معلم التربية الإسلامية بين الواقع والمأمول

مُعلِّم التربية الإسلامية بينَ الواقع والمأمول

يُعَدُّ المعلم أبرز أركان العملية التعليمية؛ لأثره البالغ في تنشئة الأجيال، وتربيتهم التربية الصحيحة المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، تأسيًا واقتداءً بالسلف الصالح.

وإذا كانت هذه أهمية المعلم عامة، فمعلم التربية الإسلامية أكثر أهمية للحاجة الماسة الآن إليه، وأهميته في تربية النشء، وتعليمهم، والارتقاء بهم في شتى المناحي، لذا ينبغي على معلم التربية الإسلامية التحلي بصفات خُلقية ومهنية عديدة.

ومن الصفات الخلقية:

1- الإخلاص:

إخلاص النية لله تعالى مطلب مهم لقبول جميع الأعمال التي يقوم بها المسلم، لا سيما المعلم، ومهما تابع القائمون على الإدارة المدرسية، والمشرفون الإداريون، فإنهم لا يستطيعون متابعته متابعة تامة للوقوف على ما يقدمه لطلابه من علمٍ نافعٍ وتربيةٍ صادقة.

2- الصدق:

فالمعلم يكون صادقًا مع ربه - تعالى - أولًا بحسن التوكل عليه، والاستعانة به، ومع نفسه بتطويرها، وتزكيتها، ومطابقة قوله فِعله، ومع طلابه بمراقبة الله تعالى فيهم، وأداء مهامه معهم كما ينبغي، ومع زملائه والعاملين معه بالتعاون معهم، وتقديم النصح لهم بصدق.

3- الصبر:

الحاجة إلى الصبر عظيمة، لكنها في شأن المعلم أشد وآكد؛ إذ إن رسالة التعليم والتدريس والتعامل مع الطلاب بحاجة إلى حبس النفس على تحمُّل ما يلاقيه المعلم من عدم اهتمام المتعلم، أو عدم احترام وتقدير للمعلم، وما يقدمه من علمٍ نافعٍ.

4- الأمانة:

لا شك أن الأمانة عظيمة وفي شأن المعلم أعظم؛ لذا هو مؤتمن على تعليمهم وتربيتهم، وعدم غشهم، أو القيام بعمل من شأنه الغش، وعدم المصداقية معهم.

5- البَشَاشة:

طلاقة الوجه وبشاشته مطلب شرعي للمسلم عامة، وللمعلم خاصة؛ إذ إنه يتعامل مع عدد كبير من الطلاب والمعلمين وغيرهم، مع البشاشة يجذب انتباه الآخرين، ويوجد نوعًا من المودة والمحبة والوئام بين الجميع.

6- التواضع:

لين الجانب والتواضع من الأهمية بمكان للمعلم بوجه خاص، لِمَ لا وهو القدوة لطلابه يَغْرِسُ فيهم هذا الخلق العظيم بامتثاله وتطبيقه عمليًّا قبل الحديث عنه نظريًّا ليقتدي به طلابه.

7- الحِكْمَة:

القدرة على اتخاذ القرار، وحضور البديهة، ومهارة حَلِّ المشكلة بصورة صحيحة، كل ذلك من الأهمية بمكان للمعلم؛ لما يُجَابه من تحديات كثيرة في محيط عمله من طلابه والعاملين معه.

8- العدل:

من الصفات الطيبة والتي حَرِي بالمعلم أن يَتَمثَّلها في حياته "العدل"، فيكون عادلًا بين طلابه في الاهتمام بهم، وعدم التفريق بينهم في الثواب والعقاب.

9- كظم الغيظ:

التحديات التي تواجه المعلم كثيرة من جميع مَن يعمل معهم ويحيطون به؛ مما يتطلب كظم الغيظ لما يحدث له، وما يُجَابه من أحداث؛ حتى ينجح في أداء مهامه.

10- الرحمة:

خُلق الرحمة من الأخلاق الإسلامية عظيمة الأثر، تتضح تلك العظمة أكثر مع المعلم من حنوه على طلابه، ورحمته بهم، والتودد إليهم قولًا وفعلًا؛ ما يقوي العلاقة بينه وبين طلابه، ويجعلهم يقتدون به، ويُحبونه، ويُقبلون عليه، ويحرصون على تلقي العلم عنه برغبة مُلحَّة؛ ما يجعله ناجحًا في عمله قائمًا بمهامه على الوجه المطلوب.

11- الفِراسة:

من الصفات المهمة للمعلم التي يجب أن يتحلى بها "الفِراسة"؛ بدراسة نفسية طلابه، والدراية بما يُحبون وما يكرهون، وكيفية التعامل مع حالاتهم النفسية، ورغباتهم وميولهم، ووقت نشاطهم وفُتورهم، وما يُحبون وما يكرهون، والأوقات المناسبة لما يُقدمه لهم.

12- النزاهة:

من المهم للمعلم أن يؤدي عمله بنزاهة، وعزة وكرامة، ولا يحمله أي سبب على قبول إغراءات مهما كانت، فيحمله اهتمامه وحِرصه على قيامه برسالته التربوية، على عدم تحقيق مكاسب مادية غير مشروعة، بعيدًا عن سفاسف الأمور، وعن كل ما يجرح كرامته، أو يقلِّل من قدره، فيعمل على حفظ هَيبته بين الجميع.

ومن الصفات المهنية التي يجب عليه التحلي بها:-

1- الإبداع والابتكار:

لا يتأتى الإبداع والابتكار إلا بعد الحب العميق للتدريس والاهتمام به، واعتبار ذلك رسالة لا وظيفة، حينئذ يُبدع المعلم في أداء مهامه؛ مما يعود على جودة العمل بإيجابية كبيرة وتقدُّم ملحوظ.

2- مهارة الإدارة الصفية:

وهذه الصفة من الأهمية بمكان؛ لما لها من أثر عظيم في المساعدة على إيصال المعلومة للطالب؛ إذ لا ثمرة مرجوة من معلم ذي كفاءة علمية، لكنه لا يمتلك مهارة إدارة الصف؛ إذًا لا بد من الاهتمام بهذا الجانب بشتى السُّبل والوسائل، ومحاكاة زملائه ممن يمتلكون تلك المهارة بقوة وبراعة وإبداع؛ كي يُقَوِّمَ المُعْوج، وَيَسُدَّ الخلل إن وُجِدَ.

3- مهارة الإقناع:

من المهم للمعلم أن يكون مقنعًا لطلابه بأسلوب مميز يحصل من خلاله على إيصال المعلومة بأيسر الطرق، وشتى الوسائل.

4- الاهتمام بالمادة العلمية:

يُعدُّ اهتمام المعلم بالمادة العلمية ضروريًّا؛ إذ هي الأداة الأولى والمهمة، والركيزة الأساسية لنجاح المعلم في أداء رسالته، ومن لا يملِك هذه المهارة "كالساعي إلى الهيجا بغير سلاح"، وفاقد الشيء لا يعطيه، ومِن ثم مُعلمٌ لا يمتلك ثقافةً غزيرةً لا يحقق الثمرة المرجوة كما ينبغي.

5- مهارة التأثير في الآخرين:

وتتحقق مهارة التأثير في الآخرين بشد الانتباه، وقوة الجذب، بالإضافة إلى حسن المنطق والأسلوب وطيب المظهر؛ لما في ذلك من قوة التأثير في الآخرين.

6- مهارة إستراتيجيات التدريس:

يُعدُّ اهتمام المعلم بإستراتيجيات التدريس من الأهمية بمكان، بالإضافة إلى الاهتمام بالمادة العلمية، لا نريدُ معلمًا مُلِمًّا بالمادة العلمية، لكنه في انفصام عن اكتساب مهارة إستراتيجيات التدريس؛ ما يؤثر سلبًا على أداء مهمته، لكننا نريد معلمًا يمتلك إستراتيجيات ووسائل وأساليب حديثة متنوعة في عملية التدريس؛ حتى تتحقق الغاية المنشودة.

7- مهارة التقويم:

ومن المهم لمعلم التربية الإسلامية إتقان مهارة التقويم لطلابه بشتى أنواعه، بدءًا بطرح أسئلة صفية متنوعة؛ من حيث مستوى العمق المعرفي، وانتهاءً بإعداد اختبارات دقيقة فنيًّا ولغويًّا وتربويًّا، مع الإلمام التام بالتقويم بالتواصل، التقويم بالملاحظة، التقويم بالورقة والقلم... إلخ.

من خلال ما سبَق نستطيع أن نقول: إذا اكتسب المعلم تلك الصفات والمهارات ستتحقق الغاية المنشودة بإذن الله تعالى.