• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    القيادة في عيون الراشدين... أخلاقيات تصنع
    د. مصطفى إسماعيل عبدالجواد
  •  
    حقوق الأولاد (3)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    جرعات سعادة يومية: دفتر السعادة
    سمر سمير
  •  
    التاءات الثمانية
    د. خميس عبدالهادي هدية الدروقي
  •  
    المحطة الثانية عشرة: الشجاعة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    البطالة النفسية: الوجه الخفي للتشوش الداخلي في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حقوق الأولاد (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    مقومات نجاح الاستقرار الأسري
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

الشيب في اللغة والاصطلاح

محمد حمادة إمام

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/3/2017 ميلادي - 12/6/1438 هجري

الزيارات: 19162

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشيب في اللغة والاصطلاح


لطوريْ الشيب والشباب، أثر عظيم، في خِلْقة المرء وخُلُقه، فهما يهزَّانه هزًّا، الأمر الذي دعا العلماء والأدباء عامة، والشعراء خاصة إلى تصويرهما أدق تصوير، يكشف عن معناهما اللغوي والاصطلاحي.

فالشيب: "معروف قليله وكثيره بياض الشعر، والمشيب مثله، وربما سُمِّيَ الشّعَرُ نَفسُهُ شَيْبًا.

قيل: الشَّيْبُ بياضُ الشَّعَر. ويقال: عَلاهُ الشَّيْبُ، والمَشِيبُ: دُخُول الرَّجُل في ّحدّ الشَّيْب من الرِّجال، قال ابن السكيت في قول عَدِيّ [من مخلع البسيط].

تَصْبُو، وأنَّى لك التصابي؟ ♦♦♦ والرأسُ قد شَابَهُ المشيبُ

 

يَعْني بَيَّضهُ المشيبُ، وليس معناه خَالَطه...، وقول الشاعر [من الكامل]

قد رابه، ولمثل ذلك رَابَه ♦♦♦ وَقَع المشيبُ على السواد فشابَهُ

 

أي: بَيَّضَ مُسْوَدَّه. والأشيب: المُبْيَضُّ الرأس. وشيَّبَهُ الحُزْنُ، وشَيَّبَ الحزنُ رأسه، وبرأسه، وأشاب رأسه وبرأسه، وقومُ ُ شِيبُ ُ، ويجوز في الشعر شَيُبُ...

قال ابن سيده: وعندي أنَّ شُيُبًا، إنما هو جمع شائب..، أو جمع شَيُوب " [1]
والشَّيْبةُ: المَرَّة، اسم من شابَ [2]

 

الشيخوخة:

ونظرًا للقرابة والصداقة الحميمة بين الشيب والشيخوخة، ودوران المصطلحين على ألسنة الشعراء، وخاصة الأندلسيين منهم، أعَرِّج على بيان مفهوم الشيخوخة، فالشيخوخة والكهولة والهرم من بنات الشيب.

يقال: شاخَ الرَّجُلُ يشيخ شيوخة، فهو شيخ، وجمعه شيوخٌ وأشياخٌ ومشيخة، و

" شيخان ومشيوخاء "، ويقال للعجوز شَيْخَةٌ.

[ والعرب تقول لِزَوْج المرأة - وإن كان شابَّا: هو شيخها، ولامرأة الرَّجُل - وإن كانت شابة -: هي عجوزُهُ.

ويقال: قد شَيَّخَ الشَّيخُ تشييخًا - [إذا كبر. والمشايخ جمع مَشْيخَةٍ]

والمنظور هو أن الشيخ يقال لمن طعن في السن، أو استبانت فيه السن وظهر عليه الشيب، وقيل: هو شيخ من خمسين إلى آخره، وقيل: هو من إحدى وخمسين إلى آخر عمره، وقيل: هو من الخمسين إلى الثمانين.. " [3]

 

ومما يؤكد على أن الشيخوخة تطلق على الشيب، وأنها مقابلة للشباب قوله تعالى:

﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [غافر: 67] [4]

فمرحلة بلوغ الأَشُدِّ هي مرحلة الشباب، التي " هي حالة اجتماع القوة وتمام العقل".

 

الشباب:

أصل المادة (شبَّ)، فمنه " شَبَّ الغُلامُ يَشِبُّ شَبَابًا، وشب الفرس يشب شبابا وشبوبا، إذا نشط (ومرح ).

ويقال: أشبت فلانةُ أولادا، إذا شب لها أولاد، ويقال: فعل ذلك في شبيبته، وامرأة شابة، ونسوة شواب.

وقال أبو زيد: يجوز نسوة شبائب في معنى شواب، وأنشد [في منشطور الرجز]

عجائزُ ُ يطلبن شيئًا ذاهبا
يخضبْنَ بالحنَّاءِ شَيْبًا شَائِبا
يَقُلن كنامَرَّةً شبائِبا

 

قلت: شبائب جمع شَّبة لا جمع شابة، مثل ضرة وضرائر وكَنّة وكنائن.. " [5]
و" الشباب: الفتاءة والحداثة. شب يشب شبابا وشبيبة. وفي الحديث تجوز شهادة الصبيان على الكبار، يستشبون أي يستشهد من شب منهم وكبر إذا بلغ كأنه يقول: إذا تحملوها في الصبا وأدوها في الكبر، جاز والاسم الشبيبة. وهو خلاف الشيب. والشباب جمع: شاب، وكذلك الشبان... " منه قوله تعالى: ﴿ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ﴾ [الأنبياء: 60] [6] فتى أي شابا، وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عوف... عن ابن عباس قال: " ما بعث الله نبيا إلا شابا ولا أوتي العلم عالم إلا وهو شاب، وتلا هذه الآية: ﴿ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ﴾ [الأنبياء: 60] [7]، فالشباب هم نبض الأمة وأساس نهضتها وقوتها، ولهذا كان التوجيه الأمثل من النبي الأكرم - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج.... الخ الحديث " [8]

 

أطوار الشيب والشباب:

رحم الله - تعالى - علماءنا، حيث قاموا بجمع مصطلحات، لكل طور من أطوار الإنسان، فكل طور يحمل ويحوي أطوارا للمرء، من بدء حياته إلى مماته. وتبعته في ذلك المرأة.

يقول الثعالبي: ".. فإذا اخضر شاربه، وأخذ عذاره يسيل قيل: بقل وجهه، فإذا اجتمعت لحيته وبلغ غاية شبابه فهو مجتمع، ثم ما دام بين الثلاثين والأربعين فهو شاب، ثم كهل إلى أن يستو في الستين..

ويقال للرجل أول ما يظهر الشيب به: قد وخطه الشيب، فإذا زاد قيل قد خَصّفه وخوّصه [9]، فإذا ابيض بعض رأسه قيل: أخلس رأسه فهو مخلس، فإذا غلب بياضه سواده فهو أعتم.. [10]، فإذا شمطت مواضع من لحيته، قيل: قد وخزه القتير ولهزه [11]، فإذا كثر فيه الشيب وانتشر قيل: " قد تفشغ [12] فيه الشيب... " [13].

أما المرأة فيطلق عليها: " خود، إذا توسطت الشباب، ثم مسلف إذا جاوزت الأربعين، ثم نصف إذا كانت بين الشباب والتعجيز، ثم شهلة كملة، إذا وجدت مس الكبر وفيها بقية وجلد، ثم شهبرة إذا عجزت وفيها تماسك، ثم حيزبون إذا صارت عالية السن ناقصة القوة ثم قَلْعَم ولِطْلِط، إذا انحنى قدها وسقطت أسنانها "

 

علة تقديم الشيب على الشباب:

معلوم أن الشباب مرحلة تسبق - زمنيا مرحلة الشيب، وإنما صدرت البحث بالحديث عن الشيب لأمور منها:

الموضوع أساسا هو الشيب، ويتبعه الحديث عن الشباب، وكان الحديث عن الشيب أساسا، لأنه لا شكوى - غالبا - من الشباب، وإنما الشكوى من المشيب، سواء من الوهن والضعف، أم من مساوئ الشباب ورزاياهم، وهي نتاج ازدرائهم الشيب، ونصب العداء لهم، متناسين أن المشيب - في الأغلب الأعم - مكمن الخبرة، والرزانة والوقار، وخلاصة مظاهر جميع المراحل والأعمار، فهو باعث جُلّ، بل كل الصور، ومحنة جميع البشر.


وإذا كان نبذ الشباب للشيب جُرْمًا، فالأدهى والأمر نبذ المجتمع - خاصة الأسرى منه - لهم، فبات الشيب حينئذ بين نارين، نار النبذ، ونار الوهن والضعف، وفِراق المحبوب، وانتظار الموت. وبناء عليه، وجدت أشعارا للأندلسيين، يذمون فيها الشيب، شاكين سوء الدهر، وفساد أهله. والمتأمل في نتاج هؤلاء الشعراء، يرى أن صور الشيب تفوق صور الشباب.

كثرة ذكر الله - عزل وجل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - للشيب، بيانا لمكانتهم ومنزلتهم، وأحوالهم؛ يقول الله تعالى على لسان سيدنا زكريا - عليه السلام:

﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ﴾ [مريم: 4] [14] وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يزال قلب الكبير شابا في اثنتين في حب الدنيا وطول الأمل )، و"يكبر ابن آدم، ويكبر معه اثنان: حب المال وطول العمر " [15]

الهدف من إبراز صورة الشيب والشباب العلاقة، والعلاقة ضدية، وهما طرفان في المعادلة، وهدفنا التخلية، ثم التحلية. [16]، والتخلية مقدمة على التحلية، وقد افتتح الله -تعالى- سورة الإسراء بالتسبيح والكهف بالتحميد، لأن التسبيح جاء مقدما على التحميد، قال تعالى: ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾ [الحجر: 98] [17]، " وسبحان الله والحمد لله، ولأن التسبيح هو التنزيه، والتحميد هو الثناء، والتنزيه هو التخلية، والتحميد التحلية، والتخلية مقدمة على التحلية. " [18]


الشَّيْب - غالبا - أمارة الضعف والوهن، والوهن أصل المرء، ومن علامات الموت، قال تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ﴾ [الروم: 54] [19]، فالآية تؤكد على أنَّ الشباب بين ضعفين، ضعف في بداية حياتهم، وضعف في نهايتها.

وكأن هذه الآية عظة وإنذار للشباب الماجن، بعدم التمادي في الغرور والباطل. وقد قدم الله -تعالى- الموت على الحياة كثيرا، فقال جل شأنه: ﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ﴾ [النجم: 44] [20]


وفي موطن أخر يبين سبحانه وتعالى: أنَّ أصل الأرض، وأساسها، وكذلك الإنسان العدم، يقول عز من قائل، مقدمًا الإمساء على الإصباح: ﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ * يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾ [الروم: 17 - 19]. [21]

أجل، إن الشيب أخطر وأحرج مرحلة في حياة الإنسان، فهي خاتمة المراحل، يتعرض فيها لهزات عنيفة داخليا وخارجيا، تكاد تفقده صوابه؛ ولخطورة هذه المرحلة، وجدنا نصائح للشيب - ترهيبا وترغيبا - دائرة ومتباينة.

وقد تباين الشعراء الأندلسيون وتباروا في تصوير الشيب والشباب، كل حسب مشاعره وأحاسيسه، أو عواطفه وانفعالاته، حسبما يميله الوسط الذي يحيا فيه.

 

الشيب والشباب زمانيًّا:

لأرباب اللغة [22]، والنقاد، والأدباء، ورجال التربية وجهات نظر أثاروها حول الفترة الزمنية لهاتين المرحلتين - وإن كانت - هذه الوجهات - متقاربة إلى حد ما " فصاحب تاج العروس" يقول: " قال محمد بن حبيب: زمن الغلومية سبع عشرة سنة، منذ يولد الإنسان إلى أن يستكملها. ثم زمن الشبابية منها إلى أن يستكمل إحدى وخمسين سنة، ثم هو شيخ إلى أن يموت، وقيل: الشباب، البالغ إلى أن يكمل ثلاثين، وقيل: ابن ست عشرة إلى اثنتين وثلاثين، ثم هو كهل. "[23]، ويقول ابن الجوزي: " اعلم وفقك الله - أن مواسم العمر خمسة، الموسم الأول: من الولادة إلى زمن البلوغ، والموسم الثاني: من زمن البلوغ إلى خمس وثلاثين سنة وهو زمن الكهولة، وقد يقال: كهل لما قبل ذلك، والموسم الرابع. من بعد الخمسين إلى تمام السبعين، وذلك زمن الشيخوخة، والموسم الخامس: ما بعد السبعين إلى تمام العمر وذلك زمن الهرم، وقد يتقدم ما ذكرنا من السنين. " [24]


ولا يفوتنا، أن الشيب والشباب بدأ واستحكاما، وسرعة وانتشارا " يختلف بحسب الأنوثة والذكورة، والأقاليم والغنى والفقر، فأولاد الأغنياء يسرع إليهم سن الشبيبة، فتبلغ الأنثى أو تتأخر إلى ثماني عشرة سنة، وفي الذكور من السنة الرابعة عشرة إلى السادسة عشرة. "[25]

ولا ينبغي أن تكون هذه المقاييس، وتلك النظريات على العموم والإطلاق، فالواقع يبين أن هناك فتيانا ذي قلوب هرمة، وعزائم خائرة، وهمم فاترة، ماتت فيهم روح الجد والاجتهاد، والمثابرة، وتحمل المشاق، لنيل رفيع المنازل والدرجات، ونلحظ كذلك شيبا، أرباب قلوب وهاجة، وصدور ثجاجة، لا تمل ولا تفتر، ولا تكل، وأرواح تسموا إلى العلا، وتتطلع إلى دار العزة والكرامة في الأولى والآخرة.

 

أما عن رجال علم النفس والتربية:

فمنهم مَن أيَّدَ مَن يَميل إلى السنِّ لتحديد الفترة الزمنية للمرحلتين، ومنهم من أيَّد أصحاب المعيار، الذي يحكم النضج والتكامل الاجتماعي للشخصية ومنهم من دعا إلى تحكيم المعيارين معا، وهذا هو أعدل المذاهب وأقربها إلى الواقع، ولم لا؟ وقد امتدح الله - تعالى - أمة حبيبه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾ [البقرة: 143]، وسطا: أي عدلا، أو من التوسط والاعتدال في الأمور. [26]

وعندما نمعن النظر في نتاج الشعراء الأندلسيين في هذا الفن - فن الشيب والشباب، نقع بحوله -تعالى- وقوته على الأقرب إلى الواقع والأعدل.


للشباب إذًا معنيان: الأول: حُدِّد على أساس زمني، والثاني: على أساس قدرة الفرد على العمل والإنتاج والإبداع.

يقول بعض المتخصصين: " خلاصة القول: إن مرحلة الشباب تعتبر إحدى المراحل في سياق النمو العادي للفرد، وهي مرحلة انتقالية بين الطفولة والرشد، ويمكن الحديث عنها بمعنيين، ويتضمن الأول البعد الزمني، الذي يحصرها في فترة زمنية كبيرة.

أما المعنى الثاني لمصطلح الشباب، فيستخدم كصفة للإشارة إلى قدرة الفرد على العمل والإنتاج والابتكار والمشاركة في تغيير المجتمع، ودفع عجلة التقدم والرقي فيه...، وهو بهذا المعنى قد يصعب تحديده، أو ربطه بفترة زمنية محددة من عُمْر الفرد، بل قد يمتد ليشمل عمر الفرد كله، ما دام قادرا على العطاء والإنتاج والفاعلية" [27].


أما الدكتور فؤاد البهي السيد، فقد قَسَّم مراحل الكبار، من الناحية البيولوجية النفسية إلى ثلاث مراحل، وهي تمتد من إحدى وعشرين سنة إلى ما بعد ستين سنة حتى نهاية العمر.

وقسم الحياة كلها من ناحية العمل والإنتاج إلى أربع مراحل رئيسية: مرحلة التكوين، مرحلة ذروة الإنتاج، مرحلة الإنتاج المتناقص، مرحلة الراحة. ثم قال " هذا ولا يُعَدُّ العمر الزمني وحده معيارًا دقيقًا لتقسيم حياة الكبار إلى مراحل، ولكنه بالرغم من هذا يستخدم كإطار مفيد في بعض الحالات وخاصة بالنسبة للمتوسطات العامة لمظاهر الحياة. " [28] والمتأمل في أحوال الإنسان، يرى أن هناك بواعث لظهور الشيب - غير الزمن - منها:


الوراثة:

للوراثة دخل كبير في تحديد بعض خواص الفرد: من قامة، طولا وقصرا، أو هيئة، أو لون، أو حالة صحية، أو بنية جسدية، أو عقلية، أو عصبية ومزاجية، زد على هذا بياض الشعر، المنتشر في الرأس - خاصة - قبل أوانه.

يقول بعض المتخصصين: " ولعلَّ الوراثة تلعب دورًا كبيرًا في بياض الشعر المبكر، حيث يلاحظ حدوثه قبل سن الأربعين، وتأخر حدوثه حتى سن السبعين وهذا البياض يبدأ ظهوره في شعر الرأس، والوجه، والشارب، ولكن شعر الصدر والإبطين والعانة قد يحتفظ بلونه الطبيعي لمدة طويلة. " [29]

ويتضح أثر الوراثة أكثر في حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما جاءه أعرابي، يشكو إليه لون وليده المغاير للونه، فقال صلى الله عليه وسلم: " هل لك من إبل، قال: نعم، قال: ما لونها قال حُمْر، قال: هل فيها من أورق، قال: نعم، قال: فأنى كان ذلك، قال: أراهُ عِرْق نَزَعَهُ، قال: فلعل ابنك هذا نَزَعهُ عِرْقُ. " [30]

 

المهنة والغذاء:

تؤثر المهنة، التي يزاولها المرء على صحته، وفي ظهور الشَّيْب عليه من عدمه. أما بالنسبة للغذاء، فله أثره على المشيب، وعمود البدن. إيجابا أو سلبا، فقد " دَلَّتْ الأبحاث التي أجريت على الفئران، أن نقص الغذاء عن الحد الحيوي الضروري لاتزان الحياة، يبكر بالشيخوخة، وأن زيادة الغذاء عن ذلك الحدِّ يؤدي أيضًا إلى نفس النتيجة، التي أدى إليها النقصان الشديد، هذا ولنوع الغذاء أثره على حياة الكبار. " [31]

 

البيئة:

تؤثر البيئة " بنوعيها اجتماعية كانت أم طبيعية على معدل التغيير العضوي في الكائن الحيِّ، وخاصة في طفولته وشيخوخته، ولذا يختلف مدى سرعة أو بطء ظهور الشيخوخة من مجتمع لآخر، ومن بيئة لأخرى، فمثلًا تسرع الشيخوخة بالفرد في المجتمعات المتخلفة، وتتناقص سرعتها في المجتمعات الناهضة..، وللبيئة الطبيعية الجغرافية أثرها أيضًا على تحديد مدى المرحلة المنتجة في حياة الفرد. "

وبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أثر البيئة على المرء بقوله: " إيَّاكم وخضراء الدمن، قالوا: وما خضراء الدمن يا رسول الله؟ قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء. " [32]


وقد كان لهذه العوامل الأثر العظيم، في صورة الشيب والشباب في الأندلس؛ وبسبب رقة الأندلس، وطبيعتها الخلابة الساحرة بكل أنواعها وتنوع ثمارها، ووفور خيراتها - وجدنا صورًا - في هذا الفن - تنساب رقة، وسلاسة، ودقة، وثراءً، فصورة تصابي الشيب والشباب، نتاج هذه البيئة الجميلة، ولذا فإنه لمّا رَحَل عنهم شبابهم، أو رحلوا عن موطنه - شاهدنا دموعا تفيض لوعة ووجدًا وتقطر حسرةً وأسىً.



[1] انظر " تهذيب اللغة للأزهري ( 282 - 370 هـ ) " ش. ي. ب. " تحقيق أ: محمد أبو الفضل إبراهيم، مراجعة الأستاذ: علي محمد البجاوي. الدار المصرية للتأليف والترجمة."د.ت."،لسان العرب"ش.ي. ب. "

[2] انظر المُنجِد في اللغة والأعلام، بدون ذكر مؤلف " ش. ي. ب.". دار الشروق. بيروت. توزيع المكتبة الشرقية. د. ت

[3] انظر تهذيب اللغة للأزهري " ش. ي. خ. " ، لسان العرب " ش. ي. خ. "

[4] سورة غافر: 67.

[5] تهذيب اللغة للأزهري " ش. ب. ب. " لسان العرب " ش. ب. ب."، المنجد في اللغة والأعلام " ش. ب. ب." النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير الجزري (ت. 606 هـ )ح 2 ص 238. تحقيق محمود محمد الطناحي: طاهر أحمد الزاوي - دار إحياء الكتب العربية. عيسى البابي الحلبي ط 1 1383 هـ - 1963م

[6] سورة الأنبياء: آية 60.

[7] ضعيف الجامع للألباني برقم 5037 ط3 المكتب الإسلامي 1408هـ=1988م،تفسير ابن كثير ح 3: 319

[8] صحيح البخاري برقم 4677، 4678، مسلم بشرح النووي برقم 1400 تحقيق عصام الصبابطي، حازم محمد، عماد عامر ط 4 دار الحديث 1422 هـ - 2001 م.

[9] خصفه الشيب وخوصه: إذا استوى البياض والسواد انظر اللسان " خ. ص. ف. "

[10] انظر اللسان " خ. ل. س. " وفيه أغثم بالثاء

[11] وخزه الشيب ولهزه إذا خالطه انظر اللسان " و. خ. ز. "

[12] انظر اللسان " ف. ش. غ. ".

[13] انظر فقه اللغة للثعالبي ( ت. 429 هـ - 1038 م ) تحقيق سليمان سليم البواب ص 105: 107، منشورات دار الحكمة: دمشق 1404 هـ = 1984 م.

[14] سورة مريم: 4.

[15] صحيح البخاري برقم 5941، 5942.

[16] والتخلية هنا: تنزيه الشيب عما يشين، ببيان ما عليه أهل الرزانة. منهم، لاتباعه، وما عليه أهل القبائح والمعايب، لاجتنابه فيكونون موضع إكبار وإعظام، ومعهم الشباب نبض الأمة وساعدها. فاللوم يقع على الشيب المتصابين أكثر من الشباب.

[17] سورة النصر: 3، سورة ق: 39.

[18] انظر درة الناصحين في الوعظ والإرشاد لعثمان بن حسن بن أحمد شاكر الخوبري تحقيق: عبد الله المنشاوي ص 149. مكتبة الإيمان بالمنصورة د. ت.

[19] سورة الروم: 54

[20] سورة النجم: 44

[21] سورة الروم 17، 18، 19 وانظر في تفسيرها. تفسير ابن كثير ح3: 681، وأية 5من سورة الحج وأية 33 من سورة يسّ.

[22] تقدم كلام الثعالبي في هذا - في فقه اللغة ص 105: 107.

[23] تاج العروس من جواهر القاموس للسيد محمد مرتضى الحسيني الزبيدي، تحقيق عبد الكريم العزباوي، مراجعة الدكتور إبراهيم السامرائي وعبد الستار أحمد فراج ج 3 ص 92، مطبعة حكومة الكويت، ط2: 1407 ه- 1987م.

[24] تنبيه النائم الغمر على مواسم العمر لأبي الفرج ابن الجوزي، ص 14، دار الصابة للتراث بطنطا، ط1: 1411ه - 1991م.

2 انظر الشباب والشيب في الشعر العربي د: عبدالرحمن هيبة ج 1: ه، و. ط الهيئة المصرية العامة للكتاب فرع الإسكندرية. تاريخ الايداع 1981م.

[26] تفسير ابن كثير ح 1: 285، 286

[27] الشباب وتأزمه النفسي د: عبد العزيز السيد الشخص ص 15. مكتبة الأنجلو المصرية سنة 1995.

[28] الأسس النفسية للنمو.. د: فؤاد البهي السيد ص 342: 344 ط 2 دار الفكر العربي 1968.

[29] كيف تعيش مائة سنة. تأليف نخبة من أساتذة كليات الطب بجمهورية مصر العربية إعداد. د: محمد رفعت ص 82، 83. دار المعرفة بيروت. ط 4 ص 82، 83. 1401 – 1981 م.

[30] رواه البخاري برقم 6341.

[31] الأسس النفسية للنمو. ص 359.

[32] مسند الشهاب للقضاعي تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي برقم 957، مؤسسة الرسالة بيروت ط 2 سنة 1407هـ = 1986 م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقار الشيب ونذارته
  • نتف الشيب
  • تغيير الشيب بغير السواد
  • تغيير الشيب بالسواد
  • أهاب بك الشيب ( قصيدة )
  • الترفع عما يشين النفس في الشيب والشباب
  • تشييب الإنسان لغيره
  • وهن الجسم
  • التعريف بالصعلكة (1)
  • مفهوم أهل الأثر في اللغة والاصطلاح

مختارات من الشبكة

  • خضاب الشيب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • استهلال القصيدة الأندلسية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شيب النبي ولون شعره صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • نصح الشيب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الشيب الوقار المؤرق(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الشيب رسول الموت ونذيره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل ترك الشيب وعدم نتفه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غيروا الشيب واجتنبوا السواد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث: غيروا الشيب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة رفع الريب في خضاب الشيب(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب