• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / فتيات
علامة باركود

القاتل في بيتي (قصة)

فوزية الشيخ

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/4/2012 ميلادي - 1/6/1433 هجري

الزيارات: 17350

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كعادة أمِّ جميلة استعدتْ للذهاب إلى حفلة زفاف عند جارتها أمِّ صالح، وكانت الساعة التاسعة، وقامت بتوديع ابنتِها، وأوصتْها بالذهاب إلى النَّوم مبكرًا، وخرجت مع زوجها، ولكن لأول مرة شعَرت الأم بشعور غريبٍ يراودها، وقالت لزوجها: "لا أعرف لماذا أنا خائفةٌ اليوم؟".

 

فطلب منها أن تستعيذ من الشيطان الرجيم، ولا تخشى شيئًا؛ فليست هذه المرةَ الأولى التي تترك المنزل وتذهب إلى حفلة العرس، أو المناسبات الخاصة، وكما أن ابنتهما في أيدٍ أمينة؛ الخادمة "جودي" التي لم ترَ منها الأمُّ سوءًا، والحارس "أمين" الذي يقوم بكل الواجبات التي تتعلق بالأسرة.


خرجت الأم وكانت "جميلة" - كالعادة - تسهر على قصص الأطفال وديزني التي أحضرها والدها لها من بريطانيا، رغم أنها في الثالثة عشْرة من عمرها؛ ولكنَّ أفكارها كانت لطفلة في السابعة، فشعَرت بالرعب عندما وجدتْ في غرفتها صرصورًا، وخشِيت أن تنام فذهبت لتبحث عن "جودي" لتقتله، فنزلتْ وهي تنادي عليها فلم تُجبْها، بحثت في المطبخ والغرف المجاورة وكل أركان المنزل، فلم يتبقَّ إلا المجلسُ الخارجي، فوجدتْه منيرًا، وعندما دخلت وجدت "جودي" و"أمين" في منظرٍ مزرٍ لا يمكن وصفُه، ووقفت مكانَها متسمِّرة لا تعرف ماذا تفعل، فأخذت "جودي" تلبَس ملابسها متوجِّهة "لجميلة" متوسِّلة؛ لكي لا تخبر والديْها، وعندما اقتربت من "جميلة" أمسكتْ بيدها بقوَّة ودفعت بها إلى "أمين"؛ كي ينتهك براءتَها؛ لتضمن عدمَ إخبار والديْها، ورغم بكاء "جميلة" وصُراخِها وتوسُّلِها لهما بتركِها، لم يتركها الوحش حتى نهش من كرامتها التي لُطِّخت على أيدٍ لا تعرف للأمانة وجهًا إلا الخداعَ والغَدر.

 

بعد ذلك ركَضت جميلة إلى حُجرتِها، وكانت في كل خطوةٍ تتعثَّر، ولا تعرف كيف وصلت، وعندما دخلت وجدتْ على فراشها الصرصور جالسًا.

 

فقالت "متحسِّرة": يا ليتني قبِلت وجودك في حجرتي ولم أخرج، لكنت أرحم من عقارب الزمان؟! فشعرت برجفةٍ كادت تقتلها وارتفعت درجةُ حرارتِها، وظلت على هذه الحال إلى أن دخلت "جودي"، وقامت بوضع كمادات لها، وفي كل مرة تضع فيه الكمادة كانت تشعر "جميلة" بلهَبٍ من النار يوضع على رأسها.

 

وعندما وصل والداها، اتجهت الأم إلى حجرتها دون أن تطمئنَّ على ابنتها؛ لأنها تركتْها عند أيدٍ أمينة.

 

وفي الصباح أفاقت "جميلةُ" وكانت تتمنَّى ما حدث في البارحة لو كان مجرَّد كابوس، ولكنه الحقيقة، اعتزلت في حجرتها، لا تأكل ولا تشرب، فقرَّرت الأم أخذَها إلى الطبيب، فحاولت ردْعَها الخادمةُ، وأوهمت الأم بأنَّ ما أصاب ابنتَها عينٌ من عيون الناس، بما أن أمَّها صاحبةُ الذوق والواجب والجمال، فسيقولون: الابنة كوالدتها.

 

وظلَّت "جميلة" على حالِها، ولم تخبرْ أحدًا بما أصابها، وتراجعت دراسيًّا، حتى جلست معها معلِّمتُها التي تحبُّها، وحاولت إقناعها لتخبرها ما الذي يَشغَلُها وأثَّر على دراستها، ولكنَّها كانت تتهرَّب أمام كلِّ سؤال، حتى قالت لها المعلِّمة في النهاية:

بُنيَّتي إذا كنت لا ترغبين في إخباري بماذا تفكِّرين، والأمر الذي يشغلك، إن كانت مشكلة عائلية أم نفسية لكي نقوم بحلِّها، فاعلمي أنه في النِّهاية المتضرِّر الأول والأخير في هذا الموضوع: ستكونين أنت؛ فلذلك ارمي بهمومك إلى الوراء، وانظري إلى مستقبلِك الذي أوشك على السقوط والتراجع.

 

فاحتضنت "جميلة" معلِّمتها، وأخذت تبكي بحُرقةٍ، حتى سقطت دموعها كاللهب يلمس الأرض بشدّته وحرقته وعذاب القلب، فطلبت المعلمة وعدًا منها على الجد والاجتهاد، وتُعَد هذه المرحلة نقطةَ التحول في حياة جميلة.

 

أما الخادمة والحارس، فظلاَّ في خدمة والد "جميلة" ما يقارب الستَّ السنوات، وكانا يأبيَان السفر؛ لشعورهما بالراحة بين الأسرة، وكانت "جميلة" عندما تنظر لهما تشعر بكومة من النار التي تريد أن تخرجها من صدرها لحرقِهما، وأكثر ما يؤلِمُها قولُ أمِّها وانتظارها اليوم الذي تزفُّ ابنتها إلى عروسها.

 

في شهر ديسمبر اتصل زوج "جودي"؛ ليخبرها بأن ابنتَها انتحرَت؛ لأنها اغتُصبتْ على يدي زميلِها في الدِّراسة وأصدقائِه، عندما ذهبوا إلى رحلة لدِلْهي.

 

وأصاب "جودي" صدمةٌ عصبيَّة، وقامت أمُّ "جميلة" بطلب أفضلِ الأطباء لها.

 

ولأوَّل مرة تشعر "جميلة" بالعدالة السماوية، وما أصاب الخادمة من صنع يدِها.

 

وفي الليل - والجميع يبِيتون في سبات عميق ما عدا اثنتينِ: "جميلة" و"جودي" - ذهبت "جميلة" إلى حجرة "جودي"، فدخلت عليها ووجدتَها تبكي بحرقةٍ، وتُمسك صورةَ ابنتِها، فقالت لها: اليوم أنا في التاسعة عشْرة من عمري؛ أي: في عمر الشباب والزواج، لقد قتلتِ عفَّتي وشرفي، رغم توسُّلي وصُراخي لك، دفعتِني دون أن تتحرَّك في قلبك ذرَّةٌ من الأمومة، ولم تتذكَّري أنني في مثابة ابنتك، هكذا أنتم لا تشعرون بحرارة النار إلا عندما تُحرَقون بها، أرجو ألا تنسَيْ ما فعلتِه بكرامتي، وما حدث لك ليس سوى القليل من الكثير، وسأقول إلى آخر رمقٍ: "حسبي الله ونِعْم الوكيل".

 

لا أعرف ما الدين الذي تحتكمون إليه؟ وكيف تذكرون الله وأنتم لا تعرفون حقه؟!

 

فخرجت والدَّمعة متحجِّرة في عينيها، وصوتٌ تحاول كبتَهُ، تريد أن تصرخ بأعلى صوتها: "يا أبي، يا أمي، يا ليتكما تعلمان بما حدث فينا!"، فوصلت عند باب غرفتها فانزلقت، وتذكرتْ كيف كانت تنزلق في كلِّ خطوة؟

 

وفي الصباح قامت الأم، أخذت تصرخ لكي تُفيق "جميلة" من نومها؛ لتودِّع "جودي"، بقولها: قومي يا ابنتي؛ لتودعي "جودي"، لا أعرف ماذا سأفعل عندما تسافر؟! كانت تقوم بكل أعباء المنزل؛ حيث إنني لا أعلم شيئًا عن ذلك، حسبي الله في الذين كانوا السبب.

 

"جميلة" - تصرخ -: هل هذه أختُك أم خادمتك؟ ما هذه العاطفة التي تنبع من الحبِّ والتقدير لحثالةٍ استقدمهم أبي بماله؟ لَمْ أرَ إنسانًا مثلَك يا أمي؟ خادمة تشعرين بالأسى تجاهها؟

 

(وحدثَّت نفسَها): لو عرَفتِ ماذا فعلتْ في ابنتك! ماذا ستفعلين بها؟ هل ستأخذينها بالأحضان كما تفعلين بها الآن؟ أم ستقتلينها؟

 

الأمُّ: ماذا تقولين؟ كيف لكِ أن تنسَيْ ما كانت تفعله لك "جودي"؟ لم أعرفْ أنك جاحدة يا بنيَّتي؟

 

تدخل "جودي" إلى غرفةِ "جميلة" لتودِّعها، فاقتربت منها، ولكن "جميلة" دفعتها، ولم تدعْها تقبِّلها، أو بالأحرى: تطلب العفو منها، فتنهرها الأمُّ، وتعتذر نيابةً عن ابنتها، وتتوجَّهُ لها بأن باب منزلِها مفتوح لها في أي لحظة تفكر فيها بالعودة.


وأخذت تنظر "جميلة" من النافذة، ولكنها كلما وقعتْ عيناها على الحارس، تشعر بالخوف والرعب؛ لِمَا حدَث لها، فكانت ترفض أن يوصِّلها إلى المدرسة أو إلى أي مكان آخر.


وبعد أسبوع حضرت الخادمة الجديدة، وكانت من الجنسية الفلبِّينية، وكانت تحاول التقرُّب من "جميلة"، وتردعها في كل مرة، وتعاملها كخادمة؛ فقط أحضري، وخذي، واخرجي من أمامي، لا تحب النظر في وجوههن؛ لأنها تتذكر "جودي" المتمثلة في كل خادمة، وكان الحارس يحاول إغواء الخادمة، ولكنها ترفض بقوة، حتى وجد الفرصة المناسبة واعتدى على الخادمة، فما كان منها إلا إعلام والد "جميلة" بما حدَث، فنهرها واتَّهمها والدُها بأنها السبب؛ لو أنها لا تلبس الملابس القصيرة واللافتة التي تُغوي الرجال، ما قام بالاعتداء عليها، فصرخت "جميلة" في وجه أبيها: وما ذنبها؟ وما ذنب ملابسها؟ ووصفت الحارس بأنه كلبٌ يلهث كما تلهث الكلاب، ويجب أن يعاقَب على فِعلته، فنهرها الأبُ وأمرها ألا تتدخل في مواضيع الكبار.


فصعِدت إلى حجرتها، وأخذت تفكِّر كيف لها بالانتقام منه؟ فهي كفتاة خليجية يصعب عليها مصارحةُ أهلها بما حدث، أو أنها تذهب وتبلغ الشرطة بحادثها المفجع، فما عليها إلا أن تطوي جراحها في أعماق قلبها حتى الموت.


وبينما هي تفكِّر حتى طُرِقَ الباب، فإذا الخادمة تُحضر الشاي لجميلة ووجهها مغطًّى بالدموع، فطلبت منها أن تصف شعورَها حول ما جرى لها، فأبدت الخادمة أنها لن تسكت في المرة القادمة، وردّها سيكون قويًّا، ووعدتْها بذلك.


ولأوَّلِ مرة تقوم "جميلة" بحضنها محاوِلةً التَّخفيفَ عنها، وعلمها بأن والدها قد ظلمها، وأنصف من انتهك شرفَهُ، لو علم بذلك، ماذا سيكون ردَّة فعله؟


وكالعادة تودِّع أم "جميلة" ابنتها؛ لأنها ستذهب لزفاف ابن خالتها، وتوصي ابنتها بالنوم مبكرًا.


تبتسم "جميلة" وتحدِّث نفسها بأن أمَّها هي من تنام في سُبات عميق.


تذهب الأم، وقامت "جميلة" لتغلقَ الباب كما تعوَّدت على ذلك بعد الحادثة المشؤومة التي حدَثت لها.


فلمَّا ذهب والدا "جميلة" شعر الحارس بالطمأنينة، وقرَّر الانتقام من "جميلة"؛ لأنها وقفتْ ضده مدافعةً عن الخادمة، فتوجَّه إلى حُجرتها وطرَق الباب، فارتعدت "جميلة"، ولم تعرف ماذا تفعل، ومن خلال التَّهديد توعدها بأنه لن يتركها هذه الليلة، وذهب ليحضر شيئًا؛ ليكسر به باب "جميلة"، وبينما هو متوجِّه ليحضر الأداة؛ لتكون عونًا له في فتح باب جميلة، كانت حُجرة الخادمة قريبةً من المطبخ، وسمعتْه وهو يدندنُ، فأخرجتْ سكينًا كانت تخفيه تحت وسادتِها، واختبأتْ خلف الباب، وعندما دخل "أمين" إلى المطبخ باغتتْه بطعنة كانت القاتلة، ولَم تشعر "جميلة" بما حدث، وإنما ظلت خائفةً في حجرتها، وفي الساعة الثانية عاد والداها، وعندما همَّا بالدخول إلى منزلهما، ظل والد "جميلة" يستخدمُ بوق السيارة، ولكن دون فائدة، نظرتْ "جميلة" من النافذة فوجدت والديها خارجًا، فشعَرت بالراحة والسَّكينة، ورغم ذلك لَم تجرؤْ على الخروج من حجرتِها.

 

خرج الأب من السيارة وأخذ يصرخ قائلاً: " أمين، أمين"، ولكن دون فائدة.

 

اتَّصل على ابنته لتخرج وتفتح الباب، ولكنها لم ترفع الهاتف، فاضطر الأب إلى أنْ يتسلَّقَ الجدار، وفتَحَ الباب، وأسرعت الأم إلى حجرةِ ابنتها، ولأوَّل مرة تفعل ذلك، أما الأبُ فذهب إلى حجرة الخادمة، ولكنه لم يجدْها، فقد هربت وتركت "أمين" غارقًا في دمائه.


أسرع الأب واتَّصل على الشرطة، ونزلت "جميلة" مع أمِّها، فوجدتْه غارقًا في دمائه، فشعَرت بفرحة، وتمنَّت لو بإمكانها غرسُ سكِّينٍ آخر في قلبه.


وصلت الشرطة وأخذوا يحقِّقون في الجريمة، وقد تم القبض على الخادمة، واعترفت بأنَّها قتلتْه؛ لأنه جاء محاولاً اغتصابها للمرة الثانية، فقامتْ بالدفاع عن شرفِها، وسبب هروبها من المنزل أنَّ صاحب البيت لم ينصِفْها في المرة الأولى.


وخلال هذه الأيام شعَر الأبُ بالتعب والإرهاق، من حيث أداؤه لواجباته كزوجٍ، من حيث توصيل زوجته لزياراتها، وأداء بعض أعمال المنزل، وقيامه بالرّيِّ والزراعة وغير ذلك، إلى أن يجلب حارسًا آخر، وبينما الأب جالس يشرب القهوة مع زوجته وابنتِه، التي لأوَّل مرة تخرج من حجرتها، وتسهر معهما وتتحدَّث كما كانت صغيرة - فقال الأب: المعاملة التي قدَّمتها للحارس الجديد قد تم رفضُها.

الأم : لماذا؟

 

الأب: قد انتهيت من معاملتِه، وقدَّمتها للجوازات، وجاءت الموافقة، وفي اليوم الذي وصل فيه الحارس من موطنه، أخذت له بصمةُ العين، فتبيَّن أنه مُبعَد من البلاد لقضية أخلاقيَّة.

الأم: بصراحة يا أبا "جميلة" من بعد "جودي" لم أوفَّقْ في خادمة، انظر إلى الفلبِّينية ماذا فعلت، والخادمة الإثيوبية غبية، وفهمها بطيء، وكادت تحرق المنزل، والثالثة هربت دون عودة قاصدةً "دبي"؛ لتبحث عن عمل مناسب لها.

 

(وجميلة ساكتة، لم تتفوَّه بكلمة واحدة).

 

الأب: والله صدقتِ، حتى أنا أفتقد "أمين" كان اسمًا على مسمًّى، لقد أدى واجبه للأسرة كواحد منها.

(وخلال حديث الأب، كان الفنجان يهتز في يدها حتى وقع الفنجان).

الأم: ماذا بك يا جميلة؟


جميلة: أتريدون أن تعرفا ماذا بي؟ تحمَّلا الصدمة إذًا، وأروني ماذا ستفعلان؟

أشعر بمرارة في صدري، وأقرب الناس لي يبكيان على من قاما بقتلي، وقتلِ براءتي.

الأم : ماذا تقولين يا "جميلة"؟


جميلة: مَن قمت باحتضانها، ولمتِني عندما دفعت بها، هل تعلمين بأنَّها دفعتني، وأنا في الثالثة عشرة من عمري لذئبٍ انتهك شرفي وكرامتي..."، وروت القصة، ولم تذكر اسمَ الفاعل إلى الآن.

 

يقف الأب متعجِّبًا من قول ابنته، وتصرخ الأم: ماذا تقولين يا مجنونة؟ ماذا تقولين؟

 

جميلة: لست بمجنونة، كنت في السابق مجنونة عندما سكتُّ، وعشت معهما تحت سقف واحد، خائفة من أن أُقتل على أيدي الجناة أو أقتل على أيديكما، هل كنتما ستصدِّقاني إن قلت لكما الحقيقة؟


الأم: أنت مجنونة، أنت ابنتُنا، وكيف لا نصدِّقك؟

الأب: من الوغد الذي هتك عِرضي وشرفي؟ من؟ تكلمي؟


جميلة: ماذا ستفعل به يا أبي؟

الأب: سأشرب من دمه، وأروي به منزلي؛ انتقامًا لكرامتي.


جميلة: من لوَّث بيتك وداس على زهرتِه دون أن يشفق لبكائها ونحيبها، مَن أمَّنتْه على بيتك، ووصفتَه بالأمانةِ، ولن تجد له مثيلاً، حيث جاءت الخادمة باكيةً لك - وأنت سيِّدها - ولم تُنصِفْها، ونسيتَ قولَ رسولنا الكريم : ((كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّته))، وفي لحظة تمنَّيتَ موت الخادمة الفلبينية على قتلها للمجرم السفاح؛ خوفًا على مَصالِحك، وشدَّة اعتمادك على الخدم، الآن ماذا ستقول يا أبي؟ هل تعلم أنني تمنَّيتُ عندما رأيتُه في دمائه أن يحيا؛ لأقتلَه بيدي مرَّة ثانية، ولكن بأظافري، وليس بأداةٍ حادَّة، وإنما بجزء من ذاتي التي تحطَّمت في بيت أبي، الذي كان ملاذًا وأمانًا قبل شِرذمةٍ أحضرتَهم، وأكرمتَهم، وقتلوني بهذا الكرم.


يقع الأب مشلولاً، وتقف الأم باكيةً، وتجلس "جميلة" بالدموع، ولكنها تشعر براحة عميقة؛ لأنها أخرجت السرَّ الذي حملته في صدرها سنين طويلة، حيث إن الجبال تَعجِز عن ذلك.


وبعد ذلك أخذت تكتب قصَّتها باسم مستعار، ونشرتها في كافة الصُّحف؛ ليقرأها الآباء والأمهات، ويتَّعظوا ممَّا حدث لها، ولكي لا يضَعُوا ثقتَهم في الخدم الذين جاؤوا إلى ديارِنا بأفكار وقِيَم تختلف عنَّا وعن أخلاقنا ومبادئِنا

.

فكيف نسلِّم أبناءنا لهم، ومن بعد ذلك نذرِف الدُّموع؟!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أول أيام الشتاء ( قصة )
  • القاتل الخفي!
  • القاتل الذي حيرني أمره
  • القاتل المقتول
  • جزاء القاتل في الدنيا والآخرة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أحكام وفوائد من قصة القاتل مائة نفس (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة القاتل رقم واحد(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة: الشك القاتل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العفو عن القاتل والجاني والظالم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الندم القاتل(استشارة - الاستشارات)
  • القاتل رقم واحد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفراغ القاتل(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • وباء كاروشي القاتل يجتاح اليابان ويقتل الناجحين فقط(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تفسير: (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسألة ميراث القاتل الخطأ والعمد(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)

 


تعليقات الزوار
29- خطأ
شروق - السعودية 12-03-2014 07:19 PM

العدالة الإلهية لاالسماوية

28- مشكورة
مروج سالم البلوشي - دولة الإمارات العربية المتحدة 17-09-2013 06:02 PM

يسلمو يا مس فوزية الشيخ على القصة جميلة والرائعة أنا في مدرسة مريجب وفي الصف 6\8 وأنتِ تدرسيني

27- شكر
مروج سالم البلوشي - الإمارت 17-09-2013 04:19 PM

شكرا مس فوزيه الشيخ على القصة الجميلة والرائعة

26- تعزيز
أم موزه راشد الجابري - الامارات 08-05-2013 06:05 PM

شكرًا للمعلمة فوزية الشيخ على القصص الجميلة التي تحتوي على الموعظة للأمهات

25- Kuwait - Shuwaikh
Eng. Ana Adam Elmasry - Kuwait 28-04-2013 10:54 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركه

أشكرك عزيزتي على هذه الكلمات الطيبة والمفيدة والرائعة لكم مني خالص التحية والتقدير ،، أشكركم جميعاً على اهتمامكم الطيب والجميل لكم مني خالص التحية والتقدير

24- إهداء للكاتبة المبدعة (فوزية الشيخ)
شيخة - الكويت 18-04-2013 04:36 PM

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

أتمنى لك التوفيق والنجاح ومنها إلى الأعلى إن شاء الله ونتطلع الى المزيد من القصص.

23- إهداء للكاتبة المبدعة (فوزية الشيخ)
عائشة الشامسي (3washi) - الإمارات 13-03-2013 02:07 PM

ليتنا مثل الأسامي ....ما يغيرنا الزمان

شكراً لكِ على القصة وأكيد سيستفيد منها القراء

22- مشكوورة
اعتماد احمد - الإمارات 10-03-2013 04:38 PM

مشكووورة مس فوزيه على الموضوع وصرااحه كان في غاية الروعه وأتمنى منك المزيد من الكتابات الرئعة والمفيدة اعتماد أحمد 6\8

21- القاتل في بيتي
هنوده - الإمارات 04-03-2013 07:32 PM

شكرا مس فوزية على القصة الجميلة وأتمنى منك المزيد طالبتك من الصف السادس

20- إهداء
ميثة سيف الشامسي - الإمارات 12-02-2013 10:22 AM

مشكوره مس فوزية والقصه جميلة وأتمنى منك المزيد

1 2 3 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب