• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الجهل الرقمي كفجوة بين الأجيال: حين لا يفهم ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    التعلق المرضي ليس حبا، فكيف لنا أن نفرق بين الحب، ...
    عبدالله بن عبدالعزيز الخالدى
  •  
    عين على الحياة
    د. خالد النجار
  •  
    التجارب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الإسلام يحافظ على الكيان الأُسري
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    حقوق المسنين (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الثالثة عشرة: التسامح
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تربية الأبناء في عصر "الشاشة" كيف نربي طفلا لا ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تطوعي نجاحي
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    القيادة في عيون الراشدين... أخلاقيات تصنع
    د. مصطفى إسماعيل عبدالجواد
  •  
    حقوق الأولاد (3)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    جرعات سعادة يومية: دفتر السعادة
    سمر سمير
  •  
    التاءات الثمانية
    د. خميس عبدالهادي هدية الدروقي
  •  
    المحطة الثانية عشرة: الشجاعة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    البطالة النفسية: الوجه الخفي للتشوش الداخلي في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حقوق الأولاد (2)
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

تثبيت المؤمنين (خطبة)

تثبيت المؤمنين (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/3/2019 ميلادي - 20/7/1440 هجري

الزيارات: 29308

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الخلال النبوية (19)

تثبيت المؤمنين


الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأَحْزَاب: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

إِذَا عَلَا قَدْرُ الْمَرْءِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى كَمُلَ دِينُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ، وَصَلُحَ حَالُهُ، وَكَانَ ظَاهِرُهُ كَبَاطِنِهِ. وَذلِكَ الَّذِي يُصَاحَبُ وَيُخَالَطُ؛ لِيَقْتَبِسَ الْمَرْءُ مِنْهُ بَعْضَ مَا عِنْدَهُ. وَالرُّسُلُ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ أَكْمَلُ الْبَشَرِ فِي هَذَا الْبَابِ؛ وَلِذَا حَثَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى التَّأَسِّي بِهِمْ ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الْأَنْعَام: 90].

 

وَنَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشَ حَيَاتَهُ بَعْدَ الْبِعْثَةِ ثَابِتًا عَلَى دِينِهِ، وَمُثَبِّتًا لِأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَكَانَ يَغْرِسُ فِي قُلُوبِهِمُ الثِّقَةَ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَحُسْنَ الظَّنِّ بِهِ سُبْحَانَهُ، وَيُؤَكِّدُ لَهُمْ أَنَّ وَعْدَهُ بِالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ آتٍ لَا مَحَالَةَ؛ مَهْمَا كَانَ ظَاهِرُ الْحَالِ مُخَالِفًا لِذَلِكَ.

 

وَفِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ كَانَ أَهْلُ الْإِيمَانِ فِي مَكَّةَ مُسْتَضْعَفِينَ مُسْتَضَامِينَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمُرُّ بِهِمْ يُصَبِّرُهُمْ وَيُثَبِّتُهُمْ، وَيَذْكُرُ لَهُمْ أَحْوَالَ الْمُعَذَّبِينَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ، وَيُذَكِّرُهُمْ بِوَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَى جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَرَّ بِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَبِأَهْلِهِ، وَهُمْ يُعَذَّبُونَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ: أَبْشِرُوا آلَ يَاسِرٍ، مَوْعِدُكُمُ الْجَنَّةُ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

 

يَا لَهَا مِنْ بُشْرَى عَظِيمَةٍ مِمَّنْ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ بِالْبَشَائِرِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ؛ لِأَنَّ يَاسِرًا وَزَوْجَهُ سُمَيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَاتَا تَحْتَ التَّعْذِيبِ فِي مَكَّةَ، وَلَمْ يُدْرِكَا الْهِجْرَةَ وَالنَّصْرَ وَالْفُتُوحَ، فَوَعَدَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ، وَهُوَ وَعْدٌ مَا أَطْيَبَهُ. وَلَمْ يَعِدْهُمْ بِالنَّصْرِ وَالْفُتُوحِ كَمَا وَعَدَ خَبَّابَ بْنَ الْأَرَتِّ الَّذِي أَدْرَكَ الْهِجْرَةَ وَالْفُتُوحَ، كَمَا قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَلَمَّا شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْجِهَادَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثْبَتَ النَّاسِ فِي سَاحَاتِ الْوَغَى، وَكَانَ يُثَبِّتُ أَصْحَابَهُ بِخُطَبِهِ وَدُعَائِهِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ يَنْتَظِرُ حَتَّى إِذَا مَالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فِيهِمْ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ، وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَقُبَيْلَ غَزْوَةِ بَدْرٍ بَثَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّبَاتَ فِي قُلُوبِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَزَرَعَ فِيهِمُ الثِّقَةَ بِوَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى حِينَ حَدَّدَ لَهُمْ مَصَارِعَ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرِينَا مَصَارِعَ أَهْلِ بَدْرٍ بِالْأَمْسِ، يَقُولُ: هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ عُمَرُ: فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا أَخْطَؤوا الْحُدُودَ الَّتِي حَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَمَّا الْتَقَى الْجَمْعَانِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: «قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَفِي أُحُدٍ حِينَ انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ، بَقِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَأَطْبَقَ عَلَيْهِمُ الْمُشْرِكُونَ فَثَبَتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثَبَّتَ أَصْحَابَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ، أَوْ هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَفِي الْخَنْدَقِ حِينَ تَحَزَّبَتِ الْأَحْزَابُ، وَزَاغَتِ الْأَبْصَارُ، وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ؛ ثَبَّتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ؛ فَوَعَدَهُمْ فِي ذَلِكُمُ الْمَوْقِفِ الْعَصِيبِ بِكُنُوزِ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، حَتَّى قَالَ الْمُنَافِقُونَ: «يَعِدُنَا مُحَمَّدٌ فَتْحَ قُصُورِ الشَّامِ وَفَارِسَ، وَأَحَدُنَا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُجَاوِزَ رَحْلَهُ، هَذَا وَاللَّهِ الْغُرُورُ»، وَفِيهِمْ نَزَلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [الْأَحْزَاب: 12].

 

وَفِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ حِينَ كَمَنَ الْعَدُوُّ لِلْمُسْلِمِينَ، وَرَمَاهُمْ بِالنِّبَالِ، فَوَلَّى أَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ مُدْبِرِينَ؛ ثَبَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثُلَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَثَبَّتَهُمْ فَارْتَجَزَ قَائِلًا: «أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ، اللَّهُمَّ نَزِّلْ نَصْرَكَ»، قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كُنَّا وَاللَّهِ إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ نَتَّقِي بِهِ، وَإِنَّ الشُّجَاعَ مِنَّا لَلَّذِي يُحَاذِي بِهِ؛ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ لِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَيْ عَبَّاسُ، نَادِ أَصْحَابَ السَّمُرَةِ، فَقَالَ عَبَّاسٌ -وَكَانَ رَجُلًا صَيِّتًا-: فَقُلْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: أَيْنَ أَصْحَابُ السَّمُرَةِ؟ قَالَ: فَوَاللَّهِ لَكَأَنَّ عَطْفَتَهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي عَطْفَةُ الْبَقَرِ عَلَى أَوْلَادِهَا، فَقَالُوا: يَا لَبَّيْكَ، يَا لَبَّيْكَ، قَالَ: فَاقْتَتَلُوا وَالْكُفَّارَ... فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ كَالْمُتَطَاوِلِ عَلَيْهَا إِلَى قِتَالِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا حِينَ حَمِيَ الْوَطِيسُ، ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ وُجُوهَ الْكُفَّارِ، ثُمَّ قَالَ: انْهَزَمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَإِذَا الْقِتَالُ عَلَى هَيْئَتِهِ فِيمَا أَرَى، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَمَاهُمْ بِحَصَيَاتِهِ فَمَا زِلْتُ أَرَى حَدَّهُمْ كَلِيلًا وَأَمْرَهُمْ مُدْبِرًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَلَمْ يَكُنْ تَثْبِيتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْتَصِرًا عَلَى التَّثْبِيتِ فِي سَاحَاتِ الْوَغَى، بَلْ كَانَ يُثَبِّتُهُمْ فِي كُلِّ أَمْرٍ يُفْزِعُهُمْ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا، وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ، فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ: لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُثَبِّتَنَا عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ، وَأَنْ يُثَبِّتَ بِنَا الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ الْمُصْلِحِينَ الْمُفْلِحِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ، وَتَأَسَّوْا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّبَاتِ عَلَى الْحَقِّ، وَتَثْبِيتِ النَّاسِ عَلَيْهِ ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الْأَحْزَاب: 21].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

مِنْ نُصْحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ بِمَا يَقَعُ مِنَ الْفِتَنِ وَتَبْدِيلِ الدِّينِ، وَأَمَرَهُمْ بِالثَّبَاتِ عَلَى الْحَقِّ مَهْمَا كَثُرَ الزَّائِغُونَ، وَتَسَاقَطَ الْمُتَسَاقِطُونَ، وَمَهْمَا كَانَتِ الْمِحَنُ وَالِابْتِلَاءَاتُ وَالْمُغْرِيَاتُ؛ فَإِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلثَّابِتِينَ نَصْرٌ مُبِينٌ، وَخُلْدٌ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ.

 

وَمِنْ تَثْبِيتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ أَنْ يُغَرْبَلَ النَّاسُ غَرْبَلَةً، وَتَبْقَى حُثَالَةٌ مِنَ النَّاسِ، قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ، وَكَانُوا هَكَذَا -وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ-، قَالُوا: فَكَيْفَ نَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَ: تَأْخُذُونَ مَا تَعْرِفُونَ، وَتَذَرُونَ مَا تُنْكِرُونَ، وَتُقْبِلُونَ عَلَى خَاصَّتِكُمْ، وَتَدَعُونَ عَامَّتَكُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ وَأَعْظَمُ ثَبْيِتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ فِي أَعْظَمِ فِتْنَةٍ؛ وَهِيَ فِتْنَةُ الدَّجَّالِ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «...غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ، إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ، عَيْنُهُ طَافِئَةٌ، كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ، إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا، يَا عِبَادَ اللَّهِ فَاثْبُتُوا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَأَمَرَ بِالثَّبَاتِ فِي أَكْبَرِ فِتْنَةٍ؛ وَهِيَ فِتْنَةُ الدَّجَّالِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الثَّبَاتِ فِيمَا دُونَهَا مِنَ الْفِتَنِ، وَأَنَّهُ لَا عُذْرَ لِلْمُؤْمِنِ فِي عَدَمِ الثَّبَاتِ فِي أَيِّ فِتْنَةٍ أَصَابَتْهُ وَقَدْ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالثَّبَاتِ، إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ، لَا مَنْ أُشْرِبَ قَلْبُهُ حُبَّ الدُّنْيَا فَغَيَّرَ دِينَهُ لِأَجْلِهَا.

 

هَذَا؛ وَمِنْ مَحَبَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّبَاتُ عَلَى سُنَّتِهِ، وَمُجَانَبَةُ طُرُقِ الْمُبْتَدِعَةِ الَّذِينَ أَحْدَثُوا الِاحْتِفَالَاتِ بِالْهِجْرَةِ وَالْمَوْلِدِ وَالْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ وَغَيْرِهَا، مِمَّا يُخَالِفُ هَدْيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي قَالَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

أَلَا فَاثْبُتُوا -عِبَادَ اللَّهِ- عَلَى هَذَا الدِّينِ الْقَوِيمِ، وَتَمَسَّكُوا بِسُنَّةِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا تَلْتَفِتُوا لِشُبَهَاتِ الزَّائِغِينَ الضَّالِّينَ.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دعوة للتثبيت
  • نقض شبهة الملحد وتثبيت إيمان الموحد

مختارات من الشبكة

  • حرمة تثبيت الوقت بين الفجر وطلوع الشمس ومثله تثبيت الوقت بين المغرب والعشاء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التراحم والأخوة بين المؤمنين (إنما المؤمنون إخوة)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفات المؤمنين في سورة المؤمنون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، وأن محبة المؤمنين من الإيمان(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تثبيت الناس في البلايا الست (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التثبيت القرآني في الأزمات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الثبات على الدين (6) التثبيت بأخبار الصحابة رضي الله عنهم(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • التوحيد وأثره في تثبيت القلوب وقت المحن(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الثبات على الدين (5) التثبيت بالسيرة النبوية(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/12/1446هـ - الساعة: 18:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب