• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / روافد
علامة باركود

نظام التربية والتعليم الإسلامي ودوره في التنمية

د. محسن عبدالحميد

المصدر: كتاب "الإسلام والتنمية الاجتماعية"
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/3/2008 ميلادي - 14/3/1429 هجري

الزيارات: 53345

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نظام التربية والتعليم الإسلامي ودوره في التنمية

يتفق المربُّون جميعًا أن نظام التربية والتعليم ضرورة لتوجيه الأفراد، وصياغتهم صياغة اجتماعية منضبطة ملتزمة، حتى يكونوا لبِنات صالحة قوية في بناء المجتمع القوي المفكر المنتج، غير أنَّهم يختلفون في المناهج التي تقود عمليَّة التَّربية والتعليم حسب نظام ذلك المجتمع، أو حسب نظريته الحضارية التي تقود حركة التنمية والتطور.

ولا شكَّ عند المربي الإسلامي أن المبادئ العامة للتربية والتعليم الإسلامي تنبثق من المذهبية الإسلامية في الوجود كله في العالم المادي وخالقه والإنسان والمجتمع.
وبناء على ذلك فإن أول مبدأ من مبادئ المذهبية الإسلامية صياغة الإنسان الموحد الذي يعرف خالقه معرفة يقينية قائمة على النظر والدليل، كي يعبده ولا يعبد أحد سواه، لأن الإيمان العقلي المجرد لا يكفي لتكوين السلوك المستقيم الملتزم، إذ لا بد بجانب ذلك من عبادة الخالق الواحد الأحد وعدم الشرك به.

ولقد استطاع الإسلام أن يوحد وجهة الإنسان المؤمن في إيمانه بالخالق الواحد، من أجل إسلام الوجه إليه كله، وليتلقى المنهج كله منه فيعبده، ويطيع شريعته الكونية التي هي سننه التي أودعها بمن في الوجود، بتسخيرها لصالحه في النماء الحضاري، ويتبع شريعته الاجتماعية، كي تضبط له حركته في ذلك التسخير.
ولقد أدرك المسلم في ظلِّ عقيدة التوحيد الواضحة حقيقة الألوهية التي ينفرد بها الله سبحانه وتعالى، وجوهر العبودية التي يشترك فيها الناس جميعًا.

وكانت النتيجة الحتمية لذلك تحرر المسلم من عبادة ذاته، بعدم اتباع هواه الذي يعبر عن النفس الأمارة بالسوء التي لم تتهذب، وتَهتد بِهداية السماء، فإنَّها لا مناصَ من أن تقود إلى الهلاك واضطراب الحياة؛ لأنَّها تُعْمِي صاحِبَها عن معرفة الحقِّ، وتسد عليه سبل المعرفة اليقينية كلها.
ولم يتحرَّرِ المسلم من عبادة نفسه فحسب، وإنَّما تحرَّر من عبادة غيره؛ لأن في عبادة غيره إلغاء لعقله وروحه، وتعطيلاً لطاقاته المادية، وتجسيدًا للتسخير غير المشروع في المجتمع الإنساني، ورفعًا للمسؤولية الاجتماعية.

وتحرر كذلك من عبوديته لمظاهر الحياة المادية، وأوثانها المتعددة من المال والأشخاص والمصالح، فعبادة تلك المظاهر تؤدي إلى الاصطدام والصراع العنيف بين أبناء البشر، فتنتج عنه الانحرافات الفردية والجماعية، والحروب المدمرة، وتتلاشى أمامه القيم والحقائق والمثل الإنسانية، ويكون المعيار الوحيد حينئذ لتقويم الأشياء هو الحصول عليها بأكبر كمية، وأية وسيلة دون منهج إلهي ضابط يشرع الهدف والوسيلة بحسب الفطرة، وفي ضوء مصالح العباد.
ومن مبادئ المذهبية الإسلامية أن الإنسان خليفة في الأرض؛ كما سبق شرح ذلك، كرمه الله - عز وجل - على كثير مِمَّن خَلَقَ، وكلَّفه بأمانة تعمير الأرض، وإقامة المجتمع الفاضل عليها، ولهذا فإنَّهُ يتميَّز على الحيوانات بِما خلَقَ اللَّهُ تَعالى فيه من السُّموِّ الرُّوحي، والاستعداد للارتقاء العقْلِيِّ والاجتماعي.

والمذهبِيَّة الإسلاميَّة تدعو إلى موازنةٍ دقيقة في كيان الإنسانِ بين جوانِبِه كلِّها؛ النفسيَّة والعقلية والروحية، بِحَيْثُ لا يَجوز أن يَطْغَى جانبٌ على جانبٍ آخَر؛ لكي يحصُلَ التَّوافُقُ المطلوب لأداءِ واجب الأمانة على الوجه الأفضل.
وهذه الجوانب لها استعدادٌ دائم للرقي، إذا ما وُجِّهَتْ توجيهًا شاملاً يأخذ بعض أجزائها برقاب البعض الآخر، فالنفسيَّة يوجهها الإدراك، ويضبطها الشعور، وانحراف العقل يقومه الوجدان، والروح يربِّيه الوحي الإلهي، فيَصِلُ به إلى حالة الاستقامة والتقوى، والتقوى هي الكشاف الذي ينير الدرب أمام الإدراك والشعور والوجدان.

ومن مبادئ المذهبية الإسلامية، أنها تنظر إلى الكون نظرة شمولية من غير فصل بين أجزائه، وهذا يتحقق بتوظيف العلوم الطبيعية في إيمان الإنسان، لأن تلك العلوم تكشف له عن حقيقة آيات الله في الكون.
ومن هنا فإن الحضارة الإسلامية لم تشهد الفصل بين ما هو ديني وما هو دنيوي، وإنما انطلقت من النظرة الموحدة إلى الوجود كلِّه باعتبارِه مَجموعةً من السُّنَنِ الإلهيَّة تتعاوَنُ وتتآزَرُ، لتنتج نظرة واحدة متكاملة، تقود الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى.

وهذه هي حقيقةُ وحدة المعرفة التي تدعو إليها التربية الإسلاميَّة؛ لأنَّها توظِّفُ العلوم الطبيعية في إيمانِ الإنسان وسعادته المادِّيَّة والروحيَّة، وتوظِّفُ العلوم الاجتماعية والإنسانية في تطوير البيئة الملائمة للإنسان كما يراها الإسلام، كلُّ ذلك من خلال أصول الإسلام وقواعده ونظرته إلى الكون والحياة، والمجتمع والإنسان، التي تداخلتْ في كتاب الله تعالى تداخُلاً يستحيل الفصل بينها، كما حصل في المنظومة الحضاريَّة الغربيَّة الحديثة، ومنها انتقلتْ إلى العالم الإسلامي، فأدَّى إلى الفصل التَّامِّ بين الدين والعلم، أو بين الدين والدنيا.

إنَّ مفهوم التربية الإسلامية يتلخَّص في صياغة الفرد صياغةً حضارية، وإعداد شخصيته إعدادًا شاملاً ومتكاملاً؛ من حيث العقيدة، والذَّوق، والفكر، والمادة، ليتحقق فيه الفرد الذي يكون الأمة الوسط، وبذلك يصبح المسلم منذ طفولته، وعبر شبابه وكهولته صاحب رسالة، كل حسب موقعه ومركزه، ويحرص كل الحرص على إتقان ما يعمله، والإبداع فيه، ليزود أمته دائما بالمبتكر الجديد، استجابة لأمر الله تعالى في وجوب الإعداد الدائم ما استطاع من مظاهر القوة المتنوعة، ومن جهاد شامل على أصعدة الحياة كلها.

وإذا انتقلنا من هذا المجال العام إلى المجال الخاص في دراسة التربية الإسلامية، وجدنا أن أسسها يمكن أن تلخص على الوجه الآتي:
- تربية تكاملية شاملة للروح والعقل والجسد: ((إن لبدنك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعط كل ذي حق حقه))[1].
- تربية متوازنة تجمع بين خطي الدنيا والآخرة؛ يقول الله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ   وَلاَ   تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}[2].
- ليست تربية نظرية؛ وإنما هي تربية سلوكية، تهيئ الإنسان العملي الذي يلتزم بنظام واقعي في الأخلاق والسلوك، يقول تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى   وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ العَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لآمَانَاتِهِمْ   وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[3].

- تربية فردية على الفضائل، وجماعية على التعاون، يقول تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ   وَالتَّقْوَى   وَلاَ   تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ   وَالْعُدْوَانِ}[4]، ويقول الرسول الكريم: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم؛ كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))[5].
- تربية لضمير الفرد ليكون رقيبًا على السلوك والأفعال، يقول الرسول الكريم: ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن))[6].

- تربية للفطرة وإعلاء لها، ووضعها على خط الاعتدال؛ بحيث لا إفراط ولا تفريط: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ   وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [7].
ويقول الرسول الكريم - عليه الصلاة والسلام -: ((ما من مولود إلا يولد على الفطرة؛ فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يُمجِّسانه))[8].
- توجيه الإنسان نحو تحقيق الخير والعدل لنفسه، ولأسرته، ولمجتمعه، وللإنسانية جميعًا، قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ   وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ   وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ   وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ}[9].

يقول الإمام الغزالي: "إن جلب المنفعة، ودفع المضرة مقاصد الحق، وصلاح الخلق في تحصيل مقاصدهم، لكننا نعني بالمصلحة على مقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم، وأنفسهم، وعقلهم، ونسلهم، ومالهم، فكل ما يتضمن هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول الخمسة فهو مفسدة، ودفعها مصلحة"[10].
- التربية الإسلامية تربية مستمرة لا تقف عند حد معين، ومنافذها متنوعة في البيت والمجتمع والمدرسة والمسجد.

- وهي تربية أصيلة ومعاصرة مفتوحة على الأساليب الحسنة، كلها في التوجيه والتعديل ((الحكمة ضالة المؤمن؛ أينما وجدها فهو أحق الناس بها))[11].
- وهي تربية إنسانية عالمية، لا تعرف الحدود، ولا تعرف الطائفية الضيقة، ولا العنصرية الالالييسياسيب خعاععهالالبغيضة وإنما هي في خدمة الإنسان أينما كان، تعمل لخيره وتبذر البغيضة، وإنما هي في خدمة الإنسان أينما كان، تعمل لخيره، وتبذر بذور المحبة بين أبنائه، أي إن الإسلامي يربي أبناءه المؤمنين به على الإنسانية، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ   وَأُنثَى   وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً   وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[12].

وهذا هو مفترق الطريق بين التربية الغربية والتربية الإسلامية، لأن الأولى في أعلى مستوياتها تقوم على الإخلاص للوطن لا للإنسان، بدليل أن الإنسان الغربي في بلده يربى على عدم السرقة، والنهب، والغصب، والكذب، والغش؛ بينما في خارج بلده، في المستعمرات مثلاً هو مثال الأنانية البغيضة، والجشع الكريه، والغش والخداع، والكذب والدسيسة، والغصب والسلب والنهب، وإيثار صالح القوم والوطن على كل القيم الرفيعة[13].

وإذا عرفنا أسس التربية الإسلامية فحينئذ ستكون أهدافها واضحة، نستطيع أن نلخصها على الوجه الآتي:
- الإسلام في مبادئه وشريعته يخطط لتربية الإنسان تربية ربانية شاملة، عن طريق صياغته صياغة إيمانية في حدود سلوكه الإنسان الفطري، كي يندمج في حياة عملية مستقيمة ونظيفة توجهها الاستقامة، وإذا وصل الإنسان بتوجيه التربية الإسلامية تلك إلى درجة التقوى، دخل في طريق العلم الحق الذي ينور حياته ويوصله بحركة الوجود الذي حوله، وفي هذا يقول سبحانه وتعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ   وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ}[14].
- وهب الله تعالى الإنسان عقلاً مدركًا للتمييز بين الأشياء؛ من أجل الإبداع في المهمة التي وكل بالقيام بها، وهي الخلافة في الأرض، ولذلك فإن القرآن الكريم يدعو الإنسان بإلحاح إلى استعمال العقل، للوصول إلى التفكير.

السديد، وربط السبب بالمسبب؛ تمهيدًا للكشف عن حقائق الوجود، وما أكثر ما نجد في القرآن الكريم: {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، و{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}، و{إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}، و{فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}.
ومن المعلوم أن الإنسان الذي يفكر بعقله المنطقي يرفض الخرافة واللاسببية في الوجود، وهذا المنهج التربوي بحد ذاته يربي عقلية علمية تقود إلى الحضارة والتقدم في الحياة.

- إن الإيمان الصادق بالله وعبادته وحده لا شريك له، لا بد أن يؤدي إلى الأعمال الصالحة التي تملأ جوانب الحياة فضيلة وقيمًا وسعادة، وغاية التربية الحقة أن تكون أعمال الإنسان صالحة تعبر عن إنسانية الإنسان، وتبعده عن الصراع الغريزي الحيواني الذي ينتهي به إلى مجتمع شبيه بمجتمع الغابة. 
ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف الجليل، يقرن القرآن الكريم الأعمال الصالحة بالإيمان دائمًا، من ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً}[15]، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً}[16].
والعمل الصالح كما ينبع من الإيمان الصادق، ينبع كذلك من الاستقامة في السلوك الذي جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإتمامه في قوله: ((إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق))[17].

- إيصال الإنسان إلى أعلى درجة ممكنة من الكمال وذلك:
 أولاً: بتربية الفرد الصالح في ذاته من النواحي الروحية، والانفعالية، والاجتماعية، والعقلية، والجسمية.
 وثانيًا: بتربية المواطن الصالح في الأسرة المسلمة، والمجتمع المسلم.
وثالثًا: بتربية الإنسان الصالح للمجتمع الإنساني الكبير[18].

وإذا حصل الكمال للإنسان تحصل له السعادة في الدارين؛ في الدنيا بتكوين أفراد عاملين مؤمنين منضبطين مضحين، وفي الآخرة بالحصول على رضا الله - سبحانه وتعالى - والفوز بالدرجات العلى في جنة النعيم.
- توجيه الفطرة الإنسانية في إطارها الذي وضعه الله تعالى لها، كي تتحرك في داخله حركة متوازنة، دون إفراط ولا تفريط؛ لأن خروج الفطرة من مسارها الصحيح إفساد للجبلة الإنسانية، وانحراف بها عن الغاية الأساس التي خلقت من أجلها، وكل انحراف لا بد أن يؤدي إلى انحرافات أخرى، وبذلك يفسد الفرد وتفسد معه الحياة، فالتربية الإسلامية في مراحلها كلها تحاول المحافظة على الفطرة الإنسانية منذ الطفولة إلى أن يتحصَّن الإنسان بتقوى الله سبحانه وتعالى.
- إن تكوين الأمة الواحدة المؤمنة المتآزرة القوية هدف من أعظم أهداف التربية الإسلامية، وذلك بتربية أفرادها على عقيدة واحدة هي عقيدة الإسلام، وبالتوجه في العبادة إلى إله واحد وقبلة واحدة، وبالتخلق بأخلاق واحدة.

وهكذا يمتزج الأفراد بعضهم ببعض، ليشكلوا في النهاية الأمة التي قال عنها سبحانه وتعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}[19]، وقال: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً   وَاحِدَةً   وَأَنَا رَبُّكُمْ   فَاعْبُدُونِ}[20].
ومجمل القول أن الباحث المنصف إذا درس المبادئ التربوية الإسلامية، وصل إلى أنها بمجموعها تشكل منهجًا متكاملاً في التربية والتعليم، وأن لها أهدافًا وأسسًا واضحة تنطلق من أصول الإسلام العامة وقواعده ومذهبيته الكونية والاجتماعية، التي توقف الإنسان في حدود إنسانيته دون أن تحاول أن تجعل منه ملكًا، أو تسمح له بالانحدار إلى الحيوانية الهابطة، وإنما تحافظ كما ذكرنا على توازن عجيب، يتصل بأعماق دوافعه الملحة.
وهذا النظام التربوي هو الذي نفتقده بين المناهج التربوية المعاصرة، التي تهتم بالجانب العقلي والجسمي دون الالتفات إلى الجانب الروحي، الذي هو الجانب القوي المهيمن.

يقول الدكتور إسحق الفرحان: "إن النمو الروحي للفرد حاجة أصيلة في أي إنسان، ويخطئ علماء النفس إذ يعتبرون أن أبعاد النمو أربعة وهي: النمو الانفعالي، والاجتماعي، والعقلي، والجسمي، فالحاجة إلى النمو الروحي أقوى من الحاجة إلى أي نوع من أنواع النمو الأخرى" [21].
وهذا هو جوهر القضية التربوية التي أشار إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ((ألا وإنَّ في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب))[22]. 


[1]  قاله سلمان لأبي الدرداء - رضي الله عنهما - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((صدق سلمان))؛ رواه البخاري، انظر "رياض الصالحين" للنووي: ص 103. 
[2]  القصص: 77. 
[3]  المؤمنون: 1 - 11 
[4]  المائدة: 2. 
[5]  رواه مسلم : "مختصر صحيح مسلم" للحافظ المنذري، حديث 1774. 
[6]  رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، "جامع العلوم والحكم" لابن رجب: 2/ 141. 
[7]  الروم: 30. 
[8]  البخاري: 6/ 143. 
[9]  آل عمران: 104. 
[10]  "المستصفى": 1/ 139، 140. 
[11]  "التربية الإسلامية: أصولها وتطورها في البلاد العربية" د . محمد منير مرسي: ص38 وما بعدها، ط 1981 - القاهرة. 
[12]  الحجرات: 13. 
[13]  "منهج التربية الإسلامية" محمد قطب" ص 40، ط دار الشروق - بيروت. 
[14]  البقرة" 282. 
[15]  الكهف: 30. 
[16]  الكهف: 107. 
[17]  حديث صحيح: "صحيح الجامع الصغير وزيادته الفتح الكبير" للألباني، حديث 2345. 
[18]  "التربية الإسلامية بين الأصالة والمعاصرة" د. إسحق أحمد الفرحان، دار الفرقان للنشر والتوزيع، ط1/1402 - 1982م. 
[19]  آل عمران: 110. 
[20]  الأنبياء: 92. 
[21]  التربية الإسلامية بين الأصالة والمعاصرة: ص 33 – 34. 
[22]  متفق عليه . 




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أهمية التربية الإسلامية في المحافظة على المال العام
  • النظام الاجتماعي الإسلامي ودوره في التنمية
  • النظام العبادي ودوره في التنمية
  • النظام السياسي الإسلامي ودوره في التنمية
  • خصائص وأهداف النظام الاجتماعي في الإسلام
  • النظام القضائي الإسلامي ودوره في التنمية
  • النظام الاقتصادي الإسلامي ودوره في التنمية
  • التربية الثقافية للأولاد
  • تربية الأبناء
  • خطبة المسجد النبوي 18/2/1430هـ
  • الإسلام والتربية مدى الحياة (1)
  • يا أبا عمير
  • الإسلام والتربية مدى الحياة (2)
  • التربية والإعداد ممهدات لتجاوز العقبات
  • مستقبل غامض
  • المرأة وجيل التحرير
  • ما تحتاج إليه مدارس اليوم من دعائم التربية الفكرية
  • الإشراف التربوي وإعداد المعلمين في السنة النبوية
  • نمو الاقتصاد على أيدي الشباب
  • دور القيم الإيمانية في التنمية الاقتصادية في الإسلام
  • النظرية التربوية: معناها ومكوناتها
  • في اليوم الدراسي الأول
  • هل التربية مهمة عسيرة؟
  • الاستثمار في التعليم العالي وإمكانية تسويق برامجه
  • القلادة الذهبية في آداب العالم والمتعلم والعملية التعليمية (منظومة)
  • تربية الطفل والعلاقات الأسرية في التراث العربي
  • التعلم بين التراث الإسلامي والنظريات الغربية الحديثة
  • تحديات إصلاح التربية والتعليم في المدرسة المغربية
  • واتعليماه!
  • آفة قول الطالب ما لا يفهم
  • اختبار القياس يطيح بأحلام خريجات التعليم القدامى في الوظيفة
  • المتابعة والمراقبة والمرافقة
  • قطاع التربية والتعليم في لبنان .. بين الواقع والطموحات
  • إشكالية كراهية العلوم والرياضيات من قبل تلاميذ وطلاب المدارس في مراحل التعليم الأساسي
  • تكنولوجيا التعليم .. كيف يمكن توظيفها في خدمة الطلاب والمعلمين؟
  • علوم التربية والتعليم عند العرب
  • دور التربية والتعليم في الخروج الآمن من أزمة القيم والمبادئ والأخلاق
  • مسألة التربية والتعليم المدرسي
  • متطلبات نجاح أسلوب التربية والتعليم
  • العلاقة الجدلية بين التربية والتنمية وإشكالية العائق

مختارات من الشبكة

  • مؤتمر علمي عن التربية والتعليم بكلية التربية الإسلامية بجامعة بيهاتش(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إسبانيا: وزارة التربية والتعليم تعلن تدريس التربية الدينية الإسلامية العام المقبل(مقالة - المسلمون في العالم)
  • سؤال التربية بين الخطاب الرؤيوي والبديل السوسيوثقافي من خلال كتاب: إشكاليات التربية بالمغرب لمحمد أمزيان(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مناهج التربية العقدية عند الإمام ابن تيمية "بحث تكميلي" لرسالة ماجستير التربية(رسالة علمية - آفاق الشريعة)
  • التربية الجمالية في الإسلام ومفهومها(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • دروس المساجد ودورها في التربية والتعليم(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • هولندا: نشاطات معهد التربية والتعليم ومركز الفجر الإسلامي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التربية على النظام(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من الأساليب النبوية في التربية والتعليم: اختيار الوقت المناسب والظرف المناسب للوعظ والإرشاد (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • من أقوم أساليب التربية والتعليم في دورات تحفيظ القرآن الكريم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب