• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    القيادة في عيون الراشدين... أخلاقيات تصنع
    د. مصطفى إسماعيل عبدالجواد
  •  
    حقوق الأولاد (3)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    جرعات سعادة يومية: دفتر السعادة
    سمر سمير
  •  
    التاءات الثمانية
    د. خميس عبدالهادي هدية الدروقي
  •  
    المحطة الثانية عشرة: الشجاعة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    البطالة النفسية: الوجه الخفي للتشوش الداخلي في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حقوق الأولاد (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    مقومات نجاح الاستقرار الأسري
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / مع الكُتاب
علامة باركود

إلى الشام (قصة)

إلى الشام (قصة)
الشيخ إسماعيل جاب الله عساكر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/4/2016 ميلادي - 20/7/1437 هجري

الزيارات: 7882

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إلى الشام (قصة)


كنت صبياً ألعب مع أترابي في ملاعب الصبا بأفنية قريتي ومسقط رأسي متنوع ألعاب الصبية، ونلهو فيها مختلف ملاهي الطفولة، وإن للطفولة خيالاً وللصبا متاعاً يستمتع به هؤلاء، ولكن لا يدرك قَدره إلا الكهول.

 

وبينما نحن مغرقون في ملاهينا وملاعبنا التي لا يصرفنا عنها إحساسٌ بجوع ولا بظمأ، ولا يحولنا عنها نداء أب مطاع ولا دعاء أم رؤوم، وإذا بالغمام يعترض في الآفاق مبشراً بانهلال الماء، وانسكاب العذب الزلال، لإحياء الموات، وإنماء النبات، وهنا ترى العجب العجاب من أولئك الأطفال الأغرار، الذين لا يدركون من الدنيا غير لهوهم ولعبهم، إذ تراهم وقد انصرفوا عما كانوا فيه من متعة ولذة، واتجهوا نحو السماء بقلوب طاهرة وألسنة منطلقة، مخاطبين ذلك الغمام الممطر بأنشودتهم العذبة التي لا تزال ترن في أذني كأني أسمعها الآن وهي: (إلى الشام. إلى الشام. إلى الشام) يرددونها مرات وعشرات ومئات، يقصدون بذلك الدعاء بأن الله يسيرها إلى (الشام وأهل الشام) لتمطرهم فتحيي مواتهم وتسقي مزروعهم وضروعهم، مؤثرين بذلك أهل الشام على ذويهم وأراضيهم ولو كانت بهم حاجة إليها.

 

وكأنهم يحسون بأن في مصر «النيل» فليكن السحاب الممطر لإخوانهم الشاميين.

ومن عجب أن تعلم أن الله كان يلبي دعوتنا فيسوق تلك السحائب بشراً بين يدي رحمته إلى (الشام)، ولا غرابة فإن السماء كثيراً ما تفتح لدعاء الأطفال وضراعة الصبيان كما جاء في الأثر الشريف.

 

كان هذا حالنا ونحن صبية، ولا يزال ذلك قائماً بين الأطفال - ولن يزال - طبقة بعد طبقة وجيلاً بعد جيل، حتى تسير الجبال وتعطل العشار، لأنها صادرة من قلوب خالصة، وإلهامات طاهرة، وكل ما كان كذلك لا يحول ولا يزول.

 

غير أني لا أخفي عنكم الحقيقة، فإني عندما زايلت عهد الطفولة، ودخلت في طور التفكير والتقدير، أخذت أفكر كثيراً فيما هو الباعث لأولئك الأطفال الأغرار على هذا الإحساس الطاهر والعاطفة النبيلة، وهم بعد لا يعرفون شاماً ولا صيناً ولا هنداً ولا شيئاً.

 

وقد بقيت في هذه الحيرة لا أهتدي لها سبيلاً؛ حتى هيئ لي الصديقي الأستاذ «عبدالوهاب خلاف» أستاذ الشريعة في كلية الحقوق المصرية، أن نـزور لبنان وسورية في هذا العام لترويح النفوس.

 

قصدنا زيارتهما فركبنا باخرة «الخديوي إسماعيل» من بواخر الشركة الخديوية المصرية من ثغر الإسكندرية، ظهر يوم الأحد العاشر من شهر جمادى الثانية سنة 1356 الموافق 18-7-937 فسارت بنا باسم الله مجراها ومرساها قاصدة مدينة «بيروت» عاصمة البلاد اللبنانية، بين جو صفو، وهواء رخو، وبحر رهو، وليلة نشر القمر فيها شعاعه اللامع بين قبة السماء وصفحة الماء.

 

وما زلنا كذلك حتى بلغنا مدينة «بيروت» في ظهر اليوم التالي فقصدنا من فورنا ضاحية «عالية» وقد صحبنا في السيارة رجلان فاضلان من أهل بيروت؛ وهما الأستاذ نجيب خليل من كبار رجال التعليم وأحد أولئك السابقين الأولين من دعاة النهضة العربية والذين أبلوا فيها بلاء حسناً مع المغفور له الملك فيصل. وثانيهما الأستاذ القدير «فريد قوزما» أحد كبار المحامين المشهورين.

 

عرفنا هذان الفاضلان من زينا بأننا مصريون؛ فأقبلوا علينا يحيوننا تحية الأخوة، ويكرموننا تكريم ذوي القربى؛ فلم نشعر حينئذ بوحشة غربة؛ ولم نحس بفرقة ديار ولا تعب أسفار.

وقد دعانا الأستاذ فريد إلى مصيفه؛ فشربنا قهوته، وتناولنا فاكهته الطيبة النكهة واللذيذة المذاق، ثم أخذا في البحث لنا عن الفندق حتى تم لهما الاختيار؛ فألقينا فيه حقائبنا؛ ثم استأذن الفاضلان في الانصراف.

 

بتنا ليلتنا ولم يكد الصباح ينتشر، حتى رأينا الأستاذ نجيب قد تفضل فعاد إلينا سائلاً عن راحتنا، وبصحبته زائر كريم ورجل فضيل؛ ذلكم هو العالم الكبير والقاضي النبيل الأستاذ «محمد منيب الناطور» المستشار بمحكمة التمييز الشرعية ببيروت.

 

حيانا فضيلة القاضي الفاضل؛ وصاحبه المعلم النادر، تحية العلم والمهنة، والعلم رحم بين أهله، ثم أخذنا نتحدث - وحديث أهل المهنة الواحدة شهي وذو شجون - فقضينا في ذلك وقتاً غير قصير، ثم قاما بنا ليريانا ما لم نره من مناظر الجبال التي قامت في سفوحها الديار ونبتت حولها الأشجار والأزهار؛ وتفجرت منها العيون ومهدت فيها الطرقات حتى بلغت القمم والرؤوس.

 

وبعد تلك المشية، استأذن الأستاذ منيب لعمل يطلبه؛ بعد أن دعانا لزيارته في مصيفه في الوقت الذي يحلو لنا، ثم قفاه الأستاذ نجيب فودعنا خير وداع ليسافر إلى مدينة «حيفا» لعمله الرسمي فيها الذي حان أوانه؛ وكان يود أن لو كان في الإمكان تأخير ليبقى في صحبتنا ثم سافر في وديعة الله.

 

وفي اليوم التالي رددنا الزيارة إلى الأستاذ منيب في مصيفه؛ فلقينا من آيات احتفائه عجباً. واكتمل أنس المجلس بالأستاذ فريد الذي ترك قصره ليؤنسنا بمتنوع حديثه الساحر الممتع.

 

كان هذا الذي قصصته عليك من أولئك السادة على غير تعرف سابق، ففكرت أنا وصاحبي في تلك الظاهرة الطيبة التي لم يألفها غريب في بلاد غريبة؛ ولم يسمع بها من تنادت به الديار وبعد به المزار؛ حتى صارت مادة ثمرنا في سفرنا ومحل بحثنا عن تعليلها؛ حتى ثنينا بزيارة (سورية) فوجدنا الحال كالحال؛ والرجال تشبه الرجال فوقفنا على النتيجة التي ستعرفها فيما بعد.

 

وقد قضينا بضعة أيام متنقلين في بلدان لبنان ثم يمّمنا سورية فنـزلنا عاصمتها «دمشق» في يوم 15جمادى الثاني سنة 1356هـ الموافق 23-7-1937.

 

هبطنا أرضها فهبط علينا من سمائها إحساس خفي وشعور قوي، من وراء الطبيعة والحجب، يحدثنا بأننا فوق أرضنا، وتحت سمائنا، وبين ذوينا وأهلينا، وكأننا لم نمتط لها بحاراً، ولم نقطع لها نجوداً ولا وهاداً ولم نذق في سفرنا لها نصباً ولا ضرراً.

 

وقد هرعنا من فورنا إلى أحد الفنادق، فنـزلنا فيه وأزلنا وعناء سفرنا، ثم غادرناه إلى جنبات المدينة باحثين دارسين ما هي عليه الآن ومنقبين عن الآثار الباهرة التي تركها الرعيل الأول من أولئك الفاتحين المسلمين.

 

ولقد هدانا سعينا إلى (شارع جمال باشا) ذلك الذي طابق اسمه مسماه، ووافق لفظه معناه، فانحدرنا فيه معجبين برونقه وأشجاره، ورصيفه وسعته ونظافته، وبقينا سائرين فيه يخالطنا الإعجاب به، والاستحسان حتى أسلمنا إلى (سوق الحميدية) التي جمعت فأوعت من مختلف السلع التجارية التي أبدعتها يد الإنسان وما زلنا نتنقل فيها من بديع إلى أبدع، حتى وجدنا أنفسنا أمام ذلك الأثر الخالد والمجد التالد، بل العظمة الصامتة الناطقة، والمفخرة الحية الجامدة، ألا وهي (الجامع الأموي) الذي خلد (للوليد) حسنة في الأولين وذكراً داوياً في الآخرين.

 

جلنا في جوانبه، ووقفنا في بهوه الطويل العريض، وقفة الخشوع والخضوع أمام تلك العظمة الخالدة، والبطولة النادرة، التي ملأت جوانب أولئك القدامى من المسلمين الفاتحين، وعلى رأسهم هذان البطلان الخالدان (أبو عبيدة وابن الوليد)، اللذان يفنى الجديدان وهما ماثلان أمام عين الزمان، تخر لهما جباه الأبطال سجداً وخشوعاً، غادرناه بين الإجلال والإكبار إلى مزار (السلطان صلاح الدين الأيوبي)، ذلك الذي كان حسنة من حسنات الدنيا، ونادرة من نوادر الزمان، به بيض الله وجه الإسلام، ورد به الطغيان في نحور أولئك الذين أوقدوها فتنة عمياء، وأوروا زند الحروب الطاحنة بين المسيحيين والمسلمين، لأغراضهم الشخصية، وذلك باسم المسيحية والمسيحية منهم براء، فإن تعاليمها تدعو إلى السلام والوئام، كما جاء في آية من آيات الإنجيل، كما أن القرآن الكريم، قد شهد بمحبة المسيحية الحقيقية للإسلام فقال في سورة المائدة:﴿ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [المائدة: 82]... الآيات.

 

وبعد أن أدينا واجب الخشوع والترحم على تلك الأعظم الطاهرة والعظمة الراقدة في ساحة الله، ذهبنا إلى تلك البنية العجيبة التي بناها «السلطان الظاهر بيبرس»، ذلك الذي كان واحداً من أولئك السلاطين الذين كان لهم الفضل الأول في جمع مصر والشام، في قرن واحد، ومزج أهالي القطرين حتى اتحدت المشارب والأخلاق وتآلفت الأذواق والعادات، وإنه لعمل اجتماعي عظيم.

 

وإلى هنا كان الليل قد جن علينا، فاختزلنا سعينا، وبتنا ليلتنا حتى أصبح الصباح، فتابعنا سيرنا وواصلنا تجوالنا في جنبات المدينة، وبينما نحن في «ميدان المرجة»، وإذا بنا بالأستاذ الكبير «عبدالوهاب عزام» المصري، يلقانا فيدعونا لزيارته في الفندق الذي ينزل فيه.

 

ذهبنا معه فلم يستقر بنا المقام بعد حتى حضر لزيارته صديقان له من كرام عشائر المدينة وفضلائها، فعرفنا بهما الأستاذ عزام، وهما العالم الباحث الأستاذ (عز الدين التنوخي) عضو المجمع العلمي العربي، وكاتب سره بدمشق، والشاب الأديب الأستاذ (علي الطنطاوي) من فضلاء رجال الأدب والتدريس.

 

تعارفنا بهما فتجانسنا، فأقبل بعضنا على بعض، نتجاذب أطراف الحديث، ونطرق مختلف البحوث، حتى خيِّل إلينا أن هذا التعارف ليس ابن يومه، وإنما قد مر عليه السنون والأيام، وتطاولت عليه الأزمان.

 

ولقد سألنا هذان الكريمان عما شاهدنا من المدينة؛ فذكرنا لهما ما وقفنا عليه منها؛ فقالا إن أمامكما الكثير من مشاهدها العجيبة التي لم ترياها؛ وفي مقدمتها (غوطة دمشق)، تلك التي كانت - ولا زالت - من أعاجيب الدنيا الأربع، ومحاسنها النادرة المثال، والتي أطنب في وصفها الأدباء، والشعراء بما تضمنته كتب الأدب والتاريخ.

 

ولقد كان في وقت الضحوة قسمة، فعرضا علينا أن نستمتع في تلك العجيبة، فامتطينا (ترامها) الذي سار بنا في مسالكها وقتاً غير قصير، بين ظل ممدود، وطلح منضود، وماء مسكوب، وفاكهة كثيرة، لا مقطوعة ولا ممنوعة، يمد بصرك من اليمين ومن الشمال، أشجار ملفوفة، وعيدان خضر مصفوفة، وأغصان متدلية، وأثمار دانية، وأوراق متهدلة، وتحتها جداول جارية يمدها نهر «بردى» المعروف. وذرعها بعد ذلك خمسون ألفاً من الأفدنة المصرية أو تزيد.

 

فقلنا حقاً إنها لعجيبة وغريبة، وإنها لحرية بما كتب فيها الأولون وجديرة بما يترسل فيها المتأخرون؛ وأن ليس في الإمكان أبدع مما كان.

 

بلغ بنا «الترام» منتهاه بضاحية «دومة» فنـزلنا فيها نتمشى في مناحيها؛ وقد دخل وقت الهجيرة؛ وكان المطاف بلغ بنا دار ابن أخت لرفيقنا (الأستاذ الطنطاوي) وهو دكتور طبي معروف بالمدينة؛ فأراد أن يروي ظمأنا؛ وإذا بصاحبها يحضر ويحيينا ويدعونا لأن ننـزل ساحتها، فشربنا من شرابها الشهي الحلال والعذب الزلال، ثم شكرنا وامتطينا مطيتنا الأولى، حيث بلغنا ما ابتدأنا منه؛ فتفرقنا لنلتقي في الساعة الخامسة لإتمام مشاهداتنا؛ إلا السيد «عز الدين» فإنه أبى أن يفارقنا حتى يرينا من آيات الفن في داره عجباً؛ ويطلعنا على جداول نهر بردى وهي تسير تحت أطباق الطرقات لتدخل الدور بواسطة القنوات المنبثة في الجدران، لتمد الفساقي وما فيها من النافورات؛ وأفواه صور الحيوانات؛ لتنشر الرذاذي رؤوس الأزهار والأشجار المنتشرة في الأبهاء، ليعجب بها النظار الجالسون في الإيوانات.

 

أرانا ذلك في داره هذا السيد العظيم؛ فأرانا أعاجب وفنوناً؛ ونماذج من الذوق السليم التنسيق البديع؛ انفرد به الدمشقيون في منازلهم التي لم نر لها فيما رأينا ضريباً ولا مثيلاً.

 

مرت ساعات الظهيرة وجاءت الساعة الخامسة وهي موعد اللقاء بأولئك الرفاق، فأقبلوا وأقبل معهم لتحيتنا نخبة من العلماء والأدباء والباحثين، عرفنا منهم الأستاذ العلامة الكبير (الشيخ محمد بهجة البيطار) عضو المجمع العلمي العربي والرئيس الثاني لجمعية التمدن الإسلامي والمؤرخ القدير الأستاذ الشيخ محمد دهمان والأريب الأديب الأستاذ أحمد مظهر العظمة رئيس تحرير مجلة (التمدن الإسلامي) بدمشق والمهندس الزراعي الأستاذ وصفي زكريا والأديب الأستاذ سعيد الأفغاني.

 

وقد أخذ هؤلاء وهؤلاء يتبارون في الاحتفاء بنا، ويتسابقون في تكريمنا بما أسدوه من صنائع وأصبغوه من جمائل، قلدوا بها جِيدنا وأسروا بها نفوسنا وأطلقوا ألسنتنا بالحمد والثناء.

 

ولقد قضينا معهم تلك الليلة المأنوسة في سمر شهي، وحديث طلي ونحن على ربوة تطل على «الغوطة» في ظاهر المدينة بعد نهاية «حي المهاجرين». وقد اشتركت الطبيعة معهم في تكريمنا فأطل القمر علينا بوجهه المنير وأرسلت الرياح الرقيقة نسيمها العليل يحمل لنا من «الغوطة» شذاها العبير حتى خيل إلينا أننا في منام أو أضغاث أحلام.

 

وفي هذا المقام وما رأيناه وراءنا من حفاوة مثلها في لبنان علمت سر دعاء الأطفال إليكم (يا أهل الشام)، إذ إنَّ بين القلب والقلب رسولاً من المحبة والإجلال، وبين النفس والنفس طائفة من الإحساس والوجدان، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ وآليت على نفسي - وأنا كبير - بأني متى رأيت سحابة ناجيتها كما كنت أناجيها في الطفولة - بقَولي لها: إلى الشام - إلى الشام - إلى الشام.

 

المصدر: مجلة التمدن الإسلامي، السنة الثالثة

العدد السابع، 1356هـ - 1937م





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • يا أهل الشام
  • عريس الشام
  • من بورما إلى الشام .. اسألوا عن الإسلام
  • الشام في العيد ( شعر )
  • فضائل الشام
  • عائلة مرشحة جدا (قصة)
  • حبيبتي شام
  • شريفة (قصة)
  • الأحاديث الواردة في فضل سكنى الشام

مختارات من الشبكة

  • زلزال فتح طرابلس الشام وتصدع الكيان الصليبي في الشام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • النقود والعملات في بلاد الشام في العصر الزنكي (521 - 579ه / 1127 - 1183م)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • بيت ابن الحنبلي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • قصة يوسف: دروس وعبر (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف القصة لغة واصطلاحا(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • موقف عمر بن الخطاب من وباء الشام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذكرياتي عن أهل نجد في الشام، وعَلاقة الشيخ فوزان السابق بحيِّ الميدان والسلفيين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الشام إذ تكرم أبا شامة - إبراهيم الزيبق وصدى الوفاء(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من أقوال السلف فضائل الشام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة الحقيقة والمجاز في الرحلة إلى بلاد الشام ومصر والحجاز (النسخة 3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/11/1446هـ - الساعة: 18:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب