• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الإعاقات الحسية
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    الإهمال في تربية الطفل وكيفية علاجه من المنظور ...
    مازن أيمن عبدالإله محمد شتا
  •  
    إدمان الوجبات السريعة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    التربية النبوية منهج حياة
    أحمد محمد القزعل
  •  
    استخدام الألعاب اللغوية بين الوعي وسوء الفهم
    محمد عبدالله الجالي
  •  
    الإعاقة الجسدية
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    أثر النية الحسنة في الأعمال
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    ما فوائد النجاح؟
    أسامة طبش
  •  
    كيف تختار زوجة أو زوجا لحياة سعيدة في المغرب؟ ...
    بدر شاشا
  •  
    كيف كانت تربينا أمي بدون إنترنت؟
    آية عاطف عويس
  •  
    فخ أكاذيب التنمية البشرية
    سمر سمير
  •  
    إدمان العادة السرية
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    تأخر الزواج بين الفطرة والواقع: معضلة تبحث عن
    سيد السقا
  •  
    المبادرة حياة والتسويف موت بطيء
    سمية صبري
  •  
    حين يصنع الصمت عظيم الأثر
    نهى سالم الرميحي
  •  
    خماسية إدارة الوقت بفعالية
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

الناكصون على أعقابهم (2) أمية بن أبي الصلت

الناكصون على أعقابهم (2) أمية بن أبي الصلت
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/10/2018 ميلادي - 14/2/1440 هجري

الزيارات: 24443

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الناكصون على أعقابهم (2)

أمية بن أبي الصلت


الْحَمْدُ لِلَّهِ الرَّبِّ الْكَرِيمِ، الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ؛ خَلَقَ الْخَلْقَ فَدَبَّرَهُمْ، وَأَنْعَمَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَهَدَاهُمْ، فَنَالُوا نَعِيمَ الدُّنْيَا بِالْإِيمَانِ، وَفَوْزَ الْآخِرَةِ بِالْجَنَّةِ وَالرِّضْوَانِ؛ نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ؛ فَهُوَ مَانِحُ النِّعَمِ وَالْعَطَايَا وَمُتَمِّمُهَا، وَهُوَ دَافِعُ الْفِتَنِ وَالْبَلَايَا وَرَافِعُهَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَا طَعْمَ أَحْلَى مِنْ طَعْمِ الْإِيمَانِ بِهِ، وَلَا شَرَفَ أَعْظَمُ مِنْ شَرَفِ الْعُبُودِيَّةِ لَهُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ، وَلَا مَفَرَّ مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

 

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَعْلَمُهُمْ بِهِ، وَأَكْثَرُهُمْ عُبُودِيَّةً وَرَجَاءً لَهُ، وَأَشَدُّهُمْ خَشْيَةً وَخَوْفًا مِنْهُ، وَأَعْظَمُهُمْ نُصْحًا لِخَلْقِهِ؛ فَلَا خَيْرَ إِلَّا دَلَّ عَلَيْهِ، وَلَا شَرَّ إِلَّا حَذَّرَ مِنْهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَسَلُوهُ الْهِدَايَةَ لَكُمْ وَلِأَحْبَابِكُمْ، وَالثَّبَاتَ عَلَى دِينِكُمْ؛ فَإِنَّ الثَّبَاتَ عَلَى الْحَقِّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 27]، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: كَمْ مِنْ شَخْصٍ عَرَفَ الْحَقَّ فَلَمْ يَتَّبِعْهُ، بَلْ حَارَبَهُ! وَكَمْ مِنْ شَخْصٍ دَخَلَ حَظِيرَةَ الْإِيمَانِ، وَأَتَى بِالْأَرْكَانِ، وَكَانَ رَأْسًا فِي الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ فَخَرَجَ مِنْهُ وَانْتَقَدَهُ وَكَذَّبَ بِهِ!

 

وَكَانَ مِنْ رُؤُوسِ النَّاسِ فِي الْعِلْمِ -أَيَّامَ الْجَاهِلِيَّةِ- أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيُّ، وَكَانَ يَنْتَظِرُ بِعْثَةَ نَبِيٍّ لِيَتَّبِعَهُ، بَلْ كَانَ يَرْجُو أَنْ يَبْعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلنَّاسِ نَبِيًّا، أَوْ يَبْعَثَ النَّبِيَّ مِنْ قَوْمِهِ، وَلَهُ أَشْعَارٌ مَمْلُوءَةٌ إِيمَانًا، وَكَانَ لِدِينِ الْجَاهِلِيَّةِ مُفَارِقًا، وَلَهُ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ فِي ذَلِكَ. وَلَكِنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بُعِثَ؛ حَسَدًا لَهُ، وَأَنَفَةً لِقَوْمِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ كَانَ مِنْ قُرَيْشٍ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ ثَقِيفٍ، مَعَ عِلْمِهِ بِضَلَالِهِ حِينَ ضَلَّ، وَعَذَابِهِ إِنْ هَلَكَ عَلَى الْكُفْرِ، وَلَكِنَّ الْحَسَدَ وَالْحَمِيَّةَ لِقَوْمِهِ كَانَتَا أَقْوَى مِنْ عِلْمِهِ، فَغَلَبَتَاهُ عَلَى هِدَايَتِهِ، فَمَاتَ عَلَى الْكُفْرِ؛ فَكَانَ دَاخِلًا فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 175].

 

وَلِأُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ؛ النَّاكِصِ عَلَى عَقِبَيْهِ، الْمُسْتَكْبِرِ عَنِ الْحَقِّ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ؛ قِصَّةٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَجِيبَةٌ، وَحِوَارٌ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي سُفْيَانَ فِي سَفَرٍ مِنَ الْحِجَازِ إِلَى الشَّامِ، فَسَأَلَهُ أُمَيَّةُ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ أَسْئِلَةً عِدَّةً، ثُمَّ قَالَ أُمَيَّةُ لِأَبِي سُفْيَانَ: «إِنِّي كُنْتُ أَجِدُ فِي كُتُبِي نَبِيًّا يُبْعَثُ مِنْ حَرَّتِنَا هَذِهِ، فَكُنْتُ أَظُنُّ -بَلْ كُنْتُ لَا أَشُكُّ- أَنِّي هُوَ، فَلَمَّا دَارَسْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ إِذَا هُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، فَنَظَرْتُ فِي بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَصْلُحُ لِهَذَا الْأَمْرِ غَيْرَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَلَمَّا أَخْبَرْتَنِي بِسِنِّهِ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَيْسَ بِهِ حِينَ جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَضَرَبَ الدَّهْرُ مَنْ ضَرَبَهُ، وَأُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَرَجْتُ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ أُرِيدُ الْيَمَنَ فِي تِجَارَةٍ، فَمَرَرْتُ بِأُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ، فَقُلْتُ لَهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِهِ: يَا أُمَيَّةُ، قَدْ خَرَجَ النَّبِيُّ الَّذِي كُنْتَ تَنْتَظِرُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ حَقٌّ فَاتَّبِعْهُ. قُلْتُ: مَا يَمْنَعُكَ مِنَ اتِّبَاعِهِ؟ قَالَ: مَا يَمْنَعُنِي مِنَ اتِّبَاعِهِ إِلَّا الِاسْتِحْيَاءُ مِنْ نَسَيَاتِ ثَقِيفٍ، إِنِّي كُنْتُ أُحَدِّثُهُنَّ أَنِّي هُوَ، ثُمَّ يَرَيَنَّنِي تَابِعًا لِغُلَامٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ...» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

 

وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ أُمَيَّةَ اخْتَلَفَ إِلَى عَدَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الشَّامِ فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَ النُّبُوَّةِ فَتَغَيَّرَ حَالُهُ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَصِفُ حَالَهُ: «وَمَكَثَ أُمَيَّةُ عِنْدَهُمْ حَتَّى جَاءَنَا بَعْدَ هَدْأَةٍ مِنَ اللَّيْلِ فَطَرَحَ ثَوْبَيْهِ ثُمَّ انْجَدَلَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَوَاللَّهِ مَا نَامَ وَلَا قَامَ حَتَّى أَصْبَحَ كَئِيبًا حَزِينًا سَاقِطًا غَبُوقُهُ عَلَى صَبُوحِهِ، مَا يُكَلِّمُنَا وَلَا نُكَلِّمُهُ» ثُمَّ إِنَّهُ ذَكَرَ لِأَبِي سُفْيَانَ الْبَعْثَ وَالْحِسَابَ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَتَكَرَّرَ هَذَا الْحَالُ مَعَهُ مِنَ الْهَمِّ وَالْغَمِّ كُلَّمَا جَالَسَ حَبْرًا مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ، ثُمَّ قَالَ أُمَيَّةُ لِأَبِي سُفْيَانَ يُخْبِرُهُ عَنِ الْهَمِّ وَالْغَمِّ الَّذِي أَصَابَهُ: «فَإِنَّ الَّذِي رَأَيْتَ أَصَابَنِي أَنِّي جِئْتُ هَذَا الْعَالِمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَشْيَاءَ، ثُمَّ قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا النَّبِيِّ الَّذِي يُنْتَظَرُ. قَالَ: هُوَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ. قُلْتُ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ مِنَ الْعَرَبِ، فَمِنْ أَيِّ الْعَرَبِ هُوَ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ تَحُجُّهُ الْعَرَبُ. قُلْتُ: وَفِينَا بَيْتٌ تَحُجُّهُ الْعَرَبُ. قَالَ: هُوَ مِنْ إِخْوَانِكُمْ مِنْ قُرَيْشٍ، فَأَصَابَنِي وَاللَّهِ شَيْءٌ مَا أَصَابَنِي مِثْلُهُ قَطُّ، وَخَرَجَ مِنْ يَدِي فَوْزُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ أَكُونَ إِيَّاهُ. قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ مَا كَانَ فَصِفْهُ لِي. قَالَ: رَجُلٌ شَابٌّ حِينَ دَخَلَ فِي الْكُهُولَةِ، بُدُوُّ أَمْرِهِ يَجْتَنِبُ الْمَظَالِمَ وَالْمَحَارِمَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ وَيَأْمُرُ بِصِلَتِهَا...» إِلَى أَنْ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: «وَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ خَرَجْتُ إِلَى الْيَمَنِ فَقَدِمْتُ الطَّائِفَ فَنَزَلْتُ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عُثْمَانَ، قَالَ: مَا تَشَاءُ؟ قُلْتُ: هَلْ تَذْكُرُ قَوْلَ النَّصْرَانِيِّ؟ فَقُلْتُ: أَذْكُرُهُ، فَقُلْتُ: وَقَدْ كَانَ، قَالَ: وَمَنْ؟ قُلْتُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ قُلْتُ: ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ... قَالَ: فَاللَّهُ يَعْلَمُ، وَأَخَذَ يَتَصَبَّبُ عَرَقًا، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ يَا أَبَا سُفْيَانَ لَعَلَّهُ، إِنَّ صِفَتَهُ لَهِيَ، وَلَئِنْ ظَهَرَ وَأَنَا حَيٌّ لَأُبْلِيَنَّ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي نَصْرِهِ عُذْرًا. قَالَ: وَمَضَيْتُ إِلَى الْيَمَنِ فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ جَاءَنِي هُنَالِكَ اسْتِهْلَالُهُ، وَأَقْبَلْتُ حَتَّى نَزَلْتُ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ بِالطَّائِفِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عُثْمَانَ، قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ الرَّجُلِ مَا قَدْ بَلَغَكَ وَسَمِعْتَهُ، قَالَ: قَدْ كَانَ لَعَمْرِي. قُلْتُ: فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْهُ يَا أَبَا عُثْمَانَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ لِأُومِنَ بِرَسُولٍ مِنْ غَيْرِ ثَقِيفٍ أَبَدًا».

 

وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ أُمَيَّةَ حَاوَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَهِدَ أَمَامَ مَلَأِ قُرَيْشٍ أَنَّهُ الْحَقُّ، وَلَكِنَّهُ تَرَوَّى فِي أَمْرِ الْإِسْلَامِ، وَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ، وَمَا عَادَ إِلَّا بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَقَدْ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَتَّبِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَقَدِمَ أُمَيَّةُ مِنَ الشَّامِ حَتَّى نَزَلَ بَدْرًا، ثُمَّ تَرَحَّلَ يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا أَبَا الصَّلْتِ، مَا تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ مُحَمَّدًا، قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ؟ قَالَ: أُومِنُ بِهِ، وَأُلْقِي إِلَيْهِ مَقَالِيدَ هَذَا الْأَمْرِ. قَالَ: أَتَدْرِي مَنْ فِي الْقَلِيبِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فِيهِ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَهُمَا ابْنَا خَالِكَ». فَاحْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ وَالْعَصَبِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةُ، فَتَرَكَ الْإِسْلَامَ لِأَجْلِهَا، وَجَدَعَ أُذُنَيْ نَاقَتِهِ، وَقَطَعَ ذَنَبَهَا، ثُمَّ وَقَفَ عَلَى قَلِيبِ بَدْرٍ، وَأَنْشَدَ قَصِيدَةً يَرْثِي بِهَا قَتْلَى الْمُشْرِكِينَ، وَيَسُبُّ الْمُؤْمِنِينَ، فَسَبَقَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَلَمْ يُؤْمِنْ، وَمَاتَ عَلَى الْكُفْرِ بِشَرِّ حَالٍ ﴿ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾  [الرَّعْدِ: 33].

 

نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَالِهِ وَمَآلِهِ، وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ الثَّبَاتَ عَلَى الْإِيمَانِ إِلَى الْمَمَاتِ ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 8].

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعْمَةِ الْإِيمَانِ ﴿ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 198].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

كَانَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ عَالِمًا مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَشَاعِرًا مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ، وَكَانَ فِي شِعْرِهِ إِيمَانٌ كَثِيرٌ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَطِيبُ مَا فِي شِعْرِهِ مِنَ الْمَعَانِي الْعَظِيمَةِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ الثَّقَفِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «رَدِفْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْءٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: هِيهْ، فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا، فَقَالَ: هِيهْ، ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتًا، فَقَالَ: هِيهْ، حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «... كَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

وَمِنَ الْعَجِيبِ أَنَّ ثَمَّةَ رِوَايَةً تَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَبْقَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلْإِسْلَامِ كَانَ بِسَبَبِ مُحَاوَرَةٍ سَمِعَهَا بَيْنَ أُمَيَّةَ وَزَيْدِ بْنِ عَمْرٍو، فَمَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ الْبَعْثَةِ عَلَى الْإِيمَانِ، وَسَبَقَ أَبُو بَكْرٍ لِلْإِسْلَامِ، وَاسْتَنْكَفَ أُمَيَّةُ عَنْهُ؛ فَسُبْحَانَ الْهَادِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كُنْتُ جَالِسًا بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ، وَكَانَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَاعِدًا، فَمَرَّ بِهِ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ، فَقَالَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ؟ قَالَ: بِخَيْرٍ، قَالَ: هَلْ وَجَدْتَ؟ قَالَ: لَا، وَلَمْ آلُ مِنْ طَلَبٍ، فَقَالَ: كُلُّ دِينٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا مَا قَضَى اللَّهُ وَالْحَنِيفَةُ بُورُ، أَمَا إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ الَّذِي يُنْتَظَرُ مِنَّا أَوْ مِنْكُمْ، أَوْ مِنْ أَهْلِ فِلَسْطِينَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ قَبْلَ ذَلِكَ بِنَبِيٍّ يُنْتَظَرُ، أَوْ يُبْعَثُ، قَالَ: فَخَرَجْتُ أُرِيدُ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ، وَكَانَ كَثِيرَ النَّظَرِ فِي السَّمَاءِ، كَثِيرَ هَمْهَمَةِ الصَّدْرِ، قَالَ: فَاسْتَوْقَفْتُهُ، ثُمَّ اقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: نَعَمْ يَا ابْنَ أَخِي، أَبَى أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْعُلَمَاءُ إِلَّا أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ الَّذِي يُنْتَظَرُ مِنْ أَوْسَطِ الْعَرَبِ نَسَبًا، وَلِي عِلْمٌ بِالنَّسَبِ، وَقَوْمُكَ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا، قَالَ: قُلْتُ: يَا عَمِّ، وَمَا يَقُولُ النَّبِيُّ؟ قُلْتُ: يَقُولُ مَا قِيلَ لَهُ، إِلَّا أَنَّهُ لَا ظُلْمَ وَلَا تَظَالُمَ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنْتُ وَصَدَقْتُ» رَوَاهُ ابْنُ الْأَثِيرِ وَابْنُ عَسَاكِرَ.

 

وَحَرِيٌّ بِمَنْ عَرَفَ قِصَّةَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ تَقَلُّبَ الْقُلُوبِ؛ فَرَجُلٌ أَمْضَى عُمْرَهُ يَنْشُدُ الْحَقَّ وَيَطْلُبُهُ، وَيَلْتَمِسُ صِفَةَ النَّبِيِّ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْأَرْضِ لِيَتَّبِعَهُ وَيَنْصُرَهُ، فَلَمَّا سَبَقَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ حَسَدَهُ وَحَسَدَ قُرَيْشًا عَلَيْهِ، فَكَذَّبَهُ بَعْدَ يَقِينِهِ بِهِ، فَصَدَقَ فِيهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 86 - 88].

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الناكصون على أعقابهم (1) (آتيناه آياتنا فانسلخ منها)
  • الناكصون على أعقابهم (3) عقبة بن أبي معيط
  • الناكصون على أعقابهم (4) ابن خطل وابن صبابة
  • الناكصون على أعقابهم (5) أخبار رجلين مرتدين

مختارات من الشبكة

  • تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث "إن الله ليعجب من الشاب ليست له صبوة"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مرويات الصحابي الجليل عقبة بن عمرو (أبو مسعود الأنصاري) رضي الله عنه في الكتب الستة - دراسة تحليلية (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • تراجم الشعراء (الخنساء – العباس بن مرداس - أمية بن أبي الصلت - زهير بن أبي سلمى - عنترة)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • علة حديث: ((الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة))(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأسطورة والسرد وجمالية الشعر: دراسة في قصيدة لأمية بن أبي الصلت(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الحكايات الشعرية لدى أمية بن أبي الصلت(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • أبيات لأمية بن أبي الصلت في طلب حاجة له وتقريع ابنه(مقالة - حضارة الكلمة)
  • إجلال النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - للقرآن وأهله(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • حرص الصحابة رضي الله عنهم على اقتران العلم بالقرآن بالعمل به (2)(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/6/1447هـ - الساعة: 9:31
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب