنُ ظنٍّ، فالله أعلم بهم، وبما حملت صدورهم، فاتِّخِذُوهم أعداءً كما أمركم ربُّكم، ومصداقُ ذلك قوله تعالى: ﴿ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 80]، ثم نجد السجع باستخدام حرف الدال، وهو من حروف الشدة والجهر بما يناسب الرسائل التي تحملها السورة.


• نأتي بعد ذلك للتقرير في السؤال: ﴿ أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ﴾ [العاديات: 9، 11]، وهذا تقريعٌ لهم، أجهِلوا أم فقَدوا عقولهم!؟ ألا يعلمون أن الله بهم محيطٌ، وبقلوبهم وما يدور فيها بصيرٌ، أي كُفُّوا عن مكركم، فأنتم أمام الخالق عراةَ البدن والقلب، فكيف تمكرون!


• تطالعنا بعد ذلك صيغ المبني للمفعول في (حُصِّل وبُعثِر)، لإطلاق الخيال في تصوُّر الفاعل بقوته ومهابته سبحانه وتعالى عما يصفون، وتأتي ما نائبًا عن الفاعل؛ لتدل على كثرة من في القبور وما في الصدور؛ أي: إن علم الله محيط وقدرته بالغة بمن فَنِي وبقِي، فكيف يراودكم الشك في قدرته عليكم، لكنه يُمهلكم لأجلٍ مسمى!


• تأتي الموازنة بعد ذلك بين ما عليه المنافق، وما يجب أن يكون عليه المؤمن، فالمنافق لربه كنودٌ، وحبُّه للمال شديدٌ، فيرى الجهاد مَهلكة، فهو ذلك الرجل الذي يقدِّس المال، فما باله بالروح، كيف ينفقها في سبيل الله، فهذا في عقله محالٌ، وفي المقابل نجد المؤمن يلقي بنفسه وبماله في سبيل الله راضيًا فرحًا، آملًا في إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة، وإن حُرِم ذلك ذهب وعيونُه تفيض من الدمع حزينًا؛ لأنه لم يكن من السابقين، قال ربنا الحق: ﴿ وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ﴾ [التوبة: 92].


• تنتهي السورة لفظيًّا لتكتمل تصويريًّا، فتَرسم في الذهن لوحة تصويرية رائعة محفِّزة للجهاد؛ حتى لا نكون في زمرة المنافقين الجاحدين بأنعُم الله، فتلك الخيولُ ضابحة قادحة، تشُق النقع، وتَصهِل بالنصر، وتُضيء فَلقَ الصبح، فما يزيد الكفار إلا ضيقَ صدر وسوادَ وجهٍ، وما يزيد المؤمنين إلا فرحًا وثقةً في الله، وتصديقًا لنبيه صلى الله عليه وسلم والعاقبة للمتقين!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قراءة بلاغية في سورة العاديات
  • فوائد وحكم من سورة العاديات
  • تفسير سورة العاديات للأطفال
  • تأملات في سورة العاديات
  • تفسير سورة العاديات
  • تفسير سورة العاديات

مختارات من الشبكة

  • آيات من سورتي العاديات والقارعة بتفسير الزركشي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة العاديات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإعراب الصوتي للقرآن الكريم: سورة العاديات(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب الدروس المهمة (تفسير سورة العاديات) - مترجما للغة الإندونيسية(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب الدروس المهمة لعامة الأمة - الدرس (3) تفسير سورة العاديات(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • تفسير سورة العاديات(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تلاوة سورة العاديات(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • سورة العاديات بلغة الإشارة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لطائف وإشارات حول السور والآي والمتشابهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موهم التعارض بين القرآن والسنة: (دراسة نظرية تطبيقية) من أول سورة الفاتحة حتى نهاية سورة الأنعام(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/11/1446هـ - الساعة: 12:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب