التعريف بمفردات عنوان: (دور أمهات المؤمنين في معالجة القضايا الأسرية والمجتمعية)

التعريف بمفردات عنوان:

(دور أمهات المؤمنين في معالجة القضايا الأسرية والمجتمعية)

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

أولًا: تعريف دور لغة واصطلاحًا:

كلمة شاملة لها معانٍ عدة؛ منها:

• دار الشيء "يدور دورًا ودورانًا، وتدوير الشيء: جعله مدورًا، والمداورة كالمعالجة"[1].

• البيت أو المنزل: "دور: الدار، مؤنثة، وقوله تعالى‌: ﴿ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ﴾ [النحل: 30]، فذكر على معنى المثوى والموضع"[2].

• الإحاطة والإدراك التام بالشيء: "(دور) الدال والواو والراء أصل واحد يدل على إحداق الشيء بالشيء من حواليه"[3].

• معالجة الأمور بحكمة: "دور: دار الشيء يدور دورًا ودورانًا، واستدار وأدرته أنا، ودورته وأداره غيره... ومداورة الشؤون: معالجتها، والمداورة: المعالجة"[4].

والدور اصطلاحًا: "قضية أو أمر يقتضي عناية وجهدًا خاصًّا؛ فيتوقف وجود وظهور هذه القضية على ظهور من قام بها وعنايته به، وبذل جهدًا من أجلها"[5].

أو هو: "توقف الشيء على ما يتوقف عليه، أو ترتيب الشيء على الشيء"[6].

ثانيًا: تعريف أمهات لغة واصطلاحًا:

الأم في اللغة تحمل عدة معانٍ؛ منها:

• لقب احترام وتقدير: "سُمي أزواجه صلَّى الله عليه وسلَّم أمهات المؤمنين بنص كتاب الله؛ قال الله تعالى: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ [الأحزاب: 6][7].

• الأصل والأساس لكل شيء: "أم الشيء: أصله، قال الخليل: كل شيء ضم إليه جميع ما يليه يسمى أمَّا، ومنه: ﴿ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ﴾ [الزخرف: 4]؛ أي: اللوح؛ لأن العلم كله منسوب إليه ومتولد عنه"[8].

• التوسط والمكانة والشرف: "أم القرى؛ مكة، شرفها الله تعالى؛ لأنها توسطت الأرض فيما زعموا، وقيل: لأنها قبلة جميع الناس يؤمنوها، وقيل: سميت بذلك لأنها كانت أعظم القرى شأنًا؛ وفي التنزيل العزيز: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا ﴾ [القصص: 59]، وكل مدينة هي أم ما حولها من القرى"[9].

الأم الحقيقية: "الأم الوالدة، والجمع أمات، وأصل الأم: أمه، ولذلك تجمع على أمهات، وقيل: الأمهات للناس، والأمات للبهائم... ولقد أممت بالفتح من باب رد يرد أمومة، وتصغير الأم أميمة، ويقال: يا أمت، لا تفعلي، ويا أبت، افعل، يجعلون علامة التأنيث عوضًا من ياء الإضافة، ويوقف عليها بالهاء"[10].

رابعًا: تعريف المؤمنين لغة واصطلاحًا:

يستعمل لفظ المؤمن في معانٍ عدة؛ منها:

• الأمانة: "المؤمن معناه: المصدق؛ لأن الإيمان مأخوذ من الأمانة"[11].

• التصديق: "المؤمن المصدق بالله وبرسوله وبما جاء به"[12].

• يصدق عباده المؤمنين: "والمؤمن المصدق لعباده؛ كما قال الله عز وجل: ﴿ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ﴾ [التوبة: 61]؛ معناه: يصدق الله، ويصدق المؤمنين"[13].

بين الإسلام والإيمان: "أصل الإسلام الانقياد، وفرَّق في حديث جبريل[14]بينه وبين الإيمان؛ فجعل الإيمان باطنًا بما تعلق بعمل القلب، والإسلام ظاهرًا بما تعلق بعمل الجوارح؛ وهذا نحو قوله تعالى: ﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 14][15].

أمهات المؤمنين: "من دخل بها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم منهن، ثبتت حرمتها، وحرُم نكاحها وإن طلقها"[16].

أو هن "زوجات رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وسمين كذلك؛ لمشاركتهن الأمهات في بعض الأحكام"[17].

‌وإن من الأهمية بمكان إبراز دور ‌أمهات ‌المؤمنين رضيَ الله عنه في معالجة القضايا الأسرية والمجتمعية، وتحديد معالم ذلك الدور، وهو ما نجده مكنوزًا بين دفتي كتب السنة والسيرة النبوية؛ فأمهات المؤمنين قُمْنَ بدور بالغ الأهمية في نشر ما يتلى في بيوتهن من آيات الله والحكمة وتبليغها، وكذا توجيه الأمة وتعليمها، والحفاظ على استقرار الأسر والمجتمعات، فجزاهن الله خيرًا ورضي عنهن.

خامسًا: تعريف معالجة لغة واصطلاحًا:

للفظ المعالجة مترادفات عدة؛ منها:

• المزاولة والممارسة والمكاراة: "عالج الشيء علاجًا ومعالجة؛ أي: زاوله ومارسه"[18]، وفي حديث الأسلمي: ((إني ‌صاحب ‌ظهر ‌أعالجه: أسافر عليه، وأكريه))[19].

• محاولته ومعالجته في اكتسابه: "قوله من كسبه وعلاجه؛ أي: محاولته وتجارته وملاطفته في اكتساب ذلك، وقوله: ولي حره وعلاجه؛ أي: عمله وتعبه"[20].

يعالج من المعالجة، وهي محاولة الشيء بتعب بمشقة: ((كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ‌يعالج ‌من ‌التنزيل ‌شدةً))[21].

والمعالجة اصطلاحًا: "مزاولة الشيء"، فكل ما عالجته، فقد زاولته، وحبسته عليه"[22].

والعلاج: "إحداث الفعل بالجوارح والمداواة لدفع المرض"[23].

سادسًا: تعريف القضايا لغة واصطلاحًا:

مصطلح القضايا له مترادفات كثيرة في اللغة العربية؛ منها:

• الفصل الشيء والانتهاء؛ قال الله تعالى: ﴿ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [الإسراء: 4]؛ أي: أمضينا وأنهينا، وقيل للحاكم قاضٍ؛ لأنه يمضي الأحكام ويحكمها... وسمي حاكمًا؛ لمنعه الظالم من الظلم"[24].

وفي قصة نبي الله لوط؛ قال تعالى: ﴿ وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ ﴾ [الحجر: 66].

• قضيت؛ أي: "أحكمت الأمور بنظر ثاقب، ورأي جميل؛ قال الشاعر يرثي عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

قضيت أمورًا ثم غادرت بعدها بوائق في أكمامها لم تفتق"[25]

والقضية اصطلاحًا:"قول يصح أن يقال لقائله: إنه صادق فيه، أو كاذب"[26].

اﻟﻘﻀﺎء ﰲ اﻻﺻﻄﻼح: "ﻫﻮ اﻷﻣـﺮ اﻟـﺬﻱ ﻳـﺼﺪرﻩ اﻟﻘﺎضي اﻟﺬﻱ ﻧـُﺼﺐ ﻣـﻦ ﻗﺒـﻞ اﻟـﺴﻠﻄﺎﻥ، أﻭ ﻧﺎﺋﺒـﻪ ﻟﻴﻔـﺼﻞ ﺑـﲔ اﻟﻨـﺎس ﰲ ﺷـﺄﻥ اﳋﺼﻮﻣﺎت ﻭاﻟﺪﻋﺎﻭى اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﺑﻴﻨﻬﻢ"[27].

سابعًا: تعريف الأسرة لغة واصطلاحًا:

مصطلح الأسرة يندرج فيها مترادفات كثيرة؛ منها:

• الأقارب من جهة الأب: الأسرة من الرجل: "الرهط الأدنَون وعشيرته؛ لأنه يتقوى بهم، كما قاله الجوهري، وقال أبو جعفر النحاس: الأسرة، بالضم: أقارب الرجل من قِبل أبيه"[28].

• الأهل والعشيرة، الأسرة: "عشيرة الرجل وأهل بيته؛ لأنه يتقوى بهم"[29].

الأسرة في اللغة مشتقة من أسر: تقول: "أسر فلان فلانًا: شده وثاقًا، وهو مأسور، وأسر بالإسار، أي: بالرباط، والإسار: مصدر كالأسر"[30].

• خلق الإنسان أحسن الخلق: "الأسر: الخلق"[31]؛ ومنه قول الله تعالى: ﴿ نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا ﴾ [الإنسان: 28].

والأسرة اصطلاحًا:الوحدة الأولى للمجتمع، وأولى مؤسساته التي تكون العلاقات فيها الغالب مباشرة، ويتم داخلها تنشئة الفرد اجتماعيًّا، ويكتسب فيها الكثير مـن معارفه ومهاراته، وميوله وعواطفه، واتجاهاته في الحياة، ويجد فيها أمنه وسكنه... أما في مفهوم علم الاجتمـاع، فتعرف بأنها: "رابطة اجتماعية تتكون من زوج وزوجة وأطفالهما، وتشمل الجدود والأحفاد وبعض الأقـارب، على أن يكونوا مشتركين في معيشة واحدة"[32].

وتعرف تربويًّا بأنها:"الوعاء الاجتماعي الذي يتلقـى الطفـل، ويتفاعل معها ويشعر بالانتماء إليها"[33].

وتقسم الأسرة من حيث نطاقها إلى قسمين: الأسرة الضيقة، وتضم الزوجين والأولاد فحسـب، والأسـرة الممتدة، وهي التي يتسع إطارها ليعم سائر الأقارب من آباء وإخوة وأعمام، فالأسرة "النواة" أو "الضيقة" تعـرف تربويًّا بأنها: "الأسرة التي تتكون من الزوجين وأولادهما المباشرين غير المتزوجين، ويقيمون في سـكن مسـتقل"، وهي أكثر أشكال الأسر انتشارًا في العالم، وتختلف في حجمها، فقد تتألف من أب وأم وطفل واحد، بينما تتألف أسرة نووية أخرى من أب وأم وأكثر من عشرة أطفال"[34].

أما الأسرة الممتدة، فتعرف عند التربويين:بأنها "أسـرة تضم الأصول والفروع، وتتكون من الزوجين والأبناء، ويزيد عدد أفرادها، مع إمكان انضمام أفراد قربى آخـرين، فتنضم إليها زوجات الأبناء، وأبناء الأبناء، وتضم أيضًا الجدود، وتتميز بكونها تجمع كل أفرادها في مسكن واحـد، ويشتركون في الوظائف الأساسية للأسرة، كما أنها لا تعتبر الأفراد مستقلين من الناحية الاقتصادية، بل تتداخل فيها المصادر والموارد، وتقسم فيها مسؤوليات الإنفاق"[35].

الأسرة في الإسلام: "هي ‌الأسرة ‌الممتدة الشاملة للأصول والفروع والحواشي من الإخوة والأخوات وأولادهم، والأعمام والعمات وأولادهم، والأخوال والخالات وأولادهم"[36].

الألفاظ ذات الصلة:

الأهل والآل: "فالآل ينطلق على ذات الشيء، وقد قيل ذلك في قوله: ((اللهم صلى على آل محمد وعلى آل إبراهيم))، ويكون الآل أهل بيته الأدنين"[37].

آل الرجل: "أهله، وآل الله وآل رسوله: أولياؤه"[38].

ثامنًا: تعريف المجتمع لغة واصطلاحًا:

المجتمع في اللغة: يطلق على أكثر من معنًى؛ منها:

• جمع ما تفرق: "الجمع: ضم الشيء بتقريب بعضه من بعض، يقال: جمعته فاجتمع"[39].

• قرنت رجل بآخرين فقد جمعتهم، فالمجتمع: "موضع الاجتماع والجماعة من الناس"[40].

• جمع القوم لقتال أعدائهم: "استجمع القوم: ذهبوا كلهم، وجمعوا لبني فلان: إذا حشدوا لقتالهم"[41].

وفي التنزيل قول الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173].

ومما تقدم يتبين أن المجتمع هو: تأليف المتفرق واتحاد المختلفين، بين مجموعة من البشر تجمعهم علاقات حضارية، وثقافية، واجتماعية، والاتفاق فيما بينهم على غرض واحد، وفكرة مشتركة، ويجتهد كل فرد لتحقيق الاحتياجات العامة بشكل متضامن.

المجتمع في الاصــطلاح:

هو: "تجمع أفراد ذوي عادات متحدة، ويعيشون في ظل قوانين واحدة، ولهم فيما بينهم مصالح مشتركة"[42].

أو هو: "أفراد وصلات اجتماعية يحددها العرف، وقوانين مرسومة، وأنظمة متبعة، وسلطة تسير أمور المجتمع"[43].

ومما سبق من تعريف الأسرة لا يسعنا إلا ‌أن ‌ننوه إلى أن هناك تفاوتًا في تحديد نطاق الأسرة بين بعض علماء الاجتماع؛ فمنهم من قال: إنها لا تقتصر على كائنين، بل هي شاملة لكل مجموعة ذات وحدة مالية من حيث المسكن وإداراته، وآخرون قالوا: الأسرة شاملة لمطلق الأقارب، أما في مفهوم الإسلام؛ فالأسرة تتكـون مـن الوالدين والأولاد بشكل أساسي، وتتجاوز في بعض الصلاحيات كالإرث إلى الأحفاد والأجداد، والأعمام والأخوال.

وفي ذات السياق يتضح مما سبق أن المجتمع هو: عناصر مختلفة من الأفراد تربط بينها ‌علاقات وتفاعلات متبادلة، وقيم متداخلة بينهم داخل المجتمع، يكتسب الفرد من خلال مجتمعه صفاته الإنسانية من خلال تفاعله داخل مجتمعه.