• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التربية الحديثة وتكريس الاتكالية
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    المرأة بين تكريم الإسلام وامتهان الغرب (3)
    نجلاء جبروني
  •  
    البلوغ وبداية الرشد: حين يكون الزواج عند البلوغ ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    سلسلة دروب النجاح (1) البوصلة الداخلية: دليل ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الأسرة الحديثة بين العجز عن التزويج والانقراض ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    الأبناء والتعامل مع الهاتف المحمول: توازن بين ...
    محمد أحمد عبدالباقي الخولي
  •  
    دور الآباء في تربية الأبناء في ضوء الكتاب والسنة ...
    محمد أحمد عبدالباقي الخولي
  •  
    التطوير المنهجي متعدد التخصصات في واقع التعليم ...
    د. مصطفى إسماعيل عبدالجواد
  •  
    رصيد العلاقات.. كيف نبني علاقات قوية في زمن ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    الاستمرارية: فريضة القلب في زمن التقلب
    أحمد الديب
  •  
    الشباب والعمل التطوعي: طاقة إيجابية تصنع الفرق
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    يا معاشر المسلمين، زوجوا أولادكم عند البلوغ: ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاحتفاء بالمتفوقين بامتحانات البكالوريا يعيد ...
    أ. هشام البوجدراوي
  •  
    الذكاء الاصطناعي والتعليم
    حسن مدان
  •  
    أساليب التربية في ضوء القرآن والتربية الحديثة
    محمد أحمد عبدالباقي الخولي
  •  
    مفترق الطرق: قرارات مصيرية في عمر الشباب
    محمود مصطفى الحاج
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

فائدة المصدر الميمي

د. أحمد عيد عبدالفتاح حسن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/12/2018 ميلادي - 28/3/1440 هجري

الزيارات: 62257

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من دقائق العربية (12)

فائدة المصدر الميمي


سألني أحد الإخوة الأعزاء المتخصِّصين في اللغة العربية والمحبِّين لها هذا السؤال:

ما فائدة المصدر الميمي في اللغة العربية؟

فأجبته إجابةً سريعةً بما لديَّ من ذلك، ووعدتُه بتوسيع دائرة البحث والنظر عند عودتي من بلدتي، وها أنا ذا أُقَدِّم له ما وعدتُه به؛ لكن بعد أن يعرف الإخوة الأعزَّاء المراد بهذا المصدر وصياغته بإيجاز؛ فأقول وبالله التوفيق:

المراد بالمصدر الميمي:

ما دلَّ على الحدث، وبُدِئَ بميمٍ زائدة لا تدلُّ على المفاعلة؛ مثل: (الْمَحْيَا، والْمَمَات، والْمُنْتَهَى، والْمُنْقَلَب)، فإنَّ هذه الكلمات تُشارك المصدر العام: (الحياة، والموت، والانتهاء، والانقلاب) في الدلالة على الحدث، ولكنَّها مبدوءات بميم زائدة لا تدلُّ على المفاعلة التي يدلُّ عليها المصدر العام من (فَاعَلَ)؛ كـ (المصافحة، والمعاونة)[1].

 

صياغته:

يُصاغ المصدر الميمي من الثلاثي المجرد ومن غيره، ودونك البيانَ:

أولًا: صياغته من الثلاثي:

جاء المصدر الميمي من الثلاثي على وزنين؛ هما:

1- (مَفْعَل) بفتح الميم والعين: وهو القياس في المصدر الميمي من الثلاثي، وقد جاء في ثلاث حالات:

الحالة الأولى: إذا كانت عينُ الفعل غيرَ مكسورةٍ في المضارع؛ فتقول: (قَعَدَ يَقْعُدُ مَقْعَدًا، وفَتَحَ يَفْتَحُ مَفْتَحًا، ورَدَّ يَرُدُّ مَرَدًّا؛ قال عز وجل: ﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ﴾ [الرعد: 11]، وتَابَ يَتُوبُ مَتَابًا؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ﴾ [الفرقان: 71]، وسَاقَ يَسُوقُ مَسَاقًا؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ ﴾ [القيامة: 30]، ومَاتَ يَمُوتُ مَمَاتًا، وحَيِيَ يَحْيَى مَحْيًا؛ قال عز وجل: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162]، وعَشِقَ يَعْشَقُ مَعْشَقًا، قال الأعشى الكبير: [من الطويل]

أَرِقْتُ ومَا هَذا السُّهَادُ الْمُؤَرِّقُ *** ومَا بِيَ مِنْ سُقْمٍ ومَا بِيَ مَعْشَقُ

 

الحالة الثانية: إذا كان الفعلُ معتلَّ الآخر؛ فتقول: ثَوَى يَثْوِي مَثْوًى، ودَعَا يَدْعُو مَدْعَى، وسَعَى يَسْعَى مَسْعًى، ورَمَى يَرْمِي مَرْمًى، ووَقَى يَقِي مَوْقًى.

 

الحالة الثالثة: إذا كان الفعلُ مثالًا يائيًّا؛ فتقول: يَسَرَ الرَّجُلُ مَيْسَرًا، ويَفَـعَ الْغُلامُ مَيْفَعًا، ويَقُظَ النَّائمُ مَيْقَظًا، ويَنَعَ الزَّرْعُ مَيْنَعًا.

2-  (مَفْعِل) بفتح الميم وكسر العين:

وهو واردٌ موقوف على السماع في حالتين:

الحالة الأولى: إذا كان الفعلُ مثالًا واويًّا، صحيحَ اللام، مكسورَ العين في المضارع؛ مثل: وَعَدَ يَعِدُ مَوْعِدًا؛ قال عز وجل: ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي * قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا ﴾ [طه: 86، 87].

 

وإذا كان الفعل مثالًا واويًّا صحيح اللام، غير مكسور العين في المضارع؛ نحو: (وَحِلَ، ووَجِلَ) فللعرب في المصدر الميمي منه مذهبان:

المذهب الأول: أكْثَرُ العرب على أنَّ المصدرَ الميميَّ منه على وزن (مَفْعِل) بكسر العين؛ فيقولون: (مَوْحِلٌ، مَوْجِلٌ).

والمذهب الآخر: بَعْضُ العرب يرى أنَّ المصدرَ الميميَّ منه على وزن (مَفْعَل) بفتح العين؛ فيقول: (مَوْحَلٌ، مَوْجَلٌ).

والمتكلمُ بالخيار بين الكسر والفتح في هذا، فله حريةُ النطقِ المطلقةُ بأيِّ المذهبين العربيين شاء.

 

الحالة الثانية: إذا كان الفعلُ صحيحَ اللامِ، مكسورَ العينِ في المضارع؛ مثل: سار يَسِيرُ مَسِيرًا، وزاد يَزيدُ مَزِيدًا؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ﴾ [ق: 30]، وصار يَصيرُ مَصِيرًا؛ قال عز وجل: ﴿ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285]، وحـاضت تَحِيضُ مَحِيضًا؛ قال عز وجل: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ﴾ [البقرة: 222]، ورَجَعَ يَرْجِعُ مَرْجِعًا؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ ﴾ [هود: 4].

 

ثانيًا: صياغته من غير الثلاثي:

يأتي المصدر الميمي من غير الثلاثي على صورة المضارع، مع إبدالِ أول المضارع ميمًا مضمومة، وفتحِ الحرف الذي قبل آخره إن لم يكن مفتوحًا؛ فتقول في المصدر الميمي من الأفعال (يُعَرِّفُ، يَتَعَاوَنُ، يَسْتَفْهِمُ): كان مُعَرَّفُكَ للْفِقْهِ وَاضِحًا، وكان الْمُتَعَاوَنُ بيننا في فهمه خيرَ وسيلةٍ لتحقيق النجاح، وكانت الإجابةُ على كلِّ مُسْتَفْهَمٍ يسيرةً.

 

ومن مواطنه في الذكر الحكيم قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 227]، وقوله عز وجل: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ [سبأ: 7]، وفي بعض القراءات الشاذة: ﴿ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرَمٍ ﴾ [الحج: 18]؛ أي: إكرام.

 

لحوق التاء بالمصدر الميمي:

لقد سُمِعَ من المصدر الميمي من الثلاثي ألفاظٌ كثيرةٌ مختومةٌ بالتاء، جاءت في المعجمات اللغوية؛ مثل: مَحْمَدَة، ومَذَمَّة، ومَبْخَلة، ومَجْبَنة، ومَحْزَنة، ومَوَدَّة، ومَسَرَّة، ومَوْعِظة، ومَهْلِكة، ومَخَافة، ومَهَابَة، ومَشَقَّة، ومَغْفِرة، ومَسْأَلة، ومَغْضَبة، ومَحَبَّة، ومَعْرِفة، ومَتْعَبة، ومَفْخَرة، ومَعْصِية، ومَيْسَرة، ومَفْسَدة، ومَوْعِدة، ومَقْدِرة، ومَزَلَّة؛ ولهذه الكثرة الواردة قرَّر مجمعُ اللغة العربية في القاهرة جواز القياس عليها [2].

 

فائدة المصدر الميمي:

اقتصر كلام علماء التصريف السابقين على بيان المراد بهذا المصدر، وكيفية صياغته من الثلاثي وغيره، دون التعرُّض لبيان فائدته في لغتنا الشريفة، التي يسأل عنها النُّبهاء من طلاب العربية ومحبِّيها في عصرنا، حين يُقال لهم: إنَّ المصدر الميمي يدلُّ على الحدث مثل المصدر العام، والفرق بينهما: وجود ميم زائدة في أول الميمي لا تدلُّ على المفاعلة.

 

وقد اجتهدتُ في التتبُّع والنظر، وآثَرتُ عدم الوقوف عند الفائدة التي أجبتُ بها السائلَ الكريمَ إجابةً سريعةً، فظهرت لي أنَّ فائدة المصدر الميمي في اللغة العربية تتضح في ثلاثة أمور:

أولها: قوة دلالته على الحدث وتأكيدها[3]؛ فالمصدر الميمي يؤدي المعنى الذي يؤديه المصدر العام، وهو الدلالة على الحدث المجرد، ويفوقه في أنَّ دلالتَه على الحدث أقوى من دلالة المصدر العام، ومعناه آكدُ من معناه، ولعل هذا هو السبب في كثرة ورود المصدر الميمي في الذكر الحكيم[4].

 

وثانيها: المصدر الميميُّ طريقٌ عربيٌّ جَدَدٌ من طرقِ تحقيقِ الثراء في مفردات العربية، واتِّساع مجال القول فيها؛ ففيه توسعة على الشاعر والناثر، فقد يحتاج الشاعر في شعره إلى صيغته المُعبِّرة عن الحدث تعبيرًا قويًّا مؤكدًا؛ لتلائم وزن القصيدة وقافيتها، وكذلك الناثر، قد يحتاج إليها؛ لتستقيم له سجعتُه، وتتحقَّق للكلام طلاوته؛ فمنحتهما العربيةُ المصدرَ الميميَّ؛ تلبيةً لحاجاتهما المتكرِّرة، وفتحًا لمجال القول أمامهما، ورفعًا للحرج والمشقَّة عنهما في بيانهما.

 

فلله درُّها لغةً إنسانيةً رائعةً غنيَّةً، تفي بحاجة الناطقين بها في كل زمان ومكان، ولا يعوقها شيء عن الوصول إلى درجة الكمال بين اللُّغات!

 

وما أصْدَقَ إحساسَ ابن جني بها في قوله: "إذا تأملتُ حالَ هذه اللغةِ الشريفةِ الكريمةِ اللطيفةِ، وجدتُ فيها من الحكمة والدِّقة والإرهاف والرِّقة ما يملك عليَّ جانب الفكر حتى يكاد يطمحُ به أمام غَلْوَة السِّحْر!"[5]، ولكي نقف على تلك الفائدة خيرَ وقوفٍ لا بدَّ من ذكر بعض الشواهد:

1- قال ابن أحمر يصف خيلًا مضت للحاق قوم بُغية إدراكهم:

لَدُنْ غُدْوَة حَتَّى كَرَرْنَ عَشِيَّةً
وَقَرَّبْنَ حَتَّى ما يَجِدْنَ مُقَرَّبَا
تَدارَكْنَ حيًّا من نُمَيْرِ بنِ عامرٍ
أُسَارَى تُسامُ الذُّلَّ قَتْلًا ومَحْرَبَا

 

فهذان البيتان من البحر الطويل الذي تنتظم نغماته التفعيلات الآتية:

فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِلُنْ *** فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِلُنْ

 

عروضهما مقبوضة (عَشِيْيَتَنْ، نِ عَامِرِنْ = مَفَاعِلُنْ)، وضربهما مماثل لها (مُقَرْرَبَا، وَمَحْرَبَا = مَفَاعِلُنْ)، وقد دخل القبض[6] بعض تفعيلات الحشو، ويظهر ذلك في الكتابة العروضية للبيتين على النحو الآتي:

لَدُنْ غُدْ/ وَتنْ حَتْتَى/ كَرَرْنَ/ عَشِيْيَتَنْ
وَقَرْرَبْ/ نَ حَتْتَى ما/ يَجِدْنَ/ مُقَرْرَبَا
فَعُولُنْ/ مَفَاعِيلُنْ/ فَعُولُ/ مَفَاعِلُنْ
فَعُولُنْ/ مَفَاعِيلُنْ/ فَعُولُ/ مَفَاعِلُنْ
تَدارَكْ/ نَ حَيْيَنْ مِنْ/ نُمَيْرِ بْ/ نِ عَامِرِنْ
أُسَارَى/ تُسَامُ ذْذُلْ/ لَ قَتْلَنْ/ وَمَحْرَبَا
فَعُولُنْ/ مَفَاعِيلُنْ/ فَعُولُنْ/ مَفَاعِلُنْ
فَعُولُنْ/ مَفَاعِيلُنْ/ فَعُولُنْ/ مَفَاعِلُنْ

 

والمصدر الميمي من غير الثلاثي في نهاية البيت الأول (مُقَرَّبا) يمثِّل الضرب المقبوض، ولا يُمَثِّله المصدر العام، فلو قال الشاعر: (تَقْرِيبًا)، وهو مصدر (قَرَّبَ) ما استقام له وزن البيت.

 

والمصدر الميمي من الثلاثي في نهاية البيت الثاني (مَحْرَبَا) يمثِّل مع واو العطف قبله الضرب المقبوض، ولا يُمَثِّله المصدر العام، فلو قال الشاعر: (حَرَبَا)، وهو مصدر (حَرِبَ) لفسد الوزن.

 

2- قال الحارث بن خالد المخزومي:

أَظَلُومُ إِنَّ مُصَابَكُم رَجُلًا *** أَهْدَى السَّلامَ تَحِيَّةً ظُلْمُ

فالهمزَة حرف نداءٍ، و(ظَلُومُ) اسْمُ امْرَأَة، منادى مفرد مبني على الضم، و(مصابَكم) اسْم (إنَّ)، و(رَجُلًا) مفعول بِهِ للْمَصْدَرِ، وَ (أهْدَى السَّلَامَ) جملَة فِي مَوضِع نصب على أَنَّهَا صفة لـ(رجلًا)، و(تَحِيَّةً) مفعول مطلق لـ (أَهْدى السَّلَامَ) من بَاب (قعدتُ جُلُوسًا)، أو مفعول لأجله، و(ظُلْمُ) خبر (إنَّ) [7].

 

والمصدر الميمي (مُصَابَكُم) بِمَعْنى: إصابَتكَم هو الذي يَستقيم به وزن البيت؛ لأنَّهُ من البحر الكامل التام، الذي تنتظم نغماته التفعيلات الآتية:

مُتَفَاعِلُنْ مُتَفَاعِلُنْ مُتَفَاعِلُنْ *** مُتَفَاعِلُنْ مُتَفَاعِلُنْ مُتَفَاعِلُنْ

 

وعروضه حَذَّاء[8] (رَجُلَنْ = مُتَفَا)، وضربه أحَذُّ مضمر (ظُلْمُو = مُتْفَا)، وقد دخل الإضمار[9] التفعيلة الأولى من الشطر الثاني، ويظهر ذلك في الكتابة العروضية للبيت على النحو الآتي:

أَظَلُومُ إِنْ/ نَ مُصَابَكُمْ/ رَجُلَنْ
أَهْدَ سْسَلَا/ مَ تَحِيْيَتَنْ/ ظُلْمُو
مُتَفَاعِلُنْ / مُتَفَاعِلُنْ / مُتَفَا
مُتْفَاعِلُنْ / مُتَفَاعِلُنْ / مُتْفَا

ولو جاء الشاعر بالمصدر العام (إصَابَتَكُمْ) ما استقام له وزن البيت.

 

3- قول ضابئ البرجمي:

ورُبَّ أُمُورٍ لا تَضِيرُكَ ضَيْرَةً *** ولِلْقَلْبِ مِنْ مَخْشَاتِهِنَّ وَجِيبُ

البيت من البحر الطويل، عروضه مقبوضة (كَ ضَيْرَتَنْ = مفاعلن)، وضربه محذوف (وَجِيبُو = مفاعي)، ولو جاء الشاعر بالمصدر العام (خَشْيَتِهِنَّ) لفسد وزن البيت.

 

4- قول رؤبة:

أَشْكُو إِلَيْكَ شِدَّةَ الْمَعِيشِ *** ومرَّ أَعْوَامٍ نَتَفْنَ رِيشِي

فـ(الْمَعِيشِ): مصدر ميمي، والمعنى: أَشْكُو شِدَّةَ الْعَيْش، ولا يمكن المجيء بالمصدر العام مكانه؛ محافظةً على سلامة الوزن.

 

والأخير: يجيء المصدر الميمي مختومًا بالتاء من الثلاثي المجرد على وزن (مَفْعَلَة)؛ لبيان سبب كثرة الحدث، والحامل عليه، والداعي إليه [10]، فيُقال: (الولدُ مَجْهَلَةٌ، والشَّرَابُ مَطْيَبَةٌ للنفس، والطعامُ مَحْسَنَةٌ للجسم، والحربُ مَأْيَمَةٌ ومَيْتَمَةٌ، وكثرةُ الشَّرابِ مَبْوَلَةٌ، وكثرةُ الطعامِ مَتْخَمَةٌ) [11].

 

وفي المستدرك على الصحيحين قوله عليه الصلاة والسلام: ((إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَحْزَنَةٌ))؛ أي: سبب لكثرة البخل والجبن والحزن؛ فالولدُسَبَبٌ يَجْعَل وَالِده جَبَانًا، لا يَشْهَدُ الحروب ليُرَبِّيَهُ، ويجعله بَخِيلًا يجمع المَال ويتركه لوَلَده من بعده، ويجعله حزينًا بما يقوم به من أعمال غير صالحة.

 

وقال عنترة العبسي: [من الكامل]

نُبِّئْتُ عَمْرًا غَيْرَ شَاكِرِ نِعْمَتِي *** والْكُفْرُ مَخْبَثَةٌ لنَفْسِ الْمُنْعِمِ

والمراد: وكفر النعمة سببٌ لكثرة خُبْثِ نفس الْمُنْعِمِ، وذلك إذا أنعم على شخصٍ فلم يشكر النعمة بل كَفَرَها [12].

 

وفي نهاية المطاف أقول:

لقد اتَّضح مما سبق ما يأتي:

أولًا: ليس وجود المصدر الميمي في اللغة العربية نوعًا من العبث وتكثير القواعد وإرهاق الدارسين كما يظُنُّ بعضُ السائلين والسائلات.

 

ثانيًا: أنَّ الذي دَفَعَ بعضَ السائلين والسائلات إلى ذلك الظنِّ والسؤال اكتفاءُ علماء التصريف السابقين في كتبهم بالقول: إنَّ دلالة المصدر الميمي على الحدث دلالة المصدر العام.

 

ثالثًا: أنَّ المصدر الميمي يُؤتى به في كلام العرب لأغراض ودواعٍ، لا غنى عنها للمتكلم العربي شاعرًا كان أو ناثرًا؛ لأنَّ البيان يقتضيها، والمقام يستدعيها، ولا سيَّما مقام النظم بحدوده الضيِّقة؛ فما أروعَ لُغَتَنَا الشريفةَ! وما أوفاها بحاجاتِ الناطقين بها!

 

والحمد لله ربِّ العالمين الذي جعلنا من الناطقين بها، والمنتسبين إليها، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 10].



[1] يُنظَر: تذليل التصريف 2/ 84.

[2] يُنظر: كتاب في أصول اللغة 2/ 23.

[3] ينظر: النحو الوافي 3/ 231، 236.

[4] ينظر: تذليل التصريف 2/ 84.

[5] الخصائص 1/ 48، الغَلْوة: الغاية ومجاوزة المدى.

[6] القبض من الزَّحَاف المفرد، ويُراد به: حذف الحرف الخامس الساكن من التفعيلة.

[7] ينظر: شرح شذور الذهب؛ لابن هشام527.

[8] الْحَذَذُ من علل النقص، ويُراد به: حذف الوتد المجموع من آخر (مُتَفَاعِلُنْ)، يُقال للعَرُوض: حَذَّاءُ؛ لأنَّهَا مؤنثة، ويُقال للضَّرْب: أَحَذُّ.

[9] الإضمار من الزَّحَاف المفرد، ويُراد به: إسكان الثاني المتحرك من (مُتَفَاعِلُنْ).

[10] ينظر: شرح الرضي على الشافية 1/ 162.

[11] يُنظر: ارتشاف الضرب 2/ 505، 506، وتمهيد القواعد 8/ 3828.

[12] ينظر: تمهيد القواعد 8/ 3828.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اعتراضات اليزدي على ابن الحاجب في المصدر الميمي
  • فيض الكريم في صفة إخفاء الميم لعمرو عبد الله الحلواني

مختارات من الشبكة

  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأبناء والتعامل مع الهاتف المحمول: توازن بين الفائدة والخطر(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مجلس ختم صحيح البخاري بدار العلوم لندن: فوائد وتأملات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جمع فوائد العلم والعمل من رؤيا ظلة السمن والعسل ((أصبت بعضا وأخطأت بعضا))(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد من حديث: «ولم يكمل من النساء إلا...»(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أصول الفقه مفهومه وفوائده وأهميته في الدين والحياة(كتاب - آفاق الشريعة)
  • فوائد ترك التنشيف بعد الغسل والوضوء(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • فوائد البنوك: الخطر الذي يهدد العالم(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المصدر الميمي في اللغة العربية(مقالة - حضارة الكلمة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر
أسامة سعد الدين الطرابلسي - لبنان 20/10/2020 01:32 AM

جزيت خيرا وشكرت على مجهودك

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/2/1447هـ - الساعة: 19:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب