• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / من ثمرات المواقع
علامة باركود

رسالة إلى طبيب مبتعث

د. صالح بن فريح البهلال

المصدر: موقع: المسلم
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/6/2010 ميلادي - 17/7/1431 هجري

الزيارات: 8084

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إلى أخي الدكتور[1]:............. وفقه الله إلى ما فيه نفع الإسلام والمسلمين.


سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

فهذا مداد محبٍ، أبى اليراع إلا أن يدفعه لك دفعًا؛ جراء سفرتك الطبية إلى....... - وُفِّقتَ فيها وهُديتَ - ذلك أني ما إن سمعت نبأ رحلتك هذه، إلا واختلج في الصدر مني كلامٌ، أنت به دارٍ فطن؛ ولكنَّي بذلته لأن الود إذا كان صادقًا، فإن الكلماتِ فيه تنقاد، وتساق له سوقًا، فتدركه القلوب بلا عناء، فلك أيها العزيز موضعٌ من نفسي، ومكانٌ في قلبي، فقد عرفتك صديقًا لا يشوب صداقته زيفٌ من شوائب الدنيا، صحيحَ الدِّخلة - أحسبك كذلك، ولا أزكي على الله أحدًا - وعرفتك على تطاول الزمان، أخًا كريم العهد، وثيق الذمة، ليس كمن يدور بخُلَّته بين الناس ملتمسًا بها دنيًا، أو باغيًا بها نفعًا، فكان ذلك مما متَّن الصداقة، ووثَّق العلاقة، فخذ أيها الصديق الأثير وصايا محبٍ؛ علها أن تنفعك في دنياك وأخراك:

فيا أيها الخليل:

اتق الله، فتقوى الله ما جاورت قلب امرئ إلا وصل، والتقوى هي وصية الله لجميع خلقه، ووصية رسوله - صلى الله عليه وسلم لأمته، وما زال السلف يتواصون بها، وقد قال رجلٌ يريد الحج ليونسَ بنِ عبيد: أوصني، فقال له: "اتق الله، فمن اتقى الله، فلا وحشة عليه".

 

وكتب رجلٌ من السلف إلى أخ له: "أوصيك بتقوى الله، فإنها أكرم ما أسررت، وأزين ما أظهرت، وأفضل ما ادخرت، أعاننا الله وإياك عليها، وأوجب لنا ولك ثوابها".

 

فتيقن يا محب قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْه مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ﴾ {الطَّلاق. 2}، قال ابن كثير: (من جهة لا تخطر بباله).

 

وتيقن بأن من لم يجعل الله قصده وقبلة قلبه؛ فإنه موكولٌ إلى نفسه، ومن وكله الله إلى نفسه وكله إلى ضيعة وعورة وذنب وخطيئة، وما كل من طلب المعالي نافذًا فيها.

 

فليكن لسان حالك ومقالك دائمًا الدعاء النبوي: ((اللهم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين))؛ فلهذا الدعاء أثرٌ عظيمٌ في النجاح والتسديد.

 

ثم لتعلم أن هذه العلوم الطبيعية من طب ونحوه، من الأهمية بمكان أن تدرسَ، ويهتمَّ بها، ويوجد فيها المختصون؛ لأمرين:

الأول: لكي نستفيد منها نحن المسلمين، ونسد هذا الثغر من ثغور الإسلام، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولذا فإن الناظر في شرعنا يجد أنه قد أولى هذا الجانب اهتمامًا كبيرًا.

 

أما في القرآن، فيذكر أن هارون الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق، وكان معتزًا بعلمه، فقال - مرة - لعلي بن الحسين المروزي: ليس في كتابكم - يعني القرآن - من علم الطب شيء، والعلم علمان: علم الأديان وعلم الأبدان؟ فرد عليه علي بن الحسين، فقال: قد جمع الله الطب كله في نصف آية من كتابنا، فقال: ما هي؟ قال: قوله عز وجل: ﴿ ...وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا... ﴾ {الأعراف:31}.

 

وأما السنة، فالنصوص طافحة بذكر هديه - صلى الله عليه وسلم - في الطب، ولا تجد كتابًا من الكتب المصنفة على الأبواب إلا وتجد فيه كتابًا قد عُنون له بـ (كتاب الطب)؛ بل قد أُفرد في ذلك مؤلفات، ككتاب الطب النبوي لأبي نعيم، والطب النبوي للذهبي، وبعضهم أفرد بابًا في كتابه عن الطب النبوي، كابن القيم في زاد المعاد، وابن مفلح في الآداب الشرعية، وغيرهم.

 

والمتأمل في تاريخنا يجد أن علم الطب من العلوم التي عُنيت بها الأمة، ووجد فيها المبدعون، يقول عروة بن الزبير - رحمه الله -:  "ما رأيت أحدًا أعلم بالطب من عائشة" فقلت: يا خالة، ممن تعلمت الطب؟ قالت: "كنت أسمع الناس، ينعت بعضهم لبعض، فأحفظه".

 

وقد كان الإمام الشافعي - رحمه الله - مع علمه الشرعي طبيبًا، وكان يتلهف على ما ضيّع المسلمون من الطب، وكان يقول: "لا أعلم علمًا بعد الحلال والحرام أنبلَ من الطب، إلا أن أهل الكتاب قد غلبونا عليه"، ويقول: "ضيعوا ثلث العلم - يعني الطب - ووكلوه إلى اليهود والنصارى".

 

وقد كان الإمام المازري - وهو أحد أعيان المذهب المالكي -  يفزع إليه في الفتوى في الطب، كما يفزع إليه في الفتوى في الفقه، ويحكى أن سبب قراءته للطب، ونظره فيه: أنه مرض فكان يُطِبُّه يهودي، فقال له اليهودي يومًا: يا سيدي، مثلى يطب مثلكم؟ وأي قربة أجدها أتقرب بها في ديني، مثل أن أُفقدَكم للمسلمين؟ فمن حينئذ نظر في الطب.

 

الثاني: أننا نعيش في زمن طغت فيه الماديات، ووصم فيه المتدينون بوصمة التخلف، فلنبين للعالم، أن عندنا نحن المسلمين، نحن المتدينين، إبداعًا في كافة الميادين، وأن فينا من يخوض غمرات الصعاب، ويركب أكتاف الشدائد؛ لكي ينفع أمته، وأن فينا من هو عزيز النفس، شريف الطبع، لا يقنع بما دون السماء، مجدًا وسؤددًا، كما قال النابغة الجعدي:

بلغنا السماء مجدنا وجدودنا
وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا

 

ومن جميل ما قال الشيخ الأديب علي الطنطاوي - رحمه الله - في مقالة له بعنوان (نحن المسلمين) قال:

(سلوا عنا ديار الشام ورياضها، والعراق وسوادها، والأندلس وأرباضها.

سلوا مصر وواديها، سلوا الجزيرة وفيافيها، سلوا الدنيا وما فيها.

سلوا بطاح أفريقية، وربوع العجم، وسفوح القفقاس.

سلوا عنا كل أرض في الأرض، وكل حي تحت السماء.

إن عندهم جميعًا خبرًا من بطولاتنا وتضحياتنا ومآثرنا ومفاخرنا وعلومنا وفنوننا.

نحن بنينا للعلم دارًا يأوي إليها حين شرده الناس عن داره.

 

نحن المسلمين!

قوتنا بإيماننا، وعزنا بديننا، وثقتنا بربنا.

 

نحن المسلمين!

ملكنا فعدلنا، وبنينا فأعلينا، وفتحنا فأوغلنا، وكنا الأقوياء المنصفين.

 

نحن المسلمين!

هل تحققت المثل البشرية إلا فينا؟

تنظم في مفاخرنا مائة إلياذة، ثم لا تنقضي أمجادنا.

 

من يعد معاركنا التي خضناها؟

من يحصي مآثرنا في العلم والفن؟

من يستقري نابغينا وأبطالنا؟

إلا الذي يعد نجوم السماء، ويحصي حصى البطحاء..) إلخ ما قال - رحمه الله -.

 

وإن مما يؤكد أن يوجد في مثل هذه القطاعات الشباب المستقيم، أننا نريد أطباء يتمثلون هدي الإسلام في أفعالهم؛ يسدون هذا الثغر من ثغور الإسلام، مع القيام بالدعوة إلى الله، بآدابها المتمثلة بقوله تعالى ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ... ﴾ [النحل: 125]، والقيام بالأخلاق الحسنة، مما يعطي الناس انطباعًا حسنًا: أن الاستقامة لا تعني الجفاء والغلظة، إنما هي الحرص على الأخذ بأيدي الناس إلى الصراط المستقيم؛ حيث السعادة الحقة، والفوز المبين، وإن حسن الخلق وسيلة متينة في الدعوة إلى الله، وفي سنن الترمذي، من حديث أبي ذر ومعاذ بن جبل - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال:(اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن). وفي مسند أحمد، وسنن الترمذي، وابن ماجه، حديث أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم أنه سئل: ما أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: (تقوى الله، وحسن الخلق).

 

فتأمل - يا رعاك الله - هذه الوصية العظيمة الجامعة لحقوق الله وحقوق عباده.

 

ألا فلتعلم - يارعاك الله - أن الاستفادة من تجارب غير المسلمين مطلبٌ قد ورد جوازه في شرعنا، ففي صحيح مسلم من حديث عائشة، عن جُدامة بنت وهب أخت عكاشة قالت:  حضرت رسول الله  في أناس وهو يقول: (لقد هممت أن أنهى عن الغيلة[2]، فنظرت في الروم وفارس، فإذا هم يغيلون أولادهم فلا يضر أولادهم ذلك شيئًا).

 

وقد نقل أهل السير استفادته  من الفرس يوم حفر الخندق، وذلك بمشورة سلمان الفارسي - رضي الله عنه -.

 

أيها الرفيق:

لتحتسب كل ما تعمله، لتحتسب سفرك هذا، ولتحتسب ذهابك للعيادة، وإيابك منها، ولتحتسب وأنت تستقبل المريض، ولتحتسب وأنت تضع سماعة الأذن، ولتحتسب وأنت تجس المريض بيدك، ولتحتسب وأنت تصف الدواء، فإنك ترى الرجلين يعملان العمل الواحد، وقد أدرك أحدهما رحمة ربه بحسن نيته، وقد غفر لبغيٍّ من بني إسرائيل؛ لما سقت كلبًا بإخلاصٍ وحضور قلب.

 

فإذا كان الإحسان على الكلاب يغفر به الخطايا، فكيف يصنع الإحسان بمن وحد رب البرايا؟! لا شك أن الرحمة به أحق وأجدر.

 

أيها الخل الكريم:

إن الله سبحانه جعل للغايات أسبابًا توصل إليها، وإن من الأسباب التي ينال بها الإنسان حظًا وافرًا من العلياء - هو أن يكون ذا قصد واضح، وهدف ظاهر؛ يتوخاه، ويسعى إليه، وإلا فإنه إذا لم يكن ثَمَّ هدفٌ؛ فإن الجهد ضائع، والعمل ساقط:

ومشتَّتِ العزماتِ ينفق عمره
حيرانَ لا ظفرٌ ولا إخف--اقُ

ولا يخفى عليك خبرُ بعضِ مَنْ ذهب إلى هناك، وليس له همٌّ إلا تحصيل النزوة، وإطلاق الشهوة، فتاهوا في شعاب الباطل، وهاموا في أودية الضلال، فرجعوا وقد أخلدوا إلى الصغار، وتجرعوا كأس المذلة.

 

ألا وإن من الأسباب التي تُدرك بها الغاية أن يكون العامل ذا جد بالغ، وعزم صادق، يشمر للأمر، ويحسر له عن ساقه، غير هياب، يلتمس الوسائل في بلوغ مآربه، ويبتغي لها الأسباب، ويتوخى لها وجوه النجح، فإنه إذا فعل ذلك فإنه يوشك أن يلج:

أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته
ومدمن القرع للأبواب أن يلجا

 

وإياك أيها الصديق واستطالةَ الطريق، فمن استطال الطريق ضعف مشيه:

بعيدٌ على كسلانَ أو ذي ملالة
وأما على المشتاق فهو قريب

 

بل ألق بين يديك عزمةً، وخذ بنفسك في سبيل المجد أخذًا، فإن النفس على ما قال الأول:

وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى
فإن أطمعت تاقت وإلا تسلت
وكانت على الآمال نفسي عزيزة
فلما رأت عزمي لى الترك ولَّت

 

ولتكن محسن الظن بربك، فالله عند ظن عبده به، ولتعلم بـ:

أن ربًا كفاك بالأمس ما كا
ن سيكفيك في غدٍ ما يكون

 

أيها الحبيب:

إن للغربة لوعتها وشدتها، لكن مما يخففها، ويملأ أفلاذ الكبد بالصبر عنها -هو الإقبال على الله، والتعلق به، والإنابة إليه، والرضى بأمره ونهيه وقضائه، فاجعل هذا ديدنك وهِجِّيراك تلق ثوابًا، وجنة عيش.

 

ولتعلم بأن للبيئة تأثيرها، فالصاحب ساحب، والطبع استراق، والشُّبَه خطافة، وإن بعضًا ممن ذهب إلى هناك - أوهنت المخالطة ديانتهم، وأصابتهم فيها بمقتل، وإن الحفاظ على الدين، وأخذه بقوة؛ يسيرٌ على من يسره الله عليه، فكن دائم السؤال لربك بأن يثبت قلبك على الدين، وأن يصرفه على الطاعة، وأن يقيك الفتن ما ظهر منها وما بطن، وتذكر قول ربك: ﴿ وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً ﴾ {الإسراء:74} وقوله: ﴿ ... وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئًا... ﴾ {المائدة:41}.

 

وخذ من حضارة القوم ما يخدم دينك، ويرقى بحضارة أمتك، وانبذ منها ما يخدش دينك، فبذلك تعيش سالم الدين، جميل الذكر، وكم من أناس ذهبوا هناك، فغرهم سراب تلك الحضارة، فأشربوها في قلوبهم، فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، فرجعوا وقد لحقتهم سُبَّةٌ ونقيصة، فصاروا شؤمًا على دينهم ومجتمعهم.

 

وكن دائم التواصي مع إخوانك بالحق والصبر؛ فإن هذا من أعظم ما يملأ القلب ثباتًا، ويزيده إيمانًا، وقد قال تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28].

 

قال الشيخ ابن سعدي - رحمه الله -: "فيها الأمر بصحبة الأخيار، ومجاهدة النفس على صحبتهم، ومخالطتهم وإن كانوا فقراء؛ فإن في صحبتهم من الفوائد، ما لا يحصى، ﴿ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ﴾ أي: لا تجاوزهم بصرك، وترفع عنهم نظرك تُ﴿ رِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ فإن هذا ضارٌ غيرُ نافع، وقاطعٌ عن المصالح الدينية؛ فإن ذلك يوجب تعلق القلب بالدنيا؛ فتصير الأفكار والهواجس فيها، وتزول من القلب الرغبة في الآخرة؛ فإن زينة الدنيا تروق للناظر، وتسحر العقل، فيغفل القلب عن ذكر الله، ويقبل على اللذات والشهوات، فيضيع وقته، وينفرط أمره، فيخسر الخسارة الأبدية، والندامة السرمدية؛ ولهذا قال: وَ﴿ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا ﴾ غفل عن الله، فعاقبه بأن أغفله عن ذكره".

 

أيها المحب:

افزع إلى الصلاة أبدًا؛ فإنها خير معين في تيسير المطلب الكؤود، ونيل المرام البعيد، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمرٌ يفزع إلى الصلاة.

 

ولا تنس وردك من القرآن، فإنه الكتاب المستبين، والحق المبين، وهو الطبيب الآسي، والكريم المواسي، وإياك أن تقول إني في شغل شاغل، فالمهنة ضاغطة، والعمل شديد؛ فإن هذا خطاب من لم يوفق، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه.

 

أخي الكريم:

هذه كلمات جمعتها، وهموم بثثتها، وما دعاني إلى تسطيرها إلا حق الصحبة، ثم أملي أن أرى منك خيرًا عاجلاً، فبادر فإن النفس مولعة بحب العاجل، وفقك الله وسددك، وجعلك هاديًا مهديًا، راضيًا مرضيًا، مباركًا أينما كنت، وأعادك إلى بلدك سالمًا غانمًا، قد أدركت الغاية، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

ـــــــــــــــــ
[1] كتبتها لأحد الأصحاب قبيل ذهابه لإحدى الدول الغربية لإكمال دراسته الطبية، وأحببت نشرها؛ لعل أن يفيد منها من كان مثله.

[2] هو أن يجامع الرجل زوجته وهي مُرْضِع.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نصيحة مهداة للمبتعثين والمبتعثات وأولياء أمورهم

مختارات من الشبكة

  • رسالة إلى أختي المسلمة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • كلمة (رسالة أو الرسالة) - تأملات(مقالة - حضارة الكلمة)
  • إحكام الدلالة لأحكام الرسالة: أدلة مسائل رسالة ابن أبي زيد القيرواني في فقه الإمام مالك (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • رسائل إلى المواهب الصاعدة: رسالة إلى حنان(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أربع رسائل في الاجتهاد والتجديد للإمام السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مجموع الرسائل لابن القيم ( رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه ) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مجموع الرسائل لابن القيم ( الرسالة التبوكية ) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الرسالة السينية والرسالة الشينية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • رسالة قديمة من دفتر الرسائل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة مجموع فيه ثلاث رسائل أولها رسالة في الرسم(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
4- هجرة الادمغة وخلوها من العلم
محمد صافى محمد - السودان 25-01-2013 10:58 AM

وما مصير المسلمون عن القرآان الكريم مع وجود الأجهزة الالكترونية

3- علماء الإسلام
حنان علي - مصر 24-01-2013 10:06 PM

السلام عليكم
ليس الفتى من قال كان أبي ولكن الفتى من قال ها أنا ذا
أين علماء المسلمين وأين نهضة الإسلام الآن , إننا نترحم على حضارة الإسلام في الأندلس وغيره, وفي مجالات العلوم المختلفة وإلا أين محل المسلمين من الإعراب حتي ولا ضمير مستتر تقديره هو
يا أسفاه على حضارة المسلمين

2- سفير الوطن والدين
هاجر الشبل - تونس 24-01-2013 03:11 PM

كلام جميل جدا فالإنسان سفير بلده في البلد الذي هو نازل فيه: طالبا للعلم كان أو عاملا أو زائرا كذلك هو سفير دينه فيتوجب عليه إعطاء الصورة الحسنة عن كليهما كما أن الآخر لا يحترمك إلا باعتزازك بأصلك ودينك لا بانسلاخك لذلك ضع في ذهنك أنك مسؤول عن تصرفاتك لا أمام نفسك فحسب بل أمام دينك و بلادك بل وأمتك ككل.

1- هجرة الأدمغة
محمد بودوخة - الجزائر 24-01-2013 11:02 AM

وما مصير بعثات طلبة العلم في شتى المجالات الذين لا يعودون بعد انتهائهم من التربص لأوطانهم الأصلية العربية والإسلامية للاستفادة منهم.
بل يقيمون في تلك الدول الغربية بما يعرف (هجرة الأدمغة) لخدمة تلك الدول رغم النفقات الكبيرة التي كانت تصرف عليهم في أوطانهم الأصلية بحجة أنهم لو عادوا لهمشوا.
أتمنى من كاتب هذا المقال كتابة مقال آخر يعالج هذه الظاهرة السلبية التي تفشت في بعض البعثات العربية والاسلامية بخصوص الهجرة بلا رجعة شكرا والسلام عليكم.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب