الصديق عند الضيق (حكايات أنس

الصديق عند الضيق (حكايات أنس - 2)

فرج الظفيري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/1/2009 ميلادي - 4/2/1430 هجري

الزيارات: 52925

كانَ لطلالٍ عددٌ من الأصحاب في المدرسة، ولم يكن هؤلاءِ الأصحابُ على درجةٍ عاليةٍ من التفوُّق أو الأخلاق، بل كانت لهم مشكلاتٌ كثيرةٌ في المدرسة، وكثيراً ما استدعتْ إدارة المدرسة أولياءَ أُمورهم لإِطْلاعِهمْ على ما يُحْدثونه من شغبٍ.

طلال كان مختلفاً عنهم. فقد كان من الطلاّب المتفوقينَ، وأخلاقه حسَنَةٌ، لكنّه يحبُّ اللَّعبَ مع أصحابه الّذين كانُوا يُظهِرون اهتمامَهم به، ويَحرصونَ على عدمِ ابتعادهِ عنهم. وفي المقابلِ كان بعضُهم يستفيدونَ مِنْهُ في حلِّ الواجبات.

في صباح أحَدِ الأيام، رأى أنس طلالاً وهو يعطي لأحد أصحابهِ الدفترَ لينقل منه الواجبَ. قال أنس:

ما تفعله خطأٌ يا طلال. يجب أنْ يعتمد الطلاّب على أنفُسِهم في حلّ الواجبات، لا أن ينقُلُوها مِن بعضهم!!

قال طلال:

إنني أخدِمُ صاحبي.

قال أنس:

إذا أردتَ أن تخدمه فاتركْهُ يحلُّ الواجبَ وحدَهُ لكي يستفيد ويعرف الحل عِند الاختبار.

قال صاحبه:

رجاءً يا أنس، لا تتدخّلْ فيما لا يعنيك.

***

في اليوم التالي، كان طلال غائباً، واستمر غيابُه لثلاثة أيام. وسمعَ أنس مِن أحَدِ الطُّلابِ أنّ طلالاً مريضٌ، وأنه سيغيب مدّةً طويلةً عن المدرسة.

اتفق أنس معَ ثلاثةٍ من أصدقائه على زيارة طلال في بيته.

وفي الوقت المتَّفَق عليه ذهبوا إلى بيت طلال. فاستقبلَهم أخوهُ بترحيبٍ شديدٍ. توقَّع أنس أنْ يجد أصحابَ طلالٍ عندَهُ في البيت، لكنه لم يَجِد أيًّا منهم.

قال أنس لطلال عندما رآه: لا بأسَ، طَهُورٌ إن شاء الله.. حمداً لله على سلامتك يا طلال.

قال طلال:

شكراً لكم على الزيارة، فأنتم أصدقاءُ مُخلصونَ.

استغربَ أنس من كلام طلال، وسأل: ألمْ يزُرْكَ أصحابُكَ؟!

صَدَّ طلال بوجههِ إلى الجهة الأخرى. وهُنا تدخّل أخو طلال ليقول:

للأسف، أصحابُ طلال لم يزوروهُ، لمْ يكونوا يعرِفونَه إلاّ للَّعب ونَقْلِ الواجبات.

ثم قال الأخ:

تخيَّل.. عندما اتَّصَلتُ بهم لمعرفة المطلوب من الدروس والواجباتِ المطلوبةِ تهرّبُوا!!

شَدَّ أنس على يد طلال وقال له:

لا تقلق، سوف آتيك بجميعِ الدروس، وأذاكرُ معكَ، وأساعدُكَ في حلِّ الواجبات، لكنْ بدونِ أن تنقل الحلّ منِّي!

ضحكَ الجميع، وسَعِدَ طلال بالزيارة.

***

في الأيام التالية، كان أنس يذهبُ إلى طلال ليشرح له الدروسَ الّتي أخذُوها في المدرسة، ويخبرُه بالواجبات المطلوبةِ. وكان طلال يحلُّها بنفسه. وكان أنس يأخذ دفاترَ طلال إلى المدرسةِ ليصحِّحَ له المدرِّسونَ الواجباتِ.

خلالَ هذه المدة شعرَ طلال بأنّ اختيار الأصحاب لا يكون بمجرَّدِ الاتّفاق على اللَّعب والمزاح، لكن الصداقةَ أو الصُّحبةَ أَكبرُ من ذلك.

كانت اختباراتُ منتصف الفصل على الأبواب، وكان طلال يشعر بالاطمئنان لأنّه استطاع أن يذاكر الدروس بمساعدةِ أنس.

وفي أول يوم من أيام الاختبارات شاهدَ الطُّلابُ طلالاً يَحضرُ إلى المدرسة بعد طول غيابٍ. تجمَّع حولَه أصحابُه القُدامى، الَّذين لم يزُوروهُ في مرَضِه. سلَّم عليهم، ثم تركهم.

واستطاع طلال أن يجتازَ الاختباراتِ بتفوُّقٍ.

وعندما بارك له أنس على اجتيازِ الاختبار بتفوُّقٍ. قال طلال:

الحمد لله. صحيحٌ أنني اجتزت هذا الاختبار بتفوق، لكنني أيضاً اجتزت اختباراً آخر.. إنه اختبار الأصحاب. فأوقاتُ الشِّدَّةِ تكشفُ الأصدقاءَ.. صدَقُوا عندما قالوا: الصديقُ عِند الضِّيق. لن يكون أصحابي بَعد اليوم إلا الطيّبُونَ الصَّالِحُون.

(تمت)

أضف تعليقك:	إعلام عبر البريد الإلكتروني عند نشر تعليق جديد
الاسم
البريد الإلكتروني	(لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق	رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي