• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

سبيل الفلاح

محمد سلامة الغنيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/12/2013 ميلادي - 7/2/1435 هجري

الزيارات: 11772

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سبيل الفلاح


الحمد لله كما أمر، والصلاة والسلام على سيد البشر.

 

سبيل الفلاح هو كلام الله المعجز المتعبد بتلاوته، أنزله الله تعالى على رسوله متواترًا؛ ليكون هداية وشفاءً للمؤمنين، وتحديًا للمعاندين، ومنهاجًا للمسلمين، في أسلوبه سهولة وفي معناه إيضاح وفي بيانه إفهام وفي تعبيره دقة وفي نظمه تألقًا، إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق.

 

فمن أراد الاستقامة والسير في طرق مذللة ممهدة، ليس بها اعوجاج أو التواء، فعليه بالقرآن، قال تعالى: ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ﴾[1].

 

يبصر به الله عباده المؤمنين إلى ما فيه صلاحهم وفلاحهم في الدنيا قبل الآخرة، قال تعالى: ﴿ هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾[2]، هو دواء القلق، وقاهر الهم، مذهب الحزن، وعلاج لكافة الامراض النفسية والعصبية، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾[3]، من أموال وكنوز وعلوم واختراعات وأبحاث، يظن أهلها أنها تأتى عليهم بالسعادة والراحة، فتورثه في مجموعها همًا وبؤسًا ينغص عليه حياته.

 

فيه الكفاية لمن أراد الله هدايته، فردًا أو جماعة، فمن أراد الدنيا فعليه بالقرآن، ومن الآخرة فعليه بالقرآن، ومن أرادهما معًا فعليه بالقرآن؛ قال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾[4]، هو سر عظمة الأسلاف، فقد كانوا ينتهجون نهجه ويهتدون بهديه، ويستدلون بتوجيهاته ويساقون بأوامره، فكان ربيعًا لقلوبهم ونورًا لأبصارهم، وجلاءً لأحزانهم، وذهابًا لهمومهم [5].

 

فقد كان يمتثلون القرآن في معاملاتهم وفي أخذهم وعطائهم وفي أخلاقهم؛ تقول السيدة عائشة - رضي الله عنها وعن أبيها - عندما سئلت عن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كان خلقه القرآن".

 

إن هذا الكتاب منحة ربانية، يهدي المستهدين به إلى أقوم السبل وأوضح الطرق، يستظهرون به الحق من الباطل ويدركون به المحكم من المتشابه، من استمسك به عصم، ومن اهتدى به لم يحار، ومن استنار به لم ير الظلام أبدًا؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا القرآن يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾[6]، هو وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله"[7].

 

لن تتخلف دولة دستورها القرآن، ولن يتدهور اقتصاد قوامه القرآن، ولن ينحل شعب خلقه القرآن، ولن تهوى قوة أساسها القرآن.

•   •   •

 

أدرك أعداء الإسلام أن القرآن هو قوة المسلمين ومنبع عزهم، وأن بقاؤه في أيديهم حيًّا نابضًا يؤدي إلى استعادتهم لقوتهم وازدهار حضارتهم، الأمر الذي دفعهم إلى التأمر والتخطيط على تنحية القرآن الكريم من حياة المسلمين، وجعله مادة للتبرك والتفاؤل فحسب، قال تعالى: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾[8].

 

نسوق إليكم بعض الشواهد على هذه المؤامرات الخبيثة والخطط الدنيئة التي تحاك ليل نهار لإزاحة القرآن عن طريق المسلمين في السطور التالية.

 

رفع جلاء ستون رئيس وزراء بريطانيا السابق المصحف الشريف أمام أعضاء مجلس العموم البريطاني، وقال: "ما دام هذا القرآن موجودًا في أيدى المسلمين فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق، ولا أن تكون هي نفسها في أمان".

 

وقال الحاكم الفرنسي في الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر، وكان ذلك في ذكرى مرور مائة عام على استعمار الجزائر: "إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرؤون القرآن ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم، ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم".

 

وكان نشيد جيوش الاستعمار هو: "أنا ذاهب لسحق الأمة الملعونة، لأحارب الديانة الإسلامية، ولأمحو القرآن بقوتي".

 

يقول المنصر وليم جيفورد بالكراف: "متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب، يمكننا حينئذ أن نرى العربي يتدرج في طريق الحضارة الغربية بعيدًا عن محمد وكتابه" (صلى الله على محمد).

 

يقول أيضًا المنصر تاكلي: "يجب أن نستخدم القرآن، وهو أمضى سلاح في الإسلام، ضد نفسه، حتى نقضى علية تمامًا، يجب أن نبين للمسلمين أن الصحيح في القرآن ليس جديدًا وأن الجديد فيه ليس صحيحًا.

 

هذه بعض الشواهد التي تؤكد استهداف القرآن الكريم من قبل أعداء هذا الدين وهم كثر، وقد تنبأ بذلك نبينا - صلى الله عليه وسلم - بتداعي الأمم علينا كما تداعى الأكلة إلى قصعتها... ولكن هيهات هيهات فالقرآن الكريم محفوظ بحفظ الله له، وهم يدركون ذلك أكثر من المسلمين ذاتهم، ولكن العمل به والتحصن بأركانه والاسترشاد بما فيه من هدى هو الذي يسعى هؤلاء إلى تنحيته، ومن المؤسف أن نعترف بأنهم ق نجحوا في ذلك إلى حد ما.

 

أليس ذلك يدفعنا إلى مواجهتهم، بإحياء القرآن في قلوبنا وفي سلوكنا وفي حياتنا حتى تعود أمتنا إلى مجدها الزائل وعزها التليد.

•    •   •

 

إن كل مسلم غيور على دينه ووطنه، يمتعض حزنًا ويعتصر ألمًا لما آلت إليه الأمور في مصر خاصة والعالم الاسلامى عامة لاسيما في الآونة الاخيرة، بما لم يكن أكثر الناس تشاؤمًا يتوقع ما آلت اليه الامور، فقد صارت الدول الإسلامية أفقر دول العالم، جيوشها هاوية خاوية من مظاهر القوة في أغلبها، وأما التي تتسم بشئ من القوة والمنعة فقد انشغلت بأمور ليست من صميم عملها، لا تسمع عن شعوب تباد ولا طائفة ينكل بها الا وهم مسلمون، يهان المسلمون في الغرب لمجرد كونهم مسلمون وتقيد حريتهم الدينية ويستهزأ بنبيهم عليه الصلاة والسلام، بل ويطهدون على أرضهم وفي وطنهم ويسامون بأنبز الالقاب، كل ذلك وأكثر هو حال المسلمون، الذين وسمهم الله بالخيرية المطلقة: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾[9].

 

وان كنا بصدد استبيان هذه النكسة الحضارية لخير أمة، من قيادة البشرية فيما يربوا على عشرة قرون وريادة الأمم في شتى المجالات خلال تلك الفترة بما لا ينكره حسود، فإنما هو بعدها عن دستور حياتها وسر مجدها؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ﴾[10].

 

لفظة معيشة تشمل كل جوانب الحياة، والضنك إنما هو الضيق الشديد، بمثابة حصار وضيق في كل شيء بما لا يستطيع التفلت منه اللهم إلا بالعودة والأوبة، فهل واقع المسلمين اليوم خلاف ذلك؟ منذ سقوط الخلافة العثمانية وسيطرة الغرب على الدول الإسلامية وانصرافها عن كتاب ربها، والأمة تعاني من حصار وضنك اقتصادي وسياسي، تحاول الفكاك منه، تركن تارة المناهج الشرقية الملحدة، وأخرى إلى الشرقية الكافرة وهكذا، ولكن هيهات هيهات.

 

قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾[11]، متى ابتعدت الأمة - في أفرادها أو مجموعها - عن كتاب ربها، قيد الله لها شيطانًا - إنسيًّا أو جنيًّا - يغويها ويفتنها يحبب إليها الانحراف والضلال ويبغض إليها النور والإيمان يبرر لها الفسوق والعصيان؛ قال تعالى: ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾[12].

•    •    •

 

هلمَّ نبدأ بالتغير من ذواتنا، تعالوا نبث الخير في أبنائنا الذين طالما تركناهم رهن رفقاء السوء وأمام الشاشات التي تبث التحلل الأخلاقي، وتنشر العقوق والعصيان، ألم يحن الوقت أن نأخذ بأيديهم إلى كتاب الله، لنعوض بهم ما فاتنا، ولنصلح بهم ما تلفناه، لعل الله أن يصلح بهم البلاد والعباد وأن يجعلهم ذخرًا لنا.

 

أخي القارئ أن الله تعالى سائلك عن برك بولدك قبل أن يسأله عن بره بك؛ لأن الله تعالى جعله أمانه في يديك كعجينة الصلصال تشكلها كيف شئت، إن قومته استقام، وإن اعوججت به انحرف ومال، يقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾[13].

 

كذلك إن قمت على حسن تربيته وتقويمه، فلك جزيل الأجر وعظيم الثواب، فهو لك بمثابة صدقة جارية وخيرًا لا ينفض.

 

أما فيما يتعلق بتعليمه القرآن الكريم على وجه الخصوص، فله جائزة من نوع خاص، وفضلًا مميزًا لا مثيل له، أخرج الحاكم في المستدرك عن بريده - رضى الله عنه - ان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به ألبس يوم القيامة تاجًا من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويكسى والداه حليتين لا تقوم بهما الدنيا، فيقولان: بم كسينا؟ فيقال: بأخذ ولد كما القرآن"، وقال الحاكم حديث صحيح على شرط مسلم.

 

وأخرج أحمد في المسند، وأبو داوود في السنن، والحاكم في المستدرك عن معاذ بن أنس الجهني، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس والداه تاجًا يوم القيامة ضوؤه مثل ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم، فما ظنكم بالذي عمل بهذا".

 

ذلك فضلًا عن الخيرية والأفضلية التي ينالها، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".

 

أما فيما يتعلق بما أعده الله تعالى من الثواب والفضل لمن تعلم القرآن، فلا يتسع المقام لذكرها، فيا أخي الفاضل، الا يكفيك فضلًا أن تكون أنت وابنك من الأخيار، ألا يكفيك أن تقر عينك وأن ترى قرة عينك وفلذة كبدك وثمرة فؤادك وهو يتقدم الناس ويفضلهم.

•    •    •

 

لاشك أننا نتمنى لقرة أعيننا وثمرات أفئدتنا أن يكون التفوق حليفهم والنجاح حظهم، فالسبيل المضمون إلى ذلك هو فهمهم لكتاب الله وحفظهم له وتدبرهم آياته، فقد أكدت الابحاث على أن هناك تناسبًا طرديًّا بين تفوق ونجاح الطفل في حفظه وإدراكه لكتاب الله، وبين تفوقه ونجاحه في المواد الدراسية المختلفة، فالقرآن الكريم ينمي مدارك الطفل يوسع آفاقه العقلية، ويؤدي إلى سرعة النمو اللغوي، وتقوية ملكة التعبير لديه، ومن أهم المناشط لتنمية الذكاء.

 

حفظ القرآن وإدراك معانيه يوصل الإنسان إلى مرحلة متقدمة من مراحل الذكاء، وهذا ما دعا الأسلاف إلى اشتراط تعلم القرآن قبل الالتحاق بمجالس العلم وحلقاته، فيما يتعلق بالعلوم الشرعية وغيرها.

 

لذلك نجد كبار العرب وأذكياءهم وعلماءهم وأدباءهم، وفلاسفتهم وقاداتهم البارزين من حفظة القرآن، وكذلك النابغين في العصر الحديث كانت مراحل تعليمهم الأولى في الكتاتيب؛ لأن تعلم القرآن من العوامل الأساسية التي توسع الفكر وتنمي الإدراك، فتعلمه يؤدي إلى تنمية الذكاء بدرجات مرتفعة.

 

وهذا الإمام ابن تيمية يحال بينه وبين الكتب في محبسه بالقلعة، فيتفرغ للقرآن، فيقول عن هذه التجربة: قد فتح الله على في هذا الحصن في هذه المرة من معاني القرآن، ومن أصول العلم بأشياء كان الكثير من العلماء يتمنونها، وندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن.

 

ويحكى إقبال في روائعه قصته مع القرآن قائلًا: كنت تعمدت أقرأ القرآن بعد صلاة الصبح كل يوم، وكان أبي يراني، فيسألني سؤاله، فأجيبه جوابي، وذات يوم قلت له: ما بالك يا أبي، تسألني نفس السؤال من غد؟ فقال: إنما أردت أن أقول لك: يا ولدي، اقرأ القرآن كما نزل إليك.

 

ومنذ ذلك اليوم بدأت أتفهم القرآن وأقبل عليه، فكان من أنواره ما اكتسبت ومن درره ما نظمت.

 

والقرآن الكريم بمثابة حصن منيع ودرع واق لكل ما يتهدد الطفل ويؤثر على تكوينه النفسي والانفعالي؛ يقول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾[14]. وقال تعالى أيضًا: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾[15]، وقالت الجن عندما سمعوه: ﴿ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إلى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ﴾[16]، والآيات في الباب كثيرة.

 

ويؤكد علماء النفس ضرورة تكوين الضمير وتنميته، وأن السبيل إلى ذلك هو قراءة الحكم وسماع المواعظ، ونقول لهم: ما بالكم بحفظ كلام الله المعجز والتعبد بتلاوته؟ هل يتساويان؟ فالمتدبر للقرآن تنتابه حالة الهدوء وراحة البال ويشعر بنقاء سريرته وصفاء ذهنه ويقظة ضميره.

 

إن فهم القرآن والعمل بما فيه يؤدي إلى الاستقرار النفسي والتوازن الانفعالي والثبات العاطفي، وهذا ما يجعل أصحاب القرآن أقل عرضة للإصابة بالأمراض النفسية والعقلية، بل يكاد ينعدم تعرضهم لاضطرابات نفسية.

•    •    •


انتشرت في عصرنا موجات التغريب، وارتفعت أصوات المنفرين من الدين، وعلت رايات المتحللين والمتفسخين من الأخلاق والقيم الدينية، ووصفوها بأنها رجعية وتخلف وتقليد، فساحت الفتن ووسائل الإغراء، وثارت الشهوات وغابت القدوة الحسنة وحمل على الأعناق لكع بن لكع كما تنبأ المعصوم - عليه الصلاة والسلام - ولم يخل بيتًا ولا مؤسسة ولا طريقًا من مثل هذه الأمور، اللهم إلا بيوت الله - عز وجل - ومن رحمهم الله من عباده؛ مما يدعو إلى تضافر الجهود في سبيل مواجهة هذه التحديات التي تهدف إلى إفساد الأمة بإبعادها عن دينها وإفساد أخلاقها.

 

ولا شك أن الداء يتعلق بالأجزاء الضعيفة من الجسد في بدايته، وبعد أن يستحكم يتمدد ويأخذ في الانتشار إلى باقي أعضاء الجسد، وأضعف ما في الأمة هو نبتها وأشبالها، فلا بد من تحصينهم ضد غوائل الشر ومعاول الهدم.

 

وأول ما يبدأ به هو تعليم القرآن الكريم، بما يبثه من تنمية للوازع الأخلاقي والضمير الديني وغرس للقيم، وتقوية الإيمان بالله - عز وجل.

 

وأخيرًا فلنبدأ ولنتعاون بهمة عالية ونفوس متوثبة لا تقبل إلا بمعالي الأمور، ولنجعل عملنا هذا خالصًا لله تعالى، ولنجرد أنفسا من حظوظ الدنيا، والله المستعان.



[1] [التكوير: 27،28 ].

[2] [الجاثية: 20].

[3] [يونس: 57،58 ].

[4] [العنكبوت: 51].

[5] قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجًا، قال فقيل يا رسول الله، ألا نتعلمها فقال بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها. رواه أحمد وهو صحيح].

[6] [الاسراء: 9].

[7] [رواه في الموطأ].

[8] [البقرة: 120].

[9] [آل عمران: 110].

[10] [طه: 124].

[11] [الزخرف: 36، 37].

[12] [المائدة: 15، 16].

[13] [سورة التحريم: 6].

[14] [الزحرف: 36].

[15] [يونس: 57 ،58].

[16] [الجن: 1 ،2].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حي علي الفلاح
  • طريق الفلاح
  • جماع الفلاح
  • أسباب الفلاح وعوامل النجاح
  • طريق الفلاح

مختارات من الشبكة

  • سبيل الفلاح (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تقوى الله تعالى سبيل الفلاح في الدنيا والآخرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب الفلاح ووسائله في ظلال سورة المؤمنون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أداء الزكاة طريق الفلاح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التهيئة والإعداد من أهم أسباب الفلاح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفلاح في احتساب الثواب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • درس وعظي عن الاستقامة عنوان الفلاح (5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رباعية الفلاح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان النجاح بتحقيق أسباب الفلاح (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تلخيص دليل أرباب الفلاح لتحقيق فن الاصطلاح للعلامة حافظ بن أحمد الحكمي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب